نوافذ ثقافية
محمد سلام جميعان
ثقافة عربية
الفلسفة والمشكلات المعاصرة/ نادية سعد الدين
يأتي هذا الكتابُ في سياق إحياء الفلسفة لتقترب من الإشكاليات الحادة التي تتصدّر المشهد الإقليميّ العربي، باستخدام أدوات التحليل والنقد والتفسير، وتجسيدها واقعًا حياتيًّا في الحياة العامة.
ويخصُّ الكتابُ في دراسته قضيتيّ التطرُّف والاغتراب الثقافيّ بوصفهما من المشكلات المعاصرة التي تعاطت معها الفلسفة بعمق، وسعت إلى مواجهتهما، ووضع الحلول أمام الشباب العربيّ تحديدًا، رسمت فيه المؤلِّفةُ إطارًا نظريًّا قوامه إعمال العقل وإعلاء قيم التفكير والحوار والتسامح والسلام والتعدد الثقافيّ وشرعية الاختلاف والتباين في الأفكار والمعتقدات.
وفي الفصل الأول من الكتاب تناولت المؤلِّفة العلاقةَ الجدلية بين الفلسفة والتطرف، ومعنى التطرف من المنظور الفلسفيّ، منعطفةً نحو الحديث عن المفاهيم المتداخلة مع التطرف، وأبرزها: العنف والتعصب والإرهاب، مُقارِبةً بين نوعين من التطرف هما: التطرف الدينيّ والتطرف السياسيّ، موضّحة أسبابهما ودور الفلسفة في مكافحة التطرف من خلال بُعديها الأخلاقيّ والعقلانيّ المنطقيّ. وقدَّمت خلاصات منهجية محكمة تُبيِّن آليات مواجهة الفلسفة للتطرف.
وفي الفصل الثاني من الكتاب وقفت المؤلِّفةُ على كيفية معالجة الفلسفة للاغتراب الثقافيّ مومئةً بإسهاب إلى تعريفه والنظريات المفسِّرة للاغتراب الثقافيّ والعوامل المؤدية إليه، وأبعاده ومظاهره وعلاقته بأزمة الهُوية، والاغتراب والعولمة والتكنولوجيا، وأثر الاغتراب في التطرف، وآليات المعالجة الحكيمة لهذه الظاهرة.
ولكي تبدو المسافة قصيرة بين المفهوم والمتلقّي، أثبتت المؤلفة مسردًا تفسيريًّا في نهاية الكتاب للمصطلحات الواردة في دراستها، وهي تفسيرات تُزاوج في إيضاحاتها بين الرؤية الفلسفيّة والعلوم الاجتماعيّة.
تلقّي " موسم الهجرة إلى الشمال" نقديًّا"/ فاطمة القرعان
تتولّى هذه الدراسة بالبحث النُّقود التي دارت حول رواية الطيّب صالح هذه منذ صدورها عام 1966 حتى وقتنا الراهن، ما يشكل إرثًا نقديًا ضخمًا لم تسطّره رواية عربية أخرى. وهو ما يكشف عن خريطة متنوعة ودالَّة لمدى استفادة النقّاد العرب من المنجزات النقديّة الغربيّة.
وقد جاءت هذه الدراسة في ثلاثة فصول، بلورت في الفصل الأول مفهوم التلقي والتلقّي النقديّ، معتمدة في ذلك على أبرز الطروحات التي أنتجتها الاتجاهات النقديّة التي أولت المتلقي عنايتها، كجمالية التلقّي ونقد استجابة القارئ، كما حاولت المؤلِّفة فيه الوقوف على مفهوم " الميتا نقد" أو نقد النقد، لتقريب الإطار المعرفيّ الذي تتدرج فيه الدراسة. ولم تُغفِل في هذا الفصل الحديث عن الأسباب التي دعت النقّاد إلى الاهتمام بهذا العمل الروائيّ.
أمَّا الفصل الثاني فتناولت فيه الدراسات النقديّة التي تُمثِّل أبرز المناهج النقدية الموظّفة في قراءة " موسم الهجرة إلى الشمال" كالمنهج الانطباعيّ، والمنهج النفسيّ، والاجتماعيّ الماركسيّ، والمقارن، والمنهج البنيوي.
وتضطلع المؤلِّفة في الفصل الثالث والأخير باستبصار وتقصّي الأفكار والتصوّرات النقدية التي ظهرت حول أبرز المكوّنات السرديّة، كالشخصيات والمكان، وذلك لمعرفة تمثُّل النُّقاد لهذه الأقانيم ووظائفها السرديّة، وكيف تمت قراءتها في ضوء ما يمتلكه النص من إمكانات متعددة القراءة والتأويل، مع الأخذ بعين الاعتبار التسلسل التاريخيّ لصدورها.
وقد شفعت الباحثة دراستها ببليوغرافيا توافرت على مجموعة من الدراسات المختارة حول رواية " موسم الهجرة إلى الشمال" لتبيان ما حظيت به هذه الرواية من معالجات نقدية عزّزت بها وجهة نظرها فيما استخلصته من نتائج.
صناعةُ الكذب.. كيف نفهم الإعلام البديل؟/ د. خالد محمد غازي
يعاين المؤلِّف الطريقة التي تحدو الناس للتعامل مع المصادر الإخباريّة والمشاركة في تدفق المعلومات بغض النظر عن صدقها أو كذبها، فقد صار من السهل أن يحمل أي إنسان ( هواة الإعلام) هاتفًا جوّالاً أو لوحة مفاتيح وينصّب نفسه محللًا ومخبرًا صحافيًّا. حتى القادة والرؤساء أصبحت لهم منابر على «تويتر» و«فيسبوك» و«انستجرام» تغنيهم عن مغازلة الصحفيين وإيصال ما يريدون أن يسوّقوا له من أخبار ومعلومات. وإزاء كل هذا لجأت كثير من الصحف إلى إضافة مهنة جديدة، تُسمى بالمدقّق مهمته تقييم دقة المعلومات وصحتها.
ويستشهد المؤلف على تأثيرات صعود الإنترنت والإعلام الاجتماعيّ وتأثيراته الإيجابيّة على الثقافة والنظام السياسيين، بأقوال عدد من المحلِّلين الإعلاميين، ومنهم: "ياشكا مونك" و"بلاري دايموند" ونظريته في «تكنولوجيا التحرير»، وتلاعبها الضمني على تعبير لاهوت التحرير. وكذلك ما يراه "نيكولاس كريستوف" في «نيويورك تايمز» وحديثه عن «عصابات الحكومات التي تطلق الرصاص» مقابل «مقاومة الشبّان الذين يطلقون التغريدات».
ويرى المؤلِّف أنَّ اجتياح الإعلام الاجتماعيّ جزء من اجتياح «الجديد» الغامض والمتناقض الذي تنتجه التقنيّة والاجتماع معًا، للوصول إلى جمهور أوسع، وعرض الأخبار بطرق جديدة، كونه تنسيقاً بين وسائل الإعلام المختلفة من مطبوعات، وإعلام مرئيّ، ومسموع، وإلكترونيّ، بشكل تكامليّ، يحفّز على التجديد، ولا يعنى إلغاء وسيلة إعلاميّة للأخرى.
ويرصد الدكتور خالد غازي في كتابه بعض جوانب التداخل والتكامل بين الإعلام التقليديّ والإعلام الجديد، من عدة جوانب، منها، التكامليّة الوظيفيّة، ففي حالات كثيرة لم تستطع التلفزيونات الكبرى الوصول إلى أماكن الأحداث، بسبب التضييق الأمني أو بسبب سرعة إيقاع الحدث، وعندها كان الإعلام الاجتماعيّ هو الذي يقوم بالمهمة. وكذلك السهولة والسرعة في الوصول لمكان الحدث، والقدرات المادية غير المكلفة، والقدرة على تجاوز الرقابة، فالواقع الافتراضيّ تصعب السيطرة الأمنية عليه بخلاف الإعلام التقليديّ، كما يرى المؤلِّف.
كلُّ هذه الجوانب وغيرها، يعرض لها الكتاب عبر فصوله، دون أن يغفل الحديث عن المدوَّنات باعتبارها أحد أهم تجليات الإعلام الجديد، وكذلك توقَّف الكتاب عند أخلاقيات الإعلام الجديد ومسؤولياته.
ثقافة عالميّة
انعدام الجنسية/ "ميرال إل سيغلبيرغ"، ترجمة: ابتهال الخطيب
تنوّه الكاتبة إلى ما أحدثته الحرب العالميّة الثانية من شقوق في نسيج المجتمع الإنسانيّ، والتي تمثّلت في ضياع الهُويات والحقوق والانتماءات. وتقدِّم استعراضًا دقيقًا مصحوبًا بشهادات الحقوقيين، وعديمي الجنسية على إثر تفكك الإمبراطوريات إلى دول صغيرة وفقدان كثيرٍ من مواطني هذه الدول إلى الانتماء الجنسي وضياع حقوقهم القانونيّة وأملاكهم الماديّة.
وتشير مفاصل الكتاب إلى الدور المعقّد الذي أدّاه القانون الدولي وما زال يؤدّيه في حلّ هذه المشكلة، وتضارب مفهوم سيادات الدول واحترام القوانين. ويناقش الكتاب مفهوم " المواطن العالميّ" بوصفه أحد حلول مشكلة عديمي الجنسية. وهنا يجري التفريق بين العالم الحقيقيّ والعالم الخياليّ، والصعوبات التي تواجه الدول والهيئات الدوليّة والإنسانيّة في تأطيرها للفرق بين عديمي الجنسية واللاجئين. وتؤكد الكاتبة خطورة غياب المسؤوليّة السياديّة التي تقع في المعتاد على عاتق الحكومات الرسميّة للدول الحديثة تجاه الفئات المهمّشة والأقليات.
وتقف في بعض مفاصل الكتاب عند تأثيرات جائحة "كورونا" على الأصول العرقيّة والانتماءات الاجتماعيّة والدينيّة واللغويّة لعديمي الجنسية، وتدعو الكاتبة إلى التدخل الدوليّ الجمعيّ والسريع والمباشر لإنهاء هذه الكارثة لتحقيق الأمن والاستقرار العالميين الدائمين.