نوافذ ثقافية

ثقافة عربية

دراساتٌ في فلسفة الأخلاق والتحليل اللغويّ في الفكر الغربي المعاصر/ سحبان خليفات
يتناول الكتابُ موضوع التحليل اللغوي وما يتصل به من أنظار فلسفية مختلفة في الفكر والواقع والثقافة والمجازات اللغوية، وما يتّصل منها بفلسفة العقل والدين والتصوف.
في الكتاب يقف المؤلف على مرئيات متعددة للغة من جهة علاقتها بالفكر القومي والتمثيل الرمزي ووظيفتها التواصلية، ودلالاتها المجازية واستقلاليتها والنسبية اللغوية وكيفية استخدام المشتغلين باللغة لعلم النفس وإفادتهم من البحوث الأنثروبيولوجية. ويتخذ المؤِّلف من "فتجنشتين" نموذجًا في تحليل الاستعمالات اللغوية، باعتباره أول من عالج صلة اللغة بالفلسفة في الفكر الغربي الحديث.
ويتناول القسم الثاني من الكتاب موضوع الأخلاق، من حيث الحكم الخلقي والأسس العقلانية التي يرتكز عليها الموضوع الخُلقي، والافتراضات المتعلقة بهذه الأحكام، والغاية التي يسعي لتبليغها للمخاطَب، وارتباط الغاية بالمنفعة. وفي هذا القسم يقف القارئ على مقولات وافيةِ المعالجةِ النظريةِ ل"كيرت بايير" في الأساس العقلاني للأخلاق، و"باتريك نول" في دراسته للدين والأخلاقية، و"جون ستيوارت مل"، و"جورج لوكاش"، والتصور المثالي اللاهوتي، والميتافيزيقي، والوضعية، ويربط كل ذلك بفلسفة التاريخ والاجتماع البشري، والمذهب الحدسي والتطوري.
في كلا جزئي الكتاب يقدم الباحث عرضًا مفصّلاً للتيارات والمذاهب والانتقادات التي وُجّهت إليها، مما أسهم في تجلية الخطوط الناظمة لموضوعات كتابه.


عرار صوت المهمّشين/ تأليف جماعي
هذا الكتابُ حصيلةُ ندوة أدبيّة عقدتها مؤسسة شومان بمناسبة اختيار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم " الإلسكو" شخصية " عرار" لتكون رمزاً للثقافة العربية للعام 2022. وقد شارك في هذه الندوة سبعة عشر باحثاً في التراث العراري، ألقوا أضواءً جديدة على خيّاميته وفضاءاته الموسيقية المنسيَّة، وشعريَّة الحياة اليومية والأصالة والتوازي، وأثر عرار في اللاحقين من الأدباء الأردنيين، والأوراق السياسية لعرار، ومفهوم الوطن والأمَّة لديه، والمهمَّشين في شعره، والحرية وخروجه على السائد، وفلسفته الوجودية ونزعته الإنسانية، ومساجلاته، وتلقّي النقد الأدبي لشعره، وفن المقالة في تجربة الأدبية. وقدّم للكتاب د. محمد السعودي، الذي بسط الحديث عن فضاءات عرار في مناحيها المختلفة، ملخّصاً في تقديمه المرتكزات الرئيسة التي تتضمنها محاور الكتاب كما بسطها المشاركون فيه.
ويغطّي هذا الكتاب مساحة ممتدة من التجربة العرارية، وفيه تركيز مكثّف على بؤر لم يتم الالتفات لها في التجربة العرارية، فالبحوث فيه محكومة بمعيار نقدي يمكن البناء على نتائجه في الكشف عن مناحي إضافية في تجربة عرار وإحيائها من أكثر من منظور بحثي، يكشف عن المجهول والغامض في هذه التجربة ومعاينتها في ضوء نظريات النقد الحديثة.


أسيد الحوتري/ كويت بغداد عمّان
بإحساسٍ عروبيٍّ عالي المدى وبعيد عن أيِّ انحياز إيديولوجي، يُقدّم أسيد نصّه الروائي كويت السبعينات والثمانينات بتقنيات سرديّة يتداخل فيها ما هو ذاتي بما هو تاريخي من خلال شخصيتين مركزيتين" سعد وسعيد"، وما عاشاه من النكبات والنزوحات العربية. وتحضر فلسطين وشعبها في لحظة تاريخية يكاد النسيان يطويها أو يُغيِّبها ويطمس هُويَّتها في الحقبة التي عاشها الفلسطينيون على أرض الكويت بعد الغزو العراقي لها.
وبالقدر الذي يحضر البُعد النفسي في رصد المصائر السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتداعيات الحروب، يقدِّم الروائي صورة بانوراميّة للخلافات العربية وآثارها على البنى الاجتماعية والجغرافية والمصير المشترك وتصاعد الإقليميات والطائفيات.
وعلى مستوى السرديِّ وظّف الروائي مستويات سردية مُنوَّعة كالرسالة، والمذكرات الشخصية، وسرد الوقائع التاريخية، والتداعي الحرّ للحدث. وتحت وطأة الحنين الذي لم يفارق شخصيات الرواية استدخل عبر تقنياته الفن الكويتي في ملامسة مساوئ التفرقة، والعنصرية، والشوفينية والطائفية.
وتعددُ الأمكنة في عنوان الرواية مؤشرٌ على الترحال والانتقال المتكرر، وعلى ما تختزنه الذاكرة النفسية للسارد من آثار ثقيلة لهذا الرحيل، كما أنَّه يُعدُّ نقطة انطلاق لتفسير كثير من المرجعيات التي يتضمنها السرد الروائي في المتون الداخلية للنصّ. كما يمثِّل الذاكرة المنفصمة من ذاتها بفعل الزهايمر الذي تعاني منه الشخصية الساردة( سعيد الحوتري) نتيجة الخوف من تاريخها الملتبس وما تعيشه من تشرّد وضياع وشتات.
فعبر العلاج بالكتابة والتدوين ينجح الروائي في معالجة الأمراض الذاتية(الزهايمر) عند السارد العليم- وهي حيلة فنيّة للخروج من المساءلة- ويتكئ عليها في الوقت نفسه للاستمرار في البحث عن وطنه السليب فلسطين والأندلس، ومن ثم وطنه الثاني(الكويت) ويعيد تركيب الفسيفساء الجغرافية والتاريخية لها على نحو فيه مصالحة عروبية خالصة من أي هوى يمكن أن يحرف بوصلة الوجدان القومي.

ثقافة عالميّة

فنُّ العيش الحكيم/ آرتور شوبنهاور، ترجمة: عبد الله زارو
في هذا الكتاب يجيب "شوبنهاور" عن سؤال عابر للأزمنة والأمكنة، مفاده هل بإمكان الفلسفة تقديم إجابات مُرْضية ومقنعة عن فن عيش حكيم ممكن؟ وتبدو البرهنة على إجابة عملية لهذا السؤال واردة من خلال اتكائه على الفلسفة الأبيقورية في تلمّسها للحاجات الثلاث الحاكمة للنزوع الإنساني، وهي الحاجات الطبيعية والضرورية كالأكل والشرب، والحاجات الطبيعية وغير الضرورية كالجنس، والحاجات غير الطبيعية وغير الضرورية وهي مما يقع في الكماليات المعنوية كالمجد والشهرة. وهو بهذا يؤسس لمنطلقاته المركزية فيما يلي من فصول الكتاب التي لامست بعمقٍ تحليليٍّ مسألة كينونة الإنسان، بمعنى أن يكون الإنسان هو ذاته في عالمه الموضوعي. كما ناقش موضوع الحيازة والتملُّك، وموضوع الوجود الإنساني في أعين الآخرين وموازينهم، ليبسط بين يدي القارئ أخيراً مجموعة من القواعد الأخلاقية التي تتصل بمعاملة النفس ومعاملة الآخرين، غير غافلٍ عن الحديث عن تصاريف القدر ومجريات الحياة وعلاقتها بالمصير الإنساني، ومؤكِّدٍ على الفوارق بين الأعمار في التحدي والاستجابة لكل هذه الطروحات، من جهة أن يعطي الإنسان كل مرحلة عمرية ما تستحقه من الاهتمام وفقاً لمشيئة الطبيعة.
ويقدّم "شوبنهاور" في كتابه هذا طيفاً واسعاً من الحكم المأثورة والشعر والرواية، فضلاً عن معطيات منتقاة بعناية من السجلّ العلمي بمختلف انشغالاته. وكل هذا ليصل بالقارئ إلى مفهوم عملي للسعادة ولحياة خالية من الألم والاستكبار على المتع التي تولّد الشقاء الإنساني وتجنح به إلى الصحة وراحة البال، وعدم استعجال الأشياء لتحضر في غير أوانها الطبيعيّ، وذلك من خلال الاحتكام إلى العقل بدلاً من الانسياق وراء الاستيهامات والأحلام الغادرة والنزوات الجانحة والمضلّلة والمشوِّشة. "فنُّ العيشِ الحكيم" هو تأملاتٌ في الحياة والناس، ووصفةٌ فلسفيّةٌ دسمة لعيش عماده الحكمة والبساطة والوضوح والعمق معاً.