آخر الظلّ
شعر: أحمد الخطيب
شاعر أردني
maraya59@yahoo.com
وعلوتُ متّجهًا إليكَ
كأنني إذ أنظرُ الأعلى
أرى غيري، ويفقأُ لي عيونًا مالحةْ
وعلوتُ
لا أرضَ الخيامِ نصبتُ تحتَ يدي
ولا (كِنُّ) الحمائمِ إذ تصرُّ على الهديلِ
وكنتُ لا أمشي
فأعياني
سلوكُ البارحةْ ‏
‏***‏
لعُلوِّكَ العالي ‏
طرائقُ من صدى عينين تفترقان
عند تحدُّبِ الأقواسِ في باب الشتاءِ
ولا شتاءَ
إذنْ
سأنخرُ جوْفَ مائدتي
لأشعلَ ملعبَ الأشياءِ
أو أقضي على كبشينِ مسلوبًا من الإعياءِ
متّحِدًا مَعَ المعنى الذي
فرَكَتْهُ أسئلةُ الهبوطِ الفادحةْ
‏***‏
هوَ آخرُ الظلِّ
انتظارُ النّارِ في جوف القصيدةِ
إذ يخلُّ رمادُها بشروطها
وهيَ انكسارُ الرّمشِ بعد تنازل الشمس
القريبةِ من يديهِ عن الشروطِ الماحلاتِ ‏
القاحلاتِ
هدوءُ أرصفةٍ على الماشي تخاتلُ صفرةَ الأشجارِ
تنهرها عن الإنصاتِ للريحِ الغريبةِ
أو تهادن بعضَ ما يعلو من الأحجارِ
كُنْ جسدًا عييًّا لا يفارقُ نطفة الإيقاعِ
واتْبعْني لأقرأَ في الجنازةِ فاتحةْ!‏
‏***‏
لكأنَّ غزلانًا تَبِعْنَ جنازتي
ومررنَ بالنَّصِّ الأخيرِ ‏
وقُلنَ لي: هذا حصادُ الكائناتِ  ‏
فكنْ شفيقًا بالترابِ
قالت تجادلُ أُختها: ويحَ انحسارِ الأرضِ عن لحم السرابِ
هوَ التموضعُ
لا مواضعَ للرُّجوعِ إلى المنازلِ ‏
لا مواضعَ للخروج إلى الميادينِ الفسيحةِ
لا نوازلَ بعد هذا الفرعِ
لا  قطٌ ينوء بلحمٍ كنتُ أُنجِزُهُ على العتباتِ يوميًّا
ولا ولدٌ يعي قَدَرَ الغيومِ
إذا تأخّرَ عن صنوفِ غنائهِ ‏
في السانحةْ
فاقرأ عليَّ الفاتحة!‏
‏***‏
بكَّرتُ حين فتحتُ كرّاس الصداقةِ
أوّل الأشياء أنْ أمشي ‏
إلى كهفٍ لأقرأ آيةَ الشعر الأخيرةَ
أنْ أهاجرَ بين مملكتين من نحلٍ يجودُ على الجبالِ
بزهرةٍ منسيّةٍ في عالم التكوينِ
أنْ أنحازَ للصفصافِ حين تهبُّ ذاكرةٌ من العشّاقِ
منفيينَ لا أكثرْ
أتوسّدُ الأخضرْ
وأعود أنبشُ ما تركتُ لعابرٍ مثلي
على يقطينِ منزلنا ‏
مرايا للقصيدةِ إذ تماري فضةَ الأسماءِ
‏* فاءُ فتوحنا عند التحققِ من يديها ‏
إذ أرى قصرًا قريبًا من يدي
‏* لامٌ اللطائفِ إذ أنا أمشي إلى أشجار وادينا ‏
تنبّه صاحبي لغصونها
وأدار لعبته قريبًا من يدي
‏* سينٌ السّلام السيفُ للمعنى ‏
على إيقاعِ رايتنا التي علّقتُها ‏
أعلى من الأشجارِ
‏* طينُ طوائفٍ للماءِ بعد  حريقِ مدرسةٍ ‏
تأهّل صاحبي لفصولها
‏* ياءُ اليمامةِ تحضرُ الأجفانُ أعراسَ القبيلةِ‏
خلف نونِ نسائنا في الحربِ ‏
إذ يُنجزْنَ  أوقاتَ المساءِ لغزْل ريحٍ واضحةْ
‏***‏
سردي بسيطٌ لا يُحاذرُ ضفتينِ
وماءُ قريتنا ترجّلَ عن شرودِ الناسِ
أبطأَ من سيولتهِ
وغادر نبْعهُ تِبْعًا لقلبي باتجاهِ اللاجِئَيْنِ
اللاجِئَيْنِ أبي
وأمي
إذ أرى أثرًا على حجرٍ ‏
وعينًا للقصيدةِ صالحةْ
‏***‏
الوقت للأخضرْ
وسارا نحو حصّتنا من الموتى
إلى أرضٍ على الفسطاطِ نائمةٍ ‏
وفيها بعضُ أغلالٍ تعوّدنا قوافيها
كأنّا في نواديها
على مَهَلٍ نغازلُ درْعنا العربيَّ
يا أوراقَ صحوتنا إذا ما أَسدلَ الزيتونُ صفرتَهُ
على ضلعٍ
وحيدٍ
ناشفٍ ‏
أصفرْ
تعالي كي نرى أرضًا مُباركةً ‏
نهدهدُ طينَ غربتها
ونمتحُ من مراياها زوابعَ سيرةٍ في الجارحةْ!‏
‏ ‏