نوافذ ثقافيّة

 

محمد سلّام جميعان

شاعر وناقد أردني

 

ثقافة عربيّة

 

شعريّة المرأة في العالم/ د. راشد عيسى

بعيدًا عن الانحياز لقضايا النسوية والجنسانية يُكاشف هذا الكتاب فضاءات شعرية المرأة ومنابتها ‏التاريخية، ويكشف عن الحضور الشعري الخجول للمرأة في المشهد الثقافي الشعري العالمي. فما ‏بين التعليق والتفسير والتأويل، يطوف بنا المؤلف في مسارات يجسّ بها بيئات شعرية‎ ‎عالمية ‏خصبة عاشت فيها المرأة محاطة بأسيجة وعراقيل صادر فيها العيبُ والمحرّم اللسان الشعري ‏للمرأة إلى درجة القتل وأحيانًا السخرية منها، بما يكشف عن حجم وصلابة الصخر الاجتماعي ‏الذي يجثم على منابض البوح الشعري النسوي.‏

خمسة فصول انجدل فيها الكتاب، استجلى المؤلف في الفصل الأول منها المرايا المظلمة بما هي ‏تعبير عن انطوائية المرأة، والأخرى العاكسة الضوء على المرأة الشاعرة وإنجازاتها اللامعة ذاتيًّا ‏واجتماعيًّا، مستبصرًا في الفصل الثاني شعرية المرأة قبل الميلاد ممثلًا لهذه الحقبة الزمانية ‏بالشاعرة الهندية أنهيدوانا التي سبقت سافو الإغريقية وسجّلت عنفوانًا شعريًا خاصًا.‏

وعرض الكتاب في الفصل الثالث منه لأهمّ الكتب التي قدَّمت مختارات من شعر المرأة العربية ‏في جميع العصور، وعدد من الأنطولوجيات التي قدّمت المرأة بالألمانية والإنجليزية، إضافة إلى ‏أنطولوجيا لبنانية قُطْرية. واختص الفصل الرابع‎ ‎بالمدارسات النقدية الواردة في كتب ومواقع ‏إلكترونية تناولت النظر النقدي في شاعرية المرأة، سجّل عليها المؤلف جنوحها إلى التاريخية ‏والانطباعية والتبجيل المسرف، وافتقارها إلى الشجاعة الأدبية في الجهر بالرأي والميل إلى ‏المواربة في الأحكام النقدية لشعر المرأة.‏

وتوجَّه المؤلف في الجزء الثاني من كتابة إلى معاينة شعر النخبة من الشاعرات العربيات وإلقاء ‏الضوء النقدي الجريء على تجاربهن الشعرية. وأفرد الفصل الخامس للحديث عن أهم الشاعرات ‏المعروفات في المشهد الشعري العالمي، فطاف في أرجاء شتى من أقطار الغربيين، عارضًا ‏استنتاجاته المدعومة برؤيته الثقافية النقدية تجاه شعر المرأة، وهي الرؤية التي تلخّصت إجابةً ‏عن سؤال مركزيّ يتضمن بُعدًا معرفيًا، هو: لماذا لم يزل شعر المرأة في العالم متراجعًا كمًّا ‏ونوعًا عن شعر الرجل؟ تاركًا مفاتيح الإجابة في مُدارسته العميقة والشاملة لشعر المرأة بيد ‏الباحثين لاستبصار واستعماق الدلالات الكامنة وراء ضعف شعر المرأة.‏

 

البناء الفني في شعر سعيد يعقوب/ آية محمد البنا

يمتاز هذا الكتاب بالنفاذ إلى أعماق البنية النّصية وما تشتمل عليه من تقنيات فنيّة قامت عليها ‏قصائد الشاعر سعيد يعقوب، استفادت فيها الباحثة في دراستها من معطيات النقد الحديث، ‏فكشفت عن جماليات شعره من خلال منهجها التحليلي مستفيدة كذلك من المنهج الأسلوبي المعتمد ‏على البيانات الإحصائية، للكشف عن أهمية التكرار ودوره في بناء القصيدة.‏

وتنبني هذا الدراسة على مقدمة وثلاثة فصول متلوّة بخاتمة جاءت ثمرةً ناضجة لمسيرة الدراسة ‏التي انعقد الفصل الأول منها لاستكناه العتبات النصّيّة في قصائد الشاعر سعيد يعقوب، وقد ‏تضمّن هذا الفصل الوقوف على سيمياء العنوان والإهداء والمقدمات النقدية التي تطرزت بها ‏دواوين الشاعر.‏

وجاءت قضيّة التشكيل الفني مندرجة في الفصل الثاني، فوقفت الباحثة على شكل القصيدة ‏والصورة الفنية، والمفارقة، ويليه التناص بأشكاله المتعددة. وخصّت الباحثةُ الفصل الثالث ‏بالحديث عن البنية الإيقاعية، من خلال حديثها عن الموسيقى الخارجية والموسيقى الداخلية.‏

تفتح هذه الدراسة كثيرًا من مجالات القول النقدي في تجربة سعيد يعقوب الشعرية التي امتازت ‏بالغزارة وتنوّع الموضوعات التي طرقها الشاعر، ومكانته الشعرية ووفائها للقصيدة العربية في ‏شكلها الخليلي، مما يجعلها تجربة إشكالية لدى أنصار الحداثة الشعرية من شعراء الموجة الثالثة ‏في شعرنا المحلّي.‏

 

الموسيقى والغناء في الأردن/ د. علي الشرمان

يلقي هذا الكتاب الضوء على تاريخيّة الموسيقى والغناء في الأردن، بما يعضّد الروح التربوية ‏في التنشئة الذوقية الموسيقية والغنائية. فالكتاب يقدم مادة وصفيّة وتحليلية عملية فضلًا عن ‏الجانب الخاص بعلم الآلات الموسيقية، وخاصة أنه من مؤلّف له حقوله الاختصاصية في هذا ‏الجانب وخبرته العملية.‏

ويلمّح المؤلف في مقدمة كتابه إلى أنّ التنوّع السكّاني في البيئة الجغرافية الأردنية قد أمدّ هذا ‏الواقع بأنماط غنائية، وبخاصة الغناء الريفي والبدوي. ويشير في هذا الجانب إلى التشكلات في ‏الآلات الموسيقية العربية التقليدية، والعالمية والمعاصرة التي اتخذت شكلًا حداثيًا يعكس نبض ‏الزمن.‏

واندرج الكتاب في أربعة فصول تتقدمها مقدّمة المؤلف، يليها الإطار الجغرافي والاجتماعي ‏والثقافي للدولة الأردنية، وأثر الهجرات الطوعية والقسرية في الموسيقى والغناء. وفي الفصل ‏الثاني تحدَّث عن عدد من أعلام الموسيقى، تلاه الحديث في الفصل الثالث عن الغناء في الحياة ‏الريفية، ليختم بالحديث عن أهم آلة موسيقية شعبية أردنية (الشبّابة) في الفصل الرابع.‏

 

ثقافة عالميّة

نار حيّة/ ألويس برينتس- ترجمة محمد رمضان

يكشف هذا الكتاب زخم الحياة التي عاشتها ميلينا يسنسكا التي قالت: ‏‎"‎ثمة طريقتان للعيش: إما أن ‏يقبل المرء بمصيره، أو أن يسعى خلف مصيره؛ لكن هذا السعي يكلّف الكثير من الوقت ‏والطاقة، وهو يأتي غالبًا على حساب الحياة".‏

‏"ميلينا يسنسكا" هنا كما يكشف الكتاب اختارت الطريقة الثانية للعيش و"دفعت الثمن‏‎".‎‏ فقد طغت ‏عليها شخصية والدها الطبيب، وجعلها موت أخيها "تحمل عبء كل التوقعات الأبوية وحدها". ‏وهذا ما ولّد لديها "شوقًا جنونيًا للفرار نحو العالم"، فوجدت ذاتها في القراءة والكتابة، وحاجتها ‏لرفيق بعد موت والدتها. ولاحقتها الشائعات بسبب تصرفاتها الغريبة التي شكّلت تحديًا صريحًا ‏لأبيها، لدرجة "الرغبة بإيذاء الأب". وشملت هذه الرغبة، اللاواعية غالبًا: المخدرات، والسرقة ‏فقد تقمّصت شخصية "روبن هود" وبدأت بسرقة مخازن والدها لإطعام الفقراء وتأمين ما ‏يحتاجونه، والديون، وإلغاء دراسة الطب، ومصادقة اليهود‎.‎

ويُطلعنا الكتاب على زوجها إرنست بولاك "أديب مقهى، موظف في بنك، ناقد، ويهودي"، ‏وتحوّلها مع هذا الزواج إلى "زهرة حائط". وبعد مرحلة من حمل حقائب المسافرين، وتدريس ‏اللغة التشيكية، بدأت العمل كمترجمة، وكان كافكا أول من فكرت بترجمة أعماله. وكان هذا سببًا ‏للمراسلات الشهيرة بين ميلينا وكافكا، (نُشرت رسائل كافكا إلى ميلينا في ألمانيا عام 1952، ‏ولم يتم بيع أي نسخة منها في ذلك الحين. أما رسائلها له فقد فُقدت بطريقة ما...)‏‎.‎

ويطلعنا الكتاب كيف أنَّ ميلينا وجدت نفسها عالقة بين ثلاثة رجال: زوجها ووالدها وكافكا، الذي ‏أعطاها مذكراته على سبيل الوداع وكنوع من "تسليم نفسه إليها‎ ‎‏".‏

أصبحت شقة ميلينا في براغ أشبه بصالون أدبي يلتقي فيه الأدباء والفنانون والصحافيون. وبدا ‏أنَّ ميلينا تميل نحو الأفكار الاشتراكية، الأمر الذي تسبّب بفصلها من عملها‎.‎

بعد تعرُّفها عام 1926 على اليساري الشاب يارومير كريتسار، كان زواجها الثاني منه، وتحقق ‏لها "أنْ تظلَّ مستقلة ويكون لديها عائلة وأطفال"، لكن ما لبثت بعد إنجاب طفلتها الوحيدة أن ‏أصبحت منذ عام 1928 عرجاء بسبب تخثر في الركبة، ثم مُنيت بفشل مهني.‏

ميلينا التي عُرفت بأنها "تسلب العقول بجاذبيتها وفصاحتها"، بدأت بكتابة مقالات ذكية، وسرعان ‏ما وجدت نفسها رهن الاعتقال عام 1939 بتهمة "الخيانة العظمى". وفي إحدى رسائلها لوالدها ‏رجته "أن يحرص ألّا تتوقف الساعة المعلّقة فوق سريرها"، رمزية لصموده. لكن قوتها تلاشت ‏لتموت في سجنها يوم السابع عشر من أيار/ مايو عام 1944‏‎.‎