ميسون طه النوباني
شاعرة أردنية
عن كُلّ بقايانا
حدَّثتُ الأرضَ وقلتُ لها
ضُمّيني
كي أعرفَ أكثر.
أتشقّقُ كالطينِ اليابسِ
أوقدُ من شجرِ الغابةِ
حلماً أخضر.
ضمّيني
كي أعرفَ أكثر.
كيف تعودينَ من القادمِ؟
كيف حويتِ الطينَ
وبحرُكِ يزخر
كيف تُكدِّسُ كفّاكِ الملحَ
كثوبِ عروسٍ
يحسبُهُ المارقُ سكَّر
من قال لكونكِ كوني؟
ضمّيني
كي أعرفَ أكثر.
شاخصةً عيناكِ تُفتّشُ
عن وجهٍ آخَـرَ للموت
كم كانَ الخبزُ طريّاً
في صورِ الجوعى
والشّاةُ تُحدّثُ سكيناً
عطشى
عن يدِها المقطوعةِ من شجرٍ
كان لها يُثمر
ثم يُعلّقُها القصّابُ
على ذاتِ الغصنِ
نرى ذاتَ المنظر
كيف أُجرِّدُ سكّيني
من خاصرةِ الكلمات
ما عادَتْ تُغريني الوردةُ
فأنا مِن جُرحِ الشوكةِ
أُمطر
كالشَّمسِ أنا أُشرقُ في ذاتِ الكونِ
فأين دُخاني؟
أين أبدِّلُ قمصانَ النّارِ
لألبسَ أنواري؟
ضمّيني يا أرضُ لأعرفَ أكثر.
منذُ وُلِدْتُ وأمّي
تسرقُ من عينيَّ الحزنَ
تُفتِّحُ أبواباً للنورِ لعلّي
أسبقُ أقدامي
ماتَتْ
قبلَ شروقِ الشمسِ
فهل كانَتْ تعرفُ
أنَّ القادمَ أخطر.
ضُمّيني
ضُمّيني يا أرضُ لأعرفَ أكثر.
ما عدتُ أرى البحرَ عميقًا
فالعتمةُ في القاعِ تُبدّدُ ألوانَه
ودماءٌ تُرشَق في أرجاءِ اللوحةِ
أعمق
دمعةُ طفلٍ يمشي خلفَ أبيهِ المقتولِ
بِمحضِ رصاصة
تبدو لي أصدق
قوسُ القزحِ المرسومِ على
بردِ الشّارعِ
بشفاهِ الفقراءِ سينطق
ضمّيني يا أرضُ لأعرفَ أكثر.
كلُّ فراشاتِ السّرِّ
ستدركُ مأواها
والطّيرُ المبتلُّ بأمجادِ الرّسّامِ
سيهبطُ كالظلِّ على أرجاءِ اللوحةِ
وسماءٌ أعلى من كفِّ الرسّامِ
ومن أُطُرِ اللوحةِ
تملأُ كأسي
أفقاً أزرق
من نافذةِ الضَّوْءِ الممتدِّ
إلى أفُقٍ آخرَ
أطلقتُ عصافيرَ المعنى
كي تبنيَ لي عُشًّا
من قشِّ الرّوح
فجَّرتُ ينابيعَ الصَّمتِ
لأكشفَ سرَّ الماء
لبَّيْتُ نداءَ الشّوقِ المحفورِ
على أرجاءِ الكهفِ
كنافذةٍ للنّور
كفّايَ الفأسُ وفي خاصرتي
إزميلٌ يتنفَّسُ من قلبي الأخضر
وفنائي يشحذُ للسرِّ طريقًا
ويعودُ
)قواريراً ( تنهلُ من نهرٍ آخر.