هذي الكَرامةُ

‏           علي الفاعوري

شاعر أردني

 

‏                                                    ‏

الطّالعـــونَ مــع الصّبـاحِ حَمامـا

النّـابتونَ من التـُّـرابِ سِهــامــــــا

النّـاذرونَ لأجْـلــــهِ هــــذا الثّرى

أرواحَـهُم، والحــافظونَ ذِمــامــــا

الواهبـونَ دِمائَهــــم حتى ارْتـوى

وجْـه البُطولةِ فاسْتحـالَ غَمـامـــــا

الحاضِرونَ هُنــا بِرغم غِيابِهـــــم

كالبـَـدرِ بـدّدَ عَتمـَــةً وظلامــــــــا

نَفَضوا عن الدُّنيـــا غُبارَ خُنوعِهـا

وجَلوا عن الوهمِ الكبيرِ سُخامــــا

وتناثَروا شُـــهُبًا على عَتَماتِهــــــا

وتخلّدوا في أرضِــها أهرامـــــــا

واسْـتَغروا المَوتَ الزُّؤامَ وأقدمــوا

كالّلاهثينَ إلى العُلــى إقدامــــــــا

طــارُوا أبابيــــلًا علـى أرجائهــــا

سِجّيلُهم جَعَلَ البِطاحَ ضِرامــــــا

سَـــحَقوا بِســاعاتٍ بَريقَ خُرافَـــةٍ

أضْحَتْ بِفَضلِ فِدائِهِم أوهامــــــا

فتنـاثـرتْ جيــفُ الذيــنَ تأبَّـطـــــوا

حقدًا وذاقـــوا الذّل والإرغامــــــــا

هذي الكَرامــةُ صِيغَ أوّلُ نَصْرِهــا

حينَ التَقَينــــــا أُمَّـــــةً وإمـــامـــــا

خاضَ الحُسـينُ غِمـارَها مُسْـتبسِـلًا

مِنْ حَوْلِهِ بَذَلوا النَّفيسَ نَشـــــــامـى

حَمَلـــوا لِـواءَ النَّصرِ ليسَ يردّهُــمْ

مَوْتٌ على الأُفُــــقِ القريبِ تَرامـى

كَسَـــــروا غُرورَ المُعْتَدينَ وظَنَّهُــمْ

أنّا سَـــنُنْهي يومَنـــــــا اسْـتِسْـلامــا

ما رَدّهُـــمْ هَــولُ الِّلقــــــــاءِ وإنّمــا

قدْ زادَهُـــــمْ عِشْقُ الحِمى إقْدَامــــا

كـيْ يَشــــــهَـدَ التّـــاريــخُ أنّـا أمّـــةٌ

نَحْيا كِرامًــــا .. أو نَموتُ كِرامـَــا