القمح والزيت "أسدين" في البيت تقاليد إدارة الطعام عند الأسرة الأردنيّة

أحمد أبو خليل

باحث أنثروبولوجي- الأردن

 

تستعرض هذه المقالة الطرق التقليدية في ميدان إدارة الطعام على مستوى الأسرة الأردنيّة، ‏وتركز على إدارة إعداد الطعام وتناوله على مستوى الأسرة النوويّة أو الممتدّة، وهي حال الأسرة ‏في الريف والبلدات والبادية الأردنيّة لغاية عقود قليلة ماضية. وحرصًا من كاتب هذه المقالة على ‏ضرورة البقاء في مجال التراث الثقافي غير المادي، فإنه قام بمعاينة أبرز العناوين والقضايا ‏ذات العلاقة بتقاليد إدارة الطعام عند الأسرة الأردنية من خلال مثال تطبيقي، تمثله خبرات بلدة ‏فلاحيّة في منطقة "حوران" الأردنيّة.‏

 

مدخل

مع الأيّام والأسابيع الأولى لجائحة "كورونا" ابتداء من آذار 2020م، وخاصة في فترة ‏الإغلاقات الحادّة، التي اتَّخذَت في الأردن شكْلَ حظْر تجوُّل شامل، وفي خضمّ الحماسة العامة ‏لمواجهة ذلك المرض وتداعياته، وعندما برز الطعام كأولويّة ظاهرة للعيان وحاضرة بقوّة، ‏لوحظ أنَّ الأسر انتبهت لنفسها جيدًا، ووجدت أنَّ لديها ميراثًا في مجال الطعام، يمكن استحضاره ‏والاستناد عليه. لقد بدأت الأسر تتبادل أفكارًا عن تجهيز "المونة"، أو توزيعها وتنظيم استهلاكها ‏وتخزينها وتحديد مسؤول عنها...إلخ. وكانت وسائل التواصل الاجتماعي الميدان الأبرز ‏والأحدث، لإظهار تلك الخبرات وتعميمها ونشرها، ممّا سهَّل ملاحظتها. ‏

وبالطبع، فإنَّ قِصَر تلك الفترة النسبيّ، جعل الأمر يتوقف عند الجانب "الاحتفالي" أو الفولكلوري ‏من عمليّة استحضار تقاليد الطعام في الماضي. فقبل تلك الأيام، ربّما لو سألت كثيرًا من الأسر، ‏من الجيل الأخير خاصة، عن سلوكه المتوقَّع أمام مثل تلك الأزمة، لربّما احتارت ربّات وأرباب ‏تلك الأسر في العثور على جواب، ولكن حصول الأزمة، أوضح أنَّ الأجيال تختزن في ذاكرتها ‏كثيرًا من العناصر الثقافيّة التي قد تفيد في مواجهة الأزمات.‏

إنَّ العناية بالخبرة الاجتماعية في ميدان الطعام ليست ترفًا، وهذا صحيح وملاحظ على المستوى ‏العالمي، فقد حذَّر المفكر الإيطالي الشهير "غرامشي" من "النَّظر إلى الفلكلور بوصفه طرفة، أو ‏بوصفه أمرًا مثيرًا للعجب" ودعا إلى "التعامل معه بجديّة، كونه يمثل تصوُّرًا للعالم والحياة". ‏وكان يرى في الثقافة الشعبيّة أهميّة في حلّ مشاكل التغيير والتنمية، ويعتبر الثقافة الشعبيّة جزءًا ‏ممّا سمّاه "الفلسفة العفويّة" داحضًا بذلك احتكار المعرفة والمعنى من قِبَل الفلسفة النظاميّة ‏للمتخصصين.‏

وبحسب الأنثروبولوجي الفلسطيني شريف كناعنة المختص في قضايا التراث عمومًا والفلسطيني ‏بخاصّة، فإنَّ "للجماعة البشرية طُرُقًا تقليديّة متوارثة شفويًّا أو بالملاحظة والتقليد عبْر الأجيال، ‏في معالجة أنواع الطعام المستعملة لديها يوميًّا أو في المناسبات الخاصة، من حيث الحصول ‏عليها وتحضيرها وتقديمها واستهلاكها. ويتماهى أفراد تلك الجماعة مع هذا الطعام، فيعدّون ‏مناسبة وطريقة تحضيره واستهلاكه جزءًا من هويّتهم".‏

إدارة الطعام

تقتصر مهمة هذه المقالة على استعراض سريع للطرق التقليدية في ميدان إدارة الطعام على ‏مستوى الأسرة الأردنيّة، وهذا يعني أنَّ المقالة لن تمتد إلى مراحل إنتاج الطعام أو تبادله التجاري ‏ولا إلى توزيعه على المستوى العام في المجتمع المحلّي أو المجتمع الوطني ككل، بل ستركز على ‏إدارة إعداد الطعام وتناوله على مستوى الأسرة النوويّة أو الممتدّة، وهي حال الأسرة في الريف ‏والبلدات والبادية الأردنيّة لغاية عقود قليلة ماضية.‏

يتعيَّن الانبتاه إلى أنه على الرغم من أنَّ بلدنا الأردن صغير نسبيًّا من حيث المساحة والسكان، ‏لكنه يشهد تنوُّعًا بيئيًّا وجغرافيًّا واجتماعيًّا، وهو ما انعكس على حالة الغذاء والموقف منه؛ فنجد ‏على سبيل المثال تنوُّعًا في المنتجات الغذائية بين المناطق السهلية والجبلية والغورية ‏والصحراوية، ولكل منها إنتاجه الأكثر بروزًا (تتنوع بين الحبوب والألبان والزيوت ‏والخضراوات)، كما نجد غنى واختلافًا في أساليب وطرق تخزين الغذاء بالكميات الكبيرة ‏والصغيرة (حواصل وكواير، وآبار، ومصنات ومطامير...)، والأمر ذاته نجده على مستوى ‏إعداد الطعام وأوقاته وتوزيعه وتناوله، وما يترتب على ذلك من علاقات متبادلة وتراتب مبني ‏على الطعام: مَنْ يأكل مع مَنْ؟ ومتى؟ وكيف تُدار عملية تغذية الأطفال والمرضى وكبار السن؟ ‏وما هي مسؤولية الزوج والزوجة ومسؤولية "أم العيلة" وهي الجدّة عادةً أو أكبر الكنّات؟ وما ‏هي حدود علاقات الطعام فيما بين الجيران، ومدى وجود التعاون، إلى جانب إدارة الطعام ‏المتصل بالمناسبات الاجتماعية المختلفة كالأفراح والأحزان. وماذا عن الماء أيضًا؟....إلخ. ‏

قبل الدخول في محاولة الإجابة عن الأسئلة والعناوين المشار إليها أعلاه، قد يكون من المفيد ‏الإشارة هنا إلى أنه توجد عند الأردنيين مسافة كبيرة تفصل بين الطعام كغذاء ضروري لنمو ‏أجسادهم ودوام صحّتهم، وبين معاني الطعام الثقافية وما يحمله من رموز. إنَّ الطعام بصفته ‏حاجة بيولوجية يحتل مرتبة قد تبدو قليلة الشأن، لكنها "طبيعية" في حياة الأردني، أو لنقل على ‏وجه الدقة إنَّ دور الطعام باعتباره غذاءً ضروريًّا للبقاء يتوارى خلف عالم من العلاقات ‏والرموز. إنَّ الأردني الذي قد يكتفي بالتقاط ما يتيسَّر له من نبات أو حشائش الطبيعة "يسدّ" بها ‏جوعه (لاحظوا التسمية)، سوف تجده صارمًا ودقيقًا وتفصيليًّا وحسّاسًا عندما يكون الطعام تجلّيًا ‏لعلاقة ما مع الآخرين، أو استحقاقًا لموقف اجتماعي.‏

حالة دراسيّة

حرصًا من هذه المقالة على مراعاة الحجم والسياق، وخاصة ضرورة البقاء في مجال التراث ‏الثقافي غير المادي، فإنها ستعاين العناوين والقضايا المشار إليها أعلاه من خلال مثال تطبيقي، ‏تمثله خبرات بلدة فلاحيّة في منطقة "حوران" الأردنيّة، وهي جزء من منطقة سهليّة واسعة ‏امتازت بزراعة وإنتاج المحاصيل الحقلية، كالقمح والعدس والشعير أساسًا، وبدرجة ثانية الذرة ‏والبقوليات والسمسم، إلى جانب الزراعات الصيفية بكميات محدودة للاستهلاك الأسري. هذا في ‏الشقّ النباتي، أما الشقّ الحيواني، فأهل المنطقة مارسوا تربية الحلال (الأغنام والأبقار) إلى ‏جانب ملكيّات متفرّقة من الدواجن والطيورعلى المستوى الأسري.‏

شكّلت "الأسرة الممتدة" المكوَّنة من الجد والأبناء المتزوجين والأحفاد، الذكور والإناث، الوحدة ‏الاجتماعية الأوسع انتشارًا في المنطقة المذكورة. وبالطبع قد تكون ملكية الأرض أو العمل فيها ‏يجريان على مستوى وحدة اجتماعية أوسع، كالعشيرة أو فخذ العشيرة، إلّا أنَّ الطعام، وهو ‏موضوعنا هنا، يُدار على مستوى الأسرة الممتدة كأوسع إطار.‏

تعمل كل الأسرة، ووفق ترتيبات وأدوار محدّدة في إنتاج الغذاء (حراثة وزراعة وحصاد ‏وتوريد...إلخ). وستتجاوز هذه المقالة المراحل الأولى من إنتاج الغذاء، وتقتصر على مرحلة ‏وصول المنتجات الغذائية إلى "الدار". ‏

تسمى وحدة السكن "دار"، وتحتوي الدار داخلها على بيوت (غُرف) محددة الوظائف: للجد ‏والجدة، وللأبناء المتزوجين وأطفالهم، وللعزّاب، وعلى مبانٍ أخرى متخصصة: التبّان والقَطْع ‏‏(في حوران يقولون قطُع بضمّ الطاء) للتبن والأعلاف، والخان/ الزريبة، لمبيت الحيوانات، ‏والخُمّ للدجاج، والفرن للخبز والطبخ...إلخ.‏

يعنينا هنا، الغرفة المخصَّصة لتخزين المنتوج المخصَّص للاستهلاك؛ أي لطعام الأسرة على ‏مدار العام، وهي في منطقة الدراسة، حوران، تسمى "حاصِل" وجمعها "حُصّل"، والتسمية ‏الأكثر ألفة هي "بيت العيلة"، يوضع فيها كل مخزون الغذاء من حبوب وزيت وسمن ‏وجميد...إلخ. وتتوفر أشكال وأدوات متنوعة للتخزين، فالكوارة (جمعها كواير) للكميّات الأقل، ‏وللطحين "مِكْوَر" وهو خزانة طينيّة أصغر حجمًا من الكوارة. كما توضع في الحاصل أدوات ‏الطبخ، وهناك عدة فتحات أو "طواقي" لحفظ الأشياء الأكثر ندرة. ‏

بالنسبة للزيوت والسمن، تتوفر أدوات حفظ مناسبة، وهي فخاريّة بالدرجة الأولى، ومتفاوتة في ‏الحجم، منها: الجرّة للزيوت، البيْطَسْ، والطُّوسْ، والحُقْ، والبَكْسة.. والقنينة لاحقًا.‏

تكون مسؤولية بيت العيلة من نصيب الجدّة، أي السيدة الأكبر في الأسرة الممتدّة. وهي تحتفظ ‏بمفتاح الغرفة في حزامها. وعليها تقع مسؤولية تحديد صنف الطبخ وكميّته، وكذلك كميّة الطحين ‏أي كميّة الخبز، بشكل يومي. ولكنها غير مكَلّفة بالطبخ أو الخبيز، فهذا من مسؤولية الكنّات أو ‏البنات. وعلى الجميع الالتزام بما تقوله الجدّة، التي قد تمرّر يدها على جرّة الزبدة أو السمن ‏وتقول: "عليها خالد"، بمعنى أنه يحرسها خالد بن الوليد، الذي سيعاقِب مَن تفكِّر بفتحها أو الأكل ‏منها!‏

عرفت الأسر نظام الوجبة الرئيسة الواحدة وهي وجبة العشاء التي تُعدُّ مساء كل يوم مع المغيب. ‏لكنَّ الخبز يُعدُّ فجرًا، ويوضع في مِنْسَفِة (وعاء من القش)، ويكون من حق عضو الأسرة أن ‏يتناول الخبز وفق حاجته. إنَّ الخبز هو أساس الطعام أثناء النهار، وقد يتوفر قدر من اللبن أو ‏الزيت أو البصل والملح كعنصر ثانوي إلى جانب الخبز.‏

وجبة العشاء الرئيسة، وهي عادة وفي الظروف العادية موحَّدة عند جميع الأسر، مكوَّنة من ‏القمح المجروش، في منطقة حوران يسمى "سميدة" ويستخدم الفعل سَمَدَ يَسْمِد، بمعنى جَرَش ‏يجرش، مع ملاحظة أنَّ السميد أو الجريش يكون للقمح النيّئ غير المسلوق، وفي حالة السلق ‏والتجفيف، يسمى "برغل" ومنه الناعم والخشن أيضًا.‏

يؤكل الطعام من طبق واحد، أي من إناء واحد، وحتى عند التوزيع، في حالة الأسرة الكبيرة، ‏تقوم الجدّة بسكب كميّات، تقدّرها بنفسها للتوزيع على أسر الأبناء، في أطباق أصغر حجمًا ‏تتناسب مع عددهم.‏

كما نلاحظ، فإنَّ الأمر منوط بالنساء، وتقتصر مسؤولية الرجال على الطعام الذي يتعلق ‏بالمناسبات أو العلاقات خارج الأسرة، مثل طعام الولائم والأعراس أو طعام العونات الخارجية، ‏فعلى الرجل تحديد الكميّات والأصناف.‏

تُدير الأم عملية طعام أبنائها وتوزيعه بينهم؛ فعليها أن تحفظ حصة للغائب، وأن تراعي إن كان ‏بين الأولاد ابن أكثر شراهة، إذْ عليها أن لا تدعه يأخذ أكثر من حقّه. وفي الوجبات التي تتطلّب ‏التقسيم داخل الطبق الواحد، مثل وجود قطع من اللحم أو الدجاج، يتعيّن على الأم أن تقوم ‏بالحركة المناسبة لتحقيق المساواة، يسمّى هذا الفعل "زَلْوَحَة"، وهي التحريك الرشيق والسريع، إذ ‏‏"تُزَلْوِح" الأم تلك القطع بين الأبناء، بحيث يكون أمام كل ابن قطعة، وعندما يحتوي الطعام على ‏قطع منفصلة مثل الجبن أو اللبن، يكون التقسيم واضحًا وسهلًا ولا يحتاج لـ"الزلوحة". ‏

يتعيَّن على الأم مراعاة طعام الطفل الرضيع، ثم عند تجاوزه مرحلة الرضاعة، ولا يوجد طعام ‏مخصص للصغار، لكن الطفل يبدأ بعد أشهر، إلى جانب حليب الأم، بتناول كميات صغيرة من ‏أكثر الأجزاء استواء ونضجًا من الطعام المطبوخ، فقد يأكل من أعلى أطراف الطاسة/ الطنجرة ‏‏(يسمى عِيْق الطاسة) وهو جزء الطبيخ الملتصق بأعلى حواف الطنجرة، إذ يكون خاليًا من القطع ‏الصّلبة.‏

للمريض مراعاة خاصة، فقد يُخَصّ بطبق بيض أو طبق عِجّة (بيض مع طحين وأعشاب)، وقد ‏يُخَصّ بالشوربات، إلى أن يشفى، وذلك بحسب الإمكانات.‏

إضافة إلى الطعام الرئيس المُنتَج من المحاصيل ومن منتجات الحليب، فإنَّ موسم الأعشاب البريّة ‏يعدُّ أساسيًّا وليس مجرد إضافة أو رفاهية، بمعنى أنَّ خطة الطعام لدى الأسرة، تتضمّن تلك ‏الأعشاب التي تجمعها الشابات "الجنّايات" من السهول، والجني هو طقس سنوي له امتدادت ‏اجتماعية عديدة، وهناك مهارات وخبرات مطلوبة، والأسر التي لا تضمّ جنّايات، ففي العادة يتم ‏التبرع لها من جنّايات الحارة، كل منها تقدِّم "دَقّة" أو كَمْشة.‏

تترافق إدارة الطعام، مع بعض المعتقدات والممارسات الدينية أو المسنودة إلى الدين، فالتسمية ‏‏(أي قول: بسم الله الرحمن الرحيم) تَجْلب البركة، وإذا لم تقل باسم الله، فإنَّ "الشيطان سيأكل ‏معك"، كما أنَّ تقسيم الطعام بين أكثر من طبق، "يقلّل بركة الطعام"، وينشأ الأولاد على فكرة أنَّ ‏‏"طعام واحد يكفي اثنين وطعام اثنين يكفي ثلاثة". ويربّى الأولاد على أنه لا يجوز لأيّ فرد أن ‏يحتجّ على نوع الطعام، وعليه أن يأكل ممّا هو متوفر في البيت.‏

أما الماء: فتوجد في كل بيت بئر، والآبار متفاوتة في الحجم، وتُملأ من مياه الأمطار، ويتوجّب ‏تسييل الماء عبر قناة أو أكثر نحو البئر، وتحاول الأسرة جمع مياه نظيفة، غير أنَّ المعتقدات ‏تساعد في هذا الشأن، إذ يُقال إنَّ: "المَيْ لا قَنْطَرَت ما بيهاش نجاسة" أي أنها تتطهَّر بعد مكوثها ‏فترة في البئر وبلوغها قنطرته.‏

لا تشرب الأسرة الماء من البئر مباشرة، بل تُنقل مياه البئر إلى الخابية أو الخوابي (الجرار) ‏وينظّم ذلك وفق دور محدّد بين نساء الأسرة، أمّا مياه الغسيل أو الحمّام، فتنساب إلى "مِصْرَف" ‏خارج البيت، وهو حفرة صغيرة خارجيّة، عبر قناة تعبر الجدار (أنبوب)، ويتم تفريغ "نَضْح" ‏المصارف واستعمال مياهها أحيانا للرشّ أو "الشّطف" أو سقي النباتات إن توفّرت.‏

فيما عدا ذلك، يوجد في كل قرية ينبوع أو أكثر، "عيون ماء"، ففي البلدة التي ندرسها كانت ‏توجد عين رئيسة اسمها "المَحَاسِيْ" متاحة للجميع، تردها النساء وهنَّ يحملن المياه إمّا على ‏ظهور الحمير من خلال "سواطر" وهي جالونات ماء (سطل، سطولة)، ويحمل الحمار أربعة ‏منها، اثنان في كل جانب، وقد يحمل خامسًا على ظهره، أو تحمله السيدة نفسها على رأسها، بعد ‏ان تثبّته بقطعة قماشيّة دائريّة توضع على الرأس تسمى "حْواة". ويتعيّن على السيدة أن تراعي ‏ظروف الحمار، ولا تقسو عليه، وأن تتذكّر أنه يقول لها في سرِّه هازئًا: "وازني حالك بالأوّل"!‏

خاتمة

في مجتمع كفاف، يعتمد على مياه الأمطار، وكان يشهد كثيرًا من سنوات القحط، تُعدُّ مسألة إدارة ‏الطعام حيويّة للغاية، تتعلق بالبقاء وحفظ الأجيال والحدّ المعقول من التغذية الصحيّة اللازمة ‏لبناء أجسام قويّة نسبيًّا. والأهم توفير أكبر قدر ممكن من التماسك النفسي والاجتماعي لأفراد ‏الأسرة، فالطعام مهم، لكن الأردنيين قالوا: "الجوع ذيب ويش ما جا يطرده" (بمعنى أنه يكفي أيّ ‏طعام لمواجهة الجوع)، وقالوا: "خبز وميّة عافية مخفيّة"، ولكن هذا لا يقلل من أهميّة الاحتياط، ‏إذ يؤكدون أنَّ: (القمح والزيت "أسدين" في البيت).‏