صورة المرأة الأردنيّة ومكانتها في الأمثال الشعبيّة

د. محمد علي الصويركي

كاتب وباحث أردني ‏

danaalsweerky@gmail.com

 

تمثِّل المرأة نصف المجتمع، وهي محرك رئيس لثقافته واتجاهاته بما تقوم به من دور ‏فعّال في المجتمع المحيط بها، فهي الأم والأخت والزوجة والابنة والعمة والخالة ‏والزميلة، ويرى بعضهم أنَّ الموروثات الشعبيّة ظلمت المرأة ولم تعترف بدورها، ‏فكثير من الأمثال الشعبيّة جعلت المرأة مجالًا للسخرية والاستهزاء، بينما أنصفتها في ‏بعض الأمثال.‏

 

تُعدُّ الأمثال الشعبيّة جزءًا من الفلكلور الذي يجسد فلسفة المجتمع ورؤيته للحياة ‏بمختلف أنماطها وأشكالها، والاتجاه الشعبي نحو الظواهر والممارسات الحياتية ‏المختلفة بما تحويه من معتقدات وأساليب شعبيّة، مما يجعلها جزءًا مهمًّا من ثقافة ‏الشعوب، كما أنها تنقل القوانين والأعراف الاجتماعية التي يلتزم بها الجميع، فهي ‏تعتبر موجز بليغ عن تجربة مرّ بها الإنسان عبر حياته، وتناقلتها الأجيال.‏

وتتسم الأمثال الشعبيّة بسرعة انتشارها وتداولها من جيلٍ إلى جيل، وانتقالها من لغةٍ ‏إلى أخرى عبر الأزمنة والأمكنة، بالإضافة إلى إيجاز نصّها، وجمال لفظها، وكثافة ‏معانيها، ويعد المثل الشعبي من أكثر فروع الثقافة الشعبيّة ثراءً، حيث يجسد تعبيرًا ‏عن نتاج تجربة شعبيّة طويلة عاشتها الشعوب، وتخلص إلى عبرة وحكمة، ويعد ‏ضرب المثل من أكثر الأشكال التّعبيريّة انتشارًا وشيوعًا في الثقافة الشعبيّة، فهي بذلك ‏عصارة حكمة الشّعوب وذاكرتها.‏

‏ لقد اهتم العرب قديمًا بالأمثال، سواء كانت فصحى أم شعبيّة، فجموعها وحرصوا ‏على تسجيلها في مصنفات خاصة بها، ومن أشهرها كتاب: (أمثال العرب) للمفضل ‏الضبي، و(الأمثال) لأبي مفرج السدوسي، و(جمهرة الأمثال) للعسكري، و(مجمع ‏الأمثال) للميداني، و(المستقصي في أمثال العرب) للزمخشري، أمّا في الأردن فقد ‏حرص الكتاب على تسجيلها في وقت مبكر، وكتبوا عنها المقالات والمؤلفات، ومنها ‏كتاب: (قاموس العادات واللهجات والأوابد الأردنية) لروكس العزيزي، و(الأمثال ‏الشعبيّة الأردنية) لهاني العمد، و(الحكمة الأردنية: الأمثال الشعبيّة في شمالي الأردن) ‏لمحمد الصويركي، و(الأمثال الشعبيّة الأردنية) لرفعت الزغول، و(أمثال من البيئة ‏الأردنية) لرضوة أبو الشعر. ‏

‏ أما خطاب المرأة في الأمثال الشعبيّة فيتميز بانتشاره السريع بين مختلف الفئات ‏الاجتماعية، لسهولة تمثله، واستيعابه، ولبنائه التركيبي، وقدرته التعبيرية التي تجعله ‏يعكس مختلف أنماط السلوك البشرى، ثم لاستمرارية حضوره وانتقاله من جيل لآخر، ‏وبالنظر إلى خطاب الأمثال، فهو في جوهره خطاب ذكوري، والمفارقة أن المرأة ‏مسؤولة إلى حد ما عن تكريس صورتها السلبية، باعتبارها فاعلًا أساسيًا في مجال ‏التنشئة الاجتماعية، فالوضع الدوني للمرأة في الأسرة والمجتمع، لا تعبر عنه الأمثال ‏الشعبيّة حسب، وإنما تعمل على تكريسه، بفعل التنشئة الاجتماعية، ووصف المرأة ‏باعتبارها الكائن الناطق الأكثر خضوعًا للتقاليد والأعراف والعادات وللموروث ‏الثقافي بصفة عامة. وهنا سوف نستعرض صورتها ومكانتها ضمن الأمثال الشعبيّة ‏الأردنية بكل صراحة ووضوح:‏

بيت البنات

حفلت الأمثال بالإشادة بالأب الذي يرزق بالبنات، وأنَّ الله متكفل برزقه، وسوف تعمّ ‏البركة في بيته، فقالت: (أبو البنات مرزوق)، و(البنت رزقتها بتخلق معها)، و(أجر ‏البنات ولا هجرهن)، وهذا يوجب على الأب أعطاءهنّ الحنان والرعاية: (أُجبُر الوليّة ‏ونام نومة هنية)، و(اكسر جاه ميّة، ولا تكسر جاه وليّة). كما أنَّ الأم تستبشر خيرًا ‏عند إنجاب البنات قبل الأولاد؛ لأنهنّ سوف يساعدنها في أعمال المنزل: (اللي بدها ‏يسعدها زمانها بتجيب بناتها قبل صبيانها).‏

‏ وفي المقابل، هناك أمثال أعطت صورة سيئة عن منزل البنات؛ لأنهن سيتزوجن ‏الغرباء ويلدن لهم أولادًا يُنسبون لهم، ويصبح بيت والدهن فارغًا، ومصيره الإغلاق ‏في نهاية الأمر، وسوف يرثه الأقارب والأنساب في نهاية المطاف، فقالوا: (بيت ‏البنات خراب)، حتى غدا الناس يكرهون المرأة التي تنجب البنات: (أم البنات مكروه)، ‏و(مكروه وجابت بنت)، كما أنّ البنات مصدر إزعاج للأب في حياته حتى لو كنّ ‏متزوجات: (همّ البنات للممات لو إنهن عرايس مجوّزات)، و(المرأة خيرها لزوجها ‏وشرّها ع أهلها)، و(صباح الحيّة ولا صباح البنيّة).‏

المرأة والزواج

‏ رصدت الدراسة عددًا من الأمثال التي تناولت المرأة وعلاقاتها بغيرها‏،‏ ومنها: ‏ضرورة وجود الرجل في حياتها؛ لأنه هو الذي يكسبها الأهمية الاجتماعية أو ينزعها ‏عنها، وحذرت الفتاة من رفض المتقدم لخطبتها، ودعوتها للتواضع وعدم التكبر عليه: ‏‏(صح إلها جوز قالت عنه: أعور)، و(طلبوها تعزّزت دشّروها تندّمت)، وأظهرت ‏الأمثال لهفة النساء على الزواج: (ضلّ راجل ولا ضلّ حيطة)، وأصل هذا المثل ‏مصري تسلّل إلينا عبر المسلسلات والأفلام المصريّة، و(ريحة الجوز ولا عدمه)، ‏كما أنّ المرأة في أغلب الأحوال تفضِّل الزوج على الأهل: (حبيبي اللي اشتراني، مش ‏حبيبي اللي باعني)، وحتى لو انتقص الزوج من حقوقها يبقى في نظرها أفضل من ‏نعيم الأهل وخيرهم: (نارك ولا جنّة هلي)، وأنّ الزواج بنظر الأهل سترة للفتاة: ‏‏(الجيزة سترة للبنت). ‏

‏ لكن يجب أن تتم عملية الزواج بالقبول والتراضي: (جيزة الغصب بتوجع القلب)، بل ‏تفضل المرأة الزوج العجوز الذي يدلّلها على الشاب الذي لا يحترمها ولا يقدِّرها‎:‎‏ ‏‏(ختيار يدلّل ولا شب يذلّل)، و(ختيار أنين، ولا شب إهين)، و(مرة الشايب سكر ‏ذايب).‏

‏ ويجب على الزوج إعطاء الزوجة كامل حقوقها وفق كتاب الله وسنة نبيه وإلا: ‏فـ(بنات الناس مش لعبة)، والكثير من البنات يتزوجن في أماكن بعيدة عن أهلهن ‏وبذلك تصبح عملية التواصل معهنّ شاقة على الأهل، ومكلفة ماديًا، لذلك نرى الأهل ‏يقولون: (البنات مقاليع إبليس)، و(النسوان شروشهن طويلة).‏

‏ وأحيانًا نرى البنت صاحبة الخلق الطيب تصحِّح مسار الشاب السيء الخلق: (البنت ‏الكويسة من بخت الهامل)، وغالبًا ما يعود خير المرأة من المال والصحة والذرية على ‏زوجها فقط، أمّا إذا ما حدثت خلافات لها مع زوجها فإنّ ملجأها سيكون العودة إلى ‏الأهل حاملة معها مشاكلها، لذلك يقولون: (البنت خيرها لزوجها، وشرها ع أهلها)، ‏وحذرت الأمثال من رجوع البنت المتزوجة مع أولادها إلى بيت أبيها لما يشكلون على ‏أهلها من الأعباء المادية والنفسية الكثيرة: (جوزت بنتي لا ستريح من بلاها، أجتني ‏أربعة وراها)، ومن هنا يرى الناس بأنّ بيت الزوج هو المكان الصحيح للمرأة وليس ‏بيت أهلها: (جنّة المرأة بيتها)، كما أنّ الزوج بالنسبة للمرأة رحمة حتى لو قصّر في ‏حقوق زوجته وشؤون بيته: (الجوز رحمة ولو ما بجيب غير فحمة). ‏

وشجعت الأمثال على الزواج من البنت صغيرة السن لأنها سهلة الانقياد والخضوع ‏لسلطة الرجل (وهذا ما يريده)، وهي صورة أو مادة خام يمكن أن يشكِّلها الرجل كما ‏يريد، وبالتالي فهي مصدر خير بالنسبة إليه: (يا ماخذ الصغار يا غالب التجار).‏

وأشادت الأمثال بالنسب والمصاهرة حتى فضلت على أبناء العمومة: (كون نسيب ولا ‏ابن عمّ)، و(النسب نشب)، و(السعادة بثلاث: الدار الواسعة، والمرأة المطيعة، والفرس ‏السريعة)، وحذّرت من تزويج البنت دون مهر معقول؛ لأنه سيصبح مدعاة للطلاق، ‏وجلب المشاكل: (الحق مش على شلاش الحق عللي أعطى بنته بلاش). كما حذّرت ‏من الزواج من المرأة العاملة والموظفة التي أصبح لها دخل مالي ممّا يترتب عليه ‏شراكة حقيقية مع الرجل في إدارة أمور البيت، وهذا ما يقلل من سيطرة الرجل ‏التقليدية على زوجته: (لما صار للنسوان جيبة، ما ظل على الرجال هيبة)، و(صار ‏لأم سبيت بيت، وصار للقرعى جدايل).‏

وأشارت الأمثال إلى أنّ الزوجة الجيدة المطيعة ما هي إلا ثمرة من ثمار تربية زوجها ‏وسطوته: (الفرس من الفارس)، ويجب على الزوج إظهار شخصيته من أول يوم في ‏زواجه من خلال إدخال الخوف والرعب إلى قلب الزوجة حتى تذعن له وتطيعه في ‏المستقبل: (بقطع رأس القط من أول ليلة).‏

المرأة المثالية

يجب على الرجل في البداية أن يسأل عن نسب البنت وأصلها قبل الزواج، فالمرأة ‏ذات الأصول سند للرجل في الأيام العصيبة، ومفخرة له أمام الآخرين: (اسأل عن ‏الأصل قبل الفصل)، و(ناسب المسعد تسعد)، وحثَّت الأمثال على أخذ بنات الأصل ‏والحسب الشريف: (خذ الأصيلة ونام على الحصيرة)، و(خذ بنات الأصل ولا تهاب ‏الخسارة)، وحذّرت من تقديم الجمال على الأصل والحسب: (البياض على الحيطان)، ‏و(ما بياض إلا بياض العرض).‏

‏ كما يفضل الرجل المرأة قليلة الكلام على المرأة الثرثارة: (أسعد زوج زوج ‏الخرساء)، وعندما يمدحون المرأة يقولون عنها: (إلها ثِمّ يوكل، مالها ثِمّ يحكي)، وعن ‏هدوئها وطيبتها التي تصل إلى درجة الضعف يقولون: (النملة بتوكل عشاها).‏

المرأة الجميلة

هناك الكثير من الأمثال التي وصفت المرأة الجميلة، وحثّت الرجل على طلبها، فقالت: ‏‏(إن عشقت اعشق قمر، وإن سرقت اسرق جمل)، ويرادف هذا المعنى ما حثّ عليه ‏هذا المثل على الزواج من المرأة الجميلة حتى لو كان الرجل لا يملك قوت يومه، ‏فالجمال يغني عن الأكل والشرب: (خذ الحلو واقعد قباله.. وإن جعت شاهد جماله)، ‏فالجميلة تمتِّع العين، وتريح القلب: (أخذ المزيونة واشحد عليها).‏

لكن الأمثال حذرت من البنت الجميلة ذات الخلق السيء وصاحبة التصرفات الرعناء: ‏‏(مزيونة ومجنونة)، و(البياض بياض العرض، والزين زين الأخلاق)، ومدحت المرأة ‏قصيرة القامة؛ لأنها تبدو دائمًا صغيرة السن ولا يظهر فيها الكبر، وهذا ما يجعلها ‏تنال إعجاب الزوج: (جوز القصيرة بحسبها صغيرة)، وحمدت المرأة الناعمة التي ‏تهتم بجمالها وأنوثتها: (بارك الله بالرجل الشعور، والمرأة الحلساء الملساء)، وأشادت ‏بالمرأة التي تكرم الضيوف في بيت زوجها: (بنت الرجال ما بتهاب من الرجال)، ‏وكذلك بإدارتها لبيتها على أتم حال: (أعط الخبز لخبّازته ولو أكلت نصه).‏

الزوجة المهملة

‏ نددت الأمثال بالزوجة المهملة التي تسهم في خراب بيتها، ولا تقف مع زوجها أيام ‏المحن والشدائد، فيقولون بهذا الصدد: (أبو خضير بزرع الشجر، وأم خضير بتشلعه)، ‏و(أبو علي بزرع، وأم علي بتقلع)، بل دعت الرجل إلى طلاقها إذا لم تتقن أعمالها ‏المنزلية: (إذا مشق العجين على أديها طلقها ولا تندم عليها)، حتى أنّ المرأة المشاكسة ‏والخايبة تدفع الزوج إلى الترحُّم على أيام العزوبيّة، فيقول متحسرًا: (اتجوّزنا تا ‏ننستر، سقى الله على أيام الفضايح).‏

وترى الأمثال أنّ الزوجة في الغالب لا تحسن تربية الأولاد خاصة عند غياب الزوج ‏عن البيت لمدة طويلة، فيعتبرون الولد السيئ الخلق ما هو إلا نتاج تربية أمه: (ترباية ‏مره)، و(النسوان عمرهن ما ربين ثور بحرث).‏

المرأة الأم

‏ حفلت الأمثال بتقدير مكانة الأم بين أولادها وبناتها، فهي التي تجمع أولادها من ‏العزاب والمتزوجين في بيتها، وتغدق عليهم الحنان والمحبة بلا حساب: (ريحة الأم ‏بتلم)، و(الأم الحنونة من حنيتها مخبونة)، واعتبر موت الأم هو اليتم الحقيقي: (اليتم ‏مش موت الأب، بل هو موت الأم)، و(إن ماتت أمك مات كل من يحبك).‏

‏ وفي المقابل يحرص الابن على عدم إغضاب أمه أو تعرُّضها لأي محنة في حياتها: ‏‏(ألف عين تبكي ولا عين أمي تبكي)، فهو يحترم خياراتها حتى لو تزوجت بآخر: ‏‏(اللي بتجوّز أمي بصير عمي)، أمّا دعاوى الأم على ولدها حين يغضبها فإنها دعاوى ‏لا يُستجاب لها: (دعاوي الوالدة مثل المية الباردة).‏

‏ والأم هي التي تحمل دائمًا هموم الأولاد: (غير أمك ما بهكل همك)، و(اللي ‏مصروفه من أمه شو بهمّه)، و(اللي أمه خبازة لا تخاف عليه)، والذي لم تربيه أمه ‏فليعذره الناس: (اللي ما ربوه أمه وأبوه، يا ناس، لا تلوموه)، وحذرت من البخل على ‏الأم: (ببخل ع أمه، ويكرم ع الناس).‏

المرأة "الخايبة" والمشاكسة

حذّرت الأمثال من المرأة "الخايبة" والمشاكسة، وأنها وراء كل مصيبة أو مشكلة: (إذا ‏شفت بلد دايره على مره، قول: الله يعين البلد عليها)، و(إذا بدّك تبهدل رجل دير وراه ‏مره)، و(عفنة وعلى إيدها طفلة)، و(البومة إن حلفت لا تصدقها)، و(ما بخرب المره ‏غير المره)، و(مين بحمد العروس غير أمها، وخالتها، وعشرة من جاراتها)، و(مش ‏كل من قعدت على النول نسّاجة)، و(مثل خياطة أم نصر، خياطة الصبح، وافتاق بعد ‏العصر)، كما أنّ المرأة متقلبة المزاج وغير ثابته على رأي أو موقف معين، وهي ‏غير متزنة العقل: (البنات بسبع وجوه). ‏

التعليق على ما سبق

‏ من خلال استعراض الأمثال الشعبيّة السابقة نرى بأنها ترسِّخ العنف الاجتماعي ‏الممارس ضد المرأة، وتحجِّم دورها في المجتمع، وترسِّخ مفهوم التمييز الذكوري، ‏والنظرة الدونيّة لها، وأنها كائن أقل من الرجل، ويرى بعضهم أنّ السبب يعود إلى ‏انحطاط حضاري، ففي العصر الجاهلي، كانت القيم السائدة تحط من مكانة المرأة، ‏وكان وأد الإناث منتشرًا باستثناء عليّة القوم، ومع ظهور الإسلام تعدّلت تلك القيم، ‏لكن بعد وفاة الرسول عليه السلام وزيادة الفتوحات الإسلامية بدأت تلك الثقافة تطل ‏من جديد، وعادت القيم الجاهلية إلى الانتشار، وتلك الأمثال الشعبيّة خير دليل على ‏ذلك، فهي منتشرة في كل الوطن العربي، وترسِّخ ثقافة العنف ضد المرأة.‏

‏ تقول الباحثة (فوزية بو خريص): إنَّ أهم ما تتميز به الأمثال الشعبيّة المرتبطة ‏بالمرأة هو اتصافها بالاختلاف والتعدد إلى مستوى يصعب معه إيجاد رابط يجمع ‏بينها، فبقدر ما نجد أمثالًا تمجِّد المرأة وترفع من شأنها، بقدر ما نجد أمثالًا أخرى ‏تحط من مكانتها، وتعكس هذه الأمثال النظرة المتناقضة التي يحملها المجتمع تجاه ‏المرأة، فهي موضوع للرغبة، وموضوع للرهبة في الآن نفسه.‏

هناك أمثال تقدم صورة إيجابية عن المرأة، لكنها تظل محدودة العدد مقارنة مع غالبية ‏الأمثال التي ترسم صورة سلبية عنها، وبالنظر إلى أنّ الأمثال الشعبيّة لها وظائف ‏مختلفة داخل المجتمع، فإنّ أهم هذه الوظائف وأخطرها وظيفة التنشئة الاجتماعية ‏القائمة على التمييز بين المرأة والرجل، وعلى تكريس هيمنة الرجل على المرأة، والتي ‏تلعب فيها المرأة دورًا كبيرًا.‏

‏ ولا تقتصر صورة المرأة السلبية في الأمثال الشعبيّة على المجتمع الأردني أو العربي ‏فقط، بل هي منتشرة في كل المجتمعات الغربية والآسيوية والأفريقية، وإليكم بعض ‏الأمثال في المجتمعات المختلفة: "يا ويل من أعطى سِرَّه لامرأته، يا طول عذابه ‏وشتاته" مثل مصري. "بنتك لا تعلّمها حروف، ولا تسكنها غروف" مثل تونسي. ‏‏"اللي بتموت وليّته من صفاء نيّته" "إن ماتت أختك انستر عرضك" مثل ‏فلسطيني. "البنات همُّهن للممات" مثل لبناني. "المرأة أفعى ومتحزمة بإبليس" مثل ‏مغربي. "الرجل الحكيم هو الذي يختار المرأة بأذنيه لا بعينيه" مثل إيطالي. "السيف ‏والزوجة لا تثق بأحدهما على الإطلاق" مثل ألماني. "إن الله يحرس زوجة الأعمى، ‏لأنّ المسكين لا يرصد خطواتها" مثل هندي. "الشيطان أستاذ الرجل وتلميذ المرأة" ‏مثل ياباني. "مَن ملك امرأة فقد ملك ثعبانًا" مثل إنكليزي. "من تزوج جميلة، فقد ‏تزوج ورطة" مثل أوروبي.‏

لقد استطاعت المرأة اليوم إثبات جدارتها في المناصب القيادية، والتمثيل السياسي، ‏وحقل التعليم، واقتحمت مهنًا كانت مقتصرة لفترات طويلة على الرجل ونجحت فيها، ‏ونحن نُراهِن على الزَّمن، وكذلك على تطوُّر التعليم والإعلام والثقافة في غرس أمثال ‏إيجابيّة تحترم مكانة المرأة ودورها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وربما يأتي ‏زمن تصبح فيه تلك الأمثال السلبية جزءًا من الماضي، وتجعل الأجيال تسخر منها ‏إلى درجة الضحك على عقول مَن كان يردِّدها في تلك الأزمان الخوالي.‏

‏* المصادر:‏

‏- رضوة أبو الشعر، أمثال من البيئة الأردنية، مطبعة كنعان، إربد، 2000.‏

‏- روكس العزيزي، قاموس العادات واللهجات والأوابد الأردنية، مطبعة القوات المسلحة ‏الأردنية، 1973، (3 أجزاء).‏

‏- شيماء عباد، المرأة في الأمثال الشعبيّة بين التمجيد والتحقير، العمق المغربي‎ ‎تاريخ 14/3 ‏‏/2018.‏

‏- فادية عبود، الأمثال الشعبيّة تهين المرأة، القاهرة،  12 حزيران/ يونيو 2016. ‏

‏- فوزية بوخلايص، صورة المرأة في الأمثال الشعبيّة.‏

‏- محمد الصويركي، الحكمة الأردنية: الأمثال الشعبيّة في شمالي الأردن، إربد، 2013.‏