الكاتبة كـ نيشه أكدوغان
مديرة فرع مواقع التراث العالمي
المديرية العامة للتراث الثقافي والمتاحف
تربط منطقة الأناضول بين قارّتي آسيا وأوروبا، ونظرًا لأهميَّتها الاستراتيجيّة وخصائصها الجغرافيّة عاشت فيها حضارات مختلفة منذ آلاف السنين. القيم الناجمة عن التَّعايش بين الثقافات الأصليّة للحضارات التي عاشت في الأناضول، وبين الحضارات المختلفة، جعلت تركيا واحدة من أغنى دول العالم من حيث التراث الثقافي المادي وغير المادي.
بحلول عام 2019 بلغ عدد المعالم الخاضعة للحماية في تركيا 20.146 معلمًا، ويُعتبر 97% منها معالم أثرية. هذه النِّسبة تكشف عن تنوُّع وتعدُّد الحضارات التي عاشت في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك هناك 113.137 معلمًا ثقافيًا تحت الحماية تتكوَّن من معالم سكنيّة ودينيّة وثقافيّة وعسكريّة وتجاريّة وإداريّة وما شابه من المعالم الثقافيّة الأخرى. السّمات المناخيّة المختلفة التي تظهر في البلاد، وسمات الهياكل الطبيعيّة المُرتبطة بذلك، انعَكَسَتْ على العمارة وأدَّت إلى ظهور أنواع مختلفة من المباني.
تتمتَّع تركيا بتنوُّع بيولوجي واسع جدًا وذلك لموقعها عند تقاطع أغنى ثلاث مناطق جغرافيّة في العالم من حيث الغطاء النباتي (المناطق الأوروبية السيبيرية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط وغرب ووسط آسيا). تبلغ مساحة تركيا 783.562 كم2 و8.9%(1) من هذه المساحة خاضعة للحماية من أجل حماية التنوُّع البيولوجي.
وقد بُذلت جهود فعّالة لحماية التراث الثقافي للبلاد منذ عام 1845، وتمَّ نشر أوَّل لائحة قانونيّة، وهي لائحة الآثار العتيقة، في عام 1869. بعد هذا التاريخ، تمَّ تطوير تشريعات الحماية بما يتماشى مع التطوُّرات والاحتياجات العالميّة، واكتسبت طبيعةً أكثر شموليّةً وتشاركيّة، وأصبحت متعدِّدة التخصُّصات. وقد تمَّ ضمان حماية التراث الثقافي والطبيعي في تركيا من خلال الدستور.
وإلى جانب ذلك، أصبحت تركيا طرفًا في الاتفاقيّات الدولية التي اعتمدتها المنظمات الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي، واتّخذت الترتيبات القانونية والإدارية اللازمة لتحقيق الالتزامات الناشئة عن هذه العقود.
وفي عام 1983 اعتمدت تركيا اتفاقيّة حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي المؤرَّخة عام 1972، والتي تمَّ قبولها كواحدة من أهمّ الاتفاقيّات الدولية المتعلقة بحماية التراث الثقافي، وانضمَّت إليها 193 دولة حتى اليوم(2). ونتيجة للدراسات التي أجرتها وزارة الثقافة والسياحة منذ ذلك التاريخ، فقد تمَّ تسجيل 18 معلمًا في قائمة التراث العالمي.
المعالم المُدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو في تركيا تُظهِر تنوُّع الحضارات التي عاشت في الأناضول والعبقريّة الإبداعيّة للبشر. ويُنظر أيضًا إلى أنَّ هناك مناطقَ ما يزال يُعتقد أنَّها ممثلة تمثيلًا ناقصًا، وأنَّها ستساهم في فهمنا للتطوُّر الثقافي للبشر والتفاعل بين الثقافات من خلال إضافتها إلى القائمة. في هذا السياق، تمَّ تسجيل 83 معلمًا من هذه المعالم في قائمة التراث العالمي المؤقَّتة.
انطلاقًا من الوعي القائم على أنَّ حماية المعالم الثقافية والطبيعية ذات القيمة العالمية الاستثنائية، ونقلها إلى الأجيال القادمة، هي مسؤولية مشتركة للبشرية جمعاء، تقوم الوزارة بأنشطة الحماية والحفظ والإدارة والترويج والإعلام اللازمة بمشاركة ودعم أصحاب المصلحة المعنيّين.
مناطق التراث العالمي في تركيا
1. المناطق التاريخية في إسطنبول
(تم الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1985)
إسطنبول هي المدينة الوحيدة في العالم القائمة على قارتين. المناطق التاريخية في إسطنبول والمُدرجة في قائمة التراث العالمي ممثَّلة بأربع مناطق رئيسة: حديقة السلطان أحمد الأثرية، ومنطقة السليمانية الخاضعة للحماية، ومنطقة زيرك الخاضعة للحماية، ومنطقة الأسوار الخاضعة للحماية.
المدينة التي كانت عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية والإمبراطورية العثمانية شهدت أحداثًا كبيرة في التاريخ السياسي والتاريخ الديني وتاريخ الفن لأكثر من 2000 عام. تقع المدينة على شبه الجزيرة التاريخية المحاطة بجدران بناها ثيودوسيوس في القرن الخامس. القيمة العالمية للمنطقة تتمثّل في الصورة التي تتشكّل نتيجة الاندماج الفريد للروائع المعمارية والعبقرية الإبداعية للمهندسين المعماريين البيزنطيين والعثمانيين، والتي تعكس المواجهة التي تمتدّ لقرون عديدة بين أوروبا وآسيا. الآثار التي بُنيت في إسطنبول كان لها تأثير كبير على تطوير العمارة والفنون الأثرية وتنظيم الفضاءات في أوروبا والشرق الأدنى عبر التاريخ.
2. حديقة غوريمه الوطنيّة ومستوطنات كابادوكيا الصخريّة
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1985)
أهمّ ما يميِّز منتزه غوريمه الوطني ومنطقة كابادوكيا أنه يحتوي على عدد كبير من المداخن التي تشكَّلت بفعل الرياح ومياه الأمطار. المعابد المنحوتة في الصخور في هذه المنطقة التي تتمتَّع بجمال طبيعي فريد من نوعه تجعلها منطقة مذهلة للغاية، وتقدِّم لنا المعالم الفنية البيزنطية المميزة التابعة لما بعد فترة تحطيم الأيقونات (Iconoclasm). تعكس المساكن والقرى والأديرة والكنائس المنحوتة في الصخور، والتي تعتبر دليلًا على سكن الإنسان التقليدي، شكل ومظهر الولايات البيزنطية بين القرنين الرابع والحادي عشر، كما أنَّ كثافة المساحات المنحوتة بالصخور تجعل المنطقة أكثر مجمَّع نحت صخري إثارة للإعجاب في العالم.
3. المسجد الكبير ومشفى ديفريغي
(تم الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1985)
تمَّ بناء المسجد الكبير ومشفى ديفريغي الواقع داخل حدود محافظة سيواس في شرق منطقة الأناضول الوسطى، بين عامي 1228 و1229 على يد أحمد شاه وزوجته مليكة توران من إمارة منكوجك. تعتبر هذه التحفة الفنيّة، التي تتكوَّن من مسجد بقبّتين ومستشفى وضريح، من أجمل الأمثلة على الأعمال الحجرية التقليدية الأناضولية بالإضافة إلى سماتها المعمارية. التقنية المتطوِّرة المستخدمة في بناء الأقبية والتباين الذي تشكِّله الزخارف على البوّابات التاجيّة مع الجدران الداخلية البسيطة تجعل الهيكل مذهلًا وتخلق ميزاته الفريدة. الزخارف الموجودة على البوّابات التاجيّة تختلف عن بعضها بعضًا ولها تصميمات فريدة. بالإضافة إلى البوّابات التاجيّة فإنَّ جميع القواعد والأعمدة وتيجان الأعمدة والسطح الداخلي للقباب والأقبية مزيَّنة بأسلوب مختلف ومميَّز. لا يوجد مثيل آخر للأنماط الهندسية ثلاثية الأبعاد والمعقدة والأشكال المتدفِّقة للنباتات.
4. هاتوشا: عاصمة الحيثيين
(تم الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1986)
هاتوشا، عاصمة الإمبراطورية الحيثية، تقع في شمال منطقة وسط الأناضول داخل حدود محافظة تشوروم. تأسَّست المدينة في خمسينات القرن السادس عشر قبل الميلاد (1650) وتتمتَّع بخصائص مميَّزة من حيث التنظيم الحضري وأنواع المباني (المعابد والمساكن الملكيّة والأسوار) التي تمَّ الحفاظ عليها حتى يومنا هذا، والزخارف الغنيّة الموجودة على بوّابة الأسد وبوّابة الملك والرّسوم الصخرية التي على صخرة يازيليكايا. كان للمدينة تأثير كبير على منطقة الأناضول ومنقطة شمال سوريا في الألفية الثانية قبل الميلاد. تتكوَّن المدينة من منطقتين، المدينة السفلى والمدينة العليا. في المنطقة التي تسمى بالمدينة السفلى توجد مساحات المعيشة المدنيّة، وفي وسط هذه المساحات يوجد المعبد الكبير، وهو أكبر مبنى ديني في هاتوشا. صخرة يازيليكايا هي عبارة عن معبد في الهواء الطلق بغرفتين طبيعيتين منحوتتين على الصخرة، وتقع على بعد كيلومترين شمال شرق العاصمة. وعلى جدران الغرف الصخريّة توجد أغنى وأبرز الأمثلة على فنّ النقوش الحيثيّة، والتي تشمل تماثيل الآلهة والآلهات والملك العظيم توثاليا الرابع.
5. جبل نمرود
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1987)
يُتوِّج جبل نمرود إحدى أعلى قمم جبال طوروس الشرقيّة في جنوب شرق تركيا، ويحتوي على تلَّة ومنحوتات ضخمة بناها الملك الهلنستي أنطيوخوس الأول ملك مملكة كوماجيني (69-34 قبل الميلاد) لإظهار امتنانه للآلهة والأجداد. يبلغ قطر التلّة 145 مترًا وارتفاعها 50 مترًا، وهي مُحاطة من ثلاث جهات بمصاطب في الاتِّجاهات الشرقية والغربية والشمالية. على المصاطب الشرقية والغربية توجد تماثيل الملك أنطيوخوس والآلهة والآلهات بالإضافة إلى تماثيل الأسد والنسر. أمّا في المصاطب السفليّة هناك منحوتات نافرة لأسلاف الملك أنطيوخوس الفارسيين من جهة الأب وأسلافه المقدونيين من جهة الأم. المنحوتات والهياكل الضخمة التي تمَّ إنشاؤها باستخدام تقنية متقدمة للغاية في العصور القديمة تقدِّم مثالًا فريدًا للعبقريّة البشريّة الإبداعيّة بتصاميمها المعقّدة وأحجامها الهائلة.
6. كسانتوس - ليتاؤون
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1988)
تتكوَّن من مستوطنتين متجاورتين تقعان في الجزء الجنوبي الغربي من الأناضول داخل حدود محافظتي أنطاليا وموغلا، تُعدُّ كسانتوس وليتاؤون من العناصر المهمّة للتراث العالمي من حيث قيمها الأثرية. كسانتوس كانت عاصمة ليكا ويعود تاريخها إلى 3000 قبل الميلاد، وكانت أكبر مركز إداري في العصور القديمة. أمّا ليتون فكانت أهمّ مركز عبادة في تلك الفترة. هاتين المنطقتين تُظهران بشكل لافت للنَّظر الاستمراريّة والمزيج المميَّز للحضارات الأناضولية واليونانية والرومانية والبيزنطية. وتقدِّمان أمثلة معمارية فريدة لحضارة ليكيا القديمة التي تعتبر واحدة من أهم ثقافات العصر الحديدي في الأناضول. كما توجد في هاتين المدينتين النقوش الكتابيّة التي تعتبر أدلّة مهمّة للغاية لفهمنا لتاريخ شعب حضارة ليكيا واللغات الهندو أوروبية.
كسانتوس والتي هي عاصمة حضارة ليكيا القديمة تُظهر مزج التقاليد الليكيّة مع التأثير الهلنستي خاصة في فن الجنازة. تعتبر المقابر المنحوتة في الصخور والمقابر ذات الأعمدة والتوابيت المثبتة على الأعمدة في كسانتوس أمثلة فريدة على هندسة المقابر القديمة وقد أثرت على فن الهندسة المعمارية للدول المجاورة.
7- هيرابوليس – باموكاله
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1988)
باموكاله هي أعجوبة طبيعيّة تكوَّنت من ترسيب الكالسيوم في المياه الحراريّة عبر الزمن، وتقدِّم إطلالة رائعة ومذهلة بشلّالاتها المتحجِّرة وهوابطها وأحواضها مع تراسات تشبه المدرَّجات. أمّا هيرابوليس فتعتبر مثالًا استثنائيًا لمنشأة حرارية يونانية- رومانية مبنيّة على هذه المنطقة الطبيعية المميزة. مدينة هيرابوليس تأسست على يد ملك برغاما إيومينيس الثاني في القرن الثاني قبل الميلاد وسميت على اسم هييرا، زوجة تيليفوس، المؤسس الأسطوري لبرغاما. أصبحت المدينة تابعة للمقاطعة الآسيوية للإمبراطورية الرومانية في العام 129 قبل الميلاد وكان يحكمها قنصل روماني. بلغت هيرابوليس ذروتها بين العامين 96 و162 بعد الميلاد، وفي القرن الثالث الميلادي تمَّ ضمّها لبيسيديا باكاتيانوس (Pisidia Pacatianus). أصبحت المدينة أبرشيّة بعد اعتماد المسيحية من قبل الإمبراطور قسطنطين وتأسيس القسطنطينية كـ"روما الجديدة" في عام 330 بعد الميلاد. أصبحت هيرابوليس مركزًا دينيًا مهمًا للإمبراطورية الرومانية الشرقية بكنائسها المختلفة. تشمل أنقاض العصر اليوناني الروماني الحمّامات وأطلال المعابد والقوس الضخم والنمفيوم والمسرح. أمّا منطقة المقبرة أو مدينة الموتى، التي تمتدّ لأكثر من كيلومترين، فهي عبارة عن بانوراما واسعة لمراسم جنازات الفترة اليونانية الرومانية.
8 - مدينة سافرانبولو
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1994)
سافرانبولو، التي كانت محطّة مهمّة للقوافل على طريق التجارة الرئيس بين الشرق والغرب من القرن الثالث عشر إلى أوائل القرن العشرين، هي مدينة أناضولية قديمة تحمل حكايات الماضي إلى الحاضر مع مساجدها وأسواقها وأحيائها وشوارعها ومنازلها التاريخية. تقع مدينة سافرانبولو، التي يعود تاريخها المعروف إلى 3000 قبل الميلاد، في منطقة خضعت لسيطرة الحثيين والفريجيين والليديين والفرس والممالك الهلنستية والرومان والسلاجقة وبنو شيان وبنو جاندار والعثمانيين على التوالي. المدينة التي اكتسبت هيكلها الحالي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، تلفت الانتباه بطبيعتها التي تتطوّر بما تتناسب مع هيكل المدن التركية والتي تنمو وفقًا للوقت والحاجة، وتتوسّع من خلال الاندماج ببعضها بعضًا، وتتكيَّف مع الطبيعة وتحميها. هناك ما يقرب من 2000 منزل تركي تقليدي في سافرانبولو تمّ بناؤها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وفي بدايات القرن العشرين. هذه المباني الرائعة تثير الإعجاب بفضل هندستها المعمارية التي تعكس الذوق الفني المتفوق وأعمالها الخشبية الجميلة في جميع أنحاء المبنى وتناغمها مع التضاريس.
9- مدينة طروادة الأثريّة
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 1998)
تُعدُّ مدينة طروادة الأثرية، الواقعة داخل حدود محافظة جناق قلعة في شمال غرب بحر إيجة، واحدة من أشهر المواقع الأثريّة في العالم؛ حيث يعود تاريخها إلى 3000 قبل الميلاد. المدينة هي المكان الذي دارت فيه حرب طروادة المذكورة في إلياذة هوميروس. هذه الملحمة، منذ ذلك الحين، ألهَمَت الفنّانين المبدعين العظماء حول العالم. تقدِّم المدينة، ببقاياها الأثريّة الكثيفة، أهمّ المؤشِّرات على أوَّل اتِّصال بين حضارات الأناضول وعالم البحر الأبيض المتوسط. التنقيبات الأثريّة التي بدأت منذ أكثر من قرن خلقت تسلسلًا زمنيًّا أساسيًّا لفهم تلك الفترة المهمّة للعالم القديم وتطوُّره الثقافي.
10 - جامع السليمية
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2011)
جامع ومجمع السليمية في أدرنة، التي كانت عاصمة الإمبراطورية العثمانية قبل إسطنبول، هو تحفة المهندس المعماري الإمبراطوري سنان، أحد أشهر المهندسين المعماريين في تاريخ العالم. يتميَّز الجامع بمآذنه الأربع الأنيقة وقبَّته الرائعة والديكور الداخلي المميَّز وبمكتبته ذات المخطوطات اليدوية والأعمال الحرفية المتقنة والبلاط المذهل والفناء الرخامي. وهو يمثل الذَّروة في الفن والتنظيم المؤسَّساتي للإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر. استغرق بناء المسجد، الذي بدأ عام 1568، سبع سنوات مع عمل مكثَّف لآلاف الأشخاص واكتمل في العام 1575. يعتبر الجامع من أهمّ أعمال العمارة العثمانية، ووصفه المعماري سنان بأنه "تحفة فنيّة".
11- مدينة تشاتالهويوك من العصر الحجري الحديث
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2012)
تُعرَّف تشاتالهويوك بأنَّها واحدة من أقدم المستوطنات التي تنتمي إلى العصر الحجري الحديث، وتسلِّط الضوء على تاريخ البشريّة من خلال الاكتشافات المميَّزة مثل أوَّل هندسة معماريّة للمنازل وأوَّل رسم للمناظر الطبيعيّة وعبادة الإلهة الأم. تقع تشاتالهويوك على هضبة الأناضول الجنوبية، في منطقة جومرا في محافظة قونية، وقد تمَّ اكتشافها في عام 1958. تتكوَّن المدينة من تلَّتين وتتكوَّن التلّة الشرقية العُليا من 18 طبقة من مستوطنات العصر الحجري الحديث التي يرجع تاريخها إلى ما بين 7400 و 6200 قبل الميلاد، بما في ذلك التصاوير الجدارية والنقوش والمنحوتات وغيرها من السمات الرمزية والفنية. تشهد المدينة تطوُّر التنظيم الاجتماعي والممارسات الثقافية أثناء تكيُّف البشر مع الحياة المستقرَّة. أمّا التلّة الغربية فتُظهر تطوُّر الممارسات الثقافية في العصر الحجري النحاسي من 6200 قبل الميلاد إلى 5200 قبل الميلاد. تعتبر تشاتالهويوك مثالًا جوهريًّا على عملية الانتقال من القرى المستقرة في الموقع نفسه لأكثر من 2000 عام إلى التجمُّعات الحضريّة. هذه المدينة التي تعود إلى العصر الحجري الحديث تحظى بالإعجاب بفنِّها المميَّز وتُعتبر بمثابة مفتاح عالمي لفهم أسس الحضارة والزراعة. وهي مدينة رائعة تتميز بحجمها الكبير وطول فترة الاستيطان والتخطيط المميز للمنازل المتلاصقة التي يمكن الوصول إليها من السطح، ووجود مجموعة واسعة من الميزات الأخرى مثل التصاوير الجدارية والنقوش التي تمثل العالم الرَّمزي لسكّانها.
12- منطقة برغاما ذات المناظر الطبيعيّة الثقافيّة متعدِّدة الطَّبقات
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2014)
تقع برغاما في منطقة بحر إيجة، قلب العالم القديم، وهي العاصمة الوحيدة من العصر الهلنستي التي وصلت إلى يومنا هذا، وتحتوي على طبقات تعود إلى العصور الهلنستية والرومانية والرومانية الشرقية والعثمانية. مستوطنة برغاما الأثريّة عاصمة مملكة بيرغامون الهلنستية التي تقع في الجزء العلوي من جبل كاله تمثل مثالًا استثنائيًّا على تخطيط المدينة الهلنستية بهندستها المعماريّة الضخمة. ويُعدُّ معبد أثينا والمسرح الأكثر انحدارًا في الفترة الهلنستية والمكتبة ومذبح زيوس ومعبد ديونيسوس وأغورا، والجمناسيون ونظام المياه عالي الضَّغط من أبرز الأمثلة على نظام التخطيط والهندسة المعمارية لتلك الفترة. بعد أن خضعت المدينة للحكم الروماني عام 133 بعد الميلاد، أصبحت عاصمة ولاية آسيا الرومانيّة. وفي العصر الروماني تمَّ بناء العديد من الهياكل المهمّة وتحسين المباني الموجودة بما في ذلك معبد أسكليبيون. أكروبوليس تطلُّ اليوم على مدينة برغاما الحديثة على المنحدرات السفلية، وتتوّج المناظر الطبيعية التي تضمّ بقايا الإمبراطوريات الرومانية والبيزنطية والعثمانية وتلال المدافن (Burial mounds).
13- بورصة وجومالي كيزيك: ولادة الدولة العثمانيّة
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2014)
تقع منطقتا بورصة وجومالي كيزيك في سفوح أولوداغ في منطقة مرمرة الجنوبية، وتُظهران تشكيل النظام الحضري والريفي الذي أسّس الإمبراطورية العثمانية في أوائل القرن الرابع عشر. خلال تأسيس الإمبراطورية، كانت بورصة أوَّل مدينة تمَّ تشكيلها بواسطة المجمّعات في سياق نظام المؤسسات الذي كان يحدّد توسُّع المدينة. تطوَّرت المدينة حول خمسة مجمّعات أسّسها خمسة سلاطين (أورهان غازي، مراد الأول، يلدريم بايزيد، جلبي محمد، مراد الثاني) وتتكوَّن من مساجد ومدارس وحمّامات وإمارات ومقابر. هذه المجمَّعات التي هي مراكز ذات وظائف اجتماعية وثقافية ودينية وتعليمية حدَّدت حدود المدينة. حيث تمَّ بناء المساكن بالقرب من المجمَّعات، وبمرور الوقت تحوَّلت إلى أحياء محيطة بها.
هذه المنهجية المميّزة في التخطيط الحضري وُضعت أثناء تأسيس أوَّل عاصمة عثمانية في أوائل القرن الرابع عشر، وأصبحت مرجعًا في عملية تطوُّر ونموّ المدن العثمانية اللاحقة. يتجلّى الدَّور التجاري المهمّ لبورصة عبر التاريخ من خلال الخانات الكبيرة والبازارات المغطّاة والأسواق التي في المدينة. كما نرى في مثال جومالي كيزيك، ارتبطت المجمّعات بالمناطق الريفية أيضًا بسبب نظام المؤسسات. قرية جومالي كيزيك التي كانت توفِّر الدَّخل لمجمّع أورهان غازي، هي القرية الوحيدة التي تظهر دعم النظام للعاصمة في المناطق النائية. تشكِّل بورصة وجومالي كيزيك مثالًا جيدًا لأسلوب الحياة والرُّؤية العثمانية المبكرة، مع الثقافة التجارية، التي ما تزال قائمة حتى اليوم، واستمرار أسلوب الحياة الريفية القريبة من المدينة.
14- قلعة ديار بكر ومنطقة المناظر الطبيعيّة الثقافيّة لحدائق هوسال
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2015)
قلعة ديار بكر ومناظرها الطبيعيّة، الواقعة على منحدر الحوض العلوي لنهر دجلة الذي هو جزء من المنطقة التي تسمّى الهلال الخصيب، كانت مركزًا مهمًّا منذ العصر الهلنستي والروماني والساساني والبيزنطي والعصر الإسلامي والعثماني. تضمّ المنطقة تلّ أميدا، المعروف اليوم باسم إيتشكاله، وأسوار مدينة ديار بكر بطول 5.8 كم مع العديد من المعاقل والبوّابات والدعامات و63 نقشًا تعود إلى فترات مختلفة، بالإضافة إلى حدائق هوسال التي تشكِّل منطقة خضراء تربط بين نهر دجلة والمدينة وتوفِّر الغذاء والماء للمدينة.
15 - مدينة أفسس الأثريّة
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2015)
تقع مدينة أفسس عند مصبّ نهر كوجوك مندريس في البحر، وتشمل المستوطنات الهلنستية والرومانية التي تمَّ بناؤها بنجاح في مواقع جديدة تتبع الخط الساحلي باتجاه الغرب. نتيجة لأعمال التنقيب، تمَّ اكتشاف آثار كبيرة تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية، بما في ذلك المسرح ومكتبة سيلسوس. كما توجد هناك بقايا قليلة من آثار معبد أرتميس الشهير، والذي يعتبر إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة، والذي جذب الحجّاج من جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط. بيت مريم العذراء الذي هو عبارة عن كنيسة صغيرة على شكل صليب، ويقع على بُعد سبعة كيلومترات من أفسس، كان مركزًا مهمًّا للحجّ في الديانة المسيحية منذ القرن الخامس.
مدينة أفسس القديمة هي مثال مميَّز لمدينة ساحلية رومانية بقناتها الممتدة إلى البحر وحوض الميناء. تشكل مدينة أفسس نموذجًا استثنائيًّا للتقاليد الثقافية في الإمبراطورية الرومانية والهلنستية والفترات المسيحية المبكرة، وهذا ما ينعكس في الآثار الموجودة في وسط المدينة القديمة وأياسولوك. تنعكس التقاليد الثقافية للعصر الإمبراطوري الروماني في المباني البارزة، بما في ذلك مكتبة سيلسوس، ومعبد هادريان، والسيرابيون، ومنزل التراس 2، والتي تُظهر أسلوب حياة الطبقة الاجتماعية العالية في تلك الفترة.
16 - موقع عاني الأثري
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2016)
تقع منطقة عاني على هضبة في شمال شرق تركيا وتُطلّ على وادٍ يشكِّل حدودًا طبيعية مع أرمينيا. تتكوَّن هذه المدينة التي تعود للقرون الوسطى من مساكن ومبانٍ دينيّة وعسكريّة شيَّدتها السلالات المسيحية والمسلمة على مرّ القرون، وتعكس خصائص التحضُّر في العصور الوسطى. تطوَّرت المدينة في القرنين العاشر والحادي عشر، عندما كانت عاصمة المملكة الأرمنية في العصور الوسطى، وازداد ثراؤها لأنَّها كانت تسيطر على فرع من طريق الحرير التاريخي. أصبحت المدينة فيما بعد تحت الحكم البيزنطي والسلجوقي والجورجي، وحافظت على أهميّتها لموقعها على مفترق طرق القوافل. حادثتا الغزو المغولي وزلزال عام 1319م كانتا بمثابة بداية انهيار المدينة. تعرض المنطقة نظرة عامة شاملة على تطوُّر العمارة في العصور الوسطى من القرن السابع إلى القرن الثالث عشر، مع أمثلة تعكس، تقريبًا، جميع الابتكارات المعمارية المختلفة في المنطقة.
17 - أفروديسياس
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2017)
تقع أفروديسياس في جنوب غرب تركيا، وتتكوَّن من الموقع الأثري ومحاجر الرخام في شمال شرق المدينة. تقدِّم أفروديسياس مثالًا استثنائيًّا على البيئة المبنيّة لمدينة يونانية رومانية في المناطق الداخلية من الأناضول. تتميّز العديد من المباني الرخامية الضخمة بسمات فريدة من حيث الهندسة المعمارية والتصميم. تقع شوارع المدينة حول العديد من المباني الحضريّة الكبيرة مثل المعابد والمسرح والأغورا وحمّامين. تحتلّ أفروديسياس مكانة مهمّة في أعمال النَّحت في العالم الروماني. محاجر الرخام وورش النَّحت جعلت من المدينة مركزًا فنيًّا شهيرًا بفضل النحّاتين الذين يتمتعون بالإبداع والمهارة الفنية.
فنّ النَّحت المتميِّز في أفروديسياس يمزج الثقافات والموضوعات والأيقونات المحلية واليونانية والرومانية. يمكننا أن نرى هذا الإنتاج الفني في جميع أنحاء المدينة في تنوُّع مثير للإعجاب شاملًا الكتل المعمارية الكبيرة المزخرفة والأشكال الصغيرة المحمولة.
18 - غوباكلي تبه
(تمَّ الإدراج في قائمة التراث العالمي في العام 2018)
تقع غوباكلي تبه في أعالي بلاد ما بين النهرين، وهي المنطقة التي شهدت ظهور أقدم المجتمعات الزراعية في العالم. الهياكل الأثرية التي تمَّ العثور عليها تُفسَّر على أنَّها مبانٍ اجتماعيّة ضخمة تمَّ بناؤها من قبل مجتمعات الصيد والالتقاط في العصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري (من 10 إلى 9 آلاف قبل الميلاد)؛ وتكشف عن عبقريّة الإنسان المبدعة. هذه الآثار التي ربّما كانت تُستخدم فيما يتعلق بالمناسبات والطقوس الاجتماعية تظهر كأعمدة الحجر الجيري البارزة على شكل حرف T، يصل ارتفاع بعضها إلى 5.50 مترًا. تتضمَّن بعض الأعمدة، التي تُعدُّ صورًا مجرَّدة للشكل البشري، نقوشًا بارزة منخفضة للملابس مثل الأحزمة والمئزر، بالإضافة إلى النقوش البارزة المرتفعة والمنخفضة للحيوانات البرية. خلال عمليّات الحفر والتنقيب التي جرت في السنوات الأخيرة، تمَّ العثور أيضًا على بقايا مبانٍ يُفترض بأنها مبانٍ محليّة وليست نصبًا تذكاريّة.
• المراجع والهوامش:
أثناء إعداد المقالة الواردة أعلاه تمَّت الاستفادة بشكل أساسي من المعلومات الموجودة على مواقع الويب “whc.unesco.org/en/list” و “https://www.kulturportali.gov.tr/portal/”.
(1) https://cevreselgostergeler.csb.gov.tr/korunan-alanlar-i-85778
(2) https://whc.unesco.org/en/statesparties/