شعر: قيس الطه قوقزة
شاعر أردني
فِي أَوَّلِ الصَّفَحَاتِ ... خَـــطَّ رِثَاءَهْ
فــَـبـَـــكــَى الــزُّجَاجُ غُـبـَـارَهُ وَهـَـــــوَاءَهْ
عــَـبِثــَــتْ غـِــوَايَاتُ المَجَازِ بِقــَـلـْـبــِـهِ
شَرِبَتْ مِنَ العَطَشِ المُؤَجـَّـلِ مـَـاءَهْ
فِي شَــكـْـلِ تَقْبـِـيـْـلِ السـَّــمَاءِ لِخـَـــدِّهِ
مَــطـَـرٌ يـُـبـَــلــِّــلُ فـِـي الغـِـيـَـابِ رِدَاءَهْ
في الصَّفحَةِ العِشـرِينَ كَانَتْ نَمْـلـَةٌ
تَمْشِي، فَتَمْحـُــو صَيْـفــَـهُ وَشـِــتـَاءَهْ
قَلْبَانِ يَنْتَـظــِــرَانِ ... أَنــْـــتِ وَظـِـلـُّــهُ
كــَـي يَفْتــَــحـَا لِلْمـُـسْـتَحِيلِ سـَـــمـَـاءَهْ
عَيـْـنَاكِ مـَـا رَأَتــَـا حـَــقـِيقـــَـةَ مـَـا رَأَى
وَلِذَاكَ ... أَطـْـفـَأ حـَـوْلـَـهُ أَضـْـوَاءَهْ
وَيـَــدَاكِ مـَـا انْحَـنـَـتَا لـِـيَـصـْـنَعَ قَارِبـًـا
وَالمـَــوْجُ يَـعــْــلــُو قــَـاصـِـــــدًا إِيـْــذَاءَهْ
إِنْ عــَـادَ مُحـْـتَـرِقـًـا إِلـَـيـكِ فَـحـَـاوِلـِـي
جـَـمْــعَ الرَّمـَـادِ ... لِتَبْعَثِي عَنْقـَـاءَهْ
كــُـــونـِـي لـَـهُ كالنـِّــيـْـلِ، كـَـانَ يُحِـبـُّــهُ
فـَلـَرُبـَّـما ... وَجــَــدَ الفـَـتَى مـِـيْـنـَـاءَهْ
في الصَّفحَةِ الخَمْسِينَ نَامَ وَنَبْضُهُ
مُـتــَـســـَـارِعٌ ... تـَــرَكَ الدِّمَاءَ وَرَاءَهْ
لَو صـَـالـَحَ الشُّـعـَـرَاءُ حِبْـرَ عَدُوِّهــِـمْ
مـَـا صـَـالـَحَتْ أَقــْــلَامــُــــــهُ أَعــــْـدَاءَهْ
فِي تَمْتـَـمَـاتِ السـِّــلْمِ خـَـبـَّـأَ سـَـيْـفــَـهُ
قَـدْ يَشْتــَهِي زَمَنُ البَسُوسِ فَضـَـاءَهْ
لَمْ يَحْتـَـكـِـرْ وَجـْـهَ الصـَّـــوَابِ لِأَنــَّــــهُ
لَمْ يـُـخـْـفِ فـِـي أَكــْـمـَـامــِـهِ أَخْطـَـاءَهْ
فِي وَشـْـوَشَاتِ القَمْحِ تَـاهَ، وَدَمْعــَـةٌ
رَكــَــضَــتْ، لِتـَـدْفـَـعَ لِلـْــوَرَاءِ بـُــكـَـاءَهْ
عِـشـْـــقٌ جَـنُـوبِيٌّ يُـحـَـاصِـرُ قَـلـْــبـَــــهُ
وَلـِـذَاكَ يَسـْتــَهوِي الجـَـنُوبُ ظِـبـَـاءَهْ
في الصَّفْحَةِ السَّبعينَ يَحْمِلُ ضَوءَهُ
في رَاحـَــتــَــيـــهِ ... لِيَســـتَرِدَّ بَـهَـاءَهْ
مِصْبـَـاحــُــهُ يــَـــلـِــدُ النَّـهـَــارَ لِأَنــَّــــــهُ
مِـنْ كِـبْرِيـَـاءِ الـيَـاسَمِيـنِ أَضـَــــــــاءَهْ
وَلَدَيْـــــهِ أُمنـِـيَتـَـانِ: أَنْ يَغـــــدُو أَبــًـــا
وَيـَــضـُــــــمَّ في أَحْضـَــــانــِــهِ أَبنــَــاءَهْ
وَلــَــدَيـْــهِ أُغـنِـيَتــَــانِ: خــَـضـْـــــــرَاوَانِ
أَثَّثَ مِنْهُـمـَـا ... نـَـايـَـاتِهِ وَغــِــنـَـاءَهْ
وَلِأَنَّ وَجْـهَ الشـِّـعـْــرِ يـَـسـْـكـُنُ وَجْهَهُ
لَمْ يـَـسْــتـِـطِـعْ أَشْـبـَـاهُـهُ اسْتِـرْضَاءَهْ
فَــإِذَا تــَـعــَـــثـــَّــــرَ بِالمــَــرَايَا شِـعـــْــــــرُهُ
مَـسَحَتْ يـَــدُ المـِــرآةِ عَــنـْـهُ دِمـَـــاءَهْ
في الصَّفحَةِ التِّسعينَ أَصبَحَ سِجنُهُ
وَطَنـًـا ... تــُمَجـِّدُ أَرْضُهُ شــُـعــَــرَاءَهْ
فَالسِّــــــجـْــنُ أَحيـَـانـًـا يــَــــرِقُّ جـِـدَارُهُ
وَيـُـرِيــدُ يــُـطْــلـِــقُ بـَـابـُهُ سُـــجـَـنـَــاءَه
لَـكِنــَّـهُ عـَـبــْــــدٌ لـِـســـَـــجَّانٍ وَمُفْتــَــاحٍ
يـُـكــَــبـــِّـــــــلُ حِـســـَّـهُ ... وَوَفـــَـــــــاءَهْ
فِي آخِرِ الصَّـفَحَاتِ وَدَّعـَـنــَــا، وَلـَـمْ
يَـخـْــلـَـعْ كـِـتـَـابُ المـَـوتِ عَنْهُ إِبـَـاءَهْ
لَكِــنـَّــهُ كالنــَّـــخْـلِ ... وَاجـَـهَ وَاقـِـفــًـا
إِعصَارَهُ ... وَرِيَاحَهُ ... وَفَـنــَـــــاءَهْ