"الشرق العربي"‏ اتِّجاهات الصحيفة الأردنيّة المطبوعة الأولى ‏ ‏(1923-1926)‏

    ‏ ‏‎ ‎د. ماجد توهان الزبيدي/ الأردن 

تَأخَّرَ ظهور الصحافة المطبوعة في بلاد "إمارة شرقي الأردن"، مقارنة مع غيرها ‏من البلاد العربيّة المجاورة، لأسباب عديدة، لعلَّ من أبرزها تأخُّر استعمال الطباعة ‏والمطابع، وتخلُّف حركة التعليم في عهد الانتداب البريطاني، فضلًا عن حالة الفقر ‏التي كانت تصبغ حياة سواد الناس في العقدين الأوّلين من تأسيس الدولة الأردنيّة.‏

 

‏ ففي المجال الأول، يذكر "خليل صابات" في كتابه "تاريخ الطباعة في المشرق ‏العربي"(طبعة 1958)، أنَّ أوَّل مطبعة أُنشئت فعلًا في إمارة شرقي الأردن، هي ‏مطبعة خليل نصر، التي سبق وأن تأسَّست في مدينة حيفا الفلسطينيّة عام 1909م، ثم ‏نقلها صاحبها (العربي اللبناني الماروني) إلى عمّان، مع صحيفته "الأردن" عام ‏‏1923م، بعد اتِّصالات جرت بينه وبين الأمير عبدالله بن الحسين، كما ذكرت ‏مصادر كثيرة، وطُبعت فيها أول صحيفة أردنيّة مطبوعة هي "الشرق العربي: ‏الجريدة الرسميّة لإمارة شرقي الأردن"، لكن أوَّل مطبعة رسميّة لإمارة شرقي ‏الأردن،‎ ‎رأت النور،‎ ‎في العام 1925م، هي المطبعة الرسمية للحكومة،‎ ‎التي تولّت ‏طباعة صحيفة "الشرق العربي: الجريدة الرسميّة لإمارة شرقي الأردن"(‏‎1‎‏). ‏

 

إلّا أنَّ باحثًا عربيًّا أردنيًّا، ذكر أنّهُ في العام 1926م "عُرضت معدّات مطبعة ‏الحكومة للبيع، فاشتراها محمد نوري السمّان الذي شرع في العام 1925 في ‏تأسيس"المطبعة الوطنيّة" في عمّان، وكان الرجل عصاميًّا طموحًا نشيطًا، مُتمكنًّا من ‏حرفته، فلم يتوانَ عن الاستعانة في مطبعته بالمهرة من العمال والفنيين الذين زامل ‏بعضهم في "المطبعة الأميريّة"، واستقدم بعضهم الآخر من سوريا ولبنان وفلسطين، ‏ونجحت المطبعة في أعمالها بفضل ما وفّرهُ لها صاحبها من أسباب التقدّم، فاعتمدتها ‏الحكومة لطباعة لوازمها من المطبوعات، وبقيت هذه المطبعة إلى عقود لاحقة تطبع ‏معظم الصُّحُف والمجلّات الأردنيّة،عدا الكثير من الكتب والرسائل(‏‎2‎‏).‏

 

 

 

ولم يُنشر، أو يُطبع في بلاد إمارة شرقي الأردن في عشرينات القرن العشرين ‏الميلادي، سوى كتاب واحد فقط، هو "حقوق المرأة المسلمة" لمؤلفه "نديم الملّاح" ‏وطبعته المطبعة الوطنية عام 1928(‏‎3‎‏)، وكان الملّاح قد نشر كتابه "نموذج الفضائل ‏الإسلاميّة" في القدس عام 1922، وطبعته مطبعة بيت المقدس. وقد ظهر في هذ ‏العقد ثلاثة كتب أخرى‎ ‎لمؤلفين أردنيين؛ أوّلها "أغاني الصبا" لـِ" محمد الشريقي"، وطبع ‏في مطبعة الحكومة العربية في دمشق،عام 1921م، والثاني "كلمات صحيّة وفوائد ‏طبيّة"، لمؤلفه الدكتور "حنّا القسوس"، وطبعتهُ مطبعة الإصلاح بدمشق عام 1924، ‏بعد أن نُشرت محتوياته قبل ذلك من خلال صحيفة "الشرق العربي: الجريدة الرسميّة ‏لحكومة شرقي الأردن".‏

 

وحول موضوع دخول الطباعة لبلادنا، وقلّة النَّشر العلمي في عهد "إمارة شرقي ‏الأردن"، فإنني أرجِّح أنَّ الانتداب البريطاني والحكومات التي كانت تأتمر بأمره، لم ‏تكن لتشجِّع حالة الطباعة والنشر، لِما لذلك من تسريع لوتيرة الوعي الشعبي للمواطنين ‏العرب الأردنيين، بأطماع ذلك الانتداب وأهدافه ومراميه السياسيّة والاقتصاديّة ‏والعسكريّة في البلاد، وخاصّة تخطيطه ودعمه للمهاجرين الصهاينة من اليهود الذين ‏لم يخفوا أطماعهم في السيطرة على الأرض في فلسطين وشرقي الأردن.‏

 

أمّا عن التعليم، فقد نشرت صحيفة "الميثاق" الأردنيّة، في تقريرها "أزمة التعليم في ‏المملكة "، بتاريخ 26/11/1949، ما يوجز حالة التعليم في البلاد طيلة فترة ‏الانتداب، وقد ورد في التقرير: "منذ ثلاثين سنة عندما تأسَّست الدولة الأردنيّة كانت ‏مديريّة المعارف –آنذاك- تُدير أربع مدارس ثانوية، هي المدراس الموجودة الآن، ‏وتُدير عددًا من المدارس الابتدائية، والأوليّة، لا ننكر أنّه أقل من الموجود الآن بقليل، ‏كانت تسير على مبدأ إلزاميّة التعليم الابتدائي ومجانيّته بأنواعه، واليوم بعد ثلاثين سنة ‏‏(1949) نجد أنَّ عدد المدارس الثانويّة لا يزال كما هو، لم يزد ولم يطرأ عليه جديد، ‏اللهم إلّا إلغاء مبدأ إلزاميّة التعليم، وإلغاء مجانيّته حتى في الصفوف الابتدائيّة، المبدأ ‏الذي لا تزال فرنسا تعتنقه وتعمل به". ‏

 

‏ إلّا أنَّ أحد كبار الباحثين في التعليم العام الأردني، رأى أنَّ التعليم "كان يخضع ‏لإشراف سُلطات الانتداب البريطاني مباشرة، وكانت سياسة الانتداب التعليميّة ترمي ‏إلى تطبيق المركزيّة الشديدة في الإدارة، وانصياع المُعلمين والإداريين للتعليمات التي ‏تُصدرها السلطات البريطانية، وإلى التطابق معها، وجعل التعليم تقليديًّا ‏وجامدًا..."(‏‎4‎‏)، لكن أبرز وكيل لوزارة المعارف في عهد الإمارة، رأى "أنَّ المال كان ‏دومًا هو العائق أمام المشاريع التعليميّة والتربويّة"(‏‎5‎‏).‏

 

 

 

الصحيفة الأولى: عوامل الظُّهور

 

‏ كانت "الشرق العربي"،الصادر عددها الأول في ‏‎28‎‏ أيار عام ‏‎1923‎، أوَّل صحيفة ‏حكوميّة رسميّة، صدرت أسبوعيّة، وأحيانًا نصف شهريّة، ولم تكن تقتصر على نشر ‏الأنباء والبلاغات الرسميّة والقوانين، بل كانت تنشر المقالات السياسيّة والأدبيّة ‏والعلميّة والأنباء العالميّة، والقصائد، في السنوات الثلاث الأولى من عمرها، وأشرف ‏على تحريرها محمد الشريقي، بصفته مديرًا عامًا للمطبوعات، ثم اقتصرت على نشر ‏القوانين والأنظمة والبلاغات والإعلانات الرسميّة، بناءً على طلب المُعتمد البريطاني ‏‏"هنري فورتنان كوكس"، بعد أن أحسَّت دوائره الاستعمارية بأبعاد النَّفَس القومي في ‏مواد الصحيفة، والنابعة من فكر المشرف عليها المفكر والأديب العربي محمد الشريقي، ‏وتغيَّر عنوانها ثانية، بعد استقلال الأردن عام 1946م، فصارت تُسمّى:"الجريدة ‏الرسميّة للمملكة الأردنيّة الهاشمية"، وهي ما تزال تصدرعن "مديرية الجريدة ‏الرسمية" في رئاسة الوزراء(‏‎6‎‏)، وتُماثل في تأسيسها ودورها والجهة التي أصدرتها ‏وموّلتها، الصحف الرسميّة العثمانيّة التي أصدرتها الدولة العثمانيّة في ولاياتها العربية ‏كـَ"القدس الشريف" في فلسطين عام 1876، و"الزوراء" في بغداد عام ‏‎1869‎، ‏وحتى "الوقائع المصريّة" التي أمر بإصدارها حاكم مصر محمد علي باشا، وصدر العدد ‏الأول منها في 3 كانون الأول/ ديسمبر 1828"(‏‎7‎‏)، وكان من أبرز المشرفين عليها، ‏والمحررين الأوائل لها رفاعة الطهطاوي، والإمام محمد عبده، وكانت تُعنى بالجانب ‏الرسمي من قرارات الدولة المصريّة إلى جانب نشر مقالات وأفكار في موضوعات ‏سياسيّة واقتصاديّة وفكريّة شتّى.‏

 

وقد جاء قانون تأسيس الصحيفة الرسميّة (الشرق العربي) المؤرَّخ في‎13 ‎أيار عام ‏‏1923م، رقم (148) في خمس مواد أهمّها(‏‎8‎‏):‏

 

المادة (1): تؤسَّس جريدة رسميّة في منطقة الشرق العربي باسم (جريدة الشرق ‏العربي).‏

 

المادة (2): تُدار هذه الجريدة من قِبَل مدير مرتبط بإدارة الماليّة ويُعيّن له مساعدون ‏عند الاقتضاء.‏

 

المادة (3): تنشر هذه الجريدة أسبوعيًّا في الحال الحاضرة ويمكن إصدارها مرتين في ‏الأسبوع.‏

 

وقد اتَّسمت (الشرق العربي) ببساطة المظهر والترتيب، وكُتبت مقالاتها وأخبارها ‏بأسلوب رصين، فاتَّسمت بالأسلوب الراقي والجدّ والرّزانة، وعلى الرغم من أنها ‏صحيفة رسميّة، إلّا أنَّ أعمدتها كانت حافلة بالمقالات التي تعالج القضايا الوطنيّة ‏والقوميّة والإسلاميّة وحتى الإنسانيّة، فهي لم تكن مجرَّد صحيفة محليّة رسميّة، بل ‏كان مجال اهتمامها يتعدّى نطاق الأردن، كما تعدّى نطاق الإعلان عن الأنظمة ‏والقوانين، فقد تفاعلت مع القضايا القوميّة المطروحة بجرأة، وكان على رأسها ‏المشروع النهضوي الهاشمي، وقدَّمت سجلًّا حافلًا لنشاط الشريف الحسين بن علي ‏قائد النهضة العربيّة، أثناء زيارته إلى الأردن. ‏

 

وقد بيَّنت لنا الصحيفة من خلال أعدادها بشكل عام، بدايات النهضة التعليميّة ‏والاقتصاديّة والزراعيّة والاجتماعيّة في إمارة شرقي الأردن، والتي تمثلت بإنشاء ‏المدارس والمعاهد وإقامة المشافي وتنظيم الأحوال العامة من خلال الإرادات السنيّة ‏التي استهدفت تحسين الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة والصحيّة(‏‎9‎‏).‏

 

وكان الهدف من إصدار "الشرق العربي" سد الفراغ الإعلامي الرسمي والتوثيق ‏والنشر، وكانت مضامينها سياسيّة محليّة وعربيّة ودوليّة وزراعيّة وتعليميّة وصحيّة ‏وأدبيّة واجتماعيّة، وبعض الإعلانات، قبل أن تتحوَّل إلى التركيز على البلاغات ‏الرسميّة، والإرادات الأميريّة، وأوامر الدفاع والقوانين والأنظمة(‏‎10‎‏). ودعت "الشرق ‏العربي" إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي، ونشرت مواضيع ‏عن تنظيم النسل، وبعض قصص وردت عن الهجمات التي تعرّض لها الأردن في ‏صحف مصر وسوريا، وعكست الصحيفة فكر "الثورة العربية الكبرى" (ضد الدولة ‏العثمانية)، إذ غلبت السياسة على مضامينها فشكلّت نسبة 46 بالمئة، وإعلانات ‏‏13,2 بالمئة، والخبر العربي 26,5 بالمئة، والعالمي 14,5 بالمئة(‏‎11‎‏).‏

 

 

 

اتِّجاهات افتتاحيّات "الشرق العربي"‏

 

‏ كتب الشريقي معظم افتتاحيات "الشرق العربي...." التي جاءت في موضوعات ‏عديدة، بأسلوب أدبي رائع جزل فصيح مترابط الأفكار، سهل ممتنع، يُدركهُ القارئ ‏العادي كالمثقف الواعي، في موضوعات أردنيّة وإقليميّة ودوليّة.‏

 

جاء في افتتاحيّة العدد الأوَّل: "والقلم وما يسطرون. إن هي إلّا صحيفة نبدأ بنشرها ‏في مطلع فجر جديد. في يوم هزّت بشائر الاتحاد العربي منّا القلوب، مُتطلعين بنور ‏المولى العظيم إلى صاحب الجلالة الهاشميّة (الحسين بن علي) مُنقذ العرب والساعي ‏لتأسيس وحدتهم وجمع كلمتهم والنهوض بهم إلى مصاف الأمم الحيّة، ناظرين إلى أنَّ ‏حكومتنا القائمة في "عبر الأردن"، وأجزاء البلاد العربية... ثم ها إنَّ حكومته اليوم ‏تنشر هذه الصحيفة الرسميّة باسم "الشرق العربي" لتكون لسان لها في إعلان الأوامر ‏والأنظمة والقوانين ورسول دعوتها القوميّة القائمة على أساس الحكمة والفضيلة ‏والعمل الصحيح....".‏

 

وجاءت افتتاحيّة العدد الثاني (4/6/1923) بعنوان "بين الماضي والحاضر" على ‏الصفحة الأولى كاملة، قارن فيها الشريقي بين نهضة أمة العرب في عهود التقدُّم ‏السابقة وواقع نهضتها المعاصرة. بينما جاءت افتتاحيّة العدد الرابع ‏‎(18/6)‎‏ بعنوان ‏‏"التكامل القومي" رأى فيها الشريقي: "...إنَّ مستقبلًا عظيمًا ينتظر الناطقين بالضاد، ‏فلنسلك معشر العرب طريق تكاملنا القومي بخطا ثابتة وقلوب مطمئنّة سواء من ‏الوجهة الأخلاقيّة أم العلميّة أم الاقتصاديّة أم السياسيّة"، ثم أخذ الكاتب يُفصِّل في كل ‏وجهة، بينما جاءت افتتاحية العددين الثامن والتاسع (23/7) تحت عنوان "تصنيف ‏الدول" شرح فيهما محرر الصحيفة أشكال الدول المستقلة والمحميّة والتابعة، في حين ‏جاء عنوان افتتاحيّة العدد العاشر(30/7) "يا مصر" قال كاتبها "...نعم نحن لم نهتف ‏لسعد والشيخ محمد عبده ومصطفى كامل والشيخ علي يوسف وكل مصري نابغة، إلاّ ‏لاعتقادنا أنَّ مصر هي مهوى أفئدة العرب، لم تُفرّق بين أحزابهم السياسيّة وطرقهم ‏الإصلاحيّة... ولم نبتهج بكل مظهر من مظاهر انتصار القضيّة المصريّة إلّا لاعتقادنا ‏أنَّ مصر هي فرع باسق من فروع الشجرة العربيّة الكبرى.. غير أنهُ يعزُّ علينا والله ‏أن تُباعد الدسائس المُخزية بيننا وبين مصر"، في حين كانت افتتاحيّة العدد الثاني ‏عشر(30/8) بعنوان "التربية السياسيّة"، وممّا جاء فيها: "أجل، إنَّ الحياة السياسية ‏لتتبدَّل شرائطها العامة بنسبة ارتقاء الفكر الحقوقي الدولي ونضوج التربية السياسية ‏في الأمة، وإنكَ إذا قلّبتَ صحف التاريخ السياسي أَرَتْكَ مضامين حوادثه فرقًا عظيمًا ‏في مظاهر الحياة السياسيّة وأوضاع الحقوق الدوليّة يوم تُقارن ما بين قديمها ‏والحديث... كأوضاع السفارات الدائمة مثلًا، تلك التي لم تكن في الحقيقة إلّا وليدة ‏النضوج السياسي وتوسُّع الصّلات الدوليّة... كذلك قُل عن محكمة السلام الدائمة في ‏لاهاي، وعن مظاهر الانتخاب في الولايات المتحدة وعن أوضاع الحياة البرلمانية في ‏بلاد الإنكليز، وعن جمعية الأمم المقبلة....". ‏

 

وفي ما يلي عينة من افتتاحيّات "الشرق العربي" من أعداد مختلفة من الصحيفة ‏الأردنيّة الأولى، قمتُ باستخلاصها، مباشرة من أعداد مختارة:‏

 

‏ تضمّن العدد 94 الصادر في 2 آذار/ مارس 1925م، افتتاحية بعنوان "من ‏مُذكراتي: الشباب الشهيد"، تضمَّنَت وصف الشريقي- الشاهد، لإعدام جمال باشا، ‏ثُلة من أحرار العرب على أعواد المشانق في ساحة البرج ببيروت، وناقلًا قول ‏الصحافي والمفكر العربي عبدالغني العريسي عندما تقدّم لحبل المشنقة: "مرحبًا بك يا ‏أُرجوحة الأبطال، إنّما على الجماجم تُبنى العروش، فلتكن جماجمنا أساس المملكة ‏العربيّة"، وقال: "طوّلتوها، هاتوا الحبلة ولا نشوف وجوهكم".‏

 

‏1-‏ تضمّن العدد 103، الصادر في 11 أيّار/ مايو- ماي 1925، مقالًا بعنوان ‏‏"الشهداء"، بيّن فيه الشريقي تأثير إعدام الشهداء العرب بيد جمال باشا على ‏العرب.‏

 

‏2-‏ تضمّن العدد 87، بتاريخ 12 كانون الثاني/ يناير 1925، افتتاحيّة بعنوان "يا ‏أيّها العربيّ" حول دَوْر "الأخذ بأسباب النهوض المدني والأوضاع العصريّة ‏في جميع حياتنا القوميّة، واتِّجاهنا الحكوميّ رهنًا لا يكون إلّا بالعلم والعمل ‏والنظام وأن تكون العدالة هي القوّة... في البلاد لضمان المصالح العموميّة بين ‏الناس على اختلاف طبقاتهم، فتعيش البلاد سعيدة مستريحة لا تعرف القلاقل ‏والاضطرابات وينصرف الشعب على اختلاف فئاته إلى الأعمال المُنتجة... ".‏

 

‏3-‏ اشتمل العدد 88، الصادر بتاريخ 19 كانون الثاني/ يناير 1925 على ‏افتتاحية بعنوان "عظة التاريخ" ركّز فيها الشُريقي على مدلول كلمة الخليفة أبو ‏بكر الصدّيق التي خاطب بها الأنصار في سقيفة بني ساعدة، حينما همّوا ‏يناوئون إخوانهم المُهاجرين، فتدارك بها أمر الإسلام وجمع كلمة العرب على ‏قريش، فكان -رضي الله عنه- المثال الأكمل في وساطته للشجاعة والحكمة ‏وبُعد النظر، وقد آثر المصلحة العامّة على كلّ ما عداها حرصًا على العزّة ‏القوميّة والكرامة المليّة". ‏

 

‏4-‏ حوى العدد 89، الصادر بتاريخ 26 كانون الثاني 1925، على مقال افتتاحي ‏بعنوان "ويا قوم"، تحسّر فيه الكاتب على حال العرب مقارنة مع الأمم ‏الأخرى: "واحسرتاه، لقد أعرقت الشعوب في التقدُّم، والعربي ما يزال يتأخر... ‏واتَّخذت من الجوّ وطنًا، وهو ما يزال غريبًا حتى في البرّ، وعلى أرض ‏عترته، وبين إخوته وبني جلدته... ونحن معاشر العرب غرباء عن الأمم في ‏عقولنا ونفوسنا... في طُرقنا ومعارفنا ومعاملاتنا، في أوضاعنا الاجتماعية ‏وصلاتنا الماليّة... لنكاد نرجع إلى جاهليّتنا الأولى...".‏

 

‏ كتب الشُريقي مقالا افتتاحيًّا للعدد 92، المنشور في 16 شباط 1925،عنونهُ ‏بـِ"الحكومة العربيّة"، بدأ فقرته الأولى بالقول: "قلّما عني الباحثون في تكوين ‏القوميّة العربيّة الحديثة بتاريخ الحكومة العربيّة واستقراء نشوئها وارتقائها من وجهة ‏نظريّة علميّة، أو تتبّع ما نشأ عنها من أحزاب سياسيّة، ومذاهب تشريعيّة، تتبُّعًا ‏اجتماعيًّا تحليليًّا".‏

 

‏ وقد تولّى إدارة صحيفة "الشرق العربي" والكتابة بها السيد محمد الشريقي بالإضافة ‏إلى عدد من الأدباء والمفكرين والشخصيّات أمثال محمد طاهر الحسيني، محمود ‏الكرمي، حنا القسوس، الدكتور ناجي الأصيل، محمد المحيسن، ومحمد نديم الملاح ‏وآخرون(‏‎12‎‏). ‏

 

 

 

‏* المصادر والهوامش:‏

 

‎(1)‎حجّي، شكري جبرين، الأدب في الصحافة الأردنيّة في عهد الإمارة، عمّان، وزارة الثقافة، ‏‏2002، ص30.‏

 

‏(‏‎(2‎هاشم، كايد مصطفى، قاموس المؤلفين في شرقي الأردن، عمّان، المطابع العسكرية، ‏‏1995، ص107، نقلًا عن كرّاس أصدرته المطبعة الوطنية في التعريف بأعمالها.‏

 

‏(‏‎(3‎الأخرس، محمود، الببليوغرافيا الفلسطينية الأردنيّة، عمّان، جمعية المكتبات الأردنيّة، ‏ص255.‏

 

‏(‏‎(4‎التل، أحمد، التعليم العام في الأردن، عمّان، منشورات لجنة تاريخ الأردن، 1992، ‏‏(سلسلة البحوث والدراسات المتخصصة-7)، ص89.‏

 

‏(‏‎5‎‏)الروسان، صباح "هذه مشاريعنا"، النسر، العدد1، تاريخ 20/3/47، ص2، (النسر: ‏صحيفة أردنيّة يوميّة أسسها المحامي صبحي جلال القطب). ‏

 

‏ (‏‎6‎‏) الزبيدي، ماجد توهان، الدوريّات الأردنيّة (1921- 1995)، دراسة تحليليّة ‏ببليوغرافية، (رسالة ماجستير)، بغداد، الجامعة المستنصرية، 1996، ص37-38.‏

 

‏(‏‎7‎‏) خوري، يوسف قزما، الصحافة العربية في فلسطين 1876- 1948، بيروت، مؤسسة ‏الدراسات الفلسطينية، 1976، ص3.‏

 

‎8)‎‏):‏http://jordanheritage.jo/newspaper‏ نقلا عن: ‏

 

‏ - الخزاعلة، محمد ربيع، الأوائل في تاريخ الأردن الحديث، 2003، ص119.‏

 

‎9)‎‏) - شريم، أميمة بشير، الصحافة الأردنيّة وعلاقاتها بقوانين المطبوعات والنشر (1920- ‏‏1983)، ص23.‏

 

‎ (10)‎عبيدات، شفيق، مسيرة الصحافة الأردنيّة، عمّان، نقابة الصحفيين الأردنيين، ص45. ‏

 

‏(‏‎11‎‏) الموسى، عصام سليمان، تطوُّر الصحافة الأردنيّة (1920- 1997)، عمّان، لجنة ‏تاريخ الأردن، 1998(منشورات لجنة تاريخ تاريخ الأردن- 58)، ص88.‏

 

‏(‏‎12‎‏) شريم، أميمة بشير، مصدر سبق ذكره، ص23.‏

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 ‎ ‎