لغة الأيديولوجيا وخرق التابو ‏ في مجموعة جميلة عمايرة "صرخة البياض"‏

د. لينداء عبيد

أديبة وناقدة أردنية

 

 

في كثير من قصص جميلة عمايرة تُطلُّ اللغة المحمَّلة بالأيديولوجيا النسويّة عبر جُمَل ‏ناقدة متهكّمة، فالمتتبِّع لمجموعتها الأولى "صرخة البياض" تستوقفه هذه اللغة التي ‏تنسل من بين جمل السرد السلسة المنسابة في أغلب القصص لتشي بهذه الأيديولوجيا. ‏وعلى الرّغم من افتعال حياد متعذّر بمحاولة السرد عبر إشغالنا بقصِّ أحداث تخصّ ‏الآخرين في المحيط الاجتماعي، إلّا أنَّ عمايرة تظلُّ تتنقّل في قصصها محمَّلة بهاجس ‏الإحساس بالمُلاحقة والسجن والخوف من القتل والإحساس بصرامة التعاليم والمفاهيم.‏

 

إنَّ الإبداع وسيلة المرأة لتحقيق ذاتها، وبثّ همومها ووسيلتها للبحث عن حريّتها، ‏والتطهُّر من آلامها، وتحقيق اختلافها، مما يجعل من الإبداع النسوي خطابًا ثوريًّا ‏تمرديًّا انفصاليًّا، في أغلبه. ومعلوم أنَّ "التفرُّد انفصال، وتجربة الانفصال دومًا هي ‏تجربة كارثيّة ومؤلمة". وما دام الإبداع النسوي ينتج عن ذات مختلفة بيولوجيًّا ‏ونفسيًّا، فإنّ هذه الذات بطبيعتها المختلفة مدعاة لولادة خطاب لغوي مختلف ممّا ‏يضعنا أمام تساؤل كبير: هل ثمة اختلاف على المستوى اللغوي بين الخطاب النسوي ‏أو الذكوري؟

تذهب "سيمون دي بوفوار" إلى أنَّ "اللغة موسومة بميسم الرجال الذين تواضعوا ‏عليها، إنها تعكس قيمهم ومزاعمهم وأحكامهم المسبقة. وما زال المجتمع يحصر المرأة ‏بلغة الأنثى، ولا يقبل من المرأة فظاظة التعبير التي لا يجد غضاضة في أن تكون عند ‏الرجل. ولعلّ ذلك مرتبط بشكل واضح فيما تتعرض له المرأة من انتقادات اجتماعية ‏ومؤسسية في حديثها عن التابوهات المسكوت عنها، ولا سيما حديثها عن تابو الجسد ‏الذي لا يُنظر إليها ثقافيًا واجتماعيًا إلا من خلاله. وتعمل الأيديولوجيات الذكورية على ‏سجنها داخل إطاره"، إذ يرتبط جسد المرأة في المجتمع.. ارتباطًا وثيقًا بظروف ‏وجوده؛ جسد شكّلته التقاليد، وأخضعته القوانين، وحاصرته الضغوط التاريخية ‏والثقافية والمادية، أسير علاقات عائلية، يظل متحجبًا ومتخفيًا ولا يبرز إلا من خلال ‏التمثلات الاجتماعية.‏

وضمن هذه الرؤية، يأتي الحصار الذكوري للخطاب الأنثوي المتوقف عند الجسد ‏ورغباته المكبوتة أو المحمومة، وعند علاقاته بالآخر خضوعًا أو تمردًا، مما يجعل ‏لغة هذا الأدب قائمة على حركتين متباينتين: الخضوع أو الرفض ضمن ثنائيتين ‏متناوئتين: المرأة، والسلطة بتشكلاتها المختلفة التي تمثل دور الرقيب على الجسد، ‏وعلى لغة الخطاب تصدِّيًا لوعي الذات بكينونتها، فتلقي اللوم على أية حالة لغوية ‏تمارسها، ولذلك فقد تأرجحت الكتابات النسوية في التعبير عن معاناتها، وتأكيد ‏حضورها الأدبي بلهجة استلابية، من جهة تصور المرأة النمطية في الثقافة السائدة، ‏صورة المرأة الضحية والمغلوب على أمرها، ومن جهة أخرى صورة المرأة الثائرة ‏الغضوب التي تبحث عن هويتها، وخصوصيتها الجمالية بلهجة التحدي والثقة لتحقيق ‏قدر أعظم من العدالة. ‏

الكتابة الأنثوية هي الكتابة بالجسد بانفعالاته ومعاناته وإحباطاته ويأسه، وتوظف اللغة ‏داخل هذا الخطاب التحرّري لتنطق بما تسكت عنه الخطابات الذكورية، وهذا يتطلب ‏لغة حرّة؛ إذْ إنَّ الحريّة هي أساس الإبداع وجذوته. والحديث عن المرأة يعني استخدام ‏لغة تبوح بتفاصيل الجسد بحسيّة أو شعريّة متناسبة مع طبيعة الأديبة، ووجهات ‏نظرها. ويحضر الجسد الأنثوي في المجتمعات الأبوية ليكون عنوانًا لحصار كامل ‏تخضع له المرأة، وتسن لتقنينه وتأطيره القوانين والنواميس والشرائع. ‏

إنَّ اللغة بمفهومها العام المكوّن من ألفاظ وتراكيب وجمل منسوجة هي لغة متشابهة لا ‏نستطيع الفصل بينها، مما قد يجعل خصوصية اللغة النسوية خصوصية موهومة في ‏ظاهر الأمر. إلا أنَّ باطن الأمر مختلف بفعل خصوصية القضايا والهموم المتعلقة ‏بالمرأة، وكونها أكثر علمًا ومعرفة ببواطن ذاتها، وحقيقة أمرها بوصفها صاحبة ‏المعاناة من جهة، وبفعل ما أثارته حركات التحرُّر النسوي ومدارس النقد النسوي ‏المطالبة بإعادة كتابة تاريخ الأدب وتوزيع الأدوار، والنظر في معاجم اللغة وطبائعها ‏بوصفها لغة قام بوضع قواعدها وقوانينها الذكور خدمة لمصالحهم المتناسبة مع درجة ‏تحجيم كيان المرأة طرديًا من جهة أخرى، فكانت اللغة هي الوسيلة الأولى لإخضاع ‏المرأة كون الخطاب الإبداعي النسوي يمثل أداة هذه المعركة بصفته ثوريًا ضد ‏الذكورة، مما يجعل اللغة ليست حيادية.‏

تمتاز لغة المرأة الأديبة غالبًا برائحة الأيدولوجيا التي لا تستطيع التنصل منها، إنَّما ‏تعمل على إضفائها على الشخوص التي تنطق بلسان المبدعة، وتدعم أفكارها ورؤاها ‏قوالب تقنية تحاول الإقناع بحياديّتها، وقد تظهر في محاولات استخدامها لضمير ‏الغائب الذي يُقنع أيضًا بالحياد، على الرغم من هيمنة ضمير المتكلم والذاتية على ‏مجمل الأدب النسوي.‏

تُطلُّ اللغة المحمَّلة بالأيديولوجيا النسويّة عبر جُمَل ناقدة متهكمة، في كثير من قصص ‏جميلة عمايرة، فالمتتبِّع لمجموعتها الأولى "صرخة البياض" تستوقفه هذه اللغة التي ‏تنسل من بين جمل السرد السلسة المنسابة في أغلب القصص لتشي بهذه الأيديولوجيا ‏على الرغم من افتعال حياد متعذّر بمحاولة السرد عبر إشغالنا بقص أحداث تخص ‏الآخرين في المحيط الاجتماعي؛ ففي قصة "فوضى الأشياء" تحدِّثنا عن غرفة ‏فوضوية تخرج في فوضاها على ما تعلمته البطلة في صغرها، وتمثل خروجًا على ‏تعاليم الأم الضاربة بعصا الأب بما يمثله من حراسة لمفاهيم المجتمع الأبوي في ‏الخارج، لتوقفنا على هاجس يلاحقها على شكل أحلام وكوابيس تتمثل بصورة رجل ‏يتعقّب خطواتها ويحاول قتلها بمسدس أسود، ولعلّ كل ذلك إيماء ذكي بإحساس الذات ‏الأنثوية بالملاحقة، فكل خروج على القيم الموروثة وتعاليم هذه المجتمعات يتهدَّدها ‏بالقتل والعقاب النفسي أو الجسدي، ما يضعها داخل فعل نكوصي يدفعها إلى التقوقع ‏داخل الذات، والاكتفاء بالهذيان ومحاولات الانعتاق العاجزة التي لا تصل إلى مستوى ‏الفعل الحقيقي "أخبرها أني لا أنام، وأنَّ هناك رجلًا يتعقبني ليغتالني بمسدسه المحشو ‏بالرصاص. تهزأ منّي... أحاول أن أصرخ غير أني أفاجأ بضحكة مريرة تنزلق ‏داخلي.."(صرخة البياض، ص27).‏

ومن أمثلة اللغة المحمَّلة بالأيديولوجيا حين ترى الذات الأنثويّة بالعالم على امتداده ‏سجنًا لها ولكل النساء وإنْ حوَّلت إظهار ذلك عبر هذيان على لسان الذات الأنثوية ‏الملاحَقة بمكبوتاتها وكوابيسها وفوضاها التي تتناسب مع إيقاع فوضى الغرفة ‏والمجتمع الذي تضيق ذرعًا به، فنقف أمام سرد ذكي يتمازج به صخب الداخل ‏وفوضاه مع الفضاء المكاني الممثل بالغرفة وفوضاها التي تزداد ضيقًا مع حركة ‏الكوابيس والمونولوجات:‏

‏"ذات مرَّة حلمتُ بأنني أقيم في سجن مليء بمئات النساء، ثم تحوّلتُ إلى سجّانة، ‏وارتكبتُ جريمة قتل بحيث بتُّ سجينة. ثم تمردتُ وهربتُ من السجن غير أنهم ألقوا ‏القبض عليّ وأعادوني إلى السجن بمضاعفة مدة عقوبتي"(ص27).‏

فالمرأة تحيا بسجن مليء بمئات النساء، والنساء السجينات يتبادلن الأدوار؛ فالسجينة ‏تصبح سجّانة وتقتل الأخريات، وثمّة دراسة في علم النفس تقول "إنَّ الضحية تحب ‏أن تنشأ ضحيّة مثلها"، فتصبح المرأة أكثر قسوة على المرأة، وتمسُّكًا بالمفاهيم ‏الاجتماعية الموروثة من الرجل نفسه. ولعلَّ مفهوم التمرُّد اللازم لتحقيق انعتاق المرأة ‏من أسر الهيمنة الذكورية خير مثال على هذه اللغة النابضة بالأيديولوجيا، ولكن التمرُّد ‏لا يأتي بنتائج فاعلة فيقود إلى مضاعفة عقوبة السجن للأنثى، ومردّ ذلك إلى كون ‏النضوج والوعي وقوة الذات وإمكانياتها لا يصل إلى مستوى القدرة على مواجهة ‏مجتمعات تضرب بعصا غليظة وتُحكم هيمنتها، فانعدام التكافؤ يجعل الفعل عاجزًا، ‏ولا يصل إلى مستوى تحقيق الانعتاق، وانفراج الذات من انئزامها.‏

فلا تكف عن إحساسها باختناقات متلاحقة لرجل يرتدي نظارة سوداء وبيده مسدس ‏ويلاحقها، فهذا الرجل ليس إلا المجتمعات التي تُحكم الحصار على المرأة داخل ‏جسدها وأدواره البيولوجيّة، ولا تمنحها فضاء خارج حدود المنزل: "أرى الرجل ذا ‏النظارة السوداء، أسارع إلى إغلاق النوافذ، إلى إنزال الستائر، والتأكُّد من إقفال ‏الباب، تتسارع دقات قلبي... أصرخ بكل ما لديّ من صوت تملكه حنجرتي أتوهَّم أنه ‏قويّ لأُصدَم بأنَّ صوتي مخنوق مخنوق ليس لي صوت لا صوت لي.."(ص27).‏

فالذات تعي أنَّ صوتها مخنوق لا يصل، فتعود لتحيا اختناقاتها المنسابة على شكل ‏مونولوجات، حتى إنَّ الصراخ في وجهٍ من وجوهِه محاولة تمرُّد وإن كانت عاجزة ‏توحي برفض الذات للواقع ومفاهيمه.‏

وتظل جميلة عمايرة تتنقل في قصصها محمَّلة بلغة لا تنفك من أسر الأيديولوجيا مهما ‏حاولت الحياد، تحمل هاجس الإحساس بالملاحقة والسجن والخوف من القتل ‏والإحساس بصرامة التعاليم والمفاهيم، ما يزيد اختناقها: "أتناول الطعام مع أمي ‏الصامتة، ذات النظرات الحازمة المتشككة"، فالكل يمارس دور الرقيب والحزم ‏والتشكك والصمت الذي يسبق العاصفة إذا ما أقدمت الذات على أيّ فعل تمرُّدي. ‏ويُقابَل هذا الإحساس بالقلق والخوف برغبة مكبوتة لدى الأنثى بالدمويّة والقتل "ما إن ‏رأيته يُخرج يديه من جيبه... حتى صوّبت إلى وجهه... ثلاث طلقات ناريّة قاتلة ‏أفرغتها من كفي الذي فردت إحدى أصابعه السبابة حتما وأكملت الفعل. تجندل إثر ‏ذلك باركًا في بحيرة دمه"(ص24).‏

والغريب أنَّ الذات المنهكة بصراخها المكتوم لا تتنفس إلا بعد توهُّم ارتكاب هذا الفعل ‏الدموي "بدأتُ أهدأ ودمي مثلي أخذ يبرد".‏

واللافت أنَّ الرغبة بالقتل تطلُّ في كثير من قصص عمايرة، بل وبأكثر من مجموعة ‏قصصيّة لها.‏

إنَّ الذات الساردة تعي واقعها، وتحاول التأقلم مع طقوسه؛ فتجد نفسها محاصرة ‏بالحيرة ومثقلة بالأسئلة التي تُعدُّ الخطوة الأولى للفهم الذي يقود إلى خلق لغة محمّلة ‏بالألم والعذابات، إذ يكثر حضور ألفاظ من مثل: "حيرتي، أسئلتي، الصرخة، الدم، ‏موت، حزن، باب مغلق، قتل، سجن..."، مقابل حضور ألفاظ وتراكيب تدّلل على ‏السلطة التي تشكل مصدر الانتهاك والاضطهاد الذي يُعدُّ المتسبِّب الأول لتمرُّد الأقلام ‏النسوية من مثل: الأب، الرجل، الحمقى، الأم، الحازمة، المتشككة، ملابس شرعية، ‏رجال العائلة، القبيلة، يتعقبني، الرصاص، مسدس، الفضيحة، العار..."، إضافة إلى ‏حضور مفردات لغوية تدّلل على الشبق والرغبة ومكبوتات الجسد التي لا يُسمح لها ‏اجتماعيًّا بالاعتراف بضرورتها، أو حتى بفكرة الإحساس بها، ففي قصة "لماذا لا ‏أحد يجيء؟" نقف أمام صورة امرأة أرملة تحظى براتب زوجها التقاعدي ولا يرى ‏المجتمع حاجةً لها خارج حدود ذلك، وإذ تصحو يومًا على إحساس بنسغ الحياة يدبّ ‏في جسدها، وتتفتَّح رغباته، فتعلّق عينيها بالباب بانتظار قدوم رجل ما، ثم تعود إلى ‏الانكفاء على نفسها وإلى الجفاف الذي يصيب حتى صنبور الماء في المنزل، وتكتفي ‏في محاولتها للاعتراف برغبتها الجسدية، والبحث عن حقوقها الإنسانية بتحطيم ‏صورة زوجها المرحوم الذي تحبسها هذه المجتمعات داخل إطار صورته المعلقة على ‏الجدار، وهذا فعل عاجز يؤشر على ضعف الذات التي لا تستطيع انعتاقًا، ومؤشر ‏على سطوة قوانين هذه المجتمعات. تقول: "حركة خفيفة تدفع الجسد لأن يرتعش، بل ‏يرتجف، كأنما لمسات رجل تمرّ عليه بِوَلَه... هذا الإيقاع الخفيّ الذي تخال أنه ‏يرقّصها ذات اليمين وذات الشمال.."، وتقول: "إنهم حمقى، الراتب لا يسد حاجة ‏تتطلّب أمرًا خارجًا عن القانون"(ص32).‏

فهي تعي أنَّ الاعتراف حتى بشبق الجسد هو خروج عن القانون لا تمنحه القوانين ‏الاجتماعية.‏

ولعلَّ هذه اللغة المحتقنة بالكبت والشبق تنعكس على الفضاء المكاني للغرفة وتستخدم ‏المفردة تلو الأخرى لنقل تفاصيله ضمن حركيّة وتدرُّج في إظهار الفعل، ممّا يجعل ‏الفعل حيًّا متجدّدًا يدفع المتلقي للإحساس بسطوته ووجعه في محاولة لكسب تأييده ‏لتحقيق الرسالة الأيديولوجية النسوية، "عادت المياه إلى الصنبور الجاف منذ ثلاثة ‏أيام. ضجَّت الأصوات في المواسير الفارغة. ثم أخذت الأصوات تصطدم بمعدن ‏الحوض.. وتنبض الأشياء أمام عينها ثانية"(ص25).‏

وتقول: "سكون في الخارج ودبيب في الداخل، دبيب يبدأ من جسدها المستفز ‏المستيقظ، ويسري في أشياء المنزل التي أخذت تتراقص أمامها خفيفة ‏وتتأوَّه"(ص49)، فالذات الشبقة المتحركة بمكبوتات جسدية خانقة في المجموعة لا ‏تستطيع إلحاق التفاصيل بنفسها خوفًا من دفع الثمن، فتنقل الأشياء إلى المكان الذي ‏يصير معادلًا موضوعيًّا لجسدها المتأوِّه اختناقًا.‏

إنَّ القاصة تعرف أنَّ "الوعي والتفرُّد يخلقان الألم والمعاناة، وأنَّ الاختلاف يقود إلى ‏طرح الأسئلة تمهيدًا للتمرُّد والمقاومة: لماذا لا يكون الصمت ولو إلى حين رفضًا ‏للواقع وتمرُّدًا عليه، لماذا لا يكون استراحة محارب ليستردَّ عدّته وأنفاسه أسلوبًا جديدًا ‏في المقاومة.. من أجل الهوية"، فوعي الهوية والقيمة والكينونة أساس إدراك الواقع ‏ومناوءته، والذات تعي أنَّ المعركة الأيديولوجية تقوم على انتزاع اعتراف هذه ‏المجتمعات بالهوية والكينونة للمرأة.‏

إنَّ اختراق الأدب النسوي لغةً ومضمونًا للتابوهات، وحديثه عن المسكوت عنه بلا ‏شكّ يجعله محور قلق وتوتر لدى هذه المجتمعات، ما يجعل المرأة المتمردة في دائرة ‏دفع ثمن هذا الانتهاك، بعد إعلان أيديولوجيتها الفكرية عارية تمامًا كما تقول عمايرة ‏في قصة "لماذا لا تفتحين الباب": "إنَّ مواجهة هذه العقول المتعفنة، والوجوه ‏المتحجرة، يكلف كثيرًا. ربّما حياتي. كثيرة هي الصولات والجولات مع أبي وأخي ‏دون فائدة. كنت أفشل في إقناعهما بأنني مثلهما، مثل أخي، إنه لا يختلف عني، بل ‏ربما أتفوّق عليه في أشياء... ولكن دون جدوى أنت فتاة. عليك أن تعدّي نفسك ‏لتكوني زوجة فاضلة... إعدادي المتقن لوراثة صورة المرأة الجارية.. إعدادي لأكون ‏المرأة التي تفتح الباب كل مساء لرجل محمَّل بالفاكهة والنقود"(ص42).‏