نوافذ ثقافية

محمّد سلّام جميعان
كاتب وناقد أردني
ثقافة عربية
وظائفُ ومهاراتُ القرن الحادي والعشرين في ظلِّ الثورة الصناعيّة الرابعة/ يحيى محمود

يتناول هذا الكتاب ما تُلهم إليه الثورة الصناعية الرابعة من تطوّرات في عالم الأعمال والاقتصاد والوظائف، والتغييرات التي ستصيب هذين القطاعين المهمين، والمهارات المطلوبة من العاملين للمستقبل، وكذلك التحولات التي ستواجه الشباب في فرص العمل، والأولويات التي ينبغي أن يتنبّه لها الاقتصاديون ورجال الأعمال في ظلّ هيمنة ثورة الروبوتات والذكاء الاصطناعي، والتحولات التي سيشهدها سوق العمل بفعل انخراط المجتمعات الإنسانية في النظام الاقتصادي العالمي الجديد تحت ما يسمى بـ " نظام العمل الذاتي المستقل"، الذي يعتمد على الأجهزة الذكية وشبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) كأساسٍ له، وخاصةً بعد التحوّلات الكبيرة التي شهدها العالم أثناء جائحة كورونا وبعدها.
ويتضمن الكتاب دعوة الشباب للمشاركة في الفرق التطوعية، كونها أصبحت معياراً للمنافسة في التوظيف، وأن يأخذوا بنتائج تجارب مراكز ريادة الأعمال، لكون المستقبل سوف يكون من نصيب الأشخاص الذين لديهم مرونة في تقبل معطيات الثورة الرقمية.
ويقع الكتاب في ثلاثة فصول، كلُّ فصل منها عدة مباحث، فيعاين الفصل الأول منه الثورة الصناعية الرابعة واستشراف المستقبل، أمَّا الفصل الثاني فيترسم خطاطة بحثيّة علمية لوظائف ومهارات القرن الحادي والعشرين. ويقدّم المؤلف في الفصل الثالث رؤية استشرافية لكيفية إدارة الموارد البشرية والمتطلّبات والتّحديات التي يواجهها فضاء قطاع الأعمال في المستقبل.
ويؤكّد المؤلف حقيقة أنَّ الثورة الصناعيّة الرابعة ليست معنية بالآلات والأنظمة الذكية فحسب، وإنَّما يشمل نطاقها موجات من الإنجازات الهائلة التي تحدث في مجالات متعددة، بدأت من التسلسل الجيني وصولاً إلى تقنية النانو والموارد المتجدّدة والحوسبة الكمية، وهو ما يجمع بين تلك التقنيات وتفاعلاتها عبر النطاقات المادية والرقمية والبيولوجية ويجعل الثورة الصناعية الرابعة مختلفة تماماً عن سابقاتها، ما يعني معرفة النتائج المترتبة على هذه الثورة، وكيف ستؤثر فينا، وما الذي يمكننا فعله لتسخيرها لوجودنا الإنساني.


مشيتُ على ضفافهم/ سعود قبيلات
يجمع هذا الكتاب بين الفضاء القصصيّ والنقدي والسِّيريّ، بأسلوبيّة فريدة تشبه انغمار ماء النهر في لُجّة البحر فتتعانق أسماكُ المعنى في ماء جديد مفعم بأكسجين الحياة والوعي على شذراتها الرشيقة.
فالكتابُ يلامس بعمقٍ أدبيٍّ وفنّيٍّ سيرة وإبداع أعلام الأدب والفكر والثقافة؛ غربيين وعرباً بحسٍّ نقدي عبر قراءة مُتبصّرة حياتياً شعورياً، يوظِّف فيها وعيه الثقافي المختلف والمتدامج سياسياً وثقافياً، فيعيد تشكيل وعي قارئه من جديد على المرحلة التي هو فيها الآن، ليلتحم القارئُ والمقروءُ مع ثنائيّة الحياة والكتابة. ويبدو ذلك وهو يعاين (كافكا، وفيكتور هوجو، وهمنغواي، ومايكوفسكي، وتيسير سبول، وغالب هلسا، والطاهر وطار، وسعدي يوسف..)، وغيرهم من الأعلام.
وفي الكتاب يتبيّن للقارئ كيف يربط قبيلات بين الصوفية كنزعة شعورية ذاتية وبين المدارس الأدبية والفنية الحديثة في توظيف الوعي الفردي والجمعي، والكشف عن عمق الأفكار المتصلة بمعنى وجود الإنسان ومغزاه. وكذلك الربط بين المراكز الرأسمالية المتوحّشة وحياة الإنسان المعاصر المشحونة بالألم والإحباط والمعاناة، وهو ما يجعله ( في مستوطنة العقاب)، وغير ذلك من المتعالقات الحياتية والفكرية في نصوص الأعلام الذين عاينهم في كتابه بفنّيّة قرائية عالية للواقع والحياة والفكر، بطريقة أشبه بعملية التمثيل الكلوروفيلي في النبات، فتبدو الخُطا التي مشاها سعود قبيلات متشابهة مع من اختارهم لكتابه، لكن بإيقاع متوازن ومختلف لغةً وأسلوباً يعيد لفنّ القراءة معناه الأكثر جاذبية، وابتعاداً عن الحيادية في القراءة والعيش وأنشطة الحياة والفكر في هذا الزمن الصعب.

التغريبةُ الهلاليّةُ بين الواقع والأسطورة/ حسين أحمد الغزو
يعاين هذا الكتاب أبرز الملاحم والسِّير الشعبية، وما يرتبط بأسماء شخصياتها من واقعية وخُرافية، وما ابتدعه خيال الرواة في رواياتهم الشفوية، أو المؤلفون في تدويناتهم التاريخية، حتى تضخّمت هذه السيرة في حجمها الحقيقي والواقعي، تلبية لشغف المستمعين يوم كانت تُروى في المجالس، وتلبية للقراءِ في زمن الطباعة.
ويعرّج الباحث في دراسته العميقة على الدراسات التاريخية والتراجم التي بُذلت في هذا الجانب من المؤرخين والمستشرقين، اعتماداً على مرويات ابن خلدون الذي دوّن جزءاً وافراً من تاريخ الهلاليين بداعي إقامته بين أحفادهم، وقربه الجغرافي من موطنهم.
ويتضمن الكتاب حديثاً عن الأرضية التاريخية والجغرافية التي قامت عليها أحداث التغريبة، وتاريخ العرب ففي شمال إفريقية، ودول الخلافة الإسلامية وبخاصة الفاطميون الذين مثّلوا الحاضنة المركزية للهلاليين، وكذلك علاقاتهم بالقبائل الإفريقية كالأمازيغية والزيناتية.
وخصّص الكاتب الفصل الخامس حتى التاسع من كتابه لمعاينة تاريخ بني هلال وعلاقتهم بالقرامطة، وبروز الهلاليين في الساحة السياسية، وبواعث تغريبتهم وعلاقتهم بشريف مكة، ثم انطلاقهم إلى تونس وبلاد المغرب العربي واندماجهم بالأمازيغ والحروب والصراعات التي شاركوا فيها، والقبائل التي تفرّع منها بنو هلال. فيما سلّط الضوء في الفصل التاسع على الملحمة الشعبية للتغريبة الهلالية، وكيف نشأت قصائدها على ألسنة الشعراء، وتاريخ تحوّل هذه القصائد إلى نصوص نثرية، والعوامل التي أسهمت في أسطرة هذه الملحمة الشعبية حتى جافت كثيراً من وقائعها التاريخ والحقيقة.

 

 

ثقافة عالميّة
اختراع الشعب اليهودي/ "شلومو ساند"/ ترجمة: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)
يفكّك هذا الكتابُ الأساطيرَ والخرافاتٍ التي اعتمدت عليها الحركة الصهيونيّة في الادعاء بوجود شعب يهودي، بالاستناد إلى الحكايات القديمة والأساطير، وتبنيها لها كحقائق تاريخية ابتداء من نشاطها في "عصر القوميات" في البلدان الأوروبية، فسعت بدورها إلى تنظيرات ثقافية لخلق تاريخ ووجود لشعب يهودي. وهو ما يراه المؤلّف منافياً للحقيقة، حين يؤكّد عدم وجود شعب يهودي واحد، وإنَّما كان هناك أقوام يهود في مناطق متفرقة من العالم، غير منحدرين من أصل واحد، فضلاً عن أنَّ اليهود المعاصرين لا ينحدرون من أصول اليهود القدامى الذين عاشوا في أرض "إسرائيل" القديمة، ولا يوجد ما يسمى "العرق" اليهودي.
ويطرح المؤلفُ عدّة تساؤلات منها: متى وجد الشعب اليهودي؟ هل مع نزول التوراة إلى سيناء أو مع احتلال أرض كنعان، أم بجرة أقلام بعض من المؤرخين اليهود الذين تصدوا لهذه المهمة في فترة نشوء القوميات في القرن التاسع عشر؟ وفي أي فترة تاريخية نقلت "التاناخ" (الكتاب المقدس اليهودي) من خزانة الكتب المثيولوجية الدينية إلى خزانة الكتب التاريخية والقومية، مشيراً إلى عدم وجود آثار أركيولوجية تثبت وجود الممالك الأسطورية الواردة في "التاناخ"، فضلاً عن تأكيده أنَّ أكذوبة الشعب اليهودي هو شعب الله المختار تنفي فكرة العدالة الإلهية المنزّهة عن العنصرية.
كما ينفي الكاتبُ فكرةَ الشتات اليهودي القائلة بطردهم من قبل الإمبراطور الروماني "تيتوس" سنة 67 ميلادية لعدم وجود مستند تاريخي أو علمي يثبت ذلك. ويعترض على فكرة معاداة السامية وربطها بمعاداة الصهيونية كتهمة تلصق مباشرة بأي شخصية تنتقد الصهيونية، ونافياً فكرة اختراع المنفى والاقتلاع المغروسة بقوّة في الشخصية اليهوديّة.
كتاب ينحاز للحق وللإنسان، ويعيد صوغ الأسئلة الأولى ويفكّك التاريخ والماضي ضمن المعطيات العلميّة.