يوسف بكّار
أكاديمي وناقد أردني
فكان تعرّف مصطفى وهبي التل (عِرار) على الخيّام مصادفةً، بدأ رومانسيًّا، وآل عقليًّا علميًّا واقعيًّا، تمثّل في مرحلتين:
الأولى حين وقعت عيناه أوّل مرّة، كما يقول على "رباعيّات الخيّام" ترجمة وديع البستاني عند صاحب حانوت في إربد اسمه "محمد ذو الغنى" كان يتردّد عليه قبل أن يلتحق بمدرسة "عنبر" بدمشق، إذ تمكن من قراءتها في الحانوت لأنّ صاحبه لم يسمح له أن يضع يده عليها. ولمّا غادر إربد عثر، بعد جهد جهيد، على نسخة منها في سوق "المسكيّه" بدمشق، لكنّ الورّاق رفض أن يبيعها له، ووافق، بعد إلحاح، على أن يعيرها له مقابل كفالة ماليّة. أخذ مصطفى النسخة وأعطاها زميله وصديقه "سامح حجازي" الذي نقلها "بخطّه الجميل ودفعها مجلّدة إليه فجعل من توّه يحفظها عن ظهر قلب"( ). فراقت له وأعجبته لما فيها من خواطر وأفكار، وما أكثر ما كان يردّد "المسبّعة" الثانية منها( ):
حلّ عيد النيروز والأُنْس حلّا
والنّسيم الشّافي أبلّا
وثغور الأزهار تَرْشِف طلّا
صاحِ لاحت في دوْحنا يدُ موسى
صاحِ مرّتْ بالرّوض أنفاس عيسى
عاد فصل الرّبيع والنّفس طابتْ
صاحِ والعيش والسُّلافة طابا
وهي ترجمة للفيتزجيرالديّة الرابعة من الطبعة الأولى( ):
Now the New Year reviving old Desires
The thoughtful Soul to Solitude retires،
Where the White Hand of Moses on the Bough
Puts out، and Jesus from the Ground suspires.
وتفضي الموازنة بين البستانيّة والفيتزجيرالديّة أنّ الشّطرين الأخيرين في الأولى ليسا في الأخرى، بل من زيادات البستاني. وقد التفت مصطفى نفسه إلى هذا في ترجمة البستاني عامّة، فقال( ): "... قد عوّل في تعريب الرّباعيّات شعرًا عن اللّغتين الإنكليزيّة والإفرنسيّة ولرّبما عن الأُرديّة التي يتقنها، فاقتضت ترجمته هذه زيادة على وجود الفرق الذي يتحتّم وجوده بين أصل أعجمي وفرع شعري لا يحتفظ بروح المؤلف كلّ الاحتفاظ...".
يُقال إنّه نظم، بعد أيام من قراءة ترجمة البستاني، قصيدة مخمّسات عنوانها "يا نديمي" في خمسة (5) مقاطع كما هو آتٍ. واعترف بالأثر الخيّامي من خلالها بدءًا، فقال: "سبق لرباعيّات الخيّام أن استهوتني عندما اطّلعت، قبل سنواتٍ، على ترجمتها الشّعريّة... بقلم الأديب وديع البستاني لدرجة جعلتني أُعنى بصورة خاصّة بلغة قوم الخيّام عناية متّعتني بقراءة الرّباعيّات بلغتها الأصليّة، وزادتني رغبة في العكوف على تلاوة كلّ ما كتب عن الخيّام ورباعيّاته في اللّغات الثّلاث التي أفهمها، وهي العربيّة والتركيّة والفارسيّة حتّى كان لي من درسي وبحثي هذا رأي خاص ببحث الخيّام ومذاهبه ونواحيه الفلسفيّة التي اعتنقتها حينًا من الدّهر، وبتعريب رباعيّاته تعريبًا سويًّا يختلف عن غيره من التّرجمات المأخوذة عن نقول إفرنجيّة، ويمتاز عليها بكونه مستمدًّا من لغة الخيّام الأصلية...".
إذا ما عرفنا أنَّ تاريخ أكثر رباعيّات ترجمته وعددها مئة وخمس وخمسون (155) من مئة وتسع وستين (169) كان عام 1922، ندرك ما تركته هي وترجمة البستاني فيه "واطمأنت نفسه إلى فلسفة الخيّام ورأيه في الجنّة والنّار، والعقاب والثّواب؛ ووجد في ميول الخيّام شبعًا لميولٍ مكبـــــــــــــــــــــــــــــــوتـــــــــــــة فـــــــــــي نفسه"( )، وقد كان مهيئًا لهذا، من أثر في مسلكه وإبداعه الفنيّ شعرًا ونثرًا غير مدركٍ لقضيّة الشّك في صحّة نسبة كلّ ما وصل إلينا من رباعيّات مرفوعة إلى الخيّام التي ما زالت قائمة. فقد وصف نفسه بأنّه "خيّاميّ المشرب"؛ ونُسب إليه أنّه كان يرسل شَعْره على كتفيه "تأسيًّا بعمر الخيّام"( ) في ما كان يُخمّن، وكان يغضب غضبة خيّاميّة( )، فكانت غضبته علنيّة عارمة مدويّة في كلّ أمر من أمور الحياة في حين كانت غضبة الخيّام، في الأكثر، خافتة لا يدركها إلّا من ينعم النّظر في بعض أعماله.
على الرّغم من أنّ عددًا غير قليل ممّا ترجم يدور في فلك الخمرة والحياة والفناء والآخرة والقَدَر، وهذه هي أهم موضوعات الرّباعيّات وأفكارها، فإنّه تناغم مع اهتمامه المبكّر بالخيّام والصورة التي رسمها له في ذهنه، ومع الرّباعيّات ومضامينها، ورانت عليه الحماسة والاندفاع والتخيّل وقبول كلّ شيء مرفوع إلى الخيّام دون أيّ شكٍّ ونقاش، وابتلاعه "دون ماء" كما كان شأن "مارى هاسكل" الأمريكيّة مع جبران خليل جبران( ).
وانتقلت عدوى شغفه بالخيّام والرّباعيّات إلى خِلّانه وندمانه وجماعة "كوخ الندماء" بعمان حيث كانوا يسمرون ويترنمون بالرّباعيّات، ذلك الكوخ الأوّل الذي أنشأه صديقه القائد المتقاعد عمر العمري عام 1926 والذي أطلق عليه بدءًا "العشّ" إثر قراءاته لقصيدة الشاعر التركي توفيق فكرت "آشيان" التي تعني "عش الطّير" بالفارسيّة والتركيّة، لكنّه عدل عنه إلى "كوخ النّدامى" باقتراحٍ من عرار نفسه( )، الذي ربما كان في ذهنه "دار ندامى" خدينه أبي نواس:
ودارِ ندامى عطّلوها وأدلجوا بها أثر منهم جديد ودارسُ
لقد كانوا، في ذلك الكوخ، يبدأون بكأس (الخيّام) أو قدحه، ويتغنّوْن بنغم العجم أبياتٍ للخيّام، وكان أبو وصفي شاعر الجلسات وفيلسوفها( ).
لقد قال عمر العمري( ): "... لم يُحْرق في (الكوخ) بخور أو عود ندٍّ... ولم تزيّن جدرانه آياتٌ وطنافسُ ورسوم سوى سجّادة عجميّة بسيطة تحمل صورة (عمر الخيّام) في نصف ركعة وهو جامع راحتيه تصبّ فيهما غانية لعوب (نبيذًا) معتّقًا من قارورة صغيرة وبقربهما رغيفان وديوان شعر؛ وهذه الصورة تمثل رباعيّة خيّاميّة هي:
ومقامي (غصنٌ) مظلٌّ بِقَفْرٍ...
وكان ندامى الكوخ يحتفلون بعيد "النيروز" (النوروز) بداية السّنة الإيرانيّة كلّ عام في طرب وهزّ كؤوس ورؤوس؛ فغدا التقليد "كباقي الوشم في ظاهر اليد"( ).
ظلّ الكوخُ قائمًا حتّى عام 1934 إذ هجره عمر العمري آسفًا، بعد أن تزوّج، بتأثير زوجه التي كانت كما يقول "تعرف عن المرحوم مصطفى حوادث كثيرة"، فقال مصطفى( ):
(كوخ النّدامى) قد تقلّص ظلُّهُ
وعِراصُهُ أقْويْنَ من نُدمانهِ
ومضتْ بربّ الكوخ نحو حِجالها
(خرقاء) في يدها زِمام عِنانهِ
بيد أنّ مصطفى اتخذ، بعد خمس سنواتٍ من إغلاق الكوخ، (كوخًا) آخر في شارع الملك طلال بعمّان أطلق عليه اسم "كوخ النّدامى" أيضًا إحياءً لذكرى غاليةٍ للأوّل، وإن لم يكن في مستواه( ).
فأمّا المرحلة الأخرى والأهم، التي لم يلتفت إليها الدارسون الذين ركزّوا على المرحلة الأولى وبُهتوا بها، فهي التي انعطف فيها إلى طريق "عقلاني" مذ بدأت رؤيته للخيّام والرّباعيّات تتّضح ودركه لهما يتعمّق، فأخذت آراؤه تتدرّج نحو آفاق علميّة أرحب في التّعرف على الرّجل وفكره من خلال إشراقات جديدة شرعت تتكشف له في الرّباعيّات، ومن خلال آثار أخرى للخيّام بدأ يطّلع عليها، ولا سيّما بعض "جوابات الخيّام الفلسفيّة" عمّا سُئل عنه من مسائل تتصل بالخَلْق والخالق والكون والتّكليف، هي التي هشّ لها حين اهتدى إليها بمساعدة صديقه "محيي الدّين صبري الكردي( ) الذي نشر للخيّام "رسالة الكون والتكليف" وتتمّتها "ضرورة التّضاد في العالم والجبر والبقاء"، ورسالة "الضّياء العقلي في موضوع العلم الكلّي" التي حقّقتها هي وغيرها ونشرتها في كتابي "عمر الخيّام: أعمال عربيّة وأخبار تراثيّة"( ). وراح يتباهى بأنّه اكتشفها، ثم زفّ إلى الناس خبرها وقرأ فِقَرًا عن "الكون والتكليف" في محاضرته "عمر الخيّام وموسى بن ميمون"( )، التي ألقاها في "كوخ النّدامى" قبل أن يُغلق، وتحدّث فيها حديث موازنة عن الخيّام والفيلسوف الطبيب اليهودي الأندلسي موسى بن ميمون الذي كان طبيب القائد الخالد صلاح الدّين الأيوبي والذي ظلّ معه إلى أن توفي بُعيد معركة (حطين) ودُفن في (طبريا). فمّما قاله: "... وأنا إذ أتشرف لأوّل مرّة بإذاعة فقرات من هذه الرسالة عن هذا المنبر، فإنما يزيدني سرورًا واغتباطًا أنّني بإذاعة ما سأذيعه سأزيل عن جبين حكيم من كبار حكماء المشرق ما وصمته به الأغراض الشعريّة والدّعاية الاستعمارية من إلحاد وزندقة وسكْر وعربدة. فلقد كان حريًّا بمن ترجموا للخيّام وشهروه كملحد وكزنديق وسكّير وعربيد أن يفطنوا إلى أنّ العقل الجبّار الذي يؤلف في الجبر والمقابلة، ويصنّف الزيج الملكشاهي وهو التقويم الذي يضارع التقويم الغريغوري( )، بل ويتفوّق عليه لا يمكن أن يكون عقل مدمنٍ وزنديق...". وقال: "... يتضّح لنا أنَّ مجهود عمر الخيّام في حَلَبة الفلك والرّياضيّات لا يمكن أن تلده عقليّة ابنِ حان وألحان...". وقال: "ولكنّني أجزم بالنّظر لما أتيت على ذكره من عبقريته الرياضيّة بأنّه لم يكن كما قال:
ومُقامي غصنٌ مظِلٌّ بقفْرِ
ورغيفان مع زجاجة خمْرِ
كلّ زادي والأهلُ ديوانُ شعرِ
وحبيبٌ يهواه قلبي المُعنّى
هكذا أسكن القفار نعيمًا
وأرى هذي القصور خرابا
وانعطف ليعزّز رأيه إلى أخبار ذات دلالاتٍ إيجابية مغايرة عن الخيّام في بعض أقدم المصادر التي أوصلتها إلينا، وهو كتاب "نزهة الأرواح وروضة الأفراح في تاريخ الحكماء والفلاسفة" لشمس الدّين الشّهْرزوري (توفي بعد 687ه). وقد كان مخطوطًا( )، فنقل عنه، في المحاضرة، كلّ ما فيه عن الخيّام من مثل "أنّه كان تلو أبي علي (ابن سينا)، وكان عالمًا بالفقه واللّغة والتاريخ والقراءات. وأمّا أجزاء الحكمة فكان ابن بجدتها، وذكر الأمثلة التي دلّل بها على كلّ هذا، ناهيك بأنّه استشهد ببعض الشعر الذي أورده الشهرزوري تعزيزًا لمقولته، كقول الخيّام:
أصوم عن الفحشاء جَهْرًا وخفْيّةً
عَفافًا وإفطاري بتقديس فاطري
وكم عُصْبةٍ ضلّتْ عن الحق فاهتدت
لطُرْق الهدى عن فيضيَ المتقاطر
لأنّ صراطي المستقيمَ بصائرٌ
نُصِبْنَ على وادي العمى كالقناطر
وقوله:
زجّيْت( ) دهرًا طويلًا في التماس أخٍ
يرعى ودادي إذا ما خُلّةٌ خانا
فكم ألِفْت وكم آخيتُ غير أخٍ
وكم تبّدْلتُ بالإخوان إخوانا
وقلت للنّفْس لمّا عزّ مطلبها
بالله لا تألفي ما عشتِ إنسانا
ثم عقّب: "فهل يا سادة بعد الذي سمعتم من أشعار الرجل العربيّة ومن شهادة شمس الحق والدين فيه وفي تُقاه يخامركم شك بأنّ الرجل لم يكن شانئوه أن يشنئوه عن طريق رباعيّاته سكيّرًا وعربيدًا وابن حانٍ ونِضْوءَ ألحان؟" لقد كان الرجل حرّ التفكير، وكانت حريّة فكره على الطريقة التي جعلته نظيرًا لابن سينا وابن ميمون تحمل الشيوخ المتعصبين على كراهيته والتعريض به إمّا بتأويل رباعيّاته بالصورة التي تروق حزازتهم، وإمّا بنظم رباعيّات على غراره ينحلونه إيّاها لتكوين وسيلة للتنديد به...".
لكلّ هذا غضب غضبه خيّاميّة خاصة هذه المرّة ونقم نقمة شديدة لمّا كتب عيسى النّاعوري مقالًا عنوانه "شاعر الخمر والنّور مصطفى وهبي التّل" في جريدة الشعب بيافا في 14 كانون الأول 1946 كما يذكر الناعوري نفسه في رسالته السابعة إليه بتاريخ 20 ديسمبر 1946 من القدس. وقد ذكر الناعوري هذا، كذلك، في رسالته الرابعة إليه من القدس في 2/1/1946( ).
قمينٌ بالإشارة أنَّ النّاعوري كان ثاني من كتبوا عن مصطفى في حياته بعد الشاعر العراقي أحمد الصّافي النّجفي، الذي كتب عام 1933 مقدمة لديوان عِرار بعنوان "من هو الشاعر؟"، التي نشرها زياد الزعبي مقدمة للديوان في آخر طبعاته بالكويت عام 2017.
فأمّا ثالث الثلاثة الذي كتب عنه في حياته فالشاعر والأديب والمعلم الفذّ واصف الصليبي (1915-1985)، الذي يكاد يكون منسيًّا لأنّه لم يذكر في "معجم أدباء الأردن" وفي "معجم أدباء إربد: الشعراء" وذلك، في محاضرة عنوانها "شاعر الأردن مصطفى وهبي التل" ألقاها قبل وفاة الشاعر بقليل في 10 آذار 1949 دون أن يذكر أين. ولديّ نسخة مصوّرة عنها.
أخلص لألخص، تأكيدًا لما قال مصطفى أنَّ موضوع رسالة الكون والتكليف، مثلًا، ينْصبُّ على حكمة الله تعالى في خَلْق العالم ولا سيّما الإنسان، وتكليف النّاس بالعبادات( ).
هكذا رأى مصطفى الخيّام من بعض رسائله وكتاب الشّهْرزوري، فماذا كان عساه أن يقول لو قيّض له آنذاك أن يطّلع على أعمال الخيّام العربيّة الأخرى وأخباره في كتب قبل "نزهة الأرواح" وبعده، وشعره العربي القليل الذي يَعُدّ واحدًا وثلاثين (31) بيتًا، وقد لاحقتها جميعًا وحقّقتها وأصدرتها في كتابي "عمر الخيّام: أعمال عربيّة وأخبار تراثيّة"؟ ناهيك بكتابات الخيّاميين الإيرانيين الأثبات أو بعضها، في الأقل، لو قيّض له ذلك لوسّع من آفاقه عن الخيّام وكوّن عنه فكرة أكثر مغايرة لما عرف وما هو سائد أكثره إلى الآن. ففيها ما ينمّ على أشياء من سَوْءات عصره السياسيّة والاجتماعيّة، وملامح شخصيّته الأخلاقيّة والدينيّة، ويؤكد كثرة ما نُسب إليه من رباعيّات، ويكشف جزءًا كبيرًا من اللّثام عمّا نُسب إلى حجّة الحقّ الحكيم الدستور، وهذه بعضُ ما كان يلقّب به، من تُهم وأباطيل وترّهاتٍ في العقيدة والفكر والسلوك. وإخال أنَّها تمثّل عمر الخيّام الأقرب إلى الحقيقة والواقع؛ والله أعلم.
وعقد مصطفى العزم بعد الجديد الذي اكتشفه عن الخيّام والرّباعيّات أن يؤلف عنه كتابًا عنوانه "عمر الخيّام" لم يصل إلينا منه، إلى الآن، سوى مقدمته وعنوانها "توطئة": في العوامل التي يتأثر بها الأدباء والمفكّرون، ليدرس الخيّام من خلالها. وقد توسع فيها توسّع المؤرخ ما يشي بسعة معرفته وثقافته التي شكّك فيها بعض الدارسين ولا سيّما خدينه وصديقه وزميله في مكتب المحاماة محمود المطلق الذي كان أوّل من أصدر ديوانه.
يقول مصطفى( ): "ولما كان موضوع كتابنا هذا (عمر الخيّام)، وهو أحد النوابغ الذين قضى إهمال المؤرخين في الشرق، وأخذهم بقشور الأخبار دون لبابها من غير تمحيص أو تدقيق، وما لحق بالكتب الشرقيّة من الضّياع والعَفاء، قضى أن تحوم حول شخصيته الشكوك والشّبهات، وأن تكون سيرته مسرحًا لمتضارب الأقوال، وعقيدتُه موضعًا لمتباين الآراء، لم نر بُدًّا قبل البدء بسيرته وبحث شاعريته، وما نحاه في فلسفته التي ضمنها رباعياته من المناحي من وضع صورة موجزة نُصْبَ أعين القرّاء للمحيط المادي والمعنوي والوراثي الذي أثّر على نفس الخيّام...". ويقول( )، وهو يتحدّث عن ولايات إيران: "... واحدة في الشرقِ هي ولاية خراسان مسقط رأس عمر الخيّام موضوع هذا الكتاب".
فأمّا عن تأثره بالخيّام، فقد أثّرت ترجمته لمجموعة من رباعيّات الخيّام فيه تأثيرًا عميقًا لمن ينعم نظره إنعامًا ينبجس من معرفة علميّة دقيقة بالرّباعيّات ولغتها وصاحبها؛ وهذا موضوع يحتاج إلى كتاب وحده. فجلّ من كتبوا فيه اعتمدوا أكثر ما اعتمدوا على ما نبّه عليه مصطفى نفسه من اعتماده على ترجمة وديع البستاني، التي استهوته بدءًا، كما تقدّم، ثم قادته إلى الاهتمام بالخيّام وترجمة عدد من رباعيّاته، وعلى ما عند البدوي الملثّم( )، قبل أن ترى ترجمته النّور عام 1990 من تحقيقي.
( ) البدوي الملثّم: عرار شاعر الأردن 40. وزارة الثقافة – عمّان 2011.
( ) رباعيّات عمر الخيّام 35. المكتبة الحديثة – بيروت 1968.
( ) Rubàiyàt of Omar Khayyàm P. 54. Edited by George F. Maine – Colline – Glasgow and London 1980.
( ) مصطفى وهبي التّل: الخيّام ورباعيّاته. مجلة "منيرڤا" – بيروت. السّنة (3) – الجزء (4). 15 تموز 1925. ص173-175.
( ) عرار شاعر الأردن 86.
( ) عرار شاعر الأردن 30. و 88. مصدر سابق.
( ) على هامش العشيّات 210. جمع ودراسة الدكتور زياد الزعبي. المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت 1999.
( ) راجع: لمحات نقديّة في الشعلّة الزرقاء في: يوسف بكّار: عين الشمس: مقاربات في النقد ونقد النقد 155-165. دار فضاءات – عمّان. ط2: 2021.
( ) عرار شاعر الأردن 163.
( ) المصدر نفسه 164.
( ) المصدر نفسه 163.
( ) المصدر نفسه 166.
( ) عشيّات وادي اليابس 451, وعرار شاعر الأردن 274.
( ) عرار شاعر الأردن 165.
( ) جامع البدائع. مطبعة السعادة – القاهرة 1917.
( ) دار صادر – بيروت 2012.
( ) راجعها في: عرار والخيّام: ترجمة الرّباعيّات ونصوص أُخرى. تحقيق وتقديم زياد صالح الزّعبي. المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر – بيروت 2003.
( ) هو التقويم الميلادي أو الغربي المسيحي المستعمل في أكثر دول العالم. وضعه الراهب الأرمني ينسوص الصغير. سمي بهذا نسبة إلى البابا غريغوريوس الثالث عشر بابا روما في القرن السادس عشر (ويكبيديا)
( ) حقّق الكتاب, من بَعْدُ, مرّتين: الأولى من تحقيق السيد خورشيد أحمد. مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانيّة – حيدر آباد, الدّكن – الهند 1976؛ والأخرى من تحقيق عبد الكريم أبو شويرب. جمعيّة الدعوة الإسلاميّة العالمية؟ 1988.
( ) في الكتاب: رضيت. زجّى الأيام: دافعها.
( ) راجع, زياد الزّعبي: قراءات: مقالات ونصوص ثقافيّة 80 و 86 و 89. وزارة الثقافة – عمّان 2002.
( ) راجع: الرسائل الأخرى وخلاصاتها في: يوسف بكّار, عمر الخيّام: أعمال عربيّة وأخبار تراثيّة 25. دار صادر- بيروت2012.
( ) عرار والخيّام: ترجمة الرّباعيّات ونصوص أخرى 19. مصدر سابق.
( ) عرار والخيّام 25.
( ) عرار شاعر الأردن 86-94. مصدر سابق.