إربد: أُقحوانة سهل حوران.. (1850 م – 1928 م)‏

‎ ‎الدكتورة هند غسان أبو الشعر ‏

مدخل: ‏

سمتها المصادر الإسلامية " الأقحوانة "، وعرفتها العصور الحضارية المتعاقبة، فكانت ‏سهولها التي تمثل الامتداد الطبيعي لسهل حوران، جزءًا من أهراء روما التي اعتمدتها ‏الامبراطورية الرومانية للتزود بقمح حوران، وعندما اخترت أن تكون (إربد وجوارها) محور ‏دراستي لنيل درجة الدكتوراه في عهد التنظيمات العثمانية، لم أجد دراساتٍ أكاديمية تتناولها ‏غير دراسة للدكتور يوسف غوانمة في مرحلة تاريخية مبكرة، وبدأت رحلة البحث عن ‏المصادر، كان الخوف من أن تكونَ المصادر قاصرةً عن تغطية البحث لرسالة بحجم ‏درجة الدكتوراه، ولكن كنوز إربد في العهد العثماني (1516 م – 1918 م) كانت وافرة، ‏فاضطررت لتحديد الدراسة بناحية واحدة فقط من النواحي الإدارية التابعة لقصبة إربد، ‏وبدأت رحلة لا تنتهي مع تاريخ إربد، أقحوانة سهل حوران.‏

الجغرافيا أولًا: ‏

جيولوجية إربد تشكِّل الأساس الذي تقوم عليه مظاهر الحياة فيها، فهي تقوم على ‏تكوينات من الطين المخلوط بالجبس، وتليها طبقة من الصلصال، تمتد من شمال إربد ‏وحتى الجزء الجنوبي الغربي، وتنتشر تكوينات من خليط من الرسوبات الطينية والرملية ‏والحجر الكلسي والحصى والرمال البازلتية في تل إربد، وعلى امتداد إربد القديمة (وسط ‏القصبة)، في حين ينتشر البازلت في جنوبي إربد ممتدا لمنطقتي حوارة والحصن، ‏وبالتالي؛ فإنَّ تربة إربد مكوّنة من الطين الأحمر نتيجة تحلل الصخور المحلية؛ من ‏جيرية، ورملية، وترتفع فيها نسبة كربونات الكالسيوم والبوتاسيوم، وهي معروفة بتربة البحر ‏الأبيض المتوسط الحمراء. ولأنَّ معدل سقوط المطر في إربد يزيد على 350 ملم في ‏السنة، فتربتها تخزن الماء وتحتفظ بالرطوبة، وهي مواصفات تصلح لزراعة الحبوب، ‏والكروم، وأشجار الزيتون، والفاكهة، وهذا هو أول أسس الاستقرار وتشكيل الحضارات ‏على أرضها‎.‎

الموقع والتضاريس: ‏

عُرفت قصبة إربد عبر تاريخها بارتباطها بحوران، وهي منطقة واسعة من دمشق وحتى ‏حوض اليرموك وعجلون، وتمتدُّ غربًا من سفح الحرمون إلى الحولة، ومنه إلى بحيرة ‏طبريا حتى مصب اليرموك، وشرقا إلى جبل العرب (الدروز). والمنطقة ذات سطحٍ مستوٍ ‏على الأغْلب، وفيها البقايا البركانية البازلتية، وتقطع سهولَها الواسعةَ أوديةٌ متعددة، وتربتها ‏قابلة للزراعة وخاصة زراعة القمح، لذا فقد كانت هذه المنطقة مركزًا للاستقرار عبر ‏التاريخ، وارتبطت إداريا بدمشق خلال مراحل تاريخية متعددة، وكان الأهالي يترددون على ‏دمشق سيرًا على الأقدام للتجارة، في حين كانت طريق "تراجان" المعبدة والمارة ببصرى ‏الشام، سببًا لزيادة الاتصال بين إربد وجوارها وبين دمشق عبر التاريخ، من خلال قوافل ‏المكارية، الذين تخصّصوا بنقل حبوب السهول الخصبة إلى دمشق، وقد وصف الرحالة ‏الذين زاروا منطقة إربد وجوارها تلك القوافل، التي لا تتوقف عن المسير بين إربد وقراها ‏وبين المركز، وخاصة في العهدين المملوكي والعثماني‎.‎

إنَّ موقع إربد بين دائرة عرض 32 فاصلة 32 وخط طول 35 فاصلة 51 أعطى إربد ‏ميزة خاصة، فهي لا تبعد عن البحر المتوسط أكثر من 60 كيلومترا فقط، وعن غور ‏الأردن 32 كيلومترا، فهي المعبر من الشرق إلى فلسطين، وحلقة الوصل بين أجزاء بلاد ‏الشام الشمالية والجنوبية، وهذا يعني أنها تتمتع بمناخ متميز، تصلها رياح البحر المتوسط، ‏وتتأثر بقربها من منطقة الأغوار الدافئة، ومن قربها من منطقة عجلون الجبلية المرتفعة. ‏والمنطقة بصورة عامة قليلة الارتفاع تميل للانبساط، مما يجعل هذا الموقع والمناخ ‏المعتدل من العوامل الحاسمة في تحديد حركة السكان التي ظلت متتابعة عبر العصور، ‏من إربد وجوارها إلى أجزاء بلاد الشام، ومن بلاد الشام، وشبه جزيرة العرب، ومصر، ‏وبلاد المغرب العربي، وهضبة الأناضول، وبلاد البلقان إلى إربد وجوارها، فاستقطبت ‏المنطقة عناصر حيوية من سكان الحواضر؛ سواء من دمشق، أو المدن والقصبات في ‏بلاد الشام، وخاصة من حلب، وحمص، ونابلس، وطبريا والناصرة، وصفد، والجليل، ومن ‏باقي الأطراف‎.‎

تفتقر منطقة إربد إلى عنصر أساسي من عناصر الاستقرار وهو المياه الدائمة أو الجارية، ‏وقد أدى هذا الفقر في المياه إلى مشكلة حقيقية، حيث عانت إربد دائمًا من نقص في ‏الموارد المائية ؛ سواء في المياه الجارية الدائمة، أو العيون، لذا كان لا بدَّ من الاعتماد ‏على مياه الأمطار التي تشكّل الأساس في تجميع مياه الشرب، في البرك، أو الآبار التي ‏يحفرها الأهالي لتأمين حاجتهم من المياه، والبرك ظاهرة معروفة في كل منطقة حوران، ‏التي لا يتوافر لها مياه جارية أو سيول دائمة أو ينابيع، وقد عرفت إربد تجميع المياه في ‏بركة بقيت حتى زمن قريب، حيث استغنى الأهالي عنها بوصول مياه الشرب من راحوب، ‏إلّا أنّ هذا لم يمنع من الاستمرار بحفر الآبار واعتمادها، ويمكن العودة لكتب الرحالة في ‏القرن التاسع عشر الذين رصدوا مواقع الآبار الرومانية الكبيرة، التي كان لها أدراج ‏لسعتها، وتسميها دفاتر الطابو العثمانية (بالآبار الخاربة) لأنها غير مستخدمة، وبعضها ‏استخدمه الأهالي، وهي آبار رومانية، وقد وجدنا في دراستنا بالعودة إلى سجلات الطابو ‏العثمانية وإلى سجلات تسوية الأراضي، تسجيلًا دقيقًا لملكية الآبار في المنطقة، وحاولنا ‏ربط عدد السكان بتزايد حفر الآبار، ومعظم الآبار التي رصدناها موجودة في جُدر القرى، ‏لأنها عادة تُحفر في البيوت السكنية أو قريبة منها، علمًا أنَّ ملكية الآبار هنا ربما كانت ‏مشاعًا لأفراد العائلة، وعادةً ما يستخدمها أصحاب البئر ومَن جاورهم عندما تشح مياه ‏الشرب، وتقل نسبة هطول المطر. وننوه هنا إلى أن إربد ترتبط في موروثنا بالآبار، فهي ‏‏(إربد الخرزات)، حيث استقرت العشائر التي استوطنتها كل عشيرة بجوار بئر، أو (خرزة) ‏بئر، ولا نفهم من هذا أن العشائر هي التي حفرت هذه الآبار، لكنّها امتلكتها واستقرت ‏بقربها، ولاحظنا أنَّ دفاتر الطابو لم تُشر إلى الخرزات، وهناك إشارة متأخرة تعود للعام ‏‏1914م إلى (آبار قديمة على التل لا مالك لها) وهي حالة معروفة بوجود آبار مشاع، ‏تستخدم لسقاية الماشية والشرب بشكل جماعي، أمَّا الآبار التي ذكرتها السجلات العثمانية، ‏فتتوزع على الحارات الشرقية، والغربية، وحارة الشرابجة، ووسط القرية، وظهر التل، وقد ‏لاحظنا أنَّ عددَ الآبار في الحارة الشرقية أكبرُ من عددها في الحارة الغربية، ونستنتج من ‏هذا أنَّ الحارة الغربية أقربُ لبركة إربد من الحارة الشرقية، مما يجعل سكانها يعتمدون على ‏البركة في التزوّد بالماء، ولا نعتقد بأنَّ السبب عائد لعدد سكان كل حارة‎.‎

السكان: ‏

لا تعطينا المصادر معلوماتٍ متتابعة ووافية لكل العصور، ولا نجد إحصاءات نعتمدها إلا ‏في العهد العثماني، بالعودة إلى سجلات الدولة، لكن المصادر المملوكية تساعد في ‏الوصول إلى معلومات عامة عن إربد في العهد المملوكي، قبل دخول العثمانيين لبلاد ‏الشام سنة 1516م، حيث نجد في كتب اليوميات والموسوعات إشارات غير مكتملة، عن ‏واقع السكان في إربد، خاصة عند الحديث عن الأوبئة، أو المعارك، أو مواسم الحج، فقد ‏عرفت بلاد الشام في آخر العهد المملوكي الكثير من الأوبئة، مما جعل أهالي دمشق ‏يلجؤون خوفًا من الطاعون إلى " بلاد عجلون ". ووردت إشارات لإربد وقراها في فترة ‏هجوم تيمور لنك على دمشق، وتسميه المصادر المحلية (اللنك) أي الأعرج، وتسمى ‏هجمته ب (فتنة اللنك)، حيث ذكرت كثير من المصادر المحلية لجوء الأهالي من دمشق ‏إلى قرى عجلون، وهذا يعني إربد أيضا، كما وجدنا الكثير من الإشارات لشخصيات من ‏إربد وقراها، في دمشق، والقدس في العهد المملوكي، ممن عملوا في المدارس والتدريس، أو ‏ممن درَسوا في مدارس دمشق والقدس، أو ممن أشرفوا على الأوقاف، أو عملوا بالتجارة، ‏وعادةً ما كانوا ينسبونهم إلى قراهم، فمنهم الإربدي أو الحصني أو الجمحي أو العجلوني ‏أو الباعوني أو الحسباني أو الرمثاوي أو الجراحي أي من أهالي المزار، أو الأيدوني أو ‏السلطي أو الكركي وهكذا‎.‎

أما في العهد العثماني (1516 م – 1918 م) فيمكن العودة لسجلات التحرير التي ‏اعتادت الدولة تحريرها، أي تسجيل كل ما على الأرض من موجودات، كالمرافق، ‏والممتلكات والأهالي من السكان، مع تسجيل كل بيت، وعدد الأفراد، وعدد غرف البيت ‏ومرافقه من آبار، وحاصل، ومُغر، وطابون، وتبان، وبيدر، وعراق، وياخور، كما كان ‏يتم تسجيل أسماء الأهالي سواء أكانوا أرباب أسر أو عُزاّب، وتحديد غير المسلمين ممن ‏يدفعون الجزية، ومقدارها، وتسجيل مقدار الإنتاج من المحاصيل الزراعية، والثروة ‏الحيوانية، ومقدار العشر الذي يدفعه كل فرد، وهذا يعني أننا نتمكن من معرفة واقع حال ‏إربد عبر سنوات الحكم العثماني وعدد أهاليها بأسمائهم، وما كان يزرعونه، من حبوب ‏وأشجار، وما يربونه من ماعز ونحل، وهو ما يدفع عليه العُشر‎.‎

يبدو من مراجعتنا للسجلات أن إربد كانت دائمًا مسكونة ولم تكن مهجورة، وكان الأهالي ‏فيها يزرعون القمح، والشعير، والكرسنة، والذرة، والمال صيفي؛ أي أنواع المحاصيل ‏الصيفية، ويربون الماعز، وينتجون العسل من تربية النحل، وهذا مؤشر على أنَّ المنطقة ‏كانت دائمًا مركزَ حياة زراعية نشطة، ولكنها فقدت في العهد العثماني موقعها التجاري ‏الذي تمتعت به في العهد المملوكي، حيث كان بإربد (بازار) أي سوق تجاري، وكانت ‏طريق (الثلج) والبريد تّمر من إربد، وتربط دمشق بالقاهرة، فقد كان المماليك يعتمدون على ‏منطقة (منين) شديدة البرودة في جبل قاسيون، لإحضار الثلج وتوصيله بخيل البريد من ‏دمشق عبر إربد وقراها، للوصول إلى القاهرة، محفوظًا بطرق خاصة ليصل إلى المماليك‎.‎

‏ تذكر سجلات التحرير لعام 1883م أنَّ بإربد 63 خانة أي أسرة، وهذا يعني أنَّ عدد ‏سكانها قرابة 400 نسمة، وهو عدد محدود قياسًا بأهالي الصريح مثلًا في العام نفسه، ‏الذين كانوا 190 خانة أي حوالي 1200 نسمة، أو المزار الشمالي الذين كان عدد سكانها ‏‏102 خانة أي أكثر من 600 نسمة. وتسجل الدراسات المحلية أنَّ عشائر إربد كانت في ‏منتصف القرن التاسع من التلول والحجازات والرشيدات والدلاقمة والشرايرة والخريسات ‏والعبندات والحتاملة و"أبو سالم" والقطامي والغزاوي وكريزم والخطيب وغيرهم. وتذكر ‏سجلات الطابو المبكرة عام 1876م أنَّ مساحة أراضي إربد 7056 دونما، وعدد ‏الحصص فيها 47 حصة، وعدد الدور 67 دارا، وعدد مالكي الأراضي 49 مالكًا، وهذه ‏مساحة قليلة قياسًا على مساحات القرى المحيطة بإربد؛ مثل أراضي الحصن التي تبلغ ‏‏17275 دونمًا وحصصها 74 حصة موزعة على 60 مالكا، وعدد دورها 157 دارا. ‏

الوافدون إلى إربد: ‏

اتسعت إربد وأصبحت " قصبة " في عهد التنظيمات العثمانية، عندما اتخذتها الإدارة العثمانية ‏مركزًا لقضاء عجلون، نظرًا لسهولة المواصلات إليها، وارتباطها بدمشق وإمكانية نشر الدرك ‏فيها لتحقيق الأمن والنظام، ونشر الجندرمة لمنع هجمات القبائل البدوية، وقد اتُخذت إربد مقرًا ‏للإدارة العثمانية التي وجدت أنَّ القصبة قريبة من القرى الكبيرة المحيطة بها، وأن إمكانية ‏إنشاء مراكز إدارية وأمنية ونشر القوانين ممكنة جدًا، وهو ما تحقق للدولة بإنشاء محاكم ‏ومجالس وجلب الموظفين الذين أكدوا حضور القوانين والأنظمة والتعليمات مع منتصف القرن ‏التاسع عشر، فتم إنشاء محاكم نظامية، ومجلس إدارة، ومجلس بلدي، ومجالس اختيارية، ‏ودوائر متعددة، وتدعيم هذه الأجهزة بالدرك والجندرمة وهو ما تم، فتأسست القائم مقامية ‏‏(المتصرفية) ويتبعها النواحي والمخاتير، وتم تعيين مدير مال وأمين صندوق وكتاب ‏وتحصيلدارية أي جباة، وتأسست مجالس من مثل: مجلس الإدارة، المجلس البلدي، ودوائر ‏مثل دائرة الطابو، ودائرة النفوس، ودائرة الصحة، ودائرة المعارف، والتلغراف والبوسطة، ‏والأورمان أي الأحراش، ودائرة الرجي أي الدخان والبنك الزراعي، كما تم تأسيس جهاز ‏قضائي مدني إلى جانب الجهاز الشرعي، المُكوّن من القضاة ونواب الشرع وكتاب الشرع، في ‏حين كانت المحاكم النظامية حسب التنظيمات العثمانية التي حددها الدستور، وبالتالي، فقد تم ‏تنظيم الحياة المدنية وأيضًا العسكرية في قضاء عجلون ومركزه القصبة إربد منذ عام 1851 ‏م، في حين كانت باقي مناطق شرق الأردن في العهد العثماني بهذه المرحلة، تعاني من تسلط ‏العشائر البدوية وانعدام الأمن، وقد ساعد هذا الضبط الإدارة العثمانية على إرسال ‏‏(قوميسيونات) أي لجان لتحرير الأراضي؛ أي تسجيلها في سجلات فيما عرف باسم الطابو، ‏وتسجيل الملكيات والأوقاف والأراضي الزراعية في سجلات، وكان الغرض من ذلك تثبيت ‏حق الدولة في جمع الضرائب والرسوم من جهة، وتسجيل القادرين على الالتحاق بالعسكرية ‏من الأهالي، ولذا، فقد تأخر الناس عن تطويب أراضيهم خوفًا من الضرائب وإلحاق أبنائهم ‏بالعسكرية، وكان البعض يخشى إدخال الأبناء إلى المدارس لئلا تأخذهم الدولة إلى ميادين ‏القتال، حيث كانت تنشغل بحروب متتابعة على الجبهة الروسية وجبهة البلقان واليمن أيضًا‎.‎

اهتمت الإدارة العثمانية بقصبة إربد مركز قضاء عجلون، وقد زار الوالي أحمد حمدي باشا ‏‏(1880 – 1885 م) إربد، واطّلع على البركة القديمة التي يستخدمها السكان، وتبيّن له أنّها ‏لا تخدم العسكريين والموظفين، فقرر تخصيص صهريج جديد لهم، وتم تشديد الحراسة على ‏البركة لضمان النظافة وحُسن الاستخدام، وشهدت إربد في هذه الفترة توسيع الأبنية الحكومية ‏على التل، وزيادة أعداد الضابطة، وتوسيع الجامع القديم، وقد أحضر الوالي معه مهندسًا في ‏حوزته خرائط حسب الأصول الهندسية، وكانت هذه الخطوات الإدارية لتثبيت سلطة الدولة ‏وضمان استمرار عمل موظفيها وتطبيق القوانين لتخفيف ضغط العربان على الأهالي، فقد ‏ذكرت صحيفة البشير الصادرة عام 1882م أنَّ سكان قرية الحصن يشكون من التعديات التي ‏يقوم بها عرب الحامد بنهب مواشيهم وأموالهم، إضافة إلى ما يقوم به (مأمورو) القضاء من ‏طلب الرشاوي والضغط على الأهالي، فكانت الخاوة والرشوة تهدِّد أمن الأهالي، وتدفعهم ‏للاحتجاج عبر الصحافة وكتابة الاستدعاءات‎.‎

كما أنَّ الدولة أهملت الرعاية الصحية، فقد انتشرت الحصبة بين أطفال إربد، ولم تكن البلدية ‏قد عيّنت طبيبًا حسبما تنص تعليمات البلديات في الدستور، فأرسلت ولاية سورية الجليلة ‏طبيبًا عسكريًا لمداواة أطفال إربد الذين فتكت بهم الحصبة، وفي عام 1910م زاد ضغط ‏العشائر البدوية على القرى حول إربد، ونشرت جريدة المقتبس الدمشقية احتجاجًا موقعًا من ‏الأهالي لضعف الدولة في مواجهة العشائر الذين يُدخلون مواشيهم إلى مزروعات الأهالي، ‏وكان الاحتجاج موقعًا من‎:‎‏ مسعود عبود، محمد نائل الغرايبة، محمد الحمود، محمد الفلاح، ‏محمود الفنيش، كايد أحمد، يوسف قبيل، سليمان يوسف، وأحمد محمد، وحسن شهاب، ‏ويوسف فارس محمود. ‏

الوافدون للقصبة‎:‎

أدى انتشار الأمن إلى قدوم الموظفين الذين استقروا بالقصية إربد بعائلاتهم، وقد لاحظنا من ‏متابعة عنصر السكان في القصبة، أنَّ الكثير من الموظفين الوافدين، استقروا بإربد ولم ‏يتركوها، وأصبحوا من المُكّون السكاني حتى اليوم، كما قدم العديد من التجار وغالبيتهم من ‏‏(الشوام) من أهالي دمشق -من الميدان بشكل خاص- نظرا لأنَّ سكان الميدان غالبيتهم ‏يعملون بتجارة الحبوب، ويتعاملون مع أهالي إربد وقراها، كما وفد تجار من نابلس وصفد ‏والناصرة وعملوا بسوق إربد، حيث اتسعت الفعاليات التجارية وتزايد عدد الدكاكين التي امتلكها ‏العديد من التجار القادمين من دمشق وحلب ونابلس وصفد، وقدمت عناصر من الذين ‏يعملون بالحِرف والمهن، ومنهم الذين يعملون بحرفة البناء والنجارة، وهم على الأغلب من ‏أهالي الناصرة ونابلس ممن اشتُهروا بدّق حجر البناء، واستقروا مع الوقت بإربد وشكّلوا جزءًا ‏من المُكوّن السكاني فيها.‏

بعثت هذه المكونات نشاطًا خاصًا بسوق إربد، وتم إقامة ما يعرف ب (سوق الخميس) ثم ‏سوق الاثنين، حيث اجتذبت هذه السوق أهالي القرى المحيطة بإربد، وأهالي شمال فلسطين، ‏وبعض التجار من نجد والحجاز ومن مصر، وأدت هذه المتغيرات إلى إحداث تغيير ملموس ‏في عدد السكان وفي السوق وعدد الدكاكين وفي المظاهر العمرانية، خاصة وأن القصبة ‏عرفت أول مجلس بلدي لها عامَ 1882م، وهي بذلك من أقدم البلديات في الأردن، حيث تّم ‏تطبيق نظام الانتخابات كما أورده الدستور، وقام المجلس البلدي بمتابعة النظافة في القصبة، ‏وتم جمع الرسوم، وتنظيم طلبات الحصول على أذن البناء، وفي أواخر القرن التاسع عشر ‏كانت إربد قد اتسعت وفيها حارات، ورفدتها عناصر سكانية متنوعة من الوافدين وخاصة ‏التجار من أهالي دمشق، وقد استطعنا من خلال الاطلاع على سجلات المحاكم الشرعية ‏رصد الأعداد من الوافدين الذين استقروا بإربد من دمشق من حارة الأكراد ومن الميدان ومن ‏حارة الصالحية، ومن قرى نابلس، ومن غزة، ومن طرابلس الغرب، ومن لبنان من طرابلس ‏وبيروت وظهور الشوير ومرجعيون وصيدا، ومن لواء أورفه وعينتاب والناصرة وصفد والجليل ‏في فلسطين، ومن حيفا وجبل لبنان ومن حوران وقرى فلسطين، ومن المغاربة الذين كانوا ‏يقدمون في قوافل مع موسم الحج، ويتخلفون عن العودة، ويستوطنون مناطق من بلاد الشام، ‏وعرف بعضهم بالعمل في الجهاز العسكري أو مع الملتزمين الذين تكلفهم الدولة بجمع ‏الضرائب، كما وفد بعض أهالي البلقان وأقاموا في أجزاء من فلسطين، وتسرب بعضهم إلى ‏مناطق شرق الأردن، ومنها مناطق في الشمال، ومن التركمان أيضًا؛ وهذا يعني أنَّ عناصر ‏جديدة وفدت إلى إربد واستقرت فيها، وأحفادهم الآن هم من الأهالي الذين يعملون بالتجارة ‏والِحرف‎.‎

سوق إربد والحياة الاقتصادية: ‏

عند عودتنا لسجلات أملاك القصبة المحفوظة في دائرة الأراضي، وجدنا معلوماتٍ دقيقةً ‏عن سوق إربد عامَ 1884م، ففي الحارة الفوقا ذكر السجل أسماء أصحاب الدكاكين، ‏وهم: محمد بن علي، وسليمان بن سالم خضر سلامة، وحامد بن أحمد محمود علي، ‏ومحمود ومحمد أولاد بيبرص، وعبدالله بن سوقة، وقاسم بن حجازي ومحمود وعواد ‏حجازي، وعايد بن حمدان، محمد أحمد الدلقموني، وحمدان بن مصطفى، وطالب بن ‏حمدان، وحمد بن محمد العقلة، وشاهين بن عواد، وأحمد عبد الباقي، وياسين بن قاسم، ‏وعوض ومحمود بن علي رشيدات، وسليمان وسالم وخضر وبكر ومحمد آغا عبد الحليم، ‏وفارس بن سعد عرب، ويوسف بن حنا عطون. وفي عام 1885م ذكر السجل دكاكين ‏إلياس السباك السكافي وشريكه حبيب سعيد يارد، وسلوم بن سعد عرب يارد، وفي عام ‏‏1889م تم تسجيل دكاكين بيعت بالمزاد العلني في "سوق الخميس" بإربد باسم "عيسى بن ‏إبراهيم الحداد" وعددها أربعة دكاكين، في حين سُجّل دكان عامَ 1882م في إربد قرب ‏ميدان الحكومة بالمزاودة العلنية باسم "سليم أفندي بن حنا أفندي فركوح"، ويحدها من ‏الشمال الطريق السلطاني ومن الغرب طريق الحصن، ولاحظنا أن أحد أهالي قصبة إربد ‏وهو قاسم حجازي باع دكانًا باسمه إلى اليوزباشي عمران جركس والخواجا عيسى حداد بن ‏أيوب، وباع أيضًا ثلاثة دكاكين لمحمد آغا حسن آغا حليمة، ومحمود العلي، وللحاج ‏محمود ومحمد أولاد أنيس بيبرص، كما اشترى أحد الوافدين إلى قصبة إربد وهو جريوس ‏بن سلوم بن سعد يارد دكانا في الحارة الفوقا في العام نفسه، وما أوردناه من معلومات ‏يؤكّد على أنَّ الوافدين كانوا من فئة التجار وأصحاب الحِرف، وكانوا بحاجة لشراء دكاكين ‏لممارسة أعمالهم، لكن هذه المعلومات تؤشر على النشاط الجديد الذي شهدته قصبة إربد ‏في هذه الفترة مع استقرار الأمن وقدوم الوافدين للقصبة، في مؤشر واضح على النشاط ‏الاقتصادي الذي تزامن مع وجود إدارة ودرك ومع المجلس البلدي في القصبة‎.‎

أمَّا التجارةُ في إربد فكانت حركةً دائمة مع دمشق، واستطعنا من خلال العودة لسجلات ‏المحاكم الشرعية من متابعة أدق التفاصيل لنوعية السلع وحجم التجارة في القصبة، وذلك ‏بالعودة إلى حجج حصر الإرث للمتوفين من التجار في إربد، وفيها تفصيل دقيق لنوعية ‏السلع وحجمها، ومنها الأقمشة والملابس والأحذية والمناديل والعُقُل والطرابيش والعباءات ‏وحطاّت الكشمير والفراء والقنابيز والصداري الرجالي والدوامر، ويبدو من تتبع مصدرها ‏أنَّها كانت من الشام ومصر، وديرية وحمصية وكشميرية وقبطية وبيروتية وكردية ‏وبغدادية، وهذا يرتبط بمرحلة حفر قناة السويس عامَ 1869م حيث أصبحت التجارة أسهل ‏وأوفر‎.‎

كما وجدنا من ضمن حجج حصر الإرث لدكاكين متوفين من إربد، إشارات لحجم البيع ‏للحبوب من قمح وشعير وكرسنة وذرة، فضًلا عن مواد منزلية وأطعمة مثل: القهوة ‏والسكر والزبيب والرز الرشيدي وجوز وحلاوة وقمر دين، ودبس وراحة وملح وهيل ودخان ‏وعلب سجائر وصابون وقطن وقداحات وخيطان، إنَّ مثل هذه الإشارات المباشرة تعطينا ‏قراءة دقيقة لنوعية الحياة الاقتصادية والاجتماعية في قصبة إربد في أواخر القرن التاسع ‏عشر ومطلع القرن العشرين، ولا يغيب عن بالنا أنَّ التجارة مع دمشق هي الأساس، وأنَّ ‏سوق إربد هو سوق أهالي القرى المحيطة بها، لكن بتفاوت، فقد كان في الحصن مثلًا ‏سوق ودكاكين يعتمد الأهالي عليها في تلبية حاجاتهم اليومية، في حين لم نعثر على ‏سوق ودكاكين في قرية الصريح مثلًا، لقرب القرية من إربد ومن سوقها‎.‎

ونشير أخيرا إلى ما يأتي في وصفنا للحياة الاقتصادية والاجتماعية في قصبة إربد في ‏أواخر العهد العثماني‎:‎

أولًا: يعتمد الأهالي على الزراعة ومنتجاتها، وهذا يعني أن عامل المطر يحدّد دخل ‏الأهالي وأوضاعهم‎.‎

ثانيًا: ضيّقت الدولة العثمانية على الأهالي في فترة اشتباكها بالحروب مع روسيا ودول ‏البلقان واليمن وأخيرا إيطاليا، قبل أن تنخرط في الحرب العالمية الأولى سنة 1914م، لذا ‏فقد فرضت الضرائب الباهظة على الأهالي الذين يعتاشون من الزراعة، وأدى هذا لفقدان ‏النقد في أيديهم، لذا فقد لجأوا لتعويض هذا النقص إلى رهن أراضيهم وعقاراتهم، لكنهم لم ‏يبيعوها، وظهر في المجتمع ما عُرف باسم (البيع الوفائي) حيث كان المزارع يرهن أرضه ‏ويسجلها باسم الدائن في دائرة الطابو لحين سداده المبلغ الذي استدانه، لكن هذه الظاهرة ‏تسببت بالعديد من المشاكل للأهالي الذين وقعوا في مشكلة حقيقية أفاد منها التجار الذين ‏كانوا يملكون السيولة ويوظفون أموالهم بحالة من الربا المرتفع‎.‎

ثالثًا: تأثرت المنطقة بشكل كبير مع دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى ‏‏(1914 – 1918م) حيث تم تجنيد الأبناء، فعانت البيوت من وجود نقص في الأيدي ‏العاملة بالزراعة، ومن نقص المواد الغذائية حيث صادرت الدولة حبوب الأهالي ومواشيهم ‏خدمة للحرب، ووصلنا من خلال المذكرات المحلية سوء الوضع في القصبة، خاصة مع ‏قدوم الأرمن الذين جاءوا إلى المنطقة بأعداد كبيرة وهم يعانون من الجوع والمرض سنةَ ‏‏1915م، وعند العودة لمذكرات التاجر سعيد جمعة وجدنا أنَّ السوق في إربد تضررت ‏بسبب ضغوط الدولة، حيث كانوا يصادرون الحبوب من مخازن تجار إربد، وكان التجار ‏يختفون ويغلقون دكاكينهم خوفًا من المصادرة، كما تابعنا واقع الحال في مذكرات صالح ‏المصطفى التل الذي تطوّع لتدريب الشباب على القتال للانضمام للجيش، وتحدّث عن ‏دخول مصطفى كمال أتاتورك مع جيشه لإربد، وأنَّه كان يريد إحراق الحبوب في شونة ‏إربد عند الانسحاب، لكنَّ صالح المصطفى أخبره بأنَّ هذه الحبوب صادرتها الدولة من ‏الأهالي، وإنهم بفقدانها سيموتون جوعًا، ويبدو أنَّ المشكلة الكبرى كانت بفرض الدولة ‏للعملة الورقية (البنكنوت) وقيمتها أقل من العملة الذهبية أو الفضية، حيث كانت تعطى ‏بها الرواتب للموظفين، وبسبب تدني قيمتها فشت حالات الرشوة حتى بين القضاة، وهو ‏ما تابعه صالح المصطفى التل في مذكراته‎.‎

رابعًا: من الأمور اللافتة للنظر أنَّ أهالي قضاء عجلون طالبوا بمدِّ خط سكة الحديد إلى ‏جرش والحصن، ونشر نجيب فركوح من أهالي إربد في جريدة المقتبس مقالةً طالب فيها ‏بهذا المطلب خدمة للمزارعين وتسهيلًا لنقل الحبوب وتأمين المواصلات، وعاد فركوح ‏فكتب مقالةً ثانية بهذا المعنى، إلا أنَّ أوضاع الدولة وانشغالها بالحروب أضاع هذه ‏الفرصة‎.‎

خامسًا: طالب بعض الأهالي بنقل مركز قضاء عجلون من إربد إلى الحصن، وقد أدى ‏هذا الاقتراح سنة 1910م إلى اعتراض تجار إربد، فلم يتم البت فيه، وتناولته الصحافة ‏المعاصرة... لأنَّ في نقل الإدارة من إربد إلى الحصن تكلفة مادية ومعنوية‎.‎

إربد بعد العهد العثماني: ‏

مع سقوط الدولة العثمانية عسكريا سنةَ 1918م، أصبحت إربد جزءًا من الحكومة العربية ‏الفيصلية بعد دخول الأمير فيصل بن الحسين إلى دمشق، في تشرين الأول 1918م، ‏وكان لإربدَ موقعٌ خاصٌ في إدارة الحكومة بسبب قرب إربد من دمشق، وأهمية التجارة ‏اليومية معها، ومن متابعتنا للصحافة وخاصة صحيفة " العاصمة " الرسمية، وجدنا ‏اهتمامًا بتطوير الحياة الصحية والتعليمية في عهد هذه الحكومة القصير، فقد تم إنشاء ‏مدرسة للبنات بإربد، وتعيين طبيب للبلدية، وشهدت إربد حالة خاصة في إدارة الحكومة ‏العربية حيث نشطت الحياة الثقافية، ونشأ النادي العربي، وظهرت المسرحيات التي كانت ‏تُمثّل في المدارس، ولكن عهد الحكومة العربية القصير لم يُمكّن الإدارة من تفعيل أفكارها ‏العروبية المتطورة، ولا بدَّ وأن نشير إلى مشاركة أهالي إربد عند زيارة لجنة( كنج – كراين) ‏للوقوف ضد مؤامرة تقسيم سورية، استعدادًا لتطبيق معاهدة (سايكس – بيكو)، وقد نشرت ‏الصحف احتجاجات أهالي قضاء عجلون ومنهم أهالي إربد على تقسيم سورية، كما أنَّ ‏من المحاور المهمة مشاركة عضو ممثل لإربد في المؤتمر السوري بدمشق وتتويج الملك ‏فيصل الأول ملكًا على سورية في 8 آذار عامَ 1920م، وهو عبد الرحمن رشيدات، لكن ‏فرنسا التي كانت تخطط لتطبيق نصوص معاهدة (سايكس – بيكو) أنهت أول دولة ‏عربية في دمشق مع معركة ميسلون في تموز عام 1920م، وغادر الملك فيصل الأول ‏دمشق، وانتهت أول دولة عربية بعد الحكم العثماني الطويل للبلاد العربية‎.‎

عرفت إربد تأسيس حكومة محلية بعد انهيار المملكة السورية، وكان لإربد موقع خاص ‏بين الحكومات؛ لأنَّ الذين أداروها لهم موقعهم في الحياة العسكرية والسياسية مع نهايات ‏العهد العثماني، وعلى رأسهم علي خلقي الشرايري، وخلف التل، إلّا أنَّ شح الموارد لم ‏يساعد في تحقيق أفكار أصحاب هذه الحكومة، الذين كانوا ينطلقون من مبدأ وحدة سورية ‏واستقلالها، ومع وصول الأمير عبدالله بن الحسين إلى معان، بدأت بوادر جديدة تؤشر ‏على مرحلة قادمة تنبثق من فكر الثورة العربية الكبرى‎.‎

أسهم رجالات من إربد وجوارها بدعم الأمير عبدالله وهو بمعان، ومنهم خلف التل ومحمد ‏علي العجلوني اللذان بدءا في تدريب نواة الجيش العربي في معان، وبقيا مع الأمير في ‏خدمة تأسيس الجيش وتدريبه عندما دخل عمان وأسس الإمارة في نيسان 1921م، وهما ‏من الذين ساهموا في البناء العسكري والإداري في عهد الإمارة المبكر‎.‎

حظيت إربد في عهد الإمارة بحكّام إداريين على درجة عالية من الكفاءة، نجحوا في إدارة ‏قضاء عجلون وتأسيس إدارة حريصة على تثبيت مبادئ الثورة العربية الكبرى، ويمكن ‏متابعة دور رئيس مجلس النظار (علي رضا الركابي) الذي زار إربد، وأعاد ترتيب الإدارة، ‏وربط بعض القرى بالمركز، وكان لزيارته لإربد أكبر الأثر في تطوير الحياة الإدارية، وفتح ‏طرق جديدة، والاهتمام بمصادر المياه. ‏

وبعد؛

فإنَّ اختيار إربد لتكون عاصمة للثقافة العربية لم يأت من فراغ بالتأكيد، فهذه القصبة ‏الحضارية التي تتربع على سهل حوران، أقحوانة جميلة تستحق كلَّ الحب، وأنا شخصيًا ‏عشت فيها أجمل أيام حياتي، ما زلت أشم رائحة الياسمين ببيتنا في كرم علي النيازي، ‏وما زالت شجرة الليمون التي غرسها أبي تجتذب النحل لعبيرها وعبقها، وما زالت إربد التي ‏جعلتها محور دراستي لنيل درجة الدكتوراه، في القلب وأقحوانة سهل حوران، دامت إربد ‏بهّية وعروسًا للشمال في وطن الأمن والمحبة. ‏