نوافذ ثقافية
محمد سلّام جميعان
ثقافة عربية
أقنعةُ الجسدِ والحواسّ/ د. راشد عيسى
ليس بإمكان الإنسان أن يبني تصوّراً عن ذاته دون وعيه بحقيقة جسده، فوجودُ الإنسان وجودٌ مجسَّد في العالم. فعبر الجسد تتشكّل علاقات متباينة للذات الإنسانيّة لنكون أنفسنا ونعلن عن جوهرنا بالفكر والشعور.
فما الذي نعرفه عن أجسادنا وأجساد الآخرين؟ وكيف نتأمل الجسد بعمق ونوقظ حواسّنا فيه لتعبِّر عن كيانها في مواقف اللّذة والألم؟ ذلك هو السؤال الذي يطرحه هذا الكتاب بلغته وتأويلاته عبر ثنائية النفس والجسد وتمظهراتها الصامتة والمعلنة.
تبدو كل انفعالات مقودة بأوامر النفس كما يتراءى للقارئ من مقدمة الكتاب، التي يوضح فيها مؤلِّفه بواكير انتباهاته ومشاهداته لجسد الآخَر كما تجلت في بعض المواقف الحياتية، فكما يشير في مقدمته: " علاقتي بفلسفة الجسد قديمة طويلة متعددة الأحداث، تنامت اتجاهاتها وتعمقت عبر مراحل عمري، من خلال مواقف كثيرة لا حصرَ لها". فهذا الكتاب مقتطفات من تجليات مؤلفه المعرفية الخفيفة في عالم الجسد، وليس بحثًا علميًا يتوخى نتائج وتوصيات".
وتأمُّل جماليات فاعلية الجسد، هي ما تأخذ القارئ باتجاه استكناه الجسد في الوجدان الشعري وفي فنون الرقص والتمثيل والفن التشكيليّ، وعبقرية الحواسّ من حيث وظائفها العضوية والجمالية وتحوّلات النفس ورغباتها، فيبدو الجسدُ حاضناً لكل ما هو فارِه في العقل والقلب والأحاسيس.
وبالقدر الذي يحرص فيه المؤلِّف على القيمة الجمالية للجسد، فإنَّه لا يغفل ولو بصورة ضمنية الموقفَ النّفعيّ للجسد، من خلال الرغبة في تحقيق إشباع الرغبة والدافع والميل كما يتجلى في فنِّ الرقص، حتى إنَّه يصبح وسيطاً لمؤسسات الدعاية والإعلان والإشهار، كما يحدث في مسابقات ملكات جمال العالم، في تأكيد ضمنيّ على الاحتفاء بالقيمة السِّلَعية للجسد.
رؤى نقدية في الثقافة الأردنيّة/ إبراهيم العجلوني
بروحٍ يقِظة يُقارب المؤلف ألواناً من المواكبة النقدية لكثير من الوقائع الثقافيّة التي شهدتها ساحتنا الثقافية عبر ربع قرن من الحياة الأدبيّة والفكريّة، كما تشير التواريخ المثبتة إزاء كلِّ مقالة.
تبدو المقالات متفاوتة ظاهرياً في مغزاها ومنحاها، لكنَّها في مجموعها تشكّل رؤية جامعة تنطلق من منظور فكريٍّ ورؤيويٍّ واحد، يهدف إلى إيقاظ العقل والشعور الساكن في برّية تطولُ امتداداتها دون الإصغاء الرهيف للنداء التاريخيّ الذي يحفظ إنسانَ هذه الجغرافيا من الإحباط والسقوط في الهيّن والعابر والخطير. ففي المقالات سخرية موجعة ومريرة من كثير من القضايا المتمازجة سياسيّاً وثقافيّاً واجتماعيّاً يعلن فيها الضمير الحرّ عن صرخته المسؤولة أمام الوعي.
وفي هذا الكتاب إشارات لتاريخ أدبيّ للملك المؤسس عبد الله بن الحسين ( الأول) مع الكاتب الكبير عباس محمود العقاد في صيف العام 1945، مثبتاً نصَّ الرسالتين المتبادلتين بينهما حول كتاب العقاد " أبو الشهداء: الحسين بن علي" ، ومستخلصاً الدلالات، التي يأمل المؤلّف التفات الدارسين إليهما.
والمقالات المُضمّنة في هذا الكتاب هي في مجموعها شاهدٌ أمينٌ على القضايا التي ينشغل بها المثقفون والإعلاميون في حقبة الربع قرن الأخير من زماننا هذا، يصحّ أن تكون مفاتيح لتدوين تاريخنا الأدبيّ وانشغال أصحاب القلم بقضاياه.
روايات تحت الشمس/ أسيد الحوتري
بعد كتابيه في النقد الأدبي اللذين صدرا باللغة الإنجليزية درس فيهما الحوتري المكان في روايتي: (ممر إلى الهند) و(الغريب) من وجهة نظر النقد الما بعد كولونيالي. نقرأ هنا مقالات نقدية وأدبية متنوعة في نصوص إنجليزية، كما تشير الصفحات التعريفية الأولى في صدر الكتاب.
وفي هذا الكتاب قراءات نقدية لمعنى النصّ لعشر روايات عربية بطرائق نقدية تمازجت فيها مناهج نقد متعددة، وفق ما يمليه السياق النّصي للمسرود الروائي في إطاريه السياسيّ والاجتماعيّ.
ولم يكن اختيار هذه الروايات عشوائيّاً تجميعيّاً، فثمة رابط يجمعها جميعاً ويجعلها في بؤرة معنوية واحدة تتّصل بقضايا وطنية ومنعرجات السياسة والسلطة، فالكاتب يميل في تحليلاته النقدية استبصاراً للمعنى وحُكْماً على النصّ الروائي إلى التأشير على المغزى من تحليله بإشارات يتباين ظهورها وخفاؤها بين سطور التحليل سواء تعلّق الأمر بالحدث الروائي أو الشخصية الروائية، ما يعتبر تفاعلاً ثقافيّاً مع المُنتج النّصي للروايات المقروءة، وبخاصة في منطقة المسكوت عنه.
واستند المؤلِّف في تحليلاته إلى مصادر نقدية ليمنح رؤيته مرجعيّة معرفيّة تصادق على خطاه النقدية، وهو ما عمّق تحليلاته ومنحها مشروعية البحث النقدي.
ثقافة عالمية
السؤالُ الذي لن يغيب/ فيليب يانسي، ترجمة: عصام خوري
يتوجّه هذا الكتاب إلى الذين يبحثون عن إجابات في عالم تعصف به المآسي والآلام، ليكونوا مجهزّين ومؤهّلين للتجاوب مع معاناتهم بطريقة لا يخطر في بالهم أنَّها قد تكون ممكنة. والكتاب وليد تجارب شخصية عاشها المؤلف أو عاينها في مناطق مختلفة من العالم، سواءً أكانت حروباً تفجع الناس بضحاياها، أو كوارث طبيعية تلتهم الحرث والنسل، أو محاولات انتحار أمطر اليأسُ أصحابها في ليلة مظلمة.
في هذا الكتاب يرتحل بنا المؤلف بتلك الأسئلة الصعبة التي تزعزع اليقين الإيمانيّ وهي تطوف بخاطر الإنسان، فتجعله أدنى من خالقه ومن ذاته وهو ينزلق عن شاطئ آمن في الحياة، يرى المصائب نِعماً يستثمرها في التعزية والرجاء، ويُسلِّح قارئه بمقولات متعددة من الكتاب المقدَّس، ويخرج بقارئه من التفاؤل الساذج إلى حالة من الانبعاث الكوني الذي يجعل الإنسان متناغماً مع الطبيعة، وينبّهنا إلى الرسائل المصيرية التي نتجاهلها في اللحظة التي تعصف فيها المآسي بالإنسان.
اللغة التي كُتبَ بها الكتاب منسابة بحديث القلب والوجدان العالي والصادق في تلمّس مآلات الإنسان المتقلِّبة في فضاء هذا الكون، وفي مكامن شعور بني البشر، ويجعله في ملجأ آمن من العقوق الإيماني حينما يُمتَحن بالرزايا. فكيف تجد المتعة في خضمّ المعاناة، هذا ما يقوله هذا الكتاب الذي يقدِّمُ مساعدة عملية لمن يفقدون الأمل.