محمود الشلبي
شاعر أردني
dawsars@hotmail.com
أرتِّبُ حلمي كما جاء في معطياتِ الصَّباحِ الجديدِ،
فهيّأ أوتارَهُ مثلما كان في آخر الليلِ،
يفجأني حين أنساهُ،
أسألُ عنه الرؤى في الهزيعِ الأخير من النوم،
كالصحو أمضي إلى رونقِ الذكرياتْ.
أعلِّلُ هذا الوجودَ بما قد تيسَّرَ
من حِكْمةِ الغيب،
أقرأ دفتر هذا النهارِ بشيءٍ من الصَّبْر،
ينداحُ في صيغة الوهم،
أهتفُ للوقت، أبدو غريبًا،
أَجُسُّ الخفاءَ بسّماعةِ القلبِ،
أصْغي لما قد يجيءُ بلا موعدٍ،
للكلامِ البعيدِ الذي نِصْفُه غائبٌ،
والبقيّةُ صادرها الشوقُ مني،
عجبتُ من الجمرِ يَغْفو بصدر الرمادِ،
له في الكمين عيونٌ،
وأحلامُه تستبيحُ بصمتٍ جليلٍ،
حروفَ المعاني، ونارَ الثواني،
نصدِّقه حين ينطفئُ القلِبُ في مَهْدِهِ،
أو تثورُ الشرارةُ من لحْدِهِ
كلّما أخْفق الظنُّ والحَدْسُ ماتْ.
***
أُغنّي بلا مُتْعةٍ أو سياقٍ مُفيدٍ،
وأقْفو خُطى رغبتي في الخيالِ الخُرافيِّ،
حتى أضيعَ على شاطئٍ عقَّهُ الموجُ،
فارتاح من صَخَبٍ أحمقِ المَدِّ،
قلتُ: الرياح التي أسرجَتْ خيلَها
لا تعودُ إلى مربطٍ مُهْمَلٍ،
أو ترومُ الوراءَ...
ولكنها حُرْةٌ...
بابُها مُشرَعٌ للمدى،
والمواسِمُ بُسْتانُها اللولبيُّ،
يميلُ، ولكنها في المطافِ الختاميِّ،
مروحةُ الكون تَسْكبُها المعجزاتْ.
***
على شفتي بعضُ لحنٍ ثمينٍ...
وَرِثْتُ تقاسيمَهُ من أبٍ ضالعٍ
في اصطفاءِ النّساءِ... وتصْنيفهنَّ...
وأُمٍّ تُرتِّبُ صيغتَها في الحنانِ،
وتسبقُ رغبتَها في الوصولِ،
فتُطلقُ أُميّةَ الحرفِ من دفترٍ
زانَهُ الحرصُ والحُبُّ حتى المماتْ.
وبي فرحٌ كِدْتُ أنْسَاهُ...
بي عِلَّةٌ من ظروفِ الحياةِ...
تعلَّمتُها بالقياسِ، وبالتعب المُرِّ،
والصحو قبل انتشارِ الضياءِ
فقُلتُ: أراقبُ إيقاعَ هذا الوجودِ،
وأحملُ سُلَّمَ موتي على كتفيَّ،
وأمضي إلى حيثُ أحيا،
وأكتبُ سَطْرَ العِظاتْ!
