نوافذ ثقافيّة
محمد سلّام جميعان
شاعر وناقد أردني
• ثقافة عربيّة
القدس والإسلام/ خليل عثامنة
العنوان الفرعي لهذا الكتاب هو: "دراسة في قداستها من المنظور الإسلامي"/ وهو الثيمة المركزية التي يهدف الكتاب إلى البرهنة عليها من خلال الصفحات الـ(196) شاملة مقدمة وستة فصول، هي: القدس والموروث الوجداني للعرب قبل الإسلام؛ القدس والمنظور السياسي للإسلام؛ القداسة الدينية لمدينة القدس؛ روافد القداسة؛ أدب الفضائل والقداسة الدينية؛ القدس وفريضة الجهاد.
ويأتي هذا الكتاب في ظلِّ ما تشهده المدينة من مساعٍ صهيونيةٍ حثيثةٍ لتهويدها وتشويه معالمها والعبث في تاريخها العربي والإسلامي، والتشكيك في قداستها الأصيلة لدى العرب والمسلمين. ويوضح المؤلف دوافعه لتأليف هذا الكتاب بافتقار المكتبة العربية إلى دراسات منهجية وأصيلة حول مدينة القدس مقارنة بما هو متوفر في المكتبة العالمية، "وتتناول غالبية الدراسات المكتوبة بالعربية تاريخ القدس الحديث المرتبط مباشرة بالقضية الفلسطينية، بل إنَّ الباحثين العرب اعتمدوا في تناولهم هذا الجانب على طروحات المستشرقين وما روّجوا له دون العودة إلى المصادر العربية الإسلامية الأصيلة، التاريخية والفكرية والدينية، ما جعلهم يقعون في دائرة التكرار، وقد غلب على دراساتهم الطابع الوصفي، والاجتزاء".
ويتَّضح من الكتاب أنَّ قداسة القدس متجذِّرة في وعي العربيّ ونفسيّته منذ ما قبل الإسلام، لدى أتباع الديانتين الإبراهيمية والمسيحية العرب، وتأثّر المنظور الإسلامي للقدس بالوعي المسيحي العربي السابق للإسلام، وإن كان قد تجاوزه فيما بعد وصار حاضنًا له وأوسع وأرسخ منه.
ويؤكد الباحث بيقين علمي أنَّ اليهود لا علاقة لهم بالقدس، ولم يقيموا فيها أيّ مملكة أو حضارة؛ إذ لم يرد في القرآن الكريم ذكر بني إسرائيل مقرونًا بفلسطين أو بمدينة القدس ولا حتى في موضعٍ واحد، وينقض فكرة بناء الملك سليمان لمعبدٍ أو مسجدٍ في القدس قبل المسجد الأقصى، حتى إنَّ المؤرخين الإسرائيليين الجدد يفنّدون الادعاءات الصهيونية حول هذه المسألة.
ويعقد المؤلف مقارنة بين الحج إلى بيت المقدس لدى المسيحيين والحج إلى مكة لدى المسلمين. ويفنّد الكتاب رواية اليعقوبي المتعلقة باتخاذ الأمويين قبة الصخرة بديلًا للكعبة المشرّفة في منسك الحج بعد ثورة عبدالله بن الزبير، ذلك أنّ بناء عبدالملك بن مروان لقبّة الصخرة كان بعد أن حُسِمَ الأمر تقريبًا لصالح الأمويين في المعارك ضدّ الزبيريين ومنذ زمن أبيه مروان، ما يعني أنَّ الأمويين كانوا متمسكين بالحج إلى مكة.
أحلم بالرصيف/ محمد العامري
في هذا الكتاب تتراءى للقارئ أشباح الخوف التي تطارد أحلام الحياة وتُلجِئها إلى اللّواذ بزوايا العزلة هربًا من مطاردات الأشباح الكوفيديّة الشرسة التي تفتح أشداقها لالتهام أنفاس الحياة وزهرة الجمال.
في نفس الشاعر والتشكيلي محمد العامري تموج رغبات مكبّلة ومجنونة تصارع شهوة الحياة للبقاء على قيد الأمل الذي راح يتدلّى في آبار مفجعة، تكشف عنها المفردات والصور التي حفلت بها سرديّة يوميّاته التي تجاهد للانعتاق من المساحات الضيقة كبنطلونات الجينز والصامتة كمقبرة مهجورة بعد انقلاب أدوار الحياة وتعطّل القدم عن فعل المشي وصارت الأرصفة يتيمة من المشاة والعابرين، وتعطّل الفم عن صعود دَرَج الكلام، ولم يعُد ممكنًا للعين ممارسة فعلها المشهدي والبصري بحريّة، فقد ألقت عليها غاشية الكورونا غشاءً حجبها عن الوردة، فكلّ ما في أفق الشعورِ الضجرُ والفراغ والصَّمتُ والعزلة، وكلّها تراقب الظّل والزّمن.
كيف يمكن إيقاظ الحياة الخارجيّة من سباتها، ذاك ما ينبئنا به محمد العامري من فوق كنبته الزرقاء الوثيرة، حيث يبوح لنا من أغلال الرّوح كيف يكتب سجين قصيدة حزينة لا نهاية لها، عن رجل آخر في زنزانة شبه دائريّة إلى ما لا نهاية، "لأنّ الحياة عندما تموت في الخارج، يصبح جميع مَن هم في الداخل بدورهم موتى".
• ثقافة عالميّة
ما وراء الأردن، حياة ومغامرات/ روبنسون ليز/ تعريب أحمد عويدي
الكتاب في مضمون رحلة قام بها المؤلِّف في عام 1895 في بلاد الشام ومن ضمنها الأردن، وترد إشارات إلى بعض العشائر الأردنية وبعض التقاليد التي يمارسها بدو الأردن، ومنها "البشْعة" التي تُجرى أمام أحد القضاة لإحقاق الحق بين المتخاصمين.
ويتحدَّث المؤلف عن المستوطنات الشركسية التي أقامها الأتراك على الأراضي العائدة للعشائر الأردنية، وعن زيارته لمدينة السلط عبر مخاضة نهر الزرقاء التي يعتقد المؤلف أنّ يعقوب عليه السلام قد عبرها من قبل، لذلك يوجِّه له المعرِّب في مقدّمته انتقادات بالغة في اعتماده على التوراة في وصف النَّمط الاجتماعي والحياتي الذي رآه على أرض الواقع ومقارنته بالأسلوب المعيشي للسكان عبر مراحل تاريخية في زمن يعقوب عليه السلام.
وبهذا يُعدُّ الكتاب ضمن جهود الدول الغربية لاستطلاع المواقع في ديارنا ومحاولة إثبات ارتباطها بالتوراة، على الرّغم ممّا يحفل به الكتاب من مشاهد وملامح للبيئة والتقاليد والسكّان والعلاقات بين العشائر.
ما وراء الديمقراطية/ فرانك كارستن وكال بيكمان/ ترجمة أنور عدنان
يتساءل الكاتبان هنا: "لماذا لا تؤدي الديمقراطية إلى الوحدة والرفاهية والحرية، بل إلى عدم الاستقرار والصرف غير المسيطر عليه وحكومة استبدادية". فعلى امتداد من 100 صفحة، شملت تمهيدًا ومقدمة وفقرة بعنوان الديمقراطية: التابو الأخير، وأخرى عن الإيمان الديمقراطي، تضمَّن الفصل الأوَّل 13 خرافة من خرافات الديمقراطية، فيما تناول الفصل الثاني أزمة الديمقراطية، وخطاياها، وفقرة بعنوان لماذا تسوء الأمور باستمرار؟ وأخرى بعنوان: لماذا نحتاج إلى ديمقراطية أقل؟ تبعه الفصل الثالث، وفيه عرض الكاتبان أفكارهما البديلة عن الديمقراطية تحت عنوان: نحو نموذج سياسي جديد، وعنوان آخر: اللامركزية في سويسرا، واختار الكاتبان الخاتمة تحت عنوان: مستقبل مشرق.
ويؤكد الكاتبان أنَّ انتقادهما للديمقراطية بشدّة لا يعني أنَّ البديل هو الديكتاتورية وحرمان الناس العيش في ظلِّ نظام سياسي ينعمون معه بالحرية.
كتاب "ما وراء الديمقراطية" ينقض مفاهيم الديمقراطية، ويؤكد أنها نقيض الحرية، لأنَّ الديمقراطية نظام جمعي معطوب بصورة متأصلة كما هي الحال مع الاشتراكية. ويقول الكاتبان إنَّ هذا الكتاب لا يلقي باللوم على السياسيين، بل على النظام الديمقراطي نفسه.
أفكار واسعة في تفصيلاتها تتضمّنه العناوين الرئيسة والفرعية في هذا الكتاب تقع في بؤرة ساخنة من انتقاد الكاتبين للديمقراطية بقولهما: "ليس من المبالغة أن نقول إنَّ الديمقراطية أصبحت دينًا علمانيًا حديثًا يمكنك أن تُطلق عليها (الدين الأكبر في العالم) فالله والكنيسة تم استبدالهما بالدولة كأب مقدّس للمجتمع، والانتخابات هي الطقوس التي نصلّي بها للدولة للحصول على التوظيف والسكن والصحة والأمن والتعليم".
ومن خرافات الديمقراطية التي يوردها الكاتبان: الشعب يحكم في الديمقراطية، الأغلبية على حق/ الديمقراطية محايدة سياسيًا، الديمقراطية تؤدي إلى الازدهار، الديمقراطية ضرورية لضمان توزيع عادل للثروة ومساعدة الفقير، الديمقراطية تعني الحرية والتسامح، تشجِّع الديمقراطية على السلام وتساعد في محاربة الفساد، جميعنا ديمقراطيّون.