سونيا النجار
أكاديمية أردنية وباحثة معمارية
في عمّان وغيرها من مدن الأردن، تمتزج الأنماط والطُّرز التي تشكِّل التراث المعماري والعمراني في نموذجٍ فريدٍ يتداخل فيه الزّمن والأشياء مع ما سبقها من حضاراتٍ وآثار. تختلط في هذه المدن الأصوات القديمة والحديثة في موكبٍ احتفاليّ، يسكن الذاكرة في أيّ زاوية نطلّ فيها على هذه المدينة أو تلك. ولأنَّ علاقة الذاكرة والتراث علاقة متشعّبة، فقد تغيّرت المفاهيم في النَّظر إلى التراث الحضاري ومحاولة فهمه على مدى العقدين الماضيين، لتشمل مصفوفة معقّدة من المعاني والقيم والمفاهيم ذات الصلة. ونتيجة لهذا التطوُّر؛ تحوَّل التراث الثقافي من فهمه وتجميعه بوصفه ممتلكات أو أشياء، إلى تقييمه بوصفه حالة حيّة يعبِّر عنها المكان.
الذاكرة أو الذكرى والمسكن أو المنزل مرتبطةٌ وجدانيًّا عند الإنسان، فها هو "امرؤ القيسِ" يجمعهما في شطر معلّقته الشهيرة "قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِل". فلذكرى الحبيب ومنزله ومكانهِ ارتباط روحيّ، والمكان والعمارة والسُّكنى ما هي إلا التجسيدُ الفيزيائيُّ لعلاقةِ الإنسان مع الأرض، واتصاله بها، وتكوين مفهوم الهويّة والوطن والانتماء. والمكان والأشياء هما المعبّر الأساسيّ عن الهويّة عند الإنسان، بحسب ما يراهُ الفيلسوف الألماني "مارتن هايدغر"(1)، حيثُ يحتاج الإنسان –برأيه- إلى عناصرَ ملموسةٍ ليؤكد فيها على هويّته. والتراثُ الذي تمثلهُ البيئةُ المبنيّة يتصل روحيًّا بالإنسان، والمقصود ليس فقط الجزء المبني منها، بل غير المبني كذلك؛ ففراغاتُ المدينةِ الحضريّةِ كشوارعها وساحاتها هي وسيلتنا إلى فهم المدينة بشكلٍ أعمق، بحسب رؤية المؤرِّخ المعماري "سبيرو كوستوف"(2). فكيف إذًا تتشكّل الهويّة من خلال المكان والسكن؟! يجيبُ "نوربرغ شولتز" في كتابهِ "روحُ المكان" أو باللاتينية "Genius Loci"(3)، أنّ الطبيعة تقدِّم دعوةً للإنسان ليسكنها حين تتوفر فيها العوامل الجاذبة، ويَقبلُ الإنسان بعد ذلك هذه الدعوة، بناء على وجود تلك العوامل، والتي منها وجود الماء أو الإطلالة أو المنعة أو الحماية. وهذا يُذكّرنا، على سبيل المثال، بقيام عمّان القديمة وكذلك جرش القديمة وغيرها من المدن بجوار النّهر أو السّيل أو الينابيع ومصادر المياه. ومن ثم يبدأ الإنسان عند استقراره في المكان بالبناء والتشييد، ويرافق البناء والاستقرار عادةً، إعطاء الأشياء معانيَ وقيمًا، وهذه المعاني تتحوَّل فيما بعد إلى ثقافةٍ وتراث. وفي مرحلة تحويل المعاني إلى أشياء ملموسة وثقافة متوارثة، يستخدم الإنسان ما يتوفر محليًّا في ذلك المكان، فنراه يقصّ الحجارةَ من الجبال والصخور، سواء من حجرِ مَعان، أو الكرك، أو سفوح وادي الرّمم، أو جمّاعين، أو الأزرق، أو غيرها الكثير من مصادر الحجر بألوانه وميزاته المختلفة. ثم يشكِّل هذه الحجارة وينحتها وينقشها "بالإزميل" أو بأدواتٍ أخرى، ثم يرتِّبها في مداميكَ أو أقماطٍ أو زوايا، في تظاهرةٍ ثقافيّةٍ، يتابعها الأبناء، وينقلها الجيران، وتتوارثها الأجيال. لذلك فإنَّ التراث المبني يرتبط مباشرة بالنّاسِ وعاداتهم واستجابتهم للحاجات الاقتصادية، والمناخية، والاجتماعية. ويؤكد المُخطِّط والكاتب "كيفن لينش" على ذلك من خلال وصفه: "إنَّ كلَّ مدينةٍ بعمرانها ووظيفتها، مُضافًا لها قيم الناس وعاداتهم ومعتقداتهم، ما هي إلا ظاهرةٌ واحدةٌ فريدةٌ"(4).
ولو أخذنا عمّان مثالًا، فقد نشأت في أكنافِ مجرى السّيل وعلى ضفافه، ولم يكن ارتقاء المدينة وصعودها الجبال إلا في مراحل متقدمة من قيامها الحديث. ثم بدأت تنأى تدريجيًّا بعمرانها، مع مرور الوقت، وزيادة السُّكان، عن جامعها ومُدرّجها الرُّوماني شرقًا وغربًا. وكما يسردُ "عبدالرحمن منيف" في كتابه "سيرة مدينة" مثالًا على توسع المدينة(5)، أنَّه حين بدأ الدكتور ملحس ببناء مستشفاه في جبل عمَّان، أقصى غرب المدينة، في أربعينات القرن الماضي، نظرَ النّاس إلى بعضهم بعضًا وتساءلوا باستغراب: "هل يمكن لمريضٍ أن يصل هناك خاصة أيام الشتاء والبرد، ويبقى حيًّا؟". كانت حدود المدينة صغيرة وبيوتها بسيطة، فيها قصصٌ وروايات، تربط طبوغرافيةَ الأرضِ وطبيعتها ببيوتها وساكنيها ووظائفها المختلفة، ضمنَ سياق واحدٍ سلسٍ كأنّهُ ضرب من الشِّعر أو النثر البديع.
لقد تطوَّر العمران في مدن عمّان والسلط وعجلون والكرك والشوبك وغيرها، من بيوت الطين والحجر غير المشذّب منذ بدايات القرن التاسع عشر، وطرق إنشائها التقليدية، إلى دخول الحجر المصقول المنمّق والمُستورد من مناطق أبعد، ومن ثم الإسمنت والخرسانة وغيرها من مواد البناء الحديثة. وبدأت الأنماط الحداثيّة في البناء تغزو المدينة بعد عودة الخريجين من جامعات عربية وغربية وعملهم فيها. إنَّ الأنماط الحداثيّة في بيوت عمّان وإربد مثلًا، والتي يعود بعضها إلى الثلاثينات والأربعينات والخمسينات من القرن العشرين، تشكّل موروثًا بنائيًّا ينضمّ إلى سابقه من البيوت الريفية في قُرى صمد وشطنا، والراجف والمنصورة، وحمود وذات راس، وبساتين معان الشامية والحجازية وغيرها من القرى والمناطق من شمال الأردن حتى جنوبه. كما ينضمّ إلى التراث المعماري والعمراني كذلك، قصور عمّان وتراثها الملكي وتراث عهد الإمارة والمتمثل بأقدمها؛ قصر رغدان الذي يعود تاريخ بنائه إلى نهاية العشرينات من القرن الماضي.
في عمّان وغيرها من مدن الأردن، تمتزج الأنماط والطُّرز التي تشكِّل التراث المعماري والعمراني في نموذجٍ فريدٍ يتداخل فيه الزمن والأشياء مع ما سبقها أيضًا من حضاراتٍ وآثار من أزمنة قديمة وعتيقة. تختلط في هذه المدن الأصوات القديمة والحديثة في موكبٍ احتفاليّ، يسكن الذاكرة في أيّ زاوية نطلّ فيها على هذه المدينة أو تلك. ولأنَّ علاقة الذاكرة والتراث علاقة متشعبة، فقد تغيّرت المفاهيم في النظر إلى التراث الحضاري ومحاولة فهمه على مدى العقدين الماضيين، لتشمل مصفوفة معقدة من المعاني والقيم والمفاهيم ذات الصلة. ونتيجة لهذا التطور؛ تحوَّل التراث الثقافي من فهمه وتجميعه بوصفه ممتلكات أو أشياء، إلى تقييمه بوصفه حالة حيّة يعبِّر عنها المكان والاستمرارية والتأثير في الأفراد والمجتمعات. لذلك نحن الآن في مرحلة أصبح من الضروري فيها إعادة الانخراط الكامل في الأبعاد النظرية المعقدة للتراث الثقافي وتشعباته المتعددة الأوجه. والمعروف عن التراث عامة أنه يحتوي أشكالًا مادية وغير مادية تشملها آمالٌ وتطلعات وعواطفُ وقيمٌ وتفسيرات ورموز وروايات. ولكنّ المكوِّن الأساسي والجامع لهذا المحتوى هو الذاكرة؛ فمن دون الذاكرة يصبح كل ما يتعلق بالوقت والسّرد، والاستمرارية والتغيير، والهويات الفردية والجماعية مختزلًا بكونه "أشياء قديمة" فقط يمكن تجميعها.
الذاكرةُ تسكنُ المكان والمكانُ يسكن الذاكرة في توافق وامتزاج ربّما قد يفسِّره تعبير "روح المكان" باللاتينية "Genius Loci" الذي يعني حرفيًّا "عبقرية المكان أو روحه الحارسة". وهذه الروح تسكن الذاكرة الإنسانية المفردة والمجتمعة، وفيها تستقر محطات الطفولة، وأكثر المشاهد والتجارب تأثيرًا. وروح المكان موجودةٌ في التفاصيلِ، وربّما في العموم، وربّما في كل شيء. ومن ذلك أقتبسُ من المعماري الحداثي الألماني "ميس فاندروه" قوله إنَّ "الله موجود في التفاصيل". والتفاصيل كثيرة في العمارة والعمران، وروح المكان قد تتمثل في أيّ من هذه التفاصيل؛ فمثلًا في أشعة الشمس المتسللة عبر إحدى النوافذ القديمة التي يتفوّق طولها على عرضها لأسباب إنشائيّة، وبذلك لا يتسلّل من تلك الأشعة إلا اليسير الذي ينير ويكون وليفًا لطيفًا في الشتاء والصيف. وربّما روح المكان هي في ممرّ داخل حديقة وارفة الظلّ تتشابك أشجارها وشجيراتها الحمضيّة أو اللوزيّة، أو باسقة الطول كالسّرو والحور، وغيرها الكثير ممّا زرع الأجداد وأجدادهم في حدائق بيوت عمّان أو إربد. ولعلّها موجودة في طبوغرافية الأرض تقفز على أدراج عمّان أو أدراج السلط وتذكّرنا بأسماء أماكن ومواقع تبدأ بإحدى المفردتين "نزول" أو "طلوع"، أو بطقسٍ عمّاني حضري مثل "نزول البلد".
ولعلَّ روح المكان تزداد قدسيّة عندما يُستخدم في عمران الأرض مواد من تربتها وطينها وحجرها، أو عندما تشترك الجموع في البناء في طقوس حضريّة أخرى؛ "يرصّون" فيها حجارة القناطر ويسقفونها بجذوع أشجار العرعر كما كانت الأحوال في قرى الشوبك، أو كما هي في مواسم الصيانة والترميم بالملاط الطيني في قرى الأغوار، أو باستخدام "المدحلة" عل أسطح بيوت عمّان الأولى للتهيئة والتجهيز تحسّبًا للدّلف والمطر. إنَّ عمارة الأرض تأتي من الأرض؛ "هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"(6)؛ من صخورها وأشجارها وترابها، وتراثنا المعماري والعمراني الممتد خيرُ شاهدٍ على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية في أمثلة تعبِّر عن الاستدامة الحقيقية ومعاني التكافل الاجتماعي والتنسيق الحضري. وما الاستدامة إلا ممارساتٌ تهدف إلى الحفاظ على الموارد، قد يكون تخزين الحبوب في "كواير" جاثمة في زوايا البيوت في قرى عجلون أو الكرك مثالًا على هذه الممارسات، أو حتى طقوس تجفيف "اللّبن الجميد" على أسقف بيوت الشَّعر، ذلك التقليد الذي اتبعته العشائر البدوية من شمال الأردن حتى جنوبه. كل ذلك وأكثر، هو إرثٌ حفظه الخَلَف عن السلَف، وهو إرثٌ لأنه وسيلة حياة مستدامة ضرورية، ولأنه يحمل قيمًا ثقافية وتاريخية تستحق الحفاظ عليها.
والعمارة والعمران في التعريفات الحديثة تُصنّف ضمن التراث المادي الحضاري للشعوب، الذي يمثل ما توارثته الأجيال من أنماط بناءٍ ناتجةٍ عن طبيعة المناخ، والمواد المتوفرة في البيئة المحلية الناتجة عن الطبيعة الجيولوجية، وما يتعلق بالناحية الإنسانية والاجتماعية من تطوُّر المهارات والحرف، وتنوُّع حاجات المجتمع من مساكنَ ومبانٍ ذات وظائف مختلفة بكافة تعقيداتها.
والإرث المعماري والعمراني مرتبطٌ بالحفاظ المعماري، الذي ينظّمه مجموعة من الأصول والطرق والأنظمة والقوانين والاتفاقيات الدولية التي تؤمِّن حمايته. حيث يشمل التراث المعماري والعمراني بحسب اتفاقية مؤتمر باريس لليونسكو الذي عقد عام 1972 أيّ إرثٍ ثقافي من الآثار، أو المجمعات أو المواقع. وتشمل الآثار "الأعمال المعمارية، وأعمال النحت والتصوير على المباني، والعناصر أو التكاوين ذات الصفة الأثرية، والنقوش، والكهوف، ومجموعات المعالم التي لها جميعًا قيمة استثنائية من وجهة نظر التاريخ، أو الفن، أو العلم". أما المُجمَّعات فتشمل "مجموعات المباني المنعزلة أو المتصلة، التي لها بسبب عمارتها، أو تناسقها، أو اندماجها في منظر طبيعي، قيمةٌ عالميةٌ استثنائيةٌ من وجهة نظر التاريخ، أو الفن، أو العلم". أمّا المواقع فتشمل "أعمال الإنسان، أو الأعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة، وكذلك المناطق بما فيها المواقع الأثرية، التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر التاريخية أو الجمالية، أو الإثنولوجية أو الأنثروبولوجية"(7).
وفي الأردن عدة قوانين تحمي التراث العمراني، منها قانون حماية التراث العمراني والحضري لسنة 2005، الذي يحمي أي "موقع أو مبنى ذو قيمة تراثية من حيث نمط البناء أو علاقته بشخصيات تاريخية أو بأحداث وطنية أو قومية أو دينية مهمة وأقيم بعد سنة 1750 ميلادية". ومن القوانين الفاعلة أيضًا، والتي تحمي التراث الحضاري عامةً قوانين حماية الآثار، وقوانين حماية البيئة، وقوانين السياحة، وكذلك قوانين التخطيط والتنظيم.
ولكن، وعلى الرّغم من وجود القوانين الفاعلة والاتفاقيات الدولية، فإنَّنا ما زلنا نعاني في الأردن من تقصيرٍ فيما يتعلق بالحفاظ على الإرث الماديّ وخاصة الإرث المعماري والعمراني. ولهذا التقصير جوانبُ متعددةٌ تشملُ غياب التوثيق والتسجيل بالشكل اللازم، وعدم توفر الأسسِ والمعايير الشمولية للحفاظ والتصنيف. هذا بالإضافة إلى افتقار بعض مشاريع الترميم وإعادة الاستخدام إلى القواعد والمرجعيات التاريخية الخاصة بعلوم الترميم والحفاظ المعماري والعمراني. فتأتي النتيجة سلبية مُشوِّهة للواقع والتاريخ والقيمة الحضارية. هنا يأتي دور المختصين والمؤسسات الثقافية المختلفة بضرورة التوعية المجتمعية بأهمية المباني التراثية منفردة أو ضمن نسيجها الحضري، وكذلك يأتي دور المعاهد الأكاديمية في تأهيل وإعداد المختصين في علوم الترميم والحفاظ المعماري وتقنياته وأصوله.
لا يمكن أن يكون هناك استدامةٌ للإرث المعماري والعمراني دون وجود منظومةٍ متكاملة لمفهوم الحفاظ والحماية، وربط هذه المنظومة بأهداف التنمية المستدامة الصادرة عن الأمم المتحدة، وخاصة تلك التي تشمل الحفاظ على استدامة المدن والمجتمعات، والحفاظ على تراثها الثقافي والطبيعي. ولا يتم ذلك إلا من خلال التركيز على استقطاب اهتمام المنظمات العالمية المهتمة بالإرث العمراني مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو (UNESCO)، والمجلس الدولي للمعالم والمواقع، الإيكوموس (ICOMOS)، والسعي نحو الالتزام بالمعايير والمنهجيات العالمية. والأهم من ذلك، أنَّ قضايا التراث المعماري والعمراني والحفاظ عليه، يجب أن تُشكّل حالةً تشاركيةً مع المجتمعاتِ المحلية، وذلك لأهمية تفاعل الإرث المعماري مع المحيط بأبعاده البيئية والاجتماعية والاقتصادية، بما يضمن خدمة المجتمع واستدامة موارده، وخلق فرص عمل لأبنائه وتأهيلهم وتوعيتهم، ومشاركتهم في الحوار وصنع القرار.
لقد تجاوزت البيئة المبنيّة كونها مسكنًا وملاذًا، لتصل إلى كونها ذاكرةً صلبة، ورمزيةً ثقافيّةً وتاريخيةً، بكل ما تتضمنه من أشكالٍ وتعبيرات. لأنها دلالةٌ على الحضور الإنساني، الذي يتجسّد بما ينتجه ويبتكره، ويبنيه ويشيده. والمجتمعات المتقدمة تعي تمامًا أهميّة التسجيل والتوثيق والحفاظ على التراث العمراني، بكافة الأشكال والتقنيات المتاحة. وهذا هو ما نحتاج إليه في الأردن؛ قاعدةُ بياناتٍ شاملةٍ لموارد التراث المعماري والعمراني، تشملُ التحليلَ والتصنيفَ والتوثيقَ الرقميّ المتخصص، وكذلك المخططات والرسومات ثلاثية الأبعاد. بالإضافة إلى إدارة الموارد التراثية العمرانية، ومتابعة الحالة القانونية لها، وتفعيل التشريعاتِ والأنظمة التي تضمن حمايتها وبقاءها لتروي قصة الأردن، وقصة الناس، وتساهم في رفعة الوطن والمزيد من الفخر والانتماء. وتبقى ذاكرةُ المكان حنينًا أبديًّا يلازمنا مهما ابتعدنا أو تفرّقت بنا السُّبل، ذاكرةً محفورةً في ثنايا الروح تهزّنا طربًا كلّما تذكّرنا تضاريس المكان وخطواتنا ونظراتنا وعلاقاتنا ودهشتنا الأولى وعيًا تشكَّل ولا يزول، لذا قال أبو تمام ذات حنين: "كم منزلٍ في الأرض يألفُه الفتى- وحنينُــه أبــدًا لأوّلِ منــــزلِ".
• الهوامش:
(1) Heidegger, Martin. 1971. Poetry, language, thought. New York: Harper & Row.
(2) Kostof. Spiro. 1992. The City Assembled. London: Thames and Hudson.
(3) Norberg-Schulz, Christian. 1980. Genius loci: towards a phenomenology of architecture.
(4) Lynch, Kevin. 1981. A Theory of Good City Form, The MIT Press; First Edition.
(5) منيف، عبدالرحمن. سيرة مدينة:عمان في الأربعينات.
(6) سورة هود- آية 61.
(7) اتفاقية مؤتمر التراث العالمي 1972
https://whc.unesco.org/archive/convention-arb.pdf