ذكريات حرب
كاتبة أردنيّة
للمكان ذاكرة عبقة بتجاعيد الزَّمن وسحر الماضي وألق الحاضر... وحنين ممزوج بشوق لا ينضب، وحب خفي، وفتنة، تُغويك، فتجُرّك خطواتك لتتنسّم عبيرًا يحملك إلى إرث تاريخي موشوم بحكايات تُروى بين حين وآخر. هكذا هو شارع الحمّام في السلط؛ أيقونة جماليّة ممزوجة بعبير التراث، وحياة يوميّة نابضة تسري في تلك العتبات والزّوايا وأبواب المحلّات المصفوفة والدّرجات الكثيرة المتسلسلة هنا وهناك، وأصوات الباعة والمشترين والمارين فيه منذ الصباح الباكر حتى غروب الشمس، كلّها تروي لنا تفاصيل عراقة المكان، وأصالته التي تضفي عليه الكثير من السِّحر والرَّونق.
يُعدُّ (شارع الحمّام) أقدم الشوارع الحيويّة السكنيّة والتجاريّة في مدينة السّلط، مُشكلًا معلمًا بارزًا في الهويّة الحضاريّة الأردنيّة، مُحتفظًا بطابعه التراثي المعتَّق بالطراز المعماري النابلسي والحجر الأصفر إبان تأسيس الشارع في الفترة (1881- 1918)، فتوالت المحلات التجارية في الطوابق الأرضيّة، أمّا العليا فالشقق السكنية ذات الفتحات المُطلّة. ويتميَّز النظام الإنشائي للمباني بالعقود والقناطر والجدران السميكة والشبابيك بالأقواس المحدّبة والمدبّبة من الحجر الأصفر المتميّز في السّلط.
يحدِّثنا مدير مديرية سياحة محافظة البلقاء المهندس أيمن أبوجلمة قائلًا: "يقع (شارع الحمّام) في وسط مدينة السّلط القديمة، ويبلغ طوله 330م ممتدًا من ساحة العين إلى شارع الميدان، ويتراوح عرضه بين 4- 8م، وهو مخصَّص للمشاة فقط، وتعود تسميته لوجود حمّام تركي في ثلاثينات القرن العشرين، وكان الشارع يمتدّ من الساحة -فيها ثلاث عيون ماء للرجال والنساء ولشرب الدواب- حتى كراج خشمان مع بوّابتين رئيستين تُفتحان فجرًا، وتُغلقان مساءً، وكان موظف البلديّة يحرص على إضاءة الشارع ليلًا بقناديل الزيت. ويُقسم الشارع إلى قسمين: علوي، وكان يُستعمل لبيع الخضار والفواكه وباقي السِّلع، أمّا السفلي، فكان يُستغلّ لبيع المواشي والخيول. وتمَّ هدم الحمّام التركي مع بعض المباني مثل وكالة السُكَّر والسرايا العثمانيّة في العام 1965 رغبة في التجديد، وهذا أمرٌ محزن، لأنّ الناس في ذاك الوقت لم ينظروا إلى هذه المباني برؤية تراثيّة.
ويحظى الشارع بشعبيّة واسعة لما له من إرث تاريخي وسياسي واجتماعي، لأسباب متعدِّدة نذكر منها، ينابيع الماء في ساحة العين التي جذبت الناس للسَّكن والعمل فيه، والتي ارتبطت مع الشارع بنشاطاته وفعاليّاته، وهي من المظاهر البارزة المهمّة للسلط التاريخيّة، ودور العبادة والتجمُّعات السكنية، فضلًا أنّه كان قِبلةَ السياسيين والتجار إبان ازدهار مدينة السلط التي كانت حاضرة إمارة شرق الأردن بين العامين 1866 و1930، إضافة إلى أنّ الشارع يحتضن سوقًا كبيرةً للحرف اليدويّة التقليديّة المتوارثة عن الآباء والأجداد، والمهن التراثيّة المتنوعة، ومنها؛ مستلزمات الخيل، وتصليح الأحذية، والأجهزة المنزلية، وتصنيع الفراش العربي القديم، وتجارة الحبوب، والأعشاب، والعطور، وتصليح البوابير، وتصنيع الحلويات الشعبية يدويًّا، وأفران الخبز بأنواعه، والسلع الشعبيّة، مُلبّيًا لروّاده رغباتهم الشرائيّة حتى يومنا هذا، ولا نبالغ إذا قلنا إنَّ عدد زوّاره يتراوح بين أربعة إلى خمسة آلاف زائر يوميًّا".
ووضَّح المهندس "أبوجلمة" أنّ "شارع الحمّام" التراثي يقع ضمن منظومة المسار السياحي، لأنّه يربط بين أهم المعالم المعمارية والتاريخية للمدينة، وقامت وزارة السياحة الأردنية وبلدية السلط بتحديثه وترميم مبانيه في العام 2010 حيث تمَّ استغلال الأجواء التراثية بغية إعادة إحياء التراث القديم، وهو المشروع الأوَّل ضمن مشاريع السياحة في الأردن.
ومن أهم المسارات التراثية لشارع الحمّام وجواره؛ مسجد السلط الكبير المعروف باسم "المملوكي"، والذي تعود أصوله إلى العصر المملوكي، وهو أنموذج للطابع العمراني الإسلامي المميَّز، وتمَّت الإشارة إليه في كتب الرحّالة "ستزن" و"بيركهارت"، ومسجد السلط الصغير الذي تبرَّع في بنائه أهالي السلط عام 1906، وكنيسة اللاتين والخضر التي تُعدُّ من أقدم الكنائس، و(بيت أبوجابر) الذي تعود ملكيّته إلى (صالح الناصر أبوجابر) الذي قدم من الناصرة، وقام النابلسي الحاج عبدالرحمن عقروق ببنائه في 1892 حتى 1906، وهو تحفة معماريّة تتكوَّن من ثلاثة طوابق، استُخدم الطابق السفلي مستودعًا للمؤن والحطب والتبن وخانًا للحيوانات، أمّا الطابق الأول فكان للمضافة والولائم، وقد حلّ فيه الأمير عبدالله الأوَّل ضيفًا مدة ثلاثة أشهر عند إعلان الثورة العربية الكبرى في العام 1916، واستملكت وزارة السياحة والآثار بيت أبوجابر في العام 2003 ودفعت لأصحابه الأجرة، وتمَّ ترميمه، وتحويله إلى متحف السلط التاريخي، وعلى المسار السياحي نفسه تقع قلعة السلط التي يعود بناؤها إلى العام 1220م في عهد الملك عيسى بن العادل بن أبي بكر بن أيوب، كما يتضمَّن المسار ترميم واجهات أبنية تراثية يزيد عمرها عن 150 عامًا.
ويتابع المهندس قائلًا: "من جهة أخرى، فقد تعاونت بعض الجهات المحليّة والدوليّة عام 1994 في الشأن التراثي بعد دراسة مستفيضة قامت بها الجمعية العلمية الملكية في العام 1990 وأحصت ما يقارب 657 مبنى تراثيًا، ومنها كما ذكرتُ سابقًا (بيت أبوجابر)، وساحة العين التي طُرحت فيها عدة مشاريع مع الوكالة اليابانية للإنماء الدولي "جايكا"، ومشروع آخر مع البنك الدولي لترميم الواجهات المعمارية الخارجية لأربعة مجمعات سكنية؛ الساكت، والسكر، والخطيب، وأبوصرهد. وعلى الرّغم من تحفظ الكثيرين على عمليات الهدم والترميم إلا أنّ هذه العمليات لأجل توسيع الشارع والساحة بسبب الضغط الهائل الذي تتعرَّض له المنطقة. ولا شك أنّ الهدف من المشاريع السياحية يصبّ في الحفاظ على الطابع المعماري والتراثي للمدينة، وقد قمنا عن طريق وزارة السياحة والآثار وبالتعاون مع بلدية السلط الكبرى وجهات أخرى محلية ودولية بتبليط الشارع بالبلاط الحجري، ورمَّمنا شوارع البلدية العلوي والسفلي، والميدان، والخضر، والساحة المقابلة لكنيسة الخضر التي تحوَّلت إلى ملتقى للزوّار والسيّاح، وتنظيف واجهات الحجر، وإزالة الآرمات العشوائيّة، واستبدال الأبواب للمحلات التجارية بأبواب خشبيّة، وتركيب مظلّات وآرمات تتناسب مع الطابع التراثي".
• كنيسة الخضر
في شارع الخضر الذي يرتبط بـ(شارع الحمّام) بدرج طويل، التقينا مع عضو لجنة أوقاف كنيسة القديس جاورجيوس الأرثوذكسية المعروفة بالخضر السيد هاني فنوش الدبابنة الذي روى لنا قصة مشوقة في بناء الكنيسة عام 1682م: "تأخَّر أحد الرُّعاة البسيطين وينتمي لآل حداد في العودة ليلًا إلى القلعة (نقصد قلعة السلط التي تبعد عنّا 400م)، والتي كانت تُغلق أبوابها قبل مغيب الشمس، فاضطرَّ أنّ ينام في منطقة حرجيّة مليئة بالذئاب، وفي الصباح عندما قدم عليه قومه، أخبرهم أنّ رجلًا يمتطي جواده وبيده حربة كان يحرسه في الليل، (يُقال إنّه القديس جاورجيوس) مُشيرًا إلى هذا المكان المقدَّس، وبعدما رأوا أنّ الأغنام لم يصبها مكروهًا في المغارة التي استتر فيها، أيقنوا بصحّة كلام الراعي، وبُنيت الكنيسة في هذا المقام، وما زالت المغارة التي خرج منها القدّيس ليلًا موجودة. وللكنيسة حكايات مباركة كثيرة، ففي الزمن البعيد، كانت النساء تأتي للصلاة طلبًا للغيث، وما إنْ يعدن إلى بيوتهنّ، حتى يستقبلن المطر بفرحة غامرة، وفي إحدى الليالي اتصل بعض الجيران يتساءلون عن صهيل الحصان الذي يسمعونه، وعندما جئنا لم نجد شيئًا. وحدث أنْ فاحت رائحة عطر عذبة لأكثر من ثلاثة أشهر دون أن نعرف مصدرها، كما تساقط من جوانب المغارة زيتًا منذ عشر سنوات، وبحثنا مع الجهات المسؤولة في الأمر، ولم نعرف مصدره قط. إنّ كنيسة الخضر نموذج حقيقي للتعايش بين المسيحيين والمسلمين الذين يأتون أحيانًا للصلاة فيها، هي مزيج من التوافق الاجتماعي بين أهالي السلط الذين لم يتردَّدوا في التبرُّع للكنيسة لترميمها في العام 2004".
• سوق الإسكافيّة
يقع سوق الإسكافيّة في منتصف شارع الخضر المرتبط بـ(شارع الحمّام)، وسمّي بهذا الاسم نظرًا لأنّ الشارع ممتد بمهنة تصليح الأحذية وصناعتها، يقول (خضر قسطندي الفار): "يعتبر هذا المحل هو الأول في السلط، فقد افتتحه والدي في العام 1950 بعد قدومه من الرملة، ثم ورثت المهنة عنه، واستلمت المحل في ثمانينات القرن الماضي مع أخي الذي فارقنا عام 1999م. هي مصدر رزقنا. ولا ننكر أنّ هذه الحرفة لم تعد كما كانت فالأذواق تغيَّرت من جهة، وعمليات الهدم والتطوير السياحي، ورحيل معظم المؤسسات والدوائر الحكومية والوزارات خارج المنطقة للتوسعات التي تنتهجها وزارة السياحة من جهة أخرى".
• محلّات الحلويّات
"الحارس" و"النابلسي"
في الشارع التراثي، استضافنا المهندس (لؤي الحارس)، وقدَّم لنا حلويات (شعيبيّات) قائلًا: "محل (الحارس) الموجود منذ 1868م، ويزيد عمره عن 133م، هو أقدم محل حلويات في المملكة، لقد ورثنا المهنة عن أبينا وأجدادنا، فهذه المهنة لها الفضل فيما وصلنا إليه من حياة كريمة علمية واجتماعية. كنا نعمل كل الحلويات التي كان يعشقها الناس في السابق يدويًا مثل؛ شعيبيّات وكنافة من دون جبنة وصرَّة بنت الملك وقطايف وغرَيْبة وهريسة، لكن في الوقت الحاضر تركنا بعض هذه الأصناف لأنّها لم تعُد مطلوبة، ولعلَّ (الشعيبيّات) أكثر الحلويات طلبًا. وربّما سُميت بهذا الاسم نسبة إلى شهر شعبان، وأذكر أنّ والدي كان يذهب إلى بيت العريس أو العروس لعمل عجين الحلويات، وبعد الانتهاء من عملها، يقدِّم السِّدر الأوَّل للعروسين. وقد أخبرنا والدي أنّ الأمير عبدالله الأوَّل عندما كان يحلّ ضيفًا عند أحد في السلط، كانوا يرسلون في طلب حلويات (الحارس)".
وفي محل قطايف (النابلسي) الذي تمَّ افتتاحه في مطلع القرن العشرين، عشنا تفاصيل الجدّ (أبوأحمد) الذي كان يعمل تاجرًا للأقمشة وبضائع أخرى في نابلس، لكنه قرَّر أن يستقر في السلط التي كانت تابعة لمدينة نابلس إداريًّا، وفي أربعينات القرن الماضي تسلّم الابن (يوسف عفيفي النابلسي) إدارة المحل، وبدأ ببيع الحمص ومنتجات الألبان، إذ كان يقوم بشراء الحليب الطازج وينتج منه الألبان والأجبان. وفي الستينات بدأ والد (أبو أحمد) بإنتاج القطايف الرمضانية بحشوات الجبن والجوز، حيث قام بإعداد طاولة خبز بسيطة مستخدمًا برميلًا من الصفيح يوضع بداخله حطب لإشعال النار، وكان سعر كيلو القطايف آنذاك قرشًا ونصف. وفي أواخر الثمانينات، تسلَّم صالح (أبو أحمد) إدارة المحل، وقرر فتح مطعم لبيع الساندويشات والحمص والفلافل والباذنجان المقلي، مثل جدّه، لكنه لم ينجح في الساندويشات، وقرر العودة لبيع القطايف، ليس في رمضان فحسب، بل كل يوم جمعة كما فعل والده من قبل، وبعد اعتياد الزبائن على توفر القطايف على مدار العام، بدأ (أبو أحمد) بتوفيرها يوميًا. ويُعد محل النابلسي واحدًا من المحلات القليلة في الأردن التي تصنع القطايف على مدار العام، ويأتي إليه الزبائن خصيصًا من المناطق القريبة، فقد كان يبيع ما يقارب مئة كيلو غرامًا من القطايف في رمضان، مستخدمًا الوصفة النابلسية الأصلية التي ورثها عن والده.
• عطارة (أبو حامد)
على الرّغم من الازدحام الذي رأيناه بأم أعيننا طوال اليوم أمام محلّه، إلا أنّ العطّار (أبوأحمد أبوحويلة) استطاع الحديث معنا موضحًا أنّ المحل يشهد كل يوم ازدحامات كثيرة ربما لأنّ الناس أصبحت تدرك أهمية الأعشاب في حياتنا، وهو –كما يقول- الأمر الذي تتبعه ألمانيا على سبيل المثال، فهي تعتمد على الأعشاب في صناعة الأدوية لرعاياها، مُضيفًا: إنّ مصنع الأدوية في السلط استملك أراضٍ لزراعة الأعشاب، فالعالَم يعود إلى الطبيعة، إلى الأعشاب للوقاية، في حقيقة الأمر، فإنّ تجارة الأعشاب تزدهر بشكل كبير.
ولدى سؤاله عن المحل قال لنا: "استقرَّ والدي في الأردن عام 1938، وكان يعمل فنيًّا في مطار ماركا، لكنه بعد ذلك توجَّه إلى التجارة، ففي العام 1945م افتتح المحل الذي تطور عبر السنين، وعرفه الناس من خلال الوصفات التي كان يصفها والدي ويعدّها، أذكر أنّ هذه المهنة لها جذورها في أجدادنا، كأنّها خبرة تسري في العروق، ونرثها نحن الأبناء عنهم، حتى ابني المهندس أحمد ورث عني المهنة، ويعمل حاليًا معي". ولمّا سألنا الابن عن شعوره أجاب أنّه مرتاح جدًا ويشعر بعلاقة وثيقة بينه وبين المحل والناس، وأضاف: "ها هم إخوتي يأتون إلى المحل ليتعلموا، ربما أصبحنا نسلك الطريق نفسه".
• الأدوات المنزليّة القديمة
محلات (برجوس) و (الأدهم)
وللأدوات المنزلية القديمة مكانة بارزة في المحلات المتراصة في (شارع الحمّام)، و(برجوس) إحداها، يبين لنا (حسان برجوس) -بكالوريوس إدارة الأعمال- أنّ محله يختص ببيع الأدوات المنزلية القديمة والجديدة، وقد ورثه عن أبيه وجدّه، ولا يزال محتفظًا بطابعه والحجر الأصفر الذي تتميز به معظم محلات (شارع الحمّام). ويقول: "هذه المهنة مصدر رزقنا، عمر المحل يزيد عن سبعين عامًا، وهو الأوَّل في بيع الأدوات المنزلية القديمة التي كانت تستخدمها العائلات في ذاك الوقت مثل؛ البابور، ولوكس الكاز، والبريموس، والمصابيح القديمة، والأباريق القديمة، وأواني الفخاريات كالصحون والأكواب والطناجر، وزير الماء، وغيرها من الأدوات التي تخطر على البال. للقديم دومًا رونقه، وهناك كثيرون ممَّن يرغبون في اقتناء هذه الأدوات كتحف وزينة خاصة في المجالس التراثية القديمة". وعندما سألناه عن فئات الناس التي تقتني هذه الأدوات أجاب: "معظم المشترين ممَّن يتجاوزون الخمسين، أمّا الجيل الحالي فلا يملك أيّ فكرة عن هذه الأغراض المنزلية".
أمّا (ضرار عادل الأدهم) الذي ورث عن أبيه وأجداده محل الخُردوات، فهو يشعر بالقلق والخوف من ضياع التراث أمام التحديات الكبيرة وعمليات الهدم والترميم وهجرة بعض العائلات السلطية، وتسليم محلاتهم للوافدين؛ ممّا يهدِّد هذا التراث بالاندثار، يقول: "بعض أصحاب المحلات ما زالوا يحتفظون بها ويعملون فيها بعد أنّ ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، لكنها لا تعدو أكثر من ثلاثين محلًا، مقارنة بالمحلات التي في الشارع والتي تتجاوز المئتين".
وعن طبيعة محله، يقول (الأدهم): "ورثت المحل عن أبي وجدّي، فقد بُني في العام 1909، وعندما استلمته لم أغيِّر فيه شيئًا، ولا أخفي عنكم أنني أصرف عليه من جيبي لأنّه تحفة تراثية، ولا أرغب في التفريط به على الإطلاق. نحن مسؤولون عن هذا التراث، ويجب على الجميع أنّ يتحمَّل هذه المسؤولية".
***
في الختام، تجدر بنا الإشارة إلى أنّ لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، خلال دورتها الـ(44) التي عُقدت في الصين "افتراضيًّا"، قرّرت الموافقة على إدراج مدينة السلط "مدينة التسامح والضيافة الحضاريّة" على قائمة التراث العالمي. وتُعدُّ السلط أنموذجًا ملموسًا في العلاقات الاجتماعية المنبثقة من التكافل بين الأسر السلطية والزوّار، والتعايش والتآخي والتسامح بين الأديان، والوئام والعيش المشترك.