د. حياة الحويك عطية
كاتبة وخبيرة دولية في علوم الاتِّصال والإعلام
شَكَّلَ الفكرُ النقديّ أساس النَّهضة الأوروبيّة، واتَّجه إلى تقديم "البنية" على "التَّكديس"؛ بمعنى توظيف المعارف والتَّجارب لبناء قدرة العقل المنهجيّة على التفكير السليم والمُحاكمة النقديّة الصحيحة، وتقديمها على تكديس المعارف والمعلومات نقلًا وتلقينًا. وأبلغ تعبير على ذلك ما كتبه "مونتني" حول الفرق بين "الرُّؤوس المصنوعة جيّدًا" و"الرُّؤوس المملوءة جدًا"، والذي اختارته الكاتبة عنوانًا لهذه المقالة، لأنَّه يربطنا تمامًا بالشقّ الآخر منها: قضيّة الرَّأي العام.
أجمل تعريف قرأتُه عن الثقافة أنَّها "ما يبقى لدينا بعد أنْ ننسى كلَّ شيء"، ولا يعني ذلك أنَّها مجرَّد إحساس أو قناعة تبقى في الذّهن، وإنَّما كونها بنية منهجيّة وهويّة ذاتيّة مُستبطنة في العقل الباطن لكلِّ إنسان.
وسواء تبنَّينا المفهوم الأوروبي- الفرنسي- الألماني لهذا المصطلح، أم المفهوم الأميركي- الأنجلوساكسوني، فإنَّ كلمة ثقافة لدى الطرفين تعني هذه الهويّة الممنهجة. علمًا بأنَّ مفهومها مستجدّ في الحالين إذْ لا يعود تبنّيه إلّا إلى قرون قليلة من عمر الإنسانية. وذلك ما لا يختلف فيه المعجم العربي.
ففي اللغتين الفرنسية والإنجليزية وسائر اللغات ذات الجذور اللاتينية اشتُقَّت كلمة (culture) في الأساس لتعني الزِّراعة والفِلاحة، ومن ثم أضيف إليها الجذر (Agro) الذي يعني "الماء" لتصبح كلمة مركَّبة (Agriculture) تُميَّز بها الثقافة عن الزراعة، وإنْ كانت تجعل الثانية بذلك واحدة من أصناف الأولى. هذا التَّمييز فرضه التطوُّر الذي طرأ في القرن السادس عشر على المصطلح ليصبح له معنى إضافيًّا هو "تنمية بعض القدرات العقليّة بالتدريب والمران"، ثم لتدلّ بعد ذلك على "مجموع المعارف المُكتسبة التي تمكّن من تنمية روح النقد والقدرة على الحكم". حيث بدأ الجدل بين النظرية البيولوجية ومنتقديها، وصولًا إلى المدرسة النقديّة، ومن ثم مدرسة الدراسات الثقافية (cultural studies).
أمّا في اللغة العربية، فإنَّ مصطلح "ثقافة" قد مَرَّ أيضًا بتحوُّلات مفهوميّة، إذْ يُقال في المعاجم القديمة "يُقال ثقف الولد، إذا صار حاذقًا... وثقف الكلام: حذقه وفهمه بسرعة". وهي بذلك ترتبط بالفطنة والذكاء أكثر ممّا هي بالمعارف، وإن كانت لا تستبعد ضمنًا فكرة التطوُّر والمران، فيما يحيل إلى مقولة أخرى: "ثقف الرّمح إذا قوّمه وسوّاه". حتى وإنْ كانت العبارة الأخيرة لا تمتدّ مباشرة إلى الفعاليّات الذهنيّة ولكنّها قد تتضمَّنها.
ساحة الاختلاف الأساسيّة بين المفهوم الأنجلوساكسوني- الأميركي والمفهوم الأوروبي تكمن في ما يلي: الأوروبيون اعتبروا أنَّ الثقافة هي كما الزراعة؛ غرْس وتدريب وجنْي ثمار، ولكن في حقل الإنسان- الفكر. مع فارق أنَّ الأهمّ في الثقافة هو فعل الإنتاج وآليّته لا الغلّة (الكمّ) بحدِّ ذاتها، ممّا يحيل إلى الكمّ والنّوع. ويعود هذا التطوُّر إلى نشوء الفكر النقدي الذي شكَّل أساس النهضة الأوروبية، والذي اتَّجه إلى تقديم البنية على التَّكديس: توظيف المعارف والتجارب لبناء قدرة العقل المنهجية على التفكير السليم والمحاكمة النقدية الصحيحة، على تكديس المعارف والمعلومات نقلًا وتلقينًا. وأبلغ تعبير على ذلك ما كتبه "مونتني" Montaigne حول الفرق بين "الرؤوس المصنوعة جيدًا" و"الرؤوس المملوءة جدًا". والذي اخترناه عنوانًا لهذه المقالة، لأنَّه يربطنا تمامًا بالشق الآخر منها: قضيّة الرأي العام.
أمّا لدى الأنجلوساكسون، فإنَّ تحديد المصطلح خضع لأمرين متعاقبين: أوّلًا تأثير مفاهيم علماء الأنثروبولوجيا، وثانيهما تأثير اليسار الجديد النقدي عبر ثورة مدرسة الدراسات الثقافية في بريطانيا التي قضت على سلَّم التصنيف الطبقي للثقافة (هابطة رديئة وراقية)، خاصة مع كتاب "ريتشارد هوغارت" (استعمالات الثقافة) الذي تُرجم إلى الفرنسيّة تحت عنوان (ثقافة الفقير)(*). وبحيث أصبح مفهوم الثقافة أقلّ نخبوية وقصدية ومنهجة، بل ذهب إلى العفويّة التي تشكِّل حياة الناس في مجتمع معيَّن بالمعنى السوسيولوجي للكلمة، لتصبح "ذلك المركَّب الكلّي الذي يتضمَّن المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين والعادات وأيّ قدرات وخصال يكتسبها الإنسان نتيجة وجوده عضوًا في مجتمع". كما يقول "تايلور". إنَّها ليست البناء الفكري حسب، بل إنَّها أيضًا السلوك الفردي والمجتمعي وما يرتبط بهما من تقاليد وأعراف وقيم. وقد يُضاف إلى ذاك كلّه أدوات العمل والإنتاج.
وهنا تجدر بنا الإشارة الدقيقة إلى أنَّ هذا المفهوم الذي تبلور يساريًّا في بريطانيا مع الدِّراسات الثقافيّة واتَّخذ إسقاطات معيَّنة لم يلبث أنْ تمَّ توظيفه يمينيًّا في الولايات المتحدة مع مدرسة شيكاغو التجريبيّة الوظيفيّة. على الرّغم من وجود مدارس يساريّة تمَّ تهميشها هناك.
ننتقل إلى الرأي العام، لنبدأ أيضًا بمقاربة لغويّة: الفعل "ارتأى" يعني خيارًا عقليًّا نقديًّا قاد إلى خيار محدَّد، ويحمل في مضمره معنى الانتقال إلى الفعل أو على الأقل التعبير لصالح هذا الخيار. إذن لا يمكن أنْ يُعتبر كل تجمُّع شرائحي، مهما بلغ اتِّساع رقعته، "رأيًا عامًّا"، وإنَّما "جَوًّا عامًّا"، "مَيْلًا عامًّا" إلخ. في علوم الاجتماع يقترن مفهوم الرأي العام بمفهومين آخرين: الفضاء العام والساحة العامة (public space -public sphere - public opinion)، بتبسيط شديد نذهب إلى أنَّ البدء يجب أن يكون بالساحة العامة، ولا يخفى هنا أنَّ كلمة الساحة مأخوذة من الإرث اليوناني، الذي يقع في أساس الحضارة الأوروبية وفي أساس تشكُّل مفهوم الديمقراطية وممارستها يوم بدأ الجدل الفكري العام يتمُّ في الساحة العامة في أثينا. (public debate) من هنا فإنَّ نقطة الانطلاق الأساسيّة الأولى تكمن في شرطين متلازمين: الجدل الفكري (أو ما يُعبَّر عنه بالصِّراع الفكري) العقلاني والحريّة. وتتحوَّل الساحة العامة لتشمل المدرسة والإعلام وسائر مجمّعات العمل العام؛ أي كلّ ما يشكِّل ساحة عامة، بخاصة وسائل الاتصال الجماهيري التي تشمل الكل. بحيث يؤدّي هذا الجدل العام على الساحة العامة إلى تشكُّل فضاء عام، يؤدّي في النهاية إلى تشكيل رأي عام بالمعنى الحقيقي للكلمة: أي التجمُّع العريض الذي تربطه مواقف فكريّة عقلانيّة نقديّة من القضايا المطروحة ويتنامى ليشكِّل ضغطًا ديمقراطيًّا باتِّجاه تطبيق رؤيته أو تغليبها.
هنا نعود إلى واقع وتاريخ المدارس التي طبعت هذا المنطق وإلى واقع وإمكانيّة تطبيقها في بلادنا.
بالبناء على الفهم المُختلف للثقافة اختلفت تاريخيًّا ومكانيًّا الرُّؤية إلى "الرأي العام"، خاصة في مدارس ونظريات الاتِّصال. فعندما نقول مكانيًّا نعني الاختلاف بين المدرسة الأميركية والمدارس الأوروبية. ولأنَّنا وللأسف كُنّا متلقّين للفكر فإنَّ هذا التوجُّه أو ذاك قد وَجَدا مكانهما على ساحاتنا، لتغلب الرُّؤية التشييئيّة مع انتصار النيوليبرالية عالميًّا وعلينا بشكل خاص.
فإذا كانت أوروبا قد تجاوزت المدرسة البيولوجية منذ القرن التاسع عشر، فإنَّ المدرسة الأميركية بدأت بها مع "إيزرا بارك" ومدرسة شيكاغو. ذاك أنَّ الهَمَّ كان مختلفًا تمامًا، فالأوروبي كان يبحث في تفسير السُّلطة وتبرير الاستعمار القديم بمفاهيم كثيرة منها تراتبية الأعراق، ومن ثم في صراع مدارس فكريّة طرحت نفسها بديلًا للحروب الدينية، وإشكالات الثورة الصناعية. فيما كان الأميركي يبحث في تحقيق الاندماج بين الأعراق المُهاجرة التي لم تشكِّل مدينة بعد، ومن ثمّ انتقل إلى خدمة السياسات في معارك الانتخابات والحروب (الدِّعاية السياسية والاستطلاعات وقياس وتحليل الجمهور والحرب النفسية) وإلى خدمة الشركات. وفيما كان الأوروبيون يغوصون في النقاش حول مجتمع الحشود أو مجتمع الجماهير الواعية وحول الحُكم المركزي السلطوي أو حُكم الجمهور وصولًا إلى دوْر الأحياء العمّالية وبروز دور المتلقّي على دور المُرسل (دراسات التلقّي)، كانت المدرسة الوظيفية في الولايات المتحدة تؤسِّس لدراسة الجمهور للتوصُّل إلى التوقُّعات والاحتمالات وصولًا إلى توجيهه حسبما تريد مراكز القوى الاقتصادية والسياسية. فتؤسّس على يد "هارولد لازويل" أول مجلة دراسات للرأي العام (the public opinion quarterly) وتوضع في خدمة انتخابات "فرانكلين روزفلت" تمهيدًا للدخول في الحرب العالمية، بما يوافق لوبي الحرب ولوبي الشركات. وهذا ما كان يحتاج لإنجاح عملية التأثير الانفعالي- الإيحائي لا عمليّة التفكير النقدي، وبالتالي معرفة اتِّجاهات الرأي للتأثير في الجمهور بالطريقة المُرادة.
الأوروبيون الذين بدأوا مع "مونتاني" التركيز على التربية والتعليم، وعلى دور هذه في بناء العقول الممنهجة المنتجة ورفض العقول المحشوّة بالمعلومات دون قدرات على التحليل النقدي والاختيار الحر، وصلوا بعده بأربعة قرون إلى خلاصة "تييري إيغلتون"، أحد أهم منظِّري مدرسة الدراسات الثقافية، في مجلة "سكروتيني": الدعوة "إلى حملة أخلاقية وثقافية... إلى الذهاب للمدارس والجامعات والنضال فيها عبر تدريس الآداب في سبيل تقديم إجابات غنية معقدة ناضجة هادفة وجادّة أخلاقيًّا تسمح للأفراد بالحفاظ على نفسهم في المجتمع الآلي، مجتمع المسلسلات والعمل المغرّب والدعايات البلهاء والميديا المخبّلة للجماهير".
إذهبوا إلى المدارس والجامعات لتبنوا الرُّؤوس المصنوعة جيدًا، أي تلك التي تدرَّبت على التحليل والنقد والمنهجية وصولًا لاتِّخاذ الرأي الحُرّ، بدلًا من الُّرؤوس المحشوَّة جيدًا التي تسود في مدارسنا وجامعاتنا ولا تخرِّج إلّا ببغاوات لخطابات "بسودو- ثقافية"، وأصحاب مواقف انفعالية لا تُبنى على العقل وإنَّما على الغرائز الموروث منها والمستجدّ. وإذْ نقول الموروث فإنَّما نقصد البنى التي تحول دون تحوُّلنا إلى مجتمعات ومن ثم إلى دول بالمعنى الحقيقي لا الاسمي. فالمجتمع هو الحالة السوسيولوجية التي تذوب فيها مجموعة من الهويات الفرعية الجزئية في دائرة الهوية الوطنية الجامعة، والدولة هي الشكل الدستوري القانوني المؤسساتي الذي ينظم حياة المجتمع ومصالحه داخليًّا وخارجيًّا وعلى رأسها حماية الوطن والمواطن على كل الصعد. غير أنَّ ذلك لا يتحقَّق إلا بشرطين؛ الحرية: الحرية الفردية المنظمة والحرية الوطنية المنظمة، والقوّة: قوّة الدولة اقتصاديًّا وسياسيًّا وعسكريًّا. فلا حرية لأفراد في دول ومجتمعات مغلولة. ولا حرية لدول لا تنظم قانونيًّا حريّات مواطنيها، ومن جهة أخرى تعيش على الاستهلاك وثقافته دون أن يكون لها سند الإنتاج واستقلاليّته. إذْ إنَّ توفُّر هذه الشُّروط يُعطي الفرد حريّة بناء الـ"أنا" بناءً على أساس المحاكمة العقليّة والخيار الحُرّ وبناء الـ"نحن" الوطنية على أساس صيانة الحقوق واحترام الخصوصيّات ووضوح الهوية. وبالتالي فإنَّ بناء العقل النقدي "العقول المبنيّة جيدًا" يتناقض مع ثقافة الاستهلاك ويتناقض مع ثقافة غياب الحرية، التي تحول نهائيًّا دون تشكُّل رأي عام. استحالة تفرضها الأحادية الشمولية كما يفرضها التشرذم في الهويات الفرعية القاتلة، في غياب الـ"نحن" الوطنية الجامعة الواحدة المحترمة لتعدُّدياتها. ممّا يجعل كلمة الرَّأي العام مجرَّد تعبير مُفرّغ من معناه يُرمى على كتفي تجمُّعات مستلبة تمَّ توظيف غرائزها ومكبوتاتها وتمنِّياتها وأحلامها (المصنوعة دعائيًّا وإيحائيًّا) وفق نظريات الدعاية السياسية التي لا تعرف الأخلاق إلّا بَقدَر ما تعرفها "مضخة الماء" بحسب تعبير "هارولد لازويل"، لجعلها تيّارات جامحة أو صامتة مكبوتة ومهيّأة إمّا للتمييع وإمّا للانفجار.
لكن الذِّهاب إلى المدارس والجامعات كنقطة انطلاق دونه عقبة غياب القرار الوطني الحُرّ بما يخصّ نظم التعليم. وحتى إنْ وُجد فإنه غالبًا ما يكون قرارًا سلطويًّا يتبنى قبول خطاب السلطة دون ترك مجال للتفكير الناقد والجدل، فإذا تجاوز هذه العقبة أطلّت دونه عقبة ثقافية أخطر وأكثر استبطانًا لدى المتلقّي وهي عقدة النَّقص تجاه الثقافة الغربية التي يغذّيها التدفُّق ذو الاتجاه الواحد سواء في الميديا الحارّة (تلفزيون، إنترنت...) أو حتى الميديا الباردة (سينما، فنون بصريّة، أدب...) وعقدة المهزوم أمام المُهيمن. وهكذا يتدرَّج العمل على الفضاء العام من الذهاب للمدارس إلى الإعلام والثقافة والحياة العامة في جميع الساحات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
في ختام كتابي "الفضائيات الإخبارية العربية جيوبوليتيك وخطاب"، وهي نهاية فصل طويل ناقشتُ فيه هذه القضية أوردتُ مقولة لباحثة فرنسية معاصرة:
((FOURQUET Marie Pierre, “Nouveau regard sur l’influence
(الحقيقة أكثر من عملة، إنَّها بالأحرى قطعة كريستال)، من هنا اختلاف آثار الخطاب الإعلامي على شرائح المُتلقّي لأنّ أيّ "نموذج نفسي- اجتماعي- معرفي (psycho-socio-cognitive) لتأثير الاتصال يتضمّن مختلف العناصر التي تؤثِّر على النشاط المعرفي للفرد"، ومن هنا ينبثق السُّؤال: ما هو السياق المعرفيّ الذي يسلكه المتلقّي لإعادة إنتاج الأخبار والمعلومات؟ سؤال تقتضي الإجابة عنه جمْع وتحليل الفعاليّات الذهنيّة، النفسيّة واللغويّة للفرد التي تفاعلت خلال التلقّي. علمًا بأنّ عملية "الإقناع، باعتبارها فعاليّة معرفيّة يمارسها المتلقّي عبر معالجته للمادّة الاتصالية لا يجوز أن تهدف فقط إلى تصريف الانفعالات وإلى الاستحواذ بعيدًا عن فعاليّة التَّحليل".
مقولة أوردتُها ردًّا على الذين ينظِّرون للاستعمالات والإشباعات، النظرية التي نشأت عن الدراسات الثقافية، ومن ثم حوَّلَها منظِّرو العولمة (خاصة رئيس جامعة تل أبيب) إلى تبرير في وجه المُطالبين بتعدُّدية مصادر التدفُّق الإعلامي والثقافي واحترام التعدُّديات الثقافية ورفض التدفُّق ذي الاتجاه الواحد. لإدانة المتلقّي بدلًا من البحث في كيفيّة بناء العقول المبنيّة جيدًا لدى المتلقّين.
- - - - - - - - - - - - -
(*) Richard Hoggart, The Uses of Literacy and The Cultural Turn – La Culture Du Pauvre.