الوعي البيئي والوعي التكنولوجي

 معاذ قنبر

باحث سوري وعضو محاضر بالجمعية الكونية السورية‎ ‎

mouaz777@gmail.com

 

بعد العصر التكنولوجي أصبحت العلاقة بين الإنسان والبيئة قائمة على أساس استلاب ‏الأخيرة محوريّتها، وجعلها تدور في فلك تصوُّرات الإنسان وجشعه. وفي هذا ‏الاضطراب الشامل للنطاق الحيوي الذي سبَّبته العوامل البشريّة، يكتشف الإنسانُ ‏الآن، أنَّ الأذى الذي لحق بالعالم الطبيعي، يرتدّ كي يهدِّد النوع الإنساني ذاته.‏

 

إنَّ مصطلح "البيئة" من أكثر المصطلحات غموضًا بين جميع الكلمات الشائعة ‏الاستخدام في المناقشات حول التدهور أو السلامة الإيكولوجيّة، ويَشهد على ذلك ‏الوكالات العديدة والدوائر الحكوميّة المشغولة بإدارتها، وكذلك حشد البيئيّين للدفاع ‏عنها، فقد تشير البيئة إلى الهواء والتربة والماء والغذاء والغابات والحياة البريّة ‏والمصادر الطبيعيّة والبراري والحدائق، كما تشير إلى المدن والثقافة والمجتمع، ‏وخصوصًا كل ما يؤثر على الصحة الاجتماعية(‏ ‏).‏

ويمكننا أن نلاحظ أنَّ العلاقة بين الإنسان والبيئة بعد العصر التكنولوجي أصبحت ‏قائمة على أساس استلاب الأخيرة محوريّتها، وجعلها تدور في فلك تصوُّرات الإنسان ‏وجنون عظمته. وينطلق هذا التصوُّر من قاعدة أنَّ الأرض بالمقام الأوَّل، هي ‏مجموعة من الموارد الطبيعيّة، وبعض هذه الموارد غير محدود، وأمّا تلك المحدودة، ‏فيمكن للمجتمع التكنولوجي أن يطرح بدائل عنها، إذ ثمّة إيمان طاغ بأنَّ الحضارة ‏البشريّة سوف تبقى، وأنَّ البشر سوف يستمرّون في السيطرة على الطبيعة، لأنهم ‏أسمى وأعلى، فنرى الطبيعة بأكملها من منظور المركزيّة البشريّة(‏ ‏). وتلك النظرة ‏السطحيّة التي تعتبر المكوّنات البيئيّة بمثابة وحدات منعزلة غير مترابطة ترابطًا ‏حقيقيًّا، تُعدُّ من بين أهم الأسباب في أزمة العلاقة بين الإنسان المعاصر وبيئته(‏ ‏)، ‏الأمر الذي جعل البروفسور "فرانسوا رامادا" (في جامعة باريس) يتساءل في قمّة ‏الأرض عن الحق الذي منحه الجنس البشري لنفسه في أن يمارس خلال نصف قرن ‏عمليّة إبادة جماعيّة غير مسبوقة بالتاريخ، قد تؤدي إلى انقراض عدة ملايين من ‏الأنواع الحيّة(‏ ‏). ‏

لقد نشأ خلل ثقافي عميق في المجتمع الغربي التكنولوجي، ما لبث أن انتشر على طول ‏الكوكب وعرضه، فالنَّهب الضاري للأرض بمجملها يتواصل عبر الاستغلال ‏الصناعي؛ آلاف السموم التي لم تعرفها العصور السابقة تملأ الآن الهواء والماء ‏والتربة، وقد تضرَّرت -على نحو غير مسبوق- موائل عدد هائل من الأنواع الحيّة، ‏وفي هذا الاضطراب الشامل للنطاق الحيوي الذي سبَّبته العوامل البشريّة، يكتشف ‏الكائن الإنساني الآن، أنَّ الأذى الذي لحق بالعالم الطبيعي، يرتدّ كي يهدِّد النوع ‏الإنساني ذاته(‏ ‏). ‏

والواقع أنَّ نظرة الإنسان إلى الطبيعة، لم تتغيَّر إلّا مع تغيُّر المزاج البشري المحاكي ‏للثورة الصناعيّة، ثم التكنولوجيّة، فحتى أواخر القرن الثامن عشر كان الانسجام هو ‏القائم، وبعدها تحوّلت النظرة إلى الطبيعة، من التبادل إلى السيطرة والتحكم، وهي ‏نظرة لا تُرى فيها الطبيعة إلا كشيء (مقابل للإنسان) جامد لا حياة فيه ولا ضير من ‏استنزافه إلى الحد الأقصى، وبذلك أخذت التطوُّرات التكنولوجيّة تبتعد تدريجيًّا عن ‏المظاهر الأخلاقيّة والصفات الإنسانيّة الأصيلة(‏ ‏)، حيث استلبنا من الطبيعة قدرتها ‏على تصحيح مسارها. ففي الماضي السحيق، كانت الطبيعة وحدها هي العامل ‏الأساسي في تلوث الهواء وتنقيته، أمّا اليوم، فقد اختلَّ التوازن، وأصبحت قدرتنا على ‏تلويث الهواء، أكثر بكثير من قدرة الطبيعة على تنقيته، وسلبَنا لقدرات الطبيعة، يعني ‏‏-وعينا ذلك أم لا- سلبنا أنفسنا الحق بحياة نظيفة بيئيًّا.‏

من تلك الإشكاليّة نجد أنَّنا بحاجة إلى فلسفة إيكولوجيّة تعيد النظر في تصوُّر مركزيّة ‏الذات البشريّة كنوع من التوكيد. الأمر الذي يُفضي إلى إدراك العلاقة التبادليّة أكثر ‏ممّا يفضي إلى نموذج هيمنة. نحتاج إلى نظرة جديدة إلى الطبيعة من خلال أنفسنا. ‏وعندما نتمعَّن في أنفسنا من وجهة النظر التطوريّة، نرى أنَّنا لسنا قادمين متأخرين ‏إلى كوكب الأرض حسب، بل إنَّ ظهورنا كنوع جديد على الكوكب، كان في الأصل ‏حدثًا ليس بذي أهميّة، خاصة بالنسبة إلى المخطط الإجمالي للأشياء، كانت الأرض ‏تحفل بالحياة لوقت طويل قبل ظهورنا، وباستخدام المجاز في هذه المسألة، إنَّنا ‏قادمون جُدُد نسبيًّا، ندخل منزلًا كان مقامًا للآخرين لمئات ملايين السنين، وهو المنزل ‏الذي يجب أن نتشاركه الآن سوية معهم(‏ ‏).‏

والغريب أنَّ معارفنا قد تطوّرت بحيث بتنا نعلم أننا قد نتسبّب بأضرار دائمة وهائلة ‏للمواقع الطبيعية، والموارد والمنظومات الإيكولوجية، لا نعلم فقط أننا نتسبَّب بهذه ‏الأذيات، بل نعلم أيضًا كيف نسبِّبها، وكيف يمكن أن نمنعها أو نعالجها. إنَّ معرفة ‏ذلك كله، يقتضي منّا الالتزام الأخلاقي بأن نعمل بحذر ونفاذ بصيرة. نحن باختصار، ‏مدعوّون في تعاملنا مع البيئة الطبيعية، كي نفكر ونعمل، أو ربما نحجم عن العمل، ‏بأسلوب يثبت جدارتنا كأشخاص وثقافات، بكلمة واحدة، يثبت أنَّنا مسؤولون أخلاقيًّا. ‏

فمن جهة النظريّة المتمركزة حيويًّا، يتعيّن علينا التزامات خلقيّة بديهيّة تمس النباتات ‏والحيوانات البريّة، بحد ذاتها، (أي ليس بالإضافة إلى خير البشر كمركز)، باعتبارها ‏أعضاء في مجتمع الأرض الحيوي، فنحن ملزمون خلقيًّا بحماية وتعزيز خيرها ‏الخاص لأجل ذاتها حسب. إنَّ واجباتنا في احترام تكامل المنظومات البيئية الطبيعيّة، ‏والحفاظ على الأنواع الحيّة المهدَّدة، وتجنُّب التلوث البيئي، تنبع من حقيقة أنَّ هذه ‏الواجبات هي وسائل نستطيع من خلالها تمكين جماعات الأنواع الحيّة البريّة من ‏اكتساب وجود مُعافى والحفاظ عليه في حالة طبيعيّة، مثل هذه الالتزامات هي حق ‏لتلك الموجودات الحيّة بمعزل عن اعترافنا بقيمتها الأصليّة، إنها إضافة إلى، ومستقلة ‏عن، الالتزامات التي ندين بها لزملائنا من البشر. إنَّ خيرها، كما خير الإنسان، هو ‏شيء ينبغي تحقيقه كغاية في حد ذاته، وإذا وافقنا على نظريّة الأخلاق البيئيّة، فعندها ‏سوف ننظر نظرة جديدة للنطاق الحيوي والبيئي، وسوف نرى واجباتنا نحو عالم ‏الطبيعة كمطالب بديهيّة، يجب أن نوازنها مع واجباتنا نحو عالم الحضارة الإنسانية. ‏ولن نستطيع ببساطة، تبنّي وجهة النظر البشريّة وتقدير تأثيرات أفعالنا انطلاقًا من ‏منظور خيرنا الخاص حصريًا(‏ ‏).‏

كما يجب أنْ نعلم أنَّ التوسُّع الهائل للأرباح، وتنوُّع الرفاهية الباذخ في الطعام ‏والترفيه، أدّى لتدمير مقابل في التنوُّع الإيكولوجي، فقد توسَّعَت على سبيل المثال ‏المزارع الشاسعة المدرّة للأرباح حتى وصلت المناطق المداريّة، وتُكثر بعض ‏الشركات اليوم، الحديث عن سياستها الرامية إلى إعادة تشجير تلك المناطق دون ذكر ‏لحقيقة أنَّ الغابة التي كانت تضم من قبل، مئتي نوع في الهكتار الواحد، حلَّ محلّها ‏اليوم غابة تنتج أنواعًا واحدة من أشجار الصنوبر، أو اليوكاليبتوس ذو الجدوى ‏الاقتصاديّة(‏ ‏)، مع معدل إفناء للأنواع يبلغ 40 و400 ضعف معدّله الطبيعيّ، فإذا ‏نظرنا إلى الطيور والثديات التي تتوافر عنها بيانات يمكن التعويل عليها، وجدنا نوعًا ‏أو نوعًا فرعيًّا، انقرض كل أربع سنوات أثناء الفترة بين 1600 و1900(‏ ‏). وكل ‏انقراض لنوع حي، هو اضمحلال إضافي في هذه الحياة المُعاقة، وهذا ليس حدثًا ‏ضئيلًا؛ كل انقراض هو نوع من القتل الفائق، إنه يقتل أشكالًا تتخطى الأفراد، يقتل ‏ماهيّات تتجاوز الموجودات، إنه يقتل جماعيًّا لا إفراديًّا، يقتل الولادة والموت، فبعد ‏الانقراض لا شيء من ذلك النوع يعيش أو يموت، إنَّ وقف جدول الحياة، هو أعظم ‏حدث تدميري ممكن، حيث تكمن القسوة الأخلاقيّة، في دوّامة القتل واللاإحساس إزاء ‏أشكال الحياة ومصادر توليدها، والمطلوب هو مسؤوليّة مبدئيّة إزاء النطاق الحيوي ‏للأرض(‏ ‏)، فما يجب على الإنسان التماسه في علاقته بالطبيعة ليس الهيمنة الكاملة ‏عليها، بل طريقة في العيش؛ أسلوب في العيش مع شيء كان قبلنا وسوف يستمر ‏بعدنا(‏ ‏). ‏

إنَّ الأرض ليست مجرَّد تربة. إنها ينبوع للطاقة المتدفقة عبْر دائرة التربة والنبات ‏والحيوان، وسلاسل الغذاء. وتركيز التنمية على المؤشرات المالية حصرًا، لا يستطيع ‏إظهار أنَّ ما يقابله هو التدمير البيئي وخلق الفقر المرتبطان بعمليّة التنمية، إنَّ المشكلة ‏في قياس النمو الاقتصادي بواسطة مؤشر الناتج القومي الإجمالي، تتمثل في أنه يقيس ‏بعض التكاليف معتبرًا إيّاها منافع (مثلًا ضبط التلوُّث)، لكنه يخفق في القياس الكامل ‏للتكاليف الأخرى، فوفق حسابات الناتج القومي الإجمالي يضيف قطع أشجار غابة ‏طبيعيّة ثروة إلى النمو الاقتصادي، على الرغم من أنه يُفقر الطبيعة، ويترك وراءه ‏منظومات بيئيّة مُستنفدة، لا تستطيع بعد ذلك إنتاج كتلة حيوية أو مياه، وكذلك يخلف ‏مجتمعات زراعيّة وغابات مستنفدة.‏

إنَّ أيّ إنقاذ للعالم الطبيعي، لا يتطلّب المزيد من التمويل المالي الكبير حسب، بل خبرة ‏مضادة متجذرة بعمق في البنية النفسيّة للإنسان، وكيفيّة تجاوز موروث تاريخي ينظر ‏إلى الطبيعة كعنصر ثانوي يضاف إلى ممتلكات الإنسان ورفاهيته. ولكي يكون قابلًا ‏للحياة يجب على المجتمع الإنساني أن ينتقل، على صعيد الحقيقة والقيمة، من معياره ‏الحالي المتمركز بشريًّا، إلى معيار متمركز أرضيًّا. ‏

لقد أوجد الإنسان، بما أحرزه من تقدُّم تكنولوجي، بيئة جديدة لا تنفك عن التحوُّل ‏والتبدُّل، وتفرض نفسها عليه، وتقضي منه جهدًا دائبًا من التغيُّر والتكيُّف، وقد تضافر ‏فقدان الاتصال بالطبيعة وبيئة الحياة التقليدية، والقطيعة المفاجئة مع الماضي، ونبذ ‏التقاليد العريضة التي كانت تنهض على أسس تجريبيّة لا تخلو من الحكمة، على أن ‏تثير في نفس الإنسان الحديث مشاعر القلق والافتقار إلى الجذور(‏ ‏). ومن هنا نقول ‏إنَّ فصل معرفي سيكولوجي قد حصل بين واقع الطبيعة كموجود مُعطى، والذات ‏البشريّة كوعي يعيش في ذلك الواقع، وذلك يعود بشكل كبير إلى وعي مُضاف، يُسمّى ‏‏"الوعي التكنولوجي"، وهو بالنهاية وعي زائف افتراضي شئنا أم أبينا، فأنْ يَعرف ‏الإنسان ألف من أسماء الماركات التجارية، بينما لا يعلم أكثر من عشرة أسماء لنباتات ‏محليّة، فتلك علاقة غير طبيعيّة، بل ضد طبيعية. ونحن لا ننكر بالطبع، من حيث ‏المبدأ، أهميّة ودوْر الإنجاز التكنولوجي في المساهمة بالتكيُّف الناجح بين الإنسان ‏والعالم، ولكن الخطير والمؤسف هو الدَّوْر الذي لعبه الوعي التكنولوجي في حدوث ‏الشرخ والاغتراب بين الإنسان وبيئته الطبيعيّة، حيث أدّى ذلك إلى تدمير القِيَم ‏والأهداف التي غالبًا ما تؤدي بدَوْرها إلى تدمير الأساس الضروري لإقامة تفاعل ‏مستمرّ وقابل للحياة بين المجتمعات البشريّة والعالم الطبيعيّ. ذلك الوعي الزائف ‏فصل الإنسان عن محيطه الطبيعيّ، ثم فصل الإنسان عن ذاته والآخرين بحيث تحوَّل ‏ليعيش في عالم تكنولوجي افتراضي زائف. كذلك ضلّت البيولوجيا ذات الرؤية ‏الأحاديّة والمفتقرة إلى الإدراك العميق، عندما تصوَّرت العالم مقسومًا إلى الحيّ وغير ‏الحيّ، العضويّ وغير العضويّ، الحيويّ وغير الحيويّ، هذه التقسيمات ليست خاطئة ‏حسب، بل مؤذية أيضًا لأنها تنتقص من قيمة أجزاء أساسيّة من النطاق الإيكولوجي، ‏ما الذي يمكن وصفه بالحيّ والعضويّ والحيويّ بدون ضوء الشمس الرحيم، والهواء ‏والماء والتربة؟(‏ ‏).‏

إنَّ إلغاء الأهميّة الذاتيّة للبيئة، هو سبب مشاكلها، إذا كانت البيئة تدلّ على مجرَّد ‏الأشياء الطرفيّة المحيطة، وتتألف من العناصر الثانويّة التي تحيط بالناس، عندها ‏سيكون الناس موضوعًا أكثر أهميّة منها، لذلك، في حمّى اتِّخاذ واصطناع الخيارات، ‏لنقل الخيار بين تطوُّر صناعي متزايد في سبيل رفاهية البشر، وآخر أقل يحمي ‏ويصون جمال وسلامة ودوام البيئة، يكون ردّ الفعل "الأشياء الأولى أولًا، ودع البيئة ‏لحظوظها"، ثم بعد ذلك ما هو الأهم؟ الناس، أم الغابات الاستوائيّة، المزارعون، أم ‏الأراضي الخصبة، الأعمال، أم البيئة؟!(‏ ‏) وبما أنه أصبح يُنظر إلى الطبيعة ‏كمنظومة من الجسيمات الميتة الجامدة التي تتحرَّك بواسطة القوى الخارجيّة، وليس ‏بقواها الذاتيّة، فإنَّ الإطار الآلي استطاع أن يشرعن التلاعب بالطبيعة، وأكثر من ‏ذلك، وكإطار مفهومي، ترافق النظام الآلي بإطار من القيم تتأسَّس على السلطة، ‏متوافق تمامًا مع الاتِّجاهات التي اتَّخذتها الرأسماليّة التجاريّة(‏ ‏).‏

إنَّ الاعتراف بالمنظومة الإيكولوجيّة الكوكبيّة باعتبارها ذلك الشيء الموضوعي وراء ‏المظهر الزائف للبيئة، سوف يشكِّل تقدُّمًا مفهوميًّا رئيسًا للجنس البشري. فالأرض ‏والماء والهواء والأحياء، مكوّن رباعي لمنزل هو البيئة، ولا مجال لانتقاص الثلاثة ‏مقابل الأخير، لأنَّ المنزل ككل لا يقوم إلا بمقوّماته الأربعة. وكم يصعب علينا أن ‏نعي أنَّ النطاق الإيكولوجي هو الوحدة الوحيدة التي يعيش الناس في تماس حميم معها، ‏وليست الحياة خاصة لجزئيّات روتينيّة معقدة ومرتَّبة معًا في جديلة مزدوجة تشكِّل ‏الدُّنا، وليست خليطًا منظَّمًا من المواد التي تشكل البروتوبلازما، بل إنَّ الحياة خاصيّة ‏لكوكب الأرض وللمنظومات الإيكولوجيّة التي يتألف منها، فالحكمة لا تكون بتدمير ‏العالم لكي نفهمه! بل في فهم أولي بأننا جزء من هذا العالم الذي ندمِّره بسبب نرجسيّتنا ‏الفكريّة.‏

ما تريد هذه الدراسة قوله، هو إنَّنا حين نرى العالم من الداخل إلى الخارج، يعني أنَّنا ‏نراه بشكل خاطئ. ومع ذلك، نجد أنَّ هذا تمامًا، هو المنظور الذي طالما استخدمه ‏الناس، لتفسير دَوْرهم على الأرض، أمّا الرُّؤية الجديدة -من الخارج إلى الداخل- فإنها ‏تصوِّر بشكل أدق، الواقع الإيكولوجي، وتُظهر الناس والمجتمع والمؤسسات البشريّة، ‏متّكلة على السياق الكلّي للكوكب.‏

 

 

الهوامش:‏

 ‏ مجموعة من المفكرين، المدخل إلى الفكر الإيكولوجي، ترجمة وتحرير معين رومية، وزارة ‏الثقافة، دمشق، 2007، ص16.‏

 ‏ المرجع نفسه، ص33.‏

 ‏ مجموعة من الكتاب، دمار البيئة- دمار الإنسان، إصدار مجلة العربي، الكويت، 2002، ‏ص83.‏

 ‏ المرجع نفسه، ص51.‏

 ‏ تحرير: مايكل زيمرمان، الفلسفة البيئية، ج1، ترجمة معين رومية، عالم المعرفة، الكويت، ‏ع332، 2006، ص253.‏

 ‏ دمار البيئة- دمار الإنسان، مرجع سابق، ص30.‏

 ‏ الفلسفة البيئية، مرجع سابق، ص117.‏

 ‏ المرجع نفسه، ص112-113.‏

 ‏ إيان ج سيمونز، البيئة والإنسان عبر العصور، ترجمة السيد محمد عثمان، عالم المعرفة، ‏الكويت، ع222، 1997، ص64.‏

 ‏ المرجع نفسه، ص68.‏

 ‏ الفلسفة البيئية، مرجع سابق، ص204.‏

 ‏ المرجع نفسه، ص171.‏

 ‏ جان ماري بيليت، عودة الوفاق بين الإنسان والطبيعة، ترجمة السيد محمد عثمان، عالم ‏المعرفة، الكويت ع189، 1994، ص21.‏

 ‏ المدخل إلى الفكر الإيكولوجي، مرجع سابق، ص27.‏

 ‏ المرجع نفسه، ص19.‏

 ‏ الفلسفة البيئية، مرجع سابق، ص45.‏