تحقيب الشّعر الأردني الحديث: أجيال وجماعات ‏

د.محمد عبيد الله

ناقد وأكاديمي أردني

mobaidallah@hotmail.com

في ظلِّ ثراء المشهد الشعري الأردني وامتداد أجياله وتعدُّد ظواهره خلال نحو مئة عام هي عمر ‏الدولة الأردنيّة، ظهرت الحاجة إلى تحقيب الشعر الأردنيّ؛ وهي مسألة تنظيميّة تسهِّل دراسة ‏الحركة الشعريّة، وفي الوقت نفسه لا تمنع من تناول التجارب الفرديّة ولا تحدّ من تناول ‏الظواهر الفنيّة والموضوعيّة. فالتحقيب يلبّي مطالب الدراسات النقديّة الشاملة ويعمل على تنضيد ‏التجربة الفرديّة ضمن إطار أوسع هو تجربة الجماعة، كما يلبّي حاجة الدارسين ومؤرخي الأدب ‏إلى الإلمام بجوانب المشهد الشعري ومُعاينة معالمه وخطوطه الكبرى.‏

 

يرتبط الشعر -مثل كثير من التجليات والظواهر الإبداعية- بالتجارب الفرديّة للشعراء، وهذا ‏مستوى مهمّ من التناول والمعاينة، ولكنّه لا يتعارض مع جانب ثانٍ يتمثّل في النظر إلى الظواهر ‏الجماعيّة التي ترتكز على تصنيف الشعراء ضمن أجيال وجماعات شعرية؛ تبعًا للظروف ‏والظواهر المشتركة بينهم. ويلبّي خيار التصنيف مطالب الدراسات النقدية الشاملة التي تميل إلى ‏إضاءة مراحل ممتدة، وإلى تنضيد التجربة الفردية في تنظيم أوسع يتجاوز التجربة الفردية إلى ‏تجربة الجماعة، كما يلبّي حاجة الدارسين ومؤرخي الأدب إلى الإلمام بجوانب المشهد الشعري ‏ومُعاينة معالمه وخطوطه الكبرى.‏

وفي سياقنا المحدّد هنا حول الشعر الأردني الحديث، في ظلال مئويّة الدولة الأردنيّة، فإننا نتطلّع ‏إلى رسم معالم وخطوط أساسية تشمل التجربة الكلية، من خلال بعض طرق التصنيف، مثل: ‏مبدأ التقسيم إلى الأجيال الشعرية الذي يلتقي مع التقسيم التاريخي، ورصد أهم الجماعات الشعرية ‏التي أعلنت عن نفسها من خلال بيانات أو إعلانات تكشف عن منطلقات الجماعة الشعرية وعن ‏تطلعاتها، فهذا ونحوه ممّا يدخل في التحوُّل من دراسة الشعر فرديًّا، إلى تصنيفه جماعيًّا، بما ‏يثري التجربة الفرديّة ولا يلغيها.‏

شعراء حقبة الإمارة

ولعلَّ شعراء حقبة الإمارة في النصف الأوَّل من القرن العشرين هم أوَّل جيل شعري اجتمع في ‏‏(الإمارة- المملكة) بحكم ظروف متعدّدة، على رأسها تأسيس إمارة شرقيّ الأردن عام 1921م، ‏وأهم أعلام هذا الجيل: الملك المؤسس عبدالله الأوَّل، نديم الملاح، رشيد زيد الكيلاني، مصطفى ‏زيد الكيلاني، حسني زيد الكيلاني، حسني فريز، مصطفى وهبي التل، محمد الشريقي، شكري ‏شعشاعة، صبحي القطب، محمود الروسان، إميل جميعان، محمود المطلق، عبدالمنعم الرفاعي، ‏رفعت الصليبي، محمد صبحي أبوغنيمة، إبراهيم المبيضين... وأسماء كثيرة ممّن نشروا ‏قصائدهم في صحف ومجلات الإمارة، أو كان لهم ظهور في مجالس الملك عبدالله الشعرية ‏والأدبية.‏

وفي تلك المرحلة التأسيسية يمكننا أن نلاحظ عدة أمور: منها دور البلاط الأميري ورعايته ‏وتقريبه للشعراء، ومنها أثر الصحافة والمجلات المبكّرة، ومنها بدايات التعليم الحديث واتساع ‏تأسيس المدارس الرسمية والأهلية، ومنها أثر الحركة الوطنية والحزبية، ومنها قدوم بعض ‏شعراء العرب زائرين أو مقيمين وتفاعلهم مع شعراء الإمارة، من مثل: فؤاد الخطيب، ‏وخيرالدين الزركلي، وعلي منصور، وسعيد الكرمي، ومصطفى الدباغ، والمختار الشنقيطي، ‏وسعيد فياض وغيرهم.‏

أمّا الدواوين المنشورة التي تنتمي إلى هذه المرحلة فأهمّها: (هياكل الحب) لحسني فريز ونشر في ‏عام 1938م، و(أطياف وأغاريد) لحسني زيد الكيلاني من منشورات عام (1946م)، ‏و(عشيات وادي اليابس) لعرار (مصطفى وهبي التل) وقد تأخر نشره إلى عام 1954 (طبعة: ‏محمود المطلق) قبل أن تصدر طبعات أخرى أشملها: تحقيق زياد الزعبي عام (1982) وغدا ‏هذا التحقيق وطبعاته المنقّحة هو النشر العلمي المعتمد لشعر عرار. و(عرار) فوق هذا أكثر ‏شعراء الجيل الريادي بقاءً وتأثيرًا حتى اليوم، فقد حقق له شعره ما لم تحققه حياته القصيرة ‏الخاطفة فغدا بحقّ "شاعر الأردن غير منازع"! ‏

شعراء "الأفق الجديد": بين النكبة والنكسة‏

ويمكن أن نحدّد المرحلة اللاحقة بالشعراء الذين ظهروا بعد عام النكبة 1948م وحتى نكسة ‏حزيران 1967، وعلى الرغم من قصر هذه المرحلة من الناحية الزمنية فإنها مرحلة حاسمة في ‏تحولات الشعر والإبداع الأردني والعربي بشكل أعم، شهدت زلزال النكبة وتداعياتها، وشهدت ‏انقلابات وتحولات سياسية، وشهدت ثورة يوليو 1952، وولادة الناصرية وتوجهاتها القومية، ‏وشهدت محاولات الوحدة والانفصال، وشهدت تعريب الجيش في الأردن، وفي الجانب الثقافي ‏ارتبطت بانطلاقة الشعر الحر (شعر التفعيلة)، وصعود قصيدة النثر العربية، وشهدت ظهور ‏مجلات عربية مؤثرة أبرزها مجلة (الآداب) البيروتية عام 1953م. وفي الأردن: مجلة (القلم ‏الجديد)، للأديب والشاعر عيسى الناعوري وصدرت لعام واحد بين (1952-1953)، ومجلة ‏‏(الأفق الجديد) المقدسيّة وشهدت نهاية هذه المرحلة ميلاد مجلة (أفكار) التي أصدرتها دائرة ‏الثقافة والفنون (1966)، وكان ميلادها إيذانًا بمرحلة جديدة.‏

ويمكن على مستوى البؤر الجماعيّة أن نذكر شعراء النكبة الذين سارعوا إلى تصوير ظاهرة ‏اللجوء، ومآسي اللاجئين في خمسينات القرن العشرين، وأبرز هؤلاء: خليل زقطان (صوت ‏الجياع: 1953)، وأمين شنار صاحب ديوان (المشعل الخالد: 1957)، وعيسى الناعوري ‏‏(أناشيدي: 1955) و(أغاريد: 1957). ويبدو أنَّ هؤلاء الشعراء كانوا طليعة التجربة الشعرية ‏التي ستتضح معالمها مع ميلاد مجلة "الأفق الجديد" (1961-1966)، ونجحت هذه المجلة في ‏ضمّ أهم الأصوات الشعرية التي ظهر بعضها قُبيل صدور المجلة، إلى جانب الأصوات الشعرية ‏الجديدة التي يُمكن أن نُطلق عليها -ببعض التسامح- تسمية (جيل الأفق الجديد) وقد اجتهدت ‏المجلة لتكون منبرًا للشعر الجديد الذي تمثّل في شعر التفعيلة، دون إهمال الشعر المحافظ أو ‏العمودي، وأهم الأسماء التي تبنّت الشعر الحداثي بصورته (التفعيلية) ممّن نشروا قصائدهم في ‏‏(الأفق الجديد): أمين شنار، عبدالرحيم عمر، أحمد حسن أبوعرقوب، راضي صدوق، حكمت ‏العتيلي، سليم دبابنة، فايز صياغ، عزالدين المناصرة، محمد القيسي، تيسير سبول، قحطان هلسا، ‏وليد سيف، سرى سبع العيش، موسى صرداوي وغيرهم. وبقي الاهتمام بالشعر العمودي ‏حاضرًا، إلى جانب محاولات التجديد التي عرفها الشعر العربي بتأثير الشعر الرومانسي ‏وجماعات شعرية مثل: جماعة الديوان وجماعة أبوللو. ومن الشعراء الذين مثّلوا هذه الاتجاهات ‏الأقرب إلى المحافظة أو التجديد التقليدي ممن نشروا في مجلة (الأفق الجديد): خالد نصرة، ‏عبدالرحمن بارود، رجا سمرين، جميل علوش، يوسف العظم وغيرهم.‏

من هذه المرحلة نتبيَّن تأثير عبدالرحيم عمر الذي سيستمر في العقود الآتية، كما نتبيَّن تأثير أمين ‏شنار فيما قدّمه من قصائد مختلفة النبرة والإيقاع والتصوير، إلى جانب دوره في رعاية الشعر ‏والشعراء، كما نتبيَّن بدايات تجارب شعرية مؤثرة في طليعتها تجارب: عزالدين المناصرة ‏ومحمد القيسي ووليد سيف.‏

أمّا أهم الدواوين الشعرية التي ارتبطت بعقد الستينات ونشرت خلال سنواته فأبرزها: "أغنيات ‏للصمت" لعبدالرحيم عمر (1963)، "يا عنب الخليل" لعزالدين المناصرة (1968)، "الخروج ‏من البحر الميت" لعزالدين المناصرة (1969)، "أحزان صحراوية" لتيسير سبول (1969)، ‏و"قصائد في زمن الفتح" لوليد سيف (1969)، و"صلوات للفجر الطالع" لخالد محادين ‏‏(1969)، و"يمر هذا الليل" لحيدر محمود (1969). ومن الشعر العمودي ديوان: "على دروب ‏الكفاح" لمحمود الروسان (1964).‏

شعراء السبعينات والثمانينات

يمكن أن نعدّ حلول نكسة حزيران 1967م إيذانًا بانتهاء المرحلة السابقة، وبدء مرحلة جديدة ‏تميّزت بصعود تجربة المقاومة وميلاد تسمية (الشعر المقاوم) و(شعر المقاومة) الذي لا يقتصر ‏على كبار الشعراء في الأرض المحتلة: (محمود درويش، سميح القاسم، توفيق زياد...) وإنّما ‏كان عنوانًا لمرحلة شعرية كبرى في نهاية الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وُلد الشعر ‏المقاوم من التفاعل مع القضية الفلسطينية ونتيجة صدمة حزيران، وصعود مناخات المقاومة ‏وصعود التوجهات القومية والناصرية، وهو ما لا يمكن تجاوز تأثيره في تطوُّر الشعر العربي ‏الحديث ومن ضمنه الشعر الأردني. وقد مثّلت هذه الظروف والمؤثرات تحديات (ثيميّة) وفنيّة ‏للشعراء، فغدا هَمّ التجديد مزدوجًا لا يقتصر على قضايا الشكل وإنَّما ينطلق من التعبير عن ‏الهموم المتصاعدة الجديدة. ‏

وقد كثر الشعراء في هذه المرحلة، واتضح التجديد والتنوُّع، كما تعددت المجموعات والدواوين ‏الشعرية، واستفاد الشعراء من مؤثرات متعدّدة، منها: تأسيس الجامعة الأردنية (1962) وبدء ‏التدريس فيها (1965)، ومنها ظهور دائرة الثقافة والفنون (تطورت إلى وزارة الثقافة) ومنها ‏صدور مجلة "أفكار" (حزيران 1966)، ومنها تأسيس رابطة الكتاب الأردنيين (1974)، ‏ومنها تطور صناعة النشر والطباعة التي سهّلت نشر الدواوين وتداولها. ومن شعراء هذه ‏المرحلة ممّن نشروا مجموعات شعرية في كتب مستقلة: حيدر محمود، نزيه القسوس، خالد ‏الساكت، محمد سمحان، إبراهيم العجلوني، محمد إبراهيم لافي، أحمد حسن أبوعرقوب، علي ‏فودة، علي البتيري، سهيل السيد أحمد، عبدالله الشحام، عبدالله منصور، محمد ضمرة، فواز ‏طوقان، عبدالله رضوان، عمر أبوسالم، محمود فضيل التل، مهنا أبوغنيمة، وغيرهم.‏

وشهد عقد الثمانينات استمرار الأسماء البارزة من الأجيال السابقة، ونشرهم مزيدًا من ‏المجموعات الشعرية، ولكنه شهد ميلاد مجموعة من الشعراء الذين أغنوا التجربة الشعرية وعنوا ‏بقضايا التجديد والحداثة، ومنهم: إبراهيم نصرالله، أحمد المصلح، يوسف عبدالعزيز، زهير ‏أبوشايب، يوسف أبولوز، طاهر رياض، جميل أبوصبيح، مؤيد العتيلي، أمينة العدوان، محمود ‏الشلبي، علي الفزاع، علي مبارك، عمر شبانة، يوسف غيشان، إدوارد حداد، محمد ناجي ‏العمايرة، يوسف حمدان، نادر هدى، محمد مقدادي، راشد عيسى، أحمد الخطيب، حبيب ‏الزيودي، مازن شديد، موسى حوامدة، محمد سلام جميعان، أحمد الكواملة، أمجد ناصر، عمر ‏أبو الهيجا، جريس سماوي، عبدالرحيم مراشدة، سعدالدين شاهين، هشام عودة...‏

‏"جماعة أجراس" وجيل التسعينات

قد تكون "جماعة أجراس الشعرية" (1992) أوَّل جماعة شعرية تظهر في الأردن، على نحو ‏قصدي وواع، من خلال مجموعة من الشعراء الشباب –آنذاك- ممّن ربطت بينهم الصداقة ‏والاهتمام بالتجديد وحداثة الشعر (وهم: علي العامري، غازي الذيبة، باسل رفايعة، محمد ‏عبيدالله، محمد العامري) فأعدّوا بيانًا موجزًا موقعًا بأسمائهم، وأعلنوا عن جماعتهم أثناء انعقاد ‏مهرجان جرش في تموز عام 1992، ودأبوا بعد ذلك على المشاركة في الفعاليات والقراءات ‏الشعرية والنشر المكثّف مع الإشارة إلى انتمائهم إلى (جماعة أجراس الشعريّة) وقد استمر هذا ‏النشاط حتى رسخ اسم الجماعة وأسماء شعرائها، وأصدروا أعمالًا شعرية متميزة وفق متابعة ‏النقاد والدارسين. وقد مثّلت هذه الجماعة أهم مكوّن جديد في جيل التسعينات الشعري، ولكن إلى ‏جانبهم ظهر شعراء متميزون حاول بعضهم تنظيم أنفسهم في جماعات مماثلة، مثل: جماعة ‏‏(سين)، وجماعة النوارس... ولكن لم يُكتب لهما الذيوع أو الاستمرار. ‏

ومن أبرز الأسماء الشعرية في هذا الجيل غير من ذكرنا من شعراء أجراس: ناصر شبانه، ‏حكمت النوايسة، عاطف الفراية، مهند ساري، خالد أبوحمدية، أحمد كناني، تيسير النجار، جهاد ‏هديب، زياد العناني، حاكم عقرباوي، حسين جلعاد، حيدر البستنجي، طارق مكاوي، عثمان ‏حسن، عماد أبوسالم، قصي اللبدي، ماجد المجالي، موفق ملكاوي، علي طه النوباني، نضال ‏برقان، أحمد الحشوش... ‏

ظاهرة الشعر النسوي

ظاهرة الشعر النسوي ظاهرة مُهمّة، تأخَّر بروزها لظروف اجتماعية مركّبة، ومن مؤشراتها ‏لجوء المرأة الكاتبة/ الشاعرة إلى الأسماء المستعارة في عقود البدايات، وإذا تجاوزنا البدايات ‏العفوية والظهور الخافت في المراحل المبكرة، فإنها قد تأخرت كظاهرة إلى ثمانينات وتسعينات ‏القرن الماضي، مع صعود النسوية العربية، وخروج المرأة الأردنية إلى التعليم والعمل ‏والمشاركة السياسية والاجتماعية، وما زالت متاحة للدراسة والاهتمام، وفيها علامات وأسماء ‏منها: ثريا ملحس، أمينة العدوان، زليخة أبوريشة، رجاء أبوغزالة، سلوى السعيد، هيام رمزي ‏الدردنجي، سرى سبع العيش، شهلا الكيالي، عائشة الخواجا الرازم، عطاف جانم، منيرة شريح، ‏منيرة مصباح، مريم الصيفي، سهير الداوود، وفي عقد التسعينات والألفية الجديدة وُلدت أصوات ‏شعرية نسوية بارزة منها: مها العتوم، رانة نزال، آمنة البدوي، جميلة العجوري، نبيلة الخطيب، ‏إيمان عبدالهادي، لينا أبوبكر، مريم شريف، سناء الجريري، لينا جرار، مناهل العساف، هناء ‏البواب، بريهان الترك، ميسون النوباني...‏

شعراء الألفيّة الجديدة

أمّا الألفيّة الجديدة فقد كانت بداياتها أقرب إلى مناخ شعر التسعينات، ولم يظهر أننا أمام موجة ‏جديدة، وكثير من شعراء هذه المرحلة هم من شعراء جيل التسعينات الذين لم تتح لهم ظروف ‏الاغتراب أو العمل أو الدراسة أن ينشروا أو يعلنوا عن أنفسهم، فتأخرت معرفتنا بهم إلى زمن ‏متأخر نسبيًّا عن بداياتهم، كما ظهرت أسماء جديدة لشعراء جدد أفادوا من تطوُّر التعليم وتنوُّع ‏وسائل الثقافة ووسائل التواصل، وخصصت بعض الجامعات مهرجانات وملتقيات خاصة ‏للإسهام في العناية بالشعر الجديد وشعر الشباب، مثل "مهرجان فيلادلفيا للشعراء الشباب" الذي ‏يعقد بانتظام منذ عام 2010.‏

ومن علامات هذه المرحلة وجماعاتها ظهور جماعة شعريّة باسم (حركة شعراء نيسان) وهي ‏جماعة شعريّة أعلن عنها شعراؤها في بيان شعري مشترك عام 2017، وتضم ثلاثة شعراء ‏ممّن يقيمون في شمال الأردن (إربد) وهم: مهدي نصير، نضال القاسم، سلطان الزغول. ‏وهؤلاء أقرب إلى شعراء ناضجين من جيل التسعينات على الرغم من إعلان جماعتهم في هذا ‏التوقيت المتأخر عن بداية ظهورهم أو نشر دواوينهم الأولى.‏

وغير هؤلاء فقد كثرت أسماء هذا الجيل الأخير ممَّن نُشرت دواوينهم وعُرفت أسماؤهم بعد عام ‏‏2001 وحتى اليوم ومن هؤلاء: أحمد أبوسليم، صلاح أبولاوي، خالد الجبر، سعيد يعقوب، ‏أحمد العموش، إسماعيل السعودي، أكرم الزعبي، محمد خضير، إسلام سمحان، أمين الربيع، ‏حسن مريم، جلال برجس، علي شنينات، خلدون عبداللطيف، رامي ياسين، سمير القضاة، لؤي ‏أحمد، غسان تهتموني، عمر العامري، علاء العرموطي، فريد سرسك، عبدالرحيم جداية، عبدالله ‏أبوبكر، علاء أبوعواد، عبدالكريم أبوالشيح، عصام السعدي، خلدون امنيعم، عبدالله أبوشميس، ‏قيس قوقزة، هيثم الريماوي، سلطان القيسي، يونس أبوالهيجاء، لانا سويدات، محمد زكي، علي ‏الفاعوري، عمرو شرف، أنس الشوبكي، مهند السبتي وغيرهم. ‏

وظهرت في السنوات الأخيرة طائفة من الشعراء أسسوا ناديًا افتراضيًّا (فيسبوكيًّا) بــاسم (نادي ‏شعراء هايكو الأردن- شعراء الطبيعة) وهم يكتبون نصوصًا نثرية مكثفة يتفاوت حظها في ‏الشعر والشعرية وفق موهبة الشاعر وتمكّنه، يظهر معظمها على صفحات (الفيس بوك) ويجمع ‏بعضها في دواوين، بل وجدنا شعراء ظهروا قبل ذلك ظهورًا تقليديًّا أو اعتياديًّا يجرّبون حظهم ‏في (الهايكو) ذي الأصول اليابانية. ويبدو لنا أنَّ هذه المجموعة هي صدى لما ظهر منذ سنوات ‏قريبة من جماعات عربيّة مماثلة بالمسمّى نفسه، ومن الأسماء المرتبطة بهذه الظاهرة: محمود ‏الرجبي، توفيق أبوخميس، نايف الهريس، ثراء يوسف، ميسر أبوغزة وغيرهم. ‏

مجموعات وظواهر أخرى

وفي مشهد الشعر الأردني ظاهرة لم تنل حظها من الاهتمام هي ظاهرة الشعر المهجري، على ‏الرغم من اهتمام عيسى الناعوري المبكّر بأدب المهجر، وريادته النقدية في دراسته والتأريخ له، ‏وتضم هذه الجماعة شعراء عاشوا خارج الأردن وعبّروا عن همومهم وتجارب اغترابهم ولهم ‏دواوين منشورة داخل الأردن وخارجه، من مثل: عيسى قنصل، وحسن بكر العزازي، وعيسى ‏بطارسة، وصولًا إلى سلوى السعيد وأمجد ناصر وسرحان النمري وغيرهم. وقد التفت بعض ‏النقاد مؤخرًا إلى هذه الظاهرة ودعوا إلى دراستها.‏

وهناك مجموعة من الشعراء الذين لم ينشروا دواوين مبكرة، وإنّما تأخَّر نشرهم إلى عقود لاحقة، ‏متأخرين عن أجيالهم من الناحية العمْرية والزمنية، وبعض هؤلاء من النقاد وأساتذة الجامعات، ‏وبعضهم ممّن كانوا خارج الأردن عملًا وإقامة، دون أن يرسّخوا حضورهم الشعري قبل الألفية ‏الجديدة. ويمكن أن نسمّي من هؤلاء أسماء بارزة مثل: إبراهيم السعافين، وصلاح جرار، وخالد ‏مياس، ورغيد الشخشير وغيرهم.‏

وختامًا، فإن مسألة التحقيب مسألة تنظيمية تسهّل دراسة الحركة الشعرية، ولا تمنع من تناول ‏التجارب الفردية، ولا تحدّ من تناول الظواهر الفنية والموضوعية، ولعلّ ما أشرنا إليه في ‏الفقرات السابقة يشير إلى ثراء المشهد الشعري الأردني، وامتداد أجياله وتعدّد ظواهره، خلال ‏نحو مئة عام هي عمر الدولة الأردنية، ممّا يمكن أن يُغري النقاد والدارسين بمزيد من الدراسة ‏والاهتمام.‏