ذكرى وتحيّة‏"أفكار" العزيزة... ‏

إبراهيم العجلوني

كاتب وشاعر وصحافي أردني

 

قبل اثنتين وأربعين سنة كنتُ قد كتبتُ افتتاحية للعزيزة "أفكار"، ذهبتُ فيها إلى أنَّ ممّا أطمح ‏إليه -وهو طموح شاركني فيه نخبة من مثقفي الأردن، أذكر منهم الراحلين الكبيرين، الدكتور ‏سحبان خليفات والشاعر نايف أبوعبيد والدكتور سمير قطامي أطال الله عمره- أنْ تكونَ هذه ‏المجلة منبرًا للفكر الخالص، يعكس الحضور الثقافي الرَّفيع لأبناء هذا البلد العربيّ الأمين، ويكون ‏إلى جانب ذلك منصّة للعقل العربي على مشارف القرن الجديد، أو مضمارًا لما يُنتظر لهذا العقل ‏تحقيقه من فتوح معرفيّة على مستوى التَّأصيل وعلى مستوى التَّجديد على حدّ سواء.‏

ولقد أفدتُ إفادةً قصوى من تجربتي هذه في "أفكار" حين أصدرتُ مجلة "المواقف" بعد عشر ‏سنوات، وتنوَّرت لها بُعدًا مزيجًا من الفكر والوجدان، أوحى به اسمها على نحو ما بيَّنتُ في ‏افتتاحيّة عددها الأوّل، إذْ جعلته قبسًا مُساقيًا لكتابين جليلين من تراثنا العظيم، هما: كتاب ‏‏"المواقف في علم الكلام" للإيجي، وكتاب "المواقف والمخاطبات" للنّفّري. ‏

وأقول: أفدتُ من تجربة "أفكار" لأنها أظهرتني على أهميّة الملفات الخاصة، على نحو ما نرى ‏في هذا العهد الجديد من مسيرة المجلّة.‏

ولعلّي أستذكرُ في هذا المقام ذلك العدد البعيد من "أفكار" عام 1978 الذي اشتمل على محور ‏فلسفي بعنوان "دراسات في الدين"، كتب فيه، فيما أذكر، كلّ من الأستاذ سعد جمعة والدكتور ‏سحبان خليفات والدكتور محمود السمرة والأستاذ حسني فريز، رحمهم الله جميعًا. ‏

وأذكر كم أفدتُ من تقليدٍ "احترازيٍّ" رائع، حبّذا لو نرى تمثُّلًا له في جميع منابرنا الثقافية ‏والإعلامية، وذلكم هو إحالة موادّ المجلة جملة إلى الراحل الكبير العلامة روكس بن زائد ‏العزيزي، رحمه الله، لينظر في عربيّتها.. وكم كان في ذلك من إفادات، وكم كان فيه من ‏اعتبارات.‏

وإنني إذ أستذكر ذلك كله، فإنني أتمنى لـِ"أفكار" في مستهلِّ عامها الجديد أنْ تكونَ كِفاءَ ما نُلقيه ‏عليها من آمال، أو ما نتوسّمه في هيئتها من كفايات، مع خالص التقدير لرئيس تحريرها المتوقّد ‏حماسةً للعربيّة وآدابها.‏