نوافذ ثقافيّة

محمد سلّام جميعان

شاعر وناقد أردني

 

ثقافة عربيّة

حُبّ على قائمة الاحتياط/ محمد عبدالله القواسمة

تتفاعل هذه الرواية مع رغائب الإنسان وهو يُصارع إغواءات الحياة في المال، والوظيفة ‏الرفيعة، والرغبة الجسدية، واستمساكه بمبادئه وكرامته ورهانه على منظومته القِيميّة. ويبدأ هذا ‏الصراع منذ اللحظة التي تطأ فيها الشخصيّة الأولى في الرواية منزل العمّة التي تقيم مع ابنتها ‏في حيّ من أحياء عمّان القديمة‎.‎

والصراع يدور في أبعاده المتشعبة، بين شاب في مقتبل العمر ومجموعة من النساء اللواتي ‏يُحِطْنَ بالعمَّة وكذلك تتفاوت أعمارهنّ. كما يتجلّى في مواضع أخرى من الرواية في أحداث ‏دامية، وأحيانًا يسري في خفاء ليدمّر الفكر ويُدمي القلب. لكنه يكشف عن طبيعة المرأة، ودورها ‏في المجتمع والحياة، وينتهي بانتصار الإنسان على مفاسد الواقع‎.‎

يبني القواسمة عالم الرواية التخييلي بلغة حوارية حية، وتقنيات مبتكرة تتجاوب مع إيقاع ‏الأحداث، وحركة الشخصيات التي تنمو بحرية وعفوية في مكان وزمان محدّدين. فهو عالم ‏متكامل البناء لرواية شديدة الخصب، ثرية المعنى، ذات جمالية فنية عالية، وهو ما يشهد له ‏متابعوه في رواياته السابقة: "سوق الإرهاب"، "لعنة الفلسطيني"، "وداعًا ساحة النخيل!"، "الحب ‏ينتهي في إيلات" و"حبيباتي الثلاث".‏

ورواية "حب على قائمة الاحتياط" تطرح رؤيتها الجريئة في الدعوة لإنصاف المرأة، والتبشير ‏بعالم يرفض المهانة أيًا كان مصدرها‎.‎

 

‏ تجليات المفارقة في قصيدة الومضة العربية/ إكرام يحيى العطاري

يتشكَّل هذا الكتاب من مقدمة وأربعة فصول تلتها الخاتمة والنتائج؛ فعرض الفصل الأوّل للحديث ‏عن المفارقة تقنيةً شعرية؛ متشكّلًا من مبحثين، الأول تناول مفهوم المفارقة وعناصرها ‏ودورها، أمّا الثاني فتناول أنواعها‎.‎

وحمل الفصل الثاني عنوان قصيدة الومضة؛ المفهوم، وتاريخ النشأة، والسمات، وتشكّل من ‏مبحثين، الأوّل تناول نشأة قصيدة الومضة، أمّا الثاني فقد عرض لمفهومها وسماتها‎.‎

والحديث عن المفارقة وشعرية قصيدة الومضة كان من نصيب الفصل الثالث؛ إذ افتتح بمهاد في ‏الشعريّة، ثمّ تناول في أربعة مباحث المفارقة وشعرية كل من: القصر، والصّورة الفنيّة والإيقاع ‏والتناص‎.‎

ووسم الفصل الرابع بعنوان "تجليات المفارقة في قصيدة الومضة العربيّة المعاصرة"؛ مشتملًا ‏على معالجات تطبيقيّة لنماذج مختارة من قصائد الومضة، بحثت فيها الكاتبة أنواع المفارقة ‏اللفظية والرومانسية والسقراطية والدرامية والحركية ومفارقة التنافر‎.‎

وبعد العمل على إنجاز الدّراسة تأطيرًا للمفاهيم، وتحديدًا للسمات الفنيّة لكلّ عنصر على حدة، ‏قدَّم الكتاب نتائج عدّة، إذ تمكنت الباحثة من رصد بعض انثيالات الشعريّة التي أضفتها المفارقة ‏على نصوص قصيدة الومضة، التي كان لها دور في تنمية شعرية هذه النصوص، وأسهم ‏الانزياح الدلاليّ للألفاظ المكوّنة لقصيدة الومضة في تحفيز آليات التلقي لإعادة إنتاج الدلالة ‏لتتشكّل الصورة الجماليّة ذات الكثافة الشعرية العالية، وأظهر تتبُّع بعض النماذج الشعرية دور ‏المفارقة بأنواعها في خلق الإيقاعات الخاصّة بتلك القصائد، وكان للتناصّ دوره في تكوين البناء ‏المفارقيّ وتكثيف الدلالة وغمرها بالإدهاش والمفاجأة. واتَّضح خلال التطبيق المباشر ذلك الدور ‏الذي لعبته المفارقة بأنواعها المختلفة في تعزيز بناء قصيدة الومضة وتمكينها لتتشكّل نصًّا منيعًا ‏أمام المتلقي‎.‎‏ وقد صدر الكتاب عن الدار المنهجية للنشر والتوزيع في العاصمة عمّان في مئتين ‏وخمس عشرة صفحة.‏

 

حبر من لهب/ عبير قطناني

بروح المتصوِّف الخاشع الذي أغلق أذنيه عن صخب الدنيا، وأخفى أوراقه عن عسكر الكتابة ‏تتوهَّج ذاكرة المؤلفة ومخيّلتها بإغواءات السرد، وهي تغادر صفحة الورق البيضاء، في سباق ‏ماراثوني مع الصمت والمسافة، عابرة نزهة لا معقولة في انطلاق جموح وخيال متدفق منتعش، ‏وإحساس عميق بالرضا عن لحظة السرد المنهمرة كمطر صيفي مفاجئ، فتغري القارئ بعمقها ‏وشفافيتها وهي تسرد زحامًا من ذكريات حلم جميل.‏

في نصوصها التي يتضمّنها هذا الكتاب تعلن المؤلفة عن ثورة نسائية تُعبّد الطريق للعاطفة ‏والحنان والمودة الانفعالية الجديدة، بمعنى أن تكون موضوعًا للشوق والتوق وليس للرغبة ‏والامتلاك، لكنها تخلق الغرام في النهاية.‏

وتتمركز هذه النصوص حول الصِّراع بين الغواية والإرادة، وبين التبرئة والإدانة، والدفء ‏والصقيع، وباختصار الحالة يبدو الصراع بين امرأة من كوكب ناري ورجل من كوكب ترابي. ‏وتشتبك المؤلفة مع كل الثنائيات التي تشكل العواطف والانفعالات والنزوات وتحوّلها إلى نشاط ‏إبداعي، فيتحول الحب في نصوصها من كونه مشكلة إلى كونه حلًّا. فالذات الأنثوية في هذه ‏النصوص تريد حبًا لا يعترف بالحدود والمقارنات والشروط، لهذا تلتبس بالمحبّ والحبّ معًا، ‏في هذه النصوص حالة من الخوف والوعود المؤجّلة والقلق والارتياب المشروع.‏

 

ثقافة عالميّة

معنى الحياة "مقدمة وجيزة"/ تيري إيغلتون- ترجمة رندة بعث

بأقصى قدر من اليسر والوضوح يخوض هذا الكتاب في موضوع يملأ قارئيه بالشغف المعرفي، ‏فالكتاب يجيب عن كثير من الأسئلة التي تراود الذاكرة الإنسانية المنغمسة في تفاصيل يوميّاتها ‏باحثة عن إجابة تقطع حبل الفضول في ما يخصّ سؤال "ما معنى الحياة؟"، فأحيانًا تبدو ‏الإجابات صادمة للمتلقّي.‏

يوضّح المؤلف عددًا من آراء الفلاسفة في الإجابة عن ذلك السؤال، وبخاصة الذين يرون أنَّ ‏السؤال عن معنى الحياة يبدو سؤالًا عديم المعنى وفق قانون السببية المتعالق مع فكرة الوجود ‏والعدم، منبّهًا على رأي فنغنشتاين في التفريق بين الأسئلة الحقيقية الجديرة بالطرح والأسئلة ‏الزائفة، متسلحًا بالأبعاد اللغوية لمعاني الكلمات وما تحمله من دلالات، فمن وجهة نظره فإنّ ‏عددًا كبيرًا من الألغاز الفلسفية يصدر من أشخاص يخطئون في استعمال اللغة. ثم ينتقل لمناقشة ‏رأي نيتشه، الذي يرى أنَّ ثمة أسئلة تظلّ إجاباتها مغلقة، ومنها سؤال "ما معنى الحياة؟"، ‏وسيظلّ الإنسان على نحو ما ذهب إليه سارتر في حالة من الجزع والقلق والغثيان والعبثية.‏

يقف المؤلف في الفصل الثاني عند "معضلة المعنى" فيرى أنَّ كلمة "معنى" تحمل دلالات كثيرة، ‏ولذا لا بد لفهم مغزى الحياة ومعناها من فهم المعضلة التي تشكّل معنى المعنى، ويصنّفها المؤلف ‏في ثلاثة حقول.‏

ومن مقتطف لحوار مأخوذ من مسرحية الشقيقات الثلاث لأنطون تشيخوف، ينطلق المؤلف ‏لإيضاح كيف ترى الحداثة وما بعد الحداثة فكرة الحياة والعماء الذي يحيط بها. وهو ما يمهِّد ‏للإفصاح عن أنَّ الحياة هي ما نصنعه منها، داعمًا كل ذلك بقراءات معزِّزة عن أخلاقيات ‏الفضيلة وإرادة العالم والتحليل النفسي. ولتقريب النص على نحو دقيق من القارئ فإنَّ المؤلف ‏يثبّت مسردًا للمصطلحات تساعد قارئه على عيش حياة فائقة.