التوحيدي فيلسوفًا وعالمًا سيكولوجيًّا

محمد محمود فايد

باحث مصري في الأدب الشعبي وعلم النفس

 

يحظى أبو حيان التوحيديّ (923- 1023م) بمكانةٍ كبيرةٍ في الدراسات العربيّة القديمة والحديثة، فضلًا عن دراسات الاستشراق. ورغم التعتيم عليه، وضعه البعضُ في مكانةٍ كبيرة. ففي "معجم الأدباء"، اعتبره ياقوت الحموي، فيلسوفَ الأدباء وأديبَ الفلاسفة. ويرى د. زكريا إبراهيم، أنَّه: فيلسوفُ التوحيد، وفيلسوفُ الإنسان، وفيلسوف التشاؤم، وفيلسوف التساؤل، وفيلسوف الفكاهة!. أمَّا د. الصاوي أحمد، فيعتبره عالمًا تربويًّا ونفسيًّا، سبق الآخرين في عصر الحداثة بألف عام تقريبًا. فكانت تنظيراتُه وآراءه، بمثابة محاور دارت حولها كتاباتهم، واعتمدت عليها نظرياتهم المتعلقة بسلوك الإنسان، وانفعالاته، وأمراضه النفسيّة والعقليّة وطرق علاجها. سبق التوحيدي- أيضًا- بعض المؤرخين، وعلماء الاجتماع، وكانت آرائه بمثابة الأساس الذي بُنيت عليه نظرياتهم. مثال ذلك: سبقه لابن خلدون (1332- 1406م) و"إميل دور كايم" (1858- 1917م) في وضع حجر الأساس لعلم الاجتماع، فقد كان أول القائلين: "الإنسانُ مدنيٌّ بطبعه". موضحًا، الأسس التي ينبغي أن يقومَ عليها المجتمعُ المثاليُّ.(1)                                                                                     

لنكتشف، أن مواقفه وأفكاره لعبت دورًا مؤثرًا في الفلسفة، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، وغيرها. فضلًا عن اعتباره من أوائل المفكّرين الروّاد الذين أخضعوا نتاجات الفلاسفة والعلماء شرقًا وغربًا، لإبستمولوجيا العقل العربيّ الإسلاميّ، بل وتقييم هذه النتاجات، واستكمال ما اعتورها من نقص، وفقًا لقواعد رؤيته للكون، تعبيرًا عن هُوية هذا العقل.      

 

فنُّ الفلسفة

عاصر التوحيدي، ترجمات التراث الفلسفيّ اليونانيّ، وعايش معظم المذاهب والاتجاهات الفلسفيّة. وفي كتابه "المقابسات"، قدّم نموذجًا مهمًا من رسائل الحدود وقواميس المصطلحات والتعريفات الفلسفيّة، مستخدمًا براعته اللغويّة والبيانيّة في إعطاء الإنسانيّة، نموذجًا لهذه التعريفات التي لو جُمعت لأصبحت قاموسًا مهمًا للمصطلحات الفلسفيّة، ومنها، 107 تعريف لمصطلحات أوردها في مقابسةٍ واحدة فحسب؛ هي المقابسة 91، مثل: تعريفه لمصطلح الجدل: "مباحث مقصود بها إيجاب الحجة على الخصم من حيث ألا يقوى ومن حيث لا يقدر أن يدفع"، وغيرها.(2) واضعًا بعض التعريفات للفلسفة، فاعتبرها: "بحثٌ عن حقائق الموجودات".(3) و"جميع ما في العالم، مما ظهر للعين، وبطن للعقل، ومركّب بينهما ومائل إلى طرفيها على ما هو عليه، واستفادة اعتبار الحق من جملته".(4) أي أنَّها تبحث عن الوجود الخارجيّ المستقل عن الذات العارفة، سواء كان هذا الوجود، مرئيًّا للعين أو محسوسًا بالحواس، مثلها "كأيِّ فنٍّ من الفنون، لا بدَّ أن تحقّق وتؤكّد التوحيد الإلهيّ".(5) مما يعني براءة التوحيدي من كلِّ صناعةٍ لا تحقّق التوحيد. فكان يرى أنَّ الفلسفة "محدودة بحدود ستة"(6) وكلها تبحث عن الوجود، ويستخدم فيها العقل بإحكام، وذلك باستخدام الأخلاق الإلهيّة والاختيارات العُلويّة. رافضًا الفلسفة اليونانيّة، لاحتوائها على شوائب تقوم على القول بقدم العالم. معتقدًا في اليقين الناتج عن البحث في الوجود الذي يؤدي للتفكير الفلسفيّ. موضحًا مكانة الفلسفة بين العلوم الأخرى، من خلال تأليفه: "رسالة العلوم"، مُصرحًا أنَّه ألّفها للرد على من اتّهم الفلسفة بعدم اتصالها بالدين، والحكمة، فيقول: "والذي هاجني قولُ قائلٍ منكم ليس للمنطق مدخلٌ في الفقه، ولا للفلسفة اتصالٌ بالدين ولا للحكمة تأثيرٌ في الأحكام.."(7) مؤكّدًا، أنَّ من يمعن النظر ويتقصّى الحقائق، يدرك أنَّه ما دام العلم أشرف من الجهل، فالوجود كذلك، أشرف من العدم. فالعلم عنده، لا يخصُّ معلومًا دون معلوم، ولا مشارًا إليه دون مدلول عليه. أي أنَّ كلَّ شيء تبحثه الفلسفة، له وجوده ووجب بحثه، ولن يتمَّ بحثُه إلا بالفلسفة التي مجال بحثها هو الوجود المستقل عن الذات. مُرجعًا سبب اليقين في الأحكام الفلسفيّة إلى أنَّها: "تصرف أغراضها عن زخارف القول وترتفع عن مواقع الاستعارة والغلط والتجويز.."(8)                                                                                  

ونتيجةً لهذا، اتّجه الباحثون في الفلسفة إلى حصر الموجودات باستخدام كلِّ منجزات التفكير والمنطق، وما سبق أن وضعه التوحيدي من المبادئ أو التساؤلات العلميّة الأربعة المفترض البحث في ضوئها، وهي: "هل؟ ما؟ أي؟ لم؟ حيث يبحث الأول عن إثبات آنية وجود الشيء. بينما يبحث الثاني عن صورته أي نوعه. ويبحث المبدأ الثالث عما يميّز هذا الشيء عن غيره. ويبحث الرابع عن العلة من وجوده. (9) أي أنَّهم بحثوا وفصّلوا خصائصَ الفلسفة وحدودها، ووضعوا العلامات، واستوفوا الأحكام والمعاني اللفظيّة والحقائق الإلهيّة والخصائص الطبيعيّة.                                                                         

تعامل التوحيدي مع معظم فلاسفة العصر، وامتاز بالنقد الموضوعيّ لمختلف الآراء، ولم ينحز لأيِّ فيلسوفٍ سواء كان عربيًّا أو يونانيًّا، بل أخذ عنهم، ما يمليه عليه العقل. فعارض أكبر الفلاسفة، وأفضل علماء عصره وأساتذته. ولم يوافق في مواضع كثيرة على آراء فلاسفة قدماء كبار، مثل: أفلاطون وأرسطو. منتقدًا نظرية أفلاطون في الوجود، معتبرًا آراءه في المثل، فاسدة. خاصّةً، فيما ذهب إليه من أنَّ الأشياء قبل الوجود، كانت مثلًا في نفس البارئ. مُعتبرًا هذا الرأي مغالطة، قائلًا: "وفيما تُرجم من كلام أفلاطون أنَّ الأشياء قبل الوجود كانت مثلًا في نفس البارئ، فعلى ذلك اخترعها، وهذا رأي فاسدٌ وخيالٌ مضمحل؛ لأنَّ قوله الأشياء قبل الوجود باطل عنده".(10)                                             

أمَّا رأيه في الوجود، فهو يعترف بالوجود المستقل (الوجود الخارجي) عن الذات العارفة. ويدلُّ على ذلك، اعترافه بالوجود الحسيّ والوجود العقليّ، وممكن الوجود، وواجب الوجود، وممتنع الوجود. وهو ما يدلُّ دلالةً قاطعةً على أصالته كمفكّرٍ عربيٍّ مسلم.(11) فكان بعدم تقليده الأعمى لباقي الفلاسفة والمفكرين الذين أخذوا في عصره بالفلسفة اليونانيّة، مفكّرًا رائدًا، معتبرًا التراث الفلسفيّ اليونانيّ، دخيلًا على الفكر العربيّ الإسلاميّ. اهتم- أيضًا- بفهم طبيعة الوجود وتحدّث عنها في مواضع كثيرة، حيث عرّفها بقوله: "الطبيعةُ اسمٌ مشترك يدلُّ على معنيين؛ أحدهما ذات كل شيء عرضًا كان أو جوهرًا أو بسيطًا أو مركبًا".(12) ومثّل لهذا التعريف بطبيعة الإنسان وطبيعة البياض والحرارة".(13) أمَّا ماهية هذه الطبيعة، وأقسامها: "فهي قوة نفسيّة. فإن قلت عقليّة، لم تبعد. وإن قلت إلهيّة، لم تبعد. وهي التي تسري في أثناء هذا العالم، محركة ومسكّنة ومجدّدة ومبلية ومنشئة ومبيدة ومحييه ومميته".(14) وهي عنده آخر الخلفاء في هذا العالم. معتبرًا أنًّ "الطبيعة شائعة في الأجسام ومحركة لها مبدية قواها فيها، فأمَّا النفس فإنَّها تتحرك في الأرواح النفسيّة والجواهر الصافية"، وهنا يبرز عينها بالحدس والظن والعلم واليقين والحق والصواب. أمَّا حركة العقل فله "حركة أخرى في البسائط العالية والغايات البعيدة"، وعند تمام هذا تُنال السعادة ويُستحق الخلود ويُصار إلى ما لا يحويه وصف. وهناك يقف الشوق عن الإزعاج ويُحاز الشرف كله بلا ممارسة، كما قال إن: "حركة الطبيعة في الأجسام، نقشٌ مرموق. وحركة النفس في الأرواح الشريفة، شيءٌ معشوق. وحركة العقل في الأنفس الفاضلة، معنى أنيق"(15) موجهًا الإنسان: "كن بطبيعتك إنسانًا فاضلًا، وبنفسك جُرمًا عاليًا، وبعقلك إلها غنيًّا، والطريق إلى هذه الغاية أمن إن حرّكت همتك، وقوّيت شوقك، ونفيت الشك عن قلبك، وصحبت اليقين بعقلك، وهجرت الحسَّ الذي يكذبك، وواصلت الناصح له ولزمت فناءه، واستعنت وأعنت وعرفت واعترفت، من غمس نفسه في غمار الطبيعة هلك وطاح، ومن اجتلى نفسه بزينة العقل طرب وارتاح، ومن صمد للغاية بجده وجهده نشر وباح، ومن تهاون بتحصيله ماله وعليه خسر وناح، لا يسخرنك ما يرجج لعينك عما يبهج لعقلك..".(16)                                   

 

العالِمُ السيكولوجيُّ

كان التوحيدي من أوائل العلماء الذين اهتمّوا بدراسة أسرار النفس الإنسانيّة، وسلوكها الظاهريّ والباطنيّ، باستخدام الكثير من المعاني النفسيّة التي لا تختلف كثيرًا عن المصطلحات والمفاهيم العلميّة الحديثة اليوم. فقد قرّر أنَّ هناك أمراضًا للنفس مثل أمراض البدن. ومن أجل علاجها قام بدراسة ماهية النفس الانسانيّة، وأنشطتها السلوكيّة، وانفعالاتها، وعلاقتها بالجسم. كما بحث في العمليات العقليّة العليا، مثل: التفكير، الذكاء. مدشنًا ومستخدمًا، في طرح المشكلات النفسيّة، بعض المفاهيم التي قُننت، فيما بعد، كمصطلحاتٍ علميّة غربية، بل وتسود الآن مجالات التحليل، والإرشاد، والعلاج النفسيّ. مثال ذلك: توضيحه لأعراض وعلاج الأمراض النفسيّة (علم النفس الإكلينيكي) وتوضيحه للموقف الديني من النفس، وأنَّها لا تعني الروح، لأنَّ الله قد ستر معرفتها عن الخلق، مؤيدًا رأيه بذكره للآية الكريمة: "ويسألونك عن الروح. قل الروح من أمر ربي".(17) مفرّقًا بين الأمراض النفسيّة، والأمراض الجسميّة. مؤكّدًا، أنَّ الأمراض النفسيّة تتسبب في بعض الأمراض الجسميّة (الأمراض السيكوسوماتية) قائلًا: "للنفس أمراض كأمراض البدن إلا إنَّ فضل أمراض النفس على أمراض البدن في الشر والضرر كفضل النفس على البدن في الخير".(18) ويقول: "وأمَّا الصحة والمرض، فليس من الأخلاق في شيء، ولكنهما يوجدان في الإنسان بواسطة النفس، إمَّا في البدن أو في العقل. ولذلك يُقال أمراض البدن، وأمراض النفس، وصحة البدن، وصحة النفس".(19)                                                                  

مرشدًا الإنسان إلى عدم الاكتفاء بعلاج الأمراض الجسميّة. معتبرًا الأمراض النفسيّة أكثر إيلامًا للإنسان.  فضلًا عن أنه كان أول من فطن إلى وجوب تطهير النفس من الأمراض بعرضها على أطباء متخصّصين، موجهًا إلى أهمية الصراحة بين المريض والطبيب، قائلًا: "واصدقه عما تقدم من غيبك في طعامك وشربك حتى يصدقك عنك ويخرجك منك ويتلافاك لك ويسقيك ما ينفعك ويحميك مما يضرك".(20) ولم يكتف بذلك، بل عرض لبعض أساليب العلاج النفسيّ وحفظ الصحة، مثل: العلاج بإلقاء الفكاهات والنوادر بين الفينة والفينة، والترويح عن النفس ساعةً بعد ساعة، معتبرًا الأخير من أهم الاحتياجات النفسيّة، قائلًا: "بما أنَّ البدن يكلُّ ويطلب الراحة كذلك النفس تطلب الترويح، وكما أنَّ البدن يستفيد بالاستجمام الذي يؤدي للصحة ويبعد الضجر والتعب، كذلك النفس لا بدَّ من أن تطلب الترويج".(21) فضلًا عن العلاج المعرفيّ بمكاشفة العلماء الأفاضل، وحضور المجالس العلميّة. والعلاج بالإيمان على يد المتقين الأعلم بفضائل النفس. والإرشاد النفسيّ إلى العلاج بالأدب والرواية والمحادثة، "مستدلًا على رأيه، بشراء الخليفة عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- للمحادثة من عبيد الله بن عبد الله بن عتبه بن مسعود بألف دينار من بيت المسلمين، لروايتها على المسلمين، تلقيحًا للعقول وترويحًا للقلوب، وتسريحًا للهم، وتنقيحًا للأدب".(22)                                                                            

وفي علم نفس النمو، وضّح أيضًا، بعض الحقائق العلميّة التي يتكوّن منها جسم الإنسان، وتؤثر على النمو النفسيّ، قائلًا: "إنَّ النطفة التي يكون منها الجنين إذا حصلت في الرحم الموافق كان أول ما يظهر فيه من أثر الطبيعة ما يظهر مثله في الأشياء المعدنيّة. أعني أنَّ الحرارة اللطيفة تنضجه وتمخضه وتعطيه إذا امتزج بالماء الذي يوافقه شهوة الأنثى.. ثم يصبح صورةً مركبة كما يكون في اللبن إذا مُزج بأيِّ شيء.. ثم يستعد لقبول أي أثر آخر، وبعد ذلك تتصل به العروق، فيظهر فيه أثر النفس النامية، أعني النباتيّة، ثم يقوى هذا الأثر فيه.. بعد ذلك، يستعد لقبول الغذاء بغير العروق. فيظهر فيه أثر الحيوان أولًا، فإذا كمل استعداده لقبول هذا الأثر فارق موضعه، ويصبح عند ذلك في مرتبة البهائم من الحيوان إلى أن يصير فيه الاستعداد بقبول أثر النطق من التميّز والرؤية، فحينئذٍ يظهر فيه أثر العقل. ثم يقوى حتى يصل إلى أن تتم الصورة الإنسانيّة. بعدها لم ينقطع أثر النفس من البدن البته على ضروب أحواله إلى أن ينتهي إلى غاية كماله. ولا ينبغي القول إنَّه يخلو منها في حال من أحواله، وإنَّما يقوى الأثر ويضعف بحسب قبوله".(23) وبهذا يكون التوحيدي، قد سبق تشارلز داروين (1809- 1882م) واضع نظرية النشوء والارتقاء، بل وتميّز فكر التوحيدي، برؤى ومفاهيم أكثر تكامليّة وموضوعيّة.                                                      

 

الاكتئابُ والفوبيا

بحث التوحيدي مرض الاكتئاب، وناقش الأسباب التي تدفع الإنسان للانتحار. وأرجع ذلك إلى أنَّه مركبٌ من ثلاث قوى: غضبيّة، وشهوانيّة، وعاقلة. فإذا تغلبت إحدى القوّتين (الغضبيّة- الشهوانيّة) يأتي هذا الفعل أو السلوك، فيقتل الإنسان نفسه. أما إذا تغلبت عليه، القوى العاقلة، فعندئذ، تغلب عليه حكمة العقل والمنطق، وبهذا تتغلب القوى العاقلة على كل من القوتين الغضبيّة والشهوانيّة. وعندئذ لا يجرأ الإنسان أن يقوم بهذا الفعل الذي يرفضه الدين والشريعة.(24)                                                                       

ومنذ ألف عام، تقريبًا، تطرق التوحيدي لمرض الفوبيا، وأنواعها، وطبيعتها، باعتبارها مخاوفَ شاذة، أو خوف ينتاب الإنسان دون سببٍ منطقيٍّ حقيقيّ، وأنَّ لها أنواعًا كثيرة، مثل: فوبيا الأماكن المرتفعة، والمغلقة، والمفتوحة. وفوبيا الماء، وغيرها. مُرجعًا سبب "الخوف الذي ينتاب الإنسان بلا مخوف" إلى "توقع مكروه حادث. فإن كان السببُ صحيحًا قويًّا، والدليل واضحًا جليًّا، كان الخوف في موضعه. وإن لم يكن كذلك، وكان من سوء ظن وفساد فكر، فهو مرض أو مزاج فاسد من الأصل.."(25) مشيرًا إلى ضرورة تهذيب النفس وتربيتها أخلاقيًّا. رافضًا الشذوذ الفكريّ والسلوك غير الطبيعيّ. معتبرًا أنَّ: "أوّل هذه القصة في تهذيب الأخلاق، ووسطها في أخذ العبر من جميع الآفاق، وآخرها الوصول إلى الله العزيز الخلّاق".(26) عارضًا لأسباب احتياج الإنسان إلى تهذيب أخلاقه، بأنَّه: "معجون من عقاقير كثيرة ومركب من أضداد متعادية، منها الخير والشر والصحة والمرض والحسن والقبح"، وأنَّه محتاج إلى "ضم نشرها ولم شعثها وتآلف شاردها وإصلاح فاسدها وتقويم اعوجاجها.. فإذا صلحت أخلاقك، حسنت آدابك. وإذا حسنت آدابك، شرفت هممك. وإذا شرفت هممك، طابت مآربك. فعندها ينزل عليك الوحي الخاص فيما تصير سعيدًا به".(27)                                                                                                 

                                                                                                     

المراجع

1- أبو حيان التوحيدي: المقابسات، تحقيق: حسين السندوبي، المطبعة الرحمانية، القاهرة، 1939م، ط1، المقابسة 22، ص ص173، 196.

2- السابق: ص ص309، 319.

3- المقابسة 63: ص258.

4- المقابسة 48: ص223.

5- د. عبد القادر محمود: أبو حيان التوحيدي، مجلة القاهرة، العدد94، أبريل 1989م، ص9.

6- المقابسة65: ص257.

7- أبو حيان التوحيدي: رسالة العلوم مع الصداقة والصديق، مطبعة الجوائب، القسطنطينيّة، 1301ه، ص201.

8- المقابسة 63: ص258.

9- د. الصاوي، الصاوي أحمد: النزعة النقديّة عند أبو حيان التوحيدي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2019م، ص ص88، 89.

10-أبو حيان التوحيدي: البصائر والذخائر، تحقيق: إبراهيم الكيلاني، مطبعة الإنشاء، ج2، دمشق، ج2، ص489.

11- د. الصاوي أحمد: مرجع سابق، ص171. 

12- المقابسات: مقابسة79، ص284.

13- السابق: ص385.

14- أبو حيان التوحيدي: الإمتاع والمؤانسة، تحقيق: أحمد أمين، منشورات دار مكتبة الحياة، ج3، بيروت، ص113. 

15- المقابسة 62: ص253. 

16- المقابسة 62: ص252. 

17- القرآن الكريم: سورة الإسراء، الآية 17.

18- الإمتاع والمؤانسة: ج1، ص63. 

19- السابق: ج1، ص153.          

20- أبو حيان التوحيدي: الإشارات الإلهيّة، تحقيق: عبد الرحمن بدوي، ج1، دار القلم، ط1، بيروت، 1981م، ص118. 

21- الإمتاع والمؤانسة: ج1، ص28. 

22- د. الصاوي أحمد: مرجع سابق، ص224.                                                                                                                                         

23- أبو حيان التوحيدي: الهوامل والشوامل، تحقيق: أمد أمين، لجنة التأليف والنشر، القاهرة، 1951م، مسألة 163، ص ص351، 352. 

24- السابق: ص152.                         

25- السابق: ص183. 

26- الإشارات الإلهيّة: ص190.

27- السابق: ص191.