سهام أبو عواد
روائية فلسطينية مقيمة في الأردن
النَصّ الفائز مناصفة بالجائزة الثانية لمسابقة وزارة الثقافة كُلّ مُرّ سيمُرّ "كتابة اليوميات في زمن كورونا"
كم هو غريبٌ أن تخرجَ إلى شوارع اللويبدة التي اعتادت زحام أقدام الناس وضحكاتهم فلا تجدها، ولا تجدهم! شبّاك بيتي تحوّل فجأة إلى إطلالة على مسرح الشارع، عَرَضَ أمامي مشهدًا كنتُ الغريبة الوحيدة فيه، وكأنَّني لم أعش آخر عقدٍ من عمري في بيوتها وأزقّتها، كأنني لم أرَ منها ما هو أبعد من قمّة الأنف. ربَّما عرفتُ شوارعها ومقاهيها وبيوتها؛ لكنّي ما دخلتُ سوى بعضٍ منها لزيارةٍ أو عمل. حتى هذا الشبّاك (أقصد شبّاك بيتي الوحيد) لم يخطر ببالي ما كان يُفضي إليه لو أنني في يوم ما أشرعتُ له مصراعيه! كنتُ أعتقد بأنَّ النَّظر إلى الخارج يسبِّب القلق لروّاد الشارع. الآن، وبعد انطلاق صافرة الإنذار، صار كل شيء مختلفًا، وما كان عاديًّا ومكدّسًا لسنوات أمام عينيّ صار أكثر من مجرَّد لوحات طبيعيّة ناطقة ومتحرِّكة. سطح بيت الجيران وما عليه من أشياء؛ كرسيٌ بثلاث أرجل، خزّان ماء مثقوب، بقايا طائرات ورقيّة فقدت خيْطَها الموصول بأصابع طفل ما، فاستقرَّت فوق قضبان الحديد لتعودَ وتنخزها أصابع الريح دون جدوى، شبابيك الحكايات، شرفات لم أنتبه كيف تحوَّلَت إلى حدائق معلَّقة. البيت المهجور من الخارج، كان في الحقيقة على غير ذلك، لأنَّ الستارة وشَت بشخصٍ كان يستتر فيها دون علم أصحابه، لذا وضعتُ ألف سيناريو لاحتمالات كثيرة حول الشخص الغريب. المتسلّلون ليلًا ونهارًا أثناء ساعات الحَظْر؛ كشفوا طبيعة الجيران الذين ما اعتقدتُ يومًا بأنهم يسكنون حارتنا، بدأ الناس يفتحون نوافذهم دون خوف من نظرات العابرين، صاروا يصعدون إلى أسطح البيوت، ويلقون التحيّة وبعض الأخبار العاجلة عبر تلويحة أو إشارة، حتى إنَّ إحدى النسوة دفعت بأحد أبنائها وهو يحمل طبقًا مغطّىً ليوصله إلى عمارة مجاورة، فيما تقفُ هي في شرفتها تراقب الطريق، تكرَّر المشهد، ليعودَ الصبيّ في كل مرَّة وفي يده صرّة صغيرة من تبغ النرجيلة، أو بعض السجائر. ولشدَّة قرب شبّاكي من الشارع؛ كنتُ قادرة على رؤية يد الصبيّ، وربَّما عدد السجائر المُستعارة. لم تعُد البيوت مبهمة ومغلقة، فالشبابيك والأبواب المغلقة؛ فَتَحَها حظْر التّجوال، ومنحَ الحارة دعوة مجانيّة للّقاء، والمقاهي التي كانت تقدِّم القهوة المدفوعة الثمن، أُغلقت حين أمسى فنجان القهوة مجانيًّا بين أبناء الحارة الواحدة، وتحوّلت ساحات البيوت إلى مضافات مؤقّتة. بدأتُ أنتبه عند كل مساء بأنَّ جمهور المسرح يتبدّل باستمرار، وأدركتُ سرَّ ذلك، فمعظم الضيوف كانوا يتنقّلون ومقاعدهم البلاستيكيّة بجعبتهم ليتسنّى لهم الجلوس أينما وجدوا تجمُّعًا جديدًا.
الشبابيك هي المساحات الممزوعة من بدن الحائط، ومُحال أن يَفيدَ منها الكفيف إلّا انتعاشًا بنسمةٍ عابرة، وهذه الجائحة أبدت لي كم كنتُ شفيفةً كفيفةً، وكم أعلَمتْني عنّي ما لم أكُن أعلمه، فعلى الرّغم من امتلاكي لعينين واسعتين وذاكرةٍ تجيد استحضار معالم الآخرين؛ إلّا أنّني وللمرّة الأولى أتعرّف على دواخل نفسي، وأسأل: "هل كنتُ أحتاج إلى كل هذا الاعتقال الجبريّ لأحرِّر مكنوناتي؟ ولأتجوّل أكثر داخل مساحات الوقت؟ وأن أضبط منبّهات التعب والإرهاق في جسدي؟ وماذا عن الأكل والشرب والنوم، والعيش في زمنٍ ممزوجٍ بمزاج ومواقيت الآخرين؟"، أدركتُ أخيرًا أنني لستُ شخصًا افتراضيًّا، ولم أُخلق كي أتوزَّع في مجازات خَلَقَها عقلي الروائيّ.
يبدأ اليوم وكأنَّ الوقت لي وحدي، والتقويم لي وحدي، كأنَّ المدى، ما عاد فيه إلّاي. قناة المملكة، تذيع أخبارها على مدى الوقت، وقد صارت لي نافذةً جديدة.
قسرًا، أسترقُ السّمع لبيت جارنا الحادّ المزاج، لم أنتبه قبلًا لصوتِه الجهوريّ، لم أكترث لحديثه الحادّ مع زوجته، فقبل الحَجْر، كنتُ أبدأ الصباح كما أبدأه الآن تمامًا، أمدُّ يدي لأسكِتَ المنبِّه، أدري أنه سيفزعني بأجراسه في الثامنة صباحًا، وأدري أنني لن أخرج، وأنَّ أحدًا لن يدقَّ الباب، وأنَّ كل الأشياء تبدَّلت عدا فنجان القهوة، بالتأكيد كنتُ سأترك النوم لأنَّ منبِّه القهوة صار جزءًا من جسدي، أمّا الفارق الوحيد فهو في ترتيب الأشياء، سوف أمدُّ يدي أسكت منبِّهي، أجهِّز قهوتي وأجهز عليها، أنظر في ساعة الهاتف، أتأنَّق لمشواري الصباحيّ والذي لن يتعدّى الدكّان، سوف أخرج لألقي التحيّة على شارعي، على المقهى الذي يستوقفني، لا بل غالبًا ما أقف، أتذكَّر هذه الكلمات: (إنْ أعادوا لك المقاهي، مَن يعيد لك الرفاق؟) أحيانًا أبكي، ولشدّة قهري أعود أدراجي، تخيفني الأيّام المبهمة، يخيفني الشوق المجهول، فكرة علم الغيب، فهل يعود الماضي، على الرغم من أنَّنا نحلم بالمستقبل؟
أعود، فأستتر بممارسة الكسل من جديد، نوم وسط نهار مغلق، لا شيء يتبدَّل، سوى صفحات الرِّوايات التي أطويها وقد عشتُ كلّ حرف قرأته، أبدِّل طاولتي، أفتح حاسوبي وأبدأ بكتابة أسطر وصفحات في روايتي الجديدة (دمى لقيطة)؛ الضوضاء داخل النص، وقع أقدام الحاضرين، أبواق السيارات، هموم أبطالها، كل هذا محشور داخل رأسي، ورأس الجهاز، يتجوَّلون بحريّة، يغادرون، يسافرون، يعودون، يتسوّقون، تدخل البطلة في ليلة زفافها، وقد احتشد الجمع خارجًا..... ياه، النص أكثر حياةً من كاتِبِه.
بيتي صغير جدًا، أشيائي قليلة هي لا تحتاج إلى الكثير من الوقت، حتى أرتِّبها. قد اتناول، بعض الطعام، وهذا لا يأخذ منّي الكثير من الوقت، ما زال هناك ساعات ثلاث حتى تحين السادسة، أظنني سوف أخرج للشارع مجدَّدًا، في طريقي، ألمح فتاة صغيرة تحمل الورد تتقدَّم من رجل يسير وحده، تعرض ابتسامتها وهي تمدّ إليه بوردة، المشهد صامت جدًا، أظنّه يتجهّم، لا هو كذلك، فتجدِّد ابتسامتها، كأنَّها قالت، كي تحثّه على الشراء: "يا سيّدي أنا لا أبيع الورد أنا أشتري ابتسامتك".
خطوات قليلة من هذا المشهد، أنتبه على يساري إلى محلّ "عتيق"؛ كل هذه الأشياء المستعملة، لا يستعملها أحد الآن، كأنّها صارت حكايات مستعملة، جُمعت من بيوت الأثرياء، اجتمعت حكايات كثيرة، لم تلتقِ سوى هنا في محلّ "عتيق"، أنتبهُ لتمثال باذخ، رجل طاعن بالسن، الغريب أنه ليس خائفًا من العدوى، لا يرتدي كمّامته، وقف منهكًا، أظنُّ أنه لقّم بندقيّته بوردة، أطلقها نحو الماضي وغادر التقويم. أبتسم له، أرفع كمّامتي قليلًا كتحيّة وأغادر أيضًا، أواصل طريقي، وأنا أشاهد صفًّا من الألوان على جانبي الشارع، أناس اصطفّوا بالدَّوْر أمام المحلّات التجاريّة، أحدّق في معظمهم، تراودني أسئلة تمنّيتُ أن يجيبني عنها كل واحد منهم، تُرى ما الذي تغيَّر في حياتهم، كم من خطط تبدَّلَت ووقفت على الدَّوْر مثلهم؟ كم شخصًا من هؤلاء، نهض من نومه ذات صباح ليجد أنَّ كلَّ برامجه صارت مؤجَّلة.... هل تحوَّل تاريخ كل يوم إلى تاريخ العام 2020 فقط لشدَّة تشابُه الأيّام؟
أعود من حيث بدأت وموعد الصافرة يقترب، ولا أحمل في رأسي لهذا اليوم سوى ما قال عليه أفضل الصلاة والسلام، سيدنا محمد لصاحبه في الغار: (لا تحزن إنَّ الله معنا).
***
بعد ما يقارب الشهر، سمحت السلطات بتخفيف جزئي للحَظْر، ثم توالى شيئًا فشيئًا، لذا قرّرتُ أن أخرجَ للتجوُّل في أنحاء المكان، أخذتُ دفتري وقلمي ولم أكُن أعلم أنهما كلُّ ما أحتاجه الآن.
على الرّغم من برودة الطقس، إلا أنَّ فكرة الحريّة موقوته... قبل السادسة يجب على الجميع العودة إلى منازلهم، وبما أنَّ قاع المدينة هو أقربُ البعيدِ إليَّ؛ مشيتُ إلى هناك. اقتربتُ من مبنى مستشفى "لوزميلا" القابع في نهاية اللويبدة منذ زمن، وسلكتُ الطريق المحاذية له لأهبط من الدَّرَج العريض المؤدّي إلى "دارة خالد شومان"، هذا الدَّرَج هو الأكثر قربًا للهابطين من اللويبدة إلى وسط البلد ولِمَن لا يملكون تصريحًا خاصًّا للتجوُّل بالسيارات. كانت العتبات خالية مِن لهاث الصاعدين إلى الدَّارة من السائحين، ولم يصادفني عاشقان يستظلّان بفكرة الأمان على عتبات مخبّأة بين جدارين! مَن الذي كشَّ العشاق عن هذه العتبات؟ أظنّه الخوف من الوباء اللّعين، أشعر بأنَّ هذا الوباء صار أشد سطوة من ألسنة الوشاة. يُسْلِّمكَ الدَّرَج إلى شارع مكتظّ بالسيارات الواقفات، يركضُ بكَ نزولًا إلى دَرَج "الكلحة" الشهير. حسبتُ وأنا على أوَّل العتبات بأنني وقعتُ أسيرة الرائحة التي كانت تشدّني في الصيف والشتاء، إنها قطائف "أبوعلي" الشهيّة، لكنّني كنتُ واهمةً... إنَّها مجرَّد رائحة الذكرى، باب الدكّان الأزرق الصغير موصد تمامًا، وكلُّ ما تلاه كان موصدًا... تُرى أين خبَّأت عمّان ألوانها وأصواتها؟ هل فعلَت هذا عمدًا كي نرسلَ أنوفنا في طلب روائحها؟ هل صمتت لتَسْمَعنا من جديد، أم صمتت كي نستمع إلى شكواها وأنينها؟
ربَّما تريد لنا أن نتعلّم درسًا في كسر بعض عاداتنا السيّئة، أو ربَّما تريد تجديد عادات تليق بنا كي ننجو ممّا هو قادم، أظنُّ أنَّ الأرض قرأت في كفِّنا ما لم نعلمه، عرَّافة الخوف قرأت خطوط شوارعها وقالت: "انتبهي لأولادك"، فعاقبتنا عقاب الأمِّ لطفلها كي لا يعبث بالنار أكثر. وأضافت: "السماء استغاثت بالأرض".
قبيل انتهاء الدَّرَج؛ ابتعدتُ قليلًا كي لا أحترق بفحم النرجيلة المتّقد في كانون رجل المقهى الأسمر، اقتربتُ... لكنه لم يكُن هناك، لم أسمع خوار النّراجيل الخارج من مقهى "ذكريات البلد"، سمعتُ الهواء يصفِّر من شقٍّ صغيرٍ بين باب المقهى والحائط، كأنَّ الجنيّات احتللن المكان. لا شيء سوى رجع الريح في المكان، كل شيء مغلق... المقهى، البريد، الحلّاق، ودار النشر هناك... وصلتُ أخيرًا نهاية الدَّرَج، جميعها بدت كأنها جدران جاهزة للرَّسم، وددتُ لو استللتُ فرشاة الرَّسم من جفوني وفتحتُ تلك الأبواب، وحرَّرتُ المناديل والعباءات والأقدام والسيقان... والحياة.
ما أبشع الصَّمت في الأماكن التي تعوَّدت الضَّجيج! لكنَّ عزائي الوحيد أنني أحبُّ هذه البلاد، وأفعل أيّ شيء كي تبقى معافاة، لا أريد تمجيدها بعد موتها كما نفعل مع العظماء، أريدُ لها المجد والحياة.
كان قاع المدينة فارغًا إلّا من الجنود القائمين على مراقبة وسلامة العابرين... عدتُ أدراجي، وعدتُ أسترق السّمع لأحاديث الشبابيك والشرفات، كانت البيوت تتحدّث بأكثر من لغة، أصوات ساكنيها تشي بكلِّ شيء، لم يحدث هذا من قبل، بين بيتٍ وبيتٍ كانت تتدحرج كلمة "كورونا"، لقد دخَلَت هذه الكلمة اللّعينة إلى كل مفرداتنا، أطباقنا، ملابسنا الشخصيّة، حقائب السفر، تذاكر العودة، لقمة الخبز، علّاقة مفاتيح السيارة، سلّة القمامة، مقبض الباب، مدارس الأطفال، جامعاتنا، دور العبادة، مشفى الولادة... كما أنّها نصبت شراكها حول جذورنا، حول مَن كانت الجنّة تحت أقدامهنَّ، يا الله!
وصلتُ قمَّة اللويبدة، "دوّار باريس" تحديدًا، كنتُ محظوظة جدًا إذ وجدتُ مقعدًا فارغًا غير مكترث بالظلّ، قدَّمَتْه السماء مجانًا، بلونٍ فضيّ تارة، وأخرى ذهبيّ.
- هل أنتِ من هؤلاء؟
خاطبني رجلٌ يجلس على المقعد المقابل، رفعتُ رأسي مستغربة السؤال، مندهشةً مبتسمة وأنا أجيب:
- ممَّن؟
- مَن يسجِّلون الأسماء؟
- أيّة أسماء؟
- هؤلاء، أقصد العمّال.
- أتقصد عمّال المياومة؟
- أجل، أجل، هذه، فأنا لم أسجِّل لأنّي لا أعرف كيف ألفظ هذه الكلمة (المياومة)، كما أخبرني أحدهم أنَّ التسجيل يكون عبْر الهاتف المحمول، أليس كذلك؟
- جيد، فلماذا لم تسجِّل إذًا؟ أنا معكَ بأنَّ لفظَها صعبٌ ومضحكٌ حتى، لكن عبْر الهاتف لا يجب عليكَ لفظها، ما عليك إلّا أنْ تكتبَ معلوماتك فقط.
يضحك، ثم يضيف وهو يقترب من مقعدي:
- هل تسمحين لي بالجلوس إلى جانبك، وبالطَّبع على مسافة آمنة..؟
جلسَ وهو يواصل ضحكته.
ضحكتُ، وقلتُ وأنا أعدِّل من جِلستي كي أراه جيدًا:
- أنتَ جلستَ وانتهى الموضوع.
- يا سيدتي أنا لم أسجِّل لأنّي بالكاد أتذكَّر الأحرف.
تنهَّد وأكمل:
- ثم إنّني لا أملك هاتفًا، وغير هذا أنا لا أحبُّ أن أتعب الناس معي.
عيناه المتعبتان، تجيدان الوشاية بحاله، الشُّقوق في يديه كأنّها أثلام أيام من التعب، أصابعه معاول بدت مهترئة، لذا غرسها في جيبه حين انتبه لي وأنا أحدِّق بها.
- بالمناسبة، أنا اسمي سهام، وأنتَ؟
- أنا....؟
يصمت قليلًا وهو يدير لي ظهره: "أنا الأحدب، اسمي الأحدب".
- اسمك "أحدب"؟ لكن هذا ليس اسمًا! يا أستاذ "أحدب".
- هذا حالي، والاسم يليق بشكلي، أخشى إذا ناديتِني بعد كل هذه الأعوام باسمي لا أعرفُني.
ويضحك كما يبدو من دغدغة القهر الجاثم على ظهره.
- ماذا تعمل يا أستاذ "أحدب"؟
ينظر إليّ مستغربًا:
- أستاذ مرَّة واحده؟
يرتِّب ياقة قميصه: "أعمل عتالًا".
أتردَّد في سؤاله، لكنّني أتابع: "ألا تزعجكَ هذه الحدبة؟ أقصد حين تحمل الأشياء؟".
يبتسم: "هذه هي الأشياء التي أعتلها".
- لا أفهم قصدك؟
- أقصد هذه خلَقَتْها لي الأشياء التي عتلتُها في حياتي، هل تعلمين متى كبرَتْ إلى هذا الحدّ؟ حين سمعتُ أنَّ الكثير من اللاجئين هربوا نحو البلد، فذهبتُ ألقِّط رزقي من الحدود، ظننتُ أنَّ اللاجئين لا بدَّ لديهم حقائب كثيرة وقد أعينهم وألقِّط بعض الرزق، لكن لم تكن الحقائب الكثيرة، بل كبار السن، فكل ذي مرض أو مُسنّ حملتُه على ظهري كانت حدبتي تكبر معه قليلًا، انظري تكاد الآن تغطّي كل جسدي مع ازدياد عدد القادمين.
- ألا تفكر في إزالتها؟ أقصد هل يمكن استئصالها؟
ينظر باستهزاء قائلًا:
- هل تريدينني أنْ أستقيمَ فأنكسر؟
يضحك بصدق، يضحك جدًا.
بعض عيوبنا مع الوقت تصبح صفة لنا، وإنْ حاولنا التخلُّص منها، إلّا أنَّها تلتصق فينا رغمًا عنّا.
يُضيف بمنطق الكنغر، حين يقفز من حديث لآخر:
- هل تعلمين، الرفاهيّة البسيطة، كم تسعدني؟
أبتسم: "ماذا تقصد؟".
- حين أعتلُ أشياء؛ بالذات قطع أثاث، وغالبًا ما تكون بحالة جيدة جدًا، من بيوت الأغنياء، وألقيها بجانب الحاوية، أضعها برفق، لأنني أعلم أنَّ شخصًا ما سيلتقطها وكأنها هديّة من السماء، أترك تلك الأشياء، وفي بعض الأحيان أراقبها حتى يأتي مَن أظنُّ أنه بحاجتها، هل تصدِّقين، مع الوقت أصبحتُ أعرف بالضَّبط ما يحتاجه الفقير، وما لا يحتاجه الغنيّ، حتى إنني كثيرًا ما كنتُ أنقل أشياءً مسافات طويلة على رأسي، أتركها بالقرب من بيت أحدهم دون أن يراني.....
يعود لضحكته: "أتصدَّق بالتَّعب فقط، التَّعب أيضًا صدقة جارية، فهذا كلُّ ما أملك؛ قوَّتي فقط"،.يمسح شدقيه، ويسألني: "كم الساعة الآن؟".
- أليس لديك ساعة أيضًا؟
"لا أحتاجها، فالوقت عندي ليل، ونهار، برد، وشتاء"، يضحك: "وهنالك فصلان زائدان، قد قسمتهما بين الشتاء والصيف".
- أنتِ زوجي أم فردي؟
فأجيبه مبتسمة:
- أنا لا هذا ولا ذاك. لا أملك سيارة.
- إذًا سوف أبحث عن شخص غيركِ أنتِ لا تفيدينني في هذا، لا تملكين سيارة، أنا أصبحتُ أحفظ أرقام سيارات الحيّ، وأقسمها على أيام الأسبوع لأعرف مَن سيقلّني إلى جني رزقي.
"هل تعلمين يا سهام؟"، قالها دون تكلُّف أو حواجز: "لقد غيَّر الإغلاق من حال الناس".
- كيف يا أستاذ "أحدب"؟
قبل أن أجيبك، "هل سجّلتِ؟".
- ماذا؟ آه تقصد بخصوص المياومة؟
- أجل، وسجِّلي أيضًا أنا عربي.
طلب غريب لم يضحكني بقدر ما هزّني: "هل تحفظ قصيدة محمود درويش؟".
- لا، لا، أقصد كان الجميع قبل الكورونا يتمنون الرحيل عن بلاد العرب إلى بلاد الغرب، وتبدَّلت الحال الآن....
نظرتُ عميقًا في وجه "أحدب" والحيرة تغتالني، كيف لهذا البسيط أن يكون بهذا العمق؟ ترى لولا هذا الحصار هل كنتُ سأكتشف "أحدب"؟
- متزوِّج يا "أحدب"؟
- لا أنا أعزل.....
ويْلي من هذا الرجل، سهلٌ ممتنع، يرجمني بكلمات تأتي كالصاعقة، ولا أدري إن كان يعنيها.
- غريب أمرك يا "أحدب"؟
- لمَ يا سهام؟ لمَ يا صديقتي؟
أبتسمُ فقد صار صديقي، عفوًا أنا أصبحتُ صديقته.
- قُل لي كيف غيَّرَت كورونا الناس؟
- غيَّرتني أنا، ألا يكفي؟
هل تعلمين كم كنتُ أكره ارتداء أسناني الصناعيّة؟ الكمّامة سَتَرَت فمي المهجور.
أنتبهُ لفمه المهجور.
أصمت لأترك لهذا الأحدب كلّ الحديث، أكتفي بالإيماء ليُكمل.
- هل تعلمين يا سهام يا صديقتي؟ حين أسمع صافرة الإنذار أشعر بالحريّة، أظنُّ أنَّ الجميع مثلي، تشعر أنكَ تركتَ كلَّ حدباتكَ على عتبة الدار، وأنكَ الآن عائدٌ إلى نفسك، لن يزعجكَ أحد، لديكَ الوقت الكافي لتفعل كل أمورك المؤجّلة، لتفتح الشبّاك وتنام نومًا عميقًا، فلن تمرّ سيّارة خضار، ولا غاز، ولن تصعقكَ كرة عابرة للحارات، يتقاذفها أبناء الحيّ. أنتَ ملكك.
يصمت، ينظر إلى وجهي، يريد أن يختبر انتباهي، وحين يجدني منصتةً يتابع:
- هل تعلمين يا صديقتي العزيزة؟
أبتسم.. فقد أصبحتُ عزيزةً، ربَّما لأنني الشخص الوحيد الذي ينصت له منذ أعوام، فأجيب: "لا أعلم، أخبرني ماذا؟".
- أنا لا أعمل عتّالًا فقط، في الحقيقة أعمل في كل شيء، قبل الكورونا، كنتُ أنظف حدائق بيوت عمّان الغربيّة، أصبحتُ مشهورًا هناك.
يحاول مدَّ يده إلى ظهره قائلًا:
- بفضلِها أصبح لي شُهرة، ولا أخفي عنكِ؛ شفقة بعضهم جعلتهم يختارونني دونًا عن باقي العمّال، ومع الوقت صاروا زبائني.
يُضحكني كيف ينسبهم لنفسه.
- هل تعلمين؟ بعض تلك البيوت، كنتُ أظنُّ أنَّ ساكنيها غير موجودين في البلد، لكن اكتشفتُ أنَّها تعجُّ بالناس، أحيانًا أستغرب من كثرة الناس، أين كان كل هؤلاء؟ أظن يا صديقتي....
توقَّف عن الكلام وراح يبكي، هزَّني بكاؤه.
- ما بكَ؟ هل حدث شيء؟ هل أزعجك أحد مالكي تلك البيوت؟
- بل اسمعي صوت المؤذِّن، بيت الله مَن يؤلمني، صلّوا في بيوتكم، صلّوا في.....
كان لا بدَّ من أن أخشع أمام دمعه، لا أشفق عليه، لكن خطر ببالي شيء آخر، حين تذكّرتُ نفسي... ترى كل هؤلاء الذين كتبتُ عنهم في رواياتي؛ كل الأبطال هناك، هل كانوا كالأحدب؟ هل كتبتُهُم كما أراهم، أم كما أراني؟ هل كنتُ بطلة قصة أحدهم؟ هل عرف عنّي ما لم أعرف؟ أيّ ثوب ألبسني؟ إذا كان الحيّ كلّه، بل كل البلد كان لها وجهٌ آخر، فكيف جزمتُ أنّني كتبتُ عنهم كما يجب أن يُكتب؟
- أعتذر منكِ يا سيدتي، ما كان عليّ أن أبكي، بالمناسة اسمي "سلامة" إن كنتِ ما زلتِ مهتمّة باسمي، وقد درستُ في الكليّة لمدة عام واحد، كنتُ أتمنى أن أدرس الطب، والهندسة، واللغة العربية، والمساحة والطب البيطري، وكل شيء كي أجيد ما أجيده الآن... كل شيء. غير أنَّ هذه الحدبة اللعينة، على ما يبدو قطعت رزق عقلي من بلوغ مبتغاه، وحتى من الزواج، فمَن هي التي ستقترن بمَن كان مثلي، أظنها ستقول: "لن أجد مكانًا لأضع عليه أحمالي، فكتف هذا الأحدب مكتظّة"، لكنَّ النساء لا يعلمن، هنَّ لا يعرفن كم قلبي كبير، وكم يمكنه أن يحتمل ويحمل.
عاد لضحكته الحمراء، فقد بدا فمه أحمر حين يضحك، مضيفًا: "أنتِ لستِ بالطبع "مُخبر"؟ صحيح؟ المُخبر لا يحمل ورقة وقلم؟ لم ألتقِ بامرأة "مُخبر" من قبل؟ وعلى الأكيد لستِ مدرِّسة، ففي هذه الأيام سمعتُ أنَّ الدفتر صار شاشة هاتف. سبحان الله، ولا أظنكِ صحفيّة، فالمكان هادئ جدًا لصحفي، ربّما أنكِ روائيّة، أو لماذا لا أعتقد أنكِ اشتريتِ هذا الدفتر لابنك، وحين شعرتِ بالتعب جلستِ لترتاحي، فابتليتِ بي". يواصل الضحك.....
- بالمناسبة، تلك الكلمة لا أستطيع لفظَها فقط لأنّني بلا أسنان، فأنا لا أستطيع زمّ فمي كما ينبغي! لكنّني لم أسجِّل في ذلك البرنامج، قلتُ لنفسي ربّما أنَّ آخر يحتاج تلك النقود القليلة أكثر منّي، فما قلتُه عن تلك الكلمة التي حقًا لا أجيدُ لفظَها كان مجرّد حيلة كي أوقع بكِ فتواصلين الجلوس والحديث معي. أحسستُ بأنكِ تشعرين بالضَّجر مثلي، أو كي أكون صادقًا؛ كان كمينًا لشخص مثقف، فالمثقفون يفهمون غايتي من الكلام، وأنا منذ أعوام لم أجد مَن يفهم غايتي، يحكم الناس على شكلي حتى من بعيد، ولكثرة ما نعتوني بالأبله أظنني صرت أبلهًا.
- ماذا أيضًا؟ أخبرني أكثر عن الدنيا يا "سلامة".
ينظر بغضب:
- لا تنادِني "سلامة"، أنا فقط أخبرتكِ به بسبب العيش والملح بيننا، لأجل صداقتنا... فقط.
ويْلي من هذا الكائن الغريب، كيف ولَّد هذه العشرة، كيف اختزل جهلي في تجربة واحدة، كأنَّ الدنيا تمرُّ من قربي ولا أراها.
- قُل لي يا "أحدب"، أخبرني أكثر عن كل ما يدور أثناء الحظر...
يجيب وكأنه يتجاهلني:
- أتمنى أن يطلقوا برنامجًا إذاعيًّا تحت اسم "ما يطلبه المحجورون".
ينظر إلي، فتكمل عيناه السؤال؛ "ترى ماذا تطلبين، يا سهام؟".
- ماذا تطلب أنتَ؟ إنه برنامجك.
- سوف أطلب أن تبقى المودّة بين الناس كما هي الآن في أيام الحجر، وأن تبقى السيارات زوجي وفردي، وأن لا أرى أطنان الخبز ملقاة في القمامة، فأنا أصبحتُ أراقب ما يلقيه الناس في القمامة، لم تعُد مثل السابق، أصبح الناس ينتبهون لكلّ شيء، لم يعُد التخلُّص من بقايا الطعام كما كان سابقًا، تعلّموا احترام المسافة، تعرّفوا على جيرانهم، انتبهوا لأفراد أسرتهم. لقد عاد الناس إلى رشدهم، أو على الأقل أكثر الناس.
سوف أطلب، أن يظهر المسؤول على شاشة التلفاز، ليجيبَ عن أسئلة الناس ويتواصل معهم.
أن تبقى فكرة البصمة مُبهمة، فالقفّازات جعلت الكل سواسية؛ لم تترك لشخص واحد أن يدَّعي أنه السَّبب في عمار هذا البلد، فكل البصمات متشابهة.
يقاطع الحديث كعادته بضحكة: "هل تعتقدين أنها الكاميرا الخفيّة؟؟".
يضحكني هذا، بل أتورَّط في ضحكة توشك أن تبكيني.
- ويْلي منكَ يا "أحدب"، كيف خطر لكَ هذا؟ تخيَّل أنَّ العالم بأسره، يخضع لمقلب الكاميرا الخفية؟!!
أضحكُ أكثر، يبتسمُ لضحكتي، أحسستُ أنه انتصر عليّ حين جعلني أضحكك بهذا الشكل المجنون، فحين خرجتُ من بيتي، حسبتُ حساب كل شيء، إلّا أن أضحك بهذا الشكل، فهل حقًّا أضحكتني كلماته؟ أم أنّني كنتُ أحتاج إلى عذر كي أفعلها؟ وكأنّها خطيئة. لمَ فكّرتُ بانتصارِه؟ هل كان خصمًا منذ البداية؟ أيّ نوع من الخصوم؟ هل أحسده على حياة اللامبالاة هذه؟ أم ماذا؟
يزجُّ كلامه داخل ضحكتي، قائلًا: "كلّما أسعدتُ شخصًا ما أشعر أنَّ هذه الحدبة صارت أصغر، ليتَ أنّني أُسعدُ كلَّ الناس"، ثم يكمل:
- لكن بعض الناس لا يحبون السعادة، لا تنظري إليّ مستغربة، فالموضوع شائك، أقصد حين تستهتر بأمر عظيم مثل هذا الوباء، فإنك شخص مجرم وغير مكترث، حتى بنفسك، أجل، أجل، لا تعتقدي أنّني مجنون، لقد رأيتُ أمثلة كثيرة على أناس كانوا يعتبرون الإغلاق ضدّهم، وأنَّ الأمر شخصيّ، وأنَّ الحكومة قاصدة أن تعتقلهم في بيوتهم، وبعضهم كان يلعب لعبة القط والفأر، لم يستوعب هؤلاء أنَّ الموضوع مختلف: لا ألومهم، فالفكرة غريبة على البلد، لكن ما يزعجني؛ لو كان الأمر أكبر من موضوع وباء، ترى هل سنجيد التعامل معه؟
- أجل يا صديقي، ما مرَّ به البلد كان أمرًا عظيمًا، حتى وإن ظهرت بعض التجاوزات، لكن هذا لا يمثِّل الأغلبية. قياسًا ببلاد عظمى كانت بلادنا أكثر نجاحًا وأكثر تطوُّرًا في مواجهة هذا الخطر العظيم، لا مقارنة حتى، نعم يا أحدب سوف أسجِّل أنَّكَ وأنَّني وأنَّنا (عربي) لكن من منظور آخر.
يقفز كعادته في الكلام عائدًا للسؤال:
- وماذا عنكِ يا سهام؟ ماذا ستطلبين؟
- أنا سوف أبعث لكَ بسلامي أينما كنت.
تبتلُّ عيناه بالدُّموع، وهو ينظر لي: "هل حقًا ستفعلين هذا؟".
- نعم، ولمَ لا؟
- أخشى أنكِ سوف تنسينني حين تعود الحياة إلى طبيعتها، حين تعود السماء إلى التلوُّث بالغبار والدخان، وحين تبتلعكِ الفوضى ولا تجدين وقتًا للجلوس على هذا المقعد، لتتّحدثي طويلًا مع أحدب يظنّه الناس أبلهًا.
هل تعلمين يا صديقتي..؟ أثناء منْع التجوال سمعتُ باب بيتي يدقّ في شهر واحد أكثر ممّا حصل في عشرة أعوام، ربّما لا تصدقينني، حتى أثناء المنْع الكلّي، لقد تعرَّفتُ على أبناء حارتنا، بل وأصبحتُ أعرفُ مَن هي الجارة التي تطهو أفضل من الأخرى، أصبحتُ أعرف شكل أطباقهم، أسماءهم وجنسيّاتهم، لم أعُد خائفًا من الموت دون أن يعلم بي أحد.
ربَّما كان مازحًا عندما أكمل:
- ما يقلقني شكل القبر فقط، فأنا أتمنّى أن أحصلَ على قبر يناسب شكلي، أريد أن أرتاح لو بالموت، أريدُ أن أُدفن وأنا مستلقٍ على ظهري كي أستطيع النَّظر إلى فوق، أشتاق يا صديقتي أن أرفعَ رأسي وأنظر إلى فوق، لكن هذه الحدبة اللّعينة، تغلُّ رأسي كلّما حاولت.
يبتسم: "لا يهمّ، أشعر بالرِّضا حين أتذكَّر أنَّ الله لا يشترط أن تنظر إليه في فوقِه كي يراك، هو موجود في كل زاوية، يسمعني وإنْ كان فمي مكمّمًا... لقد تحدَّثتُ كثيرًا وأنتِ لم تتفوّهي بكلمه، هيا أخبريني مَن أنتِ؟".
يضحكني هذا الرجل، أقصد مَن أصبحت صديقته، فأجيبه:
"أنا فنانة تشكيليّة، وروائيّة، أعيش هنا منذ أعوام طويلة"، قاطعني قائلًا:
- هل لديكِ أولاد...؟ أكيد لديكِ عائلة كبيرة.
يبتسم:
- لن تخشي بعد عمر طويل، أن تموتي دون أن ينتبه لموتكِ أحد. بالطبع مَن مثلكِ لديه مَن يكترث لأمره، مَن ينتظره حين يعود، صدِّقيني أنا لا أحسدكِ، بل أنا سعيد لأجلك.
لم أجبه، لكن كان عليَّ أنْ أجيبَ نفسي. لقد تجاوزتُ الخمسين الآن، بنيتُ قصورًا وبيوتًا وحارات، عمَّرتُ أوطانًا، وهدمتُ أخرى، أشعلتُ الحرائق، وأحييتُ أرواحًا وقتلتُ أخرى في روايتي. كنتُ أمًّا، وزوجةً، وأختًا، تخرَّج من صفحات رواياتي ألف ابن، تزوّجوا، وصار لديهم أولاد وأحفاد، قدَّمت ابنتي عروسًا لزوجها، شبكتُ يدي بيدها، ونظرتُ إلى عينيها وهي تغادر بيت العائلة، أمسكتُ بيد زوجي ونحن عائدان إلى بيتنا، لنحيا وحيدين كما بدأنا.
نهض من مكانه وهو يخفي وجهه، ملوّحًا بيده إلى الخلف... ومضى.
أنظر إليه، كان كلما ابتعد بدت حدبتة أصغر، كأنما انفرطت سؤالًا تلو سؤال، وأسأل: هل كان ثوب ابنتي الأبيض سوى هذا الشيب الذي اشتعل في رأسي ولم أنتبه؟ هل حقًا كنتُ أمًّا لصبيٍّ من أبطال رواياتي؟ هل أصبحتُ جدَّة؟ هل غرستُ أشجاري المعمِّرة في أرض مستأجرة؟
كأنَّ هذا الأحدب ورَّثَني إيّاها وغادر، فتحتُ دفتري لكني لم أجد النّص، ابتسمتُ، ورصصتُ دفتري إلى جنبي.... وغادرت.
سهام أبو عواد
6/5/2020