معرضُ عمان الدوليّ للكتاب؛ في دورته " 22": قصةُ نجاحٍ في صناعةِ الكتابِ ونشره.

عزيزة علي
كاتبة وإعلامية أردنية

يُعتبرُ معرض عمان الدولي للكتاب قبلةً للناشرين العرب والأجانب؛ لأنَّه من المعارض العربية الناجحة ويلاقي إقبالاً من قبل الجمهور والمؤسسات التعليمية مثل الجامعات والمدارس، والمؤسسات الرسمية والأهلية على شراء الكتب.

في هذا العام جاء معرضُ عمان الدولي للكتاب في دورته الـ "22"، من 21-30-9-2023، والذي أُسدل الستار عن فعالياته في 30-أيلول، وقد أُقيم في ظلِّ أزمةٍ اقتصاديّةٍ عالميّة، بالنسبة للنشر والطباعة حيث ارتفاع سعر الورق والحبر والطباعة والشحن؛ مما انعكس على ارتفاع أسعار الكتاب، حيث وصل سعر بعض الكتب "13-15" دينارًا، وهذا السعر بالنسبة إلى ميزانية المواطن التي تعاني من إرهاقٍ شديد، يُعدُّ رقماً عالياً قياساً بالمعارض السابقة.
المعرض انطلقت فعالياته برعاية ملكية سامية، وافتتحته وزيرة الثقافة هيفاء النجار مندوبةً عن جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وبحضور وفودٍ رسميّةٍ؛ الوفد الرسمي لدولة قطر الشقيقة ضيف شرف المعرض، والسفير السعودي في الأردن نايف السديري، ورئيس الوفد القطري الدكتور غانم مبارك العلي، والوكيل المساعد للشؤون الثقافية في وزارة الثقافة القطرية، ومديري معارض الكتب العربية، وضيوف المعرض، ومسؤولين أردنيين، وناشرين أردنيين وعرب.
وقد أشارت وزيرةُ الثقافة هيفاء النجار في الافتتاح إلى أنَّ "معرض عمان الدولي للكتاب يمثّل قصةَ نجاحٍ لصناعة الكتاب والنشر في الأردن، وأصبح جزءاً من خطابنا الثقافي، وواحداً من وسائلنا المعرفيّة، مؤكدةً أنَّ المعرض الذي يحظى بالرعاية الملكية الساميّة كلَّ عام، يُعدُّ منصةً للحوار والتواصل مع الأفكار.
فيما عبّر السفير القطري في عمان الشيخ سعود بن ناصر آل ثاني، عن عمق العلاقة بين قطر والأردن قائلا إنَّها "ضاربةٌ في الجذور"، و"لها امتداداتٌ، وتشهد تعاوناً ونموّاً كبيراً في شتى المجالات، وتربطنا بها علاقات ثقافية عميقة بفضل الرؤى الحكيمة لقيادتي البلدين الشقيقين حفظهما الله ورعاهما"، مؤكّداً "أنَّ معرض عمان الدولي للكتاب يتألق سنةً بعد سنةٍ"، معبّراً عن فخره واعتزازه أن تكون بلاده قطر ضيفاً على هذا النجاح، لافتاً إلى أنَّ المشاركة الكبيرة لدور النشر من "22" دولة مختلفة؛ يُعدُّ إنجازاً كبيراً للمعرض.
فيما رحب رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين، ومدير معرض عمان الدولي للكتاب أ. جبر أبو فارس بضيوف المعرض، مبيناً "أنَّ الرسالةَ الثقافيّةَ للمعرض -بوصفه فعالية وطنية من خلال فعالياته المختلفة؛ هي الانفتاح على الأشقاء كافة، وهو منصةٌ ثقافيّةٌ عربيّةٌ، ومحطة مهمّة للقاء أطراف صناعة النشر في العالم العربي".
ورحب رئيس الاتحاد بضيف الشرف دولة قطر، مؤكّداً "أنَّ الحضور العربي في المعرض يؤكّد العلاقات الأخوية التي تربطنا كبلدين شقيقين، والعلاقات التي تربطنا كناشرين أردنيين بالمؤسسات الثقافيّة القطريّة المعنية بقطاع النشر والتوزيع، والعمل المشترك من خلال اتحاد الناشرين الدوليين، واتحاد الناشرين العرب".
معرض عمان الدولي الذي يقيمه اتحادُ الناشرين الأردنيين بالتعاون مع وزارة الثقافة وأمانة عمان الكبرى، على طريق المطار، يُعدُّ واجهةً ثقافيّةً يشارك فيه عددٌ كبيرٌ من دور النشر العربية والأجنبية، سواءً بشكلٍ مباشر، أو من خلال توكيلات مع دور نشر أخرى، وغابت عنه بعضُ دورِ النشر الكبرى.
"ضيف الشرف"، في هذه الدورة دولةُ قطر، اشتمل برنامجها على ندواتٍ وأمسياتٍ ثقافيّةٍ وفكريّة، شارك فيها عددٌ من الأدباء والروائيين والباحثين القطريين، وقد وُضع البرنامج بالتنسيق مع وزارة الثقافة القطرية في سياق التعاون الثقافي المستمر بين البلدين الشقيقين.
يرفعُ المعرضُ شعاراً دائماً "القدس عاصمة فلسطين"، وذلك لما تمثّله المدينة المقدسة في وجدان الأمة العربية، ولتأكيد عروبتها وهُويتها الراسخة في قلوب العرب وعقولهم، مسلمين ومسيحيين، وانسجاماً مع موقف الأردن ملكاً وحكومة وشعباً، وتأكيداً للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
فيما اختيرت المؤرخة والأكاديمية الدكتورة هند أبو الشعر الشخصية الثقافية للمعرض في هذه الدورة، وذلك تقديراً لجهودها في مجال التأريخ لحقب مهمّة من تاريخ الأردن؛ فهي صاحبةُ باعٍ طويلٍ في المنجزات الأدبيّة والثقافيّة والتاريخيّة، حينما أنتجت على مدار أعوام مديدة قرابة "86" عملاً؛ تنوّعت أعمالها ما بين القصص والدراسات التاريخية والكتب الوثائقية، والموسوعات والنصوص والمقالات الصحفية والبحوث.
وأصدرت أبو الشعر موسوعاتٍ عديده منها موسوعتها التي نُشرت عن (تاريخ الأردن في عهد الإمارة) وهي في أربع مجلدات صدرت عن جامعة فيلادلفيا، بواقع أكثر من 2000 صفحة.
وشارك في الندوة التكريمية للدكتورة هند ضمن فعاليات المعرض الدكتور عليان الجالودي، والدكتور جورج طريف، والكاتب حسين نشوان، وأدارها القاص مخلد بركات.
وقد نوّه رئيس اتحاد الناشر الناشرين الأردنيين، ومدير معرض عمان، أ. جبر أبو فارس إلى بعض الصعوبات التي واجهت المعرض في دورته لهذا العام؛ منها "عدم التزام بعض الدول العربية في إقامة معارضها بالتزامن مع معرض عمان الدولي للكتاب، حيث إنَّ تنظيم إقامة المعارض يتم من خلال توزيع أوقات الافتتاح من قبل اتحاد الناشرين العرب، مؤكّداً أنَّ هذا التوقيت هو المناسب للمواطن الأردني، كما جاء التوقيت العام الحالي بناء على رغبة الجمهور وعلى الانتقادات التي أُثيرت في الدورة السابقة للمعرض".
كما أشار أبو فارس إلى أنَّ الارتفاع في أسعار الكتب هو ارتفاعٌ عالميٌّ، بسبب ارتفاع في أسعار الورق والحبر والطباعة، كما أنَّ بعض دور النشر لم تلتزم بالخصم لروّاد المعرض وهو 20%.

فيما جاءت الكتب المتخصّصة للأطفال في مقدمة الكتب لأكثر مبيعاً، فقد أكّد أصحاب دور النشر على الإقبال الكبير من قبل الأطفال وأهليهم على هذه الكتب، حيث أنَّ العناوين جاءت مبهرة ومواكبة لتطورات العصر من ناحية التقنيات السمعية والبصرية بالنسبة للأطفال، وحول القيمة الشرائية للمعرض قالوا إنَّها بين المتوسطة والجيدة، ومع ذلك هناك حضورٌ لافتٌ من قبل الجمهور قياساً بالمعارض السابقة.
دورُ النشر التي تقوم بطباعة هذا الكتب صرحت أنَّها عملت على طباعة الكتب الناطقة للأطفال الذين أدمنوا على الأجهزة الذكية بسبب الأصوات التي تصدر من هذه الأجهزة؛ لذلك قامت بطباعة كتب ناطقة للأطفال؛ يستطيع الطفل أن يتعلم من خلالها القراءة والكتابة.

وبخصوص الفعاليات الثقافية في المعرض؛ فقد جاء البرنامج زاخراً بالنشاطات الثقافية ما بين الندوات والأمسيات الشعرية والأمسيات الفكرية والفنية، إلى جانب ندوات تهتمُّ بالطفل، وأخرى تتناول موضوعاتٍ مهمّةً مواكبة للتقنيات الحديثة؛ مثل ندوة "الذكاء الصناعي"، التي ألقتها أستاذة علم الحاسوب والتكنولوجيا في جامعة الأميرة سمية د. نائلة الماضي.
فيما قرأ الشاعر والإعلامي اللبناني زاهي وهبي ضيف المعرض عدداً من قصائده في الأمسية التي أُقيمت له وسط حضور أردني وعربي، إلى جانب توقيع ديوان "ليل يديها" ضمن فعاليات المعرض.

وضمن الفعاليات الثقافية أُقيمت ندوة "أصداء المكان في التجربة الإبداعيّة" بمشاركة زهران القاسمي وشهلا العجيلي، وتضمنت شهاداتٍ حول ظهور المكان بشكلٍ جليٍّ في التجارب الروائية العربية، من خلال أعمال القاسمي والعجيلي الروائية.
الشاعر والروائي العُماني زهران القاسمي، الذي حصلت روايته (القناص) على جائزة الإبداع الثقافي، تحدّث عن تجربته الإبداعية، "إنَّ المطلع على الأدب العٌماني يجد أن له خصوصية يتميّز بها عن باقي تجارب الأدب على مستوى الوطن العربي، وهذا الاختلاف ينبع من ظهور المكان جليّاً في التجارب الأدبية التي أخذت مكانتها من البيئة المحيطة بها، وظهرت من خلال أسماء الجبال والوديان والأمكنة".
وجاءت ندوة "اللغة العربية والعوالم الجديدة"، بالتعاون بين مجمع اللغة العربية الأردني ومجمع اللغة العربية في الشارقة، وقد شارك في هذه الندوة كلٌّ من: د. إبراهيم السعافين ود. محمد صافي المستغانمي وإدارة د. محمد السعودي، تبعتها ندوة "المشهد الثقافي الأردني" بمشاركة د. سالم الفقير، وعاقل الخوالدة وإدارة د. سالم الدهام، وندوة بعنوان "دور التراث الثقافي في تعزيز الهُوية القطَريّة" ضمن البرنامج الثقافي للدولة ضيف الشرف، بمشاركة الباحث غانم سعد الحميدي وإدارة د. سلطان المعاني.
وأُقيمت في المركز الثقافي الملكي، ندوة بعنوان "دور كتارا في تحفيز الرواية العربية" بمشاركة د. سناء الشعلان ود. عماد الضمور، وعمر كلاب.
فيما أُقيمت ندوة "المواطنة" بمشاركة سند نوار. وندوة "الأرشيف الوطني"، بمشاركة د. مهند مبيضين، ود. نضال عياصرة، وإدارة: د. جورج طريف. وندوة بعنوان "القدس.. الصمود في مواجهة التهويد" بمشاركة د. غالب عربيات، ود. هند أبو الشعر، وأحمد غنيم/ فلسطين وإدارة د. صلاح جرار. وأمسية شعرية بمشاركة: علي شنينات، د. سلطان الزغول، د. هناء البواب، نضال برقان، عمر أبو الهيجاء، وإدارة تيسير الشماسين. وأُقيمت محاضرة صباحية "ماذا بعد القراءة؟" بالتعاون مع مؤسسة مكتبجي الثقافية قدّمها رائد العيد/ السعودية. وأمسية شعرية بمشاركة: عبدالكريم أبو الشيح، باسمة غنيم، محمد العامري، حسام شديفات، عائشة الحطاب، عبدالسلام العطاري/ فلسطين، وإدارة د. صبحة علقم.
وضمن فعاليات ضيف الشرف أُقيمت ندوة بعنوان "صناعة النشر في قطر" بمشاركة إبراهيم عبد الرحيم السيد، ود. عائشة جاسم الكواري، وجبر أبو فارس وأدارها أحمد فراس الطراونة. وندوة بالتعاون مع مختبر السرديات الأردني بعنوان "واقع السرد العربي في الفضاء الرقمي.. أسئلة وتحديات" بمشاركة د. سعيد يقطين/ المغرب، وسامية العطعوط، ود. إبراهيم السعافين، وإدارة مفلح العدوان، ومحاضرة بعنوان "الأسرة في الإسلام" قدّمها د. محمد أمين القضاة وأدارها د. نسيم أبو خضير. وضمن الفعاليات الثقافية للدولة ضيف الشرف أُقيمت ندوة بعنوان "الأبعاد الثقافية والاجتماعية في الرواية القطرية" بمشاركة شيخة الزيارة، ود. أحمد عبدالملك، ود. نورة فرج، وإدارة د. علاء الدين الغرايبة.
وأُقيمت ندوة متخصّصة في "تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي"، بمشاركة د. مريم نريمان نومار/ الجزائر، وتغريد النجار، وسارة السهيل، وفلورا مجدلاوي، وإدارة سنان صويص. وأخرى بعنوان "أطفالنا والأجهزة الإلكترونية" للدكتور شريف طه يونس. وندوة بعنوان "الدراما الأردنية بين الواقع والطموح" بمشاركة نقيب الفنانين الأردنيين محمد يوسف العبادي، وزهير النوباني، وطلال عدنان العواملة، وإدارة رسمي محاسنة. وندوة ضمن فعاليات الدولة ضيف الشرف بعنوان "المسرح القطري: النشأة، الاعتراف، الإنجازات" بمشاركة د. حسن رشيد، وفالح فايز، وإدارة د. فراس الريموني.
وأُقيمت أمسيةٌ قصصيّة بمشاركة بسمة النسور، محمود الريماوي، مهند العزب، هشام مقدادي، هند سليمان، وإدارة محمود الخطيب. وندوة "محمود درويش.. الشاعر الإنسان"، بمشاركة د. إبراهيم أبو هشهش/ فلسطين، د. محمد عبيدالله، ود. شكري عزيز الماضي، ود. إسماعيل أبو حطب، وإدارة فتحي البس. وأمسية شعر نبطي بمشاركة عليان العدوان، ود. محمد مجاور العمر، وهاشم العظمات، ومحمد الطورة، وراكان المساعيد، وإدارة بسمة عليمات.
وقدّم مجموعةٌ من المبدعين "شهاداتٍ في التجربة الإبداعية" شارك فيها كل من واسيني الأعرج/ الجزائر وجلال برجس، وبإدارة موفق ملكاوي. كما أُقيمت ندوة "المكتبات العامة وتعزيز حضور الكتاب الورقي" بمشاركة د. ثامر الشوبكي، وغالب مسعود، ود. نجيب الشربجي، وبإدارة د. ربحي عليان. وندوة "بين الثقافة والسياسة والصحافة" بمشاركة أ. محمد داوودية ود. محمد أبو رمان، وإدارة أسامة الرنتيسي. وندوة أخرى عن "تجارب إعلامية" بمشاركة سلام مسافر، وخالد الرشد، وحسين رواشدة، وإدارة عطاف الروضان.
كما أُقيمت أمسية شعرية بمشاركة د. علي جعفر العلاق، د. حكمت النوايسة، وفاء جعبور، وبإدارة د. دلال عنبتاوي.
كما أُقيمت ندوة "د. سلمى الخضراء الجيوسي.. جسر بين الشرق والغرب" بمشاركة أ. فخري صالح، د. رشأ الخطيب، ويوسف عبدالعزيز، د. لينا الجيوسي، وبإدارة جعفر العقيلي، وندوة "التكريم الملكي للثقافة والمثقفين" بمشاركة أكرم الزعبي، وسهيل بقاعين، وإبراهيم السواعير، وبإدارة ناجح حسن. وندوة حول "الترجمة وجوائزها.. جسر للتثاقف والتفاهم الإنساني" بمشاركة د. امتنان الصمادي، مدني قصري/ الجزائر، جهاد أبو حشيش، محمد البعلي/ مصر، وإدارة د. سليمان العباس. وأُقيمت أمسية شعرية ضمن فعاليات الدولة ضيف الشرف بمشاركة الشاعرَين القطريَّين عبدالحميد اليوسف، وحمد صالح آل سنيد، والشعراء الأردنيين علي الفاعوري، مظهر عاصف، رند الرفاعي، وإدارة غدير حدادين.
وأختُتم البرنامج الثقافي للمعرض بندوة بعنوان "مشاكل وتحديات الترجمة الأدبية- (زمن الخيول البيضاء) نموذجاً" بالتعاون مع مركز الترجمة بالجامعة الأردنية، وشارك فيها د. مؤيد شراب، د. أحمد الخباص، وأدارها د. عمر الفجاوي.
في نهاية فعاليات معرض عمان قال رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين، ومدير معرض عمان الدولي للكتاب جبر أبو فارس، "إنَّ الرعاية السامية لجلالة الملك عبد الله الثاني للمعرض هذا العام أسهمت في توفير عوامل النجاح له، والذي تُوّج بارتفاع عدد روّاد المعرض إلى رقمٍ غير مسبوق تجاوز نصف مليون زائر؛ الأمر الذي يؤكّد حضور المعرض في المشهد الثقافي كمنجزٍ بارزٍ في المئوية الثانية".