زيارة غريبة
شعر: هشام أزكيض
شاعر مغربي
azguidhicham@gmail.com
 
هذا الغريب ترَكَني وحيدًا
فاخترتُ في الحين...‏
أنْ أرسمَ على رصيفي
ما يوجع زمني البعيد
قبل مغادرة هديل الحمام....‏
قرب أشجار الزيتون الكثيفة
بعيدًا عن أخبار صحف المساء
أسئلتي تؤرِّقني كلّما أبصرتُ وجودي
لا أستطيع أنْ أغادرَ قصائد الحياة
ولا حملها بعيدًا عن جزيرتي
المليئة بنسائم الرَّبيع
‏****‏
طويتُ ذاكرتي آلاف المرّات
فانْحَنَت أمامي فغدوتُ ظلًّا لها‏
لكي ألتقطَ صورة لي من هناك
فحذوتُ حذو المهزومين
أمام قَدَري الشِّعريّ
قدماي لا تقويان على المشي
بعد نهاية السفر الطويل...‏
كلما حاولتُ اختراق هذا الوجود
تصدّني كلمات قصائدي عن السؤال
فأكرّر صفحات تاريخي المنسي
ربّما آن الأوان لكي أقطفَ الأقحوان
تحت الرّياحين  المغطّاة بأثواب غرناطة
‏****‏
نسيتُ أنَّ رياح الصحراء تغيِّر أسرار حكاياتي
كما نسيتُ كيف مررتُ وحدي
قرب النسيان...‏
دون أن أنسى وجع أناقتي العارية
في الظلمة الحالكة....‏
بعدما خذلتني طقوسي المهترئة
وأضواء لهفتي المزدوجة...‏
‏****‏
ألملم صمتي على طاولة النسيان
لتشرقَ روحي في ضفاف العيون
تحت دقّات جوف الليل وآهاته
يباغتني الشتاء فأصحو كئيبًا
كأنني لم أعُد صانع قدري
مزَّقتُ أوراق كتبي المنسيّة
فجعلتُ لذكراها علمًا لا ينسى
بعدما رميتُ أمنياتي في سفينة أملي
‏****‏
بحثتُ عن رسائل أحلامي...‏
لكنها لا تصلني إلّا بعد هجرة اللقالق‏
أخذتُ نفسي فجعلتها كما هي
بين خفقات قلبي...‏
ورؤى أشواقي...‏
فمالت نحو خيوط غربتي
هذا الكون لم يعُد يجرّني
كما اعتادَت جوارحي...‏
نحو عبق السماء...‏
ليمتحنني القدر من جديد
قبل الرحيل المنتظر
‏******‏
جلستُ وحيدًا أنتظر متى تشرق خطواتي
رجعتُ إلى الوراء، حتى لا يكون مصيري الغياب
هكذا في نهاية المطاف...‏
اخترتُ أنْ أغمضَ عينيّ
مثل الطائر الذي نسي موعد الرحيل
في فصل الربيع بعدما طال الانتظار
‏****‏
سألتُ نفسي، هل بإمكاني تغيير خريطة هذا الكون؟
أعدتُ السؤالَ مرَّة أخرى... لأرى الحقيقة كما هي
فتهتُ في أعماقي....‏
وأنا عاجزٌ عن تحريك ما سيأتي
جارتي البئيسة  تطلُّ عليّ فوق السطوح
بعدما رمقتني بنظرة موجعة
سمعتُ ساعي البريد يناديني
لكن قبل أنْ أفتَحَ الباب لمحتُ سرَّ غيابه عنّي
فرجعتُ إلى أريكتي منهمكًا في تمزيق الإشاعات
واحدة تلو الأخرى... فجعلت نفسي خارج هذا الكون‏
لتسافر كلّ مرَّة إلى منتهى قصائدي.‏