الوسم عند أهل البادية

‏ عارف عواد الهلال

كاتب أردني

 

ليس من بُعدٍ زمنيّ يمكن إرجاع الوسم إليه، إلا أنه يصحّ التأكيد باستخدام الوسم قديمًا، وقد يرجع ‏إلى عهود زمنيّة سحيقة، وإلى أقوام رسّخوا استخدامه منذ عصور خلت، وممّا يؤكد عمق جذور ‏الوسم في التاريخ، أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام كان يسم إبل الصَّدقات، ووسمَ غنم الجزية، ‏فالغاية من الوسم في الزَّمن الغابر لا نظنّها تختلف عنه في الزَّمن الحاضر، فالقصد منه تمييز ‏حيازة قوم عن حيازة قوم آخرين، حفاظًا على الثروة، فالميسم في الماشية كالخاتم في العقود ‏والصكوك، يُتخذ دليلًا لفضّ التنازع على المتنازَع عليه.‏

 

استَخدَمَ أهل البادية "الوسم"(1) علامة مميّزة لِما تخيَّروا اقتناءه من الأنعام التي بها قوام حياتهم، ‏فاستحسنوا السلالات من الإبل والأغنام والماعز، فأسموها "حلالًا"، فكانت الثروة والمؤونة التي ‏تساعد على العيش، وتعين على المروءة، فزاد حرصهم على إنمائها بالتناسل مع تحسين السلالة، ‏ووسموها بوسوم معلومة لا تزول، تكون أمارة تزيل التنازع عند الخلاف، وتعيد الحلال إلى ‏أهله ولو مع طول الأمد. ‏

فاستقرَّ لكل قبيلة وسمها الذي لا تنكره القبائل الأخرى، حتى غدا قرينة تفرِّق ولا تفارق، وذهب ‏عرفًا بين الناس يضاف إلى أعرافهم الأخرى التي اعتدّوا بها، وحرصوا عليها، فهو الوسيلة التي ‏يستدلّ بها على الذاهبة، والأمارة لاستعادة العوار(2)، فحافظوا عليه لأجل أن يُحَرِّز أنعامهم من ‏السرقة، ويحصّنها من الضياع، فيسهل تتبُّعها، ولا يصعب استردادها ولو بعد حين، وقد قيلت ‏في الوسم الأمثال، منها: "تتغيّر الرّسوم ولا تتغيّر الوسوم"، أي أنَّ الوسم قارٌّ لا يتبدَّل. ‏

ولم يسموا الخيل إكرامًا لها، فهم يعرفونها بأسمائها، وينسبونها لسلالاتها، ويتعهّدونها بالرعاية ‏والاهتمام، فالخيل ليست من السائمة التي يخشون ضياعها، كون أرسانها لا تفارق أيديهم، وقلما ‏تتجافى القيود بأقفالها عن قوائمها، فهي قريبة المربط، يقدّم لها طعامها وشرابها تحت أعينهم ‏زيادة في الحرص عليها، وهي مكرّمة حتى عن الوسم، كما أنهم لم يسموا سائر البهائم لقلة ‏شأنها، وإن كانوا لا يهملونها لحاجتهم إليها، إذ تحمل أثقالهم، وتُقضَى على ظهورها الكثير من ‏حوائجهم.‏

ولم يقتصر الوسم على المواشي، بل تعدّاها إلى أشياء أخرى لها ارتباطها في المعيشة، أو أثرها ‏في الوجدان، فقد رقشوا(3) الوسم على الصفا في حدود المنطقة التي يذودون عنها ويطلقون ‏عليها اسم (الديرة)، فمَن رأى الوسم عرف أهل المكان، فدخل إليهم أو انثنى عنهم، مثلما نقشوا ‏وسومهم على فوّهات الآبار، أو على الصفا القريب منها، كي لا يكون ماءُها مشاعًا(4) بين ‏الناس، كما نقروا الوسم على نصائب قبور موتاهم، إضافة إلى قرينة أخرى يحدثها قريب الميت ‏ليستدلّ بها على قبر قريبه. ‏

ليس من بُعد زمني يمكن إرجاع الوسم إليه، إلا أنه يصح التأكيد باستخدام الوسم قديمًا، وقد يرجع ‏إلى عهود زمنية سحيقة، وإلى أقوام رسّخوا استخدامه منذ عصور خلت، وممّا يؤكد عمق جذور ‏الوسم في التاريخ، أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام كان يسم إبل الصَّدقات، ووسم غنم ‏الجزية(5)، فالغاية من الوسم في الزمن الغابر لا نظنّها تختلف عنه في الزمن الحاضر، فالقصد ‏منه تمييز حيازة قوم عن حيازة قوم آخرين، حفاظًا على الثروة، فالميسم في الماشية كالخاتم في ‏العقود والصكوك، يُتخذ دليلًا لفضّ التنازع على المتنازَع عليه.‏

فقد دأب أصحاب المواشي من القبائل على إثبات الوسم علامة لرعاياهم من الإبل التي يستبقونها ‏اقتناءً(6)، ووسموا قطعان الأغنام والماعز وإن باهتمام أقل من الإبل، وتركوا التي يرغبون ‏ببيعها غفلًا(7)، فاتخذت كل قبيلة، أو عشيرة وسمًا خاصًّا بها، ولفروعها من الأفخاذ والحمائل ‏أن تضيف قرينة إلى الوسم تميِّز بها ماشيتها عن الفروع الأخرى، كي لا يسطو الوسم الواحد ‏فيحدث الخلاف مع اتِّساع البقاع، وتعدُّد القطعان، وكثرة الحيازات واختلاف المنافع.‏

وتختلف وسوم الإبل عن وسوم الأغنام والماعز، في أنَّ وسم الإبل سمة للقبيلة أو العشيرة مع ‏فارق (الشاهد) للفروع(8)، وأمّا سمة الغنم فلربما اتسعت بحيث يكون لكل عائلة وسم، أو قد ‏يفترق الأخوة في الوسم.‏

ولم يحفل أهل القرى بالوسم، لقلة حيازتهم غير الدائمة من الماشية التي لم تكن تتجاوز العدد ‏القليل من رؤوس الأغنام أو الماعز، أو الرأس والرأسين من البقر، لسد حاجتهم من المؤونة، لأنَّ ‏اعتمادهم يقوم على الزراعة الحقليّة، وليس على اقتناء الثروة الحيوانيّة، ومَن زاد عدد ماشيتهم ‏على قلة عددهم ربما استخدموا الوسم كـ(علامة) دون ارتباط ذلك بأصل الوسم(9)، غير أنَّ ‏هنالك من أبناء البنية الاجتماعية كالشركس والشيشان مَن كانوا يقتنون الأبقار والجواميس، ‏ويسمونها بوسومهم، وهو تقليد له أصوله أيضًا، انتقل معهم من بلاد هجرتهم، فحافظوا عليه إلى ‏زمن قبل أن يتلاشى استخدامه تدريجيًّا مع قلة الاعتماد على طرائق المعيشة القديمة.‏

وللوسوم عند القبائل أشكالها التي تبدو رسومًا للوهلة الأولى، لا تعني سوى إشارات عجماء، وقد ‏بدت كذلك مع النقل عبر الأجيال المتعاقبة، الذين لم يتوقفوا إلا عند رسم الوسم كدلالة دون ‏إيضاح محتواه، أو الوقوف على معناه، واكتفوا بنقله على هيئته، وأضافوا إليه من جنسه نقلًا ‏عن وسوم أخرى، وابتدعوا له اسمًا يوافق شكله ممّا عهدوه في بيئتهم، فأطلقوا اسم الصندوق ‏على ذي الأربعة أضلاع (‏•‏) لشَبَه الشكل، فإن نقص من أحد جوانبه ضلع (‏ ‏) أسموه الباب، ‏وقالوا عن الدائرة (‏‏) "خدمة"، وهي حلقة من اثنتين أو أربع حلقات تثبت بطرف الماعون ‏المعدني لتسهيل حمله، ويجمعونها على "خَدَم"، وقليلًا ما تُجمع على "خدمات"، ومنهم مَن يطلق ‏اسم (حلقة) على الوسم ذاته، وغيرهم أسماه (فَتَخَةْ)، ويلفظها بعضهم (فَتْخَةْ) وهي ذاتها الحلَقة ‏التي تُستخدم في أطراف السلاسل المعدنية، وقالوا عن الخط المستقيم طولًا (‏।‏) "المطرق" تشبيهًا ‏له بالعصا المرن، وعرضًا (‏ ‏) أسموه "الناطح"، وقالوا عن شكل الوسم (‏ ‏) "البرثن" ‏لاقترابه من شكل موطئ الطير ببراثنه، أي مخالبه، مثلما أسمو الخطين المتقاطعين (‏‏) ‏‏"عرقاة" لمشابهة شكل الوسم موضع الحبل في الدلو الذي له الاسم نفسه، وجمعه عَرَاقي، وهو ‏ما يختلف عن وسم الصليب (‏‎†‎‏) الذي يزداد فيه الخط العمودي طولًا عن الخط العرضي، ‏وقريب منه (المغزل) (‏T‏) تشبيهًا له بالأداة التي يتمّ بها فتل الأصواف والشعور لتكون خيوطًا ‏تستخدم للنَّسج، أو تضفر حبالًا، وبعض الأقوام يطلقون عليه اسم "المشعاب"، وله أسماء أخر، ‏وتتعدد الأسماء بتعدد الوسوم، فجرى الاتفاق بالأشكال على غير وفاق بالمعاني، إلا ما وافق ‏استنباطهم تقريبًا لفهمهم بعدما تلاشت المفاهيم الأولى مع تراخي الزمن، فظنَّ الناس أنَّ رسوم ‏الوسوم علامات صمّاء لا توحي بعلم، ولم يعلموا بأنَّ لوسوم الأنعام علاقة بالحروف والأرقام ‏العربية القديمة(10)، وأنَّ لاستخداماتها في وقتها دلالاتها الأبعد غورًا لدى الأوائل الذين ‏استخدموها، ثم انتقلت على شكلها الأوَّل مع مرور القرون تقليدًا صرفًا وحسب، دون الذهاب إلى ‏أصولها الأولى.‏

 

 

   

نموذج الحروف والأرقام العربية القديمة (عن المواقع الإلكترونية)‏

 

فالوسوم لم تأتِ على عواهنها هكذا جزافًا، ولم تستمر منذ القدم كل هذا الزمن لأنها جاءت افتعالًا ‏محضًا، أو مصادفة بلا اختيار، فثباتها يعني رسوخها، واستمرارها بأشكالها يدلّ على أصالتها ‏التي لم تتبدّل، على الضدّ من لو أنها جاءت أهواءً عارضة، فلكانت سريعة الزوال، وأقرب إلى ‏الاندثار، ولما استقرَّت عادةً لا تتخلى عنها الأجيال، وعرفًا سائدًا يؤخذ كقرينة دامغة في القضاء ‏لفضّ النّزاع بين الخصوم فالجًا ومفلوجًا(11)، وتقليدًا تناقله الخلف عن السّلف حتى صار أمارة ‏راسخة ليس فقط للأموال، بل دليلًا على أصحابها، فمن الوسم يُستدلّ على القبائل ومواطنها، ‏فيتم قصدها أو الانتحاء عنها، فالوسم إمّا أن يجرّ جريرة إذا كان القوم على خلاف، أو أن يمنع ‏اعتداءً إن كانوا أقرباء أو أحلافًا.‏

وتكاد الوسوم تنحصر عددًا، غير أنَّ الاتِّساع يأتي في المواضع التي تقع فيها، ومع القرائن التي ‏لا تفارقها، فالوسم الواحد يغدو وسومًا عدّة بحسب موضعه، فما يقع على الورك الأيمن يُعدُّ ‏وسمًا، والذي مثله شكلًا ويقع على الورك الأيسر يعتبر وسمًا آخر، وكذلك إذا جاء الوسم ذاته ‏على أحد الذراعين، أو أحد جانبي العنق، وتتَّسع الوسوم مع إثبات الشاهد مع الوسم، ومع اختلاف ‏مواضع (فرق الوسم) يمين أو يسار الوسم.‏

والوسم من جهة أخرى مؤدّى أمانة، ومكسب مروءة، واتّباع عُرف تجذّر بين القبائل قيمًا ‏راسخة، فإذا وقعت ضالة في قطيع من الماشية ولم يستعِدها صاحبها في وقتها، احتفظ بها ‏صاحب القطيع الذي وقعت فيه، ووسم مواليدها من الإناث وما تناسل منها بوسمِها، ورعاها مع ‏ماشيته رعايته لقطيعه، لا يكسب منها إلا حليبها وصوفها وما ولدت من الذكور، فإن ظهر ‏صاحبها ولو مع تباطؤ السنين، وتعرَّف عليها بإثبات الوسم، استعادها وما نتجت بشهادة الشهود، ‏ولِمَن اعتنى بها شرطه إن رغب(12)، وتحسب الذكور التي يكون قد تصرَّف بها من قيمة ‏الشَّرط، أو اكتفى بأنه أدّى أمانته ليرسخ ذلك الفعل في السوادي(13) التي عليها ذوو الأعراف ‏السائدة.‏

يثبت الوسم بوضوح في مكان بارز من البدن، وأداته الميسم، وهو قضيب من المعدن في أحد ‏طرفيه رسم الوسم، يتمّ إحماءُه بالنار إلى درجة الاحمرار، ويكوى به موضع الوسم بقوة حتى ‏تهتك الحرارة مسام ظاهر الجلد، كي لا ينبت الوبر أو الشعر في المكان، فيبرأ الكيّ ويبقى الأثر.‏

 

 

المياسم

 

وتوسم الإبل بعمر السنة، والماشية من الضأن والماعز على عمر ستة أشهر إن كان وسمهما ‏بالكيّ، وقبل ذلك إن كان بالبتر أو البذح(14)، وموعد الوسم بالمياسم يكون بعد مطلع (نجم ‏سهيل)(15)، إذْ اعتدال الطقس، فلا برد ولا حر يؤثر على هياج موضع الكيّ، ولعدم وجود ‏الأعشاب الرطبة التي قد تحدث ملامستها نكئًا لموضع الوسم قبل يكتتم.‏

وطريقة وسم الإبل لا تكون إلا بالكيّ على أعضادها وأوراكها وأعناقها، وقلّما توسم على الوجه، ‏إذ تتم إناخة الجمل أو الناقة، وعقل كلتا اليدين(16)، ولتحديد حركته يتم جذب العنق بواسطة ‏الرّسن إلى الجانب المخالف لموضع الوسم، ثم يثبت الوسم في الموضع حتى تستقرّ العلامة.‏

 

 

طريقة وسم الإبل

 

وأمّا الغنم والماعز، فقليلًا ما يقع الوسم لها بالميسم، فإنْ تمَّ فالغالب في الوجه، وقليلًا ما يصيب ‏الأذن، ووسوم الأغنام أقل اتساعًا من وسوم الإبل لضيق مساحة الوسم الذي لا يتعدّى الوجه، ‏فألحقوا العلامة التي تتّخذ بالأداة الحادة في الآذان بالوسوم، فتقع إمّا بترًا، وهو أخذ شيء من ‏طرف أسفل الأذن يسمّونه (القطشة)، أو شرخًا، وهو إحداث شق إمّا مع طول الأذن ويسمّونه ‏‏(شرخة)، أو مع عرض الأذن ويسمّونه (ريشة) أو قرضا، ويكون بإزالة جزء يسير من أحد ‏جانبي الأذن على شكل نصف دائرة من جهة العين أو من صوب الرَّقبة يسمّونه (قَبْلَةْ)، أو ما ‏يترك فراغًا بذراعين وزاوية ويسمّونه (جَازًا).‏

وهنالك مَن يُطلق اسم "الوشم" على "الوسم"(17)، وإن كانت الكلمتان متجانستان جناسًا غير تام ‏في اللفظ، وقد يكادان يتجانسان جناسًا تامًا بالمعنى، إلا أنَّ الخلاف بالاستخدام وفي الأدوات، ‏ففي حين يُستخدم "الوشم" من قبل الإنسان تزيُّنًا أو تَطَبُّبًا، فاستوشمت المرأة زينة، إذ يستحدث ‏الوشم بغرْز الإبر في الموضع المراد وشمه حتى ينزّ الدم، مع إضافة الأصباغ، وغالبًا ما يضاف ‏الأثمد إلى مواطن إثارة الجلد ليثبت لون الوشم، فوشمت الساعدين والرسغين، وبعض مواضع ‏الوجه كطرفي جانبي الفم، ومنطقة الذقن، وأعالي الوجنتين، ومع امتداد الحقيمين(18)، ‏ومنتصف الجبين، واستوشم الرجال استطبابًا في منطقة الرسغين، أو الكاحلين للتخلص من الآلام ‏في هذه المواضع، أو ردعًا(19) احترازًا من أذى العين على أعلى الوجنتين، وأرنبة الأنف، ‏وأسفل الذقن.‏

استخدم الوشم للتزيُّن من قبل النساء، وتمّ توارثه من جيل إلى جيل رسمًا واسمًا، فما كان في ‏وسط الجبين سمّي (هلالًا) أو (نجمة) وفقًا للشكل، وما امتدّ من طرف العين إلى الصدغ سمّي ‏‏(مِرْوَدًا)(20)، والذي يقع على الخدّين يسمى (رَدْعًا)، والوشم على طرف الفم باتجاه الحنك يقال ‏له (مَبْسَمٌ)(21)، وحين يتدلّى الوشم من أسفل الشفة إلى الذقن يسمى (سَيَّالًا)(22)، فإن أحاط ‏بالمعصم سمّي (أساور)(23)، فإذا كان في الساعد أسموه (وسائد)(24)، وما كان موضعه الصدر ‏سمي (قمرا)، وإن كان في منطقة الكاحل قيل له (خلاخيل).‏

 

 

الوشم

 

وجاء الوشم عند الرِّجال إمّا دفعًا للعين، وتحريزًا من الحسد كما أسلفنا، فعندما يأتي المولود ‏وسيمًا، أو يولد بعد عدد من البنات، أو بعد تكرار الوفيّات للمواليد قبله، يعملون على تحصينه من ‏العين بـِ(الترديع)، وهو تثبيت نقاط من الوشم على أعلى أرنبة الأنف، وعلى رأسي الوجنتين، ‏وأسفل الذقن، وربما بين الحاجبين، ليقع البصر أوَّل ما يقع على مواضع الوشم الذي يصدّ ‏الإصابة بأثر العين، إذ يعتبر الوشم تشويهًا للخلقة لعدم اعتياده عند الرجال، ممّا يدفع تعلّق نفس ‏الحاسد بالمحسود، لأثر الوشم الذي يخرق اكتمال الحُسن، وإن كان الوشم بذاته في هذه الحالة ‏أمارة على الوسامة، مثلما استُخدم الكيّ للغاية ذاتها، كأن يتمّ لذع مَن يُراد دفع الحسد عنه بالميسم ‏ليُحدث أثرًا دائمًا على جانبي العينين.‏

وأمّا إن جاء الوشم عند الرجال استطبابًا، وأكثر ما يُستخدم للاستشفاء من آلام المفاصل في ‏مواضع الأرساغ في اليدين، والكواحل أسفل القدمين، فيأتي على شكل خط مستقيم عرضي مع ‏الرسغ أو الكاحل تتفرَّع منه خطوط قصيرة إلى الأسفل، ويسمّون هذا الوشم باسم (المشط) لتشابه ‏الشكل.‏

 

الهوامش:‏

‏(1)‏ ‏ الوسم: أثر الكيّ خصوصًا، ويطلق على كل علامة عمومًا، والأداة التي تحدث الوسم بالكيّ يطلق ‏عليها اسم الميسم.‏

‏(2)‏ ‏ الذاهبة، والعوار: اسمان يطلقان على المفقود من الماشية.‏

‏(3)‏ ‏ الرقش: كما النقش.‏

‏(4)‏ ‏ المشاع: من الشياع، ومن معانيه أن يصبح الشيء مفرقًا بين الناس، أي لا قسمة فيه.‏

‏(5)‏ ‏ عن أنس بن مالك‎ ‎رضي الله عنه قال:‏‎ ‎غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي ‏طلحة‎ ‎ليحنكه،‎ ‎فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة. ومن وجه آخر عن‏‎ ‎أنس‎ ‎أنه رآه يسم ‏غنمًا في آذانها. ‏

‏(6)‏ ‏ والموسومة يتم بيعها بالمكاتبة، أو بحضور الشهود لإثبات حق المشتري الذي له أن يضيف وسم ‏إبله على ما اشترى.‏

‏(7)‏ ‏ الغفل: من الماشية التي تترك بلا وسم.‏

‏(8)‏ ‏ الشاهد: في الوسم، ويسمى (العزلة) أيضًا، ويسمى (الفرق) كذلك، هو العلامة الفارقة التي تضيفه ‏فروع القبيلة أو العشيرة للوسم الجامع تفريقًا لحيازات الحمائل والأفخاذ. ‏

‏(9)‏ ‏ هنالك من أهل القرى (الفلاحين) من استخدم العلامة بطريقة الوسم، وهو وسم غير مستقر لعدم ‏دوام الحيازة التي تخص أشخاصًا بعينهم، وهي قناية ليست سمة عامة لـ(العشيرة) لتتخذ وسمًا ‏خاصًا بها.‏

‏(10)‏ بدر الخريف، الرياض، مقالة عن دراسة الباحث السعودي وليد عبدالعزيز العطيشان عن ‏علاقة وسوم الإبل بالحروف والأرقام العربية. الشبكة الإلكترونية.‏

‏(11)‏ الفالج الذي يغلب خصمه بحجته فيكون له الفرض في الحكم، والمفلوج الذي عليه فرض ‏الحكم.‏

‏(12)‏ الشرط: بعرف أهل البادية، الأجر مقابل رعاية قطعان الماشية.‏

‏(13)‏ السوادي: الأعراف السائدة التي جرت مجرى العادة.‏

‏(14)‏ البذح: الشق الذي يحدث فصلًا، ويكون في آذان الماشية.‏

‏(15)‏ مع بداية طلوع نجم سهيل الذي يوافق نهاية أشهر الصيف وبداية أشهر الخريف تنكسر حدة ‏الحر ويبدأ الطقس بالاعتدال.‏

‏(16)‏ العقل: ربط العقال حول الذراع مع الساق عند البروك حيث يتطابقان، لمنع الجمل من ‏النهوض، والعقال قطعة من المرير، أي من الغزل المفتول من الوبر أو الصوف تطوى على ‏موضع العقل وتعقد.‏

‏(17)‏ هنالك من استخدم اللفظين بالمعنى ذاته، فيقول لوسم الماشية وشمًا.‏

‏(18)‏ الحقيم: طرف العين مما يلي الصدغ، ويسمى طرف العين مما يلي الأنف الموق.‏

‏(19)‏ الردع: مما استخدم وشمًا للرجال بنقط على رؤوس الوجنات وأرنبة الأنوف وأسفل الذقن دفعًا ‏للحسد، ودرءًا للعين.‏

‏(20)‏ المرود: والجمع مراود، وهو عود محسوم بدقة ليكون غير شثن القوام كي لا يخدش الحدقات، ‏يمرّر في العين ما بين الجفنين بعد غمسه بالكحل للاكتحال بما يعلق به من الأثمد من أثر ‏ترطيبه قليلًا بالريق، ويسمى (الميل) أيًضا. وسمي هذا الوشم بـ(المرود) لأنه يأخذ شكله، أو ‏لقربه من موضع الاكتحال الذي غالبًا ما يمتد أثر الكحل إلى طرفي العينين خارجًا.‏

‏(21)‏ المبسم: يطلق الاسم على الفم عمومًا، وعلى الشفاه خصوصًا لموضع التبسُّم. وعلى الوشم ‏لارتباطه بالمعنى.‏

‏(22)‏ السيال: تشبيهًا له بالانحدار مع انحناء الشفة السفلى، مثلما سموا امتداد غرّة الفرس إذا ‏تجاوزت موضع الجبهة انحدارًا بالسيال. ‏

‏(23)‏ الأساور، وبعدها الخلاخيل لوقوع الوشم في مواقع أدوات الزينة تلك.‏

‏(24)‏ الوسائد: وتلفظ بلسان العامة بتليين الهمزة إلى الياء، هي جمع وسادة، والمعنى مأخوذ من ‏توسد الإنسان لذراعه أحيانًا حيث موضع الوشم.‏