عامر الصمادي
إعلامي ومدرب دولي ومترجم وكاتب أردني
amer2003@hotmail.com
حول عدم نجاح كثير من الإعلاميين الذين يظهرون على الشاشات هذه الأيام، وأمام فقدان الجمهور لثقته بالإعلام بشكل عام، يقول الإعلامي الفذّ عدنان الزعبي ملخِّصًا الكثير من الكلام: "الإعلام رسالة؛ الكلمة والصوت والصورة هي وسائلها، والحقيقة ذخيرتها، يحملها مَن يحبّها ويؤمن بها، فإذا ارتاح الجمهور لحامل الرِّسالة صدَّقوا مضمونها لأنَّها تكون قد وصلت وأحدثت تأثيرها".
فأين نحن من هذه القاعدة؟
يُعتبر الإعلامي المتميِّز عدنان الزعبي واحدًا من ألمع نجوم الشاشة والراديو في الأردن، حيث ترك بصمة واضحة على الأداء الإعلامي، وكان بحقّ من أكثرالمذيعين رسوخًا في ذهن المشاهد والمستمع الأردني والعربي، ويرجع ذلك لأسباب عديدة منها أنه يتمتَّع بكاريزما خاصة على الشاشة وصوت قوي واضح ومخارج حروف متميِّزة، فكان نطقه للكلمات يختلف عن غيره، إضافة إلى إتقانه للُّغة الإنجليزية التي درسها بجامعة دمشق وتخرج فيها عام 1972، ناهيك عن وسامته وأناقته اللافتة للنَّظر، كلها عوامل ساعدت في تشكيل هالة حقيقيّة حوله كإعلامي متميِّز، ومَن أسعده الحظّ بالتعرُّف إليه عن قرب سيزداد محبّة له؛ فهو دافئ العلاقة مع الآخرين، حلو اللسان والمعشر وطيِّب القلب، لكنّه مع ذلك حازم صارم عندما يتعلق الأمر بالعمل، يصرُّ على المهنيّة أوّلًا ولا يتنازل عن تقديم الأفضل، إلّا أنَّ حزمه يأتي بأسلوب هادئ دون علوّ الصوت أو استخدام الألفاظ الجارحة والمؤذية؛ ممّا يجعل مَن يتعامل معه يحمل له الكثير من مشاعر الودّ والاحترام.
تعود معرفتي به إلى بدايات تفتُّح الوعي على الدنيا عندما بدأتُ أتابع التلفزيون وأهتمّ بالسياسة من خلال متابعة نشرات الأخبار، فكان عدنان الزعبي من الذين أحبُّ متابعتهم والاستماع إلى الأخبار منهم نظرًا لما ذكرتُه سابقًا عن تلك الكاريزما التي يتمتَّع بها. وبعد عملي بالتلفزيون في بداية التسعينات من القرن الماضي أصبحتُ ألتقي به بين الفينة والأخرى، لكنَّ العلاقة تعمَّقت بعد أن تولى إدارة القناة الفضائيّة الأردنيّة، وما زلتُ أذكر مواقفه الدّاعمة لي كلّما صدر لي كتاب جديد أو نشرتُ مقالًا أو ترجمةً ما في الصُّحف، حتى إنه ذات يوم وبعد صدور إحدى المجموعات القصصيّة لي بادرني بالقول: "كيف تجد الوقت لكل ذلك؟"، خاصة أنَّني كنتُ في بدايات الشباب وزملائي بالعمل الذين يعرفهم يقضون أوقاتهم بالسهر واللهو والتمتُّع بالشُّهرة التي اكتسبناها تلك الأيام قبل انتشار الفضائيّات. وأذكر أيضًا كيف كلَّفني ذات يوم وفجأة بتقديم حلقة خاصة كانت عبارة عن لقاء مع سبعة من رؤساء اتحادات الأدباء والكُتّاب العرب الذين كانوا يعقدون مؤتمرهم في عمّان، وكان مقرَّرًا أن يقدِّمها زميل آخر، لكن لا أدري لماذا غيَّرَتْ الإدارة رأيها، ولم يكن قد بقي على موعد بثّ اللقاء على الهواء مباشرة سوى أقل من ساعتين، وعلى الرّغم من صعوبة الموقف يومها إلا أنه كان هادئًا وهو يقول لي: "أنا واثق أنك ستبدع اليوم"، وبالفعل قدَّمتُ ذلك اللقاء الذي استمرَّ ساعة ونصف وتطرَّقتُ فيه إلى الكثير من القضايا التي تواجه الحركة الثقافيّة والأدبيّة في الوطن العربي، وساعدني جدًا يومها أنني كنتُ أحضر معظم الأنشطة الثقافية بما في ذلك مؤتمر اتحاد الأدباء والكتاب العرب الذي يُعقد في عمّان، فكانت مغامرة منه باختياري ومغامرة منّي بالقبول، لكنَّ الله وفّقني يومها ممّا زاد من ثقته بي، حتى إنه عندما عاد مديرًا عامًا للإذاعة والتلفزيون بعد تلك الحادثة بحوالي سبعة عشر عامًا استدعاني بعد أيام من تولّيه المسؤولية وطلب منّي أن أفكر ببرنامج كبير يكون فريدًا من نوعه ومتميّزًا بمضمونه، فكان برنامج "يا طير" للمغتربين والذي استمرَّ حوالي عشر سنوات بالتلفزيون، ثم أوقفه أحدهم دون أيّ سبب مهني. وقد سخَّر الزعبي كل الإمكانيات الممكنة لإنجاح البرنامج على الرّغم من شحِّها وكثرة المتهافتين الذين تداعوا عليه لإفشال مهمّته، ولأنَّ طبيعة البرنامج تتطلّب السفر إلى الكثير من البلدان للقاء المغتربين الأردنيين ومع عدم توفر الموازنة اللازمة فقد طلب مني أن أسخِّر علاقاتي مع التلفزيونات العربية بحيث نخفِّف التكاليف على التلفزيون الأردني، فكنتُ أتواصل مع زملائي هناك لأحصل على كل الإمكانيات الفنيّة دون مُقابل، بل حتى إنهم كانوا يغطّون تذاكر السفر والإقامة وأنا لم أكن أتقاضى مياومات عن سفري، فكانت التكلفة صفر بالنسبة للتلفزيون الأردني. حتى إنَّ الزعبي أصبح يفتخر بذلك أمام العاملين قائلًا لهم: "حبذا لو أنَّ لدينا عشرين واحدًا مثل عامر الصمادي لتغلّبنا على أزمتنا الماليّة وقدَّمنا أفضل البرامج".
استطاع عدنان الزعبي أن يصل إلى أعلى المناصب الإعلاميّة في الأردن بالتسلسل الوظيفي وبمهنيّته العالية، فأصبح مستشارًا إعلاميًّا لرئيس الوزراء عام 2002 وقبلها عُيِّن أمينًا عامًا لوزارة الإعلام، وأحيل إلى التقاعد وهو في عزِّ عطائه وكان قبلها مديرًا للمحطة الفضائيّة الأردنيّة بين عامي 1996 و1999.
في عام 2011 تمَّ تعيينه مديرًا عامًا للإذاعة والتلفزيون لمدة لم تتجاوز أحد عشر شهرًا كان خلالها من أفضل المدراء الذين تعاقبوا على المؤسسة لأنه ابن المهنة ويعلم متطلّباتها وخفاياها، لكن بسبب مهنيّته وعدم الرضوخ للمطالب الشخصيّة والواسطة تمَّت الإطاحة به بإحالته على التقاعد مرَّة أخرى قبل أن يتمكّن من تنفيذ الكثير من الأفكار والتصوُّرات التي وضعها للنهوض بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، لكنَّ قرار التقاعُد سرعان ما أُلغي وعاد الزعبي مديرًا عامًّا في حادثة تكاد تكون الوحيدة من نوعها في الإدارة العامة الأردنيّة.
• بدايات العمل الإعلامي
• الإذاعة
يقول عدنان الزعبي عن بدايات التحاقه بالعمل في الإذاعة الأردنية عام 1973 وهو العائد حديثًا من دمشق ويسكن مدينة الرمثا بأقصى شمال الأردن بعيدًا عن العاصمة عمّان:
"بعد التخرُّج في الجامعة أخبرني أحد الأصدقاء أنَّ الإذاعة الأردنية أعلنت عن حاجتها لمحرّرين ومذيعين، فقدّمتُ طلبًا وخضعتُ لامتحان وبعدها حصلتُ على الوظيفة. وبعد ستة أشهر نُسِّبتُ لدورة مذيعين مدّتها ستة أشهر أغلبها ميداني، وقد حصلتُ على المركز الأوّل في هذه الدورة، التي تبعتها دورة إنتاج وإخراج في بريطانيا مدّتها أربعة أشهر في أعرق الإذاعات العالميّة (BBC).
بعد ذلك تمَّ تعييني في قسم جديد أراده معالي الأستاذ مروان دودين -مدير الإذاعة آنذاك- بديلًا عن التعليقات السياسية، وسُمِّي القسم الجديد "قسم البرامج الإخباريّة" وكنّا نقدِّم من خلاله برنامج "شريط الأنباء" يوميًّا بعد نشرة أخبار الثانية ظهرًا، بالإضافة إلى برنامج أسبوعي باسم "حدث الأسبوع". وكان برنامج "شريط الأنباء" وقتها نقلة نوعيّة في البرامج الإخبارية وكان له ثمانية عشر مندوبًا في عواصم العالم؛ لندن، باريس، واشنطن، بون، وموسكو، وفي عدد من العواصم العربية.
كان الأستاذ عبدالسلام الطراونة رئيسًا للقسم وكنتُ مساعدًا له، وعندما تمَّ تعيينه مديرًا للأخبار أصبحتُ رئيسًا لهذا القسم. وكنتُ في الوقت نفسه أقرأ نشرات الأخبار، وأقوم بإعداد وتقديم البرامج المختلفة مثل "حدث الأسبوع"، "الساعة الثالثة"، "شراع النغم" وغيرها. ثم عُيِّنتُ كبيرًا للمذيعين".
ولا يخفي الزعبي فخره بأنه كان من الجيل الثاني الذين أسَّسوا العمل الإذاعي وأنه تتلمذ على أيدي نخبة من الكبار؛ مفكرين وسياسيين وأدباء وشعراء ومحترفين كالأساتذة: سليمان المشيني، معاذ شقير، عائشة التيجاني، محمود الشاهد، عبدالرحيم عمر، عزالدين المناصرة، بسام عازر، صالح ريان، إبراهيم الذهبي، عصمت النشاشيبي (زوج المذيعة الراحلة كوثر النشاشيبي)، طارق مصاروة، جبر حجات، سلامة محاسنة.
- حُسن اختيار الكوادر
وحول طريقة اختيار العاملين في الإذاعة والتلفزيون في ذلك الوقت، وعدم السماح للواسطة والمحسوبيّة بالتدخُّل في اختيار الأكفّاء يقول الزعبي:
"عندما تقدَّمتُ بعد تخرُّجي للعمل في الإذاعة الأردنية، أخبرتُ أحد الأصدقاء بالأمر فقال إنَّ مدير الإذاعة صديقه (وكان وقتها الأستاذ مروان دودين)، فأعطاني "كرته" وقال سلِّمه لصديقي، وفعلًا حملتُ "الكرت" وطلبتُ مقابلة المدير وسلَّمتُ عليه وقلتُ له: "هذا الكرت من صديقك فلان"، قرأه وضحك وقال لي: "قُل لصديقي العزيز إنَّ هذه مهنة وليست وظيفة، وهناك شروط يجب أن تتوفر في الشخص المطلوب وسيتضح هذا الأمر من خلال امتحان تحريري وامتحان صوت وصورة، فإذا اجتاز الشخص هذين الامتحانين نجح في الحصول على العمل في الإذاعة"، وأضاف: "اذهب وقدِّم طلبًا واعمل المطلوب وستأتيك النتيجة"، وهذا فعلًا ما حدث.
بعد عشرين يومًا من تقديم الامتحانين وصلني كتاب مدير الإذاعة بأنني قد نجحتُ وعليّ الالتحاق بعملي في الأول من تشرين الأول عام 1972".
- التأهيل المطلوب
وحول ما يشاهده عدنان الزعبي هذه الأيام من انتشار الإذاعات والتلفزيونات الخاصة دون مراعاة لحسن اختيار المذيعين والمذيعات، ومقارنته مع ما مرّ به جيله من مراحل بالاختيار ثم بعدها بالتأهيل والتدريب، يقول:
"التحقتُ بالعمل ودخلتُ في دورة مدتها ستة أشهر أغلبها ميداني وبعد فترة تبعتها دورة في بريطانيا مع الـBBC في كل فنون العمل الإعلامي من إنتاج وإخراج ومونتاج وتحرير الأخبار وقراءتها. وكلما أتيحت لي فرصة لتعلُّم فن جديد من فنون العمل الإعلامي أقوم بذلك، ومع ذلك أشعر دائمًا أنني بحاجة إلى المزيد، بينما يسوؤني ما أجده هذه الأيام من وضع أشخاص غير مؤهلين على الشاشات أو وراء الميكرفونات دون تدريبهم بشكل جيِّد؛ الأمر الذي ينعكس على مستوى الأداء".
- التدريب التجريبي
أمّا بعد التدريب الجيد وقبل البدء الفعلي بالعمل فقد كان النظام المعمول به هو ألا يُسمح لنا بقول "هنا عمّان إذاعة المملكة الأردنيّة الهاشميّة" إلّا بعد توزيعنا لمرافقة المذيعين الأقدم والذين أصبحوا محترفين، ونبدأ بدخول الاستوديو معهم دون أن نتفوّه بأيّ كلمة، علينا فقط أن نعيش الأجواء لمدة ثلاثة أشهر، ومن بعدها يقدِّم المذيع المحترف تقريرًا عن وضع المتدرِّب وقدراته وبماذا ينصح في مجال قدرته على العمل.
• الانتقال إلى التلفزيون
بعد سنتين من العمل الإذاعي انتقل الزعبي إلى التلفزيون -وكانت الإذاعة يومها مؤسسة مستقلة عن التلفزيون لكل منها مديرها- لكن كانت عيون المدراء مفتوحة على الكفاءات الموجودة في المؤسسة الأخرى، ويبدو أنَّ هناك ظرفًا ما أجبر التلفزيون على الاستعانة بالإذاعة لتقديم نشرات الأخبار، وعن ذلك يقول عدنان الزعبي:
"صدفة أخرى عندما هاتفني المرحوم الأستاذ جورج حداد الذي كان وقتها مديرًا لأخبار التلفزيون، وقال: "لو سمحت إلبس أواعيك وتعال مشان تقرأ نشرة الساعة الثامنة"، وكان ذلك سنة 1975. وعلمت فيما بعد أنَّ الزميل منير جدعون اختلف مع الأستاذ جورج وغادر المؤسسة غاضبًا. عندما دخلتُ الاستوديو مع الزميلة الأستاذة لمياء النمري وجلسنا على مقاعدنا كانت الساعة أمامي تقترب من الثامنة، وأخذ قلبي يخفق لدرجة أنني كنتُ أسمع نبضاته بأذني، وما هي إلا دقائق حتى استقرَّت الأمور وأكملنا نشرة الأخبار، ومن يومها استمرَّت المسيرة في التلفزيون وفي الوقت نفسه كنتُ أتعاون مع الإذاعة في قراءة نشرات الأخبار".
وبالإضافة إلى نشرات الأخبار أعدَّ الزعبي وقدَّمَ مجموعة من برامج المقابلات مثل برنامج "لقاء الاثنين"، وبعده البرامج الوثائقية ومن أهمها برنامج عن البتراء بالتعاون مع التلفزيون الإسباني وقد تمَّت ترجمته إلى عدة لغات، وسافر الزعبي إلى مدريد برفقة الزميل المخرج سميح يوسف للإشراف على إنتاج البرنامج.
وبعد فترة أعدَّ برنامجًا تلفزيونيًّا خدميًّا تحت عنوان "لقاء الأربعاء" وكان شبيهًا ببرنامج "اللقاء المفتوح" في الإذاعة، وقدَّم عددًا من البرامج المنوَّعة والثقافيّة والخاصة.
كما قدَّم مع الزميلين جمان مجلي وسلامة محاسنة أكثر من مئتي حلقة وثائقيّة من إنتاج إذاعة BBC حملت عنوان "الجامعة المفتوحة".
• الزيارات الرسميّة الملكيّة والمناسبات الوطنيّة
اختير عدنان الزعبي لمرافقة جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه، وفيما بعد جلالة الملك عبدالله الثاني أطال الله بعمره ولمدة اثنين وعشرين عامًا لتغطية الزيارات الرسميّة الملكيّة لدول العالم، بالإضافة لتغطية مؤتمرات القمّة العربيّة والمناسبات الوطنيّة، ولعلَّ أبرز ما يذكره الأردنيون من أبناء الأجيال السابقة اختياره للتعليق على وصول الراحل الكبير الحسين بن طلال عند عودته من رحلة علاجه الأولى من مرض السرطان عام 1992، حيث خرج عشرات الآلاف من الأردنيين إلى الشوارع لاستقباله من مطار ماركا بعمّان وحتى القصور الملكيّة، وقام التلفزيون الأردني بنقل مراسم الاستقبال على الهواء مباشرة وكان المعلِّق الرئيس هو عدنان الزعبي الذي افتتح حديثه يومها مخاطبًا الحسين (دعني أقبِّل عينيك، فعيناك.....)، وبقيت هذه العبارات تتردَّد على مسامع الأردنيين لسنوات إلى أن توفي الحسين رحمه الله.
• الإدارة الإعلاميّة
وفي عام 1996 عُيِّن مديرًا للمحطة الفضائية الأردنية، وكان بثها آنذاك منفصلًا عن التلفزيون الأردني الذي كان محطة أرضية. وكان فيها عدد قليل من الموظفين وتعتمد على برامج التلفزيون في الغالب، وعندما غادرها كان بها خمسة وثلاثون محترفًا من المذيعين والمذيعات والمخرجين والمنفذين والمعدّين. ويستذكر الزعبي عددًا من البرامج التي يعتزّ بها خلال إدارته للمحطة الفضائية الأردنية مثل برنامج "المقهى الثقافي" وهو من إعداد وتقديم إكرام الزعبي، وبرنامج "عالهوا سوى" إعداد وتقديم أسيل الخريشا وأيمن الزيود، وبرنامج "من عمّان مع التحيّة" إعداد وتقديم إخلاص يخلف ومحمد الوكيل، وقد اتصل جلالة الملك الحسين رحمه الله به وأعرب عن دعمه للقناة الفضائيّة وارتياحه لبرامجها، وكان جلالته وقتها في "مايوكلينك" للعلاج.
في عام 2000 نُقل الزعبي إلى وزارة الإعلام أمينًا عامًا بالوكالة، لكن الوزارة أُلغيت فيما بعد حيث عُيِّن بعدها مستشارًا إعلاميًا لرئيس الوزراء ثم أحيل إلى التقاعد.
وفي عام 2011 عاد مديرًا عامًا لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، كما أسلفنا، وكان ذلك بناء على خطة قدَّمها قبل التعيين مدتها ثلاث سنوات، لكنَّ الحكومة لم تمهله لاستكمال الخطة، ومع ذلك حققت المؤسسة العديد من الإنجازات والتقدُّم البرامجي والإخباري في السنة التي خدم بها في هذا المنصب، ومنها إثارته لقضيّة الوضع التكنولوجي لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، حيث قدَّم شرحًا وافيًا لجلالة الملك عبدالله الثاني حول الوضع التكنولوجي المتردّي للمؤسسة، وكيف أنَّ الأقمار الصناعية أنذرت الأردن بأنَّ هذه الأقمار لن تكون قادرة على استقبال إشارة البث للفضائيّة الأردنيّة لأنَّ البثّ كان بالنظام القديم (آنالوغ- Analogue)، وقدَّم الزعبي بعدها دراسة لضرورة وكيفيّة تجديد هذا النظام، فأمر جلالة الملك بتخصيص مبلغ واحد وعشرين مليونًا لتجديد كامل التكنولوجيا بنظام HD بناء على الدراسة التي قدَّمها.
ومن البرامج التي يعتزّ بها الزعبي في تلك الفترة، برنامج "اللقاء الثالث" من إعداد وتقديم الزميل جهاد المومني والذي استضاف به عددًا من كل أطياف المعارضة. وقد اعترض دولة رئيس الوزراء آنذاك على الحلقة الأولى من هذا البرنامج، ولكنه عاد ووافق على استمرار البرنامج بعد أن شاهد الحلقة.
وهناك أيضًا برنامج مهمّ وهو برنامج "يا طير" إعداد وتقديم عامر الصمادي الذي كان صلة وصل بين الجاليات الأردنيّة في العالم وبين الوطن، وقد حقَّق نجاحًا كبيرًا في مجال تسهيل أمور الأردنيّين والتعرُّف على إنجازاتهم وزيارة هذه الجاليات في أماكنها، وأصبح البرنامج مؤسسة بكل معنى الكلمة.
• تأسيس جمعيّة المذيعين الأردنيّين
كانت هناك جهود متكررة لتأسيس جمعية للمذيعين الأردنيين لكنها لم تنجح، وعندما عُيِّن الزعبي أمينًا عامًا بالوكالة لوزارة الإعلام، فوَّضه وزير الإعلام بصلاحيّاته، حيث قدَّم مجموعة من الزملاء طلبًا لتأسيس الجمعيّة، فوافق عليها نظرًا لمعرفته بالحاجة لمثل هذه الجمعيّة، وهكذا تأسست جمعية المذيعين الأردنيين، وفيما بعد أصبح الزعبي رئيسًا لها عدّة سنوات، وكانت هذه خطوة لتأسيس نقابة للإعلاميين الذين لا يوجد لهم مظلّة نقابيّة آنذاك.
• دورات تدريبيّة وأنشطة بارزة
خلال عمله الإعلامي الذي امتدَّ لما يقرب من ثمانية وثلاثين عامًا حتى الآن حصل الزعبي على عدد من الدورات التأهيلية بالعمل الإذاعي والتلفزيوني منها:
- دورة تأهيلية في الإعلام، عام 1973 مدَّتها ستة أشهر.
- دورة إعلامية معززة في بريطانيا، عام 1975 مدَّتها أربعة أشهر.
- دورة إدارة عليا، 150 ساعة معتمدة عام 1996.
- وهو عضو فريق إدارة حماية الأسرة، ورئيس تحرير النشرة الدورية الصادرة عن الفريق.
- وعضو مؤسس في الهيئة العليا للإنتاج السينمائي.
- ورئيس جمعية المذيعين الأردنيين لمدة لمدة سبع سنوات.
- عمل بشكل غير متفرِّغ في الصحافة لمدة سبع سنوات كمحرر سياسي.
- قام بإعداد وتقديم البرامج السياسية، الاقتصادية والاجتماعية.
- وهو خبير إعلامي معتمد غير متفرغ في اتحاد إذاعات الدول العربية.
- مستشار إعلامي في مجمع اللغة العربية ومشرف على إذاعته خلال العامين 2018، 2019.
• الأوسمة والدّرجات:
يحمل الزعبي وسام الاستقلال منذ عام 1985، ودرجة التميُّز والإبداع بقرار من مجلس الوزراء عام 1990 (ترفيع استثنائي).
• نشأة رياضيّة
ما لا يعرفة الكثيرون عن الأستاذ عدنان الزعبي هو أنه نشأ نشأة رياضية، فكان لاعبًا لكرة القدم بالفرق المدرسيّة، ثم فريق كرة القدم (قبل تأسيس نادي الرمثا الرياضي عام 1966)، ثم لاعبًا معتمدًا في أوَّل فريق لنادي الرمثا، وعضو مجلس إدارة أكثر من مرَّة.
وبعد التحاقه بالجامعة في دمشق قام مع عدد من الطلبة الأردنيين بتأسيس فريق لكرة القدم تابع لاتحاد طلبة الأردن، وكان من أعضائه معالي الدكتور عزمي محافظة وزير التربية والتعليم الأسبق والذي يظهر بصورة للفريق وقتها.
• تسويق النُّجوم
وحول عدم قدرة الإعلام الأردني على صناعة النُّجوم كما تفعل العديد من الدول، وأنَّ النُّجوم الأردنيين لم ينجحوا ويشتهروا إلا بعد عملهم خارج الأردن، يعتقد الأستاذ عدنان الزعبي أنَّ السبب الرئيس لذلك هو معاملة الإعلاميين بالطريقة نفسها التي تتم فيها معاملة العاملين في أيّ مهنة أو وظيفة أخرى، دون الأخذ بعين الاعتبار أنَّ لهذا النوع من المهن متطلّبات خاصة لا تتوفر بكل الناس، وتطبيق نظام الخدمة المدنيّة عليهم من حيث الراتب والحوافز وغيرها، ويضرب مثلًا على ذلك فيقول: "بعد فترة من العمل في الإذاعة، أخذتُ أتعاون مع التلفزيون في قراءة الأخبار مقابل ثلاثين دينارًا في الشهر، فقلتُ للأستاذ محمد كمال مدير التلفزيون آنذاك، لماذا لا تزيدون راتبي، فأجاب: (نحن نجعلكَ مشهورًا، فإذا كنتَ تظهر على الشاشة أربع ساعات في الشهر بمعنى مئتين وأربعين دقيقة ضرب 300 دينار في الدقيقة، بيطلعلنا عندك مبلغ ضخم كل شهر، وإحنا مسامحينك!!)، أي أنَّ الإدارات تنظر إلى الإعلامي على أنه هو المستفيد من الظهور التلفزيوني وليس العكس، إضافة إلى تدخُّل الواسطة والمحسوبية في تحديد مَن يظهر على الشاشة؛ الأمر الذي أدّى إلى تراجع كبير في القدرة على التأثير في الجمهور.
***
لا يزال عدنان الزعبي ينبض بالعطاء، وهو شعلة حركة ونشاط إلى جانب زوجته الإعلامية الكبيرة جمان مجلي (وسنفرد لها مقالًا في عدد آخر) والتي رافقته طيلة حياته المهنيّة وشكَّلت معه ثنائيًّا إعلاميًّا متميزًا (أطال الله بعمرهما)، يتابعان كل ما يجري من أنشطة وأحداث حولهما إلى جانب رعاية الأحفاد والأبناء (ثلاثة أبناء هم ناصر وعزة وعنود وستة أحفاد) والمشاركة هنا وهناك بتأسيس أو توجيه بعض المحطات الإذاعية أو التلفزيونية الجديدة لنقل خبراتهما المتراكمة إلى الأجيال اللاحقة.