يُعدُّ التراث الثقافيّ غير الماديّ المعزّزَ الأساس لتلمُّس ملامح الهويّة الثقافيّة الأردنيّة، في تكامله في الإطار الوطني؛ إذ يشكّل الخلفيّة الاجتماعيّة والثقافيّة لصياغة هذه الهويّة، بقيمها، ومرتكزاتها، ونأخذ مثلًا مفهوم (الفزعة) لنعرف أنّ هذا لم يكن عبثًا، بل جاء للحاجة إليه لتكامل المجتمع، وللحاجة إليه في زمن العمل اليدويّ، ونتج عنه قيمة التعاون، ومثال آخر (إغاثة الملهوف) وغيره من المفاهيم التي هي في أساسها المُتّكأ العميق لسلوك الإنسان الأردني، وقد ورثها عن الآباء والأجداد، فصارت قيمة وليست حاجة.
وهذا الملفّ من السعة بمكان لا يستطيع باحث الإحاطة به في جوانبه المتنوّعة، ولكنّنا حاولنا إعطاء صورة عن جوانب من هذا التراث، منها ما يتعلّق بالزراعة وأساليبها التقليديّة، وما يتعلق بالعادات البدويّة الخاصّة بتربية الماشية والجمال، وتعريف الحيوانات بإشارات خاصّة توسم بها لمعرفة القبيلة التي تملكها. وما يعرّف بالأزياء التقليديّة في الأردن، مع المرور على التأسيس لعلاقة التراث الثقافي غير المادي بالكتابة الفصيحة في السرد تخصيصًا، وما يعرّف بتقاليد الزواج والعرس في بعض مناطق الأردن. كما تناول الملف الجهود المبذولة لجمع التراث الشفويّ ومفردات اللهجة الأردنيّة وتجربة إصدار موسوعة المكنز الأردني المميّز على مستوى الجهود العربيّة في هذا المجال. كما تناول الملف تقاليد الطعام في الظروف المتنوّعة لدى الأسرة الأردنيّة.
وفي المادّة الخاصّة بأهميّة جمع التراث الثقافي غير المادي نجد الإشارة الضروريّة لهذا الجمْع لما يشكّله من إيجاد رصيد يمكن أن تطّلع عليه الأجيال الشابّة، ويطّلع عليه الباحثون في مضمار الدراسات الأنثروبولوجيّة.
نأمل أن نكون قد أضأنا جوانب مهمّة من هذا التراث العريق، ويبقى العمل ناقصًا، وبحاجة إلى مزيد من البحث والجهد، ولا بدّ من الإشارة إلى جهود مديريّة التراث في وزارة الثقافة في هذا الإطار، من حيث إصدار الموسوعات، أو إنشاء منبر إلكتروني خاص بهذا التراث، والعمل المستمرّ المتطلّع إلى الاكتمال.
تقديم الملف وإعداده:
د. حكمت النوايسة