الحياة.. لا تُشبهُ ذاتَها

 

شعر: عِذاب الركابي

شاعر عراقي مقيم في مصر

 

‏"إلى الشاعر فؤاد طمان"‏

الأمانُ

‏-الّذي يتشدّقُ بحروفهِ المُلغاةِ

السكارى بخمرِ وقتِهم المخمليِّ-‏

كذبةٌ مُرعبةٌ،

تُشبهُ الوطن!‏

لمْ يَعُد هناكَ مكانٌ آمنٌ

في العالمِ..‏

والحياةُ.. لا تُشبهُ ذاتها!‏

‏- العمرُ في العدِّ التنازليِّ!‏

‏- السعادةُ لا عنوانَ لها!‏

‏- والأمنياتُ محطاتُ انتظار!‏

‏***‏

مُصادفةً وُلِدنا،

في غفلةٍ من القدرِ،

ورُغمَ أنفِ الحياة

غيرَ مُرحّبٍ بنا،

في كرنفالاتِ الكون الفسيح

نُشبهُ الحيْرةَ- رحمَنا الأوّل

ونذهبُ إلى كرسيِّ الاعترافِ

طوْعًا،

تهمتُنا التحرّشُ بالموتِ ‏

وبراءتُنا الوحيدةُ.. حُلمٌ مُؤجّلٌ،

ومحبةُ مفرطةٌ لا تشيخ!‏

‏***‏

عرايا والوقتُ صقيعٌ

ندخلُ في التجربةِ،

مُثقلينَ بأنينِ مُدننا الحزينةِ ‏

يجمعنا دُخانُ المقاهي- عنوانِ

الأزقةِ المتهالكةِ المُريبةِ،

حيثُ نتجرّعُ نبيذَ الضياعِ.. والغيابْ!‏

‏***‏

نحنُ يتامى الحُريةِ بامتياز!‏

نبدو بمرآة الواقعِ الّذي

فوقَ الخيالِ ‏

غُرباءَ..‏

وملائكةً في البعدِ المفقود!‏

وفي بورتيهٍ شاحبٍ

نقشتهُ أصابعُ الوقتِ المُراوغِ

نُضبطُ متلبسينَ،

بجرمِ الضّعفِ والاستكانةِ

إذْ لا معنى لدموعنا المنسكبةِ

كما الأمطارِ..‏

في رحيلِ النُّور!‏

‏***‏

الاعتذارُ ‏

خرجَ من ثوبهِ الفضفاضِ عاريًا

لاعنًا فنونَ البلاغةِ، ‏

ورشاقةَ الألفاظِ.‏

تُرى في أيِّ لغةٍ نعتذرُ؟

لذكرياتِنا في دفاترنا الجميلةِ الّتي

نسيناها، وطالتها الرطوبةُ،

شحبتْ حروفُها لطولِ الانتظار،

وفضّت بكارةَ أسرارها الديدان؟

أمْ لحقولنا المهملةِ الّتي

لمْ تعُدْ في ذاكرةِ الشمسِ،

ولا في أجندةِ الأمطار؟

وماذا نقولُ لأهلينا- آلهةِ الصّبرِ

المعلقينَ ببندولِ التيهِ،

الظامئين لرحيقِ أوطانٍ

لمْ تعُدْ لهُم..؟‏

أبطالِ المتاهاتِ المباركينَ

بآياتِ الهمومِ

بلا خُطى.. ولا أسماءْ!‏

كُلّما بعثوا رسائلَ للأملِ الجاحدِ،

عادتْ إليهم شاحبةَ الحروفِ

لخطأٍ في العنوانْ!‏

‏***‏

نظمأُ حتّى الموتِ،

ونتذكّرُ أنَّ علاقتَنا بالنَّهرِ ‏

ليسَتْ على ما يُرامْ!‏

نحزنُ حتّى يكرهُ الحزنُ نفسَهُ،

ولا أجندةَ لنا،

‏ لفرحٍ طارئٍ!‏

نصمتُ..‏

مكتفينَ بأحلامِنا،

ولا لغةً لدينا للكلامْ!‏

‏***‏

العالمُ يموتُ بالمقلوب،

ونهاية فاجعةٌ للحياة!‏

‏- الجريمةُ تُنهي كلّ سلطاتِ العقاب!‏

‏- الذنبُ يُكذّبُ وجودَ أيّ شاطئٍ للمغفرة!‏

‏- والصمتُ الباردُ،

يملأُ صفحاتِ الكُتبِ،

ساخرًا من جماليّاتِ الكتابةِ والخيال!‏

‏***‏

الفراغُ

يتناسلُ في النُّورِ،

ويُنجبُ الملّل!‏

‏- الأملُ..‏

في قبضةِ ميليشياتِ يأسٍ

ثقيلْ!‏

‏- الفرحُ..‏

سبقتهُ الأحزانُ

إلى منصّةِ الكلامْ!‏

‏- الطيبةُ..‏

محضُ غباءٍ مُفرطٍ!‏

‏- التسامحُ..‏

بشرطِ النسيانِ بلادة!‏

‏- الحبُّ والكراهيةُ

يتنافسانِ على كرسيِّ الذكاءْ!‏

والحياةُ..‏

في ثوبِ الندمِ،

تأخذُ الأوامرَ من سُلطاتِ

موتٍ عنيدْ..!!‏