النَّهضة المسرحيّة في الأردن إرهاصات مسرح السبعينات

عبداللطيف شما

فنان وكاتب أردني

 

تعودُ نشأة المسرح الأردني إلى العشرينات من القرن الماضي، لكنَّ عقد السبعينات شهد نهضة ‏مسرحيّة غير مسبوقة؛ فالمرحلة الممتدة على مدى سنوات النصف الأول من السبعينات اتَّسمت ‏بتحوُّل الممثلين المتمرِّسين على يدي هاني صنوبر إلى الإخراج، ثم برزت مرحلة جديدة من ‏حركة المسرح الأردني تمثَّلت بدخول عدد من المخرجين الأكاديميين بروح جديدة فقدَّموا ‏الأعمال المحليّة والعربيّة إلى جانب المسرحيّات العالميّة، كما شهد ذلك العقد تأسيس رابطة ‏المسرحيين الأردنيين. وعبر مراحل تطوُّره المختلفة فإنَّ المسرح في الأردن يظلّ أردنيّ الهويّة ‏عربيّ الهوى إنسانيّ النَّكهة.‏

يمكن القول إنَّ بوادر نشوء المسرح في الأردن، شأنها شأن المسارح في البلدان العربيّة الأخرى، ‏كانت مقتصرة على بعض الظواهر المسرحيّة المتوارثة كالألعاب الشعبيّة التي تختلط بفنّ ‏المُحاكاة؛ مثل (صندوق العجب) و(الحكايات الشعبيّة)، ولكن ظاهرة المسرح في شرق الأردن ‏كانت بتأثير من الفرق المسرحيّة العربيّة المجاورة التي كانت تجوب المنطقة لتعرض ‏مسرحيّاتها، ومنها على سبيل المثال مسرحيّة (قاتل أخيه) لجميل البحري، كما عمل الكهنة ‏العرب القادمون من فلسطين على تعميق هذا الأثر، ومنهم الأب أنطون الحيحي والأب زكريا ‏الشوملي القادمين من بيت ساحور إلى مأدبا وبالتعاون مع الأستاذ روكس العزيزي تمَّ تقديم ‏عروض مسرحيّة في دير اللاتين بدءًا من أواسط العقد الثاني من القرن العشرين، وبرحيل ‏الأبوين الحيحي والشوملي أدار العزيزي الدفّة فقدم مسرحيات من تأليفه وهي (العاشقان) عام ‏‏1921، وفي العام التالي 1922 قدَّم (المتمردة)، (المتهم)، (طريق الآلام). وبانتقال العزيزي ‏إلى السلط ثم عجلون انتقلت فكرة المسرح معه في أرجاء البلاد. ففي إربد قدَّم (النادي العربي) ‏عام 1920 مسرحيّة (سهرات العرب) وهي من تأليف عثمان قاسم، وتطرح موضوع الصراع ‏السياسي بين أحرار العرب المطالبين باستقلال سوريا وبين القادة العسكريين الفرنسيين الذين ‏يأبون إلّا حُكمًا صوريًّا لسوريا يضمن لهم إطلاق أيديهم في مقدّرات البلاد ومصائر العباد. ‏وشارك في المسرحيّة كل من مصطفى وهبي التل، سليمان الصفدي، سامح حجازي.‏

وفي الخمسينات وبداية الستينات من القرن العشرين نشطت الأندية الشبابيّة والفرق الخاصة ‏تؤسس لمسرح أردني بنكهة عربيّة قدَّمت مسرحيّات تعزِّز ما ذهبنا إليه من أنَّ الذين تصدّوا ‏للفعل المسرحي في الأردن كان هاجسهم عروبيًّا، من ذلك ما تمَّ تقديمه على مسرح سينما بسمان ‏في أواخر الخمسينات مثل مسرحيّة "دماء في الجزائر" لمنير الطاهر ومسرحيّة "فتح عمورية" ‏لخليل أبوشوشة. كما تشكّلت الفرق المسرحيّة الخاصة ومنها فرق كانت تقدِّم أعمالها باللغة ‏الإنجليزية مثل فرقة "هواة التمثيل المقدسي"، وفرقة "هواة المسرح في المجلس البريطاني" في ‏القدس، وفرقة "هواة الدراما" وكانت تتبع لمركز المعلومات الأميركي في عمّان، وفرقة (جمعيّة ‏عمّان للتمثيل). كما ظهرت فرق مسرحيّة تقدم أعمالًا محليّة وعربيّة ومنها "فرقة التمثيل ‏المسرحي" لإبراهيم الخطيب في عمّان، و(فرقة المسرح الحديث) لموسى عيوش"، وفرقة "نادي ‏شباب مخيم الحسين". وأثمرت جهود تلك الفرق الخاصة عن بروز مواهب احترفت التمثيل فيما ‏بعد ومنهم نبيل صوالحة وسهيل إلياس وهشام يانس وهشام الهنيدي ومهدي يانس وسعيد الرمحي ‏وعادل عفانة ومحمد العبادي. وعلى الرغم من أهميّة تلك التجارب والجهود، وما تميَّزت به من ‏حماسة وصدق واستجابة مباشرة للأحداث السياسية، إلا أنها كانت تفتقر إلى المقوّمات الفنيّة ‏لأنّها مجرَّد ارهاصات لعمل عدد من الهواة ومريدي الفن المسرحي ممَّن استأنسوا بالمسرح ‏كوسيلة للتعبير عمّا في دواخلهم من أحاسيس تجاه ما يحيط بهم.‏

وشهدت بداية الستينات عودة المخرج هاني صنوبر من أميركا بعد حصوله على درجة ‏الماجستير في الإخراج المسرحي، وبعد تأسيسه للمسرح القومي السوري شدّه الحنين إلى الوطن ‏فعيّن رئيسًا لقسم الإذاعة المدرسية بوزارة التربية والتعليم. وفي أوائل الستينات كانت هناك فرق ‏شعبيّة تابعة لبلديات البيرة ورام الله وأريحا ونابلس أخذت على عاتقها مهمة إقامة مهرجانات ‏فنية ومسرحيّة في هذه المدن لتشجيع السياحة، شُكِّلت لها لجنة عليا برئاسة وزير السياحة ‏وعضويّة الفنان التشكيلي مهنا الدرة والمخرج هاني صنوبر. وكانت مدينة رام الله أكثرها نشاطًا، ‏فتوالت مهرجانات الاصطياف فيها من 1962 لغاية 1966 حيث قدّمت عددًا من الأوبريتات ‏التي تحمل قضايا الوطن، وتطرح مآسي الهجرة، بأسلوب الرقص الشعبي، والاستعراضات، ‏شارك في كتابتها عبدالرحيم عمر وهدية عبدالهادي وعبداللطيف البرغوثي.‏

لم تشغل المهرجانات هاني صنوبر عن التفكير بتأسيس فرقة للمسرح، فجمع من حوله عددًا من ‏المهتمين والموهوبين، واختار مسرحيّة "الفخ" لروبرت توماس ذات الطابع البوليسي تماشيًا مع ‏ذائقة جمهور سينمائي لم يعتد كلاسيكيّات المسرح، وتحقّق له النجاح حين عُرضت المسرحيّة في ‏كل من عمّان والقدس عام 1963. وتعزَّز نجاح هاني صنوبر وفريق المسرحيّة بحضور سيادة ‏الشريف عبدالحميد شرف الذي كان وقتها وزيرًا للإعلام حيث أبدى إعجابه بالعرض المسرحي، ‏فعمل على نقل المخرج هاني صنوبر من وزارة التربية إلى وزارة الإعلام واستحداث دائرة ‏للثقافة والفنون عام 1965 تضم "أسرة المسرح الأردني"، إلى جانب أقسام للموسيقى والفنون ‏التشكيلية والفنون الشعبيّة ومجلة "أفكار" التي صدر عددها الأول في حزيران 1966. تشكلت ‏‏"أسرة المسرح الأردني" من اثني عشر عنصرًا: (هاني صنوبر- مخرجًا)، مارغو ملاتجليان، ‏حياة نصراوي، نبيل صوالحة، نبيل المشيني، عمر قفاف، أديب الحافظ، (إلياس سابيلا- فني ‏صوت، جليل جنحو- فني إضاءة)، (جورج نصراوي، إحسان عماشة- إداريين)، (محمد خير ‏الأسمر- مشرف إعلامي).‏

توالت مواسم "أسرة المسرح الأردني" فقدَّمت في الموسم المسرحي الأوَّل تحت رعاية جلالة ‏الملك الحسين إعادة لمسرحيّة "الفخ"، ومسرحيتي "مروحة الليدي وندرمير" لأوسكار وايلد، ‏و"الأشباح" لأبسن، وكان ذلك على مسرح مدرَّج سمير الرفاعي في الجامعة الأردنيّة. وممّا يُذكر ‏أنَّ المواسم المسرحيّة استقطبت عددًا من المواهب التمثيلية ومنهم قمر الصفدي وعروة زريقات ‏ووليد بركات وسهيل إلياس وجميل عواد وسميح مطالقة وجوزفين بقيلي.‏

وممّا يُذكر –أيضًا- أنَّ مسرح مدرَّج سمير الرفاعي بالجامعة الأردنيّة هو مسرح مجهَّز بوسائل ‏الصوت والإضاءة، بعكس الصالات التي كانت تُعرض عليها المسرحيات من قبل؛ ممّا أكسب ‏عروض الأسرة القدرة على ترسيخ أصول متينة لحركة مسرحيّة أردنيّة، وتزامنًا مع المواسم ‏المسرحيّة التالية لأسرة المسرح الأردني حتى نهاية الستينات، وازداد نشاط المسرح الجامعي من ‏خلال تنافس لجان النشاط الطلابي في كليات الآداب والعلوم والاقتصاد والتجارة وذلك بفعل ‏جهود المخرج هاني صنوبر الذي كان يشرف على أعمال أسرة المسرح والمسرح الجامعي في ‏الوقت نفسه، فتمَّ تقديم العديد من الأعمال المسرحيّة المهمة، وما ميَّزها أنَّها تنوَّعت بين المحليّة ‏والعربيّة العالميّة. ومن الفنانين الذين تمرّسوا في المسرح الجامعي في الستينات: صلاح أبوهنود، ‏مهدي يانس، أشرف أباظة، عبداللطيف شما، بهاء أبوطه، جودت صالح، ناديا أبوطه، ‏سميرمجدي، عنان العامري، توفيق مساد.‏

وباستعراض عناوين المسرحيات التي قدَّمتها أسرة المسرح وكليات الجامعة، نجد أنَّها اعتمدت ‏في البداية على الإثارة البوليسية والكوميديا، قبل أن يصار إلى الاهتمام بالمسرحيات التي تعمل ‏على إذكاء روح الاعتزاز الوطني والقومي، والنضال ضد الأعداء، وتمجيد روح المقاومة كما ‏في: "أفول القمر"، "ثمن الحرية"، "الطريق إلى المجدل"، "العادلون"، "ولدوا للغضب"، "موتى ‏بلا قبور"، "الحرب"، "ثورة الموتى"، "الحقيقة ماتت"، "ادفنوا الموتى"، "الجنرال"، "الوعد- ‏أنشودة ليننغراد"، "الجراد"، "المفتاح".‏

في العام 1971 قدَّم صنوبر مسرحيّة "خالدة"، وهي مسرحيّة غنائيّة للشاعر عبدالرحم عمر ‏عُرضت على مسرح قصر الثقافة بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس المملكة، وفي العام الجامعي ‏‏1971/ 1972 أخرج للمسرح الجامعي "الأشجار تموت واقفة" لأليخاندرو كاسونا ومسرحيّة ‏‏"ادفنوا الموتى" لأروين شو، ثم مسرحيّة "العنب الحامض" للبرازيلي فيجوريدو التي تتناول ‏علاقة فيلسوف سفسطائي بالعبد المتميِّز بذكائه وفطنته مع قباحة شكله، حيث يستغل الفيلسوف ‏ذكاء العبد وفطنته للخروج من المآزق التي يقع فيها مقابل وعده للعبد بإعطائه الحرية، ولكن ‏سرعان ما ينكث الفيلسوف العهد ويأمر بجلده في كل مرَّة، في هذه اللحظات يتدخَّل الشعب الذي ‏أدرك الظلم الواقع على العبد فيحكم على الفيلسوف بإعطائه صك الحرية، وبعد حصول العبد ‏على حريته والمكيدة التي دبرتها زوجة الفيلسوف له كونها تحبه وتريده لنفسها، فإنه يفضل ‏اختيار أن يموت حرًا على أن يعيش عبدًا. وأخرج صنوبر لأسرة المسرح الأردني مسرحيّة ‏‏"مهاجر بريسبان" لجورج شحادة ومسرحيّة "الزوج الهارب"، وهو بذلك يكون قد غرس بذرة ‏التحوُّل من المسرح الكلاسيكي إلى الواقعية الملتزمة، فغادر وقد ترك للمسرح عددًا من تلامذته ‏الذين جرَّبوا حظوظهم في الإخراج، فقدَّم سهيل الياس عام 1971 مسرحيّة "كلهم أولادي" ‏لأرثر ميلر و"جسرآرتا" لثيورتوسكا، وقدَّم مهدي يانس "ورق الشجر" و"قصة حديقة الحيوان" ‏لإدوارد إلبي، ثم "بجماليون" لتوفيق الحكيم، وبعدها "الضباع" عام 1972 لمحمود الزيودي.‏

في تلك المرحلة الانتقالية، الممتدة على مدى سنوات النصف الأول من السبعينات والتي اتسمت ‏بتحوُّل الممثلين المتمرسين على يدي هاني صنوبر إلى الإخراج، برزت مرحلة جديدة من حركة ‏المسرح الأردني تمثلت بدخول عدد من المخرجين الأكاديميين بروح جديدة فقدَّموا الأعمال ‏المحلية والعربيّة إلى جانب المسرحيات العالمية، ومنهم أحمد قوادري وحاتم السيد وأحمد شقم ‏وشعبان حميد وعمر قفاف وتوفيق نجم وعمر العلي، تبعهم في النصف الثاني من السبعينات كل ‏من يوسف الجمل وباسم دلقموني ومحمد حلمي وطارق برقاوي وتيسير عطية. كما تكرست في ‏تلك الفترة عدة فرق مسرحيّة مثل فرقة أردنكو ومؤسسة أضواء الفن وفرقة أضواء النجوم ‏وجمعية عمّان للتمثيل ونادي هواة الفنون وفرقة مركز شباب مخيم الحسين وفرقة عمون74 ‏ومؤسسة شيراز، فكانت عروضها المسرحيّة تساند عروض مسرح الجامعة وأسرة المسرح ‏الأردني. كما ظهر مسرح الطفل في فترة السبعينات بجهود كل من مارغو ملاتجليان وجولييت ‏عواد.‏

ومن بين أهم أعمال السبعينات مسرحيات تعزز توجُّه المسرح الأردني نحو الاهتمام بقضايا ‏الناس والهم الإنساني بشكل عام مثل مسرحيات "حلاق بغداد" و"الزير سالم" و"أبناء وآباء" ‏و"راشومون" و"الغائب" و"ظلام في عين الشمس" و"رسالة من جبل النار" و"الخوف" ‏و"الشحادين" و"الرجال لهم رؤوس" و"عريس لبنت السلطان" و"رسول من قرية تميرا" و"مقهى ‏العقلاء" و"حفلة على الخازوق".‏

تجدر الإشارة هنا إلى أنَّ من بين مسرحيات فترة أوائل السبعينات، حظيت مسرحيات بنصيب ‏وافر من المتابعة والاستقبال الجيِّد، بينما لم يتحقَّق ذلك لِما سواها. فمن بين المسرحيات التي ‏لاقت استحسانًا مسرحيات مثل: "العنب الحامض"، "حلاق بغداد" و"راشومون" و"رسالة من ‏جبل النار" و"الرجال لهم رؤوس" و"رسول من قرية تمير"، "السؤال عن حالة الحرب والسلام". ‏فما الذي يجمع ما بين هذه المسرحيات؟ أليس هو الهمّ الإنساني وقضاياه والبحث عن مجتمع ‏إنساني سليم؟

‏"حلاق بغداد" لألفرد فرج تقدِّم لنا فكرة أنَّ أعظم أحلام الناس هي الحكم بالعدل الذي يرمز إليه ‏منديل الأمان في يد الخليفة بصورة شفافة رقيقة... إنَّ العدل هو طمأنينة الناس، وهو شغلها ‏الشاغل، وهو الأساس الذي يقوم عليه النظام الاجتماعي الإنساني السليم.‏

في مسرحيّة "العنب الحامض" للكاتب البرازيلي فيجوريدو، نرى –كما أشرنا سابقًا- كيف أنَّ ‏العبد فضَّل اختيار أن يموت حرًا على أن يعيش عبدًا. وفي هذه المسرحية ثمة مقاربة بين اللسان ‏والإعلام؛ فكلاهما ينطق بالخير والشر... وينطق بالحق أو يسكت عنه.‏

أما مسرحية "راشومون"، تحفة الياباني ريونسوك أكوتاجاوا، فتدعونا لأن نعرّي أنفسنا... لأنْ ‏نراها بشكل حقيقي خالية من الزيف والرغبات الشخصية التي تحرِّكها.‏

وفي "رسالة من جبل النار" لمحمود الزيودي إشادة بوحدة الشعب الأردني والفلسطيني، وإبراز ‏دور الجيش العربي في الدفاع عن فلسطين، وفي دعم مقاومة الأهل في الضفة الغربية.‏

أمّا "الرجال لهم رؤوس" فهي مسرحيّة اجتماعية، لكنَّ المخرج شعبان حميد حمّلها بُعدًا سياسيًّا ‏بإدخال أشعار درويش ومطالبة البطل القتيل للجمهور وهو يحمل قنبلة بيده بأن لا يلبسوا ملابس ‏الحداد على موته، بل أن يقاتلوا وأن لا ينسوا الأرض، وتحوَّل البطل من السلبيّة إلى الإيجابيّة ‏ممّا جعل الكاتب المصري محمود دياب يُشيد بالمسرح الأردني وتقدُّمه وجديّته.‏

وممّا يُذكر أنَّ الحركة المسرحيّة الأردنيّة شهدت في نهاية السبعينات هبّةً وعرسًا مسرحيًّا ‏تواصلت لياليه في مواسم مسرحيّة تُعيد للأذهان صورة انطلاقته أواسط الستينات من حيث الزَّخم ‏والالتزام بالديمومة، ولكن بفارق مهم هذه المرَّة، هو أنَّ نهاية السبعينات شهدت ندوةً فكريةً ‏وضعت مسألة المسرح على المائدة في خطوة على طريق تطوير المسرح الأردني وخلق وعيٍ ‏مسرحيٍّ لدى طلبة الجامعات وفي المدارس. كما أنَّ نهاية السبعينات شهدت عروضًا مسرحيّة ‏متنوِّعة ما بين العالميّة والعربيّة والمحليّة تنتمي في تركيباتها إلى معظم المدارس المسرحيّة، ‏إضافة إلى أنَّ المسرح انطلق في تلك الفترة إلى خارج حدود مسارح العاصمة. ونشهد لحركة ‏مسرح السبعينات رفدها للمسيرة بعدد من الكتّاب المسرحيين منهم أمين شنار، جمال أبوحمدان، ‏محمد الظاهر، محمود الزيودي، كمال كيلاني، سعدالدين زيدان والباحث. ‏

وما يميّز مسرح السبعينات ازدياد الاهتمام بالمسرح المحلي على مستوى المتابعات الصحفية ‏والنقدية وظهور عدد من المهتمين المتفهمين للمسرح، فكتبوا يشيدون أو يعلقون على العروض ‏المسرحيّة، وتراوحت كتاباتهم ما بين النقد الانطباعي والأدب الإنشائي التقريري والنقد المتفهم ‏الواعي المكتَسَب بالممارسة والمطالعة الذاتيّة لشؤون المسرح، وبذلك شهدت الحركة النقدية عددًا ‏من الأقلام من مثل صبحي فحماوي، سعدالدين زيدان، خليل السواحري، مصطفى صالح، ‏عبداللطيف شما، فخري قعوار وبشير هواري. وتبعهم على الدرب نفسه كتّاب وأدباء واكبوا ‏الحركة المسرحيّة في الثمانينات منهم محمود بدر، محمد المشايخ، إبراهيم خليل، محمود شقير، ‏فوزالين بسومي، وليد سليمان، عماد قسوس ونايف النوايسة وآخرون.‏

أمّا الحدث الأكبر الذي شهدته الحركة المسرحيّة الأردنيّة في نهاية السبعينات، فهو تأسيس رابطة ‏المسرحيين الأردنيين في 31-12-1977 في سعي إلى تطوير الحركة المسرحيّة ابتدأ بإقامة ‏المدرسة المسرحيّة كضرورة ملحّة لإرساء قواعد الفن الجاد وعملية التثقيف المسرحي للهواة ‏والمهتمين بالمسرح على حد سواء. وأخذت رابطة المسرحيين على عاتقها نشر كتابنا "المسرح ‏في الأردن" لتوثيق الجهود المسرحيّة المتناثرة والمتراكمة على مدى السنوات السبعين الأولى من ‏القرن العشرين وليصبح مرجعًا أساسيًّا للمهتمين والدارسين.‏