تركيا في التُّراث العالمي

الكاتبة كـ نيشه أكدوغان

مديرة فرع مواقع التراث العالمي ‏

المديرية العامة للتراث الثقافي والمتاحف

 

 

 

تربط منطقة الأناضول بين قارّتي آسيا وأوروبا، ونظرًا لأهميَّتها الاستراتيجيّة وخصائصها ‏الجغرافيّة عاشت فيها حضارات مختلفة منذ آلاف السنين. القيم الناجمة عن التَّعايش بين ‏الثقافات الأصليّة للحضارات التي عاشت في الأناضول، وبين الحضارات المختلفة، جعلت ‏تركيا واحدة من أغنى دول العالم من حيث التراث الثقافي المادي وغير المادي. ‏

 

بحلول عام 2019 بلغ عدد المعالم الخاضعة للحماية في تركيا 20.146 معلمًا، ويُعتبر ‏‏97% منها معالم أثرية. هذه النِّسبة تكشف عن تنوُّع وتعدُّد الحضارات التي عاشت في ‏المنطقة. بالإضافة إلى ذلك هناك 113.137 معلمًا ثقافيًا تحت الحماية تتكوَّن من معالم ‏سكنيّة ودينيّة وثقافيّة وعسكريّة وتجاريّة وإداريّة وما شابه من المعالم الثقافيّة الأخرى. ‏السّمات المناخيّة المختلفة التي تظهر في البلاد، وسمات الهياكل الطبيعيّة المُرتبطة بذلك، ‏انعَكَسَتْ على العمارة وأدَّت إلى ظهور أنواع مختلفة من المباني. ‏

تتمتَّع تركيا بتنوُّع بيولوجي واسع جدًا وذلك لموقعها عند تقاطع أغنى ثلاث مناطق جغرافيّة ‏في العالم من حيث الغطاء النباتي (المناطق الأوروبية السيبيرية ومنطقة البحر الأبيض ‏المتوسط وغرب ووسط آسيا). تبلغ مساحة تركيا 783.562 كم2 و8.9%(1) من هذه ‏المساحة خاضعة للحماية من أجل حماية التنوُّع البيولوجي. ‏

وقد بُذلت جهود فعّالة لحماية التراث الثقافي للبلاد منذ عام 1845، وتمَّ نشر أوَّل لائحة ‏قانونيّة، وهي لائحة الآثار العتيقة، في عام 1869. بعد هذا التاريخ، تمَّ تطوير تشريعات ‏الحماية بما يتماشى مع التطوُّرات والاحتياجات العالميّة، واكتسبت طبيعةً أكثر شموليّةً ‏وتشاركيّة، وأصبحت متعدِّدة التخصُّصات. وقد تمَّ ضمان حماية التراث الثقافي والطبيعي في ‏تركيا من خلال الدستور. ‏

وإلى جانب ذلك، أصبحت تركيا طرفًا في الاتفاقيّات الدولية التي اعتمدتها المنظمات الدولية ‏لحماية التراث الثقافي والطبيعي، واتّخذت الترتيبات القانونية والإدارية اللازمة لتحقيق ‏الالتزامات الناشئة عن هذه العقود. ‏

وفي عام 1983 اعتمدت تركيا اتفاقيّة حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي المؤرَّخة عام ‏‏1972، والتي تمَّ قبولها كواحدة من أهمّ الاتفاقيّات الدولية المتعلقة بحماية التراث الثقافي، ‏وانضمَّت إليها 193 دولة حتى اليوم(2). ونتيجة للدراسات التي أجرتها وزارة الثقافة ‏والسياحة منذ ذلك التاريخ، فقد تمَّ تسجيل 18 معلمًا في قائمة التراث العالمي. ‏

المعالم المُدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو في تركيا تُظهِر تنوُّع الحضارات التي ‏عاشت في الأناضول والعبقريّة الإبداعيّة للبشر. ويُنظر أيضًا إلى أنَّ هناك مناطقَ ما يزال ‏يُعتقد أنَّها ممثلة تمثيلًا ناقصًا، وأنَّها ستساهم في فهمنا للتطوُّر الثقافي للبشر والتفاعل بين ‏الثقافات من خلال إضافتها إلى القائمة. في هذا السياق، تمَّ تسجيل 83 معلمًا من هذه المعالم ‏في قائمة التراث العالمي المؤقَّتة. ‏

انطلاقًا من الوعي القائم على أنَّ حماية المعالم الثقافية والطبيعية ذات القيمة العالمية ‏الاستثنائية، ونقلها إلى الأجيال القادمة، هي مسؤولية مشتركة للبشرية جمعاء، تقوم الوزارة ‏بأنشطة الحماية والحفظ والإدارة والترويج والإعلام اللازمة بمشاركة ودعم أصحاب ‏المصلحة المعنيّين. ‏

 

 

 

 

مناطق التراث العالمي في تركيا

‏1.‏ المناطق التاريخية في إسطنبول ‏

‏(تم الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1985)‏

 

إسطنبول هي المدينة الوحيدة في العالم القائمة على قارتين. المناطق التاريخية في إسطنبول ‏والمُدرجة في قائمة التراث العالمي ممثَّلة بأربع مناطق رئيسة: حديقة السلطان أحمد الأثرية، ‏ومنطقة السليمانية الخاضعة للحماية، ومنطقة زيرك الخاضعة للحماية، ومنطقة الأسوار ‏الخاضعة للحماية. ‏

المدينة التي كانت عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية والإمبراطورية العثمانية شهدت ‏أحداثًا كبيرة في التاريخ السياسي والتاريخ الديني وتاريخ الفن لأكثر من 2000 عام. تقع ‏المدينة على شبه الجزيرة التاريخية المحاطة بجدران بناها ثيودوسيوس في القرن الخامس. ‏القيمة العالمية للمنطقة تتمثّل في الصورة التي تتشكّل نتيجة الاندماج الفريد للروائع المعمارية ‏والعبقرية الإبداعية للمهندسين المعماريين البيزنطيين والعثمانيين، والتي تعكس المواجهة التي ‏تمتدّ لقرون عديدة بين أوروبا وآسيا. الآثار التي بُنيت في إسطنبول كان لها تأثير كبير على ‏تطوير العمارة والفنون الأثرية وتنظيم الفضاءات في أوروبا والشرق الأدنى عبر التاريخ. ‏

 

‏2.‏ حديقة غوريمه الوطنيّة ومستوطنات كابادوكيا الصخريّة ‏

‏(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1985)‏

 

أهمّ ما يميِّز منتزه غوريمه الوطني ومنطقة كابادوكيا أنه يحتوي على عدد كبير من المداخن ‏التي تشكَّلت بفعل الرياح ومياه الأمطار. المعابد المنحوتة في الصخور في هذه المنطقة التي ‏تتمتَّع بجمال طبيعي فريد من نوعه تجعلها منطقة مذهلة للغاية، وتقدِّم لنا المعالم الفنية ‏البيزنطية المميزة التابعة لما بعد فترة تحطيم الأيقونات (‏Iconoclasm‏). تعكس المساكن ‏والقرى والأديرة والكنائس المنحوتة في الصخور، والتي تعتبر دليلًا على سكن الإنسان ‏التقليدي، شكل ومظهر الولايات البيزنطية بين القرنين الرابع والحادي عشر، كما أنَّ كثافة ‏المساحات المنحوتة بالصخور تجعل المنطقة أكثر مجمَّع نحت صخري إثارة للإعجاب في ‏العالم. ‏

 

‏3.‏ المسجد الكبير ومشفى ديفريغي

‏ (تم الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1985)‏

 

تمَّ بناء المسجد الكبير ومشفى ديفريغي الواقع داخل حدود محافظة سيواس في شرق منطقة ‏الأناضول الوسطى، بين عامي 1228 و1229 على يد أحمد شاه وزوجته مليكة توران من ‏إمارة منكوجك. تعتبر هذه التحفة الفنيّة، التي تتكوَّن من مسجد بقبّتين ومستشفى وضريح، من ‏أجمل الأمثلة على الأعمال الحجرية التقليدية الأناضولية بالإضافة إلى سماتها المعمارية. ‏التقنية المتطوِّرة المستخدمة في بناء الأقبية والتباين الذي تشكِّله الزخارف على البوّابات ‏التاجيّة مع الجدران الداخلية البسيطة تجعل الهيكل مذهلًا وتخلق ميزاته الفريدة. الزخارف ‏الموجودة على البوّابات التاجيّة تختلف عن بعضها بعضًا ولها تصميمات فريدة. بالإضافة إلى ‏البوّابات التاجيّة فإنَّ جميع القواعد والأعمدة وتيجان الأعمدة والسطح الداخلي للقباب والأقبية ‏مزيَّنة بأسلوب مختلف ومميَّز. لا يوجد مثيل آخر للأنماط الهندسية ثلاثية الأبعاد والمعقدة ‏والأشكال المتدفِّقة للنباتات. ‏

 

‏4.‏ هاتوشا: عاصمة الحيثيين

‏ (تم الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1986)‏

 

هاتوشا، عاصمة الإمبراطورية الحيثية، تقع في شمال منطقة وسط الأناضول داخل حدود ‏محافظة تشوروم. تأسَّست المدينة في خمسينات القرن السادس عشر قبل الميلاد (1650) ‏وتتمتَّع بخصائص مميَّزة من حيث التنظيم الحضري وأنواع المباني (المعابد والمساكن الملكيّة ‏والأسوار) التي تمَّ الحفاظ عليها حتى يومنا هذا، والزخارف الغنيّة الموجودة على بوّابة الأسد ‏وبوّابة الملك والرّسوم الصخرية التي على صخرة يازيليكايا. كان للمدينة تأثير كبير على ‏منطقة الأناضول ومنقطة شمال سوريا في الألفية الثانية قبل الميلاد. تتكوَّن المدينة من ‏منطقتين، المدينة السفلى والمدينة العليا. في المنطقة التي تسمى بالمدينة السفلى توجد مساحات ‏المعيشة المدنيّة، وفي وسط هذه المساحات يوجد المعبد الكبير، وهو أكبر مبنى ديني في ‏هاتوشا. صخرة يازيليكايا هي عبارة عن معبد في الهواء الطلق بغرفتين طبيعيتين منحوتتين ‏على الصخرة، وتقع على بعد كيلومترين شمال شرق العاصمة. وعلى جدران الغرف ‏الصخريّة توجد أغنى وأبرز الأمثلة على فنّ النقوش الحيثيّة، والتي تشمل تماثيل الآلهة ‏والآلهات والملك العظيم توثاليا الرابع. ‏

 

‏5.‏ جبل نمرود

‏ (تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1987)‏

 

يُتوِّج جبل نمرود إحدى أعلى قمم جبال طوروس الشرقيّة في جنوب شرق تركيا، ويحتوي ‏على تلَّة ومنحوتات ضخمة بناها الملك الهلنستي أنطيوخوس الأول ملك مملكة كوماجيني ‏‏(69-34 قبل الميلاد) لإظهار امتنانه للآلهة والأجداد. يبلغ قطر التلّة 145 مترًا وارتفاعها ‏‏50 مترًا، وهي مُحاطة من ثلاث جهات بمصاطب في الاتِّجاهات الشرقية والغربية ‏والشمالية. على المصاطب الشرقية والغربية توجد تماثيل الملك أنطيوخوس والآلهة والآلهات ‏بالإضافة إلى تماثيل الأسد والنسر. أمّا في المصاطب السفليّة هناك منحوتات نافرة لأسلاف ‏الملك أنطيوخوس الفارسيين من جهة الأب وأسلافه المقدونيين من جهة الأم. المنحوتات ‏والهياكل الضخمة التي تمَّ إنشاؤها باستخدام تقنية متقدمة للغاية في العصور القديمة تقدِّم مثالًا ‏فريدًا للعبقريّة البشريّة الإبداعيّة بتصاميمها المعقّدة وأحجامها الهائلة. ‏

 

‏6.‏ كسانتوس - ليتاؤون ‏

‏(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1988) ‏

تتكوَّن من مستوطنتين متجاورتين تقعان في الجزء الجنوبي الغربي من الأناضول داخل حدود ‏محافظتي أنطاليا وموغلا، تُعدُّ كسانتوس وليتاؤون من العناصر المهمّة للتراث العالمي من ‏حيث قيمها الأثرية. كسانتوس كانت عاصمة ليكا ويعود تاريخها إلى 3000 قبل الميلاد، ‏وكانت أكبر مركز إداري في العصور القديمة. أمّا ليتون فكانت أهمّ مركز عبادة في تلك ‏الفترة. هاتين المنطقتين تُظهران بشكل لافت للنَّظر الاستمراريّة والمزيج المميَّز للحضارات ‏الأناضولية واليونانية والرومانية والبيزنطية. وتقدِّمان أمثلة معمارية فريدة لحضارة ليكيا ‏القديمة التي تعتبر واحدة من أهم ثقافات العصر الحديدي في الأناضول. كما توجد في هاتين ‏المدينتين النقوش الكتابيّة التي تعتبر أدلّة مهمّة للغاية لفهمنا لتاريخ شعب حضارة ليكيا واللغات ‏الهندو أوروبية. ‏

كسانتوس والتي هي عاصمة حضارة ليكيا القديمة تُظهر مزج التقاليد الليكيّة مع التأثير ‏الهلنستي خاصة في فن الجنازة. تعتبر المقابر المنحوتة في الصخور والمقابر ذات الأعمدة ‏والتوابيت المثبتة على الأعمدة في كسانتوس أمثلة فريدة على هندسة المقابر القديمة وقد أثرت ‏على فن الهندسة المعمارية للدول المجاورة. ‏

 

‏7- هيرابوليس – باموكاله

‏ (تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1988)‏

باموكاله هي أعجوبة طبيعيّة تكوَّنت من ترسيب الكالسيوم في المياه الحراريّة عبر الزمن، ‏وتقدِّم إطلالة رائعة ومذهلة بشلّالاتها المتحجِّرة وهوابطها وأحواضها مع تراسات تشبه ‏المدرَّجات. أمّا هيرابوليس فتعتبر مثالًا استثنائيًا لمنشأة حرارية يونانية- رومانية مبنيّة على ‏هذه المنطقة الطبيعية المميزة. مدينة هيرابوليس تأسست على يد ملك برغاما إيومينيس الثاني ‏في القرن الثاني قبل الميلاد وسميت على اسم هييرا، زوجة تيليفوس، المؤسس الأسطوري ‏لبرغاما. أصبحت المدينة تابعة للمقاطعة الآسيوية للإمبراطورية الرومانية في العام 129 قبل ‏الميلاد وكان يحكمها قنصل روماني. بلغت هيرابوليس ذروتها بين العامين 96 و162 بعد ‏الميلاد، وفي القرن الثالث الميلادي تمَّ ضمّها لبيسيديا باكاتيانوس (‏Pisidia ‎Pacatianus‏). أصبحت المدينة أبرشيّة بعد اعتماد المسيحية من قبل الإمبراطور ‏قسطنطين وتأسيس القسطنطينية كـ"روما الجديدة" في عام 330 بعد الميلاد. أصبحت ‏هيرابوليس مركزًا دينيًا مهمًا للإمبراطورية الرومانية الشرقية بكنائسها المختلفة. تشمل أنقاض ‏العصر اليوناني الروماني الحمّامات وأطلال المعابد والقوس الضخم والنمفيوم والمسرح. أمّا ‏منطقة المقبرة أو مدينة الموتى، التي تمتدّ لأكثر من كيلومترين، فهي عبارة عن بانوراما ‏واسعة لمراسم جنازات الفترة اليونانية الرومانية. ‏

 

‏8 - مدينة سافرانبولو

‏ (تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1994)‏

سافرانبولو، التي كانت محطّة مهمّة للقوافل على طريق التجارة الرئيس بين الشرق والغرب ‏من القرن الثالث عشر إلى أوائل القرن العشرين، هي مدينة أناضولية قديمة تحمل حكايات ‏الماضي إلى الحاضر مع مساجدها وأسواقها وأحيائها وشوارعها ومنازلها التاريخية. تقع ‏مدينة سافرانبولو، التي يعود تاريخها المعروف إلى 3000 قبل الميلاد، في منطقة خضعت ‏لسيطرة الحثيين والفريجيين والليديين والفرس والممالك الهلنستية والرومان والسلاجقة وبنو ‏شيان وبنو جاندار والعثمانيين على التوالي. المدينة التي اكتسبت هيكلها الحالي في القرنين ‏السابع عشر والثامن عشر، تلفت الانتباه بطبيعتها التي تتطوّر بما تتناسب مع هيكل المدن ‏التركية والتي تنمو وفقًا للوقت والحاجة، وتتوسّع من خلال الاندماج ببعضها بعضًا، وتتكيَّف ‏مع الطبيعة وتحميها. هناك ما يقرب من 2000 منزل تركي تقليدي في سافرانبولو تمّ بناؤها ‏في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وفي بدايات القرن العشرين. هذه المباني الرائعة تثير ‏الإعجاب بفضل هندستها المعمارية التي تعكس الذوق الفني المتفوق وأعمالها الخشبية الجميلة ‏في جميع أنحاء المبنى وتناغمها مع التضاريس. ‏

 

‏9- مدينة طروادة الأثريّة

‏ (تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1998)‏

تُعدُّ مدينة طروادة الأثرية، الواقعة داخل حدود محافظة جناق قلعة في شمال غرب بحر إيجة، ‏واحدة من أشهر المواقع الأثريّة في العالم؛ حيث يعود تاريخها إلى 3000 قبل الميلاد. المدينة ‏هي المكان الذي دارت فيه حرب طروادة المذكورة في إلياذة هوميروس. هذه الملحمة، منذ ‏ذلك الحين، ألهَمَت الفنّانين المبدعين العظماء حول العالم. تقدِّم المدينة، ببقاياها الأثريّة الكثيفة، ‏أهمّ المؤشِّرات على أوَّل اتِّصال بين حضارات الأناضول وعالم البحر الأبيض المتوسط. ‏التنقيبات الأثريّة التي بدأت منذ أكثر من قرن خلقت تسلسلًا زمنيًّا أساسيًّا لفهم تلك الفترة ‏المهمّة للعالم القديم وتطوُّره الثقافي. ‏

 

‏10 - جامع السليمية

‏ (تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2011)‏

جامع ومجمع السليمية في أدرنة، التي كانت عاصمة الإمبراطورية العثمانية قبل إسطنبول، ‏هو تحفة المهندس المعماري الإمبراطوري سنان، أحد أشهر المهندسين المعماريين في تاريخ ‏العالم. يتميَّز الجامع بمآذنه الأربع الأنيقة وقبَّته الرائعة والديكور الداخلي المميَّز وبمكتبته ذات ‏المخطوطات اليدوية والأعمال الحرفية المتقنة والبلاط المذهل والفناء الرخامي. وهو يمثل ‏الذَّروة في الفن والتنظيم المؤسَّساتي للإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر. استغرق ‏بناء المسجد، الذي بدأ عام 1568، سبع سنوات مع عمل مكثَّف لآلاف الأشخاص واكتمل في ‏العام 1575. يعتبر الجامع من أهمّ أعمال العمارة العثمانية، ووصفه المعماري سنان بأنه ‏‏"تحفة فنيّة". ‏

 

‏11- مدينة تشاتالهويوك من العصر الحجري الحديث ‏

‏(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2012)‏

 

تُعرَّف تشاتالهويوك بأنَّها واحدة من أقدم المستوطنات التي تنتمي إلى العصر الحجري ‏الحديث، وتسلِّط الضوء على تاريخ البشريّة من خلال الاكتشافات المميَّزة مثل أوَّل هندسة ‏معماريّة للمنازل وأوَّل رسم للمناظر الطبيعيّة وعبادة الإلهة الأم. تقع تشاتالهويوك على هضبة ‏الأناضول الجنوبية، في منطقة جومرا في محافظة قونية، وقد تمَّ اكتشافها في عام 1958. ‏تتكوَّن المدينة من تلَّتين وتتكوَّن التلّة الشرقية العُليا من 18 طبقة من مستوطنات العصر ‏الحجري الحديث التي يرجع تاريخها إلى ما بين 7400 و 6200 قبل الميلاد، بما في ذلك ‏التصاوير الجدارية والنقوش والمنحوتات وغيرها من السمات الرمزية والفنية. تشهد المدينة ‏تطوُّر التنظيم الاجتماعي والممارسات الثقافية أثناء تكيُّف البشر مع الحياة المستقرَّة. أمّا التلّة ‏الغربية فتُظهر تطوُّر الممارسات الثقافية في العصر الحجري النحاسي من 6200 قبل الميلاد ‏إلى 5200 قبل الميلاد. تعتبر تشاتالهويوك مثالًا جوهريًّا على عملية الانتقال من القرى ‏المستقرة في الموقع نفسه لأكثر من 2000 عام إلى التجمُّعات الحضريّة. هذه المدينة التي ‏تعود إلى العصر الحجري الحديث تحظى بالإعجاب بفنِّها المميَّز وتُعتبر بمثابة مفتاح عالمي ‏لفهم أسس الحضارة والزراعة. وهي مدينة رائعة تتميز بحجمها الكبير وطول فترة الاستيطان ‏والتخطيط المميز للمنازل المتلاصقة التي يمكن الوصول إليها من السطح، ووجود مجموعة ‏واسعة من الميزات الأخرى مثل التصاوير الجدارية والنقوش التي تمثل العالم الرَّمزي ‏لسكّانها. ‏

 

‏12- منطقة برغاما ذات المناظر الطبيعيّة الثقافيّة متعدِّدة الطَّبقات

‏ (تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2014)‏

تقع برغاما في منطقة بحر إيجة، قلب العالم القديم، وهي العاصمة الوحيدة من العصر ‏الهلنستي التي وصلت إلى يومنا هذا، وتحتوي على طبقات تعود إلى العصور الهلنستية ‏والرومانية والرومانية الشرقية والعثمانية. مستوطنة برغاما الأثريّة عاصمة مملكة بيرغامون ‏الهلنستية التي تقع في الجزء العلوي من جبل كاله تمثل مثالًا استثنائيًّا على تخطيط المدينة ‏الهلنستية بهندستها المعماريّة الضخمة. ويُعدُّ معبد أثينا والمسرح الأكثر انحدارًا في الفترة ‏الهلنستية والمكتبة ومذبح زيوس ومعبد ديونيسوس وأغورا، والجمناسيون ونظام المياه عالي ‏الضَّغط من أبرز الأمثلة على نظام التخطيط والهندسة المعمارية لتلك الفترة. بعد أن خضعت ‏المدينة للحكم الروماني عام 133 بعد الميلاد، أصبحت عاصمة ولاية آسيا الرومانيّة. وفي ‏العصر الروماني تمَّ بناء العديد من الهياكل المهمّة وتحسين المباني الموجودة بما في ذلك معبد ‏أسكليبيون. أكروبوليس تطلُّ اليوم على مدينة برغاما الحديثة على المنحدرات السفلية، وتتوّج ‏المناظر الطبيعية التي تضمّ بقايا الإمبراطوريات الرومانية والبيزنطية والعثمانية وتلال ‏المدافن (‏Burial mounds‏). ‏

 

‏13- بورصة وجومالي كيزيك: ولادة الدولة العثمانيّة ‏

‏  (تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2014)‏

تقع منطقتا بورصة وجومالي كيزيك في سفوح أولوداغ في منطقة مرمرة الجنوبية، وتُظهران ‏تشكيل النظام الحضري والريفي الذي أسّس الإمبراطورية العثمانية في أوائل القرن الرابع ‏عشر. خلال تأسيس الإمبراطورية، كانت بورصة أوَّل مدينة تمَّ تشكيلها بواسطة المجمّعات ‏في سياق نظام المؤسسات الذي كان يحدّد توسُّع المدينة. تطوَّرت المدينة حول خمسة مجمّعات ‏أسّسها خمسة سلاطين (أورهان غازي، مراد الأول، يلدريم بايزيد، جلبي محمد، مراد الثاني) ‏وتتكوَّن من مساجد ومدارس وحمّامات وإمارات ومقابر. هذه المجمَّعات التي هي مراكز ذات ‏وظائف اجتماعية وثقافية ودينية وتعليمية حدَّدت حدود المدينة. حيث تمَّ بناء المساكن بالقرب ‏من المجمَّعات، وبمرور الوقت تحوَّلت إلى أحياء محيطة بها. ‏

هذه المنهجية المميّزة في التخطيط الحضري وُضعت أثناء تأسيس أوَّل عاصمة عثمانية في ‏أوائل القرن الرابع عشر، وأصبحت مرجعًا في عملية تطوُّر ونموّ المدن العثمانية اللاحقة. ‏يتجلّى الدَّور التجاري المهمّ لبورصة عبر التاريخ من خلال الخانات الكبيرة والبازارات ‏المغطّاة والأسواق التي في المدينة. كما نرى في مثال جومالي كيزيك، ارتبطت المجمّعات ‏بالمناطق الريفية أيضًا بسبب نظام المؤسسات. قرية جومالي كيزيك التي كانت توفِّر الدَّخل ‏لمجمّع أورهان غازي، هي القرية الوحيدة التي تظهر دعم النظام للعاصمة في المناطق النائية. ‏تشكِّل بورصة وجومالي كيزيك مثالًا جيدًا لأسلوب الحياة والرُّؤية العثمانية المبكرة، مع الثقافة ‏التجارية، التي ما تزال قائمة حتى اليوم، واستمرار أسلوب الحياة الريفية القريبة من المدينة. ‏

 

‏14- قلعة ديار بكر ومنطقة المناظر الطبيعيّة الثقافيّة لحدائق هوسال ‏

‏  (تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2015)‏

قلعة ديار بكر ومناظرها الطبيعيّة، الواقعة على منحدر الحوض العلوي لنهر دجلة الذي هو ‏جزء من المنطقة التي تسمّى الهلال الخصيب، كانت مركزًا مهمًّا منذ العصر الهلنستي ‏والروماني والساساني والبيزنطي والعصر الإسلامي والعثماني. تضمّ المنطقة تلّ أميدا، ‏المعروف اليوم باسم إيتشكاله، وأسوار مدينة ديار بكر بطول 5.8 كم مع العديد من المعاقل ‏والبوّابات والدعامات و63 نقشًا تعود إلى فترات مختلفة، بالإضافة إلى حدائق هوسال التي ‏تشكِّل منطقة خضراء تربط بين نهر دجلة والمدينة وتوفِّر الغذاء والماء للمدينة. ‏

 

‏15 - مدينة أفسس الأثريّة ‏

‏(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2015)‏

تقع مدينة أفسس عند مصبّ نهر كوجوك مندريس في البحر، وتشمل المستوطنات الهلنستية ‏والرومانية التي تمَّ بناؤها بنجاح في مواقع جديدة تتبع الخط الساحلي باتجاه الغرب. نتيجة ‏لأعمال التنقيب، تمَّ اكتشاف آثار كبيرة تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية، بما في ذلك ‏المسرح ومكتبة سيلسوس. كما توجد هناك بقايا قليلة من آثار معبد أرتميس الشهير، والذي ‏يعتبر إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة، والذي جذب الحجّاج من جميع أنحاء البحر الأبيض ‏المتوسط. بيت مريم العذراء الذي هو عبارة عن كنيسة صغيرة على شكل صليب، ويقع على ‏بُعد سبعة كيلومترات من أفسس، كان مركزًا مهمًّا للحجّ في الديانة المسيحية منذ القرن ‏الخامس. ‏

مدينة أفسس القديمة هي مثال مميَّز لمدينة ساحلية رومانية بقناتها الممتدة إلى البحر وحوض ‏الميناء. تشكل مدينة أفسس نموذجًا استثنائيًّا للتقاليد الثقافية في الإمبراطورية الرومانية ‏والهلنستية والفترات المسيحية المبكرة، وهذا ما ينعكس في الآثار الموجودة في وسط المدينة ‏القديمة وأياسولوك. تنعكس التقاليد الثقافية للعصر الإمبراطوري الروماني في المباني البارزة، ‏بما في ذلك مكتبة سيلسوس، ومعبد هادريان، والسيرابيون، ومنزل التراس 2، والتي تُظهر ‏أسلوب حياة الطبقة الاجتماعية العالية في تلك الفترة.‏

 

‏16 - موقع عاني الأثري ‏

‏(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2016)‏

تقع منطقة عاني على هضبة في شمال شرق تركيا وتُطلّ على وادٍ يشكِّل حدودًا طبيعية مع ‏أرمينيا. تتكوَّن هذه المدينة التي تعود للقرون الوسطى من مساكن ومبانٍ دينيّة وعسكريّة ‏شيَّدتها السلالات المسيحية والمسلمة على مرّ القرون، وتعكس خصائص التحضُّر في العصور ‏الوسطى. تطوَّرت المدينة في القرنين العاشر والحادي عشر، عندما كانت عاصمة المملكة ‏الأرمنية في العصور الوسطى، وازداد ثراؤها لأنَّها كانت تسيطر على فرع من طريق الحرير ‏التاريخي. أصبحت المدينة فيما بعد تحت الحكم البيزنطي والسلجوقي والجورجي، وحافظت ‏على أهميّتها لموقعها على مفترق طرق القوافل. حادثتا الغزو المغولي وزلزال عام 1319م ‏كانتا بمثابة بداية انهيار المدينة. تعرض المنطقة نظرة عامة شاملة على تطوُّر العمارة في ‏العصور الوسطى من القرن السابع إلى القرن الثالث عشر، مع أمثلة تعكس، تقريبًا، جميع ‏الابتكارات المعمارية المختلفة في المنطقة. ‏

 

‏17 - أفروديسياس ‏

‏(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2017)‏

تقع أفروديسياس في جنوب غرب تركيا، وتتكوَّن من الموقع الأثري ومحاجر الرخام في ‏شمال شرق المدينة. تقدِّم أفروديسياس مثالًا استثنائيًّا على البيئة المبنيّة لمدينة يونانية رومانية ‏في المناطق الداخلية من الأناضول. تتميّز العديد من المباني الرخامية الضخمة بسمات فريدة ‏من حيث الهندسة المعمارية والتصميم. تقع شوارع المدينة حول العديد من المباني الحضريّة ‏الكبيرة مثل المعابد والمسرح والأغورا وحمّامين. تحتلّ أفروديسياس مكانة مهمّة في أعمال ‏النَّحت في العالم الروماني. محاجر الرخام وورش النَّحت جعلت من المدينة مركزًا فنيًّا شهيرًا ‏بفضل النحّاتين الذين يتمتعون بالإبداع والمهارة الفنية. ‏

فنّ النَّحت المتميِّز في أفروديسياس يمزج الثقافات والموضوعات والأيقونات المحلية ‏واليونانية والرومانية. يمكننا أن نرى هذا الإنتاج الفني في جميع أنحاء المدينة في تنوُّع مثير ‏للإعجاب شاملًا الكتل المعمارية الكبيرة المزخرفة والأشكال الصغيرة المحمولة. ‏

 

‏18 - غوباكلي تبه ‏

‏(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2018)‏

تقع غوباكلي تبه في أعالي بلاد ما بين النهرين، وهي المنطقة التي شهدت ظهور أقدم ‏المجتمعات الزراعية في العالم. الهياكل الأثرية التي تمَّ العثور عليها تُفسَّر على أنَّها مبانٍ ‏اجتماعيّة ضخمة تمَّ بناؤها من قبل مجتمعات الصيد والالتقاط في العصر الحجري الحديث ما ‏قبل الفخاري (من 10 إلى 9 آلاف قبل الميلاد)؛ وتكشف عن عبقريّة الإنسان المبدعة. هذه ‏الآثار التي ربّما كانت تُستخدم فيما يتعلق بالمناسبات والطقوس الاجتماعية تظهر كأعمدة ‏الحجر الجيري البارزة على شكل حرف ‏T، يصل ارتفاع بعضها إلى 5.50 مترًا. تتضمَّن ‏بعض الأعمدة، التي تُعدُّ صورًا مجرَّدة للشكل البشري، نقوشًا بارزة منخفضة للملابس مثل ‏الأحزمة والمئزر، بالإضافة إلى النقوش البارزة المرتفعة والمنخفضة للحيوانات البرية. خلال ‏عمليّات الحفر والتنقيب التي جرت في السنوات الأخيرة، تمَّ العثور أيضًا على بقايا مبانٍ ‏يُفترض بأنها مبانٍ محليّة وليست نصبًا تذكاريّة. ‏

 

المراجع والهوامش:‏

أثناء إعداد المقالة الواردة أعلاه تمَّت الاستفادة بشكل أساسي من المعلومات الموجودة على ‏مواقع الويب “‏whc.unesco.org/en/list‏” و ‏‏“‏https://www.kulturportali.gov.tr/portal‏/”. ‏

‏(1) ‏https://cevreselgostergeler.csb.gov.tr/korunan-alanlar-i‏-‏‏85778‏

‏(2) ‏https://whc.unesco.org/en/statesparties‎‏/‏