حاوره: موسى إبراهيم أبو رياش
كاتب أردني
يُعدُّ الكاتب والأديب محمود الريماوي أحد أعلام القصة القصيرة العرب المعاصرين. تميَّز بقلمه الرشيق، وثقافته الواسعة الغنيّة، ولغته الجميلة الموحية، وانحيازه للحياة بكافة مكوّناتها وتفاصيلها. ويُجمِع كلّ مَن عرفه على أنّه إنسان متواضع، ليّن العريكة، وفي الوقت نفسه فهو كاتب ملتزم، معني بالإنسان وقضاياه وحقّه في الحياة دون تحيُّز أو ظلم أو انتقاص.
خلال نصف قرن من الإبداع صدر للكاتب محمود الريماوي عدد من المجموعات القصصية منها: "العُري في صحراء ليلية"، 1972. "الجرح الشمالي"، 1980. "كوكب تفاح وأملاح"، 1987. "ضرب بطيء على طبل صغير"، 1990. "غرباء"، 1993. "القطار"، 1996. "شجرة العائلة"، 2000. "الوديعة"، 2001. "رجوع الطائر"، 2008. "فرق التوقيت"، 2011. "عودة عرار"، 2013. "عمَّ تبحث في مراكش"، 2015. "ضيف على العالم"، 2017. "الليلة قبل الأخيرة"، 2020. وصدر له روايتان: "مَن يؤنس السيدة؟"، 2009. "حلم حقيقي"، 2011. وفي النصوص: "إخوة وحيدون"، 1995. "كل ما في الأمر"، 2000. بالإضافة إلى عدد من المختارات القصصية، والأعمال القصصية الكاملة التي صدرت عام 2002.
كما نشر الريماوي عضو رابطة الكتاب الأردنيين، ونقابة الصحفيين الأردنيين، ألوف المقالات السياسية في صحف عربية مختلفة، ومئات المقالات الثقافية والأدبية، وما زال إبداعه ثرًّا يتدفَّق، منارةً لسالكي طريق القصة القصيرة، ومتعةً لمحبّي هذا الفن الجميل.
نال جائزة فلسطين للقصة القصيرة سنة 1997، ووصلت روايته "مَن يؤنس السيدة" إلى القائمة الطويلة لجائزة الرواية العربية سنة 2010، وفي عام 2011 كرَّمه ملتقى القصة القصيرة الثالث في عمّان، كما حصل على سنة تفرُّغ إبداعي من وزارة الثقافة الأردنيّة أصدر خلالها مجموعته القصصية "عودة عرار"، ووصلت مجموعته "ضيف على العالم" إلى القائمة القصيرة لجائزة الملتقى العربي للقصة القصيرة في دورته الثانية 2017. وترجمت العديد من قصصه إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والبلغارية.
وللتعرُّف على تجربته الإبداعية المميزة، وأفكاره، وأرائه، كان هذا الحوار:
• لماذا تكتب؟ وهل الكتابة الإبداعيّة قدر أم خيار؟ موهبة أم مران وإصرار؟
- هذا سؤال الأسئلة الذي لا ينجو الأدباء منه! ولطالما خطر لي أن أجيب عنه بسؤال معاكس هو: ولماذا لا أكتب؟! أكتب لأنَّ الكتابة الإبداعية هي وسيلة التعبير الملائمة والمواتية لي، ولأنَّ الحياة اليومية وما يدور فيها من حوارات وتواصل وعلاقات ومواقف، لا تتيح للمرء مهما حاول واجتهد أن يعبِّر عن مكنون نفسه تعبيرًا كافيًا، فيتمّ اللجوء إلى الكتابة كي تكمل ما يعتري الحياة من نقص في التواصل والتعبير عن النفس وعن الرؤى بصورة أمينة. وبما أنَّ الإنسان ليس عقلًا فحسب كما يقول فلاسفة ومفكرون، فثمّة عالم اللاوعي أو المملكة الداخلية للنفس، التي تضغط من أجل التعبير عنها، وذلك ما يحدث في الأحلام التي أراها، غير أنَّ هذا النشاط الذهني والنفسي في أثناء النوم، فضلًا عن عشوائيّته وسيولته، وعن كون معظم الأحلام سرعان ما تُنسى بعد هنيهات من اليقظة.. لهذا نشأت الحاجة إلى التعبير عن ذلك العالم الداخلي بالإبداع الذي يبدأ وينبثق في دفقاته الأولى من منطقة اللاوعي.
وبهذا فالمبدع بحاجة إلى الإبداع كي يتحرَّر من ضغط عالمه الداخلي، وكي يتوازن ذهنيًا ونفسيًا، وكي يشعر أنَّ للحياة معنى مع مساهمته في إضفاء المعنى.
ولا ريب بعدئذ أنَّ الكتابة والفن عمومًا تصدر عن دافع ذاتي محض، وحين يأنس المبدع في نفسه موهبة الكتابة، فلا بد من صقلها بالتثقف، وتجويد أدائه، والإفادة من تجارب الأدباء المُجيدين. ومع المضيّ في التجربة تصبح الكتابة لصيقة بصاحبها لا يسعه التحرر منها، إذ تتحول إلى ما يشبه الغريزة الحيوية.
• تكتب القصة والرواية والمقالة السياسية، فأين تجد نفسك؟ وأين تشعر بلحظات التجلّي؟
- أجد نفسي في الإبداع، بمعني أنني أعبِّر من خلاله عن أعمق مكنوناتي وهواجسي. فالإبداع هو حقل للنشاط الروحي. لكنّي أدرك أنَّ المبدع هو إنسان ومواطن وجزء من نسيج اجتماعي ووطني وقومي، وأنه لا يملك ترف الانعزال عن مجتمعه وبيئته ومحيطه الأقرب فالبعيد فالأبعد. وبهذا فإني أعبِّر عن اشتباكي بالحياة اليومية والاجتماعية والسياسية بالمقالات، التي أجد فيها ذاتي الاجتماعية كفرد ضمن مجموعة، فضلًا عن أنَّ الصحافة ظلّت مهنتي الوحيدة لنصف قرن، كما هي حال أدباء عرب وغربيين كثر امتهنوا الصحافة إلى جانب الأدب. غير أنّي أضع حدًا فاصلًا بين هذا وذاك؛ إذ أنسى اللغة السياسية والإعلامية تمامًا حين أكتب الأدب، والعكس بالعكس، إذ أنَّ الخلط بين الحقلين يلحق الضَّرر بكليهما.
• يقول الروائي مؤنس الرزاز كما نَقَلَ عنه الروائي يحيى القيسي: "إنَّ القصة القصيرة تمرين لكتابة الرواية". فهل مسيرتك الإبداعية تأكيد لهذا؟ أم أنَّ لك رأيًا آخر؟
- أتفق مع الراحل مؤنس الرزاز على أنَّ الخوض في حقل الرواية يتطلب خبرة ومراسًا أكثر من ذلك الذي تتطلبه القصة؛ خبرة أدبية وحياتية. فالروائي يغوص في عالم الشخصيات بأكثر ممّا يفعل القاص الذي يلجأ إلى التلميح والتكثيف. بينما تعتمد الرواية على التصريح. والقصة كتلة ذات قوام عمودي، بينما الرواية كيان أفقي عريض. لكن ما تقدَّم لا يعني أنَّ القصة هي تمرين على كتابة الرواية، فهناك روائيون لم يعبروا فن الرواية بعد المرور بفن القصة. بل ذهبوا مباشرة إلى ذلك الفن، والأمثلة كثيرة لدى الروائيين الروس والأميركيين وغيرهم. هذا مقابل كثرة من الكتاب جمعوا بين القصة والرواية.
بالنسبة لي، فقد أدركتُ أنَّ الرواية والقصة مع الفروق بينهما تنتميان إلى حقل السرد. وأنَّ فن الرواية يحتاج إلى خبرة في النفس البشرية وفي إدراك تعقيدات الواقع، وإلى نضوج فني، وهذا ما حدث معي إذ خضت في حقل الرواية بعد أن أصدرت نحو عشر مجموعات قصصية. وبالتالي فإنَّ مقولة الرزاز صحيحة جزئيًّا.
• أنسنة الحيوانات والحشرات والطيور والأشياء في قصصك ملاحظة بوضوح. فهل هذا تعبير عن انسجام مع هذه الكائنات وتآلف معها؟ أم هو موقف تتبنّاه وتدعو إليه؟
- شكرًا على السؤال المهم. دعني أقول إني أؤمن بوحدة الوجود والكائنات، في دخيلتي. يُعظّم الإنسان كثيرًا من شأن نفسه وينظر بازدراء للكائنات الأخرى، لكنه بيولوجيًّا على شبه كبير ببقيّة الكائنات؛ فهو مثلها خاضع للدَّورة نفسها: يولد وينمو ويتزاوج ويهرم ثم يموت. وهو مثلها يتأثَّر بعوامل المناخ ويبحث عن مأوى ويلتمس قوت يومه، ويتسلّح بغريزة البقاء.
في سني الطفولة في مدينة أريحا، كنّا نعرف أنواعًا كثيرة من النباتات، ولحسن الطالع كان لدينا في بيتنا العائلي بستان. لقد أحببتُ الشجر وكنتُ أعرف أنَّ له موعدًا أسبوعيًّا مع السقي. فالشجر يعطش ويُروى. ومع الأيام ينمو كما أنمو أنا. وفي الربيع والصيف تظهر حشرات ضارة ونافعة، مؤذية ومسالمة، كما حال البشر!
وفي اعتقادي أنَّ الإنسان يفقد الشيء الكثير من توازنه حين ينفصل عن الطبيعة والبيئة انفصالًا شبه تام. وهذه هي حال المقيمين في المدن المكتظّة.. وأنا من هؤلاء! فأحاول استعادة هذه الصلة وتجديدها عبر الإبداع السردي.
• يكاد يتفق مَن كتب عن إنتاجك القصصي أنك تحتفي كثيرًا بالتفاصيل والهوامش وما لا يلتفت إليه أحد، ولك عين دقيقة لاقطة. كيف نمَّيتَ وأثريْتَ هذه المهارة الفنية الرفيعة التي لا تتأتى لأيّ أحد؟
- في واقع الأمر أنَّ فن القصة يقوم في بعض جوانبه على رفع ما هو عادي إلى مرتبة غير العادي، فالقصص تشبه الحياة من جهة، وهي حياة ثانية من جهة أخرى، إذ تزيل عن الواقع -وهي تصوّره- رتابته ونمطيّته ومألوفيّته الشديدة. أمّا كيف تأتّى لي ذلك، فأحسب أنَّ مصدره هو نزعتي إلى التأمُّل، والبحث عمّا وراء الأشياء، والتركيز على تعقيد العلاقات البشرية، وإيلاء أهميّة لما هو هامشي وجانبي ومستتر، تضاهي العناية بالمسائل الكبيرة والرئيسة في الحياة. إذ أنَّ التفاصيل والهوامش تكشف الجوانب الخفيّة وأحيانًا الجوهرية في شخصيات البشر، وهي بذلك بمثابة مفاتيح تقود إلى أعماق الشخصية.
• في دراستهما بعنوان "بنية القصة القصيرة عند محمود الريماوي"، تقول د.مريم جبر فريحات ود.فوزية علي القضاة: "إنَّ الريماوي، يعيد طرح أسئلة الوجود الكبرى، من خلال كشف العلاقات المعقدة والتبادلية بين الكائنات الأخرى وعناصر الكون،...، وبينها جميعًا يظل هاجس الموت حاضرًا بقسوة، سواء كان ذلك الحضور حقيقيًا أم مجازيًا". لم هذا الحضور القاسي للموت في قصصك؟ ألا يكفينا كل هذا الموت الذي يحيط بنا ومعنا؟!
- أجل ثمّة حضور للموت في قصصي، لكني لا أخاله حضورًا قاسيًا. فلست سوداويًا وبائعًا للتشاؤم، بل لعلي واقعي. إذ لا أملك تجاهل المصير المحتوم للكائنات، وحيث المرء مهدَّد بأن يفقد ذات يوم نفسه وكيانه وكل ما يحبّه. علاوة على ذلك، فإني أمسّ مسألة الموت غالبًا مسًّا شفيفًا هادئًا، دون تهييج عاطفي ومأساوي أو بثّ رسائل عدميّة. وبما أنَّ "الموت يحيط بنا ومعنا" كما تقول في سؤالك، فكيف يسع المرء أن يتجاهله ما دام له هذا الحضور الكثيف؟
علاوة على ما تقدَّم، فإنَّ هاجس الموت ليس مجرَّد هاجس ميتافيزيقي أو غيبي، فهو جزء من الحياة من آليات أو حتى ديناميّات الحياة، إذ أنه ينعكس على سلوك الأفراد وأمزجتهم وإيقاع حياتهم. سواء تعلق الأمر بغياب الشخص أو فقدان الأحبة، أو حوادث القدر، إضافة إلى ضحايا الصراعات المدنيين الأبرياء أو ضحايا الفاقة والأوبئة والكوارث الطبيعية.. إلى آخره. ورغم ذاك، أكاد أزعم أن لا مكان للسوداوية في قصصي، كنزعة أيديولوجية، إذ أقترب من المسألة على نحو هيّن ليّن، لتذكير القارئ أنَّ ثمة قدر يتربَّص بنا.
• هوس النشر، ورغبة ظهور الاسم على غلاف كتاب ورقي، حلم كثير من الشباب. هل أنت مع تقييد حرية النشر؟ أم مع الحرية المطلقة ولنترك للتدافع الإبداعي أن يأخذ مجراه، والزمن كفيل بالغربلة؟
- أنا مع حريّة الكتابة والنشر والاحتكام بعد ذلك إلى الصحافة أو القضاء في حال حدوث تجاوزات تمس أشخاصًا طبيعيين أو مؤسسات محددة طالها ضرر. دعوا الكتاب يمرّ بغير ضجيج إذا كان استعراضيًا وغير ناضج، فلن يلفت انتباه أحد. أمّا إثارة ضجّة حول كتاب ضعيف مثلًا، فإنها تساهم بترويجه. المبيعات قليلة، فلماذا نخشى تأثير الكتب؟ الزمن يغربل الجيد من الرديء. أمّا قوانين المطبوعات فلا تصلح أن تكون مرجعيّة لتقييم الكتب، فالمطبوعات تتعلق بالانتاح الإعلامي المكتوب والمقروء والمسموع والمصوَّر، الذي يتوجَّه إلى جمهور عريض، أمّا جمهور الكتب فليس عريضًا أبدًا، إلّا إذا تعلّق بالأمر بعدد ضئيل جدًا من الكتاب. هذا مع ملاحظة أنَّ المؤلفين يراقبون أنفسهم رقابة ذاتية، فلا حاجة للتطيُّر من حريّة تُمنح لهم ولا يستخدمونها إلا بقدر، وهي من حقهم.
بما يتعلق بهوس النشر، فالحياة تزدحم بالمهووسين في سائر الميادين والحقول، لا في حقل الأدب والنشر فحسب. دع الخلق للخالق.
• مع أننا نعيش في عصر يتميَّز بالسرعة والتسارع والتكالب على الوجبات السريعة في كل شيء، إلّا أنَّ الإقبال على الرواية أكبر من القصة القصيرة على صعيد القارئ والناشر وحتى الكاتب. فكيف تفسِّر هذا؟
- أفسِّر ذلك بأنَّ الرواية تمنح شعورًا بالإشباع الروحي، ولمّ شتات القارئ، بينما القصة تمنح متعة فنية كبيرة فحسب لقارئها. حالة الضياع واللايقين التي نعيشها تدفع القارئ لالتماس إجابات من الروايات. بينما القصص تضيء على جوانب ضيقة من الحياة وإن كانت إضاءة نفاذة. ودعني أقول بالمناسبة إنَّ كتابة القصة لا تقل صعوبة عن كتابة رواية.
هناك إلى ذلك تطلُّع مؤلِّفي الرِّواية إلى الجوائز وإلى فرص الترجمة، وربّما تحويل العمل الروائي إلى شريط سينمائي أو تلفزي.
• سؤال لا بدّ منه عن الجوائز والمسابقات الأدبية في فنون الإبداع المختلفة، وخاصة الرواية. هل ترى أنها إيجابية ومؤثرة وترتقي بالإبداع أم أنَّ إثمها أكبر من نفعها؟
- الجوائز إيجابية من ناحية توفير عائد مادّي (وأغلب الأدباء إمّا متوسطو الحال، أو على مقربة من الفقر). ومن ناحية إلقاء الضوء على الكاتب وإنقاذه من العزلة، وتنشيط النشر. أمّا سلبيّاتها فتكمن فيما تشيعه من أحكام معيارية خاطئة كالادّعاء أن الكاتب الجيد هو مَن يفوز بجوائز. علمًا أنَّ غالبية الكتاب العرب وحتى العام 2000 تقريبًا أبدعوا دون انتظار جوائز. وفي ما تثيره من طموحات لنيل جوائز، لدى الأدباء، بحيث يضغط انتظار الجائزة على الأديب وأحيانًا يوجّه عمله. ومن السلبيات أيضًا أن ينصرف النقاد والمحررون الثقافيون إلى متابعة كتب فائزة، وتبخيس الاهتمام بكتب جيدة وفيرة لم تتقدَّم إلى جوائز.
• في عام 2017 زُرتَ مسقط رأسك "بيت ريما" التي تتبع مدينة رام الله، وتطلّ على الساحل الفلسطيني بعد غياب خمسين عامًا. كيف كانت "المداهمة" كما أسميتَها، وهل سيكون لها صداها في كتاباتك الإبداعية القادمة؟
- لا أكتب سيرة أو يوميات أو في أدب الرحلات، يمكنني كتابة كتاب عن الزيارة، لكني أؤثر أن ينتقل خزيني الروحي إلى الإبداع السردي. هذا هو نهجي أو "استراتيجيّتي" في الكتابة. نعم زرتُ قريتي "بيت ريما" بعد انقطاع دام خمسين عامًا. تغيَّرت القرية وأصبح لها سمة الحياة الحضريّة. وهناك أجيال جديدة لا أعرفها ولا تعرفني. حتى مدخل باب بيت جدي لأبي قد تغيّر فقد طُلي بألوان بهيجة، والباب الخشبي العريض تمّ استبداله بباب ضيّق وردي اللون!
كان أمرًا مؤلمًا أن أعود إلى مسقط رأسي في زيارة كسائح تقريبًا، وفي زيارة استغرقت بضع ساعات، وذلك بما يسمح برنامج زيارتي إلى رام الله، وكنتُ مدعوًّا إلى مؤتمر عن الرواية نظّمته وزارة الثقافة. إنه لأمر مأساوي، واللصوص الذين استولوا على الضفة الغربية يستمتعون بالمسروقات ولا يعتزمون المغادرة. وهكذا ومع الانفعال العاطفي بزيارة القرية (التي كنتُ أمضي فيها مع العائلة إجازة الصيف لثلاثة أشهر، وحيث كان مكان الإقامة مدينة أريحا) فإنّي كنتُ مُدركًا أنَّ معاناتي الشخصية الأسيانة هي جزء من مأساة الاستيلاء على وطن من طرف العصابات الصهيونية التي أنشأت دولة نوويّة.
في نهاية هذا الحوار، نشكر القاص المبدع والكاتب المُجِدّ محمود الريماوي الذي أثرى الإبداع الأردني والعربي، وكانت له بصمته المميّزة في القصة القصيرة، وما زال نديّ العطاء، جميل الكلمة، عميق الفكرة، وأرقى ما فيه تواضعه وإنسانيّته.