تكنولوجيا إنترنت الأشياء وتطبيقاتها

د. علاء فتحي خليفة
اكاديمي..... الجامعة الألمانية الأردنية
إنترنت الأشياء هي تقنيةٌ ناشئةٌ تم نشرها وتنفيذها في السنوات القليلة الماضية في العديد من أنشطتنا وتطبيقاتنا اليومية من مثل المدن الذكية، والزراعة، والسلامة والأمن، وأتمته المنازل، والتصنيع، والرعاية الصحية، إلخ. الفكرة الأساسية لإنترنت الأشياء هي بناء نظام مدمج يحتوي على العديد من أجهزة الاستشعار التي تستخدم لاستشعار البيئة المحيطة، ثم نقل البيانات المجمعة إلى الإنترنت لمزيد من المعالجة. علاوةً على ذلك، يمكن استخدام إنترنت الأشياء ليس فقط للحصول على البيانات ولكن أيضًا للتحكم واتخاذ الإجراءات. على سبيل المثال، يمكن لنظام قفل الباب الذكي لبيت الضيافة التقاط صورة الضيف، وإرسالها عبر الإنترنت لخادم حاسوبي بعيد لتحليلها، ومن ثم يمكن اتخاذ قرار بشأن السماح للضيف بدخول المنزل أم لا. إذا كان القرار هو السماح بدخول الضيف، فيجب أن يكون نظام إنترنت الأشياء قادرًا على التحكّم في القفل وفتح الباب، وبالتالي فإنَّ نظام إنترنت الأشياء هذا لا يجمع البيانات فقط (صورة الضيف في هذه الحالة)، ولكنَّه يتخذ أيضًا إجراءً ويفتح الباب له. علاوةً على ذلك؛ فإنَّ تصميم نظام فعال لإنترنت الأشياء يواجه بعض التحديات من مثل الموارد الحسابية المحدودة، ومصادر الطاقة المحدودة، والتكلفة والأمن.
يعتمد نظام إنترنت الأشياء عادةً على نظام مضمن يتمتع بقدرات حسابية محدودة من حيث قوة المعالجة وسرعتها وحجم الذاكرة وعدد محدود من مداخل الإدخال والإخراج الطرفية. لذلك؛ يجب على مهندسي إنترنت الأشياء أن يأخذوا في الاعتبار هذه القيود عند تصميم نظام إنترنت الأشياء من حيث وجود بروتوكولات وخوارزميات وبرامج فعالة. ترتبط القضايا الحيوية الأخرى بوجود نظام فعال من حيث التكلفة مع قيود أمنية وموثوقية عالية. وأخيرًا؛ تُعدُّ محدودية إمدادات الطاقة عاملاً حيويًا آخر يجب أخذه بعين الاعتبار، خاصةً أنَّه في كثير من الحالات، تكون أنظمة إنترنت الأشياء عبارة عن أجهزة تعمل بالبطاريات وتفتقر إلى توفر مصادر دائمة للطاقة. ولذلك؛ ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار حلول الطاقة المبتكرة مثل استخدام الطاقة الشمسية وموارد الطاقة الأخرى. بالإضافة إلى ذلك؛ تُعدُّ البروتوكولات والخوارزميات الموفرة للطاقة التي تسمح لنظام إنترنت الأشياء بالسكون والحفاظ على الطاقة طريقة أخرى لإطالة عمر النظام وتقليل التدخل البشري المطلوب في حالة استبدال بطاريات أجهزة إنترنت الأشياء أو شحنها. التطبيقات والسيناريوهات التي يمكن فيها استخدام إنترنت الأشياء هائلة ولا حصر لها. وفيما يلي نسلط الضوء على بعض هذه التطبيقات التي لها تأثير مباشر على حياة الناس اليومية وتغير حياتهم. وسنسلط الضوء على وجه الخصوص على المدن الذكية والزراعة والكشف عن الحرائق وأتمته المنازل وقطاعات الرعاية الصحية.
تتمتع إنترنت الأشياء بالعديد من التطبيقات المحتملة التي يمكن الاستفادة منها لجعل مدننا أكثر تمكينًا للتكنولوجيا، الأمر الذي لا يسهل حياتنا اليومية فحسب، بل يعمل أيضًا على تحسين جودة المعيشة. ويمكن إثبات ذلك في العديد من التطبيقات مثل القياس الذكي ومراقبة جودة الطقس ومواقف السيارات الذكية. وتأتي العدادات الذكية لتحل مشكلة الحصول على قراءات حديثة لعدادات المياه والكهرباء، دون الحاجة لأي تدخل بشري. في العدادات الكلاسيكية، يجب على موظف شركات الماء والكهرباء زيارة موقع العداد والحصول على قراءات العدادات وإرسالها إلى شركات الماء والكهرباء. هذه العملية لا تستغرق وقتًا طويلاً فحسب، بل تكلف أموالًا وتحتاج إلى شخص متخصص للقيام بهذه المهمة. بالإضافة إلى ذلك؛ فإنَّ قراءات العدادات لن تكون محدثة ولن يتم تحديثها بشكل متكرر. وجاءت العدادات الذكية لتحل هذه العوائق، حيث يستطيع العداد الذكي إرسال القراءات الملتقطة إلى شركات الماء والكهرباء عبر الإنترنت وباستخدام التكنولوجيا اللاسلكية مما يوفر الوقت والمال. التحدي الرئيس الذي تواجهه العدادات الذكية هو التكلفة العالية المرتبطة باستبدال العدادات الكلاسيكية، وكذلك تكلفة التشغيل للحفاظ على الاتصال اللاسلكي الذي يربط العدادات بشركات خدمات المياه والكهرباء. هناك تطبيق ناشئ آخر لإنترنت الأشياء في نطاق المدن الذكية وهو مجال مراقبة الطقس، حيث يمكن تركيب محطة أرصاد جوية في عدة مواقع في المدينة، والتي يمكن استخدامها لقياس جودة الهواء والعوامل الأخرى المتعلقة بالطقس مثل درجة الحرارة والرطوبة والضغط وسرعة الرياح واتجاهها. ويمكن استخدام هذه القياسات لتقييم جودة الهواء ومستوى التلوث، والتي يمكن استخدامها لفرض اللوائح والقواعد اللازمة للحفاظ على البيئة وتحسين حياة الناس. بالإضافة إلى ذلك؛ يمكن استخدام المعلمات المتعلقة بالطقس للتنبؤ بالظروف الجوية ولأغراض التنبؤ، وهو أمر بالغ الأهمية في العديد من التطبيقات، مثل الري والسياحة والطيران.
تُعدُّ الزراعة الذكية أو الزراعة الدقيقة تطبيقًا مهمًا آخر لإنترنت الأشياء. ويمكن تحقيق ذلك من خلال استخدام أجهزة الاستشعار ذات الصلة بالزراعة مثل رطوبة التربة والظروف الجوية لمساعدة المزارعين على تحسين عملية الري وتوفير المياه. علاوةً على ذلك؛ يمكن استخدام أجهزة الاستشعار لتقدير كمية الأسمدة اللازمة للتربة لتحسين إنتاجية المزرعة وجعلها أكثر ربحية للمزارعين.
هناك تطبيق آخر مهم لإنترنت الأشياء وهو مجال الأمن والاستشعار عن بعد. ويمكن تحقيق ذلك في العديد من السيناريوهات مثل الكشف عن حرائق الغابات، حيث يمكن استخدام أجهزة إنترنت الأشياء لمراقبة الغابة، على سبيل المثال؛ قياس كميه ثاني أكسيد الكربون، ودرجة الحرارة، والرطوبة، والتقاط صور حية، حيث يتم إرسال هذه القياسات إلى خوادم سحابيه لمزيد من المعالجة واتخاذ القرار، حيث يمكن اكتشاف الحريق وإطلاق إشارة إنذار لرجال الإطفاء. نظام المراقبة هذا سوف ينقذ الغابة من الحريق؛ لأنَّه سيكتشف الحريق مبكرًا، وبالتالي يمكن تمييز الحريق مبكرًا وبالتالي إنقاذ الغابة.
كذلك التحكم في أضواء المنزل وأنظمة التدفئة والقهوة وغسالات الأطباق وآلات الغسيل عن بعد أثناء وجود صاحبه بعيدًا عن المنزل. هذه الوظائف ممكنة مع إنترنت الأشياء، حيث يتم استخدام أجهزة استشعار ومشغلات إنترنت الأشياء لتزويد أصحاب المنازل بالقدرة على إجراء المراقبة والتحكم عن بعد لمنازلهم. يمكن أن يكون لاستخدام إنترنت الأشياء في المنازل العديد من المزايا مثل توفير الطاقة وزيادة أمن المنازل وسلامتها.
هناك قطاع آخر مهم في مجال استخدام تكنولوجيا إنترنت الأشياء وهو مجال مراقبة وتشخيص الصحة. يمكن استخدام إنترنت الأشياء لمراقبة الحالة الصحية لكبار السن من خلال وجود أجهزة استشعار يمكن ارتداؤها حيث تقوم بقياس العلامات الحيوية الصحية الحرجة مثل ضغط الدم ودرجة حرارة الجسم والكشف عن أي حالات صحية غير طبيعية مثل نوبة قلبية محتملة أو جلطات دموية. علاوةً على ذلك؛ يمكن استخدام مستشعرات الحركة للكشف عن حالات السقوط غير الطبيعية التي قد يتعرض لها كبار السن، وبالتالي يتم استدعاء الطبيب لاتخاذ إجراء فوري وإنقاذ الشخص المسن.
أحد التطبيقات الأخرى المهمة لإنترنت الأشياء هو المراقبة التلقائية لجودة المياه. يمكن استخدام أجهزة استشعار جودة المياه لقياس جودة المياه بشكل دوري واكتشاف ما إذا كان هناك أي تلوث محتمل. تعتبر هذه العملية شاقة إذا تم إجراؤها يدويًا بواسطة الإنسان. واستخدام نظام إنترنت الأشياء لتحقيقها يسهل العملية ويجعلها في متناول أيدي الناس.