موهبتي من بيتي:‏ ‏ التمثيل/ الفيديو المنزلي/ "ستاند أب" كوميدي ‏"الدَّهشة" ‏

‏ فراس المصري

مخرج مسرحي أردني

fmas78@yahoo.com

كَشَفَتْ مشاركات جيل الأطفال والشباب في مسابقة "موهبتي من بيتي"- حقل التمثيل والفيديو ‏المنزلي والـ"ستاند أب" كوميدي مدى عمق الأفكار لدى جيل الشباب والأطفال في زمننا ‏الحاضر، كما كشفت المادة الفيلميّة المُشاركة عن اختلاف الرُّؤى وذلك لتنوُّع البيئة الأردنيّة، ‏واستطاع جيل الأطفال والشباب اختزال الأفكار الكبيرة في برهة زمنيّة قصيرة لا تتعدى ‏الدقيقتين من الزمن.‏

 

أصابَتْني الدَّهشة عندما كُلّفت كعضو لجنة تحكيم بمسابقة "موهبتي من بيتي" في حقل التمثيل/ ‏الفيديو المنزلي/ ستاند أب كوميدي من الكمّ الهائل من المشاركات ونوعيّة الأفلام من ‏الموهوبين في المجتمع، والتي تحمل قيمًا أخلاقيّة وأفكارًا خلّاقة، ورسائل إنسانيّة نبيلة تحمل ‏في مضمونها إبداعًا من حيث الفكرة والتطبيق. وقد كسرت طول فترة الحجر المنزلي التي ‏كنت أقضيها هناك. إنَّها لحظة الاكتشاف عندي والعودة إلى مرحلة الطفولة من خلال المادة ‏الفيلميّة التي قمتُ بتقييمها، لأكتشف مدى عمق الأفكار لدى جيل الشباب والأطفال في زمننا ‏الحاضر، فشكرًا لهذا الجيل الذي أخرَجَني من حال العزلة التي كنتُ أقضيها ما بين جدران ‏منزلي الصغير. لقد تعلَّمتُ منهم أنه ما زال هناك أفق كبير نستطيع أن نصل إليه في خيالنا ‏الصغير، وأنَّ هناك أفكارًا جديدة لم أتطرَّق إليها عبر مسيرتي الفنيّة كمخرج مسرحي. ‏

ساعَدَت التقنياتُ الحديثةُ الهواةَ المشاركين في مسابقة "موهبتي من بيتي" في إخراج الأعمال ‏المشاركة؛ ممّا جعلهم أكثر جرأة ومثابرة على تطوير أفكارهم وأدواتهم، ولا أخفي على أحد ‏مدى الدَّهشة التي أصابتني خلال فترة الحجر المنزلي، وخاصة اختلاف الرُّؤى في المادة ‏الفيلميّة المشاركة وذلك لتنوُّع البيئة الأردنيّة من قرى وأرياف وبادية ومدن.‏

الدَّهشة الثانية التي أصابتني: مشاركة الوالدين والأخوة في بعض الأعمال الإبداعيّة التي ‏قُدِّمت وذلك بعمليّة تبادل الأدوار، وكيفيّة تحويل المنازل والبيوت إلى مواقع تصوير، وتغيير ‏أثاث المنزل ليصبح موقعًا يناسب أحداث وتغيّرات الأحداث بحسب ما يقتضيه سيناريو الفيلم. ‏

الدَّهشة الثالثة: كيف استطاع جيل الأطفال والشباب اختزال الأفكار الكبيرة في برهة زمنيّة ‏قصيرة لا تتعدى الدقيقتين من الزمن مستخدمين "الفلاش باك" والحلم، فمع تحرُّك عقرب ‏الثواني هناك لحظة اكتشاف وانبهار في كيفيّة طرح الأفكار وفي لحظات إبداعيّة خلّاقة. ‏

الدَّهشة الرابعة: كميّة الضحك التي أصابتني خلال مراحل كثيرة من تقييم الحس الكوميدي ‏العالي الذي سيطر على مجموعة كبيرة من أفلام الـ"ستاند أب" كوميدي. ‏

الدَّهشة الخامسة: الحس التوعوي والنصائح والإرشادات من خطر جائحة "كورونا" التي ‏نعيشها، وكيفية إرسالها للمتلقي عبر الفيلم المنزلي برسائل مقتضبة تناسب الأعمار كافة. ‏

‏ الدَّهشة السادسة: الحسّ الوطني العالي لدى المشاركين، وأنَّ الأردن سينتصر على هذه ‏الجائحة بفضل جنوده وكادره الطبي.‏

الدَّهشة السابعة: التضامن المجتمعي في المادة المقدَّمة من المشاركين ومدى تعاون أفراد ‏المجتمع للخلاص من هذا الوباء، وأنَّ على كل فرد مسؤوليّة مجتمعيّة ودورًا كبيرًا يستطيع ‏القيام به من خلال الالتزام بنصائح وزارة الصحة والأمن العام والبقاء في المنزل "خليك في ‏البيت". ‏

الدَّهشة الثامنة: حجم الاهتمام بتقديم مادة فيلميّة لها خصوصية واختلاف عن الآخرين؛ ممّا ‏جعل هناك تنوُّعًا في الرُّؤى والأفكار بعناصر العمل الفني من حيث التمثيل والإخراج. ‏

الدَّهشة التاسعة: الاهتمام بعناصر العمل الإبداعي من حيث الإضاءة والمكياج والأزياء ‏والاكسسوار، ممّا جعل العمل الفني غنيًّا بأدواته الفنيّة.‏

الدَّهشة العاشرة: دور الفعل الثقافي واكتشافه المواهب الموجودة في مجتمعنا الأردني، ومدى ‏تأثير هذا الفعل في البيت الأردني ليكوّن رسالة بأنَّ الفرد أحد أهم مرتكزاته، وبالتالي يجب أن ‏تُسلَّط الخطط والدراسات عليه ليكون فردًا منتجًا يخدم مجتمعه في نواحي الحياة كافة. ‏

الدَّهشة الحادية عشرة: حجم التفاعل الهائل على مواقع التواصل الاجتماعي في مبادرة ‏‏"موهبتي من بيتي"، الأمر الذي كان له الأثر الكبير في الحجم الهائل للمشاركات المختلفة في ‏الحقول كلها. ‏

‏ الدَّهشة الثانية عشرة: حجم الاهتمام الرسمي من أهم المؤسسات الرَّسمية والوطنية بدعم فكرة ‏المُبادرة وتشجيع المجتمع المحلي على المشاركة فيها لتعزيز الموهبة وإشغال الوقت الذي ‏يوفره الحجر المنزلي بأفعال مفيدة. ‏

‏ الدَّهشة الثالثة عشرة: الانفتاح على العالم والأفكار الحديثة؛ فتعدَّدت الرُّؤى لتنطلق من ‏محليّتها الأردنيّة إلى عالميّتها لتخاطب الإنسان أينما وُجد وأنّى كان. ‏

الدَّهشة الرابعة عشرة: التأثُّر بالأعمال العالميّة من حيث الموسيقى والغناء وأسلوب أداء بعض ‏الشخصيّات بأبعادها النفسية والجسدية.‏

الدَّهشة الخامسة عشرة: اهتمام الهواة بتقديم مادة فيلميّة تشبه جيل هذا اليوم باستخدام تقنية ‏‏(الأنميشين) وبرامج الحاسوب المختلفة. ‏

الدَّهشة السادسة عشرة: مدى انضباط الأطفال والشباب المشاركين بالأعراف والتقاليد ‏الأردنية الراسخة والتزامهم بالتعليمات الخاصة بالمسابقة. ‏

ساعات طويلة كانت مليئة بلحظات الدَّهشة والمفاجأة خلال الحجر المنزلي، واكتشاف ‏المواهب المتنوِّعة واهتمامات جيل هذا اليوم وإبداعاتهم.‏

ولأنَّ الموهبة هبة من الله، وكل فرد في المجتمع موهوب بالفطرة، وهناك فرق كبير بين ‏الموهبة والتفوُّق والابتكار والذكاء، وفي ظل الثورة المعلوماتية التي نعيشها والتطور المعرفي ‏الهائل، فقد وظَّفت وزارة الثقافة الأردنية هذه الثورة في رعاية الموهوبين واكتشافهم من ‏خلال مسابقة "موهبتي من بيتي"، حيث جرت هذه المسابقة بسلاسة من ناجية أسس ‏وتعليمات المسابقة. كما قامت لجنة التحكيم بعملية التقييم عن بُعد مستغلة الحجر المنزلي. ‏

‏ فشكرًا لصانعي الدَّهشة والبهجة "الموهوبين"، وشكرًا لوزارة الثقافة؛ المظلة الكبيرة التي ‏ترعى صنّاع المستقبل ومواهبهم الإبداعية ليصبحوا حاملي اللواء وعلماء المستقبل ومبدعيه. ‏

‏ كانت تجربة أضافت لي مخزونًا كبيرًا في ذاكرتي المشهديّة والانفعاليّة وجعلتني أرى الإبداع ‏بعين طفل. وكلي أمل بأنَّ القادم أجمل.‏