محمد جميل عبد القادر مؤسّسُ الإعلام الرياضيّ الأردنيّ

‏                عامر الصمادي

 

‏ إعلامي ومترجم ومدرب دولي

‏       لعلَّ جيلَنا من الأردنيين ممن كانوا أطفالًا أو شبابًا في سبعينيات القرن الماضي ‏وثمانينيّاته، ما زالوا يذكرون ذلك الصوتَ وتلك الصورةَ التي ارتبطت بذاكرة الرياضة ‏الأردنية، فلا يمكن تخيّل أيّ حدثٍ رياضيٍّ دون وجوده أو سماعِ صوته مُعلّقًا عليه، هو ‏أوّلُ من قدّم برنامج "المجلة الرياضيّة" التي مازالت تُبث حتى اليوم، بدأت بعشر دقائق ‏وعندما أُحيل إلى التقاعد وصلت مدتها إلى ثلاث ساعات متواصلة من التغطية ‏الرياضيّة، حيث كنّا نتحلقُ حول التلفزيون عصرَ كلِّ يوم جمعة لمتابعة المجلة الرياضيّة ‏بكل ما فيها من إثارة. ‏

محمد جميل عبدالقادر اسمٌ ارتبط بالرياضة الأردنيّة منذ تأسيس التلفزيون الأردنيّ، وتعود ‏معرفتي به إلى نهاية السبعينيات من القرن الماضي عندما كنتُ في فريق المدرسة ‏الرياضيّ، وكنتُ شغوفًا بمتابعة برنامج المجلة الرياضيّة؛ خاصةً سؤال الحلقة الذي كان ‏يطرحه الأستاذ محمد جميل على الجمهور في نهاية الحلقة، ومن يعرف الإجابة يقوم ‏بكتابتها وإرسالها برسالة إلى البرنامج عبر صندوق بريد التلفزيون؛ وهذا يعني أيضًا أنّني ‏كنت أمشي مسافًة طويلًة للوصول إلى مكتب البريد وشراء الطوابع وإلصاقها على ‏المغلف، ثم وضعه في صندوق خاص، لتصل بعد عدة أيام إلى التلفزيون. وكنت أواظب ‏على إرسال الرسائل كلَّ أسبوع إلى البرنامج لكن دون فائدة ولم يحالفني الحظ بالفوز بأيِّ ‏جائزةٍ حتى أصابني المللُ وتوقفتُ عن إرسال الرسائل،  وفي إحدى حلقات البرنامج ‏فوجئت باسمي فائزًا بجائزة البرنامج، ولا يتخيّل أحدٌ مقدار فرحتي يومها، وأصبحتُ نجمًا ‏في الحارة والمدرسة، الكلُّ يهنئني على الجائزة التي لم أكن أعلم ما هي، وفي اليوم التالي ‏اتصل والدي بالتلفزيون للاستفسار عن كيفية الحصول عليها، فقالوا له أن يصطحبني ‏بعد أيام وإحضار إثبات شخصية وهذا ما حصل، ولأنَّ والدي لم يكن يمتلك سيارةً يومها، ‏ومبنى التلفزيون بعيدٌ نسبيًّا فقد استقللنا تاكسي ووصلنا إلى التلفزيون، وبقينا ننتظر إلى أن ‏حضر الموظف المعني، لكنّه طلب إلينا أن نعودَ في يومٍ حدّده لنا بسبب عدم وجود ‏مسؤول اللوازم يومها، وهكذا عدنا بعد أيام بالطريقةِ نفسها، وتم منحي الجائزة وكانت ‏عبارة عن "راديو ترانزستور" ثمنه لا يتعدى يومها الدينارين ونصف، لكنّه كان بالنسبة لي ‏لا يُقدر بثمن، وبقيت أحتفظ به لسنواتٍ طويلة، حتى أنّني اصطحبته معي إلى جامعة ‏اليرموك فكان مصدر متابعتي للأخبار، وأذكرُ أنَّ أهمَّ ما تابعته عبر ذلك الراديو كان ‏خطاب المغفور له الملك الحسين بن طلال عام ألف وتسعمئة وثمانية وثمانين حول فكِّ ‏الارتباط مع الضفة الغربية، والذي استمر حوالي أربع ساعات، وكنت جالسًا عصرًا في ‏حديقة مبنى (الفيلج) أي دائرة اللغة الإنجليزية، أتابعُ كلَّ كلمةٍ من ذلك الخطاب التاريخيّ.‏

في عام ألف وتسعمئة وستة وستين تخرّج محمد جميل من كلية التربية الرياضيّة في ‏جامعة القاهرة، واختارته الكلية ليلقي كلمة باسم الطلبة (الشرقيين) كما كان يُطلق على ‏القادمين من دول المشرق العربي، وعندما انتهى الحفل نادته عميدة الكلية لتقول له أنه ‏يصلح أن يكون مذيعًا، ولم يكن في الأردن يومها بثٌ تلفزيونيّ، لكن هذه الملاحظة بقيت ‏في نفسه، عاد بعدها إلى الأردن ليوفي التزامه بالعمل مع وزارة التربية والتعليم، فعمل منذ ‏عام 1967 وحتى عام 1970 موجّها ومسؤولًا عن التربية الرياضيّة في محافظة ‏العاصمة/ عمان.‏

 

العملُ الإعلاميُّ في التلفزيون

يقولُ الأستاذُ محمد جميل في مقابلة أجريتُها معه في مكتبه كرئيسٍ للاتحاد العربي ‏للصحافة الرياضيّة: إنَّ الإعلاميّ الراحل رافع شاهين كان مُكلّفًا من طرف إدارة التلفزيون ‏بمتابعة الأنشطة الرياضيّة بمدارس المملكة، فاستعان به كمشرف للرياضة كي يساعده في ‏إعداد البرنامج، وبقي يساعده لأشهرٍ طويلة إلى أن أُصيب رافع شاهين بكسرٍ في قدمه ‏منعه من تقديم البرنامج، فطلب مدير البرامج جواد مرقة منه أن يقدّم البرنامج، لكنّه تردّد ‏فلم يسبق له أن قدّم برنامجًا أو تدرب على ذلك، كما أنَّ البرامج كانت تُبث على الهواء ‏مباشرةً؛ مما زاد من صعوبة الموقف، لكن تشجيع إدارة التلفزيون وبعض الزملاء له؛ مثل ‏يسار الدرة ومخرج برنامج الرياضة يومها الأرمني "هارتون أرتوريان"، سهّل عليه خوض ‏التجربة، إضافةً إلى أنَّ رافع شاهين-رحمه الله- كان قد بدأ الإعدادَ لبرنامجه (جرّب ‏حظك)، وهكذا أصبح مذيعًا، وتم تكليفه بتأسيس الدائرة الرياضيّة في التلفزيون، لكنَّ ‏المشكلة كانت أنّه مشرفٌ تربويٌّ في وزارة التربية والتعليم، ويجب أن ينتقل إلى التلفزيون، ‏رغم أنّه ملتزم لوزارة التربية، فعُرض الأمر على وزير التربية والتعليم يومها المرحوم ذوقان ‏الهنداوي، فلم يوافق، وذلك لأنَّ الوزارة بحاجة لمشرف رياضيّ أكاديمي، وحينما عُيّن ‏الدكتور إسحاق الفرحان وزيرًا للتربية والتعليم سهّل انتقاله إلى التلفزيون، وبقي فيه حتى ‏نهاية عام 1989 عندما أُحيل إلى التقاعد.‏

 

 

رياضيٌّ منذُ الصغر  ‏

لعلَّ من أسباب نجاحه في الإعلام الرياضي هو أنّه كان رياضيًّا منذ الصغر، فقد كان ‏يلعب كرة الطاولة، وهي اللعبة التي كانت منتشرة في مدارس الضفتين بكثرة، وحصل على ‏بطولة المملكة للمدارس عام 1959، ثم انتقل ليلعب كرة القدم مع (النادي الأدبي/ نابلس) ‏وأخيرًا توجّه لدراسة التربية الرياضيّة في جامعة القاهرة. وهكذا تميّز بأدائه الإعلامي عندما ‏كان يُعلّق على الأحداث الرياضيّة، فهو دارسٌ أكاديميٌّ للرياضة وممارسٌ فعليٌّ لها في ‏الملاعب.‏

 

عندما طارت الأوراق

يروي الأستاذُ محمد جميل قصةً طريفةً تدلل على أهميةِ أن يكون الإعلاميُّ متخصّصًا ‏ومُحضِّرًا جيّدًا لموضوعه فيقول: في إحدى السنوات كان من المقرَّر أن يُعلّق في مهرجانٍ ‏رياضيٍّ كبير في ستاد عمان الدولي،  بحضرة جلالة المغفور له الكبير الحسين بن ‏طلال، ويُبثُّ التعليقُ على الهواء مباشرةً، وكان من المقرَّر أن يدخل جلالتُه من باب ‏كبار الزوّار إلى المنصة، بينما كان المعلّق يجلس كالعادة يومَها عند حافة الملعب، ‏وأمامَه طاولةٌ صغيرةٌ يضع عليها أوراقه والميكرفون وشاشة صغيرة (مونيتور) لمتابعة ‏الحدث الرياضيّ، كانت المفاجأة أنَّ المغفورَ له الملك الحسين هبط بمروحيته وسط ستاد ‏عمان الدولي؛ مما أدى إلى تطاير كلّ ما حولها بسب شدّة الرياح التي تسببها المروحية، ‏وكان أهمّ ما تطاير هي الأوراق التي أعدَّ عليها ما سيقوله خلال التعليق على المهرجان، ‏مما اضطره للتعليق شفهيًّا ومن مخزونه المعرفيّ على المهرجان كاملًا، دون العودة لأيِّ ‏نصٍّ مكتوبٍ ولم يكن هذا ليتمَّ لولا التخصّصُ والخبرةُ الكبيرة.‏

 

تأليفه الكتبَ الرياضيّة

في بدايةِ حياتِه العمليّة في وزارة التربية والتعليم ألّف محمد جميل كتابًا بعنوان (الألعاب ‏الصغيرة) وكان ذلك عام 1968. ثم أتبعه بكتابٍ بعنوان (التربية الرياضيّة الحديثة ) عام ‏‏1974 . كما أسهم في كتابة مناهج التربية الرياضيّة وإعدادها لمدارس المملكة. وما زال ‏يحاضرُ في الإعلام الرياضيّ منذ عام 1984 وحتى اليوم. وهو العامُ الذي حصل فيه ‏على درجة الماجستير بالإعلام في جامعة القاهرة.‏

الإعلاميُّ الرياضيُّ المؤسّسُ

خلال مسيرتِه الإعلاميّة الرياضيّة أسّس عددًا من الدوائر الرياضيّة المهمة في الإعلام ‏الأردني، بدأها بتأسيس الدائرة الرياضيّة في التلفزيون الأردنيّ، وبقي رئيسًا لها منذُ عام ‏‏1969 وحتى تقاعده عام 1989، ويُعزى إليه الفضلُ في توظيف عددٍ من الإعلاميين ‏الرياضيين الذين أصبحوا نجومًا في الإعلام الرياضيّ فيما بعد؛ مثل: عثمان القريني ‏وخالد الغول ومحمد قدري حسن، ولطفي الزعبي ومحمد المعيدي وغيرهم. كما أسّس ‏الدوائر الرياضيّة في كلٍّ من الصحف التالية: صحيفة الرأي، والدستور، والشعب، ‏والأسواق، والعرب اليوم، وصحيفة جوول، وكلّها صحفٌ يوميّة، وهذه الصحف خرّجت ‏الإعلاميين الرياضيين في بلادنا.‏

لماذا لم تُبث إحدى مقابلاته مع المغفور له الملك الحسين بن طلال؟

يقولُ الأستاذُ محمد جميل إنّه قابل جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال خمسَ ‏مراتٍ في حياته، لكنَّ أطرفها كانت المرة الأولى، وذلك عندما كان وفريق برنامجه في ‏مدينة العقبة لتغطية مهرجانٍ للرياضة البحريّة هناك في بداية السبعينيات، واتصل به ‏مدير التلفزيون محمد كمال ليبلغه أنَّ هناك مسيرة تأييد للملك حسين ستنطلق بعد ساعة، ‏ولا وقت لإرسال فريق من دائرة الأخبار لتغطيتها، وبما أنَّه هناك طلب إليه أن يتوجّه إلى ‏القصر الملكيّ لنقل المسيرة. وبالفعل وصلت المسيرةُ وخرج المغفور له الملكُ الحسين ‏لاستقبالها، حيث صعد إحدى السيارات وبدأ بمخاطبة الجماهير، وكان على محمد جميل ‏أن يتعلّق بطرف السيارة الواقفة بين الحشود ليرفع الميكرفون ليكون قريبًا من الملك، لكن ‏الخطاب طال مما أدى إلى تعبه وإرهاقه، ولاحظ المغفور له ذلك، وعند انتهاء خطابه ‏ربت على كتفه وطلب إليه الدخول معه إلى القصر، وشكره على صبره وتعبه، وهنا اغتنم ‏الفرصة وطلب إلى المغفور له أن يخصّه بحديثٍ رياضيٍّ مطوّل، فوافق جلالة الملك ‏وطلب أن يكون ذلك في اليوم التالي على يخته في عرض البحر. ويصف محمد جميل ‏اللقاء قائلًا: إنَّه عندما بدأ بتوجيه أسئلته لجلالة الملك بدا عليه الارتباكُ والتوترُ، وهو ‏يُمسك بورقة الأسئلة التي حضّرها، فما كان من جلالته إلّا أن طلب إيقاف التصوير وأخذ ‏الورقة من يديه وألقاها في البحر وقال له: يا محمد أنت وأنا شباب ولا داعي للأسئلة ‏المكتوبة، اسأل ما تريد وأنا سأجيب لكن بعد أن نقوم بجولة بحرية. وطلب إلى قائد ‏اليخت أن يتجّه نحو الحدود البحريّة السعودية، وأخذ يشرح للفريق التلفزيوني ماذا يُخطّط ‏كي تصبحَ العقبةُ مثل "الريفيرا" الفرنسيّة، وكان يقوم بتقديم المرطبات لهم بيده، حتى تأكّد ‏أنَّ الرهبة زالت وأصبح الجوُّ وديًّا، عندها بدأ اللقاء وكان طبيعيًّا عفويًّا، وعند العودة إلى ‏التلفزيون تم مونتاج اللقاء تمهيدًا لبثّه. ويتابع محمد جميل قائلًا: لكنّنا فوجئنا بقرارٍ من ‏وزير الإعلام يومَها "عدنان أبو عودة" بعدم الموافقة على بثّه، ومرّت الأسابيعُ حتى كانت ‏هناك مباراة "بولو" بين الأردن والباكستان في الزرقاء، شارك فيها المغفور له الملك ‏الحسين والأمير الحسن- حفظه الله-، وذهبنا لتغطيتها، وعندما شاهدني جلالتُه سألني ‏عن المقابلة، فقلتُ له إنَّها أوامرُ معالي وزير الإعلام؛ والسببُ أنَّ جلالته كان يرتدي ‏‏"الشورت" على ظهر اليخت، فاستغرب جلالته وقال: أنا أريد توجيه رسالة لكلِّ الأردنيين ‏بأهمية الرياضة، وأنَّ الملك نفسه  يلبس "الشورت" لممارستها. وطلب إلى طيّاره الخاص ‏‏"بدر الدين ظاظا" أن يذهب في اليوم التالي إلى التلفزيون لمشاهدة المقابلة ويبلغهم ببثّها، ‏وهكذا كان.‏

‏ وعندما سألتُه عن أبرز ما يذكره من حديث المغفور له الملك الحسين في ذلك الوقت، ‏قال إنَّه لن ينسى إجابته له على سؤاله: ماذا تعني لك الرياضة؟ عندما أجابه: "إنها تعني ‏لي الحياة!!! ولولا الرياضة لما استطعتُ القيامَ بأعباء الحكم كما أفعلُ الآن". وهذه كانت ‏إجابةً متقدمةً جدّا في بداية السبعينيات من القرن الماضي.‏

ومن الطرائف الأخرى التي حصلت معه أنّه كان يعلّق على إحدى المناسبات الرياضيّة ‏التي حضرها المغفور له الملك الحسين بمعية الملكة نور، وقام بالترحيب بهما لكنّه بدل ‏أن يذكر الملكة نور ذكر الملكة علياء(التي كانت قد توفيت قبلها بسنتين) دون أن ينتبه ‏لذلك، وما إن خرج من ستاد عمان حتى بدأ الناسُ يلومونه على ذلك، فاضطرب ولم ينم ‏من القلق خشيةَ أن يتخذها البعضُ ذريعةً للإيقاع به، لكن ما حصل في اليوم التالي ‏خفّف عنه، فقد كان الإعلاميُّ الكبيرُ الراحلُ "جبر حجّات" يقرأ خبر مغادرة الملك الحسين ‏المملكة بزيارةٍ إلى دولةٍ ما، بمعية الملكة نور، لكنّه ذكر الملكة علياء بدلًا عنها، ممّا رسخ ‏الاعتقاد أنّها فلتة لسان لا أكثر عندهما؛ بسبب تعلق الناس وقتها بالملكة علياء وحزنهم ‏الشديد على وفاتها، ولم تتم محاسبتهما على ما كان يُعتقد أنَّه خطأٌ فادحٌ وقتها، وتم ‏الاكتفاء بعقوبة التنبيه عليهما.‏

 

الإعلامُ الرياضيُّ بين الماضي والحاضر

خلالَ حديثي الطويل معه سألتُه عن رؤيته للإعلام الرياضيّ حاليًّا، وكيف يقارنه بما ‏كان عليه الوضع سابقًا فقال: في أيامنا  كنّا نجاهدُ ونسهرُ الليالي للإعداد والتحضير ثم ‏التصوير، وبعدها مونتاج الأفلام بالطريقة القديمة، حيث يقوم المونتير باستعراض ‏النيجتيف، ثم قصّ اللقطات غير المرغوبة وإعادة لصقها مع اللقطات الأخرى يدويًّا، ‏باستخدام المِقصات ومواد اللصق وغيرها، فكانت عملية المونتاج تستغرقُ وقتًا طويلًا، ‏كما أنَّ الكاميرات كانت ثقيلةً جدّا، ولها جهازُ تسجيلٍ خارجيّ يحمله شخصٌ آخر، بينما ‏اليوم هناك ثورةٌ تكنولوجيّة غيّرت من مفاهيم العمل الإعلاميّ وأصبح أسهلَ بكثيرٍ، لكن ‏لم يرافق ذلك تطورٌ واضحٌ بالأداء والمعرفة، والشكل التلفزيوني للإعلام الرياضي. كما أنّ ‏التطوّر التكنولوجيّ الموجود حاليًّا يُعتبر ثورةً بالنسبة لما كان بين أيدينا من معداتٍ قديمة ‏وقتها، فمثلًا الكاميرات التي كنّا نستعملها كانت كبيرةَ الحجم وثقيلةَ الوزن، وأعطالها كثيرة، ‏وكنّا نتعرضُ لمواقفَ مُحرجةٍ جدّا، وأذكرُ أنّنا كنّا نصوّر سباقًا للضاحية برعاية الأمير ‏رعد بن زيد، وعندما أعطى شارة البدء انطلقنا مع المتسابقين لنكتشفَ في الطريق أنَّ ‏الكاميرا لا تعمل، وبقينا نوهم المتسابقين أنّنا نصوّر، حتى تم إصلاح الكاميرا، ثم طلبنا ‏من الأمير أن يعيد إطلاق شارة البداية مرة أخرى، وقمنا بعمل المونتاج اللازم، وتقبل ‏الأمير رعد ذلك بكلِّ رحابةِ صدر.‏

 

أداءُ الإعلام الرياضيّ حاليًّا

وحول أداءِ الإعلام الرياضيّ هذه الأيام يقول: إنَّ هناك فرقًا شاسعًا بين أوضاعنا سابقًا ‏وأوضاع الإعلاميين حاليًّا، فلم يصل الأداءُ الإعلاميُّ الرياضيُّ حاليًّا المستوى المطلوب ‏رغم كلّ التقدم التكنولوجيّ، وتنوّع مصادر الحصول على الأخبار واللقطات وسبل التدريب ‏والاطلاع على قدرات الآخرين، وكان يجبُ أن يواكبَ كلَّ هذا التقدم تطورٌ في الأداء ‏والتعليق والتحليل الرياضيّ وغيره.‏

 

نصيحةٌ للإعلاميين الرياضيين

يقول الأستاذُ محمد جميل إنَّ أهمَّ ما يجب أن يتمتع به الإعلاميّ الرياضيّ هو حبُّ ‏الرياضة، وأن يكون شغوفًا بها، وأن يكون ممن مارسها كلاعبٍ، أو درسها أكاديميًّا؛ فهذا ‏يُعطيه بُعدًا إضافيًّا ومعرفةً علميّةً أوسع، فالرياضةُ أصبحت جزءًا أساسيًّا من حياة البشر، ‏وانتشارُها واسعٌ جدّا، وتأثير الرياضة على الشباب أكبر بكثير من السياسة، وبالتالي ‏المسؤولية أكبر على عاتق الإعلاميّ الرياضيّ، وهناك مسؤوليةٌ على عاتق الدولة بتوسيع ‏الاهتمام بالرياضة بشكلٍ رسميّ؛ فمثلًا في ألمانيا لا تتم ترقية الشخص إلى وظيفة أعلى ‏إلا بعد اختبار لياقة بدنية، ويجب أن لا يكون هناك واسطة في الرياضة على أيِّ ‏مستوى، خاصةً الإعلام الرياضي.‏

المواقعُ الحاليّة والسابقة

‎    ‎ما زال محمد جميل يشغل منصبَ رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية منذ عام ‏‏2005. وقبلها كان يشغل منصبَ‎ ‎رئيس الاتحاد الأردنيّ للإعلام الرياضيّ منذ عام ‏‏2001 وحتى عام 2017، وقبلها رئيسًا لرابطة الإعلام الرياضيّ الأردنيّ منذ عام 1984 ‏وحتى عام 1990. وعمل نائب رئيس اللجنة الإعلاميّة في الاتحاد العربي لكرة القدم منذ ‏عام 1980 وحتى عام 2010‏‎ .‎ورئيس تحرير مجلة الكرة العربيّة التي تصدر عن الاتحاد ‏العربي لكرة القدم لسنواتٍ طويلة. وعضو اللجنة الأولمبية الأردنيّة والمكتب التنفيذيّ لأكثر ‏من دورةٍ أولمبية‎.‎

‎ ‎ومن أعماله التطوعيّة:‏

‎- ‎كان عضوًا وأمينًا عامًّا وأمينًا لصندوق الاتحاد الأردني لكرة القدم منذ عام‎ 1974 ‎وعلى فترات حتى عام 1989‏‎.‎

‎- ‎رئيس اتحاد الرياضة للجميع من عام 1998 وحتى عام 1999‏

‎- ‎نائب رئيس اتحاد المعلّقين والمذيعين الرياضيين العرب منذ عام 1976.‏

‎ ‎

‎ - ‎رئيس نادي عمان منذ عام 1984 وحتى عام 1997، في عهده فاز النادي ببطولة ‏الدوري الممتاز لكرة القدم عام 1984، وفاز 7 مرات ببطولة أندية المملكة لكرة اليد، ‏وتقاسم مع نادي "الاستقلال" بطولات المملكة بألعاب القوى لسنواتٍ طويلة، وفاز ببطولة ‏أندية المملكة للسيدات بكرة الطاولة سنواتٍ طويلة.‏‎ ‎

التغطيات الإعلامية‎ ‎

خلال مسيرتِه الطويلة شارك بتغطية عددٍ من الأحداث الرياضيّة المهمّة على مستوى ‏العالم، منها عددٌ من الدورات الأولمبيّة وبطولات كأس العالم، والعديد من الدورات ‏الرياضيّة الآسيويّة والعربيّة، وعشرات البطولات العربيّة والآسيويّة‎ .‎

الأوسمة‎:‎

حصل خلال حياته على عددٍ من الأوسمة والجوائز منها‎ :‎

‎-    ‎جائزة تقديرية من لدن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين‎ .‎

‎-    ‎وسام سمو الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز رئيس الاتحاد‎ ‎العربي لكرة ‏القدم في التعليق الرياضي‎ .‎

‎-   فاز بجائزة الدولة التقديريّة لأحسن موضوعٍ سياسيٍّ لطلاب وطالبات‎ ‎الجامعات ‏والمعاهد العليا المصريّة (مؤتمرات القمة وقضية فلسطين).‏

‎-    ‎وسام التميّز من فخامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.‏

وما زال الأستاذُ محمد جميل عبدالقادر شعلةً من النشاط الإعلاميّ، يقضي وقتَه بين ‏عمله في متابعةِ الأحداثِ الرياضيّة وبين متابعة شؤون أولاده الثلاثة: طارق الذي يعمل ‏مديرًا للبرامج في محطة "عمان تي في"، وهو الوحيدُ الذي اتّجه للعمل الإعلامي بعد ‏حصوله على الماجستير في الإعلام، أمّا ابنتاه أنجاد وزينة فتعملان في مجالات ‏الكمبيوتر والإدارة، وله تسعة أحفاد يقضي أمتع أوقاته معهم، والغريب أنّه ليس من بينهم ‏من يهتم بالرياضة إلّا واحدٌ فقط‎.‎