نوافذ ثقافيّة

 

محمد سلّام جميعان

شاعر وناقد أردني

 

ثقافة عربيّة

روّاد المسرح والرقص الحديث/ مجد القصص

يشتمل هذا الكتاب على قضايا نظرية وتطبيقية ترجمت فيه المؤلِّفة خبرتها الذاتية، وقايستها على ‏خبرات مسرحيين آخرين، لتؤكد معنى الممارسة الفنية التي شغفت بها وانجذبت لها منذ سنٍّ ‏مبكرة، حتى غدا المسرح قوام حياتها. لهذا اقترنت الموهبة الحارّة لديها بالمعرفة في هذا الكتاب ‏الذي عاينت فيه نظريات المسرح الحديث، وأضاءت معنى الفن ودلالاته، ومصائر النظريات ‏المسرحية، متوقفة أمام مقولاتها والسياق الذي جاءت فيه.‏

ولعلّ مبدأ المقارنة هو أساس التجدُّد والنقد الذاتي، وهو ما أملى على المؤلفة أن تقرأ تجربتها ‏المسرحية على ضوء تجارب الآخرين، لبناء علاقة متجددة بينها وبين المتلقي. فالكتاب يحتفي ‏بالمسرح من وجهتين تكمل إحداهما الأخرى؛ الأولى يعرض بوضوح شفّاف تجارب مسرحية ‏متعددة في القرن العشرين، ومرة ثانية وهو يقدم معرفة ضرورية للمهتمين بالثقافة الفنية، ‏وخصوصًا المسرحية منها. وبالتالي سيكتشف القارئ أنه ليس بالإمكان للتعامل المسؤول ‏بالمسرح وقضاياه إلا بمعرفة رصينة بالمسرح وقضاياه، كونه الحقل المتميز في موضوعاته ‏وأدواته ووسائله، مع تعالق فن المسرح مع فنون أخرى يتكامل فيه المسرح مع الموسيقى والرسم ‏والغناء، وهو ما يبرّر -في عرف المؤلفة- ممازجة المسرح بالرقص لتشكيل علاقة فيها من ‏التربية والإمتاع، ما يُغْني معنى الحرية في الجوهر الإنساني، كما يتجلّى في رقص الديثرامبوس ‏عند الإغريق.‏

والمؤلفة هنا تجترئ على كل المقولات الجاهزة التي تجعل القيم الفنية في مواجهة مباشرة مع ‏المواضعات الاجتماعية التي تنتقص من قيمة الفن. وتبدو قيمة الكتاب فيما اعتمده من مراجع ‏تأصيلية تغري بمزيد من البحث في هذا الموضوع، الذي يشكل حالة مثاقفة جادة بين المسرح ‏والرقص بعيدًا عن التلقي السلبي.‏

 

 

مئة سؤال وسؤال حول تاريخ الفلسفة الغربية/ مجدي ممدوح

على الرّغم ممّا يحيط بالفلسفة الغربية من تنوُّع ومحطات ثريّة عبر تاريخها الطويل، غير أنَّ ‏الحصافة البحثيّة التي يتمتع بها مؤلف الكتاب قد مكّنته من إجمال خمسة وعشرين قرنًا من ‏الفلسفة عبر مفاتيح أساسية ومدخلات نافذة، لقراءة تاريخ الفلسفة الغربية والاستزادة من ‏ينابيعها، تمكّن قارئ هذا الكتيّب من الاستزادة وفق تصورات إرشادية تضعه في عمق بحار ‏الفلسفة.‏

الكتاب يتضمّن أسئلة ذات طابع حواري بعيدًا عن الجمود والتعقيد، ذلك أنَّ الفلسفة في خطابها ‏تقوم على الانشغال الحواري، على نحو ما يتبدّى في محاورات أفلاطون التي قدّمها في صورة ‏أسئلة تعصف بالذاكرة والعقل، وتحفز المتخيّل الوجودي للارتقاء مع حقائق النفس والكون، ‏تأصيلًا للذات الإنسانية ومَوْضعتها في الوجود حركةً وسكونًا.‏

لم يكن مَنْ يطرح الأسئلة في هذا الكتيّب كائنًا افتراضيًا، فالأسئلة المطروحة مستلّة من الأسئلة ‏التي كان ولدُه يطرحها عليه؛ بمعنى أنها عين الأسئلة التي يطرحها الشباب، وهي الفئة التي ‏يتوجَّه نحوها الكتاب، لجلاء القضايا الإشكالية التي ينبني عليها جوهر الفلسفة، مع مراعاة ‏الاختزال غير المُخلّ عند تقديم الإجابات المرتبطة بنظرية المعرفة.‏

ما يحتاجه قارئ هذا الكتاب هو حضور الاستعداد وانفتاح العقل، لاستيعاب الإشكاليات الفلسفية ‏المطروحة، فالإشكال تجاه قضية ما، هو ما يضع الإنسان في قلب المواجهة مع الحقيقة، وليبقَ ‏الذي يقيمون في المسلّمات في سلسلة زمنية لا تتحرّك ولا يتحرّك معها العقل.‏

ثلاث حقب فلسفية يعاينها الكتاب (اليونانية، والحديثة، والمعاصرة) استخلص منها المؤلف أبرز ‏العناصر الفلسفية التي تشغل الذاكرة الإنسانية، ابتداءً من آدم الأول إلى آخر آدميّ يريد أن يعرف ‏كونه الذاتيّ وذاته الكونيّة.‏

 

أسرار الطريق الصوفي/ محمد أبو رمان

يكشف العنوان الفرعي المتمّم لعنوان الكتاب (مجتمع التصوّف والزوايا والحضرات في الأردن) ‏الحقل الذي يروده هذا الكتاب. فمنذ السطور الأولى التي تحفل بها مقدّمته تتجلى سيرة تأليف ‏الكتاب منجدلة مع المكان والزمان بحيوية جاذبة للقارئ، كي يدور منجذبًا لحالات التصوف ‏وإشراقاتها الروحية، كما يراها في انشغالات الصوفي الناسك أحمد الخضري، الذي قَدِم إلى ‏الأردن في ستينات القرن الماضي قادمًا من سوريا، لكي يقيم جلسة الذِّكر الشاذلية في المسجد ‏الحسيني.‏

‏ الكتاب أقرب إلى عملية "اقتحام" لبيت التصوُّف الأردني، فيبدأ بتمهيد ضروري عن النظرية ‏الصوفية بما في ذلك التاريخ والمصطلحات والمفاهيم والمدارس والأفكار الرئيسة والشيوخ ‏الكبار، والنقاشات التي تمسّ التصوف عمومًا، غير غافلٍ في الفصل الأول الحديث عن بناء ‏صورة عامة عن البيئة الأردنية المحيطة بالطرق الصوفية، لفهم التغيرات المتعلقة بالتنافس بين ‏المدرسة الصوفية والمدرسة السلفية.‏

وفي الفصل الثاني يبني المؤلف إطارًا لفهم الخارطة الصوفية منذ بداية تأسيس الزوايا المعروفة ‏للطرق الرئيسة في خمسينات القرن الماضي إلى اليوم. في حين يتجول بنا المؤلف في الفصل ‏الثالث -وهو أطول فصول الكتاب- في البيت الصوفي وزواياه وحضراته وعلاقاته الداخلية، ‏بهدف تعميق التصوف في وجدان القارئ، وبخاصة الأفكار والخلفية التاريخية للأفكار الحاكمة ‏والسرديات الصوفية الأردنية.‏

ويختبر المؤلف في الفصل الرابع السيسيولوجيا والسيكولوجيا الصوفية، عبر بناء مقاربة مبنية ‏على مقابلات ولقاءات وحوارات مع متصوفين أردنيين، غير غافل عن الاقتراب من عالم ‏التصوف النسوي.‏

وينتهي الكتاب بخاتمة تستشرف الآفاق المستقبلية للتصوف في الأردن والمؤشرات المتوقعة ‏والتحديات القادمة، ليكون منهجيًّا أغنى ما رفد المكتبة العربيّة في مجاله.‏

 

ثقافة عالميّة ‏

 

ما فوق البنيوية/ ريتشارد هارلاند- ترجمة: لحسن أحمامة

يندرج تحت مصطلح "ما فوق البنيوية" فريق كبير من البنيويين والسيميائيين والألتوسيريين ‏والماركسيين والفوكويين وما بعد البنيويين، وفقًا لتحديدات المؤلف الأصلي، الذي يُلقي الضوء ‏على تشكيلة واسعة من الرؤى فوق البنيوية ضمن عدة حقول في مختلف العلوم الإنسانية في ‏اللسانيات والأنثروبولوجيا ونظرية التحليل النفسي والاقتصاد السياسي والسيميائيات العامة، وذلك ‏لتوضيح هذه الرؤى المتنوعة بما هي رؤية تقلب نماذج البنية الأساسية والبنية الفوقية كما اعتدنا ‏رؤيتها.‏

وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يعتمد المؤلف شكلين أساسيين، هما أسبقية الثقافة على الطبيعة، ‏وأسبقية المجتمع على الفرد. وفي هذا السياق يؤكد المؤلف أنّ خصوصية ما فوق البنيوية تكمن ‏في الهوّة الهائلة التي تفصلها عن أنماط التفكير الأنجلو- سكسوني.‏

وغير بعيد عن هذه النتيجة يناقش المؤلف عددًا من أصحاب النظريات الأدبية، أمثال سوسير ‏ودوركايم وألتوسير وبارت وفوكو ودريدا، شافعًا كل هذا بملحق كرنولوجي، يساعد في استيعاب ‏الحقائق النسبية التي يحتاج القارئ إلى تخزينها على مستويات متدرجة ومتنوعة من الاستكشافات ‏المبهرة.‏