ارتحالاتٌ قصيرةٌ ‏

 (نصوص شعريّة) ‏

 

شعر: شريف الشافعي

شاعر وكاتب مصري

sharifjournal@hotmail.com

 

‏ ‏

 

‏■ عرفتكِ بعدما سافرتُ معكِ

وعرفتُ نفسي بعدما سافرتُ فيكِ.‏

 

‏* * *‏

 

‏■ هذه المرأةُ

وهي تحدّثني عن الموتِ

لم تكن الحروفُ تموتُ في فمها

لذلك لم أصدّقها

وهي تصفُ لي الحياةَ المعسولةَ

ولجأتُ بتساؤلاتي كلّها

إلى جوفِ تمرةٍ.‏

 

‏* * *‏

 

‏■ وجهٌ من وجوهِ الدفءِ

أن تسقطَ من الذاكرةِ

قلوبٌ جَمَّدَتها الكراهيةُ.‏

 

‏* * *‏

 

‏■ عقلي الخائبُ

أوّلُ رصاصةٍ قاتلةٍ

استقرّتْ في رأسي.‏

 

‏* * *‏

‏ ‏

‏■ الضوءُ على صفحة الماءِ

يقولُ للمراكب: ‏

‏"أنا لا أغرقُ أبدًا"‏

والقاربُ الصغيرُ

الذي يغرقُ في أمواجكِ متحطمًا

يحسده الضوءُ.‏

 

‏* * *‏

 

‏■ الصباحُ يفتحُ البوّاباتِ كلّها

إلا بابًا تفتحينه أنتِ

ليأتي منه الصباحُ.‏

 

‏* * *‏

 

‏■ يدٌ خضراءُ

مزروعة في أصيصٍ

كلما سَقَيْتُها، قالتْ:‏

‏"لن أكون شجرة"‏

وكلّما حاولتُ مصافحتها، قالتْ:‏

‏"لم أعدْ يدًا".‏

 

‏* * *‏

‏ ‏

‏■ الظلامُ دائمًا خائفٌ

يا لخَجَلكَ، ‏

أيها الخائفُ من خائفٍ.‏

 

‏* * *‏

 

‏■ نارٌ سوداءُ

يسمّونها: الليل

وأسميها: غيابكِ.‏

 

‏* * *‏

 

‏■ البراءةُ المُوجعةُ

أن يظلَّ البحرُ لا يدركُ

أنه مثلنا يغرقُ.‏

 

‏* * *‏

‏ ‏

‏■ بحَسْبي من الأخضر

أن تخصَّني شجرة بأسرارٍ ‏

لا تعرفها العصافيرُ

وَبحَسْبي من الألوانِ كلّها

أن تبيتَ في قفصي الصدريّ عصفورةٌ

لا يجتذبها نداءُ شجرةٍ.‏

 

‏* * *‏

‏ ‏

‏■ فقط حين تتطايرُ حروفي ‏

كعطْرٍ مراوغٍ

أتيقّنُ أنَّ قصاصاتي

هي بعضُ أوراقِ وَرْدَتكِ.‏

 

‏* * *‏

‏ ‏

‏■ للقسوةِ معانٍ عجيبةٌ

كأنْ تهرب غزالة مثلًا

من ذئبٍ يفتكُ به الجوعُ.‏

 

‏* * *‏

 

‏■ حكاياتُ جدّتي عن القرية

هي ما بقي من القرية

وأنا حين يقتلني الضحكُ

نهايةٌ بيضاءُ

لم تَحْكِها جدّتي بعد.‏

 

‏* * *‏

‏ ‏

‏■ أقبحُ من هذا الليل

أنّ قلوبًا سوداءَ

تدّعي الرؤية فيه.‏

 

‏* * *‏

‏ ‏

‏■ يرقصُ لهبٌ

وهو يغتالُ شمعة

تضحكُ الشمسُ

وهي تُحْيي العالَمَ.‏

 

‏* * *‏

‏ ‏

‏■ نَمْ في بيتٍ آخرَ غير بيتي

أيها الموتُ

مشغولٌ أنا في هذه الأيام

بتخليص الأشياءِ من ضجيجها

قبل إلقائها على الأرض

وسماعِ أصواتِ ارتطامها

شيئًا فشيئًا

لأعيدَ تسميتها من جديدٍ.‏