نوافذ ثقافيّة

محمد سلّام جميعان

شاعر وناقد أردني

 

ثقافة عربيّة

 

سونيتات شكسبير- مختارات وإضاءات نقديّة/ أحمد علم الدين‏

بين دفّتي هذا الكتاب دراسة لسونيتات شكسبير الشهيرة، وفي أثناء ذلك يطوف المؤلف بطبيعة ‏اللغة السائدة في العصر الإليزبثي وما في تلك اللغة من خروج على قواعد الآداب العامة. ومن ‏اللغة يفتح الباب على أهمية دراسة سيرة شكسبير لحلّ الألغاز المتعلقة بالسونيتات. وفي هذا ‏السياق يقدم للقارئ رؤية لشكسبير تختلف عمّا هو سائد في الترجمات العربية؛ إذ يبسط مجموعة ‏من الآراء التي تتناوب في إثبات حقيقة وجوده أو نفيها. كما يسلِّط الضوء على عالم السونيتات ‏والمصدر الذي أتت منه إلى إنجلترا، حيث يتوقف عند سونيتات "بترارك" وريادته لهذا الفن في ‏الأدب الإيطالي، وكذلك "جون ملتون"، و"إدوارد سبنسر"، والقواعد التي تحكمها.‏

وفي خضمِّ كلِّ هذا عرَّف المؤلِّف بالأشخاص الذين وُجِّهت لهم هذه السونيتات (معشوقة ‏شكسبير، الأصدقاء، راعية ساوثامبتون...) شارحًا لها بالشرح الوافي ومضمِّنًا النصّ الإنجليزي ‏ومسردًا بالكلمات الصعبة وتفسيرها، ليكون القارئ على بيِّنة ببنية السونيتات من حيث الصراع ‏والجو العام والمتكلم والأسلب والتشبيه. ويعرض بالنقد للنقاط الجوهرية في كل سونيت.‏

والمؤلِّف إذ يفعل كل هذا فإنَّما (ليزيل بعض الغموض المحيط بها ويبسِّطها ويجعلها في متناول ‏جميع طبقات القرّاء ولا سيما القارئ العادي).‏

ويقرِّر الكاتب أنَّ هذه السونيتات تُعدُّ سيرة حياة شكسبير الذاتية، والتي عبّر فيها عن مكنون ‏صدره، وأنَّ شكسبير لم يكتبها للنشر على الرغم من تداولها بين أصدقائه وأفراد حاشية راعية ‏ساوثامبتون. وينطوي الكتاب على قيمة معرفية عالية من حيث المضامين الأدبية والنّظرات ‏النقدية.‏

 

أبو العلاء المعرّي... سيرته وآراؤه ومؤلفاته/ سحبان خليفات

الكتاب ضخم يقع في 866 صفحة، يطوف الباب الأوَّل منه في التعريف بالمعرّي، وفيه قدر ‏كبير من ردّ الاعتبار لشخصيّة إشكاليّة في تراثنا الأدبيّ والفلسفيّ. ويقف الباب الثاني عند ‏المؤثرات العربية في شعر المعري (أبو العتاهية والشعراء الهذليون، أبو الطيب المتنبي، أبو بكر ‏الرازي، أبو حيان التوحيدي، مسكويه، ابن الهيثم)، فيما يقف الباب الثالث عند المؤثرات اليونانية ‏في فلسفة المعري وشعره. أمّا الباب الرابع فيشمل الحديث عن حضور الفكر الهندي في فلسفة ‏المعري. ويخصِّص المؤلف الباب الخامس لمقاربة فلسفة أبي العلاء في الميتافيزيقا، ثم تتوالى ‏الفصول حتى لا يغادر المؤلف جزئيّة في سيرة المبحوث فيه وشعره.‏

والكتاب في جوهر فلسفي أدبي، انقدحت فيه جهود المؤلف عن زنادٍ نقديٍّ قدّم فيه رؤىً مختلفة ‏أنصفت المعرّي من المنظورات الدينية والسياسية والنفسية التي هيمنت على الدراسات الإبداعية ‏الأدبية أو الأكاديمية الجافة، فأزالت مواضع التَّحريف التي لحقت بتجربة المعرّي نتيجة ضياع ‏كثير من مؤلفاته، وكل ذلك بعيدًا عن القراءة الحرفيّة والمعجميّة لشعر الشاعر الفيلسوف.‏

ويصاحب الكتاب مجموعة من الفهارس التحليلية للآيات القرآنية والأحاديث النبوية والمدارس ‏الكلامية والأديان والمصطلحات الفلسفية.‏

 

المكان في الثقافة الوطنيّة/ مجموعة باحثين

انطلاقًا من تمحور الإنسان في زمان ومكان، بوصف المكان هو ما يشكّل وجدان الإنسان ثقافيًّا ‏واجتماعيًّا ووجدانيًّا، جاءت أوراق هذا الكتاب التي تناولت الحضور المكاني للإنسان الأردني في ‏الأدب والفن، فقرأ د.يوسف بكار، المكانَ في أربع سير ومذكرات، استرجعت الحياة الأردنية ‏وصورها في مراحل متعدِّدة.‏

ويبدو الحضور المكاني وتمثيلاته في الرواية الأردنية، وما منحه من خصوصية محلية في ‏المدينة والقرية والبادية فيما قدّمه د.نبيل حداد. ومن خلال كتب الرحلات والسِّيَر والمذكرات، ‏تفصح النصوص التاريخية عن جدلية المكان مع الأحداث الدائرة فيه على نحو يبعث على ‏الاعتبار والمتعة المنبثقة من النصوص التي تجمع بين المتباعدات بالإيحاءات الساخرة والجادة، ‏كما وقع في دراسة د.عبدالكريم الغرايبة.‏

ووقف مهدي الرواضية على صورة المكان الأردني في الأدب الجغرافي، فبيّن أهميّة الأمكنة في ‏نسقها التاريخي، معتمدًا على كتب التراجم والأنساب والوثائق العثمانية والدواوين الشعرية.‏

وثمّة بحوث قرأت المكان في الأمثال والأغاني الشعبية، كما بدى هذا واضحًا في بحث د.هاني ‏العمد، فبيَّن دلالاتها في سياقها الثقافي والاجتماعي. وهو ما يتراءى في بحث د.رامي حداد.‏

وهناك ورقة يتيمة عرضت لحضور المكان في السينما، كما تجلّى في بحث عدنان مدانات، ‏حيث استقرأ عددًا من الأمكنة: (جرش، عمّان..) فيما قرأَتْ أربعة بحوث أخرى المكان من حيث ‏جيولوجيّته وآثاره، وبحث آخر تناول مفهوم المكان في العمل السياسي الأردني، ناهيك عن ‏بحوث أخرى تناولت المكان من زاوية ذاتية، والتغيُّرات التي طرأت على أسماء المدن والقرى.‏

 

ثقافة عالميّة

 

نيلسون مانديلا- مسيرة طويلة نحو الحُريّة/ ترجمة د.فاطمة نصر

يسطّر نلسون مانديلا في هذا الكتاب سيرته الذاتية وما فيها من كفاح ضد التمييز العنصري الذي ‏طال أصحاب البشرة السوداء من بني جلدته، من طرف نظرائهم البيض، ويستهلّه من بدايات ‏وعي الطفل (ماديبا) كما سمّي كمواطن إفريقي ذنبه الوحيد لون بشرته، وينتهي بتحقق حلم ذلك ‏الطفل وهو يسير وئيد الخطى في الثمانين من عمره ليدلي بصوته في أوَّل انتخابات برلمانية ‏تشريعية تعطي للسود الحق في الاقتراع‎.‎

يكشف الكتاب عن أنَّ بين المعتقد والمصلحة حربًا لا تنتهي، يتمخَّض عنها صنفان من الناس: ‏صنف يغلو في ركوب الجسد فيلفظ الأيديولوجيا من بابها الواسع، ويفني عمره كله في حراسة ‏مصلحته، وصنف على النقيض من ذلك يحيا لحياة الروح وما يعيش فيها من قيم وأفكار، ‏و(مانديلا) من هذا الصنف، فقد عاش منذ بدايات وعيه مناصرًا لقناعاته التي ترفض عبودية ‏الرجل الأسود لأطماع الاستعماري الأبيض، كما يتجلى في قرار استقالته من عضوية المجلس ‏الطلابي بجامعة (فورت هير) التي كان يستعدّ للتخرُّج فيها بشهادة ليسانس، وذلك لحصول ‏تلاعب في التصويت، لكنَّ قراره هذا كان منارة للمسار البطولي الذي خاضه حتى أخريات ‏حياته‎.‎‏ والموقف الآخر هو فراره من بيت السلطان حينما بدا لهذا الأخير تزويجه على مزاجه. ‏هذان الموقفان كانا الشتلة التي صنعت القائد.‏

ويجد القارئ مسار الخسارات الفادح الذي أصاب مانديلا جراء نضاله. وامتدادًا لمسيرته ‏النضالية استغل مانديلا إقامته الطويلة في سجون جزيرة روبن لإلقاء الدروس والمحاضرات، ‏يقول: "لقد آمنت دائمًا بأنَّ النضال من أجل الحرية يفرض على الإنسان أن يكبت مشاعره ‏الشخصية التي تميزه عن الآخرين... فالمناضل يكافح من أجل الملايين وليس من أجل فرد ‏واحد، وهذا لا يعني أن يصبح الإنسان آلة أو أن يتخلّى عن جميع أحاسيسه ودوافعه الشخصية، ‏ولكنه يعني أنَّ على المناضل أن يُخضع مشاعره الخاصة لمشاعر الحركة خضوعًا كاملًا كما ‏يخضع شؤون أسرته لشؤون الأسرة الكبرى، أسرة الشعب".‏

الكتاب -بحسب المترجمة- يصوِّر بجلاء عملية استخلاص العدالة من لبّ الظلم والعنصرية، ‏عملية طويلة ومُكلفة لكنَّها كُلِّلت بالنصر والنجاح بفضل إرادة شعبها وحنكة زعيمها نلسون ‏مانديلا‎.‎