• رحلة إبيقورية إلى الأناضول
السَّفر إلى تركيا مغامرة، وخاصّة عندما يتعلّق الأمر بالطعام. بما أنّها الجسر بين آسيا وأوروبا، تُعدُّ تركيا بوتقة تنصهر فيها ثقافات المأكولات المحليّة المتنوِّعة التي لا مثيل لها. تمّ الاحتفال بثراء المطبخ التركي وتنوُّعه بشكل أكبر في عام 2020، حيث أعلنت وزارة الثقافة والسياحة التركية عن عام 2020 "عام المطبخ التركي"، فقدَّمت مجموعة من الفعاليّات للتَّرويج للنَّكهات اللّذيذة في البلاد. وتكريمًا لهذه المناسبة، فلنبدأ رحلة الطّهي في تركيا.
• أرض السَّمك والبندق والذُّرة: البحر الأسود
تقع منطقة البحر الأسود (Karadeniz) بين البحر والجبال الخضراء، وتتميَّز بجغرافيا ومناخ فريد من نوعه ممّا نتج عنه مطبخ تقليدي يتكوّن من الأسماك والمكسّرات والشاي والذرة. في هذه المناظر الطبيعية الخصبة تنتشر مزارع الشاي والمدن الساحرة والقرى الجذّابة والمراعي الجبلية. يعتبر السمك من أهم عناصر مطبخ البحر الأسود، وخاصة الأنشوجة الأوروبية التي تسمى "هامسي" باللغة التركية. حيث يتم تحضير السمك بعدة طرق، مقلي ويسمى "همسي تافا"، مطبوخ مع الأرز ويسمى "همسيلي بيلاف"، ويوضع في المعجّنات والخبز ويسمى "هامسيلي بورك" و"هامسيلي إكميك"، كما يُستخدم في صنع الحلويّات أيضًا. وتُستخدم الذرة على نطاق واسع في هذا المطبخ؛ يمكنك أن تأكل خبز الذرة اللذيذ في جميع أنحاء المنطقة. ومن الأطباق الشهيرة في البحر الأسود هناك طبق يُدعى "موهلاما"؛ جبن مخفوق مع دقيق الذرة.
يُعتبر مطبخ البحر الأسود حلمًا نباتيًّا لأنه يتميّز بأطباق لذيذة مصنوعة من نباتات وأعشاب مختلفة، مثل الملفوف الأسود والقرّاص و"merolcan" و"لسان الثور". في الواقع، تُعد المنطقة موطنًا لمئات النباتات والأعشاب الصالحة للأكل، والتي غالبًا ما ترتبط بطول العمر للسكان المحليين. عادة ما يتمّ تقديم هذه النباتات والأعشاب مطبوخة بشكل خفيف. هناك نكهات لا بدّ من تجربتها مثل حساء الملفوف الأسود، والملفوف الأسود المحشو الذي يقدَّم مع الزبادي اللذيذ.
البحر الأسود هو أيضًا أرض البندق. تركيا هي أكبر دولة منتجة للبندق في العالم، وتزرع أجود الأنواع في البحر الأسود، وخاصة في محافظتي أوردو وغيريسون. النكهات المحلية التي تحتوي على البندق تشمل حساء البندق و"فيندكلي بورما"، وهي حلوى مصنوعة من رقائق العجين الملفوفة.
أخيرًا وليس آخرًا، هناك الشاي أيضًا. تمتلئ السواحل الشرقية للبحر الأسود بمزارع الشاي. مدينة ريزه هي "عاصمة الشاي" في تركيا. تنتج المدينة "شاي ريزه" المشهور عالميًّا. الشاي هو المشروب الوطني لتركيا، يتمّ تخميره جيدًا تقليديًا (دم الأرنب) ويتم تقديمه في أكواب شاي ذات خصر نحيف.
• الأعشاب وزيت الزيتون والمأكولات البحريّة: مطبخ منطقة إيجه
النباتات والأعشاب البرية وزيت الزيتون والمأكولات البحرية... هذه هي المكوّنات الرّئيسة لمطبخ منطقة إيجه المشهور بنكهاته الصحية واللذيذة. خمسة وسبعون بالمائة من جميع أنواع الزيتون المزروع في تركيا تأتي من هذه المنطقة، وزيت الزيتون هو ملك موائد العشاء (أيضًا الفطور والغداء) في منطقة إيجه. غالبًا ما يستخدم زيت الزيتون في الطهي ولكنه أيضًا يُعتبر عنصرًا رئيسًا من عناصر المقبّلات في حدّ ذاته. فهو بمثابة صلصة مثاليّة، وغالبًا ما يتمّ رشّ زيت الزيتون بالأعشاب مثل الزعتر والريحان ويقدَّم مع الخبز الطازج.
الأعشاب والنباتات الخضراء تشكل أيضًا جزءًا كبيرًا من هذا المطبخ. وهذه الأعشاب هي التي ألهمت لتنظيم وإقامة مهرجان خاص في ألاجاتي، والتي هي قرية ساحرة على بعد حوالي ساعة بالسيارة من إزمير. يتم تنظيم مهرجان الأعشاب في شهر نيسان/ أبريل من كل سنة للترويج للأعشاب واسعة النطاق التي تنمو في المنطقة. تبرز الأعشاب والنباتات والخضراوات في الغالب في أطباق "المازات" (المقبِّلات) وأطباق زيت الزيتون، وهي الأطباق القائمة على زيت الزيتون والتي تعدُّ من العناصر الرئيسة في مطبخ منطقة إيجه. الأطباق التي لا بدّ من تجربتها تشمل "kozlenmis patlican" (الباذنجان المحمّص) و"kabakcicegi dolmasi" (أزهار الكوسة المحشوّة) و"zeytinyagli enginar" (الخرشوف المطبوخ بزيت الزيتون) و"fava" (بيوريه الفول العريض) و"haydari" (الزبادي بالأعشاب)، "saksuka" (باذنجان مقلي بصلصة الطماطم)، "deniz borulcesi" (سلطة فاصوليا البحر)، "semizotu salatasi" (سلطة الرجلة)، "mucver" (كوسة مقلية مع الأعشاب) و"zeytinyagli kereviz" (كرفس مطبوخ بزيت الزيتون).
نظرًا للطبيعة الجغرافية للمنطقة، فليس من المستغرب أن تشكِّل المأكولات البحرية جزءًا رئيسًا من مطبخ بحر إيجه. طريقة الطهي المفضّلة هي الشواء. يتم شواء السمك الطازج (أو أيّ نوع من المأكولات البحرية) ويُقدَّم مع سلطة الطماطم المفرومة ناعمًا والخيار والبصل والفلفل. أنواع الأسماك الأكثر شيوعًا تشمل القاروص (ليفريك) والدنيس (cipura) والحَدُّوق (mezgit) والسردين (sardalya) والبابالينا، وهو نوع صغير من السردين. يمكن أيضًا قلي الأسماك الصغيرة مثل السردين والبوري الأحمر (barbun) والماكريل (istavrit). كلماري المشوي والمقلي وسلطة الأخطبوط وحساء الجمبري وبلح البحر المحشو هي من أطباق المأكولات البحرية الخاصة بالمنطقة.
• النظام الغذائي الأكثر صحّة في العالم: مطبخ البحر الأبيض المتوسط
على الرّغم من التشابه بين مطبخ بحر إيجه ومطبخ البحر الأبيض المتوسط، إلا أنه هناك اختلافات دقيقة فيما بينهما، ممّا يجعل كل مطبخ بمثابة فئة قائمة بحدّ ذاتها. مثل مطبخ بحر إيجه، يعتمد مطبخ البحر الأبيض المتوسط أيضًا على زيت الزيتون والخضراوات والنباتات. بفضل مناخ البحر الأبيض المتوسط المشمس والمعتدل، تنمو الخضروات مثل الطماطم والباذنجان والخرشوف والقرع والبقوليات والفطر والخيار في هذه المنطقة. من المعروف اليوم على نطاق واسع أنَّ حمية البحر الأبيض المتوسط هي طريقة صحيّة لتناول الطعام. الخضراوات الطازجة هي قلب المطبخ المتوسطي، حيث يتم تحميصها أو شويها أو تحضيرها على شكل سوتيه أو طبخها في زيت الزيتون وتقدَّم طازجة في السلطات. وتقدَّم السلطات عادة مع عصير الليمون وزيت الزيتون البكر الممتاز ودبس الرمان (nar eksisi). المقبلات وأطباق زيت الزيتون ضرورية لمطبخ البحر الأبيض المتوسط. ومن أشهر المقبلات يمكننا ذكر "باباغنوج" (باذنجان محمَّص مع الفلفل والطماطم)، "حمص" (هريس الحمص مع الطحينة)، "طرطور" (صلصة مصنوعة من اللبن وعصير الليمون)، "بياز" (فاصوليا بيضاء مطبوخة مع البصل)، "خيار بلبن" (الزبادي مع النعناع والخيار).
يُعتبر الرمّان، وكذلك المكسّرات مثل الصنوبر واللوز والجوز من المكوِّنات المعتادة في الصلصات والأطعمة القابلة للدَّهن. وتعتبر البقوليات المجفّفة، وخاصّة الحمص والفاصوليا البيضاء والبازيلاء والعدس، مصدرًا رئيسيًا للبروتين، يتم استخدامها في الحساء والسلطات والأطباق، جنبًا إلى جنب مع الأعشاب مثل الريحان والمردقوش والزعتر وإكليل الجبل والبقدونس والشبت والنعناع والشومر والكزبرة.
الزبادي والجبن الطازج مثل الفيتا (الجبنة البيضاء) و"جبنة حلوم" تُستخدم على نطاق واسع في الأطباق والسلطات. وعادة ما تُستخدم اللحوم باعتدال. بشكل عام يتم شوي اللحم ويُقدَّم مع الأعشاب الطازجة. المأكولات البحريّة هي مصدر البروتين الأكثر استهلاكًا. يتم تحضير السمك بشكل مشوي أو مقلي أو مسلوق ويقدَّم مع السلطات. علاوة على ذلك، فإنَّ البحر الأبيض المتوسط هو عاصمة الحمضيّات في تركيا. يتم استخدام البرتقال والليمون واليوسفي والبرغموت في صنع الحلويّات والمربَّيات.
• مطبخ شرقي حارّ وغنيّ بالتَّوابل
تتمتَّع المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من تركيا بمجموعة متنوعة غنية من المأكولات المحلية، ولكنها تشترك في العديد من الأطباق والمكوّنات. اللحوم (لحم البقر والضأن والأغنام والماعز) والتوابل الحارة والبقوليات والحبوب مثل البرغل والعدس والأرز هي المكونات السائدة، في حين أنَّ الكباب "البيدا" (طبقات رقيقة من العجين تحتوي على اللحم أو الجبن أو الخضار) و"لحم بعجين" (خبز مسطح مغطى باللحم المفروم والخضروات) هي أكثر النكهات شهرة. ومع ذلك، فإنَّ هذه المناطق لديها الكثير من الأصناف لتقدِّمها. في غازي عنتاب، مدينة الذوّاقة في الجنوب الشرقي، يمكنكَ تجربة أنواع لا حصر لها من الكباب بما في ذلك الباذنجان والفستق والشيش كباب. لكن المدينة تمتلك أيضًا المئات من وجبات الطعام والشوربات والخضراوات المحشوّة والحلويات. الأطباق التي لا بدّ من تجربتها تشمل "أنالي كيزلي"، وهو حساء غني مصنوع من كرات اللحم والطماطم والبرغل والحمص، و"يوفالاما"، طبق معقّد مصنوع من الزبادي ونوع خاص من كرات اللحم، و"علينازيك"، هريس الباذنجان المغطى باللحم المفروم، "سيفيديز"، يخنة بالكراث والبصل واللحم واللبن، و"شوربة بايران"، مرق مصنوع من لحم الضأن والأرز والثوم.
هناك أيضًا الكثير من الحلويات للاختيار من بينها؛ مثل البقلاوة، وهي حلوى غنية مصنوعة من طبقات من الرقائق المحشوة بالفستق والقطر، كما يمكنك أيضًا تجربة "كاتمر"، وهو طبق معجَّنات رقاقي محشو بالفستق الحلبي، و"الشعيبيات"، طبقات من رقائق العجين مليئة بالقشدة والمكسرات، و"القطايف"، حلوى تحتوي على قطر مصنوعة من المعجنات المحشوة بالمكسرات.
أفضل ما في العالمَين:
البحر والثقافة في الساحل الفيروزي
تُعتبر منطقة البحر الأبيض المتوسط في تركيا نقطة نشطة للسياحة البحرية، حيث تجذب الزوّار من جميع أنحاء العالم. يُعرف الامتداد الطويل للساحل من فتحية إلى أنطاليا باسم "الساحل الفيروزي"، وهي جنّة حقيقيّة تتمتَّع بشواطئ جميلة وطبيعة خلّابة. إلى جانب ذلك، فإنَّ كلّ هذا النعيم الزّاخر من الشمس والبحر يصاحبه مكافأة أخرى رائعة، حيث بمجرَّد أن تبدأ بالابتعاد عن الشاطئ ستبدأ بتتبُّع آثار الحضارات القديمة. المدن العتيقة التي تعلو فوق التلال، والمقابر المزخرفة المنحوتة في المنحدرات، والآثار التاريخية بجوار الشواطئ الرائعة... دعنا نستكشف بعض التجارب المدهشة التي يمكن أن تناسب عطلتكَ الصيفية في تركيا.
• المناطق المجاورة لفتحية
ترك الليسيّون، الذين حكموا المنطقة المعروفة باسم شبه جزيرة تيكه على الساحل الجنوبي لتركيا، مجموعةً متنوعةً من البقايا الرائعة. إذا كانت وجهتكَ هي موغلا أو أولودينيز أو فتحية، فتأكد من تخصيص بعض الوقت في خط سير رحلتكَ للاستكشاف التاريخي. فتحية هي وجهة صيفية شهيرة للغاية مع خلجانها الجميلة وشواطئها ذات العلم الأزرق وأولودينيز الشهيرة، وهي بحيرة محميّة تحيط بها حديقة وطنيّة خصبة من جانب، وشاطئ طويل ذو رمال بيضاء من الجانب الآخر. ابدأ من وسط مدينة فتحية، التي كانت ذات يوم مدينة تلميسوس القديمة، وهي دولة مدينة مهمّة خلال الحكم الليسي واليوناني. لا تفوِّت فرصة زيارة قبر أمينتاس الضخم، وهو عبارة عن واجهة معبد منحوتة في وجه صخري بالكامل في 350 قبل الميلاد. يقع الموقع جنوب وسط المدينة، ويمكنك رؤية المقابر الصخرية الصغيرة الأخرى القريبة. متحف فتحية هو مكان آخر لا بدّ من مشاهدته حيث يمكنكَ الاطلاع على الاكتشافات الليسية من مدينة تيلميسوس الأثرية بالإضافة إلى المستوطنات القديمة الأخرى مثل طلوس وبيرغه. تقع طلوس على بعد 40 كيلومترًا من فتحية و8 كيلومترات من ساكليكنت، وهي واحدة من أقدم وأكبر مستوطنات ليكيا القديمة. قم بزيارتها لمشاهدة القلعة الجميلة على قمة التل، والمقابر الصخرية وقرية ياكا المجاورة. يمكنك الوصول إلى فتحية من خلال السيارة أو الحافلة من مطار دالامان. هناك جولات يومية ستأخذك إلى هذه المدن القديمة.
المناطق المجاورة لـكاش هي إحدى مدن المنتجعات الساحرة في تركيا، وهي وجهة صيفية شهيرة توفر أيضًا العديد من الفرص لاكتشاف تاريخ المنطقة. تقع كاش على أنقاض أنتيفيلوس، البلدة الليسية الأصلية، بالقرب من العديد من المدن القديمة المهمة التي تستحق الزيارة. ويقع ليتون في قرية كوملوفا (على بعد 50 كيلومترًا من كاش)، وهو مكان مقدَّس مخصَّص للإلهة ليتو، الإلهة الوطنية لليكيا. يقع ليتون على طريق ليكيا، وهو أحد أفضل مسارات المشي لمسافات طويلة في العالم، الواقعة بين فتحية وأنطاليا.
بعد ليتون، توجَّه إلى مدينة كسانتوس القديمة (6 كيلومترات من ليتون). كانت كسانتوس عاصمة ليكيا، وهي الآن من أكثر المواقع الأثرية إثارة للإعجاب في تركيا. تمَّ إدراج كل من ليتون وكسانتوس في قائمة اليونسكو للتراث العالمي. على بعد كيلومترات قليلة من أنقاض كسانتوس توجد باتارا، أطول شاطئ في تركيا وموطن السلاحف ضخمة الرأس. باتارا هي مكان مثالي آخر لمزج أشعة الشمس والبحر مع بعض الاستكشافات التاريخية لأنها أيضًا موطن لمدينة باتارا القديمة. مسقط رأس القديس نيكولاس، وهو أسقف من القرن الرابع ألهم فيما بعد سانتا كلوز الأسطوري، كانت باتارا هي الميناء الرئيسى في ليكيا وتقدم المدينة القديمة لمحة عن الحياة اليومية خلال العصور القديمة. إذا كُنتَ في كاش، فلا بدَّ من أن تدرج كيكوفا في قائمة الأماكن التي يجب زيارتها. هذه المنطقة المحمية بشكل خاص هي محطة شهيرة لرحلات القوارب بسبب جمالها الطبيعي المذهل. في جزيرة كيكوفا، يمكنك استكشاف أطلال Dolchiste تحت الماء، وهي مستوطنة ليسية قديمة غرقت في البحر بسبب زلزال في القرن الثاني. بعد كيكوفا، يأخذك الممر إلى ديمره، المبنية على مدينة ميرا القديمة الليسية. عامل الجذب الرئيس في ديمره هو كنيسة القديس نيكولاس (أو سانتا كلوز)، التي بنيت بعد وفاته. يُعد الموقع من أهم المباني البيزنطية في الأناضول، وكان مكانًا للعبادة والحج لعدة قرون. يمكنك الوصول إلى كاش بالسيارة أو الحافلة من مطاري دالامان وأنطاليا. هناك رحلات وجولات يومية حيث يمكنك زيارة ليتون وكسانتوس وباتارا وكيكوفا. يمكنك أيضًا ركوب حافلة صغيرة أو سيارة أجرة من فتحية إلى كاش وإلى جميع هذه المواقع التاريخية.
• المناطق المجاورة لأنطاليا
تعتبر أنطاليا أفضل منتجع صيفي في تركيا (أتاليا في العصور القديمة) وقد تم تأسيسها خلال الفترة الهلنستية. يمكنك رؤية آثار ماضي المدينة الغني في البلدة القديمة (كاليجي)، وهي مزيج مذهل من المباني القديمة والمنازل العثمانية التي تمَّ تجديدها. أحد هذه المباني هو بوّابة هادريان، التي بُنيت لإحياء ذكرى زيارة الإمبراطور الروماني هادريان للمدينة. قُم بقضاء بعض الوقت لتجول البلدة القديمة، واستقلّ المصعد البانورامي للاستمتاع بإطلالة رائعة على المدينة القديمة من الأعلى. ولا بدَّ من زيارة متحف أنطاليا، أحد أكبر المتاحف في تركيا، والذي يضم مجموعة رائعة بدءًا من العصر الحجري القديم وصولًا إلى العصر الروماني.
بعد استكشاف وسط المدينة، يمكنك التوجُّه إلى مدينة أسبيندوس الأثرية المجاورة. تقع أسبيندوس بالقرب من قرية بلكيس الحديثة، وتحتوي على أفضل مسرح روماني محفوظ من العالم القديم. تم بناء مسرح أسبندوس في عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس (161-80م)، وهو أيضًا موطن للعديد من الفعاليات الثقافية، بما في ذلك مهرجان أسبندوس للأوبرا والباليه (أيلول/ سبتمبر) ومهرجان أنطاليا السينمائي (تشرين الأول- تشرين الثاني/ أكتوبر- نوفمبر).
تقع مدينة بيرغه، وهي مدينة بمفيلية قديمة، على بعد 17 كيلومترًا فقط من أنطاليا. يمكنك ركوب الترام من وسط المدينة أو ركوب سيارة أجرة. هناك الكثير من وكالات السفر التي تقدِّم رحلات مشتركة إلى بيرغه وأسبندوس. مدينة تيرميسوس القديمة هي وجهة قريبة أخرى. تقع أطلال تيرميسوس في وسط منتزه جبل غولوك الوطنية على بعد حوالي ساعة بالسيارة من وسط المدينة. توجَّه إلى مسرح تيرميسوس القديم لمشاهدة المنظر الرائع لجبال طوروس.
الوجهة الأخرى المناسبة والرائعة للرحلات النهارية هي فاسيليس، واحدة من أجمل الأماكن للسباحة في أنطاليا. أثناء وجودك هناك يمكنك استكشاف مدينة فاسيليس القديمة التي تمتد بين ثلاثة خلجان صغيرة رائعة. مكان مثالي لقضاء أوقات رائعة من خلال السباحة في المياه النقية الصافية واكتشاف الآثار اليونانية والرومانية المنتشرة في غابات الصنوبر. تقع فاسيليس على بعد 15 دقيقة من كيمير و45 دقيقة من أنطاليا بالسيارة أو الحافلة الصغيرة.
تشيرالي الذي يُعتبر واحدًا من أفضل الشواطئ في المنطقة يقع على بعد ساعة واحدة بالسيارة من وسط مدينة أنطاليا. كما أنه يقع بجوار مدينة أوليمبوس القديمة (Olympos). تقع المدينة الليسية في أقصى نهاية شاطئ تشيرالي، وقد تمَّ بناؤها خلال الفترة الهلنستية. في أوليمبوس، يمكنك الإقامة في منزل خشبي، واستكشاف المدينة القديمة، والسباحة في الشاطئ الجميل ومشاهدة ألسنة اللهب الأبدية للصخور الملتهبة، وهي ظاهرة طبيعية يمكن رؤيتها بشكل أفضل في الليل.
إذا كنتَ ترغب في رحلة أطول قليلًا، فتوجَّه إلى سيده، وهي مدينة منتجع ساحرة على بعد 78 كيلومترًا من أنطاليا. تعتبر سيده أيضًا مركزًا رائعًا آخر لاكتشاف المنطقة كبديل للمدن الكبرى مثل أنطاليا وفتحية. تتمتع سيده أيضًا بالكثير من المعالم التاريخية ويعود تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد. يمكنك رؤية آثار الحضارات القديمة في وسط المدينة، وكذلك متحف سيده ومعابد أبولو وأثينا.
• التاريخ والثقافة في منطقة إيجه:
المدن القديمة التي لا بدَّ من زيارتها
تقع تركيا في منطقة جغرافيّة فريدة بشكل مذهل. إنها بمثابة جسر مادي ومجازي يربط بين الشرق والغرب، وبالتالي تمتلك ثقافة استثنائيّة نتجت عن اندماج مختلف الحضارات. من الحيثيين والفريجيين إلى الإغريق والرومان، تركت هذه الحضارات بصماتها في المدن والمواقع القديمة المنتشرة في جميع أنحاء البلاد. دعونا نستكشف أهم المدن القديمة في منطقة بحر إيجه.
أفسس
أُدرجت أفسس إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2015، وهي من أكثر المدن القديمة المحفوظة جيدًا في تركيا. تأسست في القرن العاشر قبل الميلاد من قبل المستعمرين الأيونيين والأتيكيين، نمت مدينة أفسس وازدهرت كمدينة تجارية. بلغ عدد سكان المدينة خلال العصر الروماني 250 ألف نسمة، وأصبحت مركزًا ثقافيًا أيضًا. وقيل إنَّ أفسس كانت تنافس روما ذات يوم كأكبر مدينة في العالم. كانت المدينة موطنًا لمعبد أرتميس، أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، ولا يزال من الممكن رؤية بقايا هذا النصب حتى اليوم. المعالم البارزة في الموقع هي مكتبة سيلسوس، وهي ثالث أكبر مكتبة في العالم الروماني، ومسرح الهواء الطلق، والساحات (أغورا)، والمنازل ذات المدرّجات التي تتميّز بلوحات جدارية وفسيفساء مذهلة، وحمامات رومانية ومعبد هادريان. علاوة على ذلك، تعتبر مدينة أفسس مركزًا مهمًا للمسيحية. حيث يُعتقد أن مريم العذراء قضت أيامها الأخيرة في أفسس. يمكن رؤية بيت مريم العذراء وكنيسة القديس يوحنا الإنجيلي في المنطقة.
كيفية الوصول الى هناك: تقع مدينة أفسس في منطقة سلجوق في محافظة إزمير. يمكنك الوصول إلى المدينة بالحافلات التي تنطلق من محطة الحافلات الرئيسة في إزمير. هناك العديد من وكالات السفر التي تنظم رحلات يومية إلى الموقع.
بيرغامون
مدينة برغاما اليوم كانت مدينة بيرغامون القديمة، ويعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد. تُعدُّ بيرغامون عضوًا في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهي واحدة من أكثر المواقع الأثرية إثارة للإعجاب في تركيا. تقع في سهل باكيرشاي في إزمير، وكانت ذات يوم عاصمة السلالة الأتالية الهلنستية. احتفظت المدينة بأهميتها خلال الفترات اليونانية والرومانية، وأصبحت مركزًا ثقافيًا وعلميًا وسياسيًا مهمًا. يقع الأكروبوليس في المدينة على تل يمكن الوصول إليه عن طريق المصعد الجوي الذي تم وضعه بشكل ملائم. المعالم التي لا بد من مشاهدتها تشمل المسرح المدرج ومعبد تراجان ومذبح زيوس وأسكليبيون، وهو أحد أهم مراكز العلاج في العالم الروماني. في العصور القديمة، كان المركز يقدم العلاجات بما في ذلك حمامات الطين والموسيقى والعلاج بالماء. ولا تنسى زيارة متحف الآثار القريب حيث يمكنك رؤية القطع الأثرية المستخرجة من الموقع.
كيفية الوصول إلى هناك: تقع برغاما على بعد 90 دقيقة بالسيارة من إزمير. يمكنك استئجار سيارة أو ركوب سيارة أجرة من إزمير. الحافلات المتجهة إلى برغاما تغادر من محطة الحافلات الرئيسة في إزمير.
ميليتس وديديما
تعتبر ميليتس واحدة من أهم مدن المنطقة في العصور القديمة، وهي مسقط رأس عالم الرياضيات طاليس. كانت المدينة ميناءً تجاريًا، وقد سكنها الكاريانيون والكريتيون واليونانيون والرومان. واليوم، تغطي الآثار مساحة واسعة تضم العديد من المعالم الأثرية من مختلف العصور والحضارات. المعالم البارزة في الموقع هي المسرح الروماني الذي يتسع لـ 15.000 مقعد وحمامات فاوستينا ومنطقة ميناء الأسد ومنطقة شمال أغورا والقلعة البيزنطية العثمانية. يمكن رؤية القطع الأثرية المستخرجة من الموقع في متحف ميليتس. يعرض المتحف أيضًا معروضات من موقعي ديديما وبرين القريبين.
الموقع الذي لا بد من زيارته في المنطقة هو ديديما، الذي كان مكانًا مهمًا للعبادة في العصور القديمة. حيث كان هنا معبد ضخم مخصص لأبولو، وكان هنا عرّاف يتنبأ بالمستقبل. هذا الموقع كان جزءًا من ميليتس ومتصلًا بالمدينة عبر طريق يسمى "الطريق المقدس". استخدَمَ الحجاج هذا الطريق للوصول إلى المعبد وطرح الأسئلة لـلعرّاف. ويمكنك رؤية البقايا الرائعة لمعبد أبولو في الموقع ويقع على بعد مسافة قصيرة من مدينة ديديم الساحلية.
كيفية الوصول إلى هناك: يمكنك الوصول إلى ديديم بالحافلات من مطاري بودروم وإزمير. يقع موقع ميليتس بالقرب من قرية بالات ويبعد ثلاثين دقيقة بالسيارة من ديديم. هناك رحلات يومية تجمع بين الزيارات إلى ثلاثة مواقع قديمة في المنطقة، وهي ميليتس وديديما وبرين.
أفروديسياس
تمَّ إدراجها في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في العام 2017، سميت أفروديسياس على اسم أفروديت، إلهة الحب اليونانية. تقع أفروديسياس في منطقة قراجاسو في أيدين، وهي واحدة من أكثر المدن القديمة المحميّة جيدًا في الأناضول. يعود تاريخ المدينة إلى سبعة آلاف عام، وقد اكتسبت شهرة وثروة بفضل مقالع الرخام. هذه المادة أدَّت إلى تأسيس مدرسة للنحت، وفي النهاية أصبحت أفروديسياس مركزًا لهذا الفن. اشتهر النحاتون من هذه المدينة في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية. واليوم، يمكن رؤية بعض هذه التماثيل القديمة في الموقع. تشمل بقايا المدينة الرائعة بوابة تيترابايلون والمسرح القديم والملعب والمعابد. يعرض متحف أفروديسياس مجموعة رائعة من التماثيل من الموقع.
كيفية الوصول إلى هناك: تقع أفروديسياس على بعد 95 كيلومترًا من أيدين. هناك حافلات يومية بالإضافة إلى رحلات يومية من أيدين ودنيزلي وباموكالي إلى أفروديسياس.
ايزانوي
تقع ايزانوي على بعد 48 كيلومترًا من كوتاهيا، ويعود تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد. احتل الرومان المدينة فيما بعد واكتسبت مكانة بارزة بسبب موقعها الاستراتيجي. وأهم ما يميز ايزانوي اليوم هو معبد زيوس الرائع، وهو نصب تذكاري أصلي تم الحفاظ عليه بشكل ممتاز. يشتمل الموقع أيضًا على مسرح روماني من القرن الثالث، وملعب، وحمامات رومانية، ومقبرة، و بقعة دائرية (سوق داخلي) وأربعة جسور رومانية. يتم عرض العديد من القطع الأثرية المكتشفة في ايزانوي في متحف كوتاهيا للآثار.
كيفية الوصول الى هناك: يمكنك الوصول إلى ايزانوي بالسيارة أو الحافلات المغادرة من محطة الحافلات الرئيسة في كوتاهيا.
هيرابوليس
هيرابوليس مدينة قديمة كانت ذات طابع منتجع صحي خلال الفترتين الرومانية والبيزنطية، وهي من مواقع اليونسكو للتراث العالمي. تقع هذه المنطقة بالقرب من دنيزلي، وتُعرف الآن باسم باموكالي، وهي موطن لأعجوبة طبيعية مشهورة عالميًا من الحجر الجيري الكالسيت المليء بالمياه الدافئة الغنية بالمعادن. باموكالي هي مركز منتجع حراري شهير. ويُعتقد أنَّ مياهها الغنية بالكالسيوم والحديد لها خصائص علاجية. تأسست المدينة القديمة، التي تقع فوق باموكالي، على يد الملك إيومينيس الثاني، ملك برغامون، في القرن الثاني قبل الميلاد. نمت المدينة واكتسبت مكانة بارزة بفضل ينابيعها الحرارية. يمكنك رؤية أنقاض الحمامات والمعابد والآثار القديمة الأخرى في هيرابوليس. يمكنك أيضًا السباحة في بركة كليوباترا، وهو نبع يُقال إنَّ الملكة المصرية قد استحمّت فيه.
كيفية الوصول إلى هناك: تقع باموكالي على بعد ساعة بالسيارة من مطار دنيزلي. هناك العديد من وكالات السفر التي تنظم جولات مشتركة إلى الموقع.
ساغالاسوس
تقع في بوردور، وهي مدينة في منطقة البحيرات الرائعة في تركيا، تتمتع ساغالاسوس بتاريخ يعود إلى آلاف السنين. كانت ساغالاسوس عاصمة بيسيديا، ثم غزاها الإسكندر الأكبر فيما بعد، ثم خضعت للحكم الروماني. تقع المدينة على منحدر جبلي شديد الانحدار على ارتفاع 1.750 مترًا فوق مستوى سطح البحر، وتوفر إطلالات ساحرة على الوادي أدناه. المعالم البارزة في الموقع تشمل المسرح، والأغورا، والحمامات الرومانية، والمكتبة، وأبرزها نافورة أنطونين، وهي مبنى استثنائي تمَّ تجديده بالكامل بعد أن دمَّره الزلزال.
كيفية الوصول إلى هناك: يمكنك الوصول إلى ساغالاسوس بالسيارة أو بالحافلات المغادرة من إسبرطة وبوردور وأنطاليا.
• المناطق القديمة في تركيا الشرقية
مهد الأساطير والأطعمة الشهية...
جنوب شرق الأناضول منطقة تحتوي على العديد من المواقع التاريخية التي صمدت أمام تحديات الزمن وتركت آثارًا تعود للعديد من الحضارات. موقع غوباكلي تبه الذي يعود للعصر الحجري هو الاكتشاف الأثري للقرن الذي وسَّع نطاق معرفتنا بعصور ما قبل التاريخ البشري في مقاطعة شانلي أورفا، وكانت شانلي أورفا تُعرف باسم مدينة الأنبياء، وهي مليئة بالأسرار القديمة.
شانلي أورفا مدينة الأنبياء
يُعتقد أنَّ مدينة شانلي أورفا أسسها سلوقس الأول نيكوتور حوالي عام 300 قبل الميلاد. هناك العديد من المعالم البارزة مثل بركة السمك (بركة إبراهيم)، وكهف النبي إبراهيم، والبازار التاريخي المغطى، وجامع فيرفيرلي (سابقًا كنيسة الرسل الاثني عشر)، والعديد من المباني التاريخية الأخرى في انتظار الزوار. إذا كنتَ تقيم في الفنادق في وسط المدينة، يمكنك الاستمتاع بـِسيرا غيجاسي "sıra gecesi" (التجمُّع المسائي لمجموعة متماسكة، يقام تقليديًا بالتناوب في منزل كل مشارك) والذي يمثل الترفيه الشعبي السائد هنا. أذواق ونكهات المأكولات المحلية ستبقى في ذاكرتك بعدما تغادر، وهذه المدينة تعتبر جنة لأولئك الذين يحبون الطعام الحار! ومن بين الأطباق المفضَّلة يمكننا ذكر كباب أورفة، كباب كبدة، والكبة النية (كرات لحم نيِّئ ممزوج بالبهارات والبرغل)، واللحم بعجين (خبز مسطّح مع طبقة من اللحم المفروم)، ومجموعة متنوعة من أطباق الأرز، وسلطة البستانة (خضروات مقطعة إلى مكعبات في زيت الزيتون، بنكهة صلصة الرمان). أخيرًا وليس آخرًا، يجب أن تتذوق الكنافة (الجبن الطازج داخل طبقتين رفيعتين من المعجنات المبشورة، مخبوزة وممزوجة بالقطر)!
غوباكلي تبه- نقطة تحوُّل في عصور ما قبل التاريخ
يقع موقع غوباكلي تبه الأثري بالقرب من قرية أونجيك، على بعد 15 كيلومترًا (10 أميال) شمال شرق مدينة شانلي أورفا.
تمَّ إدراج موقع غوباكلي تبه الأثري إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 2018. يُعتقد أنَّ أقدم الهياكل قد تمَّ بناؤها منذ 12 ألف عام. لوحظ الموقع في عام 1963 أثناء مسح أثري سطحي؛ ولكن بدأت الحفريات والتنقيب الأثري في عام 1994. غوباكلي تبه أقدم بأربعة آلاف عام من الأهرامات المصرية، وسبعة آلاف عام أقدم من ستونهنج. أدّى اكتشافه إلى تغيير التسلسل الزمني لفهمنا للعصر الحجري، وتمّت كتابة عصر ما قبل التاريخ من جديد. يوصف غوباكلي تبه بأنه "نقطة تحوُّل في عصور ما قبل التاريخ"، وهو يأخذكَ إلى ما وراء الزمن. نلاحظ بأنه هناك العديد من المواقع المقدّسة والمعابد في غوباكلي تبه بينما لم يكن مأهولًا بالسكان. ويعتبر بأنه أول وأقدم وأكبر أماكن العبادة القديمة.
حتى الآن، تمَّ حفر ستة هياكل فقط، ومع ذلك، تشير المسوحات الجيومغناطيسية إلى أنَّ هناك ما مجموعه 20 من هذه الهياكل ذات الميزات المماثلة التي أقيمت في غوباكلي تبه. الأحجار المتراصة على شكل حرف "T" التي يبلغ ارتفاعها ستة أمتار والمنحوت عليها نقوش حيوانيّة، أقيمت على تجاويف محفورة في القاعدة الصخرية. هذه الرُّسوم من العصر الحجري الحديث هي دليل ثابت على القدرة الفنيّة لأسلافنا.
كشف موقع غوباكلي تبه عن الكثير لتوسيع معرفتنا بعصور ما قبل التاريخ، ولكنه طرح أيضًا أسئلة جديدة للتأمُّل. مَن بنى تلك الهياكل؟ كيف حملوا هذه الأحجار الضخمة التي يبلغ وزنها 60 طنًا إلى الموقع وكيف تمّ تشييدها؟ لماذا تمّ تغطيتها بآلاف الأطنان من الحجارة وتم دفنها تحت كومة من الحجارة؟ ما هو الغرض من بناء تلك الهياكل؟ هذه الأسئلة والعديد من الأسئلة الأخرى لم تتم الإجابة عنها بعد، وستتطلَّب الإجابة على تلك الألغاز سنوات من العمل الشاق.
• إسطنبول
الاستفادة القصوى من إسطنبول:
دليل لقضاء عطلة نهاية أسبوع طويلة مثاليّة
تتميَّز إسطنبول بالكثير من الأشياء، إنَّها مدينة نابضة بالحياة، ومركز للأعمال والمال، ومكان التقاء الحضارات، وكانت عاصمة للإمبراطوريات الكبرى... المدينة الوحيدة التي تمتدّ عبر قارتين، يزورها الملايين كل عام الذين يأتون لإلقاء نظرة على تاريخها القديم، وقصورها ومساجدها الساحرة، بينما يتذوَّقون النكهات اللذيذة لمطبخها الغنيّ. تقدِّم إسطنبول تجربة لا تُنسى بما تتمتَّع به من الحياة اليومية المُفعمة بالألوان المختلفة والحياة الليلية الحيوية. لا يمكن للمرء أن يدَّعي معرفة إسطنبول بالكامل. حتى سكّانها القدامى يواجهون المفاجآت بهذه المدينة بشكل مستمر. حيث ما تزال هناك معالم سياحية رئيسة لزيارتها وأسرار لكشفها عن هذه المدينة السحرية. في إسطنبول، يمكنك القيام بالكثير من الأنشطة في ثلاثة أيام برحلة مخطَّطة بشكل جيد.
جوهرة إسطنبول: مضيق البوسفور
من أفضل الطرق لاكتشاف المدينة هو إلقاء نظرة عليها من البحر. مضيق البوسفور، الذي يربط بحر مرمرة بالبحر الأسود، هو كنز جوهريّ لإسطنبول. تنتشر على كلا الطرفين قصور تاريخية على الواجهة البحرية ولديها العديد من الأحياء الساحرة مثل أروطاكوي وبيبك وأرناووط كوي وحصار روميلي وأميرغان وينيكوي على الجانب الأوروبي وقانليجا وجنغلكوي وبيلاربي وكوزغونجوك وحصار الأناضول على الجانب الآسيوي. تقدِّم شركة العبّارات الرسمية في إسطنبول ثلاث جولات رائعة في البوسفور؛ رحلة بحرية قصيرة من أمينونو إلى إستينيا (حوالي ساعتين) ورحلة بحرية كاملة في البوسفور ورحلة بحرية ليلية إضافية. للحصول على تجربة كاملة، نوصي بأن تختار رحلة طويلة في البوسفور، والتي ستأخذك من أمينونو إلى أناضولي كاواغي في البحر الأسود ومن ثم العودة. نظرًا لأنَّ القارب يبحر بالقرب من الشاطئ، يمكنك حقًا الاستمتاع بجمال ساحل البوسفور ورؤيته بشكل مثالي. على كل شاطئ من شواطئ البوسفور، توجد مطاعم تقدِّم المأكولات البحرية اللذيذة، فضلًا عن المقاهي العصرية والبارات والحانات الصغيرة. تتوقف الرحلة بشكل منتظم ممّا يسمح لك باكتشاف المناطق المحيطة. يمكنك تناول الغداء في إحدى هذه المحطات مع الاستمتاع بتناول الطعام في واحدة من أكثر المناظر المدهشة في العالم.
الطريقة الأخرى لاكتشاف شواطئ البوسفور هي المشي. يمكنك البدء من بشكتاش، وهي واحدة من أقدم وأعرق مناطق إسطنبول التاريخية. قصر دولمابختشه هو من الأماكن التي يجب زيارتها، وهو المركز الإداري الرئيس للإمبراطورية العثمانية. يشتهر القصر بمظهره الخارجي الكلاسيكي الجديد وتصميمه الداخلي المثير للإعجاب، ويعطي الزائرين لمحة عن حقبة كانت فيها إسطنبول مقرًا لإحدى أعظم إمبراطوريات العالم. يمكنك أيضًا رؤية قصر تشيراغان ومسجد أورتاكوي على طول الطريق. في أورتاكوي، يمكنك أخذ استراحة لتناول القهوة في أحد المقاهي العديدة أو المتابعة إلى أرناووطكوي، وهو حيّ خلّاب يشتهر بقصور الواجهة البحرية العثمانية ومطاعم الأسماك، وبيبيك. يحتوي هذا الحيّ الراقي على حديقة جميلة على الواجهة البحرية بالإضافة إلى العديد من البوتيكات والمقاهي في جميع أنحاء شارعه الرئيس. من هنا، يمكنك التنزُّه في ممرّ البوسفور أو يمكنك ركوب حافلة أو سيارة أجرة ومشاهدة أحياء حصار روميلي الساحرة (قلعة روميلي)، إميرغان، إستينيا، ينيكوي، ترابيا وساريير، على طول الطريق إلى روميلي كافاغي.
عاصمة العالم القديم: شبه الجزيرة التاريخيّة
شبه الجزيرة التاريخية هي مركز التاريخ الثقافي لإسطنبول. النقطة التي تربط جميع أجزاء ماضي المدينة المجيد. منطقة السلطان أحمد التي تقع في قلب شبه الجزيرة التاريخية تتميَّز ببعض من أعظم الأعمال في إسطنبول وهي المساجد والقصور والكنائس والمنازل من العصور الرومانية والبيزنطية والعثمانية. أفضل ما يمكن استكشافه سيرًا على الأقدام هو ميدان السلطان أحمد الذي أطلق عليه الرومان والبيزنطيون اسم "ميدان سباق الخيل". محطتك التالية هي آيا صوفيا، التي بنيت بتكليف من الإمبراطور البيزنطي جستينيان الأول، عام 537، والتي تعمل كمتحف اليوم. يقف آيا صوفيا تحت قبّة يبلغ ارتفاعها 55 مترًا، وهو مكان فريد من نوعه بحجمه وروعته وهندسته المعمارية وأجوائه الغامضة. المسجد الأزرق المجاور (المعروف أيضًا باسم مسجد السلطان أحمد) هو نصب تذكاري عمره 400 عام وأحد المعالم التاريخية الأكثر شهرة في إسطنبول. القصر المغمور (Yerebatan Sarnici) يقع مقابل آيا صوفيا، وهو مبنى عمره 1500 عام يأسر الزائرين بجوّه الهادئ. مناطق الجذب الرئيسة الأخرى في شبه الجزيرة التاريخية تشمل قصر توبكابي ومتاحف الآثار والبازار الكبير.
إنَّ زيارة الأجنحة الفخمة والساحات والفناءات والخزينة المليئة بالجواهر وقسم الحريم الغامض في قصر توبكابي تعطي لمحة رائعة عن الحياة اليومية في البلاط العثماني. حديقة غولهانه والتي هي الحديقة الخارجية لقصر توبكابي توفر فترة راحة مثالية مع إطلالة رائعة على مضيق البوسفور. شارع سوغوك تشمه، شارع مرصوف بالحصى مليء بالمنازل العثمانية التي تمَّ تجديدها بين أسوار قصر توبكابي وآيا صوفيا، هو مشهد آخر لا بدَّ من زيارته. تضمّ المتاحف الأثرية القريبة قطعًا أثرية قديمة والعديد من القطع الفنية التاريخية الشهيرة. يقع البازار الكبير أو السوق المغطى (Kapalicarsi) في منطقة بيازيد على بعد رحلة قصيرة بالقطار (أو 30 دقيقة سيرًا على الأقدام) من السلطان أحمد. يضمّ السوق المغطى الآلاف من المحلات التجارية المنتشرة في عشرات الشوارع، وكلها مخصّصة لحرف يدوية تركية مذهلة، ويقدِّم تجربة فريدة تجمع بين التسوُّق ومشاهدة المعالم السياحية.
كاراكوي وبيوغلو ونيشانتاشي
بعد استكشاف عجائب إسطنبول التاريخية، حان الوقت لتوسيع رحلتك. اعبر جسر غالاتا التاريخي وستصل إلى كاراكوي، وهو حي تاريخي وراق مليء بالمقاهي والمطاعم والمحلات العصرية. يُعد كاراكوي أحد أهم الموانئ في إسطنبول، وهو أيضًا مكان لبعض المتاحف والمعارض الفنية الأكثر شهرة في المدينة. من كاراكوي، اتبع طريق كومباراجي المنحدر (أو استقل القطار الجبلي المائل التاريخي) للوصول إلى غالاتا وشارع الاستقلال. يتوِّج هذا الحيّ برج غلطة، وهو مركز آخر للتسوق والترفيه مع متاجر المصممين والمقاهي الساحرة والمطاعم العصرية. برج غلطة الذي يُعتبر من أحد رموز إسطنبول يقدم إطلالة بانورامية بزاوية 360 درجة على مضيق البوسفور والقرن الذهبي. والتنزه في شارع الاستقلال الشهير أمر لا بدَّ منه؛ حيث هذا هو المكان الذي ينبض فيه قلب المدينة. كان يطلق على هذا الشارع سابقًا Grand Rue de Pera، ويمتد من منطقة تونيل إلى تقسيم. ينبهر الزوّار بالهندسة المعمارية للمباني التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، والتي يضمُّ معظمها مراكز ثقافية ومحلات تجارية رائعة وحانات صغيرة. بالإضافة إلى تناول الطعام والتسوُّق، يُعدُّ الشارع أيضًا مركزًا ثقافيًا وترفيهيًا رئيسًا يضمّ مسارح ومعارض فنية ومتاحف. سوق الزهور (Cicek Pasaji) هو رواق تاريخي شهير تم افتتاحه في العام 1876، ويعتبر سوق السمك وكنيسة القديس أنطوان من الأماكن التي يجب زيارتها. بدلًا من المشي، يمكنك ركوب القطار القديم الذي يعبر الشارع بأكمله.
من تقسيم، يمكنك الانتقال بالسيارة إلى نيشانتاشي التي تقع على مسافة قريبة، وهو حيّ راقي معروف باسم مركز الأزياء الفاخر في المدينة. مع المباني على طراز فن الآرت نوفو والعلامات التجارية الفاخرة وصالات العرض للمصممين المحليين المشهورين، تُعدُّ نيشانتاشي مكانًا رائعًا للتسوق والتسكع. شارع عبدي إيبكجي هو وجهة التسوق الأكثر شعبية، في حين حيّ تشويقيه القريب هو جوهرة أخرى تشتهر بالمقاهي والمحلات. أكاريتلر هو حيّ ساحر آخر يستحق الزيارة. تمَّ بناء المنازل المتلاصقة في الأصل عام 1875 وتمَّ تجديدها في عام 2005، وهي الآن تستضيف المعارض الفنية والمتاجر والمطاعم الرائعة.
وجبة الفطور
وليمة: الفطور التركي
تمتلك تركيا واحدة من أغنى المأكولات وأكثرها تنوُّعًا في العالم. لكل منطقة من المناطق الجغرافية السبع في البلاد طبيعتها ومناخها الخاص ومجموعة متنوِّعة من المنتجات. ونتيجة لذلك، لكل منها أطباقها ونكهاتها الخاصة، فضلًا عن العادات المختلفة في الطهي والتقديم وتناول الطعام. وهذا التنوُّع يتجلّى بشكل واضح في الفطور التركي الذي يعتبر وليمة للمعدة وللعين في آن واحد. دعنا نستكشف تركيبة الفطور التركي بناءً على مكوِّناته. بالعافية.
طقوس يوميّة
الأتراك يأخذون فطورهم على محمل الجد. يمكن أن يكون سريعًا خلال أيام الأسبوع، ومن المرجَّح أن يطول أيام الأحد، لكن لا يتمّ تفويته أبدًا. وجبة الفطور التركية النموذجية لا تعتبر وجبة واحدة، بل هي مجموعة من الأطباق، وإن كانت في بعض الأحيان عبارة عن مأدبة صغيرة ولكنّها تبقى مأدبة في النهاية. قد تختلف بعض مكوّنات وجبة الفطور الكلاسيكية من منطقة إلى أخرى، ولكن الأساسيات تبقى كما هي. يمكنك الاستمتاع بوجبة فطور تركيّة في كل مكان تقريبًا: المقاهي والمخابز ومحلات الحلويات ومعظم المطاعم في تركيا تقدم وجبة الفطور. في الواقع، هناك مقاهي (kahvaltici) تقدم الفطور فقط وهي تزداد شعبية كل يوم. اطلب طبق فطور (kahvalti tabagi) في أي مكان في تركيا وستحصل على الجبن والطماطم الطازجة والخيار والزيتون والزبدة والمربّى أو العسل والبيض. المشروب الأساسي الذي يصاحب وجبة الفطور هو الشاي المخمر الطازج. أكياس الشاي غير مقبولة أبدًا. ثم هناك "Serpme kahvalti" الشهير، وهو مجموعة متنوعة من أطعمة الفطور الجيدة. الفطور هو تقليد تشتهر به مدن ومناطق معيَّنة؛ مثل فان وأرضروم حيث لهما وجبات فطور خاصة بهما التي تحمل اسم المنطقة، كل وجبة تقدَّم مع الجبن الخاص بالمنطقة وأطباق البيض وغيرها من النكهات الخاصة. وجبة فطور بحر إيجة أو "Ege kahvaltısı" هي وليمة شهيّة أخرى تتضمّن الكثير من زيت الزيتون لغمس الخبز والخضروات مثل البقدونس والجرجير والشبت والمربيات المصنوعة في المنزل.
الجبن هو الملك
في تركيا، الجبن هو العنصر الرئيس في كل وجبة فطور. وهي ليست مجرَّد وجبة فطور أساسيّة، بل يأكله الأتراك كمقبّلات ويضعونه في كل شيء من المعجّنات إلى السَّلطات والحلويات مثل "حلاوة الجبنة" و"الكنافة". الجبن الأبيض أو "beyaz peynir" هو النوع الأكثر شعبية من بين الأجبان الأخرى. على الرغم من أنه غالبًا ما يتم تشبيهه بجبن الفيتا، إلا أنَّ الجبن الأبيض يأتي في مجموعة متنوعة من النكهات في تركيا. يمكن أن يُنتج من حليب البقر أو الأغنام أو الماعز ويتغيّر طعمه بحسب المكوّنات. يتم إنتاج أفضل أنواع الجبن الأبيض في منطقة مرمرة، ولا سيما منطقة إيزينه في جاناك كاليه. جبنة إيزينه هي جبنة صلبة ذات نكهة غنية وقوية. وهناك نوع آخر مشهور من الجبن وهو "القشقوان"، وهي جبنة صفراء تأتي في نوعين؛ طازج وقديم. القشقوان الطازج (taze kasar) عبارة عن جبنة صفراء خفيفة مصنوعة عادة من حليب البقر. يمكن تقطيعها وتذويبها وبشرها بسهولة، وبالتالي فهي تستخدم في السندويشات والبيتزا و"التوست" الذي يعني شطيرة الجبن المشوي في تركيا. القشقوان القديم (eski kasar) أكثر تعقيدًا من حيث عملية الإنتاج. يصنع من حليب البقر الصافي (أحيانًا يُضاف حليب الماعز)، ثم يُعتَّق حتى يجف الداخل ويصير قابلًا للتقشير. هذا الجبن يتمتع بنكهة غنية ومنعشة. أفضل أنواع القشقوان القديم يأتي من المدن الشمالية الشرقية مثل قارص وأرضروم. الجبن التركي المفضَّل الآخر هو "تولوم". تصنع كل منطقة في تركيا تقريبًا مجموعة متنوعة من التولوم خاصة بها. النوع الكلاسيكي عبارة عن جبنة بيضاء مفتّتة مصنوعة من خليط من حليب الأغنام والأبقار. وتشتهر أرزينجان بشكل خاص بجبنة التولوم. عادة يتم تقديم التولوم مع زيت الزيتون أو الزبدة، وهو رفيق رائع للخبز الساخن "لافاش"، وهو خبز مسطح يأتي كمقبلات في مطاعم الكباب. تولوم إزمير هو نوع آخر مشهور. يُنتج تولوم إزمير بشكل أساسي في منطقة بحر إيجه، وهو أكثر صلابة وملوحة من التولوم الكلاسيكي. بالإضافة إلى هذه الأنواع الاعتيادية هناك ما يقرب من 200 نوع من الجبن في تركيا. لحسن الحظ، يمكنك تذوق الجبن قبل شرائه، ولذلك يمكنك التوجه إلى قسم التشاركوتيري أو السوبر ماركت وتجربة أي نوع من الجبن يلفت انتباهك.
الخبز والمعجَّنات
المخبوزات تشكل جزءًا كبيرًا من وجبة الفطور التركية. في المخابز التي تسمى "pastane"، يمكنك العثور على جميع أنواع الأطعمة المخبوزة مثل البوغاتشه والتي هي عبارة عن لفائف الفطور الطرية، والسميت وهي كعكة على شكل حلقة مغطاة ببذور السمسم. يُباع السميت، وهو طعام شائع في كل مكان، في عربات صغيرة في كل زاوية تقريبًا، وهو فطور محمول مفضّل. يُصنع السميت النموذجي أو "سميت إسطنبول" من الدقيق والخميرة، ويُغمس في الماء مع دبس العنب ويُرش ببذور السمسم. تمامًا مثل العديد من النكهات التركية الأخرى، يأتي السميت بأصناف إقليمية مختلفة. في إزمير، يطلق عليه اسم غيفرك "gevrek" ويتم خبزه مرتين لمنحه هشاشة إضافية. أمّا سميت أنقرة فلونه أغمق لاحتوائه على كمية أكبر من دبس العنب. في كاستامونو، يُصنع السميت بدون بذور السمسم ولذلك يُسمّى "السميت الأصلع". أيًا كان النوع الذي تختاره، يتم تناول السميت عمومًا مع الجبن الأبيض أو القشقوان أو جبنة الكريم.
البوريك هو نوع آخر من المعجّنات الكلاسيكية التركية، وهو عبارة عن معجنات مصنوعة من طبقات من رقائق العجين أو "يوفكا" ومحشوّة بالجبن أو اللحم أو الخضار. عادة ما يصنع في مقلاة كبيرة ويقطع إلى أجزاء بعد الخبز، ويمكن صنع البوريك بمكونات مختلفة مثل البطاطس أو الباذنجان أو السبانخ أو الفطر أو الكراث أو اللحم أو الدجاج. "سو بوريغي" الشهير يشبه اللازانيا مع طبقات ناعمة من العجين محشوّة بالجبن. طبق "تشي بوريك" الخاص بـإسكيشهير في وسط الأناضول، هو عبارة عن قطعة مقلية مع حشوة من اللحم المفروم. تشتهر أضنة في جنوب تركيا بـ"بوريك أضنة" المصنوع من جبن خاص يذوب في فمك. يتم تحضير "كول بوريك" أو "ساريير بوريك" على شكل لفائف طويلة محشوة باللحم المفروم أو الجبن أو السبانخ أو البطاطس. "لاز برويك" الخاص بمنطقة ريزه هو بوريك حلو محشو ببودنغ الحليب أو الكاسترد ويُرش بالسكر البودرة. وتشتهر مدينة إزمير بـ"بويوز"، وهو عبارة عن معجنات مقلية تقدم تقليديًا مع بيضة مسلوقة.
ويتم أيضًا تحضير الخبز بمجموعة متنوعة وواسعة في تركيا. خبز البيدا أو الخبز المسطح هو رفيق الفطور المفضل، خاصة خلال شهر رمضان. خبز البازلاما هو نوع آخر من الخبز المسطح ذو لون أصفر كريمي، وعادة ما يتم خبزه على "الصاج" أو "التنور". وتشتهر منطقة البحر الأسود بـ"خبز الذرة" وكذلك بـ"خبز طرابزون"، وهو خبز أبيض ضخم يُخبز في فرن خشبي. يمكن العثور على نوع الخبز الذي يُسمى "خبز القرية" المصنوع من العجين المخمّر في معظم المخابز وهو مشهور جدًا لأنه يظل طازجًا لفترة طويلة.
الغوزلامه (المعروفة أحيانًا بالفطيرة التركية) المصنوعة من رقائق العجين ومحشوة بالجبن أو اللحم أو الخضار تعتبر من العناصر المفضلة أيضًا في وجبات الفطور. يتم طهيها تقليديًا على صينيّة.
البيض والتشاركوتيري
في تركيا، يتم تحضير البيض على شكل عجّة أو بيض مسلوق أو بيض مخفوق أو بيض عيون. وهناك طبق آخر مفضّل في وجبات الفطور الكلاسيكية وهو الـ"مينمين"، وهو عبارة عن خليط من البيض المخفوق والطماطم والفلفل الأخضر وأحيانأ البصل. ويُفضَّل تناوله عن طريق غمس الخبز مباشرة في المقلاة. وفيما يتعلق باللحوم المقدّدة، فإنّ اللحوم التركية تتمتع بمجموعة واسعة من الميزات الرائعة. حيث أنّ السجق المحضّر من لحم البقر المجفّف مع التوابل و"البسطرمة" التي هي طبقات من اللحم البقري المقدّد المغطّاة بطبقة سميكة من التوابل، هما رفيقان مميزان للبيض. لتحضير البيض مع النقانق أو السجق، قم بتقطيع السجق إلى شرائح، ومن ثم طهي الشرائح في المقلاة وأخير قم بوضع البيض مباشرة في المقلاة. يمكنك اتباع هذه الطريقة نفسها باستخدام البسطرمة أيضًا. السجق والبسطرمة هما من المكوّنات الرئيسة في العجّة التركية.
الزيتون والمربّيات والأطعمة القابلة للدَّهن
الزيتون عنصر أساسي في المطبخ التركي. يوجد أكثر من 50 نوعًا من الزيتون في البلاد. تشتهر غيمليك وأدرميت في غرب تركيا بالزيتون الأسود الممتاز، بينما تشتهر نيزيب في غازي عنتاب بزيتونها الأخضر. يتم تقديم الزيتون مع زيت الزيتون والليمون والمردقوش أو الزعتر البري أحيانًا. بالإضافة إلى الزيتون، يعد هريس الزيتون الأسود عنصرًا شائعًا في الفطور. هناك أنواع أخرى من الأطعمة القابلة للدَّهن في وجبات الفطور مثل "المحمّرة" أو "أجوكا"، وهي صلصة بالتوابل محضّرة من معجون الطماطم أو الفلفل وزيت الزيتون والجوز والتوابل.
عندما يتعلق الأمر بالنكهات الحلوة، فهناك عدد لا يحصى من الخيارات في وجبات الإفطار التركية للغمس أو الدَّهن. "الطحينة والدبس" ثنائي لذيذ محضَّر من مزيج دبس العنب والطحينة. "القيمق" هي النسخة التركية للكريمة المتخثرة، وهي ناعمة وبنكهة رائعة للذوّاقة. العسل هو رفيق ممتاز للقيمق وعادة ما يجتمعان على المائدة. تعتبر تركيا أيضًا موطنًا للمربّى والمعلّبات اللذيذة. بالإضافة إلى الكلاسيكيات مثل الفراولة والكرز والمشمش والعنب، فإنَّ كل منطقة تمتاز بمربَّيات أو معلَّبات خاصة بها. في مناطق البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجه؛ يُعدُّ البرتقال والليمون واليوسفي والبرغموت من المكونات المفضلة لصنع المربى. يمكنك أيضًا العثور على مربيات محلية الصنع مصنوعة من مكونات غير عادية مثل الباذنجان والتين ومخاريط الصنوبر والطماطم.
بعد وجبة الفطور
القهوة هي اللمسة الأخيرة للفطور التركي اللذيذ. في الحقيقة، الكلمة التركية "kahvalti" أي الفطور تعني حرفيًا "قبل القهوة"، لذلك إذا كنت ترغب في تجربة طقوس الفطور، يجب عليك تتويج كل هذه الأطعمة اللذيذة بفنجان من القهوة التركية الفوّاحة.
• أرض القصص الخياليّة: كابادوكيا
تتمتَّع تركيا بتضاريس وأراضٍ متنوِّعة ومختلفة. إنَّها بلد تتمتع بقرى البحر الأبيض المتوسط الخلابة، والهضاب الخضراء، والسلاسل الجبلية الفاتنة والمدن المترامية الأطراف. ومع ذلك، لا يوجد أيّ منظر طبيعي آخر أكثر سحرًا من كابادوكيا، التي غالبًا ما توصف بأنها "أرض القصص الخياليّة"، وهو تصوير مستمدّ من مشهدها الخيالي. هنا، المداخن الخرافيّة بأحجام وأشكال مختلفة تحيّي الشمس والقمر بينما تهمس الكهوف الجوفيّة والأنفاق الغامضة بأسرار تاريخ الأرض الطويل.
أرض الخيول الجميلة
كابادوكيا هي منطقة جغرافية مميزة تشكلت بفعل الأحداث الطبيعية والأيادي البشرية. يُقال إنَّ اسم كابادوكيا يعني "أرض الخيول الجميلة" في اللغة الفارسية القديمة. في الواقع، كابادوكيا هو الاسم الشائع لمنطقة شاسعة تشمل أجزاء من عدة مدن، وهي أكساراي ونيفشهير ونيغده وقيصري وكرشهير في وسط الأناضول. كانت المنطقة موطنًا للعديد من الحضارات منذ العصور القديمة ويمكن رؤية الآثار التي تركوها اليوم في الكنائس المنحوتة في الصخر والمدن تحت الأرض.
منذ ملايين السنين، غطّت الانفجارات البركانية من الجبال المجاورة (البراكين النشطة في ذلك الوقت) المنطقة بحمم بركانية ورماد كثيف، والتي تحوّلت إلى نوع من الصخور الرخوة تسمى "التوف". وتآكلت هذه الطبقة السميكة من التوف ببطء بفعل الرياح والمياه، ممّا أدّى إلى تكوين المخاريط والأعمدة والقمم والمداخن. وبمرور الوقت، أضاف البشر الذين استقروا في المنطقة إلى إبداعات الطبيعة ونحتوا الحجرات والأنفاق المذهلة في الصخور الرخوة. بنوا الكهوف وأماكن المعيشة ودور العبادة وحتى الإسطبلات. وفي أماكن معيَّنة، فإنَّ مجمّعات الأنفاق التي من صنع البشر تشكِّل مدنًا بأكملها بعدَّة طبقات (حتى ثمانية طوابق) تحت الأرض. نتيجة لذلك، أصبحت الهضبة مشهدًا حضريًا ثقافيًا تحت الأرض بهندسة معمارية فريدة.
هناك أكثر من ثلاثين مدينة تحت الأرض في كابادوكيا وما زال يتم اكتشاف مدن جديدة. تم بناء هذه المدن تحت الأرض في البداية من قبل الفريجيين الذين نحتوا أماكن معيشتهم في الصخور البركانية الرخوة الممتدة عبر هذه الأراضي. واصل الناس العمل في المدن تحت الأرض خلال الفترتين الرومانية والبيزنطية، مضيفين تواقيعهم الثقافية والدينية مثل الكنائس. خلال ذروتها، آوَت هذه المدن الآلاف من الناس.
الأماكن التي لا بدَّ من رؤيتها
تعد كابادوكيا اليوم متحفًا رائعًا في الهواء الطلق يضمّ العديد من الوديان والمستوطنات الخلابة، ولا سيما أوتشهيصار وغوريمه وأفانوس وأورغوب ودرين كويو وإهلارا، وكلها مراكز ممتازة لاستكشاف المنطقة.
تعتبر أوتشهيصار، وهي قرية ساحرة تقع على بعد 10 كيلومترات من نيفشهير (حيث يقع المطار)، مثالًا رائعًا على الهندسة المعمارية الفريدة لكابادوكيا. قلعة أوتشهيصار الصخرية هي المكان المفضَّل لمشاهدة المناظر الطبيعية والتقاط الصور. بعد استكشاف مركز المدينة، يجب أن تكون محطتك التالية هي وادي الحمام (Guvercinlik). هذا الوادي الطويل والعميق هو موطن للكنائس الصخرية من القرنين الثامن والتاسع والأنفاق وأعشاش الحمام المنحوتة في الصخور. وهو أيضًا ممر بطول 4 كيلومترات يوفِّر مناظر خلابة وهو مثالي لرياضة المشي لمسافات طويلة.
من أوتشهيصار، يأخذكَ الطريق إلى غوريمه، التي كانت مركزًا للحياة الرهبانية حتى القرن الثالث عشر. يُعد متحف غوريمه المفتوح أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو في تركيا، وهو أحد المعالم البارزة في المنطقة. هنا، يمكنك رؤية المداخن الخيالية والكنائس والأديرة المنحوتة في الصخور واللوحات الجدارية والجداريات النابضة بالحياة، والتي يعود تاريخ أحدثها إلى القرن الثاني عشر.
تُعدُّ أفانوس واحدة من أقدم المستوطنات في كابادوكيا، وهي مكان آخر يجب رؤيته. بسبب الطين الأحمر المميّز، كانت هذه المدينة مركزًا لصناعة الفخار منذ عصر الحيثيين. يمكنك مشاهدة الفنانين وهم يصنعون إبداعاتهم في إحدى ورش صناعة الفخار ويمكنك تصميم واحدة بنفسك بمساعدة أحد الخبراء.
قرية تشافوشين القريبة التي تتميز بمنازلها المنحوتة في الصخر تستحق الزيارة. يُعدُّ وادي قيزيلجوكور على طول الطريق مكانًا شهيرًا لمشاهدة غروب الشمس، وهو أمر لا بدّ منه لكل زائر إلى كابادوكيا.
أورغوب هي واحدة من أكبر المدن في كابادوكيا، وهي قريبة جدًا من المعالم السياحية الرئيسة في المنطقة، وبالتالي فهي مركز آخر جيّد للاستكشاف. كما أنَّها موطن لبعض أفخم فنادق البوتيك في كابادوكيا. على بعد 15 دقيقة فقط من نفشهير، تظهر أورغوب بمداخنها الخيالية الثلاث. عندما تكون في أورغوب يمكنك زيارة الأسواق المحلية التي تقدم مجموعة متنوعة من العناصر المثيرة للاهتمام من الأقمشة المنسوجة يدويًا إلى المداخن الخيالية. لا بدّ أيضًا من تجربة المأكولات المحليّة، وخاصة الأطباق التقليدية مثل "كباب الجرة الفخارية" و"القاورما الصاجية".
جنوب نفشهير، يأخذك الطريق إلى مدينتي كايماكلي ودرين كويو تحت الأرض على التوالي. تقع مدينة كايماكلي تحت الأرض أسفل قلعة كايماكلي، وتتميز بمتاهة من الأنفاق والغرف المنحوتة على عمق ثمانية مستويات تحت الأرض. الطابق الأوَّل كان يُستخدم كإسطبل، بينما تضمنت المستويات الأخرى أماكن معيشة وكنيسة وحتى مقابر. وتقع درين كويو على بعد تسعة كيلومترات من كايماكلي، (تعني "البئر العميق" باللغة التركية) وتأخذ اسمها من عمق آبار المياه هناك. إنها شبكة معقدة من الأنفاق والغرف موزّعة على سبعة مستويات تتكون من إسطبلات وأقبية وصالات طعام وكنائس ومخازن.
إذا اتَّبعت الطريق من نفشهير إلى أكساراي، فسوف تصادف أحد أكبر الأودية في العالم، وادي إهلارا. كان الوادي، المسمى "بيريستريما" في العصور القديمة، الملاذ المفضل للرهبان البيزنطيين. تضم المنطقة أكثر من مائة كنيسة منحوتة في الصخر. يُعدُّ الوادي، الذي يقطعه نهر ميلينديز، أحد أفضل الأماكن للتنزه في الطبيعة.
تجارب لا تُنسى
كابادوكيا هي أرض العجائب الطبيعية، وبالتالي هناك بعض التجارب المميزة التي يجب على كل مسافر تجربتها. إحدى هذه التجارب المجزية هي الإقامة في أحد "فنادق الكهوف" المشهورة عالميًا في كابادوكيا. تمَّ تحويل بعض مساكن الكهوف في المنطقة إلى فنادق بوتيك فاخرة. تقدم هذه الفنادق إحساسًا حقيقيًا بالهندسة المعمارية المميزة للمنطقة مع توفير جميع وسائل الراحة الحديثة.
يعتبر ركوب الخيل طريقة رائعة لاكتشاف كابادوكيا. حيث أنّ ركوب الخيل يتيح لك فرصة مشاهدة التفاصيل المذهلة من حولك عن كثب. يمكنك اختيار الخيار الأنسب لك من بين العديد من الجولات اليومية على ظهور الخيل. وهناك أيضًا جولات متعددة الأيام حول كابادوكيا، بالإضافة إلى جولات اكتمال القمر حيث يمكنك استكشاف هذه المنطقة الساحرة في الليل.
كابادوكيا هي أيضًا جنة حقيقية لممارسي رياضة المشي لمسافات طويلة في الطبيعة. يُعدُّ المشي لمسافات طويلة حول كابادوكيا تجربة فريدة من نوعها تقدِّم بعضًا من أكثر المناظر السريالية في العالم. هناك العديد من المسارات الشهيرة بما في ذلك وادي الحمام بالقرب من غوريمه ووادي الحب ووادي روز ووادي السيف، وكلها تستغرق بضع ساعات. يمكنك أيضًا المشي في مسارات أطول مثل وادي إهلارا الذي يبلغ طوله 14 كيلومتر.
رؤية ومشاهدة المناظر الطبيعية المذهلة لكابادوكيا شيء رائع، ولكن رؤيتها ومشاهدتها من السماء أروع، وهي تجربة لا تُنسى. تشتهر كابادوكيا بأنها واحدة من أفضل الأماكن في العالم للطيران باستخدام بالونات أو منطاد الهواء الساخن. أثناء ارتفاع المنطاد بلطف في الهواء فوق مداخن خرافيّة ووديان خلّابة وتشكيلات صخريّة فريدة من نوعها، يمكنك رؤية الصورة المذهلة الكاملة لكابادوكيا.
• الجمال الطبيعي المُطلَق في تركيا: باتارا
نبذة: نظرًا لإعلان عام 2020 "عام باتارا"، فإنَّنا نغوص في صندوق كنز مليء بالمواقع الرومانية، ممّا يتركنا في دهشة ورمال ناعمة وضخمة لا تسمح لنا بالمغادرة، فهي مدينة تستحق أن نحلم بها وأن نعيش تجربة زيارتها.
الاحتفال الطويل الذي تستحقه مدينة باتارا الليسية القديمة، والمعروفة أيضًا باحتضانها أحد أطول شواطئ تركيا الممتدة دون انقطاع، أظهر بأنها منطقة "تبقى ذكراها خالدة في الأذهان بعد زيارتها" وأنها تؤلف أغنية من خلال عزف ألحان الهدوء والتواضع والغضب بطريقة ساحرة للغاية. مدينة باتارا القديمة تقع في منطقة كاش على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتروي لنا قصصًا تعود إلى الألفية الثالثة والرابعة قبل الميلاد. وباعتبارها واحدة من أقدم المستوطنات في الاتحاد الليسي، فقد خضعت المدينة لحكم دول وإمبراطوريات عديدة، ولذا نرى هناك طبقات مختلفة من الموروثات الليسية والرومانية والعثمانية.
يمكننا اعتبار باتارا جنّة على الأرض بجمالها الطبيعي البكر. الطريق الوحيد الذي يأخذنا إلى هناك هو الطريق الملتوي والملتف خلف التلال التي تختبئ وراءها الجواهر. المشهد الأول الذي يخطف الأبصار على الطريق قبل الوصول إلى المدينة: بركتان صغيرتان محفوفتان بالشاطئ، ورمال بيضاء، وأعشاب القصب التي تمتد إلى البحر الأبيض المتوسط ذو اللون الياقوتي. تُظهر باتارا لونها الحقيقي منذ اللحظة الأولى، وهي منطقة لا بدَّ من زيارتها لأي شخص لا يستطيع مقاومة مثل هذا المكان المميز والمتنوع. لا ينتهي كرم مدينة باتارا عند هذا الحد: أيّ شخص يرغب في اكتشاف المنطقة سيكشف أيضًا عن القصص التي كانت تحكيها هذه المنطقة- وفي الوقت نفسه ينقش عليها حكايته الخاصة.
إعاة تخيُّل الأطلال
أراضي باتارا القديمة مخبّأة في الرُّكن الجنوبي الغربي من وادي كسانتوس، المعروف اليوم باسم قرية غالاميش. تعود بدايات باتارا إلى العصر البرونزي المبكر، ولكن على الأرجح إلى العصر الحجري الحديث، وقد بلغت ذروتها كعاصمة الرابطة الليسية. الوادي هو المكان الوحيد الذي يمكن للمرء أن يبحر فيه، ولذا فإنَّ هذا القرار الاستراتيجي قاد المنطقة لتكون القاعدة البحريّة وأرسى أسس التواصل الوثيق مع الدول الأخرى في الشرق. وبالتالي، هذا ما جعل هذه المدينة المزدهرة مركزًا تجاريًّا. ومع هذه المعلومات القيِّمة التي في متناول اليد، يبدأ النَّسيم الدافئ في إرشادكَ نحو لقائكَ وترحيبكَ المُنتظر.
تحت أشعة الشمس الحارقة، تحدث أوَّل مواجهة تاريخية مباشرة بعد التحديق نحو منحدر التلال. حيث المقابر الضخمة التي تطلُّ على الخليج الذي كانت باتارا تتصل من خلاله ببقية العالم. تمَّ صنع هذه المقابر من قبل الأثرياء في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد بقصد "إثبات الوجود" مع الرَّغبة في أن يتمّ إدراكهم من قبل المجتمعات الدوليّة التي كانت تمرُّ بالميناء. هذا المشهد الغريب والقديم يخفي أيضًا مقابر حجرية تحت الأرض تمَّ حفرها في غابر الأزمان، ممّا يشير إلى أنَّ هذا المشهد يشمل منطقتين زمنيّتين مختلفتين وثقافتين مختلفتين للدَّفن؛ الحياة والموت في مكان واحد.
عند الوصول إلى مدخل المدينة، ترحب بكم بوّابة ثلاثية مقوّسة وُصفت بأنَّها أحد رموز باتارا من بين العديد من البوّابات، في المدينة. عند رؤية تماثيل الإمبراطور ترايانوس وزوجته بلوتينا على القمة، يرغب المرء في رؤيتهما على الحقيقة بالتفاصيل الدقيقة. بوّابة المدينة التي بُنيت من قِبَل مجتمع باتارا هي بمثابة هيكل مائي دقيق ينقل المياه إلى مجموعة من الأحواض حيث تتراكم فيها المياه. عند المدخل سترى البقايا التي كانت متاجر مقنطرة، مصطفّة على جانبي البوّابة المهيبة. شمال بوّابة المدينة تمَّ اكتشاف بقايا كنيسة هائلة في الحجم يُعتقد أنَّ معبد أبولو موجود تحتها، ممّا يشير إلى أنَّ أسطورة أبولو التي وُلدت هنا قد تكون صحيحة في الواقع. بعد الطريق الحديث المعبّد أمامك قليلًا في الغرب، يوجد حمّام، المركز الصحي للمجتمعات القديمة، والأهم من ذلك أنه كان عنصرًا أساسيًا في ثقافة الإمبراطورية العثمانية. أطلق عليه اسم "حمّام المرفأ" بسبب قربه من المرفأ، وهو أوَّل حمّام يقدّم نفسه. قبل عامين فقط، تمَّ اكتشاف سيف الفايكنغ في المنطقة نفسها، ممّا يشير إلى وجود الفايكنغ في ليكيا. نحو الشرق يستقبلك حمّام حراري بُنيَ في القرن الثالث مع منطقة هورماليك الشهيرة والتي هي جوهرة طبيعية غنية في باتارا.
مع مزيد من المشي ومزيد من الإعجاب بالمناظر المحيطة بك، يرحِّب بك التل الثالث قورشونلو؛ حيث عند سفح التل يقع المركز السياسي للمدينة. كانت أغورا محاطة بأروقة وبجوار الجنوب الغربي يوجد مبنيان مهمّان للغاية: المسرح ومبنى البرلمان. بمجرَّد النَّظر إليها، فإنك تُحاط بالجوّ المميَّز الخاص بها. يقع المسرح في أفضل بقعة ويتضمَّن معبدًا مبنيًّا على قمّة المدرَّج بحيث يمكن رؤيته من جميع أنحاء المدينة.
المدينة القديمة راسخة في مكانها. إنها لا تزال قائمة كما لو أنها تنتظر الكشف عنها. أفضل طريق هو طريق ليكيا الذي يمرُّ عبر الموقع القديم ونحو أطول شاطئ في تركيا الذي يمتد بشكل غير منقطع. عند الوصول إلى الطرف الجنوبي الشرقي من الشاطئ، ستُتاح لك الفرصة للعودة إلى القمم التاريخية في ليكيا وإحياء ذكرى الحياة والاستمتاع بالأطلال المنتشرة في الأدغال.
الثقافة الغزيرة
هذه المناطق، من الغسق حتى الفجر، تهمس بأساطير الكثيرين الذين عبروا منها أو أقاموا فيها، وإنه لمن دواعي السُّرور أنْ تعرفَ أنَّ السَّيرَ على الطُّرُق الحجريّة المرصوفة يجعلكَ جزءًا من ذلك التاريخ الذي لا ينتهي. عندما تضع خطوتكَ، تعلم أنَّ كل شبر من التربة يكشف عن أعجوبة أخرى تشقُّ طريقها إليك. عندما تنظر إلى يساركَ ترى منارة نيرو، التي بناها الإمبراطور الروماني نيرون، والتي تُعرف بأنها واحدة من أقدم المنارات في العالم بأسره. وعندما تنظر إلى يمينك، ستلفت أنظارك أطلال أحد أقدم الحمّامات الرومانية في أراضي الأناضول. كلّ زاوية تقع عيناكَ عليها تتجسَّد أمامكَ لإظهار قوَّتها وشغفها. لم تغِب وتتلاشى كلّ الحكايات، بل إنَّ بعضها شقَّت طريقها إلى حياتنا المعاصرة. حيث إنَّ القديس نيكولاس، المعروف باسم سانتا كلوز، وُلد هنا. من الغريب أن تفكِّر في سانتا كلوز وهو يتجوَّل في أراضي باتارا في وقت مضطرب في التاريخ الروماني، وها أنتَ هنا تعيش للحظات في الجنّة نفسها. وعندما نتقدَّم في الزمن نأتي إلى الأسطورة التي تحكي لنا قصة الشاطئ المتنكِّر في هيئة صحراء والذي كان ملاذًا للعديد من أفلام يشيلتشام في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ويمكن وصف تلك الحقبة بشكل أفضل بأنَّها حقبة الهوليوود التركية لصناعة الأفلام، والتي هي تجربة لا بدَّ وأنْ استَمْتَعَ بها كل فرد تركي في مرحلةٍ ما من حياته.
المطبخ: أصيل ولذيذ
تستمر حياة القرية التقليدية اليوم في غالاميش. ولم يكن الأمر كذلك حتى الخمسينات، عندما قرَّر الرُحَّل الاستقرار حقًا على هذه الأراضي. القرية طبيعية ومنعشة على الرغم من وجود بعض المطاعم والمتاجر والبارات. الأشجار تعج بالفواكه، والطماطم الطازجة تتدفق من التربة، والليمون ذو الطبيعة الغامضة بكونه نوعًا من الفواكه أو الخضروات؛ يمثلون المسرحيات المفعمة بالبهجة، والأغصان ترقص في مهبّ الريح.
إلى جانب مواردها الطبيعية، تضم باتارا العديد من الأطباق المتوسطية والتركية التقليدية. يأتي البيض والمربى والخبز من مصادر محلية وهي عناصر جيدة دائمًا لتناول فطور منعش. وقد ترغب في إدراج الـبيشي، وهو شكل من أشكال العجين المقلي، في وجبة الفطور الرئيسة. الفطر الطازج والنعناع والزعتر والطماطم والبازلاء والفول التي تنمو في الأراضي الخصبة غالبًا ما تُستخدم في جميع الوجبات في اليوم، مصحوبة بالعسل واللبن والخبز المسطح. تُنتج الأعشاب موسميًا ومحليًا، وهي ضرورية للأطباق وكوب من الشاي اللذيذ وحتى للاستخدام الطبي. الزبدة مع الصنوبر ودبس الرمان وعصير الجزر الأحمر المخلل واللوز الأخضر المغطى بالملح هي نكهات شهيّة لا بدَّ من تجربتها. وفي كل لحظة بين الحين والآخر، سيتم تقديم القهوة التركية- بالتأكيد ليس لأصحاب القلوب الضعيفة. كما يجب عليك أيضًا الاستمتاع في الأسواق النشطة التي تفتح في كل يوم مختلف من أيام الأسبوع. يمكن العثور على أفضل الأطعمة المحلية في هذه الأسواق، من الزيتون إلى الأعشاب الطازجة والمكسرات المجففة والجبن. وبعد كل هذه النكهات المقدَّمة لك يمكنك تجربة الـ"غوزلمه" أي الفطيرة التركية قبل مغادرة السوق.
عشٌّ للاستراحة
إذا كانت البطون ممتلئة، فهذا يعني أنَّ الوقت قد حان لتتغذى عيناك. سحر الطبيعة التي تخطف الأنظار ستتجوَّل معك في كل خطوة على الطريق. بدءًا من أعلى التلال نزولًا إلى شاطئ البحر، ستتاح لك العديد من الفرص للتفاعل مع الطبيعة البريّة الصامتة المحيطة بك. باتارا تقدِّم لكم الكثير من الأشياء للاندماج مع الطبيعة بما فيها الطيور المزقزقة ومخلوقات البحر الأبيض المتوسط المتنوِّعة والجذّابة. يمكنكَ دائمًا التجديف في نهر دالامان، والانضمام إلى رحلة سفاري بالدراجة، والسير في وادي المدينة المخفية (ساكليكنت) الجذاب، ومشاهدة المسارات الغامضة للطيور، والغوص والتعرُّف على الحياة البريّة تحت البحر. يمكنك التنزُّه على الكثبان الرملية التي تشبه صحراء مصر أو ركوب الجمل والاستمتاع بالفرص التي توفرها لك الأرض. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد. الشاطئ البكر الجاهز لركوب الأمواج، المحاط بالكثبان الرملية والجبال الليسية، يستضيف السلاحف البحرية ضخمة الرأس، المعروفة أيضًا باسم كاريتا كاريتا، ليكون عشًا كبيرًا لها من أيار/ مايو حتى أيلول/ سبتمبر. منطقة وضع البيض لهذه السلاحف خاضعة لحماية الصندوق العالمي للطبيعة، حيث يتم الاقتراب لهذه المنطقة بحذر، وخلال هذه الفترة يُحظر إصدار ضوضاء مفرطة واستخدام كراسي الاستلقاء للتشمُّس. باتارا ذات الطبيعة الواقية والمغذِّية، ترسم الصورة المثالية للمكان الذي تحلم بأن تعيش تجربة زيارته.
• أفضل من الأفضل:
مواقع التراث العالمي لليونسكو في تركيا
العالم مليء بالعجائب الطبيعية التي من صنع الإنسان. ماضينا هو تراثنا. قصة كتبها أجدادنا وهي قصة الأرض نفسها. تصف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) التراث بأنه "إرثنا من الماضي، وما نعيشه اليوم، وما ننقله إلى الأجيال القادمة". من أجل حماية هذا التراث، أصدرت المنظمة قائمة تحدد الخصائص الثقافية والطبيعية ذات "القيمة العالمية المتميزة" في تشرين الثاني/ نوفمبر 1972. تضم قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو أكثر من ألف موقع، وتشمل روائع العبقرية الإبداعية والمناظر الطبيعية الجميلة. أصبحت تركيا طرفًا في هذه الاتفاقية في عام 1983، وهي موطن لـِ(18) موقعًا من مواقع التراث العالمي. لنقم بجولة في المواقع التي يمكن أن نصفها بأنها أفضل الأفضل في البلاد.
منتزه غوريمه الوطنيّ والمواقع الصخريّة في كابادوكيا
غالبًا ما توصف كابادوكيا بأنها "أرض الأساطير الخيالية"، وقد تم إدراجها في قائمة التراث العالمي بسبعة أجزاء: منتزه غوريمه الوطني ومدينة ديرينكويو تحت الأرض ومدينة كايماكلي تحت الأرض وكنيسة كارليك وكنيسة ثيودور وكارين كولومباريا وموقع سوغانلي الأثري. يقع منتزه غوريمه الوطني في بلدة غوريمه في نفشهير، والتي تعتبر قلب كابادوكيا، وهي واحدة من أكثر المناظر الطبيعية روعة في العالم. تشكلت إثر الأحداث البركانية وآلاف السنين من التعرية، كابادوكيا هي أرض المداخن الخيالية والكنائس المنحوتة في الصخور والكهوف الجوفية.
جامع ومستشفى ديفريغي الكبير
يقع هذا الموقع المذهل على المنحدرات أسفل قلعة ديفريغي في سيفاس، ويتكوَّن من مسجد ضخم ومستشفى من طابقين. تمَّ إنشاء مجمّع المباني في القرن الثالث عشر، ويشتهر بهندسته المعمارية المعقدة التي تتكوّن من قبّة سداسية الشكل ذات أسقف مدبَّبة وبوّابات حجرية منحوتة بشكل متقن. تمّت زخرفة هذه البوابات بأشكال متقنة من النباتات بأسلوب باروكي فريد من نوعه ليس له أيّ مثال آخر في الفنّ التركي والإسلامي.
المناطق التاريخية في إسطنبول
موقع التراث العالمي في إسطنبول الممتد في جميع أنحاء شبه الجزيرة التاريخية يشمل أربع مناطق رئيسة: منتزه السلطان أحمد الأثري، منطقة محميّة السليمانية، منطقة محميّة زيرك ومنطقة محميّة الأسوار. تتميّز المناطق التاريخية في إسطنبول بآثار معترف بها على أنها روائع معمارية فريدة من العصور البيزنطية والعثمانية مثل آيا صوفيا، وميدان السلطان أحمد (ميدان سباق الخيل)، وقصر توبكابي، ومجمّع مسجد السليمانية، ومسجد زيرك، وأسوار ثيودوسيان. يمكن للزوّار مشاهدة آثار أربع إمبراطوريات كبرى حكمت هذه المنطقة التاريخية.
هاتوشا: العاصمة الحثيّة
حكم الحيثيّون إمبراطورية شملت معظم تركيا الحديثة من حوالي 1600 إلى 1180 قبل الميلاد. كانت عاصمتهم هاتوشا (بالقرب من بوغازكاليه) تقع على قمّة تلٍّ صخريّ وتضم سلسلة من الجدران الواقية والبوّابات الحجرية المنحوتة بشكل متقن. واليوم، أصبحت المدينة متحفًا أثريًّا في الهواء الطلق، تلفت الانتباه بآثارها المحفوظة جيدًا والمعابد والزخارف الغنيّة التي تزيِّن بوابات المدينة.
جبل نمرود
يُعدُّ جبل نمرود جزءًا من سلسلة جبال طوروس الشرقية، وهو موطن لواحد من أروع المواقع التاريخية في تركيا. يوجد في قمّته قبر- معبد يضمُّ تلًّا من الحجارة ومدرَّجاتٍ اصطناعيّة وتماثيلَ غامضة، بناها الملك أنطيوخس الأول ملك مملكة كوماغينه (69-34 قبل الميلاد). القمّة هي جزء من منتزه جبل نمرود الوطني. وتعتبر القمة أيضًا مكانًا مثاليًا للاستمتاع بشروق الشمس والمناظر الخلابة للمناطق المحيطة.
هيرابوليس باموكالي
تقع باموكالي بالقرب من دنيزلي، (المعروفة باسم هيرابوليس خلال العصور القديمة) وتشتهر بتراسات الحجر الجيري الكالسيت المليئة بالمياه الدافئة الغنية بالمعادن. يُعتقد أن مدينة هيرابوليس، التي كانت ذات طابع منتجع صحي قديم خلال العصر الروماني والبيزنطي، قد أسسها ملك بيرغامون، إيومينس الثاني، في القرن الثاني قبل الميلاد. يمكن رؤية أنقاض الحمّامات والمعابد والآثار اليونانية الأخرى في الموقع.
كسانتوس - ليتون
ترك الليكيون، الذين حكموا المنطقة المعروفة باسم شبه جزيرة تيكي على الساحل الجنوبي لتركيا، مجموعة متنوعة من البقايا الرائعة في الأناضول مثل المقابر، بالإضافة إلى مدن قديمة مثل كسانتوس وليتون وغيرها. كسانتوس التي هي عاصمة ليكيا، وليتون التي هي أحد أبرز المراكز الدينية في العصور القديمة، هما مستوطنتان متجاورتان تبعدان 4 كيلومترات فقط عن بعضهما بعضًا. كسانتوس- ليتون هو المثال المعماري الأكثر تميزًا للحضارة الليسية القديمة.
موقع طروادة الأثري
مدينة طروادة التي خلدها هوميروس في "الإلياذة" تجتمع فيها الأساطير والتاريخ. يعود تاريخ طروادة إلى أربعة آلاف عام، وهي واحدة من أشهر المواقع الأثرية في العالم. هذا هو المكان الذي أطلق فيه الإغريق سفنهم لاستعادة هيلين حيث بدأت حرب طروادة. كشفت الحفريات الأثرية عن تسع فترات من الاستيطان التاريخي في طروادة منذ حوالي 3000 قبل الميلاد. في الآونة الأخيرة، تم افتتاح متحف عالي التقنية، مما جعل الموقع أكثر سهولة للعرض من خلال العروض التفاعلية.
مدينة سافرانبولو
تقع مدينة سافرانبولو في منطقة البحر الأسود في شمال تركيا، وهي مدينة أناضولية تمَّ الحفاظ عليها بشكل مميز. كانت مدينة سافرانبولو محطة مهمة على طريق التجارة العثماني الرئيس بين الشرق والغرب، وكانت معروفة بتراثها المعماري العثماني المتمثل في المنازل التاريخية والشوارع المرصوفة بالحصى والخانات والمساجد. البيوت التقليدية في سافرانبولو هي التي أكسبت المدينة شهرة عالمية. واليوم، يمكن رؤية أكثر من ألفي منزل تركي عثماني تقليدي في المدينة، تم تحويل بعضها إلى متحف وفنادق بوتيك.
مجمع ومسجد السليمية
يقع مسجد السليمية في أدرنة، العاصمة السابقة للإمبراطورية العثمانية، وقد تم تصميمه وبناؤه من قبل المهندس المعماري الشهير المعمار سنان. اعتبر سنان أنَّ المجمّع الذي يضم مدارسَ وسوقًا مغطّى ومنزلًا للساعة وفناءً خارجيًا ومكتبة هو أفضل أعماله. واليوم، المسجد المربّع بقبّته الكبيرة المفردة ومآذنه الأربع النحيلة التي تهيمن على الأفق هو رمز أدرنة.
موقع العصر الحجري الحديث في تشاتالهويوك
تعد منطقة تشاتالهويوك واحدة من أقدم المستوطنات في العصر الحجري الحديث، وهي موقع أثري ضخم حيث يمكنك رؤية آثار الحضارة الإنسانية. يقع تشاتالهويوك بالقرب من قونية في وسط الأناضول، ويتكون من اثنين من التلال التي تشمل المستوطنات واللوحات والنقوش والمنحوتات وغيرها من الميزات الفنية التي تعرض تطور التنظيم الاجتماعي والممارسات الثقافية. يعتبر موقع تشاتالهويوك أحد المواقع الرئيسة لفهم أفضل لفترة ما قبل التاريخ.
بورصة وجوماليكيزيك
يتكون هذا الموقع من ثمانية أجزاء في مدينة بورصة وقرية جوماليكيزيك المجاورة في منطقة مرمرة الجنوبية. تمَّ إدراجه في قائمة اليونسكو كنموذج مثالي للأنظمة الحضرية والريفية التي أسست الإمبراطورية العثمانية في القرن الرابع عشر. يدمج الموقع الوظائف الأساسية للتنظيم الاجتماعي والاقتصادي للعاصمة الجديدة والتي تطورت حول مركز المدينة. تعدُّ بورصة وجوماليكيزيك نموذجًا مثاليًا للحياة خلال العصر العثماني.
بيرغامون ومشهدها الثقافي متعدد الطبقات
تقع بيرغامون (برغاما) في سهل باكيرشاي في منطقة بحر إيجه التركية، وكانت عاصمة السلالة الأتالية الهلنستية ومركزًا ثقافيًا وعلميًا وسياسيًا مهمًا خلال الفترتين اليونانية والرومانية. تعد هذه المستوطنة القديمة واحدة من أكثر المواقع الأثرية إثارة للإعجاب في تركيا، وتتميز بالمعابد الضخمة والمدرجات وتلال الدفن.
قلعة ديار بكر والمشهد الثقافي لحدائق هوسال
كانت مدينة ديار بكر المحصَّنة، إحدى أكبر المدن في جنوب شرق تركيا، والمناظر الطبيعية المحيطة بها مركزًا مهمًا منذ العصر الهلنستي. يعود تاريخ الموقع إلى آلاف السنين، ويشتمل على القلعة الداخلية وأسوار المدينة التي يبلغ طولها 5.8 كيلومترات مع العديد من الأبراج والبوابات والأكتاف وحدائق هوسال بالقرب من شواطئ نهر دجلة.
أفسس
تعتبر مدينة أفسس أعظم وأفضل مدينة قديمة تمَّ الحفاظ عليها في تركيا، ولها تاريخ عريق وغني. كانت واحدة من 12 مدينة تابعة للرابطة الأيونية تحت حكم الإغريق وواحدة من أكبر مدن الإمبراطورية الرومانية. المدينة تحتوي أيضًا معبد أرتميس، أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. عندما تتجوَّل في شوارع هذه المدينة التجارية العظيمة، ستشعر بما كانت عليه الحياة في العصور القديمة.
موقع آني الأثري
تقع آني في شمال شرق تركيا، وهي مدينة قديمة تضم مباني ضخمة وأنفاقًا وكهوفًا محاطة بأودية الأنهار العميقة. كانت المدينة عاصمة للمملكة الأرمنية في العصور الوسطى، وكانت بمثابة مفترق طرق مهم للقوافل التجارية خلال الفترتين البيزنطية والسلجوقية. واليوم، تقدم المدينة بانوراما فريدة من نوعها لحضارة العصور الوسطى التي بنيت على مرّ القرون من قبل السلالات المسيحية والمسلمة المتعاقبة.
أفروديسياس
يعود تاريخ مدينة أفروديسياس القديمة في جنوب غرب تركيا إلى سبعة آلاف عام. أصبحت المدينة، المخصصة لأفروديت، ثرية بفضل محاجر الرخام والقطع الفنية التي ابتكرها النحاتون. تقدم المدينة لمحة عن العصر الهلنستي من خلال المعابد الشهيرة والملعب والمسرح القديم والحمّامات والمنحوتات المحفوظة جيدًا.
غوباكلي تبه
تقع غوباكلي تبه على بعد 22 كيلومترًا شمال مدينة شانلي أورفا في جنوب شرق تركيا، وهي واحدة من أهم الاكتشافات في عالم الآثار. يعود تاريخ غوباكلي تبه إلى أحد عشر ألف عام وهو موطن لأقدم المعابد المكتشفة حتى الآن، وقد غيَّرت الرِّوايات حول أصل الحضارة والتحضُّر. في الموقع، يمكن للزوّار رؤية أحجار منحوتة ضخمة صُنعت ورُتِّبت من قِبَل أشخاص ما قبل التاريخ والذين لم يطوّروا أدوات معدنية أو حتى لم يكتشفو الفخار بعد.