الاكتناز القهري: ‏ المظاهر والأسباب والعلاج

حسام حسني بدار

كاتب ومترجم أردني

 

 

تتراوح درجة اضطراب التكديس والاكتناز القهري لدى المُصابين به بين المتوسطة والحادّة، ففي ‏بعض الحالات قد لا يظهر تأثير‎ ‎الاضطراب على المُصاب بشكلٍ مباشر، وفي حالات أُخرى قد ‏يؤثِّر على مسار حياة المُصاب به ويتسبَّب بإصابة حياته بالشَّلل. هؤلاء المصابون يعتقدون أنهم ‏سيحتاجون إلى استعمال تلك الأشياء مستقبلًا، أو أنَّ هذه المقتنيات البالية تربطهم بذكرياتٍ معيَّنة ‏محبَّبة لديهم، وبعضهم يشعر بالأمان عندما تحيط به كل هذه الأغراض الرثّة. لكنَّ ‏المصابين يواجهون غالبًا ظروفًا معيشيّة صعبة، حيث تتراكم الأشياء غير الضروريّة في ‏منازلهم بشكلٍ مزعجٍ، ممّا يجعل حياتهم غير مريحة ومليئة بالفوضى.‏

 

الأشخاص الذين يرفضون التخلّص من الأشياء التّالفة أو التي لا قيمة لها، سواءً أكانت صحفًا أو ‏مجلاتٍ قديمة، عُبُواتٍ معدنية أو ورقية فارغة، ملابس قديمة لم تعُد مناسبة أو صارت مهترئة، ‏أثاث تالف... وما إلى ذلك من تراكم مزعج غير مريح ومقزّزٍ في بعض الأحيان، ويصرّون ‏على الاحتفاظ بها بذريعة التعلّق بها أو أنهم قد يحتاجونها في وقتٍ من الأوقات، ممّا يجعل من ‏الحياة في منازلهم جحيمًا مستعرًا، يعوق حركتهم، ويصعِّب عليهم عمليّات التنظيف، ويعمل على ‏اجتذاب الحشرات والقوارض، وعند محاولة التخلي منها، يتعرَّض الشخص للاكتئاب والحزن؛ ‏هؤلاء -وفقًا لموقع "‏mayo‏ ‏clinic‏"- هم أشخاصٌ يُعانون بدرجةٍ ما من اضطراب "الاكتناز ‏القهري" أو "االتّخزين القهري" ‏Compulsive Hording Disorder‏.‏

هذا الاضطراب يعاني منه عددٌ ليس بالقليل من الناس، ويحدث عندما يجمع شخصٌ ما أشياءً لا ‏ضرورة لها إلى حدّ التّكديس. وبمرور الوقت يتجاوز جمْعها قدرته على التخلص منها. وتتراوح ‏درجة اضطراب التكديس والاكتناز القهري لدى المصابين به بين المتوسطة والحادّة. ففي بعض ‏الحالات قد لا يظهر تأثير هذا الاضطراب على المريض بشكلٍ مباشر، وفي حالات أُخرى قد ‏يؤثّر على مسار حياة المصاب به ويتسبَّب بإصابتها بالشلل.‏

وفي بعض الحالات الحادّة قد يتسبَّب ذلك الاضطراب بموت صاحبه كما حدث للأخوين "كولير" ‏‏(هومر ولانجلي) اللذيْن لقيا حتفهما بسبب اضطراب الاكتناز القهري في منزلهما الكائن في أرقى ‏مناطق نيويورك عام 1947، حيث وُجدت جثة "هومر" الذي مات جوعًا، وبعدها وُجدت جثة ‏‏"لانجلي" تحت أطنانٍ من أوراق المجلات والصحف التي كان يجمعها، أو ربّما بسبب أحد ‏الأفخاخِ الموجودة في المنزل والتي وضَعَاها من أجل إبعاد الناس عن الدخول لمنزلهما.‏

وبحسب الموسوعة الحرّة (ويكيبيديا) فإنّ "الأشخاص المصابون بهذا النوع من الاضطراب قد ‏يواجهون غالبًا ظروفًا معيشيّة صعبة، حيث تتراكم الأشياء غير الضرورية في منازلهم بشكلٍ ‏مزعجٍ، ممّا يجعلها غير مريحة ومليئة بالفوضى. كما أنّ بعض المصابين بهذا الاضطراب ‏يميلون للاحتفاظ بالكثير من الحيوانات الأليفة في منازلهم على الرّغم من عدم قدرتهم على‎ ‎العناية ‏بها بالشكل الصحيح".‏

وتتراوح درجة اضطراب التكديس والاكتناز القهري لدى المصابين به بين المتوسطة والحادّة. ‏ففي بعض الحالات قد لا يظهر تأثير‎ ‎الاضطراب على المصاب بشكلٍ مباشر، وفي حالات ‏أُخرى قد يؤثر على مسار حياة المصاب به ويتسبب بإصابة حياته بالشلل.‏

 

أعراض الاكتناز القهري

اضطراب الاكتناز القهري يستحوذ على مشاعر وتفكير وسلوك الأشخاص المصابين به، ‏وينعكس هذا الاستحواذ في أعراضٍ مثل:‏

‏-‏ العجز عن التخلّي عن الأشياء بغضّ النظر عن قيمتها ومدى دواعي استخدامها من قبل ‏الشخص المضطرب أو أحد أفراد عائلته. ‏

‏-‏ انتشار الفوضى في كافة أرجاء منزل المصاب بالاضطراب.‏

‏-‏ ازدحام وامتلاء مساحات المعيشة، ممّا يجعل بعض الأماكن فيه غير صالحة لإنجاز ‏بعض المهامّ- كطهي الطعام في المطبخ، أو استعمال الحمام للاستحمام. ‏

‏-‏ الاحتفاظ بأكوام من الصحف والمجلات ورسائل البريد. ‏

‏-‏ ترك الطعام والقمامة تتراكم بشكل مفرط وغير اعتيادي. ‏

‏-‏ الاستحواذ على أشياء عديمة الجدوى مثل المناديل الورقية الموجودة في المطعم أو العملة ‏البالية.‏

‏-‏ صعوبة تنظيم الأنشطة اليومية واتخاذ القرارات بسبب المماطلة والتسويف. ‏

‏-‏ الافتقار إلى الثقة الحقيقية بالنفس عند التعامل مع الآخرين.‏

‏-‏ الميْل إلى العزلة ومحدودية أو انعدام التفاعل الاجتماعي مع أفراد المجتمع.‏

 

أسباب الاكتناز القهري

بيّنتْ بعض الدراسات أنّ عادة تكديس واكتناز الأشياء التالفة أو عديمة الفائدة من قِبَل الأشخاص ‏المصابين بهذا الاضطراب قد تعود لجملة أسبابٍ، منها: ‏

‏-‏ يعتقد المصابون بهذا الاضطراب أنّ رغبتهم بالاحتفاظ بمقتنياتٍ عديمة النفع تعود إلى‎ ‎تعلقهم بها لأسبابٍ مختلفة. ‏

‏-‏ هؤلاء المصابون يعتقدون أنهم سيحتاجون إلى استعمال تلك الأشياء مستقبلًا. ‏

‏-‏ تربطهم هذه المقتنيات البالية بمناسباتٍ وذكرياتٍ معيَّنة محبَّبة لديهم.‏

‏-‏ بعض المصابين بهذا الاضطراب يتسلّل إلى نفوسهم شعور بالأمان عندما تحيط بهم كل ‏هذه الأغراض الرثّة. ‏

من الجدير بالذّكر أنه يُمكن تمييز اضطراب التكديس القهري عن هواية جمع الطوابع مثلًا، أو ‏جمع طراز معيَّن من السيارات؛ فهواة جمع الطوابع أو السيارات يعمدون إلى البحث عن أصناف ‏محدَّدة من الأشياء والقيام بترتيبها وتصنيفها ومن ثم عرضها بشكل مُنسّق، دون التسبُّب بأيّ ‏نوعٍ من الفوضى في المكان - حتى في حالة زيادة حجم الأشياء التي تمَّ تجميعها مسبقًا، ولا ‏يؤدّي إلى الشعور بالضيق، والذي يُعتبر أحد أعراض اضطراب الاكتناز القهري.‏

 

علاج الاكتناز القهري

الاكتناز القهري، كغيره من الاضطرابات النفسيّة، يختلف علاجه من شخص لآخر، بحسب حالة ‏المريض، ومدى استجابته للعلاج. وعلى وجه العموم يمكن حصر عملية العلاج بنوعين رئيسين: ‏علاج نفسي سلوكي وعلاج دوائي. ‏

 

‏-‏ العلاج السلوكي المعرفي:‏

العلاج السلوكي المعرفي‎ (CBT) ‎هو نوعٌ شائعُ من العلاج بالكلام (العلاج النفسي). ويقوم ‏المعالِج هنا بالاستفسار من المريض عن السبب الرئيس الذي يُجبره على تكديس كلّ تلك الأشياء ‏ليساعده على إدراك التفكير غير الصحيح، بالإضافة إلى مساعدته في تعلّم أساليب ترتيب ‏وتصنيف الأشياء لتجنّب شَغلها مساحات كبيرة، وكيفيّة اتخاذ القرارات ومهارات التعامل مع ‏الآخرين. ‏

ومن مهام المعالِج أيضًا، زيارة منزل المريض بالتكديس بشكلٍ دوريّ والمساعدة في إزالة ‏الفوضى منه، وضمان تعلّم المريض أساليب الحفاظ على العادات الصحيّة المعروفة، وتوجيهه ‏لممارسة مهارات الاسترخاء.‏

 

‏-‏ العلاج الدوائي:‏

الأدوية الأكثر شيوعًا في علاج اضطراب الاكتناز القهري هي عادةً نوع من العقاقير المضادّة ‏للاكتئاب، والتي تساهم في تحسين المزاج العامّ.‏

 

 

مصادر المقال:‏

‏1.‏ موقع ‏https://www.mayoclinic.org‏.‏

‏2.‏ موقع ‏https://en.wikipedia.org‏.‏

‏3.‏ موقع ‏https://www.healthline.org‏. ‏