علي البتيري
شاعر وناقد أردني
تُعتبر قضية الحرية في عالم الأطفال بالنسبة لنا نحن الكبار مسألة تربويَّة شائكة لها متطلباتها الإيجابيَّة بقدر ما لها من سلبيات خطرة على مستقبل الأجيال إن نحن لم نحسن فهم هذه المسألة، ولم نحسن التعامل معها بروح ديمقراطية تُبقي الباب مفتوحاً لحرية الأطفال.. لطموحاتهم البريئة وأحلامهم الجريئة.
إزاء هذه الإشكالية التربويّة يتساءل الدكتور فاخر عاقل بلسان الآباء والمربين قائلاً: مشكلتنا التربوية مع أطفالنا تكمن في هذا السؤال.. هل نربي أطفالنا كما نريد نحن أم نربّيهم كما يريدون هم؟ وكإجابة موضوعية على السؤال المهم يخلص الدكتور فاخر عاقل إلى حلٍّ توفيقيٍّ معقول وهو أن نربّيهم كما نريد وكما يريدون هم أيضاً، وذلك بإقامة جسر مفتوح للحوار على الدوام بين الآباء والأبناء تمهيداً لتوليد قناعة مشتركة بأصول التربية الفاضلة وفضيلة السلوك الحميد.
بمعنى آخر لا بدّ من أن يتمتع الصغار بحريَّة مسؤولة إلى حَدٍّ ما يمنحها لهم الكبار، فلا تكون حياتهم مسيجَة بتعليمات وقرارات لا يفهمون منها إلّا تنفيذها، وبإشارات حمراء على طريق الحياة ليس لهم من رأي فيها ولا حيلة لهم إزاءها إلّا الامتثال الطوعي والتوقف القسري أمامها بخضوع تام.
ذات يوم فائض بالعدل قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟" لم يكن ذلك القول انتصاراً للرجل المصري الذي لطمه ابن الصحابي الجليل عمرو ابن العاص فحسب، وإنَّما كان انتصاراً لحريّة الإنسان وكرامته.
قالها عمر بن الخطاب في غضب وهو يرى رجلاً مصرياً يُظلَم ويلطم في عهد خلافته، فكيف بعُمر لو كان المظلوم طفلاً؟ وكيف كان يمكن أن يكون حينذاك غضبه؟!.
إنَّ أبشع عبودية في الحياة البشرية ولا شك هي أن يكون الأبناء عبيداً لآبائهم يطيعونهم طاعة عمياء في جوٍّ من الرهبة والخوف والتسلط.
فكتمُ صوت الطفل وتحويله إلى إنسان مُبرمَج بأوامر ونواهٍ وتعليمات يتلقاها من والديه ومعلميه سيؤدّي إلى تنشئة طفل ذي سلوك خضوعي لا شخصيَّة له ولا رأي ولا عنده أدنى ثقةٍ بنفسه، وإن انتشرت هذه الظاهرة وعمّت فعلى مستقبل هذه الأمة السلام إذ ستكون أجيالها القادمة أجيالاً مذعنة خاضعة مستسلمة خانعة تقبل الاستخذاء للآخر، وتفتقر إلى العزّة والكرامة، وغالباً ما تقبل الإهانة لحاضر أمتها وأوطانها، والأكثر والأخطر من ذلك تسكتُ عن الاعتداء على مستقبلها ما دامت قد اعتادت السكوت على تكميم صوتها ومصادرة حقّها في الحريّة والحياة الكريمة.
لا أريد أن أذهب بعيداً في تحليل هذه المسألة التي هي في الدرجة الأولى مسألةٌ تربويّةٌ قبل أن تكون قضية تشغل بال الأدباء والشعراء الذين يكتبون للأطفال ويشعلون قناديل إبداعاتهم الجميلة على طريق مستقبلهم.
لا أخفي على أحد بأنَّني حين اعتزمت الكتابة في هذا الموضوع قد عمدت - وكعادة الباحثين - إلى توفير بعض المصادر للبحث، وبعد أن توفر لي ذلك وأصبح بين يدي أكثر من عشرين مصدراً للبحث وضعتُ مفردة الحريّة عند الأطفال ضالتي المنشودة ورحت أبحثُ عنها كمن يُركِّبُ طعماً في سنارته، ويعتزم صيد الأسماك في البحر. لكنَّني وبعد عناء وطول اصطبار لم أجد في الدراسات المعنية بأدب الأطفال ما يعالج أو حتى يتطرق لقيمة الحرية عند الطفل، ولم أجد باحثاً أو مؤلف كتاب واحد يولي أهميّة لهذه القيمة العالية، أو يلقي ضوءاً على اتجاهٍ أدبيٍّ ما يُفضي إليها.
لقد حدّد النقاد والباحثون أهداف أدب الأطفال دون أن يكون من بين هذه الأهداف هدف خاص بقيمة الحرية يُتوخى منه غرس حب الحريّة والانطلاق الحياتي في نفوس الأطفال، وكأنَّ هذا الهدف إذا أبرزناه سيكون مصدر إزعاج للكبار من آباء وأمهات ومعلمين ومعلمات، وسيقطع الطريق على أستاذيتهم وطريقتهم القمعية في التعامل مع أخطاء أبنائهم وآرائهم.
فهذا الدكتور علي الحديدي في كتابه الذي يعتبر مرجعاً لنقد أدب الأطفال يُحدِّدُ أهداف أدب الطفل بما يلي: "بث الإيمان بالله والوطن والإنسانيّة ودفع الأطفال إلى خدمة الآخرين وتنمية الوعي الجماعي وروح التعاون في نفوسهم، وإذكاء الخيال عندهم وتزويدهم بالمعلومات المتعلقة بالنظم السياسية والتقاليد الاجتماعية والعواطف الدينية والوطنية، وتوسيع قاموس اللغة عندهم".
وعلى الرغم من تداخل هذه الأهداف فإنَّ غالبية النقّاد والدارسين لأدب الطفل بأنواعه قد أجمعوا على أهداف تحقّق مجموعة من القيم المعرفية والاجتماعية والدينية والخلقية والقومية والتي تضمنّت الحريات العائدة للوطن والأمّة والمصير دون أن تشمل الحرية الفرديّة للطفل: حريته في التفكير واللعب والتعبير عن الرأي وامتلاك صوته الخاص به بعيداً عن أي كتم أو كاتم صوت.
وكأن حريّة الطفل الشخصية وحقوق الطفل التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية لا ترقى إلى مستوى الاهتمام والتهديف عند كتّاب أدب الطفل ونقاده على قلّتهم وقلة اهتمامهم بهذه القيمة.
على كتّاب أدب الأطفال عامةً وشعراء الأطفال بشكل خاص أن يتذكّروا باستمرار أنَّ الأطفال هم ثروة المستقبل وأمل هذه الأمة في النهوض والرقي والتقدم، وما دمنا نُعوِّلُ على أدب الأطفال الكثير من القدرة على تشكيل السلوك عند الصغار والتأثير الإيجابي في أفكارهم وثقافتهم لا بدَّ لنا من أن نحرص على إيجاد الظروف الملائمة لنمو شخصية الطفل في جَوٍّ من الحريَّة والحنان والمحبَّة، وأول خطوة تكون في هذا الاتجاه هي ضرورة تعليمه التفكير الحر الذي يمكّنه من التعبير الحر وإبداء الرأي دون قلق أو خوف وبطمأنينة تعزّز الثقة بالنفس. وهذه الظروف السالفة الذكر في مقدور أدب الأطفال أن يوفّرها لهم من خلال نصوص أدبيَّة مناسبَة تتقمص أفكار الأطفال وطموحاتهم وأحلامهم ولغتهم وتطلعهم إلى الحريَّة والاعتداد بالنفس بعيداً عن السيطرة والتسلط وتكميم المشاعر والأفواه.. علماً بأنَّ الشعر هو اللون الأدبي الأقوى تأثيراً واستحواذاً على مشاعر الأطفال وعواطفهم وما يجول بخواطرهم خاصّةً إذا كان صادقاً ومحبَّباً إليهم ومُقنعاً لتفكيرهم وأذواقهم.
هناك توجّه صادق عند معظم كتّاب الأطفال نحو ترغيبهم في قيمة الحرية وحضهم على التحلي بها دون التخلّي عنها، ولكنَّه حضٌّ على اعتناق الحريات العامة المتعلقة بحرية الوطن واستقلاله وتحريره من الاحتلال أو التبعيّة، والمعنيّة بتحرّر الجماعة أو الأمة جمعاء من نير الظلم والاستبداد والعبوديّة.
أمّا حرية الطفل الفردية في الأسرة والمجتمع فقلما يحدث التطرق إليها ومعالجة أوضاعها وإخراجها من دائرة التهميش أو الإهمال أو الحجر القسري.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف نَطلُب من الأبناء أن يكونوا فتياناً أحراراً ورجالاً يعشقون الحرية كباراً ونحن لا نمنحهم حريتهم صغاراً؟!، فلا نوفر لهم أجواء حُرّة كهذه في الاختيار وإشباع الميل وتحقيق الرغبة البريئة التي لا تتنافى مع خُلُقٍ أو قانون. كيف نسمح لأنفسنا نحن الكبار أن نحشو أدمغة الصغار بالمعلومات والتعليمات- ليلَ نهار- دون أن نترك لهم أدنى فرصة للتفكير الحر بتلك المعلومات والتعليمات، ودون أن نوفّر لهم مجالاً للمناقشة والحوار وإبداء الرأي وتكوين القناعات المشتركة؟ وكأنَّنا نصرُّ على تربيتهم كما نريد فقط، كما نصرُّ على التفكير والتخطيط لحاضرهم ومستقبلهم نيابةً عنهم، وكأنَّهم لم يولدوا أحراراً، أو كأنَّنا لم ننجبهم ليكونوا رجال المستقبل وصنّاع الحياة الحرّة الكريمة.
هذا الوضع غير السليم المشبع بالتناقض وقصر النظر على الصعيد الاجتماعي لا أقدرُ على تغييره وإحداث نقلة نوعية في جموده من أدب الأطفال شعراً وقصّةً ومسرحيّة، إذا ما جاء هذا الأدب الملتزم بهم الطفولة ومستقبلها مصغياً لصوت الطفولة قارئاً بخبرةٍ تربويَّةٍ متطلبات وخصائص العمل القومي من أجل الطفولة العربية التي ستعطي الكثير إذا ما أعطيناها الكثير.
قلنا إنَّ قضيَّة الحرية العامة المنوطة بالوطن والأمة هي التي أشغلت وعلى مدى عقود بال أدباء الأطفال بها، وخاصةً في حقل الشعر، ويهمني كشاعر يكتب للصغار ويصدر العديد من الدواوين الشعرية لهم أن أعمد إلى إلقاء الضوء على قيمة الحرية ومفرداتها في إطار التجربة الشعرية كشهادة نقدية وإبداعية على ما كتب بعض زملائي الشعراء وما كتبت في هذه المسألة البالغة الأهميَّة وأعني بها مسألة الحريّة سواء الحرية العامة أم الحرية الشخصية في حياة الأطفال بمختلَفِ فئاتهم العمريّة.
أول شهادة عيان تتجلى على هذا الصعيد في أمل الشاعر الراحل نزار قباني في القدرة على التغيير وتحقيق الحريّة والتحرّر الذي سيتحقّق على يد الجيل العربي الجديد حيث يُخاطبهم قائلاً:
"من المحيط إلى الخليج أنتم سنابل الآمال
وأنتم الجيل الذي سيكسرُ الأغلال
يا أيها الأطفال.. أنتم بعدُ طيبون طاهرون
لا تقرأوا عن جيلنا المهزوم فنحنُ خائبون".
ولكن كيف ستتحقق نبوءة نزار قباني هذه دون أن يتمكن الجيل القديم من حماية الجيل الجديد من أحزان الكبار وخيبات أملهم وإحباطاتهم واندحاراتهم في أكثر من ميدان وعلى أكثر من صعيد؟
إلّا أنَّ شعراء كثيرين خاطبوا الأطفال ظلّوا مصرّين في بعض أشعارهم على إقحام الصغار في معركة للحرية والتحرر لم ينتصر فيها الكبار. فهم الأمل الباقي والجبل المعقود على أصابعه خيط النصر والخلاص..
فهذا الشاعر مصطفى عكرمة يقول بلسان الأطفال العرب بذكاء لا يخلو من تلقين وتوجيه:
"يا عيدَنا يا حلوُ لا تحمل لنا لُعباً وحلوى
إنَّا نريد العيد نصراً لا نريدُ العيد لهوا".
وهذا الشاعر بيان الصفدي يوظف شخصيّة الشاعر المتنبي كرمز للفروسية وطلب الحريّة ليجعل منه قدوةً للصغار المتعطشين للحريّة والفرح:
"المتنبي
حرفٌ ذهبي
سطورٌ في أبهى الكُتُبِ
عش في الدّنيا بفروسية
واطلب ما عشت الحريّة".
وهذا الشاعر الراحل محمد الظاهر الذي أعطى الأطفال الكثير من اهتمامه وشعره يقول بلسان الطفل العربي:
"أرسمُ أعلام الحريّة
وأصيحُ بلادي عربيّة
أرسمُ صوراً للأبطال
أرسمُ فجراً للأجيال."
وفي أغنية شاركت بالمهرجان الأردني أغنية الطفل العربي يرى الشاعر الراحل إدوارد عويس الخلاصَ وتحقيق الوعد بالنصر في تنشئة الأجيال الحرة التي تحفظ الوعد وتصون العهد:
"يا أرضاً ترضعُ أحراراً وتصون العهد
فيضيء أزهاراً وثماراً نشوى بالوعد".
أمَّا الشاعرة شهلا الكيالي – رحمها الله – فقد فضّلت في قصيدتها المغنّاة عن سنة الطفل الدولية التعبير بلسان أطفال فلسطين المحتلة عن الظلم والاضطهاد الذي يتعرضون له من قبل المحتلين الغاصبين:
"أنا طفلٌ للظلم ضحيّة
سرقوا ألعابي وطعامي
وتغنّوا باسم الحريّة".
لقد اتّخذ شعراء الأطفال العصفور الطليق رمزاً للحريّة والانطلاق في خطابهم الشعري الموجه للصغار، وهذا الرمزُ الجميل الشفاف أكثر ما نجده عند شعراء العراق وسورية وفلسطين والأردن ومصر وبصورة أقل عند شعراء الخليج.
ومن شعراء الأردن الذين وظفوا العصفور رمزاً محبّذاً للحريّة في شعرهم الموجه للأطفال: محمد الظاهر، راشد عيسى، محمود الشلبي، علي البتيري، يوسف حمدان، سليم أحمد حسن، منير عجاج، ومنذر أبو حلتَم وغيرهم.
وإزاء هذا الرمز الواسع والفضفاض تستوقفنا على سبيل المثال لا الحصر هذه المقاطع الشعرية:
"طُلِبَ إلينا يوماً في الصف
أن نرسُمَ قفصاً وبداخله عصفوراً
فرسمتُ القفصَ صغيراً ومكسوراً
ورسمت العصفور كبيراً وجَسوراً
وحين سُئلتُ أجبت:
هذا فعلُ الأحرار". (سليم أحمد أحسن).
"يا حسون بلادي لا لا تحزن
هيا نرسم درباً للحريَّة
نصنَع أحلاماً للعُرس
للأمل القادمِ للشمس.."(منير عجاج).
"العصفور: ذاك الغصنُ الأخضَرُ بيتي
ذاك الأفقُ الواسعُ وطني
الطفل: يا عصفور هيا حَلّق
فوق الغيم العالي الأزرق
وانشر فوق الأفق جناحاً
بالحريّة دوماً يخفق.(منذر أبو حلتم).
"صديقي العصفور يطيرُ بين الدور
من دون ما هويّة في مقلتِيه نور
وعنده قضية
يؤيّدُ الأمان للطير والإنسان
ويعشقُ الحريَّة.(علي البتيري).
ولا يفوتني أن أشير إلى أنَّني قد وظفتُ كثيراً رمز العصفور في قصص شعرية جاءت غنيّة بالحوار الدرامي المحبّب لدى الأطفال كقصة عصفور المطر، وقصة العصفور الغريب، وحكاية هند والعصفورة، وحكاية العصفور والصياد التي جاء في مطلعهما:
"عصفورٌ في أرض بلادي لا يخشى نار الصياد
يشدو لصباحِ الحريَّة ولقدسٍ تبقى عربية".
وأخيراً ديوان "عصافير فلسطين" الذي أُعدّه للطباعة ويضمُّ حكايةً بهذا العنوان تتحدّث عن طفل من أطفال الانتفاضة اسمه عامر يلقي على الجندي المحتل حجراً فيصيب بلا قصدٍ عصفوراً كان يحطُّ على سور القدس، وحين يهوي العصفور جريحاً يتلقفه عامر في أسفٍ وحزن، لكن العصفور يقول لعامر:
"دعني دعني واصل دورك في معركة الأحرار
دافع عن شجر الحقلِ وباب الدار
دعني دعني فالوقت ثمين..
وفدا عينيكَ عصافير فلسطين".
وبعيداً عن العصافير وحكاياتهم الشائكة المليئة بالأقفاص وبنادق الصيادين دعونا نقرأ لوناً آخر من الحديث عن الحرية وقيمتها الإنسانية في حياة الصغار والكبار، إلا أنَّ النصوص التي شملتها القراءة رغم غناها بالعاطفة وقوة التأثير لم تكن في بعض المواضع خالية من النصح والإرشاد الذي اكتنفه الخطاب الشعري المباشر:
كقول محمد الظاهر:
"تجيئني الحرية
كزهرَةٍ نديّة
تقول لي أهواك
يا أيها الملاك
روحي لها لأنَّني أحبُّها
صديقتي الحرية".
وكقول علي البتيري بلسان أطفال فلسطين المنفيين عن مدنهم وقراهم المحتلة وباسم أطفال الحجارة المقاومين لبشاعة الاحتلال:
"نقسم أن تدخُل من أبواب العالم
راياتُ طفولتنا..
نقسم أن نتذوّق مثل بقية أطفال العالم
طعم الحريَّة
ليكون لنا وطنٌ ونشيدٌ وهُويّة".
هذا بعض مما كتبه الشعراء العرب للأطفال في باب الحريّة الوطنية والقومية، أمَّا الشعر الذي يعالج مسألة الحريات الشخصيّة عند الأطفال فالأمثلة عليه نادرة والاهتمام به هامشي إلّا عند عدد من شعراء الأطفال لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة وفي مقدمة هؤلاء الشاعران محمد الظاهر وعلي البتيري فقد ترجم هذان الشاعران شعراً للعديد من بنود حقوق الطفل بما في ذلك حقّه في الحريّة الاجتماعيّة في البيت أو في المدرسة.
وللتمثيل على هذا التوجُّه الجاد لا نجد أنسب من التذكير بكتاب "نحن الأطفال لنا حقوق" والذي يضم تسعاً وثلاثين مادة لحقوق الطفل قمت بترجمتها شعراً حيث عمل مركز زها الثقافي على إصدار هذا الديوان قبل سنوات عدّة، ولقي اهتماماً من جهات عدة ومن أطفال كثيرين.
فمن حق الطفل في النشاط الاجتماعي نقرأ:
"من حقّي مع زملائي
أن أعمل في جمعيّة
أن أتعاونَ سلميّاً
وأمارسَ فيها الحريّة
كل نشاطٍ لا يُلغي
أيَّ حقوقٍ مدنية".
وللبند الذي ينصُّ على حق الطفل في التعلم وحريّة التعبير نقرأ:
"من حقّي أن أتعلم في مدرستي أو داري
من حقّي أن أتكلم واعبّر عن أفكاري"
باختصار يحتاج كاتب الأطفال خبرة تربوية نظرية أو ميدانية ليعالج قضية حرية الطفل ويعبر عنها بصدق هادف دون أن ينسى بأنَّ التعبير عن حرية الطفل الفردية في البيت والمدرسة والنادي له الأولويّة في المقدمة الديمقراطية لحرية الجماعة وحرية الوطن والأمّة.