د. رضوان العماري
كاتب وباحث مغربي
في هذه الدِّراسة محاولة للتَّعريف بمكوِّنات رقصة "أحيدوس" وفنّ "التبوريدة" كطقسين فنيَّين عرفهما المجتمع الأمازيغي منذ القدم، ثم التعرُّف على أشكالهما ودلالاتهما وعناصرهما السيميائيّة. نجد هنا محاولة للمزج في التحليل بين مختلف المكوّنات من رقص وحركات ودلالات ورمزيّات... ويرى الباحث أنَّ المنهج السيميائي هو الأنسب لتحديد العلامات السيميائيّة المكوِّنة لهذا الفضاء.
• رقصة أحيدوس
ظهرت رقصة أحيدوس كفن غنائي في الأطلس المتوسط منذ عصور خلت، وارتبطت منذ ظهورها بالمجال الجغرافي والطبيعي لإنسان هذه المنطقة. ورقصة أحيدوس ذات طابع جماعي تشمل حركات وإيماءات(1)، وتؤدّى في الهواء الطلق، وفي اللغة الأمازيغية تعني إلقاء الشعر والغناء المصحوب برقصات تعبيرية، لها دلالات عميقة في العرف الأمازيغي بالأطلس المتوسط. ويعتمد على قصائد شعرية أمازيغية موزونة ولا تحترم القافية، وكان هذا الفن الذي ظهر أول ما ظهر في شكله الدائري قوامه النساء والرجال على حد سواء، وفي شكله النصف الدائري تعبيرًا عن الأفراح والمسرّات الجماعية التي تواكب إحياء الإنسان الأمازيغي لحياته الجبلية والزراعية في سهول الأطلس المتوسط، وتعرف قبائل "أيت اعمر" وخصوصا قبيلة "أيت ايشو" و"أيت حاتم" بهذا الفن العريق والمتوارث عبر الأجيال عن طريق الشفهيّة والذاكرة الحيّة.
تنبني رقصة أحيدوس في الغالب على شكل هندسي دائري يقوم على التماسك الجسدي بين أعضائه من النساء والرجال (تلاقي الأكتاف، تماسك الأيدي) وتتخلّل الرقصة أهازيج غنائية وشعرية مستمدة من الواقع المعيش، وتصطحبها حركات راقصة بالأرجل والأيدي.
يقوم الراقص في أحيدوس كذلك، على تبادل الأدوار سواء على مستوى الرَّقص أو على مستوى الأداء الغنائي، إذ يقوم الرجال المعتمدون على الدفوف "ألون" بأداء البيت الأوّل للقصيدة "تَماوايتْ"؛ وهي شعر أو مقطع يرتجله وينشده فرد واحد لا يردِّده معه غيره، وقد يكون المنشد مسافرًا عبر الغابة أو راعيًا لماشيته، ويعرِّف محمد شفيق هذا الصنف بقوله: "أمّا تاماوايت فمدلولها اللغوي هو الرفيقة أو المرافقة التي ترافق المسافر في سفره عبر الجبال والوهاد، وكل إنسان منفرد عن القوم تشجيه الوحشة، فيطلق العنان لحنجرته ويصدح متغنيًا بفقرة من نَظْمه أو من نَظْم غيره، مادًّا لكل نغمة أكثر ما يمكن المد، و"تاماوايت" في الواقع من حيث لفظها هي شيء بين الشعر والنثر، تتكوَّن من وحدة ذات ثلاثة عناصر أو أربعة أو خمسة يمكن أنْ يُقال في مجموعها إنَّها فقرة نثر، كما يمكن أنْ يُقال إنَّها قطعة شعر، الآن الشاعر الأمازيغي حُّر في التقفية أو عدم التقفية، غير ملزم بإيثان الروي"(2) بينما تؤدي النساء -المعتمدات على التصفيق بالأيدي- البيت الثاني.
هذا التبادل في الأدوار والانسجام في الأداء يديره رئيس الفرقة والمسمّى بالأمازيغية "أمسورار" في لوحات متناسقة موسيقيًّا وحركيًّا، ويتواجد دائمًا في وسط الدائرة، ويتحكَّم في تسيير الإنشاد بطرقه الخاصة والإيماءات كالصيحات والإشارات باليد أو الرجل أو بالرأس أو بنقرات خاصة على آلته، ويمكن أن يكون أكثر من "أمسورار" إذا كان عدد أفراد أحيدوس كبيرًا"(3).
وفي هذا الصدد نعطي مثالًا عن هذا النوع من خلال ما دوّنته في حواري مع الشاعر الأمازيغي المحلي مولاي إدريس العيسوي لمجموعة من الأبيات الشعرية:
(أَوَايْدَ تَدُونْ أَرَبِي داوْ وَأَشَالْ** سَامْدا كُولْ اِينَاخْدْ مَنْ أدَاسْ اِتْعَاوَانْ).
.
ومعنى ذلك:
(نداء الله سبحانه وتعالى للوصول إلى المحبوب عبر الأرض لتقديم يد العون في هذه الدنيا).
ويعتبر "البندير" أو" الدف" الذي يسمى بالأمازيغية "ألون" وهو إطار خشبي دائري يغلق من جهة واحدة بجلد الماعز، ويُمدُّ على الجلد وتران يُصنعان من ذنب الفرس أو الأمعاء الحيوانية لتصدر اهتزازات صوتيّة. وهي الآلة أو الأداة الموسيقية الوحيدة في أحيدوس.
تتشكّل رقصة أحيدوس في الأصل من مجموعة من الفرق الغنائية التي تمزج بين الغناء والرقص، والتي تكمل بعضها بعضًا في ثيمتين أساسيتين وهما الفخر والهجاء، وتشكّلان الغرضين الأساسيين لطقس أحيدوس؛ وذلك من خلال افتخار كل قبيلة بذاتها أمام القبائل الأخرى من أجل ردّ الاعتبار أمام القبيلة.
أمّا أشكال فرق أحيدوس، فهي عبارة عن مجموعة من القطع الغنائية المصحوبة بالرقصات التي كانت تؤدّى في مجموعة من المناسبات الاحتفالية مثل الأعراس، الختان، العقيقة... فما هي إذن أشكال رقصة أحيدوس؟
اتَّخذ شكل رقصة أحيدوس في الأصل شكلًا دائريًّا منغلقًا يتكون من حلقات فيها رجال ونساء، لكن هذه الرقصة بدورها خضعت لسيرورة التطوُّر والتغيُّر، والتي اختلف شكلها باختلاف المناطق الجغرافية التي تقام فيها، حيث اتخذت الشكل النصف الدائري على شكل قوس، كما اتخذت شكل خلخال أو أقواس متوازية.
في دراستنا هاته سنقتصر على الشكل الدائري الذي يتكون بدوره من مجموعة من العناصر السيميائية الدالة، والتي يمكن إجمالها في ثنائيتي (ذكر/ أنثى) والمسماة بسلسلة (أقاي/ تاقلالت).
ونشير إلى أنَّ رقصة أحيدوس كانت تعرف بما يسمى "الكل ينتج فرجة للكل"، بيْد أنَّ طقس أحيدوس ليس نصًّا فرجويًّا خالصًا، بل يتمحور حول نسقين اثنين أساسيّين أولهما النسق الديني والذي يستمد مشروعيته من الرموز والاعتقادات والأعراف التي تدخل في نطاق المقدّس، وثانيهما يشير إلى ما هو اجتماعي، وتحضر فيه الضرورة الفرجويّة من داخل القبيلة. وبالتالي تفرض علينا نمط الفرجة شكل تقديمها، لأنّ رقصة أحيدوس في القبيلة هي مرآة تعكس مختلف الخصوصيات السوسيوثقافية لها، لأنها النظام الذي يحقق قيم التلاحم والاتحاد لمواجهة الآخر من جهة، وهو كذلك مناسبة لتحيين التعاقد الاجتماعي في الزمن الطقسي: ألا وهو الوفاء لأسياد القبيلة وأعرافها.
يُمارَس الرقص في تعريف القبائل والجماعات بشعائر وطقوس وتقاليد القبيلة، وبهذا كان الإنسان في حاجة ماسة إليه، باعتباره جزءا لا يتجزأ من معيشه اليومي. وفي هذا الصَّدد يقول عبدالحميد يونس: "ولعلَّ بعضنا لا يزال ينتقص من قدر الرقص مع أنه جزء لا يتجزأ من أسلوب التعبير وهو يمتاز عن غيره من الوسائل بأنه عالمي"(4). وهذا لا يمنع ولا يقصي رياضته في مجال تحقيق التواصل الذي هو أسمى الأهداف التي يسعى إليها كل فنّ فرجوي. وبالتالي ما يزال الرقص يمثل اللغة العالمية الوحيدة.
بهذا، نجد أنَّ الرقص ليس مجرَّد شكل فني وأداة للتسلية والترويح عن النفس لقضاء أوقات الفراغ، بقدر ما نجده أداة للتواصل بين الأفراد والجماعات، فالرقص الشعبي الأمازيغي الجماعي الأصيل "وسيلة تربوية فعالة، ومدرسة فنية، مناسبة للعائلات وتماسكها. فهو سجل لأحداث تاريخية، ومادة خام لبلورة الفنون وتهذيب الذوق. تحدّى عوامل الزمن فغلبها، وتصدّى للغزاة تلقائيًّا، فأحبط مخططاتهم، استهدفه التشويه ومع ذلك حافظ على أصالته، معتمدًا على الذاكرة الشعبية المغربية التي برهنت على أنها قوية لا تنسى، كما أرضى الذوق السليم واستهوى الشباب الواعي، ممّا جعله يستحق الخلود والاستمرار"(5)، فكانت تحركات المؤدّين الجماعيّة والرقصات بمثابة أداة وظفتها القبائل لتوحيد روح الجماعة، وكذلك كان الرقص يؤدي غرضًا ضروريًا للترويح عن النفس، لقضاء أوقات الفراغ بنشاط ممتع وبنّاء.
• التبوريدة كطقس احتفالي
تسمّى التبوريدة بالأمازيغية "تغزوت"، وأصل تسميتها مأخوذ من البارود الذي تطلقه البنادق أثناء الاستعراض، وتُعدُّ بمثابة نموذج للاحتفالات الجماعيّة التي تُبرز قوة الفارس المتمرس الماهر، وترتبط بجملة من المواسم والمناسبات الدينية والاحتفالية الشعبية كالزواج والختان والعقيقة وغيرها... ولكنّها في الأصل كانت تجسيدًا للحرب.
إنَّ الوقوف على تجليات ومظاهر الظواهر الاجتماعية بشكل عام والطقوس الاحتفالية بشكل خاص يستدعي منّا أولًا الإلمام بمختلف أبعادها الدلاليّة والرمزيّة ووضعها في سياقها الطبيعي. وعلى هذا حاولنا الاعتماد على المنهج السيميائي في دراسة رقصة أحيدوس وطقس التبوريدة، من أجل تحديد نسق العلامات الدلاليّة التي تختزنها عناصرهما قيد الدرس، فما هي إذن العلامات المهيكلة لكل من الرقصة والتبوريدة؟ وكيف تدلّ على ما تدل عليه كل علامة سيميائيّة على حدة؟
سنحاول أن نقاربهما سيميائيًّا، بيد أنَّ هذه الطقوس قابلة لقراءات متعددة، وربما مختلفة، لكننا سنعتمد على المعنى الأقرب.
وبديهي جدًا أنّ دينامية وحركية الرقصات المختلفة والانتقال من مقطع إلى آخر يقتضي وجود فضاء مكاني ملائم يكون رحبًا وواسعًا، مفتوحًا ومنبسطًا، وغالبًا ما يكون المكان المفضَّل بجانب مقرّ صاحب العرس إذا كان عرسًا، أمّا إذا لم يكن فيكون أحيدوس والتبوريدة في مكان قريب أو وسط القبيلة. ولذلك فللمكان دورٌ مهمٌّ في حسن أداء التبوريدة وكذلك بالنسبة لرقصة أحيدوس.
أمّا الفضاء الزماني، فنجد التبوريدة تؤدّى في النهار، في حين نجد رقصة أحيدوس غالبًا ما تؤدّى وتمارس في الليل وفي الظلام دون الإنارة، والليل يكون حجابًا وستارًا للجميع؛ فهو المتنفَّس للإنسان بعد عمله الشاق طوال اليوم، وهو زمن اللذة واللعب، خاصة مع إطلالة ضوء القمر، فحين يغيب يضطر الشاعر إلى تمثيله وتشبيهه بالمرأة، فالنهار زمن الجدّ وفيه يكثر الضجيج، بينما يُعدُّ الليل زمن السكون والهدوء والانضباط للمتمرسين في الغناء.
• الدلالات السيميائيّة لمكوّنات رقصة أحيدوس والتبوريدة
- الحقل في رقصة أحيدوس: يشير الحقل سيميائيًّا إلى الفضاء المفتوح، وتدلّ جلّ مكوّناته؛ سواء كانت أشجارًا أو نباتاتٍ إلى الخصب والاستقرار.
- المَحْرَكْ في التبوريدة: وهو المكان المخصَّص لممارسة هذا النشاط، ويعرف لدى العامة بالمحرك أو المجبد أو المطرك، وهو الميدان الذي يتمّ فيه العرض والفرجة.
- الخيمة: تدلّ الخيمة سيميائيًّا على المكان الذي يوفر الاستقرار والحماية وتوفير الطمأنينة.
- الأعيان: حضور أعيان القبيلة في الاحتفال بهذا الطقس وفي مكان محدَّد، أي داخل الخيمة أو الخزانة، غير المكان الذي يوجد فيه باقي الجمهور، وهذا يدلّ على وجود تراتبيّة اجتماعيّة داخل النظام القبلي.
- فرق أحيدوس: يدلّ الشكل الهندسي الدائري للقيام بهذا الطقس على النظام الانغلاقي للقبيلة، والانسجام والتكامل ما بين مختلف الفئات الاجتماعية للقبائل الأمازيغية.
- أمغار/ أمسورار: وجود أمغار في مركز الشكل الهندسي يدل على أنّ النظام القبلي للمجتمع الأمازيغي يخضع للضمير الجمعي الذي يتجسَّد في كبير السن ألا وهو "أمغار".
- المقدّم أو العلّام: وهو الفارس الذي توكل له مهمة التسيير والقيادة داخل السربة، ويشترط فيه الأقدمية في الممارسة وإتقان مهارات التبوريدة كاليقظة والانتباه وقوة الصوت.
- الموقد: يؤدّي وظيفة تسخين الدفوف، لكن النار تدلّ سيميائيًّا على حضور البُعد القدسي في أحيدوس وخصوصًا الوثني.
- اشتراك الجمهور: يشير الجمهور سيميائيًّا إلى انسجام وانصهار أفراد المجتمع القبلي في نظامهم الاجتماعي، ويقوم بدور فعال في تنشيط كل مراحل الاحتفال، وما يتخلله من إبداع، ويلتصق بظروف تواصليّة محدّدة، يفقد دونها قيمته الفنية لدى العامة، إذ من تلك الظروف يستمدّ مدلوله ومقوماته ووظائفه.
- حضور المرأة والرجل: يدلّ حضور المرأة والرجل في طقس أحيدوس على التزواج والانسجام وتكامل الأدوار ما بين الجنسين.
أما اللباس، فيشير بدوره إلى دلالات سيميائية غنيّة بمجموعة من الإيحاءات الرامزة، ومنهجيًّا نقسم حديثنا عنه إلى شقين:
الشق الأول خاص بالرجال:
الرزة: تسمى "تشددت" بالأمازيغية، وتشير إلى الوقار والاحترام، حيث تحتل قدسية داخل النسق الثقافي في المجتمع.
الجلباب: ويرتدي الرجال عمومًا الأبيض خاصة الجلباب الذي يسمى بالأمازيغية "تاقبوت" ويعتبر زيًّا رسميًّا يوحِّد أعضاء الفرقة. واختيار هذا اللون يجعلنا نتساءل عن ذلك لما له من دلالات معيّنة كالصفاء واللمعان والسلام وارتباطه بالنور والضوء في مواجهة اللون الأسود.
الخنجر والسلاح "المكحلة": حضور الخنجر في اللباس لأفراد المجموعة يدلّ سيميائيًّا على الحرب ومواجهة العدو ومن أجل حماية النفس.
الشكارة (أقراب): يرمز سيميائيًّا إلى الوضعيّة الاقتصاديّة لأفراد القبيلة.
البلغة: تشير سيميائيًّا إلى الانتماء القبلي.
أما حذاء الفارس فيسمى "التْماكْ" وهو مصنوع من الجلد الخفيف يصل إلى ما دون الركبة. وهذا اللباس يشبه لباس المحارب.
وفيما يخص لباس المرأة في رقصة أحيدوس، فهو يشبه من الناحية الأمامية صدرية الفرس ومن الناحية الخلفية ظهر الفرس، وعليه تعتبر المرأة في الثقافة الأمازيغية فرس الفارس وهو الرجل.
• الإيقاع في أحيدوس والتبوريدة
إيقاعات أحيدوس إيقاعات التبوريدة
إيقاع بطيء: ويكون في بداية الأداء على شكل موّال كتمهيد للتواصل والتهيؤ النفسي للحاضرين قصد الانضباط لسماع القصيدة ويعتبر كذلك نداء، إذ هو ارتجال غنائي منفرد يسمّى "تماوايت" ويؤديه مغنٍّ يمتلك صوتًا قويًا وحادًا. وتسمى هذه البداية "تامهاوشت" أو "تغزا فت"، ولهذا الإيقاع حقل نفسي مهم لوجود تسامي في الأداء وهو إيقاع طويل. عندما يسمع الفرسان صرخات المقدّم تبدأ الخيل بحركات بطيئة مع التفنُّن في الأداء استعدادًا للانطلاق مع رفع السلاح.
إيقاع سريع: ويكون أثناء غناء القصيدة.
تسمى "تاحيدوست" وهو إيقاع ما بين الثقل والخفيف. وتسمى "النوضة"، وتبدأ عندما يصرخ المقدم "ها وا آهاوا" ويعيد السلاح إلى مكانه فلا ترفع السربة من الإيقاع حتى سماع المقدم يعيد للمرة الثانية "ها وا آهاوا"، وهنا تكون السرعة في الانطلاقة مع الانتباه للمقدم دائمًا لأنه كما قلنا سابقًا هو مسيِّر الفرقة.
إيقاع خفيف: عند الإعلان عن نهاية القصيدة.
تسمى "تامسرحت" وهي أخف من "تامهاوشت" ليتأتى بعدها مباشرة بإنهاء القصيدة عندما يقترب الفرسان من التخريجة أو الطلقة يصيح المقدم: "آباليو آلولاد"، فيهيِّئون بنادقهم ثم يصيح: "أباليو، آلمكاحل"؛ "أروهم يا حبابي"، إذ ذاك يطلقون النار مرَّة واحدة.
وغالبًا ما يختم طقس أحيدوس بـِ"الهيت" باعتباره إيقاعًا يلغي الذات وتحضر فيه مشاعر خارجة عن شعور الإنسان؛ بمعنى أنها توصل الإنسان إلى الإلهام النفسي والراحة الذاتيّة، أي الخروج عن الواقع.
وتبقى حركات رقصة أحيدوس -على الرغم من قلّتها- معبِّرة وغنيّة بالرموز والدلالات، وعلى الرغم من كل ما توصلنا إليه من هذا التراث المتميِّز، إلا أنه يبقى فنًّا حافلًا بالأسرار الغامضة والإيقاعات العجيبة والرائعة.
من خلال ما سبق، يتَّضح أنَّ كلًّا من رقصة أحيدوس وفن التبوريدة يعتبران نتاجًا جماعيًّا لدى المجتمعات الإنسانية، ويرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالحياة اليوميّة للإنسان بملازمتهما للاحتفالات، وبالتالي يكاد يكون الطابع الجماعي التكاملي التعبيري هو الشكل الأبرز الذي يسود فن التبوريدة ورقصة أحيدوس.
• الهوامش:
(1) كتاب جماعي، الفرجة والتنوع الثقافي مقاربات متعددة الاختصاصات، ندوة تكريمية لرائد دراسات الفرجة بالمغرب د.حسن المنيعي، مقال محمد صبري، الأشكال التعبيرية في الرقص الأمازيغي بالأطلس المتوسط، ص147.
(2) يونس عبد الحميد، التراث الشعبي، سلسلة كتابك، دار المعارف، العدد91، ص44.
(3) أمرير عمر، أمالو ظلال من الفنون الشعبية المغربية، مطابع دار الكتاب، الدار البيضاء، 1398- 1978، ص62.
(4) يونس عبدالحميد، مرجع سابق، ص44.
(5) أمرير عمر، مرجع سابق، ص62.