شعب "بوشمن" ‏ الأقدم على وجه الأرض

‏ د. أشرف فؤاد عثمان أدهم

باحث في الحضارات الأفريقيّة/ مصر‏

ashraffouad666666@gmail.com

 

يستخدمُ الصيّاد من شعب "بوشمن" الأفريقي قوسًا غريب الشَّكل بسهم قصير يتمُّ ‏غمسه في وعاء به محلول منوِّم، عندما يصيب الفريسة فإنَّها تهرب من المكان، ثم ‏تبدأ في الاستسلام للنَّوم، والغريب أنَّ الصياد قبل أن يفعل أيّ شيء للفريسة للاستفادة ‏بلحومها، فإنه يأتي عند رأسِها ويعتذر بشدَّة ويقول لها: "أنا وأسرتي في احتياج شديد ‏للَّحم ونرجوكِ أنْ تسامحينا". وفي هذا المقال نتعرّف إلى المزيد عن هذا الشعب ‏الأفريقي وتراثه.‏

 

الـ"بوشمن" هم السكان الأصليون في جنوب أفريقيا، وتمتدُّ أراضيهم على مساحة ‏شاسعة من صحراء كالاهاري، وقد ارتبطوا بالمنطقة منذ ما لا يقل عن 22 ألف ‏سنه، ويشتهرون بارتباطهم العميق بأرضهم، والتوازن الدقيق مع بيئتهم التي حافظوا ‏عليها منذ آلاف السنين. ويرجع أصل تسمية صحراء كالاهاري بهذا الاسم، بلغة ‏السكان المحليين لدولة بتسوانا، بمعنى "العطش العظيم". ويعيش بها حاليًّا حوالي مائة ‏ألف نسمة موزَّعين في بتسوانا وناميبيا وجنوب أفريقيا وأنغولا، وهم السكان ‏الأصليون في هذه المناطق، ومعظمهم من عبدة أرواح الأموات، وفي الوقت ذاته فهم ‏يؤمنون بوجود إله كبير هو إله الخير، وإله أصغر هو إله الشر.‏

والـ"بوشمن" هم السكان الأصليون في جنوب أفريقيا، وأقدم أسلاف السلالات ‏البشرية، وقد أثبتت اختبارات الحمض النووي أنَّهم الأحفاد المباشرون للإنسان الأوَّل ‏الحديث، ولكن تتعرّض ثقافتهم وتراثهم وعاداتهم لخطر الاندثار، فهم يتعرّضون ‏لأشكال متعدّدة من الاضطهاد تصل إلى حد القتل والإبادة على يد القبائل المجاورة، ‏التي قامت في الزمن الماضى قبل الاستعمار بطردهم من مناطق نفوذهم وإجبارهم ‏على العيش في الصحارى القفراء على الحدود المتاخمة لدولة ناميبيا، كما طاردهم ‏المستعمر الألماني الذي كان يحتل ناميبيا خلال القرن التاسع عشر وتمَّت معاملتهم ‏بقسوة وعنف شديدين. وما زالت التهديدات مستمرة حتى الآن، فبالإضافة لشحّ الماء ‏وشظف العيش، فإنهم يتعرَّضون حاليًّا لسياسات التهجير القسري لاستغلال أراضيهم؛ ‏ممّا جعلهم يتيهون في مجموعات متفرقة في صحارى مجموعة من دول الجنوب ‏الأفريقي.‏

فضلًا عن ذلك تُجرى حاليًا عمليات إعادة توطينهم في أماكن غير بيئاتهم الطبيعية ‏التي نشأوا فيها، في منطقة تسومكوي، بعد اكتشاف وجود الألماس في المناطق التي ‏يقيمون بها في بتسوانا، وقد بدأت الحكومة هناك في تطبيق سياسة إعادة توطين أعداد ‏كبيرة من "البوشمن" منذ عام 1997 خارج محميّة كالاهاري الوسطى للحيوانات ‏البريّة بعيدًا عن أرض أسلافهم.‏

ومن اللافت للنظر من الوهلة الأولى عند رؤيتك لملامح وسمات أحد أفراد "البوشمن" ‏ابتعادهم عن البشرة والجسم المألوف للأفارقة، فهم للآسيويين أقرب من حيث الملامح ‏والشكل العام، حيث يمتازون بنحافة الجسم ولكن مع البنية القوية وشدَّة التحمُّل ‏للمجهود، والجباه مسطّحة، والوجوه عريضة مع بروز في الفك السفلي، وشعورهم ‏شديدة التجعُّد، أنوفهم قصيرة، فتحات الأنوف واسعة، ويتميزون بملامح العيون ‏الآسيوية والبشرة البنيّة المائلة للصّفرة مع قصر القامة حتى إنهم يُعدّون من بين ‏شعوب الأقزام في العالم، كما نجد أنَّ سمات البدائيّة والبُعد عن أيّ مظاهر للحداثة هي ‏الطاغية على أسلوب حياتهم، فهم لا يعرفون الزعيم القبلي بالمعني المعروف، وإنّما ‏لكل عشيرة رئيس لا تكون له صفة الزعامة الدائمة، ولكنه يمتلك بعض النفوذ ‏للتصرف في شؤون الأرض والموارد الغذائية والماء وذلك لتسهيل الحياة اليومية ‏للشعب.‏

بيئة البوشمن (صحراء كالاهاري)‏

تتركَّز قبائل "البوشمن" بصحراء كالاهاري في مساحات واسعة لعدة بلدان بجنوب ‏أفريقيا، ويمرُّ في هذه الصحراء نهرٌ رئيسٌ، يُعرف باسم نهر "أوكفانجو"، ويبلغ طوله ‏نحو 1600 كم، ينبع من أنجولا شمالًا ويتجه جنوبًا مخترقًا الحدود مع ناميبيا، ‏وينتهى في بتسوانا، حيث يشكل مستنقعات أوكفانجو المليئة بمختلف مظاهر الحياه ‏البريّة وحياة السَّفاري.‏

وتصل درجات الحرارة في أرض البوشمن حتى 40 درجة مئوية في فصل الصّيف. ‏وفي الشتاء، فإنّ جوّها يغلب عليه الجفاف والبرودة المنخفضة جدًا، حتى لتصل إلى ‏درجة الصقيع في الليل، وانخفاض درجات الحرارة إلى الصفر أو أقل.‏

تسود صحراء كالاهاري غالبًا مناظر القحط والجفاف، وتبدو التلال والهضاب ‏بدرجات الألوان الترابيّة، بدءًا من الرمال البيضاء في التلال وصولًا إلى اللون الأحمر ‏الساطع في الكثبان الرمليّة، وهي من المناظر المُبهرة في صحراء كالاهاري والتي ‏تجذب السائحين لرحلات السفاري. ويعتبر الغطاء النباتي في معظمه عبارة عن ‏أشجار ونبات شوكي وعشب جاف. وفي هذه المناطق القاحلة تحتاج النباتات ‏والحيوانات إلى خصائص وسمات معيّنة للبقاء على قيد الحياة، فنجد جذور أشجار ‏السنط على سبيل المثال تمتد إلى عمق 100 متر في باطن الأرض الرمليّة للوصول ‏إلى الرطوبة اللازمة لاستمرار الحياة، كما تتحمّل حيوانات المها الضخمة درجات ‏الحرارة المرتفعة بفضل نظام التبريد الموجود في أنوفها، علاوة على أنها تتعرّف ‏على النباتات التي تحتوى على كميات وفيرة من المياه، ومنها نبات "جذور المها"، ‏وعلى الرغم من الطعم المُرّ لهذه الأعشاب إلا أنها تحمي المها والحيوانات العشبية ‏الأخرى من التعرُّض للجفاف. وعلى الرغم من الشح والجفاف في الصحراء إلا أنها ‏تُعتبر من أغنى المناطق بالثروات في باطن الأرض، حيث يقع في شمال شرق ‏الصحراء، أغنى مناجم الماس في العالم، كما يوجد فيها العديد من مناجم الفحم، ‏والنحاس، واليورانيوم، والنيكل.‏

التكيُّف مع البيئة

الصيد: نجد أقصى درجات التكيُّف مع البيئة عند استيلاء صيادي البوشمن على ‏الفرائس التي يتمّ صيدها من قِبَل الفهود الموجودة بالصحراء، وهذه الحقيقة تشير إلى ‏الجرأة الشديدة، والثقة بالنفس، والتصميم على الحصول على الصيد مهما كانت ‏الصعوبات، حيث تتابع مجموعة الصيادين من البوشمن "2-3 أفراد"، مجموعة ‏الغزلان حتى تهاجمها الفهود، وتصطاد إحداها، ثم يقومون بمهاجمة الفهد وضربِه ‏بفروع مرنة حادّة من الأشجار كالضّرب بالسياط تمامًا حتى يترك فريسته لرجال ‏البوشمن ويهرب. ‏

شعب البوشمن يجهل الزراعة، لذلك تقتصر مصادر معيشتهم على الدرنات وبعض ‏الحشرات والثعابين، وصيد الحيوانات مثل الغزلان. وهم يستطيعون البحث عن ‏فرائسهم لساعات متواصلة دون أيّ تعب، وأحيانًا يُغطّي الصياد نفسه بالرمال، ‏وينتظر حتى تقترب الفريسة، ثم يطلق عليها السهم. وهو يستخدم قوسًا غريب الشكل ‏بسهم قصير يتمُّ غمسه في وعاء به محلول منوِّم، عندما يصيب الفريسة فإنها تهرب ‏من المكان، ثم تبدأ في الاستسلام للنوم، والغريب أنَّ الصياد قبل أن يفعل أيّ شيء ‏للفريسة للاستفادة بلحومها، فإنه يأتي عند رأسِها ويعتذر بشدَّة ويقول لها: "أنا وأسرتي ‏في احتياج شديد للَّحم ونرجوكِ أنْ تسامحينا".‏

الماء: تكيَّف شعب البوشمن مع بيئته للحصول على المياه بكل الوسائل المتاحة، ‏فيستيقظون في الصباح الباكر لجمع قطرات النَّدى، المجمَّعة على أوراق الشجر ‏الكبيرة في الليلة السابقة، بالإضافة إلى الأعشاب المُزهرة والتي تُعتبر مصدرًا جيدًا ‏لزيادة محتوى المياه في الجسم، كما يبحثون في الصحراء عن المنطقة التي تبدو عليها ‏الرطوبة، من واقع خبرتهم في هذا المجال، ثم يقومون بالحفر ووضع قشر بيض ‏النعام وتركِه لحين تجميع الندي وتكثيفه بداخله، ثم يسحبونه بريشة نعامة لتكون بمثابة ‏مصفاة تمنع مرور الحصى والشوائب عند سحب المياه للشُّرب، كما يبحثون عن ‏الجذور والدرنات المدفونة في الرمال والمعروفة لديهم كمخزن للماء والتي يتعاملون ‏معها بسكين عريض لعمل شرائح رقيقة كنشارة الخشب ووضعها ملء الكف والضغط ‏عليها بقوة لعصرها وشرب العصير الذي ينزل منها إلى الفم مباشرة لسد حاجة الجسم ‏إلى الرطوبة، كما يقومون أحيانًا بالإمساك بضفدع منتفخ البطن ونزع عنقه كالسدّادة، ‏وشرب ما فيه من السوائل.‏

أخلاق البوشمن: يتميَّز شعب البوشمن عن غيره من شعوب العالم، بأنه الشعب الأكثر ‏زهدًا وقناعة بين شعوب الأرض، ويتَّصف بهدوء الطباع وسلاسة القيادة، ويكره ‏العنف بقدر حبِّه للسلام، فهم ليس لديهم جرائم، ولا شرطة، ولا عقوبات، عدا ‏المنازعات المعتادة بين الأفراد والتي يتم الفصل فيها من جانب رئيس القبيلة وهو ‏أكبرهم سنًّا وحكمةً. كما أنهم لا يعرفون شيئًا عن الملكية، لأنهم جميعًا يعيشون في ‏أرض مفتوحة بها كل معطيات الله لكل الناس كما يعتقدون. وهم شعب كريم جدًا ‏يرحِّبون بالضيف على الرغم من ميلهم للعزلة. كما يعاملون أطفالهم بكل لطف، ولا ‏ينهرونهم أبدًا ولكن يوجِّهونهم فقط، وربّما انعكس ذلك على الأطفال الذين يتعاملون ‏مع الآخرين بأدب، ويلعبون ويبدعون في ألعابهم.‏

الله عند البوشمن: يؤمن البوشمن بأنَّ الله خلق الدنيا لسعادة جميع البشر، وأنه لم يخلق ‏أي شيء فيه ضرر للإنسان، حتى الحيّة السامة ليست سيئة، عليكَ فقط أن تتجنّب ‏لدغتها وتتركها لتعيش، ويرون أنَّ الثعابين مثلًا هي مخلوقات مفيدة جدًا، ولذيذة في ‏الأكل، ويتم الاستفادة من جلدها. وعندما يسمعون زئيرًا يأتي من السماء كصوت ‏الرعد، يعتقدون أنَّ الآلهة أكلت أكثر من اللازم، وأنها تُصدر هذا الصوت من الألم ‏الموجود في بطونها. ‏

والبوشمِن من عبدة الأرواح أيضًا، وبخاصة أرواح الموتى، غير أنهم يؤمنون كذلك ‏بوجود الإله "هارا"، وهو إله الخير القويّ الذي استطاع خلق نفسه ثم خلق الأرض ‏والماء والصحراء، ثم خلق الإنسان في النهاية، كما يؤمنون بوجود إله أصغر وهو إله ‏الشر، ويشكِّل الإحساس بمراقبة الآلهة للممارسات الاجتماعية التي يقدم عليها أفراد ‏البوشمن، بمثابة الحصن الذي يحمي النظام الاجتماعي من الضعف والتشتت.‏

الحياة الاجتماعيّة: يعيش البوشمن في مجاميع أسرية صغيرة، ونادرًا ما تتم الزيارات ‏بين هذه المجموعات، ولكنهم يفضّلون العيش في عزلة، والكثيرون منهم ما يزالون لا ‏يعلمون أنَّ هناك أناس غيرهم في هذا العالم. كما وُجدت في أعماق صحراء كالاهاري ‏بعض قبائل البوشمن التي لم تسمع عن وجود الإنسان المتحضِّر حتى الآن.‏

لا يهتم البوشمن بالأشياء المادية، ومجتمعهم قائم على المساواة، ويخلو من التباهي، ‏ولا يبغون تكوين الثروات، لكنهم يهتمون بالتعليم، لاسيما أنَّ نسبة البطالة في مجتمعهم ‏عالية جدًا. وعلى الرغم من اهتمامهم بالتعليم، إلا أنَّ لغتهم ما تزال في خطر، حيث لا ‏يتعلمها الأطفال في المدرسة؛ ممّا قد يفقدهم ثقافتهم وعاداتهم الأصلية. ومن الروايات ‏التي جاءت في أحد الأفلام الفرنسية، والتي توضِّح المشاكل التي قد تنشأ بسبب التفكير ‏في ملكية الأشياء، كانت بعنوان "الآلهة سقطت على رأسي"، وتحكي أنَّ قنينة معدنيّة ‏للمياه الغازية سقطت من طائرة كانت تطير فوق أرض البوشمن على رأس زعيم ‏القبيلة، فاعتقد أنها من عند الله لأنها سقطت من السماء، ولكنّها تسبّبت في مجموعة ‏من المشاكل بين أفراد البوشمن بسبب رغبة كل منهم في امتلاكها، فقرَّر الزعيم أخذها ‏بعيدًا عن القبيلة وقذف بها إلى السماء مرَّة أخرى، كأنه يعيدها إلى الله، لتعود الحياة ‏الهادئة المستقرّة للقبيلة كما كانت قبل سقوط هذه القنينة.‏

ولتجهيز الشباب للانتقال إلى مرحلة الرجولة، وتكوين أسرة جديدة، على الشاب ‏المرور باختبارات قاسية، لكي يصبح في عداد الرجال الذين يُعتمد عليهم في حياة ‏الجماعة، ومنها أن يحرم الشاب نفسه من الطعام والشراب ويمكث وحيدًا في الغابة ‏لفترات طويلة قد يتعرَّض خلالها للصِّراع مع الحيوانات المفترسة، وضرورة ‏خضوعه لبعض العمليات القاسية كنزع أحد أسنانه أو جرح أنفه أو جبهته بغية قياس ‏قدرته على احتمال الألم، ودرجة استعداده لتحمُّل المخاطر.‏

وبالنسبة لتعدُّد الزوجات، فإذا كان في قدرة الرجل أن يكفل أكثر من زوجة فله ما ‏أراد دون رفض الزوجة الأولى. ولا يتقيدون بضرورة الزواج من العائلة نفسها، حيث ‏من المباح للرجل التزوج من العشائر الأخرى لخلق علاقات وروابط خارجية مع ‏أسرته. وينحصر المجال الاجتماعي للبوشمن في الجماعة الصغيرة التي ينتمي إليها ‏والتي تعيش وتصطاد في إقليمها الخاص، وعلى الرغم من مظاهر الترابط الأسري ‏لديهم إلا أنه يكفي لأقلّ خلاف بين الزوجين أن يكون سببًا في الطلاق والبدء سريعًا ‏في تكوين أسرة جديدة. الغريب أنَّ روابط القرابة لدى البوشمن مقصورة على الأم ‏والأخت والأب والابن فقط، ولا يدخل في ذلك العم والعمة أو الخال والخالة، حيث أنَّ ‏الاتصال الجنسي مع هؤلاء من الأمور العادية غير الشائنة على اعتبار عدم القربي ‏معهم.‏

اللغة عند البوشمن: تسمّى اللغة الخاصة بالبوشمن "الخوسيان"، وهي تعتمد على ‏صوت الطرقعات والطقطقة، وتسمى أيضًا "الهوتنتوت" التي تعني المتلعثمون.‏

ملابس البوشمن: يتكوَّن اللباس التقليدي لشعب البوشمن عادة من جلود الحيوانات، ‏ويلبسون ما يستر عوراتهم فقط. والرجل يضع قطعة جلدية من الأمام ملفوفة بحبال ‏على خصره، والنساء عاريات الصدور، وقد يغطونها أحيانًا، ويغطين الجزء السفلي ‏بقطعة جلد مثلثة من الأمام، وأخرى أعرض من الخلف، موصولتان بخيوط حول ‏الخصر. وتهتم المرأة بالأكسسوارات حول الرقبة وعلى الذراعين والصدر. ويحمل ‏الرجال معهم غالبًا جعب الأقواس والسهام، وقطعًا من الخشب لإعداد النار وبعض ‏القصبات المجوَّفة لشفط الماء من باطن الأرض، وقد تشترك النساء أيضًا في هذه ‏الأعمال. ‏

‏ دَوْر المرأة: تتميَّز نساء البوشمن بالنشاط والعمل المستمر لصالح الأسرة، فعليهن ‏بناء الأكواخ وطهي الطعام والعناية بالأطفال وجمع خشب الوقود وجلب الماء في ‏أوانٍ من بيض النعام، كما تقوم النساء أيضًا بصيد صغار الحيوانات، وجمع النباتات ‏اللازمة لحاجة الأسرة يوميًّا مثل المارولا والبطيخ والتوت والمكسرات وغيرها، ‏خاصة بعض أنواع الدرنات التي تختزن مياه الأمطار. ولديهم نبات "الهوديا" الذي ‏يعتبر مصدر ربح رئيس لهم، لاسيّما أنّه لا يوجد في أيّ مكان آخر من العالم سوى ‏صحراء كالاهاري، ومعروف عنه فائدته لإنقاص الوزن، بالإضافة إلى دبغ الجلود ‏وتطريزها بشكل متقن للغاية، ويتهافت السواح كثيرًا على اقتناء هذه الملابس ‏والإكسسوارات، ممّا يعتبر دخلًا إضافيًّا للأسرة. ‏

‏ مساكن البوشمن: ليس للبوشمن مساكن بالمعنى السائد؛ ويرجع ذلك لطبيعة الترحال ‏والتنقل المستمر بحثًا عن الغذاء والصيد والماء، وعادة ما يعيشون في تجمعات ‏تتقارب من بعضها بعضًا فيما يشبه المعسكرات، ويتراوح عدد أفراد كل تجمُّع ما بين ‏‏20- 100 فرد، وتتكون كل مجموعة من عدد من العائلات الصغيرة لكل منها ‏كوخها الخاص، وتعيش العائلات متجاورة بالقرب من موارد المياه، في أكواخ نصف ‏دائرية لا يزيد ارتفاعها عن المتر وتُصنع من أفرع الأشجار التي يتم كسوتها ‏بالأعشاب والأوراق، وليس بغريب أنْ يتميّز البوشمن بقدرتهم على استغلال مكوّنات ‏بيئتهم بكفاءة واقتصاد.‏