الكلمة في مُواجهة ثورة الصّورة السينما والرِّواية أنموذجًا

‏د. لينداء عبيد

أديبة وناقدة أردنية

‏ تَتَناولُ هذه الدِّراسة الإبداع بوصفه تعبيرًا عن الهويّة لقياس مدى خضوعه لهيمنة ما يدور في ‏الواقع المعاصر من استحواذ العولمة، وسلطة المرئيّات على اختلاف أنواعها؛ إذْ بدأ الأدب يؤثِّر ‏ويتأثَّر، ويوظَّف من خلال هذه المرئيّات؛ ممّا أدّى إلى انعكاسات سلبيّة وإيجابيّة تترك ملامحها ‏على فنونه، مع تسليط الضوء على الرِّواية كونها تتمتَّع بتقنيات مكَّنتها من التحوُّل إلى أفلام ‏سينمائيّة في التقنيات المرئيّة التي تستحوذ الصورة فيها على كلّ شيء.‏

 

نَعيشُ اليوم في عالم تهيمن عليه سلطة الصورة؛ إذْ صارت الصُّور تطغى على ثقافة ‏

الإنسان، وتقوم بدور الوساطة في الأنشطة الإنسانية كافة، إلى درجة أنها صارت تستحوذ على ‏مُدركات البشر لتحلَّ محلّ سلطة الكلام في التخاطب الاجتماعي الإنساني. وقد قال أرسطو ذات ‏مرَّة: "إنَّ التفكير مستحيل من دون صور"، ونحن نعيش فعلًا في عصر الصورة -كما قال "آبل ‏جانس"- وفي حضارة الصورة، كما قال الناقد الفرنسي "رولان بارت"(1).‏

وممّا لا شكّ فيه، ونحن نقف إزاء مدّ العولمة أنّ ذلك لا بدَّ سيؤثر على الثقافة، وستتراجع ‏القراءة لمصلحة المُشاهدة، وذلك لأنَّ الرؤية البصريّة تتطلب عمليات معرفيّة أقل من القراءة ‏على الرّغم من أنَّ "الصور قد جاءت كي تثري الكلمات لا كي تحلَّ محلّها، وإنَّ ما نراه الآن من ‏طغيان هو طغيان ظاهري ومؤقت؛ فإنْ استطعنا توظيف الصورة كما يجب في المرئيّات ‏البصريّة؛ فإنَّنا سندعم الفنون والثقافة، إذا ما عزَّزنا ذلك بوعي مجتمعي ناضج للتعامل مع ‏الثورة المعلوماتية ومدّ العولمة. ‏

إنَّ العولمة مصطلح جديد النشأة حديث العهد، وبالرّغم من ذلك فقد دخل بقوة في ميادين حياتنا ‏المعاصرة. وإذا كان المصطلح قد أسس له قاعدة واسعة في الخطاب الاقتصادي والتكنولوجي ‏كما نصطلح اليوم على تسميته بالعولمة الاقتصادية، والعولمة التكنولوجية، فإنَّ الثقافة هي ‏الأخرى قد تبنَّته أيضًا، وأوجدت ما نسميه بالعولمة الثقافية، وتأتي الفنون والآداب في طليعة هذه ‏الثقافة"(2).‏

وعلى الرغم ممّا يطلُّ من ذلك، من ألق وإيجابيات إلا أنَّ القلق يتسرّب من المقدار الكبير لدرجة ‏الانجذاب نحو الآخر؛ ممّا يهدِّد الهوية الحضارية نتيجة للتراجع في الظروف السياسية ‏والاقتصادية، ويجعل الآخر متضخِّمًا، وبالتالي يستحوذ الأقوى على الأضعف فتغيب ملامح ‏الخصوصيّة. وتُعدُّ الصورة من أقوى الوسائل الاتِّصالية التي تُسهم في تشكيل شخصية الفرد، ‏وتدفعه إلى تبنّي وجهات نظر معيَّنة تعاطفًا أو نفورًا ليذوب في عالم الصورة لصالح القِيَم ‏الاقتصادية التي تحرّك المرئيّات. ‏

 

‎-2-‎

يحوي مصطلح الثقافة البصريّة مدى واسعًا من الأشكال التي تمتدّ من الفنون الجميلة إلى الأفلام ‏السينمائية وبرامج التلفاز بمسلسلاته الدرامية وغيرها. فالإبصار هو الحاسة التي خلبت العقول، ‏وتُعدُّ الأكثر ارتباطًا بالفنون البصريّة، وبإدراك الفن، إنهُ بمثابة "النافذة الكبرى". وتشبه العين آلة ‏التصوير؛ إذْ توجد بها طبقة حسّاسة تسمّى الشبكيّة تنعكس عليها صور المرئيّات، وكذلك حدقة ‏تتَّسع من تلقاء نفسها تبعًا لكميّة الضوء ودرجة سطوعه، وتظهر الصور مقلوبة في الشبكيّة كما ‏تبدو في فيلم آلة التصوير(3).‏‎ ‎

ولمّا كان العمل الأدبي خاصة والفنون عامة، نابعًا من ذات أكثر قدرة على استشعار التفاصيل ‏والانفعال بما يدور حولها رهافةً وتوترًا وفهمًا، إذْ يقول أحدهم: "إنّ ما يمرّ به الناس مرورًا ‏يجرحني أنا، ويسفك دمي على قارعة الطريق". وما دامت مساحة المبدع لاختزان رؤاه ونبضه ‏وأيديولوجيته إزاء ما ينفعل به في الواقع، فيكشف من خلاله دواخل ذاته، ويعرّي مجتمعه، إذْ ‏يرسم عالمًا متخيّلًا على الورق كما يرتئيه دون أن ينفصل هذا العالم بشخوصه وأحداثه عن ‏مجريات الواقع، فإنّه بلا شك سيخضع لهيمنة ما يدور في الواقع المعاصر من استحواذ العولمة، ‏وسلطة المرئيّات على اختلاف أنواعها؛ إذ بدأ الأدب يؤثر ويتأثر، ويوظف من خلال هذه ‏المرئيّات؛ ممّا أدى إلى انعكاسات سلبية وإيجابيّة تترك ملامحها على فنونه. ‏

تُعدُّ القصة القصيرة والرِّواية من أهم الفنون الحداثيّة التي تغلب في حضورها على الواقع ‏المعاصر، ممّا جعلها من أشهر الأجناس الأدبية وأقدرها على جذب القراء(4). وقد سمِّي العصر ‏‏"عصر الرِّواية". فهذان الفنّان هُما الأقدر على الإلمام واحتواء تفاصيل الحياة المعاصرة برتابتها ‏وتفاصيلها ومفاجأتها وظروفها اتِّكاءً على مهارة الرِّوائي أو القاص في استخدام التقنيات ‏السردية، وإتقان لعبة الحركة الزمنية في تلوّيها بين الحاضر والماضي والمستقبل؛ إذ تحضر ‏تقنيات الاسترجاع والاستشراف والمونولوج وتيار الوعي ضمن خلق بنية مكانية تقوم اللغة ‏شعرية أو تقريرية على رصد تفاصيلها، وتحفيز مخيّلة المتلقي على تصوُّرها والسَّيْر على ‏تصاعدات الأحداث وتعقيداتها، والإطلال على بواطن الشخوص وتشكيلاتها، ممّا يدفع إلى ‏التعاطف مع بعضها، والنُّفور من بعضها الآخر. وبالتالي تُبنى رؤى وأفكار يطرحها الرِّاوئي ‏وفق مرجعيّاته وتوجُّهاته الفكرية ومهاراته في تحميلها للشخوص بين الإتقان والانفعال إذا ما ‏رضخ لوطأة الأيديولوجيا التي ينطلق منها. ‏

وقد امتدَّت يد السينما والتلفاز إلى هذه الفنون؛ فيعتبر التلفاز أقوى وسائل الإعلام حضورًا؛ إذْ ‏يعتمد على الصُّوَر الحيّة المرئيّة التي تجذب اهتمام المُشاهد الذي يميل إلى تصديقها، بل وتؤثِّر ‏على عواطفه لما تتمتَّع به من ميزات، وهي أقدر على التعبير من آلاف الكلمات. فالصورة الحيّة ‏تعتبر من أحسن الوسائل إقناعًا، إذْ إنّ الرُّؤية أساس الإقناع؛ فالصورة الحيّة أقوى تأثيرًا من ‏الكلمة المكتوبة أو المسموعة نظرًا لاستخدام أكثر من حاسّة في تلقّيها، كما أنَّ الألوان تساعد في ‏استبيان المعلومات واستيعابها(5)‏‎.‎

ومن هنا، فقد كانت القصة القصيرة والرِّواية وجبة دسمة لخلق الأعمال الدرامية، فالعمل ‏الدرامي يبدأ بالفكرة التي ترتكز عليها القصة أو الرِّواية، ثم تتناولها يد كاتب مبدع يعمل على ‏تحويرها إلى ما يُعرف بالسيناريو، إذ يخضع العمل الرِّوائي أو القصصي إلى بعض التغييرات ‏ليتلاءم مع متطلّبات هذه المرئيّات مضافًا إلى ذلك التواصل مع أشخاص قرؤوا الأعمال وتمثّلوها ‏ليتمكّنوا من إعداد العناصر اللازمة لدعم العمل الفني من ديكور وملابس ومكياج و… والتي تُعدُّ ‏عنصرًا مهمًّا لتوصيل المفاهيم لتحديد الزمان والمكان والحالة الاجتماعية للعصر، وكل ما يتصل ‏بالأبعاد النفسية والثقافية والاجتماعية للشخوص، والإضاءة والصوت. ويحضر هنا، الدور المهم ‏لما يسمّى "المونتاج". والمونتاج: ترتيب لقطات الفيلم وفق شروط معيّنة للتّتابع وللزّمن"(6).‏‎ ‎

وبالوقوف على تأثير الفن السابع (السينما) على القصة والرِّواية، فإنَّنا نجد هذا الفن أقدم في ‏تواجده من التلفاز وأكثر إتقانًا في قدرته على نقل الصور المرئيّة بأبعاد ثلاثيّة تزيد من تأثير ‏العمل الفني على المتلقي، وأكثر استحوذًا على حواسه. وقد بدأت منذ سنوات طويلة ظاهرة ‏تحويل الأعمال الروائيّة إلى أفلام سينمائيّة بعد إخضاعها لبعض التعديلات -كما يحدث في ‏سيناريوهات الدراما التلفزيونية- لما يعتريها من تشابه واضح مع تقنيات الفيلم السينمائي ‏‏"فكلاهما يتكوّن من أجزاء صغيرة يلتحم بعضها مع بعضها الآخر لبناء المشهد، وكلاهما يركِّز ‏على أساسية الصورة في تشكُّله، وكلاهما يمكنه اللُّجوء إلى الاسترجاع الزمني والاستباق(7)، ‏على الرغم من وجود فروقات تتمثّل في الاختلاف بين اللغة الأدبية بصورها وتشبيهاتها، واللغة ‏السينمائية، وبين المدة الزمنية التي تغطيها الرِّواية، بينما لا يحتملها الفيلم السينمائي، فظهر ما ‏يسمّى "المونتاج السينمائي" الذي يُعدُّ أكثر عناصر اللغة السينمائية خصوصية. إضافة إلى أنَّ ‏الرِّواية تقدَّم كتابةً، بينما السينما تعرض بالصورة والحركة والصوت. ‏

إنَّ تصوير رواية أو قصة فيلمًا يستلزم إخراج أحداثها وتصويرها من عدَّة زوايا، وأوضاع ‏مختلفة؛ إذ ينتقل من اللّقطة البعيدة الشاملة إلى اللّقطة المتوسطة، واللّقطة المتوسطة القريبة، ‏وهكذا إلى اللّقطة القريبة… وفي الإمكان الحصول على تأثير درامي خاص بالانتقال المفاجئ ‏من لقطة بعيدة نسبيًّا إلى لقطة قريبة جدًا(8)‏‎.‎

ومعروف أنَّ الرِّواية ليس بالضرورة أن تتَّخذ المسار التراتبي المنطقي لحركة الزمن، وتصاعد ‏الأحداث، فقد يبدو الزمن متشظيًا بين حركتي الماضي والحاضر، وقد تبدو الأحداث متداخلة ‏متعاكسة حينًا، ومتسلسلة حينًا آخر، لذلك تمثل الرِّواية خصوصية معيَّنة تحتاج إلى الدقة عند ‏تحويل بعضها إلى أفلام سينمائية، فتخضع لمعالجات عدّة، وتحتاج إلى مونتاج بارع يقطّع ‏اللقطات، ويحسن ترتيبها دون أن يستشعر المشاهد قطعًا أو خدشًا لانسجامه مع الفيلم. ‏

‏"وقد تكهَّن (ألبيرس) قبل حوالي ثلاثة أرباع القرن بأنَّ فنًّا سينمائيًّا روائيًّا في طريقه إلى ‏التحقُّق، ولم يكن هذا التكهُّن مبنيًّا على أساس ما كان شائعًا في حينه من تقنيات مشتركة بين ‏الفنَّين، من مثل: الصوت الخفي (المونولوج)، وتيّار الوعي، وتعدُّد الأصوات، بل على أساس ‏سينمائي يستند إلى نظام الصُّور المتناهي أو ما دعته ترجمة كتاب (ألبيرس) بـ"المهلوس" وليس ‏إلى نظام الصُّور المتسلسلة منطقيًّا على أساس الحبكة التقليدية"(9). ومن هنا فقد تصاعدت حركة ‏الأعمال الروائيّة داخل السينما ضمن اشتباك جميل للُّغتين. ‏

ويذهب وجيه فانوس إلى أنَّ السَّرد السينمائي "هو البناء الذي نصبّ فيه وحدة الموضوع أو حبكة ‏القصة، كما أنه مجموعة الإشارات التي تترجم الحركة المتخيّلة إلى مجموعة من المشاهد ‏المكتوبة على صفحات السيناريو"(10) ‏‎ ‎ممّا جعل السرد السينمائي مرادفًا للمعنى العام للسرد في ‏الرِّواية، خاصة في مسألة التزامن المشهدي والزمني، واستخدام تقنيات الحذف والإضمار الزمني ‏اعتمادًا على الحيل في التعبير عن مرور الوقت وحضور براعة الروائي والكاميرا في التقاط ما ‏يسمّى (الأشياء) "الإكسسورات"(11) وفتح وغلق العدسة، والمسح، والمزج، والاختفاء، والظهور ‏التدريجي؛ إذ يساعد ذلك الفن السينمائي في تبديل التسلسل الزمني للحكاية بمنطق أكثر واقعية، ‏وهو منطق التداعيات المرئية والصوتية(12).‏

وقد حُوِّلت معظم روايات "نجيب محفوظ" إلى أفلام سينمائية من مثل: "ثرثرة فوق النيل"، ‏‏"اللص والكلاب"، "ميرامار"، "زقاق المدق" وغيرها كثير. إضافة إلى كثير من الأعمال الروائية ‏العربية لـ"إحسان عبدالقدوس" و"بهاء طاهر" و"أحلام مستغانمي" وآخرين. ‏

وطبيعي أن تستحوذ هذه المرئيّات على المتلقّين، لتشكّل ظاهرة حضارية لا يمكن التفلُّت من ‏تأثيرها، أو إنكار دوْرها في إشاعة الفنون الكتابية الأدبية، وتعزيز الإقبال عليها لِما أشرنا له من ‏سهولة تلقّي الصورة، وما تخلقه من تأثيرات تنجم عن تكامل الحواس، واستهدافها لقطاع واسع ‏متنوِّع من الناس على اختلاف وعيهم ومدركاتهم. إلا أنه، وبشكل واضح ودون شكّ يترك تأثيره ‏السلبي المتعلّق بالابتعاد عن القراءة والمطالعة، والابتعاد عن التعلّق باللغة والإحساس بشعريّتها ‏وشاعريّتها، والانسجام في داخل عالم خيالي يرسم خطوطه فوق الورق، وإنْ مسَّ في دواخله ‏وبواطن شخوصه صفحات الواقع الذي تتشكّل دواخل الأدب فيه، وصبَّ رؤاه وأيديولوجيّته ‏ومرجعيّاته من تشكيلاته الثقافية والاجتماعية، فيزداد الميْل إلى الجوانب المادية التي تلقي ظلالها ‏على ذهنية الإنسان المعاصر على الرغم ممّا قد تخلقه هذه الفنون، أحيانًا، من ارتقاء بالجوانب ‏الروحانية المنطلقة من الفكرة، أو من الأداء، أو توظيف الفنون الأخرى من مثل: الرقص ‏الراقي، أو الموسيقى ضمن انسجام بين الكلمة والموسيقى في نبضها والجسد في إيقاعاته. ‏

وتكمن خطورة هذه المرئيّات باستحواذها على أكبر عدد من عامة الناس وخاصّتهم، ومن خلال ‏توظيف بعض الجهات والقوى لها عبْرَ صناعة بعض البرامج والأفلام والمسلسلات للترويج ‏لأيديولوجيّاتها، ممّا يهدِّد البنية الثقافية والفكرية للمجتمع دون تنبُّه أو وعي واضح لخطورة ما ‏يجري. الأمر الذي يجعل من هذه المرئيّات سلاحًا فكريًّا مقلقًا وخطيرًا ومفيدًا في آن. خاصّة ‏وأنّ التلفاز وشبكات المعلومات العالميّة صارت قادرة على اقتحام كل الغرف والأمكنة، ممّا ‏يجعل المتلقي ذائبًا في عالم الصورة والمتخيَّل. ‏

ولقد استعبدتنا طقوسيّة الشاشة المُضيئة وهي تفرض بلايين الأشياء التي يلغي أحدهما الآخر ‏بشكل لولبي يبعث على التشوُّش والدوار. يقول فيليني: "إنَّ التلفاز قد شوَّه مقدرتنا على التوحُّد ‏مع أنفسنا، إنَّه انتهك أكثر أبعادنا حميميّة وخصوصيّة وسريّة(13).‏‎ ‎

وعلى الرّغم من حبِّنا وإيماننا بفن القصة القصيرة، والرِّواية، والفنون عمومًا كونها مشروعَ ‏تمرُّد الإنسان في مواجهته الانحطاط، وهي التي تمنحه إمكانيّة صياغة آماله ومخاوفه باعتمادها ‏على الخيال؛ مملكة التصوُّرات التي تُعدُّ الشَّرف الشعريّ الرفيع للإنسان"(14)، وعلى الرّغم من ‏إدراكنا ما قدّمته المرئيّات بأنواعها من خدمة لإحياء هذه الفنون وذيوعها جماهيريَّا، إلى جانب ‏إدراك خطورة تهديدها للثقافة والقراءة، وما ينتج عنها من عوالم تختلف عمّا تقدِّمه الصورة من ‏واقع مؤطَّر بشاشة، وصور لشخوص وأمكنة، ممّا يضيّق زاوية الرُّؤية التي تخلّفها الكلمة لدى ‏المتلقي، وعلى الرّغم من تغلغل القيم النفسيّة الماديّة في الواقع الاجتماعي، إلّا أنه يظلّ هناك ‏ضوء في آخر النَّفق، والصورة ليست قاتمة شرط أن تتضافر الجهود الثقافية والإبداعية ‏والسياسية لتفعيل الوعي، ومراقبة ما يُصوَّر ويُحوَّر حتى لا تُشوَّه كثير من الأعمال الإبداعية ‏المتقنة فنيًّا، إضافة إلى تجميل القراءة والتوعية بميزاتها، وخطورة العولمة والذوبان في الآخر ‏دون وعي ناضج حفاظًا على الهوية. ‏

 

المراجع والهوامش:‏

‏(1)‏ انظر: شاكر عبدالحميد، عصر الصورة الإيجابيات والسلبيات، الكويت، مطابع السياسة، 2005، ص7.‏

‏(2)‏ انظر: كاظم، مؤنس، خطاب الصورة الاتصالية وهذيان العولمة، إربد، عالم الكتب، 2008، ص44. ‏

‏(3)‏ انظر: شاكر، عبدالحميد، عصر الصورة، ص44. ‏

‏(4)‏ أشهر ما تُعرّف به القصة القصيرة بأنها "العمل الأدبي الذي استوفى من الخصائص أو العناصر ما يعرف بالحادثة ‏أو الحدث، ثم السرد أي نقل الحادثة من صورتها الواقعية إلى صورة لغوية، ثم البناء مرورًا بالمقدمة والوقائع والحوادث ‏المفاجئة والمعقدة والتنوير والحل، ضمن حضور الشخصية والزمان والمكان. انظر: المؤتمر الدولي الثالث عشر، ‏ج2، إربد، عالم الكتب، 2009، ص332.‏

‏(5)‏ انظر: محمد، معوض، فنون العمل التلفزيوني، القاهرة، دار الفكر العربي، 1987، ص10. ‏

‏(6)‏ ألبير، يورجنسون: المونتاج السينمائي، ترجمة مي التلمساني، مصر، أكاديمية الفنون، 1990، ص7. ‏

‏(7)‏ وجيه، فانوس، تقنيات السرد السينمائي في النص الروائي، مؤتمر النقد الثالث عشر، ج2، إربد، عالم الكتب، 2009، ‏ص867. ‏

‏(8)‏ أندرو، يوكانان: صناعة الأفلام، ترجمة أحمد الحضري، القاهرة، وزارة الثقافة، 1960، ص84. ‏

‏(9)‏ نبيل، حداد، لغة السيناريو، مؤتمر النقد الدولي الثالث عشر، ج2، إربد، عالم الكتب الحديث، 2009، ص77.‏

‏(10)‏ وجيه، فانوس، ص865.‏

‏(11)‏ تحضَّر الإكسسوارات خدمةً للكشف عن طبائع الشخوص وتشكيلاتها الثقافية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية. ‏

‏(12)‏ ألبير، بورجنسون، ص7.‏

‏(13)‏ شاكر، عبدالحميد، ص214. ‏

‏(14)‏ ألبير، بورجنسون، الغلاف. ‏