د. يحيى البشتاوي
أكاديمي ومخرج وناقد مسرحي أردني
إنَّ عمليّة خلق مسرح لكلّ الناس تتطلَّب العودة إلى معطيات التراث وتوظيف ما في الواقع الإنساني لتسجيل نبض الحياة ضمن سياقاتها الشعبيّة المتعدِّدة، وهذا النوع من المسرح يبدأ بالنص، ويعمل على إكسابه دلالات متعدِّدة التأويل تبعًا لثقافة المتلقي، مع الاستغناء عن إرباك التأويل الذي حوَّل الكثير من تجارب المسرح إلى طلاسم. وهو مسرح يقدِّم قراءة للواقع المحلّي والعربي انطلاقًا من المعطيات التاريخيّة والإنسانيّة والنفسيّة، وذلك لإعادة إنتاج الوجدان الشعبي، مع ضرورة أنْ يصلَ إلى الجميع على اختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم الاجتماعيّة متجاوزًا حالة التعقيد التي يحفل بها المسرح المعاصر.
لم يكُن المسرح الأردني بمعزل عن استلهام التراث في محاولة للتأصيل والتجديد والبحث عن الأصول العربية، حيث ظهر عدد من الكتاب الذين قدموا نصوصًا مسرحيّة استلهمت التراث كان من بينهم: جمال أبوحمدان، أمين شنار، جبريل الشيخ، عبداللطيف شما، محمود الزيودي، هاشم غرايبة، غنام غنام، خالد الطريفي وغيرهم... إضافة إلى اتِّخاذ الاشتغال على التراث منهجًا لعدد من الفرق المسرحيّة الأردنيّة مثل: أسرة المسرح الأردني، فرقة المسرح الحر، فرقة طقوس المسرحيّة، وفرقة الفوانيس، وفرقة عالخشب المسرحيّة. وقد أكّد أصحاب هذه الفرق أنَّ المسرح لا يخرج عن كونه احتفالًا شعبيًّا فرجويًّا، حيث يمكن من خلاله التعبير عن الأصالة العربية عبر الانطلاق من التراث الشعبي ومسرحته ضمن رؤية ابداعيّة خلّاقة تؤكد الذات العربية وتؤسس للخروج من دائرة الهيمنة والتبعيّة للمسرح الغربي.
وتعدُّ الفرجة الشعبيّة مظهرًا من المظاهر التراثية التي ظهرت في المسرح الأردني من خلال تجارب مسرحيّة متعددة كتجارب جبريل الشيخ وخالد الطريفي وغنام غنام وغيرهم. ويعرِّف (شيكنر) الفرجة بأنها: "عبارة عن سلوك مصاغ أكثر من مرّة". أمّا (كليفورد كارثر) فيعرِّفها بأنها: "قصة يرويها الناس لأنفسهم حول أنفسهم". ومن خلال ما تقدَّم يتَّضح لنا أنَّ الفرجة عبارة عن دراما اجتماعيّة مـصغّرة تعبِّر عن لحظات حاسمة ودالّة في الثقافة الإنسانية.
وفي سياق الاشتغال على الفرجة الشعبيّة في النص المسرحي الأردني تبرز تجربة الكاتب المبدع (جبريل الشيخ)، الذي حفلت نصوصه المسرحيّة بتوظيف التراث الشعبي بمستوياته كافة، وقد تمثَّل ذلك في استلهام الحكايات والأمثال والشخصيات والأغاني الشعبيّة، وتصوير الأمكنة بمرجعيّاتها التراثية، وشكلت عملية استلهام التراث بالنسبة له محطة رئيسة في اشتغالاته المسرحيّة منذ كتابته لمسرحيته (تغريبة زريف الطول) التي شكّلت علامة فارقة في المسرح الأردني، وقد فتحت هذه التجربة الباب على مصراعيه لتدخل فيها كل التقنيات المعاصرة وأساليب القول وتلاوين الحكي، فمهَّدت لقيام مسرح شعبي فرجوي برؤية حديثة وبإمكانات فكريّة تتجاوز كثيرًا من القوالب الفكرية الجامدة، لترسي بذلك عددًا من القيم الجمالية والأخلاقية، وتشكل مدخلًا صحيحًا لنقد الواقع، ضمن منهجية أكثر إمتاعًا وأصدق إقناعًا سعت إلى توجيه الشخصيات توجيهًا عمليًّا شكّل طبيعة سلوكها الفردي والاجتماعي.
وإذا نظرنا في تجربة الشيخ المسرحيّة نجدها تحفل بالعودة إلى أشكال ومواضيع من الثقافة العربية في إطار البحث عن هوية مستقلة للمسرح العربي، وهو يستخدم في نصوصه الأسلوب الساخر لبحث قضايا جادة ومهمّة، مقدِّمًا لنا شخوصه الكاريكاتورية، وهو بذلك يوجِّه نقده اللاذع للشرائح الاجتماعية التي يعرضها والقضايا المرتبطة بها.
في مسرحيّة (تغريبة زريف الطول) يعتمد جبريل الشيخ على تشخيص الأغاني الشعبيّة، بل وصياغتها مسرحيًّا، حيث يعرض لنا قضية الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وانعكاساتها السلبية على واقع الإنسان الفلسطيني، ممّا فجّر مقاومة شعبيّة راحت تواجه الاحتلال بكل قوّتها، ومن ضمن أحداث المسرحيّة يسافر ظريف الطول إلى حلب، ثم يرجع بالحكمة لأهل بلده، وتنتهي المسرحيّة برسالة الحكمة التي يرسلها إلى شعبه قبل قتله في الخارج، بأنها المحبة والالتحام بين الثوار.
الكاتب جبريل الشيخ رائد من رواد نصوص الفرجة في المسرح الأردني
وممّا يبرز في هذا النص الذي اعتمد الفرجة الشعبيّة هو قيام المؤلف بتجسيد الأحداث من خلال المنحى التجريبي في اختيار شخصيّاته المسرحيّة التي جاءت لتحمل أسماء معروفة في الغناء الفلسطيني الشعبي، فظريف الطول الذي يأخذ دور البطولة في المسرحيّة ويشكل رمز الحكمة، هو يحمل لنا اللحن الفلسطيني المرح المعبِّر عن الانطلاق، حيث يظهر بوصفه شابًا وسيمًا يعمل على مساعدة المحتاجين ونصرة الضعفاء، أمّا صديقه (شوباش) فيظهر بوصفه رمزًا للقوة المكمّلة لحكمة ظريف، وهو يعبِّر عن اللحن الحماسي المعروف، الذي يجسِّد النخوة والحميّة، ويُستخدم في الحروب والأعمال الجماعية كالبناء، وعلى النقيض من ذلك يظهر لون من الغناء، يتميَّز بنسبته إلى الراوي "محمد العابد" الشخصية الخياليّة، ويأتي عادة على لحن العتابا، وهو في المسرحيّة عجوز متصابي، أناني. وعلى صعيد الشخصيات النسائية تظهر كل من: شخصية الأرملة الشابة (عتابا)، وابنة عمها (ميجنا)، وتابعتها (دلعونا) تلك المرأة الشابة الجميلة التي تحاول التحرُّر من قيودها الاجتماعية، وكل هذه الشخصيات وغيرها من الشخصيات الأخرى تمثل ألوانًا من الألحان الشعبيّة الفلسطينية، التي جسّدها الكاتب في شخصيات، وجعلها تعبر عن مأساة الشعب الفلسطيني بكل تفرُّعاتها.
وحتى يكمل جبريل الشيخ نسيج نصّه الفرجويّ نجده يستعين بشخصيات واقعية، كشخصية الجمّال الذي ارتبط بصداقة مع ظريف الطول، والغنّام، وحرّاث البقر، وفرج الله المنافق، وقد وردت أسماء هؤلاء في الغناء الشعبي، بالإضافة إلى علي المحتد، وشريف السيد، أصحاب المكانة، وملتزم الضريبة من العهد التركي، وبعض الوجهاء وغيرهم. وممّا لا شك فيه أنَّ جبريل الشيخ قد استلهم التراث بوصفه نبعًا فيّاضًا وزاخرًا بالحكايات والخبرات والتجارب الإنسانية الممثلة لروح الجماعة، حيث يقدّم الاحتفال والفرجة ضمن المعطيات الشعبيّة التي تتحرك بعيدًا عن القواعد التقليديّة للمسرح الأرسطي، والنص الفرجوي عند الشيخ هو انعكاس للذاكرة الشعبيّة العربيّة بكل تجلّياتها، والتي تحوي قضايا الناس وذكرياتهم وممارساتهم في المواسم والساحات العامة والأسواق.
وفي هذا السياق تشكِّل تجربة الفنان (غنام غنام) إحدى التجارب المهمّة في الاشتغال على الفرجة الشعبيّة في المسرح الأردني، حيث تتنوَّع مرجعيّاته ومصادره التراثيّة بين الفنون الشعبيّة والحكايات والأساطير المرتبطة بالإنسان، وقد شكَّلت بالنسبة له مادة خصبة للتعبير عن هموم الحياة اليوميّة وحكمها وأهازيجها وفلسفتها وطقوسها، فمسرَحَ حكايات الناس وعبَّر عن اهتماماتهم، وجسَّد في مسرحيّاته روح الفرجة المسرحيّة بأشكال متعددة ومختلفة. ويرى غنام أنَّ الكاتب الذي ينهل من التراث أو التاريخ صاحب مهمّة من أصعب مهمّات الكتابة، لأنَّ مسرحة الأسطورة أو الحكاية أو أيّ نوع من مكوّنات التراث ليست مهمّة نسخ للمادة الأصليّة، بل هي تفكيك وإعادة إنتاج لشكل جديد من الأدب ينتقي فيه الكاتب مادته التراثيّة بصعوبة تفرضها بنائيّة الشخصيات والأحداث والمواقف التاريخيّة.
الفنان غنام غنام
أسَّس غنام رؤيته الفكرية والفنية للتراث انطلاقًا من مشاهداته المتنوعة للفنون الشعبيّة لاسيما فنون الحكواتي والمشخصاتيّة التي كان يشاهدها وهو صبيّ في فلسطين، إضافة إلى اضطلاعه وبحثه الدؤوب في الأصول التراثية للشعوب والأقوام الأخرى. وحول توظيفه للتراث في المسرح يقول: "إنَّ إعجابي بمسرح سعد الله ونوس ولقائي بالكاتب المبدع والمنقوع بنبيذ التراث المعتَّق جبريل الشيخ، قد فتح لي أبواب الدخول إلى عالم التراث من ناحية المسرح، وكانت التجربة الأولى المشتركة بيننا هي (اللهم اجعله خيرًا) من تأليفي وإخراجه، (...)، حاولنا مع جبريل الشيخ أن نقدِّم عرضًا جماهيريًّا ملتزمًا، ولم نكن قد قصدنا تقديم فرجة مسرحيّة، وحتى لم يخطر ببالنا بحثها، لكننا أردنا العمل على المسرح الملحمي والمسرح الفقير، وأظننا نجحنا ولم نكن الوحيدين الذين يعملون على ذلك، وكان ذلك عام 1986".
وفي مطلع عام 1990 وُلد (مختبر موّال المسرحي) في الوقت الذي أصبحت فيه الفرجة المسرحيّة والاحتفالية هاجسًا يطارد غنام، ويفرض نفسه في خياراته ومشاريعه المسرحيّة كافة، وكان شعار الولادة الجديدة للمختبر هو (مسرح لكلّ الناس) أي:
"مسرح:
- ليس للنخبة المشوّهة بالإسفاف.
- ليس للروح المطعونة بالاستهلاك.
- غير منقطع عن تجربة المسرح الأردني وروّاده السابقين.
- غير مغلق عن المعرفة والتجدُّد والإطلالة على تجارب الآخرين.
- حلم لا يرتبط بشخص، بل منهج يكتمل بالفعل المسرحي الذي يؤدّيه مجموع الفريق".
إنَّ عملية خلق مسرح لكل الناس تتطلب العودة إلى معطيات التراث وتوظيف ما في الواقع الإنساني في عملية الإعداد المختبري للعمل بمفرداته كافة، وذلك لتسجيل نبض الحياة ضمن سياقاتها الشعبيّة المتعددة، وهذا النوع من المسرح يبدأ بالنص، ويعمل على إكسابه دلالات متعددة التأويل تبعًا لثقافة المتلقي، وذلك بتقديم الفهم الأساسي للدلالة، دون لبس للحد الأدنى لثقافة الشارع، وإطلاق العنان لأبعاد الدلالة، وبشكل مستقيم متنام بما يتناسب طرديًّا مع ثقافة المتلقي، دون خدش القيمة الدرامية للدلالة، مع الاستغناء التام عن إرباك التأويل، المختلف جذريًّا للدلالة الواحدة؛ ذلك الإرباك الذي حوَّل الكثير من تجارب المسرح إلى طلاسم، وهذا المسرح يقدِّم قراءة للواقع المحلّي والعربي انطلاقًا من المعطيات التاريخية والإنسانية والنفسية، وذلك لإعادة إنتاج الوجدان الشعبي، مع ضرورة أن يصل إلى الجميع على اختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم الاجتماعيّة متجاوزًا حالة التعقيد التي يحفل بها المسرح المعاصر.
لقد قدَّم غنام آراءه حول الفرجة المسرحيّة على المستويين النظري والعملي، وينبغي الإشارة إلى أنَّ الفرجة أو الاحتفالية عند غنام قد ظهرت في أعماله بشكل واضح ومعلن ومقصود في أوائل التسعينات، وتحديدًا منذ بدأت تجربته على شكل العرض عام 1992 في مسرحيّة (مَن هناك؟) للأديب الأرمني الأميركي (وليم سارويان)، واستكملت التجربة بالعودة لبناء النص والشكل وطرائق التمثيل معًا في منظومة واحدة وذلك في التجربة المفصليّة (عنتر زمانو والنمر) عام 1993 والتي واجهت ردود فعل متباينة، واستمرّ المشروع بعدها في أكثر من عمل.
وانطلاقًا من النهاية التي آلت إليها مسرحيّة (عنتر زمانو والنمر) وفي ضوء استلهام الحكاية الشعبيّة نفسها، كتب غنام نصًّا فرجويًّا آخر هو (سهرة مع أبي ليلى المهلهل) عام 1994، حيث تأسَّس النص على تكنيك مشابه للتكنيك المستخدم في المسرحيّة السابقة، مع إضافات جديدة تقوم على رفع مستويات الأفعال الحركيّة والموسيقيّة والطقسيّة بما يتوافق مع الروح التراثيّة للعمل.
ومنذ البداية يؤكد غنام أنَّ العمل هو فرجة مسرحيّة مستوحاة من جنوح خيال السيرة الشعبيّة، ومن فنون الراوية والحكاية والقصيدة والغناء والرقص والتشخيص، ومن الروح الجماعيّة في إنجاز الأسطورة الشعبيّة، أمّا الفريق الذي سيلعب هذه الفرجة فهو فريق مكتمل، متجانس، متعدِّد الآراء، وأمّا الرُّواة فهم المجموع، والمجموع هو الفرد، بل ويقدِّم المؤلف أيضًا توجيهات لها علاقة بطريقة إخراج هذا النص.
وقد أظهر توظيف (غنام) للتراث الشعبي في مسرحيّة (سهرة مع أبي ليلى المهلهل) مدى تأثره بالجوانب والآفاق الشكليّة للسيرة، فقد برزت في المسرحيّة كثرة الأحداث وتعدُّدها لاسيما الأحداث الغرائبيّة التي تثير فضول المشاهد نتيجة لما تتَّسم به من كثرة الخوارق، وهي تحفل بالمفاجآت والمصادفات القدريّة العجيبة ممّا يثير التشويق، ونجد إلى جانب الحبكة الرئيسة في المسرحيّة أكثر من حبكة ثانويّة تتداخل معها، إضافة إلى كثرة الشخصيات التي تتوزَّع بين شخصيات بشرية عادية، وشخصيات بشرية تمتلك قوة خارقة لا يقدر عليها الإنسان العادي كالتحدُّث مع الحيوان أو التغلُّب على الخوارق كما ظهر من خلال شخصية (الزير سالم)، ومن خلال توظيفه للتراث، قدَّم (غنام) الإنسان على أنه مجموعة من العلاقات الاجتماعية تتغير مع الأحداث، وهو في رؤيته الفنيّة يخرج بعيدًا عن عذاب الإنسان الداخلي والمادي بوصفه فردًا أو رمزًا، ليحيلنا إلى الأسباب الموضوعية والتاريخية التي يسقطها على الواقع، والتي تصبح فيها الشخصية الرئيسة ممثلة للوعي الجمعي، وهذه الحالة تبلورت من خلال الصور التي ظهر عليها (الزير سالم) ودوره المحوري في الأحداث.
وبعد ظهور مسرحيّة (سهرة مع أبي ليلى المهلهل)، صدر عن فرقة مختبر موّال المسرحيّة (بيان الفرجة)، حيث جاء البيان استكمالًا لما جاء في بيان (مسرح لكل الناس)، وجاءت مسرحيّة (سهرة مع أبي ليلى المهلهل) لتحمل خلاصة الجهود المبذولة من قبل غنام في البحث عن شكل مسرحي عربي يبلور الفرجة المسرحيّة التي تعتمد على مكوّنات الثقافة والشخصية العربية وكل ما هو إنساني. وقدَّم غنام أيضًا -وبما يتوافق مع رؤيته للفرجة المسرحيّة- مسرحيّة (ما قاله الراوي عن معروف الإسكافي) عام 2000، وقد استلهم غنام في هذا النص حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة، حيث جاءت الأحداث لتعبِّر عن طبيعة الظرف السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بداية الألفيّة الثالثة. وفي عام 2002 كتب غنام وأخرج نص (تجليات ضياء الروح) الذي وصفه بأنه نص فرجوي بلغة صوفيّة لإثبات أنَّ نصّنا الفرجويّ هو نصّنا الكلاسيكي، فهو يقوم على تعشيق الفرجة بتقنيات المسرح الكلاسيكي.
ويرى الناقد (عواد علي) أنَّ غنام قدَّم في مسرحيّة (تجليات ضياء الروح) دراما متخيَّلة من أجواء التراث بطلها ملك شاب اسمه (ضياء الروح) يتوَّج حديثًا بعد وفاة والده، ويعلن زواجه من (فرط الرمّان)، وهي ابنة معلم وحكيم القصر (حكمة الزَّمان)، لكنه قبل زفافه يتعلق بطيف فتاة متخيَّلة اسمها (سرّ القمر)، فيُصاب بنوع من الانشطار، ويذهب به الخيال إلى أبعد تصوُّر لديه وهو اللِّحاق بـِ(سرّ القمر) في الليلة نفسها التي يكتمل فيها القمر، وتصادف ليلة زفافه، ممّا يخلق أزمة في القصر، وحين تتكرَّر المسألة تُصاب (فرط الرمّان) بالخيبة، فالملك الشاب لم يمنحها حقها الشرعي حتى الآن، وروحه ترفرف في مكان آخر. وهنا يذهب الظنّ بأبيها الحكيم إلى أنَّ روحًا شريرة قد سكنت (ضياء الروح)، فيستخدم علمه ومعرفته لطرد هذه الروح، وتبقى النِّهاية مفتوحةً، وللمتلقّي حريّة رسمها.
وكانت آخر مسرحيّات غنام التي قدَّمها للجمهور مونودراما (سأموت في المنفى) 2017 التي ظهر اشتغاله على الفرجة من خلالها واضحًا، وقد أرَّخ في مسرحيّته لسيرته الذاتيّة وسيرة العائلة ومعاناتهم من التهجير الذي نتج عن احتلال العدو الصهيوني لفلسطين.
غنام غنام في مونودراما (سأموت في المنفى)