روايةُ الفتيان في الأردن

موسى إبراهيم أبو رياش
كاتب وباحث أردني.
تمتلكُ رواية الفتيان خصوصيتها كونها تخاطب فئة عمرية قلقة، أقرب للتمرد، وتسعى للتفرد والتميز، تترفع عن الطفولة وترنو للشباب، تحيطها المغريات والملهيات من كل جانب. ومن هنا اكتسبت شرعيتها الخاصة، وتميزها عن قصص الأطفال وروايات الكبار؛ حتى تستطيع أن تجذب الفتيان، وتكون بديلًا قويًا آسرًا لما هو متاحٌ لهم من ألعاب إلكترونيّة ومسلسلات وأفلام ومواقع التواصل الاجتماعي والألعاب المختلفة المغرية، والإنترنت بعالمه الرحب الساحر.
تُصنف رواية الفتيان أو الناشئين أو اليافعين ضمن أدب الأطفال بمفهومه الشامل، ولكنَّها تخاطب الفئة العليا/الأكبر من الأطفال، أي الأعمار من 12-18 عامًا. ولا تنفك هذه الرواية عن خصائص ومقومات وفنيات وتقنيات الرواية بشكل عام، ولكنَّها تختلف عنها في نواحٍ عدة مختلفة منها الأسلوب ومستوى الخطاب واللغة والموضوعات المطروحة. وهي تشكل تحديًا كبيرًا للكاتب؛ إذ أنَّها تخاطب قارئًا ذكيًا لا يجامل ولا يتقبل أي شيء بسهولة، ويتطلب إقناعه قدرات عالية المستوى واحترافية من الكتاب؛ ولذا فليس كل ما يُجنّسُ أنَّه رواية للفتيان هو في الحقيقة كذلك، فالكاتب يزعم ذلك، ولكن الحكم للفتيان أولًا، فهم أدرى بما يناسبهم ويحترم عقولهم ويلبي تطلعاتهم.
وقد حظيت رواية الفتيان باهتمام كبير متزايد في الأدب العالمي لأهميتها وضرورتها ودورها المنشود في التثقيف والارتقاء بالذائقة الأدبية وزيادة المخزون اللغوي، بالإضافة إلى رسالتها التوعوية والتنويرية والتربوية بعيدًا عن المباشرة والفجاجة والوصاية، دون إهمال لدورها في الترفيه والتسلية والمتعة. وقد التفت الكتّابُ الأردنيون إلى رواية الفتيان كغيرهم من الكتّاب العرب، وصدرت عشرات الروايات التي حظي الكثير منها بمقروئية عالية، ونال بعضها جوائز مرموقة؛ محلية وعربية. ويأتي هذا الملف «رواية الفتيان في الأردن» ليسلّط الضوء على واقع رواية الفتيان في الأردن منذ البدايات، كاشفًا عن خصائصها وموضوعاتها وغاياتها والتحديات التي تواجهها، مبينًا المتشابه والمختلف بين رواية الفتيان ورواية الكبار، وخصوصية وحساسية هذه الرواية، بالإضافة إلى قراءة في إحدى روايات الفتيان، وشهادتين إبداعيتين لروائي وروائية كتبا للفتيان.
والمرجو أن يسهم هذا الملف في حراكٍ ثقافيٍّ محليٍّ حول رواية الفتيان، من نشاطات وقراءات وندوات وملتقيات ومؤتمرات ودراسات وأبحاث، بالإضافة إلى تنشيط حركة التأليف للفتيان، والسعي لإيصال الروايات لهم، وفتح قنوات الاتصال المباشرة معهم؛ للحوار حول هذه الروايات ومدى جودتها ومناسبتها ومستواها، وما عندهم من تصورات ورؤى واقتراحات.